الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقواعده، هذه الحسابات يختلف بعضها عن بعض تبعا لاختلاف الأغراض التي فتحت لأجلها، فإن كان الغرض من فتح الحساب مجرد إثبات عمليات الأخذ والعطاء مع احتفاظ كل عملية بذاتها وطابعها، فهذا ما يسمى بالحساب البسيط أو العادي أو حساب الودائع، أما إن كان القصد من فتحه أن تفقد عمليات التبادل ذاتيتها وتتحول إلى مفردات حسابية لا تسوى إلا عند قفل الحساب- فهذا ما يسمى بالحساب الجاري، ويتضح نوع الحساب المفتوح بمعرفة مقصد أطرافه.
وفي ذلك يقول الدكتور محمد عوض: إن فيصل التفرقة بين الحساب العادي والحساب الجاري هو قصد الطرفين وهدفهما من قيد حاصل العملية في حساب، فإن قصدا تسويتها فورا واتخذا الحساب كمجرد إثبات لهذه التسوية أو لإثبات وقوع العملية فهو حساب عادي، أما إذا كان القصد هو تحويل العملية إلى مفرد في الحساب وإرجاء تسوية هذا المفرد إلى وقت نهاية الحساب فهو حساب جار. اهـ (1)
(1) انظر كتابه [عمليات البنوك من الوجهة القانونية] ص (130) .
الحساب العادي أو البسيط أو حساب الودائع
عقد فتح الحساب:
الواقع أنه لا توجد هناك نصوص خاصة تحكم عقود فتح الحسابات وإنما يرجع في إبرامها إلى القواعد العامة وما كان جرى عليه العمل وتعارفه الناس وما تمليه إرادة الطرفين؛ ولذلك فإن عقد فتح الحساب بين العميل والبنك يتم على وضع خاضع للاعتبارات السابقة.
ونظرا إلى أن العقد يعني إيجاد نوع من المعاملة المتبادلة بين البنك وعميله، فإن البنك لا يدخل مع عميله في مثل هذه المعاملة حتى يطمئن إلى عميله بما يجريه نحوه من التحريات عن شخصه ومدى أهليته لتلك العلاقة؛ سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا؛ ذلك لأن الإيداع يتبعه حق السحب إما مباشرة أو عن طريق إصدار شيكات أو سندات تجارية، فلا بد من توفر الأهلية الموجبة لصحة تلك التصرفات من ذلك العميل، وقد يكتفي البنك من تحرياته في الأحوال العادية بما يقدمه العميل من بطاقة شخصية أو أي ورقة رسمية تثبت هويته، وبما يقدمه من نماذج لتواقيعه لتجري مقابلتها على تواقيع سحبه.
وقد يتفق اثنان فأكثر على فتح حساب واحد على وجه التضامن فيسمى بالحساب المشترك، ويكون لكل منهم حق إيداع مبلغ ما، كما يكون له حق السحب. وأكثر ما يكون بين الشركاء والإخوة والأزواج، وبعض البلاد تشترط لفتح الحساب المشترك واستمراره كون الشركاء على قيد الحياة، فإذا توفي أحدهم أوقف الحساب خشية تلاعب بقية الشركاء بحقوق ورثة شريكهم المتوفى.
والغالب على الإيداع المفتوح به حساب أن تكون الوديعة فيه تحت الطلب، فإذا كانت الوديعة تحت الطلب فقد جرى بعض البنوك على عدم إعطاء فوائد على بقائها عندها؛ لأن البنك يفترض من العميل طلبها أو السحب عليها أو على بعضها فلا يعتمد عليها في تمويل عملياته المصرفية، وبالتالي فهو لا يستفيد من بقائها لديه إلا أن تجارب البنوك لعمليات الإيداع تحت الطلب قد أعطتهم نتائج تقضي بأن نسبة كبيرة من
الودائع تحت الطلب تبقى في البنك دون طلبها مما ييسر لهم أمر الانتفاع بهذه النسبة المتجمدة لديهم، ولهذا عمدت بعض البنوك إلى إعطاء فوائد قليلة على الودائع تحت الطلب. أما إن كانت الودائع لأجل معين فإن البنك يعطي عميله فائدة على بقائها عنده يتم الاتفاق بينهما على تحديد مقدارها ووقت سريانها وإضافتها لأصل الوديعة، ليكون لها حقها في الفائدة.
وإذا تم فتح الحساب بين طرفيه تخللته عمليات مختلفة بين أخذ وعطاء، سواء كان ذلك مباشرة أو نقلا مصرفيا أو مبالغ يقبضها البنك لحساب عميله كقيمة أسناد أو تحصيل شيكات أو عائدات أسهم مالية يفوض العميل البنك في استحصالها، وهذه العمليات المختلفة والمتبادلة بين طرفي الحساب تسمى في اصطلاح المصارف بتشغيل الحساب.
وفي ذلك يقول الدكتور علي البارودي: تتخلل عمليات الحساب منذ فتحه إلى قفله عمليات مختلفة بين العميل والبنك تحتفظ كل عملية منها باستقلالها ولا يطرأ عليها أي تحول (على خلاف ما سنرى فيما يتعلق بالعمليات التي تدخل الحساب الجاري) ، كل ما هنالك أنها تترجم في حساب الودائع إلى قيود تذكر في الجانب الدائن للعميل أو في الجانب المدين حتى يأتي اليوم الذي يصفى فيه الحساب فيظهر الرصيد النهائي. اهـ (1)
ويعتبر النقل أو التحويل المصرفي رافدا من روافد الإيداع، وله قواعد وأصول سارت البنوك في معاملاتها على رعايتها والتقيد بمقتضاها، وعليه
(1) انظر ص (277، 278) من كتابه [العقود وعمليات البنوك التجارية] ، الطبعة الثانية
فإن من إيفاء البحث حقه التعرض له بذكر بعض مما أورده بعضهم بخصوصه.
يقول الدكتور علي البارودي: عملية التحويل المصرفي تتم بواسطة قيود يجريها البنك، مضمونها أنه يجعل حساب عميل معين مدينا بمبلغ معين لكي يجعل حساب عميل آخر دائنا بذات المبلغ، أو هي نقل مبلغ من حساب لحساب آخر بمجرد قيود في الحسابين وتبدأ هذه العملية عندما تنشأ علاقة مديونية بين شخصين لكل منها حساب في البنك، فبدلا من أن يقوم المدين منها بسحب مبلغ من حسابه فيوفي به للآخر الذي يلجأ إلى البنك مرة أخرى ليودعه، يصدر العميل المدين أمرا إلى البنك بأن ينقل من حسابه إلى حساب دائنه مبلغا يعادل قيمة الدين فيجري البنك القيود اللازمة، ثم يخطر العميل الدائن بأنه أضاف إلى حسابه هذا المبلغ نقلا عن حساب مدينه، فيوافق الدائن أو على الأقل لا يعترض، وتمام العملية على هذا الوجه يغني عن استعمال النقود؛ لذلك سميت بأنها نقود قيدية. اهـ.
ويقول: والغالب أن يتم النقل أو التحويل المصرفي من حساب عميل معين إلى حساب عميل آخر، ولكن لا يوجد ما يمنع من أن يصدر العميل إلى البنك أمرا بإجراء عملية التحويل المصرفي بين حسابين له في ذات البنك إذا كان يخصص كلا منهما لغرض معين، كما إذا كان له حساب لعملياته الشخصية وحساب آخر للعمليات التي يقوم بها في ممارسة حرفة معينة، وكما إذا كان شخصا معنويا- شركة أو جمعية مثلا- وله حساب خاص لكل فرع من فروعه المختلفة تسهيلا لعمليات السحب والإيداع، وقد يتم التحويل المصرفي بين عميلين لكل منهما حساب في ذات البنك،
ولكنه قد يتم أيضا بين عميلين في بنكين مختلفين، فيصدر الأمر من العميل المدين إلى البنك الذي يتعامل معه بأن يضع تحت تصرف بنك العميل الدائن مبلغا يقيده هذا البنك الآخر في حساب العميل الدائن، فكأن البنك الثاني يتولى عن البنك الأول القيام بعملية النقل بين العميلين دون استعمال النقود، ولا يقتضي الأمر عادة أن يعطي البنك الأول إلى البنك الثاني مبلغ ما قيده البنك الثاني لحساب عميله الثاني الدائن، إذ أنه غالبا ما يكون بين البنكين حسابات متصلة تتم تصفيتها عن طريق المقاصة. اهـ (1)
ويشترط لصحة النقل المصرفي أن يكون الأمر بالنقل مؤرخا ليكون ذلك مانعا العميل الآمر من الرجوع عن أمره بالتحويل المصرفي، وليعطي تاريخ الأمر العلم بوقته في حال إفلاس أحد الطرفين البنك أو العميل، ليجري ترتيب المجريات القضائية على حكم التصرف في ذلك التاريخ.
ويذهب الدكتور علي البارودي إلى القول: بأن النقل أو التحويل المصرفي عملية مجردة تشبه عملية تسليم النقود، وفي هذا يقول: والنقل أو التحويل المصرفي عملية مجردة، فهو أشبه بعملية تسليم النقود ماديا من العميل الآمر إلى دائنه العميل المستفيد عن طريق مناولة يدوية من جانب البنك المتوسط، وعلى ذلك: فإن حق المستفيد في مواجهة البنك بعد القيد بات مستقلا تماما عن العلاقة بين البنك وبين العميل الآمر (2)
ويقول في موضع آخر في معرض الحديث عن التكييف القانوني للنقل
(1) انظر ص (278-280) من كتابه [العقود وعمليات البنوك التجارية] ، الطبعة الثانية.
(2)
انظر ص (281) من كتابه [العقود وعمليات البنوك التجارية] ، الطبعة الثانية
المصرفي ما نصه: لذلك اتجه أغلب الفقه والقضاء إلى تكييف النقل المصرفي بأنه عملية مادية شكلية، تساوي في نظر القانون عملية تسليم مادية من النقود، بل لقد أطلقوا عليها- والتعبير موفق إلى أبعد حد- أنها نقود قيدية، فالعميل المستفيد قد تسلم نقودا بالفعل من العميل الآمر، وكل ما هناك أن طريقة التسليم طريقة مصرفية حديثة (1)
هذا العقد يثبت عادة بتسليم المدخر دفتر التوفير الموقع عليه بإمضائين من إمضاءات البنك المعتمدة والمقيد به المبلغ الذي فتح بمقتضاه حساب التوفير، وتنظم البنوك عادة بنود هذا العقد على النحو الذي يضمن جدية العقد من ناحية وتشجيع المدخرين من ناحية أخرى؛ فعقد حساب التوفير له طابع شخصي بحت والدفتر اسمي غير قابل للتحويل ولا للتداول، ولا يمكن لغير صاحب الدفتر أو ورثته أو وكلائه- متى أثبتوا صفتهم- السحب من المبالغ المودعة، وبديهي أنه لا يجوز السحب عن طريق إصدار الشيكات، وفيما يتعلق بالمبالغ المودعة في حساب التوفير يضع البنك عادة حدا أدنى للمبلغ الذي يجوز فتح حساب التوفير بمقتضاه (5 جنيهات مثلا) ، ويضع كذلك حدا أقصى (5000 جنيه) ، كما أنه يضع حدا أدنى للمبالغ التي تودع أو تسحب بعد ذلك من الدفتر (مبلغ جنيه واحد) ، كذلك يضع البنك حدا أدنى للمبلغ الذي يمكن أن يرتب فوائد لصالح المدخر (10 جنيه) بحيث إذا نقص المبلغ المودع في الدفتر عنه فإنه لا تحسب له فوائد أصلا، وبديهي أن هذه الحدود الدنيا الضئيلة تمثل أقل ما يمكن أن
(1) انظر ص (284) من كتابه [العقود وعمليات البنوك التجارية] ، الطبعة الثانية.
يتطلبه البنك لجدية العقد، أما الحد الأقصى فالغرض منه استبعاد كبار المودعين الذين يريدون الاستفادة من فوائد حساب التوفير مع الاحتفاظ بودائعهم الكبيرة تحت الطلب. اهـ (1)
قفل الحساب:
قفل الحساب، يعني: إيقاف عمليات تبادل المدفوعات وتصفيتها وإخراج الرصيد النهائي لها دينا محررا واجب الأداء، والغالب أن يكون ذلك في صالح العميل.
ولقفل الحساب أسباب وآثار:
أ- أسباب قفل الحساب:
لقفل الحساب أسباب كثيرة: أهمها أن يكون بين البنك وعميله اتفاق على فتحه لمدة معينة، أو أن فتحه كان لعملية مصرفية معينة، فبمجرد انقضاء المدة أو الانتهاء من العملية المصرفية يصبح الحساب مقفولا ما لم يحددا اتفاقا على تمديد فتحه، أما إذا لم يكن هناك اتفاق على تحديد مدة فتحه فيقفل الحساب بناء على طلب أحد طرفيه في وقت لاحق.
ويقول الأستاذ الدكتور علي البارودي: بأن للحساب طابعا شخصيا، لذلك يجب قفله إذا طرأ على أهلية أحد الطرفين طارئ، كما إذا توفي العميل أو حجر عليه أو أفلس أو إذا كان العميل شخصا معنويا فانقضى، كذلك يجب قفل الحساب بمجرد إفلاس البنك أو تصفيته. اهـ (2) .
(1) انظر كتابه [العقود وعمليات البنوك] ص (293) .
(2)
انظر ص (285) من كتابه [العقود وعمليات البنوك] ، الطبعة الثانية