الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنووي، وأما تصرف المرتهن بالرهن بغير إذن الراهن فهو غير صحيح، وهذا لا خلاف فيه؛ لأنه تصرف في ملك غيره.
هـ -
استيفاء المرتهن حقه من الرهن:
الرهن وثيقة لحق المرتهن بمقتضاه يطمئن المرتهن على رجوع حقه إليه، وقد سبق الكلام على اشتراط استدامة القبض هل هو شرط في لزومه أو ليس بشرط؟ ولكن خلافهم هناك لا أثر له بالنسبة لكون المرتهن يبيع الرهن بعد تمام الأجل ويستوفي حقه.
وفيما يلي تفصيل كلام أهل العلم في ذلك مع بيان أدلتهم:
قال السمرقندي: فعندنا ملك العين في حق الحبس حتى يكون المرتهن أحق بإمساكه إلى وقت إيفاء الدين، وإذا مات الراهن فهو أحق به من سائر الغرماء، فيستوفي منه دينه، فما فضل يكون لسائر الغرماء والورثة.
وقال ابن رشد: أما حق المرتهن في الرهن فهو أن يمسكه حتى يؤدي الراهن ما عليه، فإن لم يأت به عند الأجل كان له أن يرفعه إلى السلطان فيبيع عليه الرهن وينصفه منه إن لم يجبه الراهن إلى البيع، وكذلك إن كان غائبا.
وقال الشافعي: المرتهن أحق ببيع المرهون وأخذ حقه من ثمنه، والحبس ليس بلازم. وقال النووي: المرتهن مستحق لليد بعد لزوم الرهن ولا تزال يده إلا للانتفاع. وقال أيضا: المرتهن يستحق بيع المرهون عند الحاجة ويتقدم بثمنه على سائر الغرماء. وذكر أيضا أن الراهن إذا أصر على عدم البيع باعه الحاكم. وقال الخرقي: والمرتهن أحق بثمن الرهن من جميع الغرماء حتى يستوفي حقه حيا كان الراهن أو ميتا.
ويدل لذلك الكتاب والسنة والمعنى:
أما الكتاب: فقوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (1)
استدل بهذا الحنفية والمالكية والحنابلة، وتقرير الاستدلال من ثلاثة أوجه:
الأول: أن الله تعالى أخبر بكون الرهن مقبوضا، وإخباره سبحانه وتعالى لا يحتمل الخلل فاقتضى أن يكون المرهون مقبوضا مادام مرهونا.
الثاني: أن الرهن في اللغة عبارة عن الحبس، قال الله عز وجل:{كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (2) أي: حبيس، فيقتضي أن يكون المرهون محبوسا مادام مرهونا، ولو لم يثبت ملك الحبس لم يكن محبوسا على الدوام فلم يكن مرهونا.
الثالث: أن الله تعالى لما سمى العين التي ورد العقد عليها رهنا وأنه نهى عن الحبس لغة - كان ما دل عليه اللفظ لغة حكما لا شرعا؛ لأن للأسماء الشرعية دلالات على أحكامها؛ كلفظ الطلاق والعتاق والحوالة والكفالة ونحوها.
وأما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يغلق الرهن من صاحبه (3) » الحديث.
وجه الدلالة: أن قوله: " لا يغلق " معناه: لا يملك بالدين، كذا قال أهل اللغة: غلق الرهن، أي: ملك بالدين، وهذا كان حكما جاهليا فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما المعنى: فإن الرهن شرع وثيقة بالدين، فيلزم أن يكون حكمه ما
(1) سورة البقرة الآية 283
(2)
سورة الطور الآية 21
(3)
سنن ابن ماجه الأحكام (2441) ، موطأ مالك كتاب الأقضية (1437) .