الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7)
المواشي السائبة
على الطرق العامة
هيئة كبار العلماء
بالمملكة العربية السعودية
بسم الله الرحمن الرحيم
المواشي السائبة على الطرق العامة
إعداد
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الحمد لله وحده، وبعد:
فبالإشارة إلى ما جاء في المحضر رقم (1) وتاريخ 11\ 8\ 1396 هـ من محاضر جلسات هيئة كبار العلماء في دورتها التاسعة المنعقدة في شهر شعبان ابتداء من 11 \8 \1396 هـ بخصوص رغبة المجلس من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إعداد بحث مختصر لموضوع المواشي السائبة المهملة من قبل أهلها - بالإشارة إلى ذلك أعدت اللجنة الدائمة في ذلك البحث التالي مستمدة من الله العون والتوفيق.
لعل موضوع المواشي السائبة لا يخرج عن الصور الآتية:
الأولى: مواش ذات قيمة مالية ولها سوق نافقة، ويغلب على الظن أن لها ملاكا.
الثانية: مواش لا قيمة لها ويغلب على الظن تخلي ملاكها عنها، وهذه إما أن تكون مما يباح أكله فالغالب أن أصحابها قد تخلوا عنها؛ لعدم
الاستفادة منها إما لمرضها أو لكبرها أو نحو ذلك.
الثالثة: أن تكون مما لا يباح أكله كالحمير، وقد تخلى عنها ملاكها، ويمكن الانتفاع بها ركوبا ونقلا ونحو ذلك.
الرابعة: أن تكون من الصورة الثالثة إلا أنه لا يمكن الانتفاع بها؛ لمرضها أو كبرها أو عرجها أو نحو ذلك.
فهذه أربع صور:
أما الصورة الأولى: فنظرا إلى أن تركها سائبة على جانبي الطرق العامة مهددة أمن الطريق يعتبر ضررا بالغا وخطرا على الأموال والأنفس، وحيث إن الشريعة الإسلامية تعنى بتحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم وتتخذ في سبيل هذا الوسائل الكفيلة بتحقيق ذلك، فترتكب أدنى المفسدتين لتفويت كبراهما، وتؤثر مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد في حال التعارض، وتؤثر درء المفاسد على جلب المصالح، لذلك كله فإن لولي الأمر أن يأمر باحتجاز هذه المواشي وبيعها في المزاد العلني بعد التعرف على صفاتها، فإن جاء صاحبها أعطي ما يبقى من قيمتها بعد خصم مصاريف الاحتجاز والعلف والنقل والبيع إلا أن يرى ولي الأمر معاقبته على إهمالها وتركها مهددة أمن الطريق، فله أن يصادر قيمتها عليه عقوبة له. وإن لم يتقدم لها مالك أدخلت قيمتها في بيت المال، وهذا كله بعد إعلام المواطنين بضرورة حماية جوانب الطرق من مواشيهم وإخطارهم بعواقب المخالفة، وذلك في وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وصحافة وتلفزة.
الصورة الثانية: حيث إن مثل هذه المواشي المباح ذبحها للآكل يغلب
على الظن الرغبة عن أكلها؛ لمرضها أو كبرها أو نحو ذلك من أسباب التخلي عنها، وبالتالي انتفاء قيمتها المالية أو تفاهتها، وحيث إن تركها سائبة على جوانب الطرق العامة فيه تعريض لأمن الطريق وخطر على الأنفس والأموال، فإن لولي الأمر أن يأمر بذبحها وإطعامها من يرغب في أكلها من الفقراء أو حيوانات أخرى.
الصورة الثالثة: حيوانات لا تؤكل ويمكن الانتفاع بها ركوبا ونقلا ونحو ذلك.
فهذا النوع من الحيوان إن وجد من يأخذه للتملك على شرط إبعادها عن جوانب الطرق بحيث يؤمن شرها ويتفادى خطرها أعطيها وبذلك ينتهي إشكالها.
وإن أمكن نقلها إلى جهات، أهلها بحاجة إليها فكذلك، وإن لم يتيسر شيء من ذلك وبقي إشكالها على حالة مهددة أمن الطريق موفرة أسباب الدعس، والصدم والحوادث، وما يتبع ذلك في الغالب من إتلاف الأنفس والأموال، وبذل جهات الاختصاص جهودا مكثفة في الإسعاف والتحقيق وفصل الخصومات، فهذه الصورة قد يكون النظر في حكمها متفقا مع النظر في حكم الصورة الرابعة.
ويتلخص النظر فيهما فيما يلي:
أن النظر في مآل هذه الحيوانات السائبة على جوانب الطرق العامة قد لا يتجاوز أمرين:
أحدهما: القول بذبحها وإطعامها حيوانات أخرى:
ويعلل ذلك بما يلي:
الأول انتفاء ماليتها بانتفاء الانتفاع بها وحرمة أكلها على الناس.
الثاني: ثبوت أذيتها والضرر اللاحق من توافرها في الطرق وعلى جوانبها بما تسببه من الصدم والدعس والحوادث وتلف ما يتلف من ذلك من الأموال والأنفس.
وقد جاءت الشريعة الإسلامية بتحصيل المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها وارتكاب أدنى المفسدتين لتفادي أشدهما، ولا شك أن مفسدة ذبحها إن وجدت فهي قليلة مغمورة في جنب مصالح الخلاص منها ودرء مفاسدها.
الثالث: إن جمعها والإبقاء عليها فيه تحميل لبيت المال للإنفاق عليها، وفي ذلك مضرة حيث إن النفقة عليها من بيت المال أو غيره خسارة محضة وجهود ضائعة ليس لها مقابل في تحقيق أي مصلحة حاضرة ولا منتظرة، ومما لا شك فيه أن بيت المال مرصود لمصالح المسلمين في الحاضر والمستقبل، وأنه لا يجوز الصرف منه فيما لا فائدة للمسلمين منه.
الرابع: جواز ذبح المأكول لحمه مما تعافه الأنفس في الغالب لمرضه أو كبره أو نحو ذلك لإراحته أو للخلاص من مشقة النفقة عليه ورعايته. فإذا جاز ذبح ذلك لغير الأكل فقد لا يكون فارق مؤثر بينه وبين ما لا يؤكل لحمه مما لا فائدة في بقائه إذا كان في ذبحه جلب مصلحة أو دفع مضرة.
الخامس: ما جاءت به النصوص وقال به أهل العلم من جواز قتل ما منه الأذى كالخمس الفواسق والهر المؤذي وغير ذلك من الحيوانات والحشرات المؤذية، قال العلامة ابن مفلح رحمه الله ما نصه:
ويكره قتل النمل إلا من أذية شديدة، فإنه يجوز قتلهن وقتل القمل بغير النار ويكره قتلهما بالنار، ويكره قتل الضفادع، ذكر ذلك في [المستوعب] ، قال في [الغنية] كذلك، وأنه لا يجوز سقي حيوان مؤذ - إلى أن قال: ومال صاحب النظم إلى أنه يحرم إحراق كل ذي روح، وأنه يجوز إحراق ما يؤذي بلا كراهة إذا لم يزل ضرره دون مشقة غالبة إلا بالنار.
وقال: إنه سئل عما ترجح عند الشيخ شمس الدين صاحب الشرح فقال: ما هو ببعيد واستدل صاحب الشرح بالخبر الذي في [الصحيحين] أو في [صحيح البخاري]«أن نبيا من الأنبياء نزل على قرية نمل فآذته نملة فأحرق القرية فأوحى الله تعالى إليه: فهلا نملة واحدة (1) »
…
إلى أن قال: وقال في [المستوعب في محظورات الإحرام] : فأما النمل وكل ما لا يضر ولا ينفع كالخنافس والجعلان والديدان والذباب والنمل غير التي تلسع. فقال أحمد رحمه الله: إذا آذته- يعني: هذه الأشياء- قتلها، ويكره قتلها من غير أذية فإن فعل فلا شيء عليه.. إلى أن قال: عن إبراهيم النخعي قال: إذا آذاك النمل فاقتله. ورأى أبو العالية نملا على بساط فقتلهن. وعن طاوس قال: إنا لنفرق النمل بالماء، يعني: إذا آذتنا. روى ذلك ابن أبي شيبة في [مصنفه] .
وسئل الشيخ تقي الدين: هل يجوز إحراق بيوت النمل بالنار؟ فقال: يدفع ضرره بغير التحريق.
وذكر في [المغني] في مسألة قتل الكلب أن ما لا مضرة فيه لا يباح قتله واستدل بالنهي عن قتل الكلاب فدل كلامه هذا على التسوية وأنه إن أبيح قتل ما لا مضرة فيه من غير الكلاب أبيح قتل الكلاب وهو ظاهر كلام
(1) صحيح البخاري بدء الخلق (3319) ، صحيح مسلم السلام (2241) ، سنن النسائي كتاب الصيد والذبائح (4359) ، سنن أبو داود الأدب (5265) ، سنن ابن ماجه الصيد (3225) ، مسند أحمد بن حنبل (2/449) .
جماعة وهو متجه.
وعلى هذا يحمل تخصيص جواز قتل الكلب العقور والأسود البهيم؛ لأنه لم يبح قتل ما لا مضرة فيه
…
إلى أن قال: وعلى قولنا يمنع قتلها، أنها إذا آذت بكثرة نجاستها وأكلها ما غفل عنه الناس جاز قتلها على ما يأتي:
نص أحمد في النمل بقتله إذا آذاه مع أن الشارع نهى عن قتلها فما جاز في أحدهما جاز في الآخر
…
إلى أن قال: فأما ما فيه منفعة من وجه ومضرة من وجه كالبازي والصقر والشاهين والباشق فإنه يخير في قتلها على ما ذكره في [المستوعب]، وكذا في الفصول لما استوت حالتاه استوى الحال في قتله وتركه فمضرته في اصطياده لطيور الناس ومنفعته كونه يصطاد للناس قال: وكذا الفهد وكل كلب معلم للصيد
…
إلى أن قال: ويحرم قتل الهر، وجزم بعضهم يكره. وإن ملكت حرم.
وكذا جزم به صاحب [النظم] وإن كره فقط فقتل الكلب أولى ويجوز قتلها بأكلها لحما أو غيره نحوه قال صاحب [النظم](بلا كراهة) وفي الفصول (حين أكله) ؛ لأنه لا يردعه إلا الدفع في حال صياله والقتل شرع في حق الآدمي وإن فارق الفعل ليرتدع الجنس.
وفي [الترغيب] لا يجوز إلا إذا لم يندفع إلا به.
وقال صاحب [النظم] : وكذا لو كان يتبول على الأمتعة أو يكسر الآنية ويخطف الأشياء غالبا لا قليلا لمضرته.. اهـ (1)
(1)[الآداب الشرعية] ، (3\ 369 - 374)
الأمر الثاني: القول بعدم إباحة ذبحها على أي حال كانت ميؤوسا منها.
واستدل لذلك بما يلي:
روى مسلم في [صحيحه] : عن جابر بن عبد الله قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها لتقتله، ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها وقال: عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين، فإنه شيطان (1) » ، وروى مسلم أيضا عن عبد الله بن المغفل قال:«أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم، (2) » فإذا كان هذا في الكلاب التي لا ينتفع بها، بل قد يكون ضررها محققا كتنجيسها للشوارع ونحوها. فكيف بالحمر بحجة أنه لا ينتفع بها؟
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل (3) » . متفق عليه.
وعنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا (4) » . متفق عليه.
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا (5) » رواه مسلم.
وقال النووي: قال العلماء: صبر البهائم أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمي ونحوه- وهو معنى «لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا (6) » - أي: لا تتخذوا الحيوان الحي غرضا ترمون إليه كالغرض من الجلود وغيرها، وهذا النهي للتحريم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في رواية ابن عمر التي بعد هذه:«لعن الله من فعل هذا (7) » ، ولأنه تعذيب للحيوان وإتلاف لنفسه وتضييع لماليته وتفويت لذكاته إن كان مذكى ولمنفعته إن لم يكن مذكى.
(1) صحيح مسلم المساقاة (1572) ، سنن أبو داود الصيد (2846) ، مسند أحمد بن حنبل (3/333) .
(2)
صحيح مسلم الطهارة (280) ، سنن الترمذي الأحكام والفوائد (1486) ، سنن النسائي الصيد والذبائح (4280) ، سنن أبو داود الطهارة (74) ، مسند أحمد بن حنبل (4/85) .
(3)
صحيح البخاري الذبائح والصيد (5514) ، مسند أحمد بن حنبل (2/94) ، سنن الدارمي الأضاحي (1973) .
(4)
صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (1958) ، مسند أحمد بن حنبل (2/86) .
(5)
صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (1957) .
(6)
صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (1957) .
(7)
صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (1958) ، مسند أحمد بن حنبل (2/141) .
وعن جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه حمار وقد وسم في وجهه قال: لعن الله الذي وسمه (1) » رواه مسلم.
فهذه الأحاديث ونظائرها دالة على تحريم قتل كل ذي روح لاتخاذها غرضا. فكيف بقتل الحمر بدون غرض لذلك؟ ودعوى إيذائها وعدم الانتفاع بها ليس مبررا في قتلها كالكلاب حيث لا ينتفع بها والميؤوس منه؛ لمرضه وعجزه لا أذى فيه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه: أفي إن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح (2) » .
وفي بعض الأحاديث: «فهلا نملة واحدة (3) » أخرجه مسلم.
وأخرج أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض (4) » .
قال النووي: فيه وجوب نفقة الحيوان على مالكه، وفي الحديث دليل لتحريم قتل الهرة وتحريم حبسها بغير طعام أو شراب.
قال الشيخ أحمد بن محمد الصاوي المالكي في حاشيته على [الشرح الصغير] : ودخل في الدابة الواجبة نفقتها هرة عمياء فتجب نفقتها على من انقطعت عنده حيث لم تقدر على الانصراف فإن قدرت عليه لم تجب؛ لأن له طردها.
وخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد اندلع لسانه من
(1) صحيح مسلم اللباس والزينة (2117) ، سنن أبو داود الجهاد (2564) .
(2)
صحيح البخاري بدء الخلق (3319) ، صحيح مسلم السلام (2241) ، سنن النسائي الصيد والذبائح (4358) ، سنن أبو داود الأدب (5266) ، سنن ابن ماجه الصيد (3225) ، مسند أحمد بن حنبل (2/403) .
(3)
صحيح البخاري بدء الخلق (3319) ، صحيح مسلم السلام (2241) ، سنن النسائي كتاب الصيد والذبائح (4359) ، سنن أبو داود الأدب (5265) ، مسند أحمد بن حنبل (2/449) .
(4)
صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3482) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2242) ، سنن الدارمي الرقاق (2814) .
العطش، فنزعت له بموقها فغفر لها (1) » .
قال النووي في الكلام على هذا الحديث معناه: في الإحسان إلى كل حيوان حي يسقيه ونحوه أجر، وسمى الحي ذا كبد رطبة؛ لأن الميت يجف جسمه وكبده.
ففي هذا الحديث الحث على الإحسان إلى الحيوان المحترم وهو ما لا يؤمر بقتله، فأما المأمور بقتله فيتمثل أمر الشرع في قتله، والمأمور بقتله كالكافر والحربي والمرتد والكلب العقور والفواسق الخمس المذكورات في الحديث وما في معناهن.
وأما المحترم: فيحصل الثواب بسقيه والإحسان إليه أيضا بإطعامه وغيره، سواء كان مملوكا أولا، وسواء كان مملوكا له أو لغيره.. والله أعلم.
قال في [كشاف القناع] : ولا يجوز قتلها- أي: البهيمة- ولا ذبحها للإراحة؛ لأنها مال مادامت حية وذبحها إتلاف لها، وقد نهي عن إتلاف المال كالآدمي المتألم بالأمراض الصعبة أو المصلوب بنحو حديد؛ لأنه معصوم مادام حيا. ومعنى هذا كثير في كتب الحنابلة ولا نطيل بذكره مما يدل على تحريم قتل ما لا يؤكل لحمه كالحمر ونحوها حتى لقصد راحتها أو كانت في النزع مثلا فيحرم قتلها. لذلك كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره. فبهذا يتضح أن ما قيل من جواز قتل ما كان ميؤوسا منه من الحمر الأهلية غير مسلم. وقد صرح أيضا الإمام النووي بتحريم قتل الحمر والبغل لدبغ جلده أو لاصطياد النسور والعقبان على لحمه وسواء في هذا الحمار الزمن والبغل المكسر.
(1) صحيح البخاري بدء الخلق (3321) ، صحيح مسلم السلام (2245) ، مسند أحمد بن حنبل (2/507) .
وذكر الإمام النووي أيضا ما معناه: إذا كان مع الإنسان دابة من حمار وغيره لزمه أن يحصل لها الماء لعطشها حتى لو لم يجد ماء إلا مع شخص آخر لا حاجة له به وامتنع من سقي الحمار أو الكلب جاز لصاحب الدابة أن يكابره عليه إذا امتنع من بيعه، فيأخذه منه قهرا لكلبه ودابته، كما يأخذه لنفسه، فإن كابره فأتى الدفع على نفس صاحب الماء كان دمه هدرا، وإن أتى على صاحب الكلب كان مضمونا. اهـ.
ولم يفصل النووي في هذا بين ما إذا كان الحمار أو الكلب ميؤوسا منه أو غير ميؤوس أو يمكن الانتفاع بها أو لا، كما صرح به من قبل. اهـ.
قال الشيخ الشبراملي الشافعي: (ويحرم ذبح الحيوان غير المأكول ولو لإراحته كالحمار الزمن مثلا) .
قال في [مغني المحتاج] : وعليه علف دوابه وسقيها، فإن امتنع أجبر في الحيوان المأكول على بيع أو علف أو ذبح، وفي غيره على بيع أو علف، ويحرم ذبحه للنهي عن ذبح الحيوان إلا لأكله. اهـ.
هذا ما تيسر إيراده، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع
…
عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
قرار رقم (48) وتاريخ 20 \ 8 \ 1396هـ
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد:
ففي الدورة التاسعة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في مدينة الطائف في شهر شعبان 1396 هـ جرى من المجلس الاطلاع على خطاب سمو وزير الشئون البلدية والقروية رقم (987 \ 3 \ ق) وتاريخ 17 \ 2 \ 1396 هـ بخصوص المواشي السائبة على جوانب الطرق العامة.
كما جرى الاطلاع على الفتوى الصادرة في ذلك من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم (1075) وتاريخ 2 \ 9 \ 1395 هـ، وعلى الفتوى الصادرة من عضو المجلس سماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد بموجب خطابه رقم (305 \ 1) وتاريخ 12 \ 1 \ 1396 هـ الموجه إلى سمو وزير الشئون البلدية والقروية بخصوص ما ذكر، وعلى البحث المعد من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وبعد دراسة ما ذكر وتداول الرأي والمناقشة قرر بالأكثرية ما يلي:
إن سائبة المواشي لا تخلو: إما أن تكون مما يؤكل لحمها أو لا، فإن كانت مما يؤكل لحمها فإن لولي الأمر أن يأمر باحتجازها وبيع ما يمكن بيعه منها في المزاد العلني بعد التعرف على صفاتها، فإن جاء صاحبها أعطي ما يبقى من قيمتها بعد خصم مصاريف الاحتجاز والعلف والنقل والبيع، وإن كانت مما لا يمكن بيعه لمرضه أو كبره أو نحو ذلك فلولي الأمر
أن ينظر شأنها بما يراه محققا للمصلحة العامة ودافعا للضرر. وهذا كله بعد إعلام المواطنين بضرورة حماية جوانب الطرق العامة من مواشيهم وإخطارهم بعواقب المخالفة وذلك بوسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وصحافة وتلفزة. وإن كانت مما لا يؤكل لحمه كالحمير فنظرا إلى ثبوت الضرر من توافرها على جوانب الطرق العامة وحيث تبين أنه ليس لها ملاك ولا سوق نافقة لبيعها، فإن إزالة ضررها متعينة بأي طريق يضمن ذلك، فإن وجد من يأخذها للتملك على شرط إبعادها عن جوانب الطرق العامة بحيث يؤمن شرها ويتفادى خطرها أعطيها، وبذلك ينتهي إشكالها، وإن أمكن نقلها إلى جهات أهلها بحاجة إليها فكذلك، وإن لم يتيسر شيء من ذلك وبقي إشكالها على حالة مهددة أمن الطريق موفرة أسباب الدهس والصدم والحوادث وما يتبع ذلك في الغالب من إتلاف الأنفس والأموال وبذل جهات الاختصاص جهودا كبيرة في الإسعاف والتحقيق وفصل الخصومات، فإن لولي الأمر أن يتخذ ما يراه مناسبا للقضاء على ما توافر وجوده في الطرق العامة وعلى جوانبها بذبحها والإحسان إليها في ذلك وإطعامها حيوانات أخرى، وذلك لأمور:
الأول: انتفاء ماليتها بانتفاء الانتفاع بها وحرمة أكلها على الناس.
الثاني: ثبوت أذيتها والضرر اللاحق من توفرها في الطرق وعلى جوانبها بما تسببه من الصدم والدهس، والحوادث وتلف ما يتلف من ذلك من الأموال والأنفس، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بتحصيل المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها وارتكاب أدنى المفسدتين لتفادي أشدهما، ولا شك أن مفسدة ذبحها إن وجدت فهي قليلة مغمورة في جنب
مصالح الخلاص منها ودرء مفاسدها.
الثالث: أن جمعها والإبقاء عليها والحال ما ذكر، فيه تحميل لبيت المال للإنفاق عليها وتوظيف عمال يقومون بذلك، وفي ذلك مضرة حيث إن النفقة عليها من بيت المال أو غيره خسارة محضة وجهود ضائعة ليس لها مقابل في تحقيق أي مصلحة حاضرة ولا منتظرة، ومما لا شك فيه أن بيت المال مرصود لمصالح المسلمين في الحاضر والمستقبل، وأنه لا يجوز الصرف منه فيما لا فائدة للمسلمين منه.
الرابع: جواز ذبح المأكول لحمه مما تعافه الأنفس في الغالب لمرضه أو كبره أو نحو ذلك لإراحته أو الخلاص من مشقة النفقة عليه ورعايته، فإذا جاز ذبح ذلك لغير الأكل فقد لا يكون فارق مؤثر بينه وبين ما لا يؤكل لحمه مما لا فائدة في بقائه إذا كان في ذبحه جلب مصلحة أو دفع مضرة.
الخامس: ما جاءت به النصوص وقال به أهل العلم من جواز قتل ما منه الأذى؛ كالفواسق الخمس والهر المؤذي وغير ذلك من الحيوانات والحشرات المؤذية، ومن ذلك ما ذكره العلامة ابن مفلح في كتابه [الآداب الشرعية] حول حكم قتل الكلاب المؤذية، حيث قال: على قولنا يمنع لها أنها إذا آذت بكثرة نجاستها وأكلها ما غفل عنه الناس جاز قتلها. اهـ.
وما ورد من النهي عن قتل الكلاب والثناء على من يسقيها إذا عطشت وذم من يحبسها أو يؤذيها فذلك فيما لا يؤذي من الحيوانات. وما ورد أيضا من النهي عن اتخاذ الحيوانات غرضا، فذلك من أجل قتلها صبرا وهو في غير الحيوانات المؤذية بدليل الأمر بقتل ما يؤذي منها كالخمس الفواسق وغيرها.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
أعضاء هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة التاسعة
محمد بن علي بن حركان
عبد الله بن محمد بن حميد
…
عبد الله خياط
…
عبد الرزاق عفيفي
عبد المجيد حسن
…
عبد العزيز بن صالح
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
صالح بن غصون
…
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
…
سليمان بن عبيد
محمد بن جبير
…
عبد الله بن غديان
…
راشد بن خنين
صالح بن لحيدان
…
عبد الله بن منيع
وجهة نظر ورأي بشأن المواشي السائبة
على جوانب الطرق العامة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء المنعقد في الطائف اتخذ في دورته التاسعة بالأكثرية القرار رقم (48) في يوم 20 \ 8 \ 1396 هـ بشأن المواشي السائبة على جوانب الطرق العامة. أجاز فيه في بعض الصور ذبح هذه المواشي بحجة أن هذا هو الطريق الوحيد للتخلص مما تسببه من أضرار من جراء تسييبها على جوانب هذه الطرق. . إلى آخر ما جاء في القرار المشار إليه. وحيث إنني عضو في هذا المجلس ولم أوافق على الحكم الذي أصدره- فإنني أسجل رأيي في الموضوع موضحا وجهة نظري في ذلك، فأقول وبالله التوفيق ومنه أستمد العون وأستلهم الصواب:
جاءت النصوص الكثيرة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على تحريم تعذيب الحيوان أو قتله بغير وجه مشروع، كما في [صحيح مسلم] عن عبد الله بن المغفل قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ثم قال: «ما بالهم الكلاب (1) » ؟! "، ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم، ولا شك أن المنهي عن قتله في هذا الحديث جميع أنواع الكلاب، سواء كانت مما ينتفع به ككلب الصيد والماشية أو لا ينتفع به، وقد ورد النهي عن قتلها مع ورود النهي عن اقتنائها، وأنه ينتقص من أجر مقتنيها كل يوم قيراط، إضافة إلى أنها تسبب أضرارا محققة كتنجيسها للشوارع والإزعاج بأصواتها في الأوقات التي يسكن فيها الناس.
(1) صحيح مسلم الطهارة (280) ، سنن الترمذي الأحكام والفوائد (1486) ، سنن النسائي الصيد والذبائح (4280) ، سنن أبو داود الطهارة (74) ، سنن ابن ماجه الصيد (3205) ، مسند أحمد بن حنبل (4/85) ، سنن الدارمي الصيد (2008) .
كما ورد النهي عن قتل الحيوان أو تعذيبه بصيغة اللعن.
فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ شيئا فيها الروح غرضا، ولعن صلى الله عليه وسلم من وسم الحمار في وجهه، والقتل أشد من الوسم. كما نهى عليه الصلاة والسلام: أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل.
قال النووي: قال العلماء: صبر البهائم: أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمي ونحوه وهو معنى: «لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا (1) » .
وقد صرح الشيخ تقي الدين بتحريم قتل ما لا يؤكل لحمه حتى لقصد راحتها أو كانت في النزع مثلا. ويقول الشيخ الشبراملي الشافعي: ويحرم ذبح الحيوان غير المأكول ولو لإراحته كالحمار الزمن مثلا.
وأصرح من ذلك ما ذكره الإمام النووي من تحريم قتل الحمار والبغل لدبغ جلده أو لاصطياد النسور والعقبان على لحمه، وسواء في هذا الحمار الزمن والبغل المكسر.
فهذه النصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء كلها صريحة في النهي عن قتل الحيوان، ولم تفرق بين مأكول اللحم وغير مأكول اللحم، ولا بين المنتفع به وغير المنتفع به، إذا كان الأمر كذلك فإن ما وجهت به الأكثرية قرارها بجواز الذبح لانتفاء مالية تلك الحيوانات. . بانتفاء الانتفاع بها وحرمة أكلها على الناس غير ظاهر لما هو واضح من هذه النصوص وأقوال العلماء، وقد صرح العلماء كذلك بوجوب نفقة الحيوان على مالكه، سواء كان مأكولا أو غير مأكول، وسواء كان منتفعا به أو غير منتفع به.
يقول الشيخ الصاوي المالكي على [حاشية الشرح الصغير] : ودخل في الدابة الواجبة نفقتها هرة عمياء فتجب نفقتها على من انقطعت عنده حيث
(1) صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (1957) .
لم تقدر على الانصراف، فإن قدرت عليه لم تجب، لأن له طردها. وذكر الإمام النووي ما معناه: إذا كان مع الإنسان دابة من حمار وغيره لزمه أن يحصل لها الماء لعطشها حتى لو لم يجد ماء إلا مع شخص آخر لا حاجة له به وامتنع من سقي الحمار أو الكلب جاز لصاحب الدابة أن يكابره عليه إذا امتنع من بيعه، فيأخذه منه قهرا لكلبه ودابته، كما يأخذه لنفسه، فإن كابره فأتى الدفع على نفس صاحب الماء كان دمه هدرا، وإن أتى على صاحب الكلب كان مضمونا. ولم يفصل النووي في هذا بين ما إذا كان الحمار أو الكلب ميئوسا منه أو غير ميئوس أو يمكن الانتفاع به أو لا، كما صرح به من قبل.
وجاء في [مغني المحتاج] : وعليه علف دوابه وسقيها فإن امتنع أجبر في الحيوان المأكول على بيع أو علف أو ذبح وفي غيره على بيع أو علف، ويحرم ذبحه للنهي عن ذبح الحيوان إلا لأكله.
وأما ما قيل من أن جمع هذه الحيوانات والإبقاء عليها فيه تحميل لبيت المال للإنفاق عليها، وفي ذلك مضرة حيث إن النفقة عليها من بيت المال أو غيره خسارة محضة وجهود ضائعة ليس لها مقابل في تحقيق أي مصلحة حاضرة ولا منتظرة، وأن بيت المال مرصود لمصالح المسلمين في الحاضر والمستقبل، وأنه لا يجوز الصرف منه فيما لا فائدة للمسلمين منه إلى غير ذلك مما أوردوه من تعليلات، فهي غير مسلمة لأمور:
الأول: إن الشريعة الإسلامية رتبت الأجر العظيم على رعاية تلك الحيوانات والقيام عليها حتى التي لا تدرك لها فائدة ولا منفعة في ظاهر الأمر، فامرأة بغي غفر لها بسبب سقيها لكلب كان يأكل الثرى من العطش.
فالكلب ليس مملوكا لها ولا هو مما يؤكل لحمه ولم ينتفع به بصيد أو ماشية، والحرمة ثابتة لكل حيوان حتى ولو كان زمنا كبيرا أو مكسرا إذا كان الأمر كذلك، فكيف يقال: إن سقيها والإنفاق عليها خسارة محضة وجهود ضائعة ليس لها مقابل في تحقيق مصلحة حاضرة ولا منتظرة؟! كيف وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «في كل كبد رطبة أجر (1) » ؟ وإذا كانت هناك دول غير إسلامية تنشئ جمعيات للرفق بالحيوان استبشاعا لقتلها أو إيذائها، وينفقون في ذلك الأموال الطائلة لرعايتها وعلاجها من المرض والعجز، يستوي في ذلك لديهم المأكول وغير المأكول، والميئوس منها من عدمه- فما بال المسلمين ينزعون إلى تعمد مخالفة النصوص التي تحترم الحيوان وتؤكد الأجر العظيم لمن قام بذلك؟! .
الثاني: بالإمكان التعرف على أصحاب هذه الحيوانات السائبة وإلزامهم شرعا بالإنفاق عليها وإبعادها عن جانبي الطريق، ومن لم يلتزم بذلك يعاقب بما يكون مناسبا.
الثالث: في حالة تخلي أربابها عنها يمكن نقلها إلى قرى نائية كالتي تقع في شعوف الجبال وبطون الصحاري، التي لا تصل إليها السيارات، وأهل تلك المناطق بحاجة إليها.
الرابع: ما يبقى من الحيوانات بعد ذلك مما لا يدخل فيما تقدم إذا وجد. ففي بيت المال متسع للإنفاق عليه ورعايته ولله الحمد، وقد قامت الدولة بالإنفاق على السباع الضارية والوحوش الكاسرة في (حدائق الحيوانات) وإذا عجز بيت المال وتزاحمت عليه الحقوق فقد يرد تعليلهم بأن في المسألة تحميلا لبيت المال للإنفاق عليهما. . إلخ.
(1) صحيح البخاري المساقاة (2363) ، صحيح مسلم السلام (2244) ، سنن أبو داود الجهاد (2550) ، مسند أحمد بن حنبل (2/375) ، موطأ مالك الجامع (1729) .
الخامس: يؤكد القرار على أن في ترك المواشي سائبة على جانبي الطرق أضرارا وتهديدا لأمن الطريق وخطرا على الأموال والأنفس. . إلخ.
ولكن الواقع الملموس ليس على الصورة التي رسمها القرار للأمرين التاليين:
الأولى: أن الحوادث في هذه الطرق ناتجة عن عوامل كثيرة منها: سرعة السائقين وتهورهم، ومنها: خلل في محركات السيارات وآلاتها، ومنها: وعورة الطريق وكثرة منحنياته ومنعطفاته وما شابه ذلك، ونسبة حدوث ذلك من المواشي بجانب ما ذكرنا قليل جدا.
الثاني: السبب الحقيقي لاصطدام السيارة بالحيوان سرعة السائق وتهوره وعدم أخذ الحيطة الكافية أثناء سيره، إذ من المعلوم أن الذي يسير سيرا معتدلا يكون متمكنا من سيارته تمكنا يقيه بإذن الله مما يظهر على الطريق من مفاجآت كمنحنى خطر أو إصلاحات في الطريق أو سيارة أخرى تقابله أو حيوان وما شابه ذلك.
السادس: القول بذبحها يؤدي إلى تجرؤ رجال الإمارات التي على الطرق في أخذها وبيعها بأي ثمن أو أكلها ولو كانت بعيدة عن الطريق؛ لأن ضبط مثل ذلك وتحديده أمر متعذر، والنفوس لا حدود لطمعها لا سيما إذا وجدت متنفسا من نظام أو حكم: ويؤدي ذلك بالتالي إلى حصول المشاغبات والمنازعات بين هؤلاء وأرباب البوادي والقرى بسبب التعرض لمواشيهم بحجة هذا الحكم.
يتضح مما تقدم أنه من الممكن دفع الأضرار الناجمة من هذه المواشي-
على التسليم بوجودها- إما بالتزام أصحابها بحفظها وإبعادها عن الطريق أو نقلها إلى أمكنة بعيدة يتوفر فيها الماء والكلأ، كالصمان والدهناء وأمثالها، أو نقلها إلى بعض القرى النائية في شعوف الجبال مما لا تصل إليها السيارات فينتفعون بها ركوبا وحملا كالمناطق الجنوبية من المملكة، هذا ما ظهر لنا.
وبالله التوفيق. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن محمد بن حميد
عضو هيئة كبار العلماء
النفقة على الضوال من المواشي التي تتصل بالمواشي المملوكة
قرار رقم (141) وتاريخ 9 \ 11 \ 1407هـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا ورسولنا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته القويمة إلى يوم الدين. . وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الثلاثين المنعقدة في مدينة الطائف بتاريخ 1 \ 11 \ 1407هـ إلى 9 \ 11 \ 1407هـ اطلع على كتاب معالي وكيل وزارة الداخلية الموجه إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برقم (17 \ 20629) وتاريخ 16 \ 3 \ 1407 هـ المشفوع به كتاب صاحب السمو الملكي أمير المنطقة الشرقية رقم (14 \ 1 \ 9737 \ 1) في 25 \ 2 \ 1407هـ المتضمن طلب الاستفتاء عن حكم النفقة على الضوال من المواشي التي قد تتصل ببعض المواشي المملوكة وما ينبغي اتخاذه نحو هذه الضوال.
كما اطلع المجلس على البحث المعد في هذا الموضوع وعلى بعض أقوال العلماء فيه وعلى فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في ذلك:
وبعد المناقشة والتأمل وتداول الرأي قرر المجلس ما يلي:
أولا: أن يجتهد من لحقت هذه الضوال بمواشيه في طردها وإبعادها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ضالة الإبل: «ما لك ولها؟ دعها، فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يجدها ربها (1) » .
(1) صحيح البخاري في اللقطة (2436) ، صحيح مسلم اللقطة (1722) ، موطأ مالك الأقضية (1482) .
ثانيا: إذا لم يتمكن من التخلص منها فعليه أن يبادر بالاتصال بأقرب قاضي إليه، ويخبره بالواقع، وعلى القاضي أن يجري ما يراه الأصلح في ذلك.
ثالثا: تزود المحاكم بنسخة من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في حكم الضوال مع هذا القرار.
وبالله التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
هيئة كبار العلماء
.
…
.
…
رئيس الدورة
عبد الله خياط اعتذر لمرضه
…
عبد العزيز بن صالح
…
عبد الرزاق عفيفي
.
…
محمد بن جبير
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
سليمان بن عبيد
…
عبد المجيد حسن
…
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
صالح بن غصون
…
صالح اللحيدان
…
راشد بن خنين
عبد الله بن منيع
…
عبد الله البسام
…
عبد الله بن غديان
حسن بن جعفر العتمي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
…
محمد بن صالح العثيمين
صالح الفوزان
…
.
…
.