المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المذهب الثاني: أن الرهن إذا هلك بنفسه فهو من ضمان المرتهن - أبحاث هيئة كبار العلماء - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌بحث في حكم اقتطاع جزء من المقبرةلمصلحة عامة كتوسعة طريق ونحوه

- ‌ أقوال أهل العلم في حكم تحويل الميت من قبره إلى آخر لغرض صحيح:

- ‌غلة الأوقاف المنقطعة جهاتهاأو الفائض من غلاتها على مصارفها

- ‌ مذهب الحنفية:

- ‌ مذهب المالكية:

- ‌ مذهب الشافعية:

- ‌ مذهب الحنابلة:

- ‌الرهن

- ‌أولا: تعريف الرهن لغة وشرعا والمناسبة بين المعنيين:

- ‌ تعريفه لغة:

- ‌ تعريفه شرعا:

- ‌ المناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:

- ‌رابعا: الخلاف في أن قبض الرهن شرط في لزومه أو ليس بشرط

- ‌خامسا: الخلاف في اشتراط استدامة القبض

- ‌سادسا: ما يعتبر قبضا للرهن مع الأدلة والمناقشة:

- ‌سابعا: حكم الرهن بعد القبض:

- ‌ مؤنة الرهن:

- ‌ الانتفاع بالمرهون:

- ‌ نماء الرهن:

- ‌ التصرف في الرهن قبل حلول أجل الدين:

- ‌ استيفاء المرتهن حقه من الرهن:

- ‌ ضمان الرهن إذا هلك بنفسه:

- ‌المذهب الأول: أن الرهن إذا هلك بنفسه فلا يضمنه المرتهن

- ‌المذهب الثاني: أن الرهن إذا هلك بنفسه فهو من ضمان المرتهن

- ‌المذهب الثالث: التفرقة بين ما يغاب عليه وبين ما لا يغاب عليه:

- ‌إيجاد مواقف للسياراتتحت المساجد

- ‌بحث في المعاملات المصرفية والتحويلات المصرفية

- ‌عمليات الإيداع

- ‌أولا: الودائع النقدية:

- ‌تعريف الوديعة النقدية:

- ‌مزايا الإيداع النقدي:

- ‌أنواع الودائع النقدية:

- ‌الحساب العادي أو البسيط أو حساب الودائع

- ‌حساب الادخار والتوفير:

- ‌الحساب الجاري

- ‌تعريفه ومزاياه:

- ‌أركان الحساب الجاري:

- ‌الفوائد المتعلقة بالحساب الجاري:

- ‌وقف الحساب الجاري:

- ‌تعليل قاعدة عدم التجزئة:

- ‌آثار قاعدة عدم التجزئة:

- ‌قفل الحساب الجاري:

- ‌ أهم خصائص الودائع والحساب الجاري

- ‌ثانيا: إيداع الوثائق والمستندات:

- ‌ثالثا: إيجار الخزائن الحديدية:

- ‌التكييف القانوني لعقد إيجار الخزانة:

- ‌التكييف الشرعي لعملية استئجار الخزانة:

- ‌خلاصة عمليات الإيداع

- ‌ عمليات الائتمان

- ‌ الاعتمادات المصرفية

- ‌الأول: الإقراض:

- ‌ ضرورة الاتفاق على القرض، تجاريته، إبرام العقد:

- ‌تكييف الإقراض المصرفي في الفقه الإسلامي:

- ‌حكم الإقراض المصرفي في الفقه الإسلامي:

- ‌الثاني: فتح الاعتماد البسيط:

- ‌ آثار عقد فتح الاعتماد:

- ‌انتهاء العقد:

- ‌ انتقال الاعتماد:

- ‌تكييف عقد فتح الاعتماد البسيط المصرفي في الفقه الإسلامي وبيان حكمه:

- ‌الثالث: الضمان:

- ‌تكييف الضمان المصرفي في الفقه الإسلامي وبيان حكمه:

- ‌الرابع: الاعتمادات المستندية

- ‌ بيان واقعها

- ‌تحليل العلاقات القانونية المتفرعة عن الاعتمادات المستندية:

- ‌ موقف الفقه الإسلامي من هذه العملية:

- ‌الخلاصة:

- ‌الكمبيالة

- ‌خصائص الكمبيالة:

- ‌الوصف الشرعي للكمبيالة:

- ‌الشيك:

- ‌خصائص الشيك:

- ‌الفرق بين الشيك والكمبيالة:

- ‌الوصف الفقهي الإسلامي:

- ‌السند الإذني:

- ‌خصائص السند الإذني:

- ‌الوصف الإسلامي للسند الإذني:

- ‌التحويلات المصرفية والبريدية:

- ‌الوصف الإسلامي للتحويلات المصرفية:

- ‌النتيجة:

- ‌عمليات التظهير:

- ‌آثار التظهير التام:

- ‌آثار التظهير التوكيلي:

- ‌التظهير التأميني:

- ‌آثار التظهير التأميني:

- ‌الوصف الإسلامي للتظهير:

- ‌تحصيل الأوراق التجارية:

- ‌التكييف الفقهي الإسلامي لعمليات التحصيل:

- ‌عمليات الخصم:

- ‌الوصف الفقهي الإسلامي لعمليات الخصم:

- ‌الفوائد الربوية

- ‌أولا: من أقوال بعض المفسرين على قوله تعالى:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ}

- ‌ثانيا: من أقوال بعض شراح الحديث:

- ‌ثالثا: النقول عن الفقهاء:

- ‌[فتاوى المنار] :

- ‌رابعا: أقوال الفقهاء في حكم جريان الربا بين المسلم والحربي:

- ‌[فتاوى المنار] :

- ‌[فتاوى محمد رشيد رضا] :

- ‌الخلاصة

- ‌المواشي السائبةعلى الطرق العامة

- ‌حوادث السيارات وبيان ما يترتبعليها بالنسبة لحق الله وحق عباده

- ‌الموضوع الثاني:حوادث دهس السيارات وانقلابها، أو سقوط شيء منها على أحدأو قفز أحد ركابها

- ‌الموضوع الثالث:بيان ما يترتب على حوادث السيارات من العقوبات لمخالفة نظام المرور ونحوه

- ‌الموضوع الرابع:توزيع الجزاء على من اشتركوافي وقوع حادث بنسبة اعتدائهم أو خطئهم:

الفصل: ‌المذهب الثاني: أن الرهن إذا هلك بنفسه فهو من ضمان المرتهن

لا يهلك، إذ الغلق يستعمل في الهلاك، كذا قال بعض أهل اللغة وعلى هذا كان الحديث حجة على أهل هذا القول؛ لأنه يذهب بالدين، فلا يكون هالكا معنى.

الثالث: وقيل: معناه: أي: لا يستحقه المرتهن ولا يملكه عند امتناع الراهن عن قضاء الدين، وهذا كان حكما جاهليا جاء الإسلام فأبطله.

وأما المعنى: فإن عقد الرهن شرع وثيقة بالدين، ولو سقط الدين بهلاك المرهون لكان توهينا لا توثيقا؛ لأنه يقع تعريض الحق للتلف على تقدير هلاك الرهن فكان توهينا للحق لا توثيقا له.

ونوقش: بالتسليم بأن عقد الرهن شرع وثيقة بالدين، لكن معنى التوثيق في الرهن هو التوصل إليه في أقرب الأوقات؛ لأنه كان للمرتهن ولاية مطالبة الراهن بقضاء الدين من مطلق ماله وبعد الرهن حدثت له ولاية المطالبة بالقضاء ومن ماله المعين وهو الرهن بواسطة البيع فازداد طريق الوصول إلى حقه فحصل معنى التوثيق.

ص: 144

‌المذهب الثاني: أن الرهن إذا هلك بنفسه فهو من ضمان المرتهن

.

والذين قالوا بهذا القول انقسموا إلى قسمين:

القسم الأول: ومنهم أبو حنيفة: أنه مضمون بالأقل من قيمته وقيمة الدين.

والقسم الثاني: أنه مضمون بقيمته قلت أو كثرت، وممن قال به: علي ابن أبي طالب وعطاء وإسحاق.

أما القسم الأول: فمعناه: أن الرهن لو هلك وقيمته مثل دينه صار مستوفيا دينه، وإن كانت أكثر من دينه فالفضل أمانة، وإن كانت أقل صار

ص: 144

مستوفيا بقدره ورجع المرتهن بالفضل.

واستدل الأحناف لمذهبهم بالسنة والإجماع والأثر والمعنى:

أما السنة: فإنهم استدلوا بدليلين:

الأول: «قوله عليه الصلاة والسلام للمرتهن بعدما نفق الفرس الرهن عنده: " ذهب حقك» ، وهذا نص في الدلالة على المطلوب.

ونوقش: بأنه أخرجه أبو داود في [المراسيل] من طريق عطاء: «أن رجلا رهن رجلا فرسا فنفق في يده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمرتهن: " ذهب حقك» وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا مرسلا، وفي الاحتجاج بالمرسل خلاف.

ونوقش أيضا: بأن المراد به ذهاب الحق في الحبس.

وأجيب عنه: بمنع ذلك؛ لأنه لا يتصور حبسه فلا يحتاج فيه إلى البيان؛ لأنه عليه الصلاة والسلام بعث لبيان الأحكام لا لبيان الحقائق، ولأن الرهن ذكر معرفا بالإضافة فيعود إلى المذكور.

الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا عمي الرهن فهو بما فيه» .

وهذا نص أيضا في محل الخلاف.

ونوقش: بأن الدارقطني رواه عن أنس، وقال: لا يثبت ومن بينه وبين شيخنا ضعفاء. وأخرجه من وجه آخر وقال: إنه باطل.

وأجيب عنه: بأنه أخرجه أبو داود في [المراسيل] عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ورجاله ثقات، قاله ابن حجر، وأخرجه أيضا عن طاوس مرفوعا نحوه.

ونوقش أيضا: بما أخرجه أبو داود في [المراسيل] عن أبي الزناد وقال:

ص: 145

إن ناسا يوهمون في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الرهن بما فيه» إذا كان هلك، وإنما قال ذلك فيما أخبرنا الثقة من الفقهاء: إذا هلك وعميت قيمته. وأخرجه الطحاوي عن أبي الزناد نحوه، وأسند ذلك إلى الفقهاء السبعة وغيرهم أنهم قالوا: الرهن بما فيه، ويرفع ذلك منهم الثقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الرهن بما فيه» .

وأما الإجماع: فهو أن الصحابة والتابعين أجمعوا على أن الرهن مضمون مع اختلافهم في كيفية الضمان على ثلاثة أقوال: فإحداث قول رابع خروج عن الإجماع فلا يجوز.

ويمكن أن يناقش: بالمطالبة بثبوت الإجماع. قال ابن حجر: لم أجد ذلك.

وأما الأثر: فما أخرجه البيهقي عن عمر في الرجل يرتهن الرهن فيضيع قال: (إن كان أقل مما فيه رد عليه تمام حقه، وإن كان أكثر فهو أمين) وأخرجه ابن أبي شيبة والطحاوي نحوه.

وأما المعنى فمن وجوه:

أحدها: أن الثابت للمرتهن يد الاستيفاء وهو ملك اليد والحبس؛ لأن لفظه ينبئ عن الحبس، والأحكام الشرعية تثبت على وفق معانيها اللغوية.

الثاني: أن الرهن وثيقة لجانب الاستيفاء وهو أن يكون موصلا إليه، ويثبت ذلك بملك اليد والحبس؛ ليقع الأمن من الجحود مخافة جحود المرتهن الرهن، وليكون عاجزا عن الانتفاع فيتسارع إلى قضاء الدين أو الضجرة، فإذا ثبت هذا المعنى ثبت الاستيفاء من وجه وقد تقرر بالهلاك

ص: 146

فلو استوفى الدين بعده يؤدي إلى الربا؛ لأنه يكون استيفاء ثانيا ولا يلزم ذلك حال قيام الرهن؛ لأن الاستيفاء الأول ينقضي بالرد على الراهن فلا يتكرر.

ونوقش هذان الدليلان: بأن المرتهن إنما صار مستوفيا بملك اليد لا بملك الرقبة، وقد بقي حقه في ملك الرقبة فكان له أن يستوفيه ليأخذ حقه كاملا وصار مستوفيا بالمالية دون العين فيكون له الاستيفاء ثانيا ليأخذ حقه في العين كاملا.

وأجيب عن ذلك: بأنه لا وجه إلى استيفاء الباقي، وهو ملك الرقبة بدون ملك اليد أو ملك العين بدون ملك المالية، إذ لا يتصور ذلك فيسقط للضرورة كما إذا استوفى زيوفا مكان الجياد، فإن حقه في الجودة يبطل؛ لعدم استيفاء الجودة وحدها بدون العين، فإذا لم يملك العين بقي ملك الراهن أمانة في يده فتكون نفقته حيا وكفنه ميتا عليه؛ لأنهما مؤونة الملك، ولو اشتراه المرتهن لا ينوب قبض الرهن عن قبض الشراء؛ لأن عينه أمانة، فلا ينوب قبضه عن قبض المضمون.

وأما القسم الثاني، فمعناه: أن الرهن إن كانت قيمته أقل من الدين رجع المرتهن إلى الراهن فيأخذ منه ما بقي من دينه، وإن كانت قيمة الرهن تساوي الدين لم يرجع المرتهن على الراهن بشيء، وإن كانت قيمة الرهن أكثر من قيمة الدين فإن الزائد يسلمه المرتهن إلى الراهن.

واستدل لهذا بالسنة والأثر والمعنى:

أما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه (1) » . وجه الدلالة أن معنى قوله: «له غنمه» أي: ما زاد من قيمة الرهن على قيمة

(1) سنن ابن ماجه الأحكام (2441) ، موطأ مالك كتاب الأقضية (1437) .

ص: 147

الدين، «وعليه غرمه» أي: ما نقص من قيمة الدين عن قيمة الرهن.

وأجيب عنها بجوابين:

الأول: وقد سبق: أنها مدرجة من كلام سعيد بن المسيب.

الثاني: أن المقصود بالغنم: الغلة والخراج، والمراد بالغرم: الفكاك والمصيبة.

وأما الأثر: فما روي عن علي رضي الله عنه: أنهما يترادان الفضل، أخرجه عبد الرزاق في [المصنف] ، وابن أبي شيبة في [المصنف] من طريق الحكم، وفسر التراد هنا بأنه يكون من الجانبين، فيرجع واحد منهما على صاحبه بالفضل عند الهلاك.

ونوقش بأمرين:

الأول: أن المقصود بالتراد حالة البيع فإنه روي عنه أنه قال: المرتهن أمين في الفضل.

الثاني: ما أخرجه البيهقي من رواية خلاس عن علي: (إذا كان في الرهن فضل فإن أصابته جائحة فالرهن بما فيه، وإن لم تصبه جائحة فإنه يرد الفضل) .

ونوقش هذان الأمران: بأننا لا نسلم أنه في حالة البيع ولا أنه في حالة السلامة؛ لما أخرجه البيهقي من رواية الحارث عن علي رضي الله عنه إذا كان الرهن أفضل من القرض، والقرض أفضل من الرهن - فإنهما يترادان الفضل.

وأما المعنى: فإن الزيادة على الدين مرهونة بكونها محبوسة به، فتكون مضمونة كما في قدر الدين.

ص: 148