الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطرفين (1) .
(1)[عمليات البنوك من الوجهة القانونية](337- 389) .
تكييف عقد فتح الاعتماد البسيط المصرفي في الفقه الإسلامي وبيان حكمه:
مما تقدم يتبين: أنه عقد يتعهد البنك بمقتضاه: أن يضع تحت تصرف العميل بطريق مباشر أو غير مباشر أداة من أدوات الائتمان في حدود مبلغ نقدي معين ولمدة محدودة أو غير محدودة، وإن العميل بمقتضى هذا العقد يسحب من البنك بالتدريج كلما احتاج إلى مبلغ منها، وأنه يدفع للبنك ما أخذه في الوقت المحدد، ويدفع ما اتفقا عليه من عمولة وفائدة. فإما أن يقال: إنه عقد إقراض، وإما أن يقال: إنه عقد بيع.
وقد يقال: لا يجوز أن يكون قرضا في نظر فقهاء الشريعة الإسلامية؛ لأن القرض عندهم دفع مال إرفاقا محضا لمن ينتفع به ويرد بدله بدون زيادة مشروطة أو جريان عرف بها، وما يدفعه المصرف للعميل بمقتضى عقد فتح الاعتماد البسيط لا يقصد منه إلا الاستثمار وإن حصل إرفاق للعميل فعلى وجه المتبع.
وقد يقال: إنه من باب البيع؛ لأنه يتضمن معاوضة مالية، فالمصرف يدفع للعميل مبلغا من المال حالا، ويرد العميل هذا المبلغ مع العمولة والفائدة بعد أجل، وقد سمى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مثل هذا بيعا، فيما رواه عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق
بالورق، ولا الشعير بالشعير، ولا التمر بالتمر، ولا الملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينا بعين، يدا بيد، ولكن بيعوا الذهب بالورق، والورق بالذهب، والبر بالشعير، والشعير بالبر، والتمر بالملح، والملح بالتمر، يدا بيد كيف شئتم (1) » .
فسمى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مبادلة الذهب بالذهب، والورق بالورق، والورق بالذهب، والذهب بالورق، وما ذكر معها سماه بيعا.
حكمه في الفقه الإسلامي:
إذا ثبت أنه بيع فهو من البيوع المنهي عنها ما دام في معاملات ربوية؛ لأنه يتضمن ربا الفضل وربا النسيئة، فالعميل يدفع للمصرف ما أخذه منه وزيادة مشروطة متفقا عليها بينهما، ويتحقق ربا النساء من جهة أن العميل يدفع ما يستحقه عليه المصرف بعد مدة من استلامه المبلغ من المصرف، وهذه المدة يتفق عليها بينهما.
وقد ينتهي الأجل المحدد لتسليم العميل المبلغ المستحق لديه مع العمولة والفائدة، ولكنه لا يتمكن من الوفاء فيمد الأجل في مقابل فائدة على أصل المبلغ وعلى العمولة والفائدة حسبما يقتضيه العقد الأول، فيكون هذا من الربا المركب.
وهو في جميع هذه الحالات داخل في عموم أدلة الربا، وقد سبق ذكر طائفة منها في بيان حكم الإقراض المصرفي في الفقه الإسلامي، فيستغنى بما ذكر هناك من الأدلة لتكون أدلة لبيان حكم فتح الاعتماد البسيط.
ما سبق هو في حالة ما إذا تسلم العميل من المصرف المبلغ المتفق عليه كله أو بعضه.. أما إذا لم يستلم شيئا ودفع للبنك في مقابل رصده المبلغ
(1) سنن النسائي البيوع (4565) ، مسند أحمد بن حنبل (3/10) .