المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ رددت أمر المسلمين إليك فدبرهم برأيك، واتق الله الذي إليه معادك، فقد أخرجت من رقبتي ذلك - الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

[الزبير بن بكار]

فهرس الكتاب

- ‌«أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ أَشْرَكَهُ اللَّهُ فِي سُلْطَانِهِ فَجَارَ فِي حُكْمِهِ» .قَالَ الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ:

- ‌«مَنْ تَعَرَّضَ لِلْتُهْمَةِ فَلا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ، وَمَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَ الْخِيَارُ إِلَيْهِ، وَمَنَ أَفْشَاهُ كَانَ

- ‌ هَذَا وَالِدِي حَقًّا…وَمَا كُنْتُ بِهِ عَقًّابَذَلْتُ الْمَالَ فِي رِفْقٍ…وَمَا كُنْتُ بِهِ نَزْقًافَلَمَّا خَفَّ مِنْ مَالِي

- ‌«أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ»

- ‌ مَا تَصْنَعُ بِعَهْدِي يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: أَتَّخِذَهُ إِمَامًا وَلا أَعْصِيهِ.قَالَ: ارْدُدْ عَلَيَّ عَهْدِي.قَالَ: تَعْزِلُنِي

- ‌ خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فِي غَزْوَةِ إِفْرِيقِيَّةَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ جُرْجِيرَ مَلِكِ الْغَرْبِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ

- ‌ قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، فَقَالَتْ عَائِشَةُ:فَإِنْ تَكُ نَاعِيًا فَلَقَدْ نَعَاهُ…نَعِيٌّ لَيْسَ فِي فِيهِ

- ‌ حَضَرَ قَوْمٌ مِنْ قُرَيشٍ مَجْلِسَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أَمَيَّةَ

- ‌ أَلَسْتَ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ؟ ، قَالَ: لا، وَلَكِنَّنِي مِمَّنْ حَضَرَهُ فَلَمْ يَنْصُرْهُ.قَالَ: وَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِهِ؟ قَالَ: لَمْ

- ‌ فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ جَوَارِيهِ، فَقَالَ لَهُنَّ: تُغَنِّيِنَّ لِمَعْبَدٍ؟ فَفَعَلْنَ.فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَذَا الْحِدَاءُ.فَقَالَ لَهُنَّ:

- ‌ لا تَنْتَفِيَنَّ مِنْ وَلَدٍ نَكَحْتَ أُمَّهُ، وَاعْلَمْ أَنْ كُلَّ أَمَانَةٍ مُؤَدَّاةٌ، وَأَنَّ الرَّغَائِبَ فِي رَكْعَتِي

- ‌«مَنْ كَثُرَ مَالُهُ اشْتَدَّ حِسَابُهُ، وَمَنْ كَثُرَ تَبَعُهُ كَثُرَ شَيْاطِينُهُ، وَأَنَّ الْعَبْدَ كُلَّمَا ازْدَادَ مِنَ السُّلْطَانِ قُرْبًا

- ‌ لَمَّا ادَّعَى مُعَاوِيَةُ زِيَادًا، وَآثَرَ عَمْرَو بْنِ الْعَاصِ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَرَّبَهُمَا دُونَهُمْ جَزِعَ بَنُو أُمَيَّةَ مِنْ ذَلِكَ

- ‌ دَفْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، قَامَ عَلِيٌّ عَلَى الْقَبْرِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:لُكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ

- ‌«رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا وَمَا مَلَكَ، لَوْ كَانَ مِنْ جَبَلٍ لَكَانَ فِنْدًا، أَوْ مِنْ حَجَرٍ لَكَانَ صَلْدًا، عَلَى مِثْلِ مَالِكٍ فَلْتَبْكِ

- ‌ أُتِيُ عُمَرُ بِبُرُودٍ، فَقَالَ لِلَّذِي أَتَاهُ بِهَا: أَخْرِجْ لِي خَيْرَهَا وَشَرَّهَا، ثُمَّ قَالَ: عَلَيَّ بِالْحَسَنِ، فَلَمَّا أَتَاهُ دَفَعَ

- ‌ وَلِينَاكُمْ قَرِيبًا، وَعَدْلُنَا عَلَيْكُمْ خَيْرٌ مِنْ خُطَبِنَا فِيكُمْ، وَإِنْ أَعِشْ يَأْتِكُمُ الْكَلامُ عَلَى جِهَتِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌ رَدَدْتُ أَمْرَ الْمُسِلِمِينَ إِلَيْكَ فَدَبِّرْهُمْ بِرَأْيِكَ، وَاتَّقِ اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ مَعَادُكَ، فَقَدْ أَخْرَجْتُ مِنْ رَقَبَتِي ذَلِكَ

- ‌ مَا نُطْعِمُكَ يَا ابْنَ حَسَّانٍ؟ قَالَ: سَمَكًا.قَالَ: فَمَا نَسْقِيكَ؟ قَالَ: سَوِيقًا.فَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الأَهْتَمِ

- ‌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَسَّانٍ كَانَ يُشَبِّبُ بِابْنَةِ مُعَاوِيَةَ، وَيَذْكُرُهَا فِي شِعْرِهِ، فَقَالَ النَّاسُ لِمُعَاوِيَةَ: لَوْ جَعَلْتَهُ

- ‌ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ: أَطَعَامُ يَدٍ أَمْ طَعَامُ يَدَيْنِ؟ قَالَ: فَإِذَا قَالَ لَهُ: طَعَامُ يَدَيْنِ.لَمْ يَأْكُلْ، وَهُوَ الشِّوَاءُ

- ‌ فَلَمَّا أَهْذَرَا فِي التَّهَاجِي وَأَفْحَشَا، كَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَهُوَ الْخَلِيفَةُ يَوْمَئِذٍ إِلَى سَعِيدِ بْنِ

- ‌ أَهْدَى الْمُقَوْقِسُ صَاحِبُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَارِيَةَ ابْنَةَ شَمْعُونَ

- ‌ لَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ كَلَّمَ أَهْلُ مَكَّةَ عُثْمَانَ بْنَ شَيْبَةَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُمْ حَتَّى

- ‌ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ، وَكَانَ رَجُلا مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الشَّامِ، قَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، عَلَى مَا

- ‌«أُوصِي مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَصَدَّقَنِي بِوِلايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، مَنْ تَوَلاهُ فَقَدْ تَوَلانِي، وَمَنْ تَوَلانِي فَقَدْ تَوَلَّى

- ‌ خَذَلَنِي النَّاسُ، حَتَّى وَلَدِي وَأَهْلِي، فَلَمْ يَبْقَ مَعِي إِلا الْيَسِيرُ مِمَّنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنَ الدَّفْعِ أَكْثَرَ مِنْ صَبْرِ

- ‌ ابْنِنَا عِنْدَكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا، وَأَحْسِنْ إِلَيْنَا فِي فِدَائِهِ، فَإِنَّا سَنَرْفَعُ لَكَ فِي الْفِدَاءِ.قَالَ: «مَنْ هُوَ»

- ‌ زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلاتَهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِهِ

- ‌ لَمَّا هَاجَرَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كَلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ "، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَمَّا عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو

- ‌«اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَبِقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي مَا كَانَتِ الْوَفَاةُ

- ‌ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الَّتِي أَخْرَجَتْهَا عَادَةُ الْمِرَاءِ وَالضَّلالَةِ، وَصَدَفَ بِهَا عَنِ الْحَقِّ الْهَوى وَالزَّيْغُ، إِنِّي نَذِيرٌ

- ‌ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ لَهُ: يَا خِبْثَةُ، شَيْخًا جَوَّالا فِي الْفِتَنِ، مَعَ أَبِي تُرَابٍ مَرَّةً، وَمَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ

- ‌ النَّاسَ قَدْ رَفَعَوا أَعْيُنَهُمْ وَمَدُّوا أَعْنَاقَهُمِ إِلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْ نَظَرْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فِيهِ لُوْثَةٌ

- ‌«لا قَوَدَ إِلا بِالسَّيْفِ» ، وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ.ثُمَّ قَالَ لِشَرِيكٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَلَمْ يَقْتُلْهُ ثُمَّ ثَنَّى فَلَمْ

- ‌«إِنْ لَمْ تَجَدْ مِنْ صُحْبَةِ الرِّجَالِ بُدًّا، فَعَلَيْكَ بِمَنْ إِنْ صَحِبْتَهُ زَانَكَ، وَإِنْ خَفَضْتَ لَهُ صَانَكَ، وَإِنْ وَعَدَكَ لَمْ

- ‌ أَخْبِرْنَا عَنَّا وَعَنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ

- ‌ أَلا تَخَافُ أَنْ تُؤْتَى مِنْ قِبلِ ظَهْرِكَ؟ فَيَقُولُ: إِذَا أَمْكَنْتُ عَدُوِّي مِنْ ظَهْرِي فَلا أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ إِنْ أَبْقَى

- ‌ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ، أَلا وِإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أُصِيبَ رحمه الله، وَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُهُ، أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كَانَ

- ‌«فَخْمًا مُفَخَّمًا، يَتَلأْلأُ وَجْهُهُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَطْولَ مِنَ الْمَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ

- ‌ الْخَطِّ، فَقَالَ: «عِلْمٌ أُوتِيَهُ نَبِيٌّ، فَمَنْ وَافَقَ عِلْمُهُ عِلْمَ ذَلِكَ النَّبِيِّ فَقَدْ عَلِمَ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْهُ فَقَدْ

- ‌ اشْتَرَكَ ثَلاثَةٌ فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ، فَوَلَدَتْ، فَجَاءَتْ بِغُلامٍ، فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ يَدَّعِيهِ، فَدَعَا عُمَرُ بْنُ

- ‌ ثَلاثَةَ نَفَرٍ تَقَدَّمُوا إِلَيْهِ، وَقَدِ اشْتَرَكُوا فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ، فَقَالَ: أَنْتُمْ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ، وَقَدْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ

- ‌«طَعْامَانِ وَشَرَابَانِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ، لا حَاجَةَ لِي بِهِ، وَإِنْ كُنْتُ لا أُحُرِّمُهُ، وَلَكِنْ أُحِبُّ أَنْ يَرَانِي اللَّهُ

- ‌«تُوشِكُونَ أَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ، وَيَرُوحُ فِي أُخْرَى، وَأَنْ يُغْدَا عَلَى أَحَدِكُمْ بِجَفْنَةِ، وَيُرَاحُ عَلَيْهِ بِأُخْرَى

- ‌«مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ» ؟ فَسَكَتُّ، حَتَّى أَعَادَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: «فَلَعَلَّكَ تُرِيدُ

- ‌«يَأْتِي الأَنْصَارَ فِي دُورِهِمْ فَيَدْعُو لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ، فَيُذَكِّرُهُمْ وَيُحَذِّرُهُمْ وَيُنْذِرُهُمْ، وَيَأْتُونَهُ

- ‌ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ، فِيهِمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَسَعِيدُ

- ‌«إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثَلاثًا، فَإِنْ زَنَتِ الرَّابِعَةَ فَلْيَبِعْهَا، وَلَوْ بِضَفِيرٍ مِنْ

- ‌ مَرْوَانَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ أَمَرَ لِلْنَاسِ بِنِصْفِ عَطَائِهِمْ.وَقَالَ: إِنَّ الْمَالَ قَصَّرَ، وَقَدْ أَمَرْتُ لَكُمْ بِالنِّصْفِ

- ‌ أَجْوَدُ النَّاسِ حَيًّا وَمَيَّتًا حَاتِمٌ.قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ قُرَيْشٍ لَيُعْطِي فِي مَجْلِسٍ

- ‌ مَاوِيَّةَ بِنْتَ عَفْزَرَ كَانَتْ مَلِكَةً، وَكَانَتْ تَتَزَوَّجُ مَنْ أَرَادَتْ، وَأَنَّهَا بَعَثَتْ غِلْمَانًا لَهَا، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يَأْتُوهَا

- ‌ أَنَا لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» .قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا حَدِيثُ أَبِي زَرْعٍ وَأُمِّ زَرْعٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

- ‌ دَخَلَ عَمْرُو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الزُّبَيْدِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعِنْدَهُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادِ، وَشَرِيكُ بْنُ الأَعْوَرِ

- ‌ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَحْمَدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فِي الْكِتَابِ الأَوَّلِ، صَدَقَ صَدَقَ، ثُمَّ قَالَ:

- ‌«مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»

- ‌«كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ»حَدَّثَنِي أَخِي هَارُونُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ

- ‌ مِنْكُمْ لَمَنْ سَبَقَنِي فَرَأَى قَبْلِي، وَرَأَيْتُ بَعْدَهُ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ خَصَاصَةً إِلا أَلْصَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

- ‌ هَزَزْتُ ذَوَائِبَ الرِّجَالِ إِلَيْكَ، إِذْ لَمْ أَجَدْ مُعَوَّلا إِلا عَلَيْكَ، وَمَا زِلْتُ أَسْتَدِلُّ الْمَعْرُوفَ عَلَيْكَ، وَأَجْعَلُ

- ‌«لا يَبْعُدَنَّ ابْنُ هِنْدٍ إِنْ كَانَتْ فِيهِ لَمَخَارِجُ لا تَجِدُهَا فِي أَحَدٍ بَعْدَهُ، وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَنُفَرِّقُهُ فَيَتَفَارَقُ

- ‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ وِالأَمْرُ، وَمُلْكُ الدُّنْيَا وَالَآخِرَةِ، يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يُشَاءُ، وَيَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ

- ‌«الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ، مَا أَنَكْرَنْا إِمْرَةَ الأَنْصَارِ، وَلَكَانُوا لَهَا أَهْلا، وَلَكِنَّهُ قَوْلٌ لا شَكَّ فِيهِ وَلا خيَارَ

- ‌ النِّعْمَةَ إِذَا حَدَثَتْ حَدَثَ لَهَا حُسَّادٌ حَسْبُهَا وَأَعْدَاءٌ قَدْرُهَا، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحْدِثْ لَنَا نِعَمًا لِيُحْدِثَ لَهَا حُسَّادٌ

- ‌ أُتِي عُمَرُ بَجَوْهَرِ كِسْرَى، وُضِعَ فِي الْمَسْجِدِ، فَطَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَصَارَ كَالْجَمْرِ، فَقَالَ لِخَازَنِ بَيْتِ الْمَالِ:

- ‌ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام يَسْتَشْفِعُ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: «حَمَّالُ الْخَطَايَا! لا وَاللَّهِ لا أَعُودُ

- ‌ يَخْطُبُ، فَأَكَبَّ النَّاسُ حْوَلَهُ، فَقَالَ: «اجْلِسُوا يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ» ! فَصَاحَ بِهِ طَلْحَةُ: «إِنَّهُمْ لَيْسُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ

- ‌ أَمَا لِكِتَابِ اللَّهِ نَاشِدٌ غَيْرُكَ» ! فَجَلَسَ، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ: «اجْلِسْ» ، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ

- ‌ زِنْبَاعَ بْنَ رَوْحِ بْنِ سَلامَةَ الْجُذَامِيَّ يَعْشُرُ مَنْ يَمُرُّ بِهِ لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، قَالَ: فَعَمَدْنَا إِلَى مَا مَعَنَا

- ‌«كَيْفَ عِلْمُكَ بِمُضَرَ» ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعَلَمُ النَّاسِ بِهِمْ.تَمِيمٌ هَامَتُهَا وَكَاهِلُهَا الشَّدِيدُ الَّذِي

- ‌«أَجِيزُوا بَطْنَ عَرَفَةَ، فَإِنَّمَا هُمْ إِذْ أَسْلَمُوا إِخْوَانُكُمْ» .قَالَ: " فَعَلَّمَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ أَذِنَ عُمَرُ لِلنَّاسِ فَدَخَلَ عَمْرُو بْنُ برَاقَةَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا يَعْرُجُ، فَأَنْشَدَ أَبْيَاتًا، يَقُولُ فِيهَا:مَا إِنْ

- ‌ يُعْطِي الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ، فَقَالَ لَهُ: فُرَاتُ، مَنِ الَّذِي يَقُولُ: "الْفَقْرُ يُزْرِي بِالْفَتَى فِي قَوْمِهِ

- ‌ أَشْعَرَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى، وَكَانَ أَشْعَرَ أَهْلِ الإِسْلامِ ابْنُهُ كَعْبٌ، وَمَعْنُ بْنُ أَوْسٍ "عَنِ

- ‌«قُلْ شِعْرًا تَقْتَضِيهِ السَّاعَةُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ» .ثُمَّ أَبَدَّهُ بَصَرُهُ، فَانْبَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، يَقُولُ:إِنِّي

- ‌ لا تَزِيدُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ عَلَى أَرْبَعِينَ أُوْقِيَّةٍ، وَلَوْ كَانَتْ بِنْتُ ذِي الْغُصَّةِ، يَعْنِي يَزِيدَ بْنَ الْحُصَيْنِ

- ‌ أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ زَوْجِي يَصُومُ النَّهَارَ

الفصل: ‌ رددت أمر المسلمين إليك فدبرهم برأيك، واتق الله الذي إليه معادك، فقد أخرجت من رقبتي ذلك

123 -

حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَمَّليُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ يَوْمًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ ثَلاثَ حَوَائِجَ، قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَمَّا أُولاهُنَّ فَتُقِيمُ جُلَسَاءَكَ، قَالَ: فَأَمَرَهُمْ فَقَامُوا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلا تَغْضَبْ.

قَالَ: وَلا أَغْضَبُ.

قَالَ: وَمَا الثَالِثَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ كُلَّ مَنْ وَرَاءَ بَابِكَ مَقْتُولٌ مَقْهُورٌ.

قَالَ: فَغَضِبَ.

فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ ضَمِنْتَ أَنْ لا تَغْضَبَ.

قَالَ: فَلا أَغْضَبُ إِذًا.

وَأَخْرَجَ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ، فَقَالَ قَدْ‌

‌ رَدَدْتُ أَمْرَ الْمُسِلِمِينَ إِلَيْكَ فَدَبِّرْهُمْ بِرَأْيِكَ، وَاتَّقِ اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ مَعَادُكَ، فَقَدْ أَخْرَجْتُ مِنْ رَقَبَتِي ذَلِكَ

.

فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْتَ ابْنُ عِمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وَابْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أُدَبِّرُ أَنَا الْخِلافَةَ؟ قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: قُلْتُ: تَرْفَعُ حُجَّابِكَ، وَتَطْرَحُ أَبَدًا عَلَى بَابِكَ، فَلا يَجِيءُ أَحَدٌ مُتَظَلِّمٌ مِنْ عَامِلٍ مِنْ عُمَّالِكَ إِلَى بَلَدٍ مِنَ الْبِلْدَانِ، تَصَحُّ عِنْدَكَ ظَلامَتُهُ إِلا أَمَرْتَ، فَجِيءَ بِهِ مَسْحُوبًا مَاشِيًا إِلَى بَابِكَ فَأَنْصَفْتَهُ مِنْهُ، قَالَ: فَأَطْرَقَ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ، فَمَا أَمْكَنَنَا، وَلا أُعِنَّا عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اجْعَلْهُ أَكْبَرَ شُغْلِكَ، فَإِنَّكَ تُدْرِكُهُ.

قَالَ: أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْمَعُونَةَ عَلَى ذَلِكَ "

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: " وَفِدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ قَاضِي الْبَصْرَةِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيِّ فَتَكَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَبَيْنَا شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ يُغَدِّي أَصْحَابَهُ، إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، يَقُولُ لَهُ: ايتِنِي السَّاعَةَ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَتِمُّوا غَدَاكُمْ، وَرَكِبَ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ تَكَلَّمْتَ الْيَوْمَ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ حَاضِرٌ، فَأُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَهُ عَسَى أَنْ يَجْرِيَ لِي ذِكْرٌ، فَتَنْظُرَ هَلْ أَعْجَبَهُ كَلامِي.

قَالَ شَبِيبٌ: فَجِئْتُهُ وَقَالَ: تَكَلَّمَ صَاحِبُكُمُ الْيَوْمَ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.

فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا سَمِعْتَ؟ قَالَ: رَسَائِلُ غَيْلانَ، وَمَوَاعِظُ الْحَسَنِ، وَنَسْجٌ بَيْنَ ذَلِكَ مُمَلَّحٌ

حَدَّثَنِي الْعُتْبِيُّ، قَالَ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا اسْتُبِينَ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله وَحِرْصِهِ عَلَى الْعِلمِ، وَرَغْبَتِهِ فِي الأَدَبِ، أَنَّ أَبَاهُ وَلِيَ مِصْرَ، وَهُوَ حَدِيثُ السِّنِّ يُشَكُّ فِي بُلُوغِهِ، فَأَرَادَ إِخْرَاجَهُ مَعَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَهْ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ أَنْفَعَ لِي وَلَكَ أَنْ تُرْسِلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَقْعُدُ إِلَى فُقَهَاءِ أَهْلِهَا، وَأَتَأَدَّبُ بِأَدَبِهِمْ.

ص: 75

فَوَجَّهَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَعَدَ مَعَ مَشَايِخِ قُرِيشٍ، وَتَجَنَّبَ شَبَابَهُمْ، وَجَاءَتْهُ أَلْطَافُ أَبِيهِ مِنْ مِصْرَ، فَجَعَلَ يُقَسِّمُهَا بَيْنَهُمْ، فَشَهَرَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِعِلْمِهِ، وَعَقْلِهِ مَعْ حَدَاثَةِ سِنِّهِ، فَحَسَدَهُ فَتْيَانُ قُرَيشٍ، فَقَعَدُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَبَا حَفْصٍ؟ فَقَالَ: مَهْلا إِيَّايَ وَكَلامَ الْمَجَعَةِ، فَشُهِرَتْ مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى كُتِبَ بِهَا إِلَى أَبِيهِ بِمِصْرَ، وَالْمَجَعَةُ الْقَلِيلَةُ عُقُولُهُمْ، الضَّعِيفَةُ آرَاؤُهُمْ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ عِنْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ، فَخَلَطَهُ بِوَلَدِهِ، وَقَدَّمَهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهُمْ، وَزَوَّجَهُ بِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، وَهَيِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا الشَّاعِرُ:

بِنْتُ الْخَلِيفَةِ وَالْخَلِيفَةُ جَدُّهَا

أُخْتُ الْخَلائِفِ وَالْخَلِيفَةُ زَوْجُهَا

فَلَمْ تَكُنِ امْرَأَةٌ تَسْتَحِقُّ هَذَا الْبَيْتَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا غَيْرَهَا، وَكَانَ الَّذِينَ يَعيِبُونَ عُمَرَ مِمَّنْ يَحْسُدُهُ لا يَعِيبُونَهُ إِلا بِشَيْئَيْنِ: بِالْإِفْرَاطِ فِي النِّعْمَةِ، وَالِاخْتِيَالِ فِي الْمِشْيَةِ، وَلَوْ كَانُوا يَجْدُونَ ثَالِثًا لَجَعَلُوُهُ مَعْهُمَا، وَهُوَ قُولُ الأَحْنَفِ: الْكَامِلُ مَنْ عُدِّتْ هَفَوَاتُهُ، وَلا تُعَدُّ إِلا مِنْ قِلَّةٍ.

فَدَخَلَ يَوْمًا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ يَتَجَانَفُ فِي مِشْيَتِهِ.

فَقَالَ لَهُ: يَا عُمَرُ مَالَكَ تَمْشِي غَيْرَ مِشْيَتِكَ؟ قَالَ: إِنَّ بِي جُرْحًا.

قَالَ: وَفِي أَيِّ جَسَدِكَ؟ قَالَ: بَيْنَ الرَّانِفَةِ وَالصَّفَنِ.

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لرَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَوْ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِكَ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا لَمَّا أَجَابَ هَذَا الْجَوَابَ

حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ مَالِكُ بْنُ عُمَارَةَ اللَّخْمِيُّ: " كُنْتُ أُجَالِسُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، وَقَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ، وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَكُنَّا نَخُوضُ فِي فُنُونِ الأَحَادِيثِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ، فَكُنْتُ لا أَجِدُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ مِثْلَمَا أَجِدُهُ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، مَنِ اتِّسَاعِهِ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَتَصَرُّفِهِ فِي فُنُونِ الْعِلْمِ، وَحُسْنِ اسْتِمَاعِهِ إِذَا حُدِّثَ، وَحَلاوةِ لَفْظِهِ إِذَا حَدَّثَ، فَخَلَوْتُ بِهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَمَسْرُورٌ بِمَا أُشَاهِدُهُ مِنْ كَثْرَةِ تَصَرُّفِكَ، وَحُسْنِ حَدِيثِكَ، وَإِقْبَالِكَ عَلَى جَلِيسِكَ، فَقَالَ لِي: إِنَّكَ إِنْ تَعِشْ قَلِيلا سَتَرَى الْعُيُونَ إِلَيَّ طَامِحَةً، وَالأَعْنَاقَ إِلَيَّ قَاصِدَةً، فَلا عَلَيْكَ أَنْ تُعْمِلَ إِلَيَّ رِكَابَكَ، فَلأَمْلأَنَّ يَدَيْكَ.

قَالَ مَالِكٌ: فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَيْهِ الْخِلافَةُ أَتَيْتُهُ، فَرَأَيْتُهُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا وَقَعَتْ عَيْنَاهُ عَلَيَّ بَسَرَ فِي وَجْهِي، فَقُلْتُ: لَمْ يُثْبِتْنِي مَعَرِفَةً، أَوْ عَرَفَنِي فَأَظْهَرَ لِي نُكْرَةً.

ص: 76

لَكِنِّي لَمْ أَبْرَحْ مَكَانِي حَتَّى قَضَى الصَّلاةَ، وَدَخَلَ، فَمَا هُوَ إِلا أَنْ دَخَلَ إِذْ خَرَجَ آذِنُهُ، فَقَالَ: أَيْنَ مَالُكُ بْنُ عُمَارَةَ اللَّخْمِيُّ؟ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآنِي مَدَّ يَدَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: إِنَّكَ تَرَائَيْتَ لِي بِمَوْضِعٍ لَمْ يَجُزْ فِيهِ إِلا مَا رَأَيْتَ مِنَ الإِعْرَاضِ وَالانْقِبَاضِ، فَأَمَّا الْآنَ فَأَهْلا بِكَ وَمَرْحَبًا، كَيْفَ كُنْتَ بَعْدَنَا؟ وَكَيْفَ كَانَ مَسِيرُكَ؟ فَقُلْتُ: بِخَيرٍ وَعَلَى مَا يُحِبُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ، قَالَ: أَتَذْكُرُ مَا كُنْتُ قُلْتُ لَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَهُوَ الَّذِي أَعْمَلَنِي إِلَيْكَ.

فَقَالَ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا هُوَ بِمِيرَاثٍ ادَّعَيْنَاهُ، وَلا أَثَرٍ وَعَيْنَاهُ، وَلَكِنِّي أُحَدِّثُكَ عَنْ يَقِينِي بِخِصَالٍ سَمَتْ لَهَا نَفْسِي إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنَا فِيهِ، مَا لاحيْتُ ذَا وُدٍّ، وَلا ذَا قَرَابَةٍ، وَلا قَصَدْتُ لِكَبِيرةٍ مِنْ مَحَارِمَ اللَّهِ عز وجل وَاثِبًا عَلَيْهَا، وَلا مُتَلَذِّذًا بِهَا، وَكُنْتُ مِنْ قُرَيشٍ فِي بَيْتِهَا، وَمِنْ بَيْتِهَا فِي وَسَطِهِ، وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرْفَعَ اللَّهُ مِنِّي وَقَدْ فَعَلَ.

ثُمَّ قَالَ: يَا غُلامُ بَوِّئْهُ مَنْزِلا فِي الدَّارِ.

فَأَخَذَ الْغُلامُ بِيَدِي، وَقَالَ: قُمْ إِلَى رَحْلِكَ إِذَا شِئْتَ، فَكُنْتُ فِي أَخْفَضَ حَالٍ، وَأَنْعَمَ بَالٍ، وَحَيْثُ أَسْمَعُ كَلامَهُ، وَيَسْمَعُ كَلامِي، حَتَّى إِذَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ أَوْ عَشَاؤُهُ، أَوْ قَعَدَ لِبِطَانَتِهِ، أَتَانِي الْغُلامُ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ صِرْتَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ جَالِسٌ.

فَأَمْشِي إِلَيْهِ بِلا حِذَاءٍ وَلا رِدَاءٍ، فَيَرْفَعُ مَجْلِسِي، وَيَقْبَلُ مُحَادَثَتِي، وَيَسْأَلُنِي عَنِ الْعِرَاقِ مَرَّةً، وَعَنِ الْحِجَازِ أُخْرَى، حَتَّى إِذَا مَضَتْ لِي عِنْدَهُ عِشْرُونَ لَيْلَةً تَغَذَّيْتُ فِي آخِرِهَا يَوْمًا عِنْدَهُ، فَلَمَّا قَامَ مَنْ حَضَرَهُ، وَنَهَضْتُ لِأَنْ أَقُومَ، قَالَ: عَلَى رِسْلِكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، أَيُّ الأَمْرَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ الْمُقَامُ عِنْدَنَا، فَلَكَ النَّصَفَةَ فِي الْمُحَالَفَةِ وَالْعَشِيرَةِ مَعَ الْمُوَاسَاةِ، أَمِ الشُّخُوصُ فَلَكَ الْحِبَاءُ وَالْكَرَامَةُ.

قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَارَقْتُ أَهْلِي عَلَى أَنِّي زَائِرٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ أَمَرَنِي بِالْمُقَامِ اخْتَرْتُ فِنَاءَهُ عَلَى الأَهْلِ وَالْوَلَدِ.

قَالَ: لا، بَلْ أَرَى لَكَ الرُّجُوعَ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ مُتَطَلِّعُونَ إِلَى رُؤْيَتِكَ، فَتُحْدِثُ بِهِمْ عَهْدًا، أَوْ يُحْدِثُونَ بِكَ مِثْلَهُ، وَالْخَيارُ بَعْدُ فِي زِيَارَتِنَا أَوِ الْمُقَامِ فِيهِمْ إِلَيْكَ، وَقَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَكَسَوْنَاكَ وَحَمَلْنَاكَ، أَتُرَانِي مَلَأتُ يَدَيْكَ أَبَا نَصْرٍ؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَرَاكَ ذَاكِرًا لِمَا وَأَيْتَ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ.

قَالَ: أَجَلْ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَذْكُرُ إِذَا وَعَدَ، وَيَنْسَى إِذَا أَوْعَدَ.

وَدِّعْ إِذَا شِئْتَ، صَحِبَتْكَ السَّلامَةُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ جَمِيعَ مَا أَمَرَ لِي بِهِ فِي يَوْمِي، ثُمَّ وَدَّعْتُهُ، فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ

ص: 77

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّمِيمِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْحَدْثَانِ، عَنِ الْمُتَوَكِّلِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ يَعْمُرَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ، قَالَ: " خَرَجْتُ أُرُيدُ الشَّامَ، فَصَحِبَنِي رَجُلٌ قَصِيرُ الْقَامَةِ، ذَلِقُ اللَّسَانِ جَهُورِيُّهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ تَعْمَدُ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: فَهَلا سَأَلْتَ عَنِ الاسْمِ وَالنَّسَبِ؟ قَالَ عُرْوَةُ: فَقُلْتُ: فِي الْإِسْلامِ كَافٍ، وَالْمُسْلِمُونَ إِخْوَةٌ، وَأَكْرَهُ التَّفْتِيشَ.

فَأمَّا سَأَلْتُ رَجُلا فَخَبَّرَنِي وَصَدَقَ، فَأَطَّلِعُ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى مَا يَكْرَهُ، وَأَمَّا كَذِبَ فَأَثِمَ.

فَقَالَ: إِنَّكَ لَمُوَفَّقٌ مُسَدَّدٌ إِنْ شَاءِ اللَّهُ، أُرِيدُ ابْنَ مَرْوَانَ، فَإِنْ أَمْكَنَتْنِي مِنْهُ قُدْرَةٌ كَانَ لِي وَلَهُ شَأْنٌ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِمُخَيَّلٍ أَنْ تَكُونَ حَرُورِيًّا، وَمَا زَيُّكَ بِزَيِّهِمْ.

قَالَ: فَضَحِكَ.

قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّ طَالِبَ الأَحَنِ وَالثَّأْرِ يَتَنَكَّرُ.

قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: لَيْسَتْ بِكَ مِنِّي حِشْمَةٌ أَلْقِهَا عَنِّي وَعَنْكَ، أَخْبِرْنِي: مَا قِصَّتُكَ، ومَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَخْبِرْنِي أَنْتَ أَوَّلا.

قُلْتُ: أَنَا عُرْوَةُ بْنُ يَعْمُرَ اللَّيْثِيُّ، خَرَجْتُ أُرِيدُ عَبْدَ الْمَلِكِ مُدْلِيًا إِلَيْهِ بِإِخَاءٍ وَمَوَدَّةٍ كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مُنْذُ دَهْرٍ.

قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنْ هَذَا الأَمْرِ الَّذِي جَنَّتْ عَلَيْهِ الْقُلُوبُ، وَقُطِّعَتْ أَعْنَاقُ الإِبِلِ، إِنَّهُ لَدَائِمُ الْعَهْدِ، عَالِمٌ بِالْجَمِيلِ، غَيْرَ أَنَّ فِي يَدِهِ بَعْضَ الْكُزَازِ، وَهُوَ الْحَزْمُ.

يَا أَخَا بَنِي لَيْثٍ، أَتَدْرِي مَنِ الْقَائِلُ:

أَعَاذِلُ مَا يُغْنِي عَنِ الْمَرْءِ مَالُهُ

إِذَا جُعِلَتْ دُونَ التَّرَاقِي تَطَلَّعُ

وَحَشْرَجَ وَالنِّسْوَانُ يَبْكِينَ حَوْلَهُ

يَقُلْنَ أَبُونَا هَالِكٌ فَمُوَدِّعُ

وَعَايَنَ أَمْرًا مُفْضِعًا ضَاقَ صَدْرُهُ

فَأَجْهَشَ يَبْكِي تَارَةً وَيُرَجِّعُ

أَلا لا أَرَى شُحًّا يُخَلِّدُ أَهْلَهُ

وَكُلُّ خَدُوعٍ مَرَّةً سَوْفَ يُخْدَعُ

وَخَيْرُ عَتَادِ الْمَرْءِ تَقْوًى وَمَنْ يَحِدْ

عَنِ الْمَوْتِ يَوْمًا لا مَحَالَةَ يُصْرَعُ

فَلا تَكُ هَيَّابًا إِذَا الْحَرْبُ أَحْسَمَتْ

وَظَلَّتْ لَهَا الأَبْطَالُ تَعْرَى وَتَخْضَعُ

قَالَ عُروَةُ: قُلْتُ: لا وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَنْ يَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ.

قَالَ: فَإِنِّي قَائِلُهَا.

فَقُلْتُ: وَمَنْ أَنْتَ: قَالَ: الضَّحَّاكُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ مَالِكٍ الْعَدَوِيُّ.

قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَرَّبَكَ اللَّهُ وَحَيَّاكَ، قَدْ عَرَفْتُ النَّسَبَ.

فَأَيْنَ تَعْمَدُ؟ وَمَا الْحَاجَةُ الَّتِي تُرِيدُ؟ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْلِبَ لَنَا خَيْرًا، أَوْ يَدْفَعَ بِنَا شَرًّا.

ص: 78

قَالَ: أُرِيدُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ لِمِثْلِ مَا تُرِيدُهُ، غَبَرْتُ أَنَا وَعَبْدُ الْمَلِكِ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِنَا لا نَفْتَرِقُ لَيْلا وَلا نَهَارًا، إِلا أَنْ يَذْهَبَ مِنَّا رَجُلٌ إِلَى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ يَئُوبُ إِلَى مَجْلِسٍ لَنَا نَتَذَاكَرُ فِيهِ أَيَّامَ الْعَرَبِ، وَفُنُونَ الأَحَادِيثِ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَعَنَا فِي الْمَجْلِسِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيبٍ، فَكُنْتُ لا أَجِدُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَا أَجِدُ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فِي اتِّسَاعِهِ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَتَصَرُّفِهِ فِي فُنُونِ الْعِلْمِ، وَحُسْنِ اسْتِمَاعِهِ إِذَا حُدِّثَ، وَحَلاوَةِ لَفْظِهِ إِذِا حَدَّثَ، فَخَلَوْتُ مَعَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَجَذِلٌ لِمَا أُشَاهِدُ مِنْ كَثْرَةِ تَصَرُّفِكَ، وَحُسْنِ حَدِيثِكَ، وَإِقْبَالِكَ عَلَى جَلِيسِكَ، فَقَالَ لِي: إِنَّكَ إِنْ تَعِشْ قَلِيلا، فَسَتَرَى الْعُيُونَ إِلَيَّ طَامِحَةً، والأَعْنَاقَ إِلَيَّ قَاصِدَةً، وَالرِّجَالَ قَدْ وَطِئَتْ عَقِبَيَّ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ أَدْرَكْتَنِي لَأُكْرِمَنَّكَ وَلَأَمْلأنَّ يَدَيْكَ، فَوَلِيَ مَا وَلِيَ، وَأَدْرَكَ مَا أَدْرَكَ، فَوَاللَّهِ مَا تَاقَتْ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا هُوَ فِيهِ نَفْسِي، وَلا تَطَلَّعَتْ، حَتَّى وُلِدَ لِي غُلامٌ فَأَسْهَرَ لَيْلِي الِاهْتِمَامُ وَالِاغْتِمَامُ بِأَمْرِهِ لِئَلا يَبْقَى بَعْدِي إِذَا مِتُّ قَلَيْلَ الْوَفْرِ.

فَتَاقَتْ نَفْسِي إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْهِ وَنَفْسِي مُتَعَلِّقَةٌ بِبُنَيَّ، لَيْسَ لَيْلِي بِلَيْلٍ، وَلا نَهَارِي بِنَهَارٍ.

يَا أَخَا بَنِي لَيْثٍ فَمَا تَرَى وَمَا تُشِيرُ؟ قَالَ: تَقَدَّمْ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، مَلِكِ الْآفَاقِ، فَإِنْ عَرَضَ عَلَيْكَ حَاجَةً، فَلا يَكْبُرَنَّ فِي عَيْنِكَ أَنْ تَسْأَلَهُ كَثِيرًا، فَإِنَّ الْمَانِعَ وَالْمُعْطِيَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ، فَرُبَّمَا خَرَجَتِ الرَّغَائِبُ مِنْ يَدِ الْبَخِيلِ وَمِنَ الْجَوَادِ بِالْقَلِيلِ.

قَالَ: فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ لِسَانُكَ عَبَّرَ عَنْ قَلْبِي مَا عَدَا مَا قُلْتَ.

قَالَ عُرْوَةُ: فَتَسَايَرْنَا أَيَّامًا وَلَيَالٍ مَا يُكِرُّ عَلَيَّ حَدِيثًا وَلا بَيْتًا مِنْ شِعْرٍ.

قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِأَحَادِيثِ الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهَا وَأَيَّامِهَا.

فَقَالَ لِي: مَنْ أُقْدِمُ وَاللَّهِ عَلَيْهِ غَدًا أَعْلَمُ مِنِّي.

وَاللَّهِ مَا أَنَا إِلا خَلَجٌ مِنْ بَحْرِهِ، وَأَيْنَ يَقَعُ الْحَقُّ الضَّئِيلُ عِنْدِ مُخَاطَرَةِ الْقُرُومِ الْقَيَاسِرَةِ وَالْفُحُولِ؟ قَالَ: قُلْتُ: وَمَنْ تَعْنِي؟ قَالَ: عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ.

قُلْتُ: وَإِنَّهُ عِنْدُكَ لَكَذَلِكَ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ عِنْدَ كُلِّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا مِنْ أَوَّلِيَّةِ الْعَرَبِ.

قَالَ عُرْوَةُ: فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ لَيْلَةً، وَأَنَا مَعَهُ إِذْ لَحِقَنَا أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ، وَهُوَ يُنْشِدُ شِعْرًا وَيَتَرَنَّمُ بَهِ، يَقُولُ:

أَلا أَيُّهَا الْبَيْتُ الْقَرِيبُ مَزَارَهُ

سُقِيتَ أَلَمْ يُحْزِنْكَ مِنْ أَهْلِكَ الْهَجْرُ

فَمَا كَانَ هِجْرَانِيكَ مِنْ حَدَثِ الْقِلَى

وَلَكِنَّ هِجْرَانِيكَ فِي صَرْفِهِ عُذْرُ

قَالَ عُرْوَةُ: فَقَالَ صَاحِبِي: أَعِدْ وَيْحَكَ كَيْفَ قُلْتَ:

فَمَا كَانَ هِجْرَانِيكَ مِنْ حَدَثِ الْقِلَى

وَلَكِنَّ هِجْرَانِيكَ فِي صَرْفهِ عُذْرُ

فَأَعَادَ عَلَيْهِ الأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ: وَيْحَكَ مَنْ قَائِلُ هَذَا الشِّعْرِ؟ قَالَ: الَّذِي يَقُولُ:

ص: 79

وَأَكْثَرُ وَجْدِ ابْنِ الْغَرِيزَةِ أَمُّهُ

عَلَى مَا أَصَابَ النَّاسَ عَضَّ بِهِ الدَّهْرُ

فَأَصْبَحَ مَالُوسًا تَعَادَتْ هُمُومُهُ

عَلَيْهِ فَأَشْجَتْهُ وَضَاقَ بِهِ الصَّدْرُ

فَبَاحَ وَأَبْدَى الدَّمْعُ مَا فِي ضَمِيرِهِ

مِنَ الْوَجْدِ حَتَّى قِيلَ لَيْسَ لَهُ صَبْرُ

قَالَ: وَيْحَكَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَ الْغَرِيرَةِ، أَحَدُ بَنِي صَخْرِ بْنِ نَهْشَلٍ.

قَالَ عُرْوَةُ: وَهُوَ الْقَائِلُ:

نَأَتْكَ أُمَامَةُ نَأْيًا جَمِيلا

وَبُدِّلْتَ بِالْقُرْبِ نَأْيًا طَوِيِلا

وَحَالَ أَبُو حَسَنٍ دُونَهَا

فَمَا تَسْطِيعُ إِلَيْهَا سَبِيلا

فَإِنَّ الشَّبَابَ لَهُ لَذَّةٌ

وَلا بُدَّ لَذَّتُهُ أَنْ تَزُولا

طِعَانُ الْكُمَاةِ وَرَكْضُ الْجِيَادِ

وَقَوْلُ الْحَوَاضِنِ وَيلا وَبِيلا

لَعَمْرُ أَبِيكِ فَلا تَكْذِبِي

لَقَدْ ذَهَبَ الْخَيْرُ إِلا قَلِيلا

لَقَدْ فُتِنَ النَّاسُ فِي دِينِهِمْ

وَخَلا ابْنُ عَفَّانَ شَرًّا طَوِيلا

فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ.

قَالَ عُرْوَةُ: فَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَنَا وَاللَّهِ أَشْعَرُ مِنْهُ حِينَ أَقُولُ:

وَهُمٌّ عَرَانِي فَعَدَّيْتُهُ

بِنَاجِيَةٍ تَسْتَخِفُّ الذَّمِيلا

وَتَمْشِي اخْتِيالا إِذَا مَا مَشَتْ

كَمَا يَخْطِرُ الْفَحْلُ سَامِي الْفُحُولا

تَجُوبُ الْمَهَامِهَ خَطَّارَةً

إِذَا مَا الْوُحُوشُ أَرَدْنَ الْمُقِيلا

تَمَطَّتْ بِرَحْلِي مُزَوِّدَةً

تُبَادِرُنِي أَنْ أَمُدَّ الْجَدِيلا

وَتُصْبِحُ وَالسَّيْبُ مَوْضُوعهَا

وَإِنْ قُلْتُ عَاجٌ رَمَتْ بِي دُلُولا

مُضَبَّرَةُ الْخَلقِ مَشْهُومَةٌ

أَمَاجُ النَّوَاعِجِ تَهْوَى نُسُولا

تَكَادُ تُقَطِّعُ أَنْسَاعَهَا

إِذَا مَا ازْلأَمَّتْ وَتَرْمَدُّ حُولا

إِلَى مَلِكٍ مِنْ بَنِي غَالِبٍ

يَمُدُّ إِلَى الْمَجْدِ بَاعًا طَوِيلا

إِمَامُ قُرَيشٍ ومَنْ أَصْبَحَتْ

إِلَيْهِ قُرَيشٌ تَجِدُّ الرَّحِيلا

وَمَنْ عَزَّ بِالْحَزْمِ أَهْلَ الْهُدَى

وَأَضْحُوا إِلَيْهِ ثُبَاتٍ حُلُولا

يُرَجَّوْنَ مِنْ سَيْبِهِ نَفْحَةً

يُعِيشُ بِهَا اللَّهُ قَوْمًا كُلُولا

قَالَ عُرْوَةُ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: سَقْطَةٌ مِنْ سَقَطَاتِ الرَّجُلِ وَهَفْوَةٌ وَزَلَّةٌ حِينَ مَدَحَ نَفْسَهُ، وَلَمْ أرَ شِعْرَهُ هَذَا شَيئًا، وَلَمْ يَرَ مِنِّي ارْتِيَاحًا، وَلا تَعَجُّبًا.

قَالَ: يَا أَخَا بَنِي لَيْثٍ، لَسْتُ أَعْنِي أَشْعَرَ مِنْهُ فِي شِعْرِي هَذَا، إِنِّي قَدْ أَعْرِفُ أَنَّكَ رَجُلٌ عَرَبِيٌّ تُبْصِرُ الشِّعْرَ وَتَعْرِفُهُ.

فَهَلْ رَأَيْتَ شِعْرًا ارْتُجِلَ فِي هَذَا الْوَقْتِ بِلا رَوَيَّةٍ؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي وإِنْ كُنْتُ أَقُولُ مَا أَقُولُ، إِنِّي لَطَبٌّ بِمَا يُقْبِلُ فِيهِ الرِّجَالُ، وَإِنِّي لأَنَا الَّذِي أَقُولُ فَأُسْمِعُ.

هَلْ تَرَى خِلَلا؟ قُلْتُ: هَاتِ، فَوَاللَّهِ لَنْ تَزِيدَنِي فِي نَفْسِكَ إِلا رَغْبَةً مُنْذُ صَحِبْتُكَ.

وَلَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّهَا هَفْوَةٌ مِنْكَ.

فَوَجَدْتُكَ عَالِمًا بِهَا.

قَالَ: ثُمَّ أَنْشَدَنِي شِعْرًا، قَالَ: قُلْتُهُ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً، وَأَنَا غُلامٌ حِينَ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ:

أَمُخْتَرِمِي الْمَوْتُ ابْنَ عُمَرٍ فَذَاهِبٌ

بِنَفْسِيِ وَلَمْ أَتْرُكْ حُصَيْنًا مُجَدَّلا

يَنُوءُ فَلا يَسْطِيعُ نَهْضًا وَقَدْ حَشَت

يَدِي جَوْفَهُ أَضْمَى الْمَعَالِمِ مُنْحَلا

جَزَى اللَّهُ مَا أَوْلَى حُصَيْنًا عَشِيرَتِي

وَكُلُّ حُصَيْنٍ لِلْهَنَاتِ مُؤَمَّلا

أَخِي دُونَ إِخْوَانِي إِذَا الأَمْرُ نَابَنِي

وَحِصْنٌ إِذَا مَا خِفْتُ أَمْرًا مُعَضَّلا

سَعَى الدَّهْرُ فِيمَا بَيِنَنَا فَتَرَكْتُهُ

بِفِيهِ وَلَمْ أَحْفَلْ لِذَلِكَ مَحْفَلا

ص: 80

وَإِنْ يَكُ رَيْبُ الدَّهْرِ أَرْدَى ابْنَ خَالِدٍ

وَكَانَ مُعِمًّا فِي الْكِرَامِ وَمُخْوِلا

فَرُبَّ يِدٍ بَيْضَاءَ أَسْدَى ابْنُ خَالِدٍ

إِلَيَّ وَنَابٍ قَدْ تَعَدَّاهُ أَعْصَلا

حِفَاظًا وَإِكْرَامًا فَأَوْدَتْ بِلُبِّهِ

مُهَفْهَفَةُ الْكُشْحَيْنِ تَرْمِي الْمُقَتَّلا

فَغَيَّرَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ خَالِدٍ

هَوًى غَالِبٌ أَعْيَا الرِّجَالَ وَعَيَّلا

قَالَ عُرْوَةُ: فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ قُلْتَ هَذِهِ الَأْبَيَاتَ؟ قَالَ: أُخْبِرُكَ وَلا أَكْذِبُكَ.

كُنْتُ وَحُصَيْنُ بْنُ خَالِدِ ابْنِ عَمِّي دَنِيَّةَ لا يَجْرِي الْمَاءُ بَيْنَنَا صَفَاءً، وَلِي ابْنَةُ عَمٍّ أُحِبُّهَا، وَقَدْ سُمِّيتُ لَهَا، وَسُمِّيَتْ لِي، فَلَبِثْتُ أَنْتَظِرُ أَنْ أُصِيبَ لَهْوَةً مِنْ مَالٍ فَأَتَزَوَّجُهَا وَأَبْنِي بِهَا.

فَأَقْبَلَ الْحُصَيْنُ عَلَى أُمِّهَا فَخَدَعَهَا وَعَطَفَ لُبَّهَا عَنِّي.

حَتَّى غَلَبَتْ زَوْجَهَا فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَبْتَنِي بِهَا، قَعَدْتُ لَهُ فَرَمَيْتُهُ بِسَهْمٍ.

فَوَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ أَصَابَهُ، وَهَوَى فِيهِ كَأَنَّهُ مَاتَ مُنْذُ أَلْفِ سَنَةٍ، وَأُخِذْتُ فَحُبِسْتُ.

فَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ الْعَامِلُ لِي فِي أَمْرِي وَالْمُسْتَخْرِجُ لِي مِنَ الْبَلِيَّةِ الَّتِي وَقَعْتُ فِيهَا.

وَيَعْلَمُ الرَّبُّ عِلْمًا صَادِقًا أَنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَذْعُرَهُ، وَلَمْ أَرِدْ قَتْلَهُ.

فَمَضَى الْقَدَرُ السَّابِقُ وَأَعْزَزَ عَلَيَّ بِمَصْرَعِهِ.

وَاللَّهِ إِنْ كَانَ، يَرْحَمُهُ اللَّهُ، لَوَسِيمًا، جَمِيلا نَبِيلا، وَإِنِّي لَعَلَى خِلافِهِ، وَإِنَّ عُذْرَ ابْنَةِ عَمِّي فِي اخْتِيَارِهَا إِيَّاهُ عَلَيَّ لَبَيِّنٌ وَاضِحٌ.

أَنَا كَمَا قَدْ تَرَى، وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ عَنِ ابْنِ عَمِّي مَا سَمِعْتَ.

قَالَ عُرْوَةُ: فَتَبَسَّمْتُ.

قَالَ: الْحَقُّ وَاللَّهِ قُلْتُ.

فَإِنْ شِئْتَ فَاضْحَكْ، وَإِنْ شِئْتَ فَاكْفُفْ، فَإِنَّ اللَّهَ صَادِقٌ يُحِبُّ الصِّدْقَ وَأَهْلَهُ، وَيُبْغِضُ الْكَذِبَ وَأَهْلَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّجُلَ اللَّبِيبَ أَعْلَمُ بِعَيْبِهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنِّي وَاللَّهِ وَإِنْ أَقْحَمَتْنِي عَيْنُكَ، وَنبَتَ عَنِّي كَمَا قَالَ الأَوَّلُ.

هَلْ تَدْرِي مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: لَمْ أَسْمَعْ شَيْئًا.

قَالَ: عَجِلْتُ، وَمِنْ عَجَلَةٍ خُلِقَ الْإِنْسَانُ عَجُولا.

قُلْتُ: هَاتِ.

قَالَ:

أَغَرَّكُمُ أَنِّي بِمَعْرُوفِ شِيمَتِي

رَفَيقٌ وَأَنِّي بِالْفَوَاحِشَ أَخْرَقُ

وَمِثْلِي إِذَا لَمْ يُجْزَ أَحْسَنَ سَعْيِهُ

تَكَلَّمُ نِعْمَاهُ بِفِيهَا فَيَنْطِقُ

قَالَ عُرْوَةُ: فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: حَاجِبُ بْنُ زَرَارَةَ.

قَالَ: قُلْتُ: الدَّارِمِيُّ، قَالَ: فَقَالَ: تَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ أَنَّ بِحَاجِبٍ لَغِنًى عَنْ دَارَمٍ.

وَاللَّهِ إِنَّهَا مِنْكَ لَهَفْوَةٌ حِينَ جَهِلْتَهُ حَتَّى تَنْسِبَهُ إِلَى دَارَمٍ أَكَذَاكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: الصِّدْقُ خَيرٌ عَاقِبَةً.

ثُمَّ انْقَطَعَ حَدِيثُنَا، وَقَدِمْنَا الشَّامَ، فَأَعْوَزَنَا الْإِذْنُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَمَكَثْنَا لَيَالِيَ ثُمَّ مَرَّ أَبُو الزُّعَيْزِعَةِ، فَقَامَ إِلَيْهِ.

فَقَالَ أَبُو الزُّعَيْزِعَةِ: أَهَلا وَمَرْحَبًا بِامْرِئٍ ظَهَرَ لَنَا جَفَاؤُهُ، وَقَلَّ وَفَاؤُهُ.

قَالَ: هِيهِ، الْآنَ هُوَ سُلْطَانٌ.

وَلا نَصَفَةَ لِي مِنْهُ.

فَدَخَلَ، فَلا أَظُنُّهُ وَصَلَ حَتَّى قِيلَ: الضَّحَّاكُ بْنُ عُمَارَةَ الْعَدَوِيُّ، فَقُلْتُ: لا تَنْسَ أَخَاكَ.

قَالَ: إِنِّي كَمَا قَالَ الأَوَّلُ الْقَبِيحُ الشَّحِيحُ الْقَلِيحُ.

ص: 81