الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أربابها، ثم حكم الفوائد الربوية بين المسلم والحربي.
وفيما يلي ذكر ذلك:
أولا: من أقوال بعض المفسرين على قوله تعالى:
{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ}
(1) الآية:
1 -
قال ابن جرير في [تفسيره] : يعني جل ثناؤه بذلك: إن تبتم فتركتم أكل الربا وأنبتم إلى الله عز وجل {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} (2) من الديون التي لكم على الناس دون الزيادة التي أحدثتموها على ذلك ربا منكم، كما حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد عن قتادة {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} (3) والمال الذي لهم على ظهور الرجال جعل لهم رؤوس أموالهم حين نزلت هذه الآية، فأما الربح والفضل فليس لهم، ولا ينبغي لهم أن يأخذوا منه شيئا.
حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال: حدثنا هشيم عن جويبر عن الضحاك قال: وضع الله الربا وجعل لهم رؤوس أموالهم.
حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} (4) قال: ما كان لهم من دين فجعل لهم أن يأخذوا رؤوس أموالهم ولا يزدادوا عليه شيئا.
حدثني موسى بن هارون: قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط عن السدي {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} (5) الذي أسلفتم وسقط الربا.
حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد عن قتادة ذكر لنا: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم الفتح: «ألا إن ربا الجاهلية موضوع كله، وأول ربا أبتدئ به ربا العباس بن عبد المطلب (6) » .
(1) سورة البقرة الآية 279
(2)
سورة البقرة الآية 279
(3)
سورة البقرة الآية 279
(4)
سورة البقرة الآية 279
(5)
سورة البقرة الآية 279
(6)
سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن (3087) ، سنن ابن ماجه المناسك (3055) .
حدثنا المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته: «إن كل ربا موضوع، وأول ربا يوضع ربا العباس (1) » .
القول في تأويل قوله: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (2) يعني بقوله: {لَا تُظْلَمُونَ} (3) بأخذكم رؤوس أموالكم التي كانت لكم قبل الإرباء على غرمائكم منهم دون أرباحها التي زدتموها ربا على من أخذتم ذلك منه من غرمائكم، فتأخذوا منهم ما ليس لكم أخذه، أو لم يكن لكم قبل {وَلَا تُظْلَمُونَ} (4) يقول: ولا الغريم الذي يعطيكم ذلك دون الربا الذي كنتم ألزمتموه من أجل الزيادة في الأجل يبخسكم حقا لكم عليه فيمنعكموه؛ لأن ما زاد على رؤوس أموالكم لم يكن حقا لكم عليه، فيكون بمنعه إياكم ذلك ظالما لكم، وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن عباس يقول وغيره من أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية عن علي عن ابن عباس {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ} (5) فتنقصون.
وحدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله تعالى: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (6) قال: لا تنقصون من أموالكم، ولا تأخذون باطلا لا يحل لكم (7) .
2 -
وقال القرطبي في [تفسيره] : روى أبو داود عن سليمان بن عمرو
(1) سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن (3087) ، سنن ابن ماجه المناسك (3055) .
(2)
سورة البقرة الآية 279
(3)
سورة البقرة الآية 272
(4)
سورة البقرة الآية 279
(5)
سورة البقرة الآية 279
(6)
سورة البقرة الآية 279
(7)
[تفسير الطبري](3\ 72) ، المتوفى سنة 310 هـ.
عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: «ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع، لكم رؤوس أموالكم، لا تظلمون ولا تظلمون (1) » وذكر الحديث، فردهم تعالى مع التوبة إلى رؤوس أموالهم، وقال لهم:{لَا تُظْلَمُونَ} (2) في أخذ الربا، {وَلَا تُظْلَمُونَ} (3) في أن يتمسك بشيء من رؤوس أموالكم فتذهب أموالكم.
ويحتمل أن يكون {وَلَا تُظْلَمُونَ} (4) في مطل؛ لأن مطل الغني ظلم، فالمعنى: أنه يكون القضاء مع وضع الربا، وهكذا سنة الصلح، وهذا أشبه شيء بالصلح، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أشار إلى كعب بن مالك في دين ابن أبي حدرد بوضع الشطر، فقال كعب: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للآخر:«قم فاقضه (5) » فتلقى العلماء أمره بالقضاء سنة في المصالحات.
(1) صحيح البخاري الحج (1785) ، صحيح مسلم كتاب الحج (1218) ، سنن الترمذي الحج (856) ، سنن النسائي مناسك الحج (2763) ، سنن أبو داود كتاب المناسك (1905) ، سنن ابن ماجه المناسك (3074) ، مسند أحمد بن حنبل (3/321) ، موطأ مالك الحج (836) ، سنن الدارمي كتاب المناسك (1850) .
(2)
سورة البقرة الآية 272
(3)
سورة البقرة الآية 279
(4)
سورة البقرة الآية 279
(5)
صحيح البخاري الصلاة (457) ، صحيح مسلم المساقاة (1558) ، سنن النسائي آداب القضاة (5408) ، سنن أبو داود الأقضية (3595) ، سنن ابن ماجه الأحكام (2429) ، سنن الدارمي البيوع (2587) .
وقال القرطبي أيضا في تفسير هذه الآية: تأكيد لإبطال ما لم يقبض منه، وأخذ رأس المال الذي لا ربا فيه، فاستدل بعض العلماء بذلك على أن كل ما طرأ على البيع قبل القبض مما يوجب تحريم العقد أبطل العقد، كما إذا اشترى مسلم صيدا ثم أحرم المشتري أو البائع قبل القبض بطل البيع؛ لأنه طرأ عليه قبل القبض ما أوجب تحريم العقد، كما أبطل الله تعالى ما لم يقبض؛ لأنه طرأ عليه ما أوجب تحريمه قبل القبض، ولو كان مقبوضا لم يؤثر.
هذا مذهب أبي حنيفة، وهو قول لأصحاب الشافعي، ويستدل به على أن هلاك المبيع قبل القبض في يد البائع وسقوط القبض فيه يوجب بطلان العقد، خلافا لبعض السلف، ويروى هذا الخلاف عن أحمد، وهذا إنما يتمشى على قول من يقول: إن العقد في الربا كان في الأصل منعقدا، وإنما بطل بالإسلام الطارئ قبل القبض.
وأما من منع انعقاد الربا في الأصل لم يكن هذا الكلام صحيحا، وذلك أن الربا كان محرما في الأديان، والذي فعلوه في الجاهلية كان عادة المشركين، وأن ما قبضوه منه كان بمثابة أموال وصلت إليهم بالغصب والسلب، فلا يتعرض له.
فعلى هذا لا يصح الاستشهاد على ما ذكروه من المسائل، واشتمال شرائع الأنبياء قبلنا على تحريم الربا مشهور مذكور في كتاب الله تعالى، كما حكي عن اليهود في قوله تعالى:{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} (1) وذكر في قصة شعيب أن قومه أنكروا عليه وقالوا: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} (2) فعلى هذا لا يستقيم الاستدلال به. نعم، يفهم من هذا أن العقود الواقعة في دار الحرب إذا ظهر عليها الإمام لا يعترض عليها بالفسخ إن كانت معقودة على فساد (3) .
(1) سورة النساء الآية 161
(2)
سورة هود الآية 87
(3)
[الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (3\ 365، 366) ، المتوفى سنة 671 هـ.
3 -
وقال ابن كثير في [تفسيره] : {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ (1) } أي: بأخذ الزيادة {وَلَا تُظْلَمُونَ} (2) أي: بوضع رؤوس الأموال أيضا، بل لكم ما بذلتم من غير زيادة عليه ولا نقص منه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن الحسين بن إشكاب، حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن شبيب بن غرقدة المبارقي عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: «ألا إن كل ربا في الجاهلية موضوع عنكم كله، لكم رؤوس أموالكم
(1) سورة البقرة الآية 279
(2)
سورة البقرة الآية 279