الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلاصة
مما تقدم يتبين ما يلي:
أولا: من المعلوم أن الربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع، وأنه لا يجوز للمسلم أن يقدم عليه وهو يعلم أنه ربا، وأن الربا المتحصل له وهو لا يعلم الحكم، بل أقدم على التعامل ظنا منه أنه يجوز ثم قبض الربا واستهلكه أنه لا إثم عليه ولا يجب عليه بذله.
وأما الربا الذي قبضه وهو يعلم أنه ربا فهو آثم وعليه أن يرده لصاحبه إن عرفه، لعموم قوله تعالى:{وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (1)
وإن كان لا يعلم صاحبه، أو يعلمه ولكن تعذر عليه حصوله وحصول من يقوم مقامه شرعا- فإنه يتصدق به، أو يصرفه في المصالح العامة، ومن أخذه من المتصدق به فهو حلال له (2) .
ثانيا: الفوائد الربوية التي لم تقبض، بل هي باقية في البنوك يتولى الإمام قبضها وصرفها في المصالح العامة؛ لأنه إما أن يقال بإبقائها لأصحاب البنوك أو بإحراقها أو بأخذها وصرفها في المصالح العامة والأول لا يصح؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، وأن الثاني لا يصح؛ لأنه إفساد، والله لا يحب الفساد، وتعين الثالث (3) .
ثالثا: اختلف في حكم جريان الربا بين المسلم والحربي:
فذهب أبو حنيفة ومن وافقه إلى جوازه، لقصة العباس وحديث مكحول:«لا ربا بين مسلم وحربي» ، وحديث: «أي دار قسمت في
(1) سورة البقرة الآية 278
(2)
انظر النقول (2- 9) وما بعدها
(3)
انظر النقول (13) وما بعدها
الجاهلية فهي على قسم الجاهلية (1) » ، ولأن مال الحربي مباح للمسلم بدون عقد فبالعقود أولى.
ونوقشت قصة العباس: بأن العباس كان له ربا في الجاهلية من قبل إسلامه، فيكفي حمل اللفظ عليه بتحريمه، فأراد صلى الله عليه وسلم إنشاء هذه القاعدة وتقريرها من يومئذ.
ونوقش حديث مكحول: بأنه مرسل.
وحديث كهذا لا ينبغي أن يكون معارضا للقرآن والسنة والإجماع.
ولو قدرت صحته فيحتمل أن المراد بقوله: «لا ربا (2) » النهي عن الربا، كقوله تعالى:{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (3)
ونوقش القياس بالمنع ولو فرض ارتفاع الأمان لم يصح الاستدلال؛ لأن الحربي إذا دخل دار الإسلام يستباح ماله بغير عقد ولا يستباح بعقد فاسد. ثم ليس كل ما يستباح بغير عقد يستباح بعقد فاسد، كالفروج تستباح بالسبي ولا تستباح بالعقد الفاسد.
وذهب مالك والإمام أحمد وأبو يوسف ومحمد بن الحسن والأوزاعي والشافعي وإسحاق ومن وافقهم من الفقهاء: إلى أن حكم الربا بين المسلم والحربي كحكمه بين المسلم والمسلم.
ومن الحجة لذلك قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (4) وقوله: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (5) إلى غير ذلك من الأدلة.
ولعموم الأخبار المقتضية لتحريم التفاضل، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من زاد أو ازداد فقد أربى (6) » ، ولأن ما كان محرما في دار الإسلام كان محرما في دار
(1) موطأ مالك الأقضية (1465) .
(2)
سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن (3087) ، سنن ابن ماجه المناسك (3055) .
(3)
سورة البقرة الآية 197
(4)
سورة البقرة الآية 275
(5)
سورة البقرة الآية 275
(6)
صحيح مسلم المساقاة (1587) ، سنن الترمذي البيوع (1240) ، سنن النسائي البيوع (4561) ، سنن أبو داود البيوع (3349) ، مسند أحمد بن حنبل (5/314) ، سنن الدارمي كتاب البيوع (2579) .
الحرب، كالربا بين المسلمين (1) .
وبالله التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) انظر النقول من (27- 34) .