الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ: صُنْ عَقْلَكَ بِالْحِلْمِ، وَمُرُوءَتَكَ بِالْعَفَافِ، وَنَجْدَتَكَ بِمُجَانَبَةِ الْخُيَلاءِ، وَوَجْهَكَ بِالْإِجْمَالِ فِي الطَّلَبِ.
وَقَالَ: مَا حُصِّنَتِ النِّعَمُ بِمِثْلِ الْمُشَاوَرَةِ، وَلا اكْتُسِبَتِ الْبَغْضَاءُ بِمِثْلِ الْكِبْرِ.
أَرَى لَكَ أَخْلاقًا حِسَانًا قَبِيحَةً
…
فَأَنْتَ يَقِينًا مِثْلُ مَا أَنَا وَاصِفُ
سَخِيٌّ بَخِيلٌ أَحْمَقٌ مُتَظَرِّفٌ
…
جَبَانٌ شُجَاعٌ مُسْتَقِيمٌ مُخَالِفُ
كَذَلِكَ إِنِّي عَالِمٌ بِكَ جَاهِلٌ
…
كَمَا أَنَّ قَلْبِي مُنْكِرٌ لَكَ عَارِفُ
تَلَوَّنْتَ حَتَّى لَسْتُ أَدْرِي مِنَ الْعَمَى
…
أَرِيحُ سُكُونٍ أَنْتَ أَمْ أَنْتَ عَاصِفُ؟
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْعَزِيزِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَطَعْتُكَ فِي أَحَبِّ الأَشْيَاءِ إِلَيْكَ، وَهُوَ التَّوْحِيدُ، وَلَمْ أَعْصِكَ فِي أَبْغَضِ الأَشْيَاءِ إِلَيْكَ وَهُوَ الْكُفْرُ، فَاغْفِرْ لِي مَا بَيْنَهُمَا
336 -
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوةَ، قَالَ: " صَلَّى بِنَا يَوْمًا مِنَ الأَيْامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَوَجِمَ بَعْدَ الصَّلاةِ سَاعَةً.
فَقَالَ النَّاسُ: لَقَدْ حَدَّثَ نَفْسَهُ.
ثُمَّ الْتَفْتَ إِلَيْنَا، فَقَالَ:
«لا يَبْعُدَنَّ ابْنُ هِنْدٍ إِنْ كَانَتْ فِيهِ لَمَخَارِجُ لا تَجِدُهَا فِي أَحَدٍ بَعْدَهُ، وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَنُفَرِّقُهُ فَيَتَفَارَقُ
لَنَا، وَمَا اللَّيْثُ الْحَرُبُ عَلَى بَرَاثِنِهِ، بِأَجْرَأَ مِنْهُ، وَإِنْ كُنَّا لَنَخْدَعُهُ وَمَا ابْنُ لَيْلَةَ مِنْ أَهْلِ الأَرْضٍ بِأَدْهَى مِنْهُ، فَيَتَخَادَعَ لَنَا، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّا مُتِّعْنَا بِهِ مَا دَامَ فِي هَذَا الْجَبَلِ حَجَرٌ، وَأَشَارَ إِلَى أَبِي قُبَيْسٍ، لا يَتَخَوَّنُ لَهُ عَقْلٌ، وَلا تَنْقُصُ لَهُ مَرَّةٌ، فَقُلْنَا أَوْحَشَ وَاللَّهِ الرَّجُلُ»
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَصِلُ بِهَذَا: كَانَ وَاللَّهِ كَمَا قَالَ بَطْحَاءُ، وَبَطْحَاءُ رَجُلٌ مِنْ عُذْرَةَ كَانَ مَدَحَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ:
رَكُوبُ الْمَنَابِرِ وَثَّابُهَا
…
مُعِنٌّ بِخُطْبَتِهِ مُجْهِرُ
تَرِيعُ إِلَيْهِ فُصُوصُ الْكَلامِ
…
إِذَا خَطَلَ النَّثْرَ الْمُهْمَرُ
ثُمَّ يَقُولُ: كَانَ وَاللَّهِ كَمَا قَالَتْ رُقَيْقَةُ، وَكَانَتِ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ أَسَدِ عَبْدِ الْعُزَّى أَوْ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ:
أَلا أُبْكِيهِ أَلا أُبْكِيهِ
…
أَلا كُلُّ الْفَتَى فِيهِ
حَدَّثَنِي أَبُو ضَمْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: " لَقَدْ رَأَيْتُ مَشْيَخَةً بِالْمَدِينَةِ، وَإِنَّ عَلَيْهِمُ الْغَدَائِرَ وَإِنَّ عَلَيْهِمِ الْمُمَصَّرَ وَالْمُوَرَّدَ، وَفِي أَيْدِيهِمُ الْمَخَاصِرُ، وَفِي أَيْدِيهِمْ أَثَرُ الْحِنَّاءِ فِي هَيْئَةِ الْفِتْيَانِ وَدِينُ أَحَدِهِمْ أَبْعَدُ مِنَ الثُّرَيَّا إِنْ أُرِيدَ عَلَى دِينِهِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هُبَيْرَةُ بْنُ مُرَّةَ الْقُشَيْرِيُّ، قَالَ: " كَانَ لِي غُلامٌ يَسُوقُ نَاطِحًا لِي، فَكَانَ يَرْطُنُ بِالزِّنْجِيَّةِ بِشَيْءٍ شِبِهِ الشِّعْرِ وَلا أَعْرِفُهُ، فَجَاءَنَا رَاعٍ يَتَفَصَّحُ.
فَقُلْتُ لَهُ: تَرْوِي مَا يَقُولُ هَذَا، وَأَخْبَرَنَا بِهِ.
قَالَ: فَإِنَهُ يَقُولُ:
فَقُلْتُ لَهَا إِنِّي اهْتَدَيْتُ لِفِتْيَةٍ
…
أَنَاخَوا بِعَجْعَاجٍ قَلائِصَ سُهَّمَا
فَقَالَتْ كَذَاكَ الْعَاشِقُونَ وَمَنْ يَخَفْ
…
عُيُونَ الأَعَادِي يَجْعَلِ اللَّيْلَ سُلَّمَا
أَنْشَدَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ لعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ:
قَالَ عُثْمَانُ زُرْ حَبَابَةَ بِالْعَرْصَةِ
…
تُحَدِّثْ تَحِيَّةً وَسَلامَا
قُلْتُ زُرْهَا وَائْتِ أُمَّ عَدِيٍّ
…
تَرْتَدِي لَيْلَةً إِلَيْنَا الظَّلامَا
ثُمَّ نَلْهُوا إِلَى الصَّبَاحِ وَلا نَقْرَبُ
…
فِي اللَّهْوِ وَالْحَدِيثِ حَرَامَا
وَصفُوهَا فَلَمْ أَزِلْ عَلِمَ اللَّهُ
…
إِلَيْهَا مُسْتَوْلِهًا مُسْتَهَامَا
هَلْ عَلَيْهَا فِي نَظْرَةٍ مِنْ جُنَاحٍ
…
مِنْ فَتًى لا يَزُورُ إِلا لِمَامَا
حَالَ فِيهَا الْإِسْلامُ دُونَ هَوَاهُ
…
فَهُوَ هَوِيٌّ وَيَرْقَبُ الْإِسْلامَا
وَيَمِيلُ الْهَوَى بِهِ ثُمَّ يَخْشَى
…
أَنْ يُطِيعَ الْهَوَى فَيَلْقَى أَثَامَا
أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَمَّلِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: " زَعَمَوا أَنَّهُ لا يَصْفُوا لِأَحَدٍ عَيْشٌ يَوْمًا.
ثُمَّ قَالَ: لا تُخْبِرُونِي غَدًا بِشَيْءٍ.
وَجَلَسَ مَعَ حَبَّابَةَ، فَأَكَلا ثُمَّ أَكَلَتْ حَبَّابَةُ رُمَّانًا فَشَرِقَتْ بِحَبَّةٍ فَمَاتَتْ.
فَمَكَثَتْ ثَلاثًا لا تُدْفَنُ، ثُمَّ غُسِّلَتْ وَأُخْرِجَتْ، فَمَرَّ يَزِيدُ فِي جَنَازَتِهَا فَلَمَّا دُفِنَتْ، قَالَ:
فَإِنْ تَسَلْ عَنْكِ النَّفْسُ أَوْ تَدَعَ الصِّبَا
…
فَبِالْيَأْسِ يَسْلُو عَنْكِ لا بِالتَّجَلُّدِ
وَكُلُّ حَمِيمٍ رَاءَنِي فَهْوَ قَائِلٌ
…
مِنْ أَجْلِكِ: هَذَا هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غَدِ
أَنْشَدَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ لِيَزِيدَ بْنِ مَارِيَةَ، مَوْلَى الأَنْصَارِ:
وَرَأَتْ عُثَيْمَةُ أَنَّنِي مُتَبَذِّلٌ
…
نَشْوَانُ قَدْ أَهْلَكْتُ مَالِيَ أَجْمَعُ
فَتَجَهَّمَتْنِي ثُمَّ كَانَ جَوَابُهَا
…
ارْجِعْ بِغَيْظِكَ لَيْسَ فِيهَا مَطْمَعُ
إِنَّا قَدِ أطْرَفْنَا سِوَاكَ مُحَدِّثًا
…
سَمْحًا، سَجِيَّتُهُ مَرِيٌّ مرْتَعُ
قَدْ طَالَ مَا مَنَّيْتَنَا وَخَدَعْتَنَا
…
فَاذْهَبْ بِشِعْرِكَ فَابْتَغِ مَنْ تَخْدَعُ
حَتَّى مَتَى تَهْذِي بِشِعْرِكَ عِنْدَنَا
…
قَدْ مَلَّ سَمْعِي لَيْتَ شِعْرُكَ يَنْفَعُ
تَأْتِي فَتُخْبِرُنَا بِأَنَّكَ شَاعِرٌ
…
وَالشِّعْرُ لَيْسَ بِنَافِعٍ لِلْجُوَّعِ
اجْعَلْ مَكَانَ قَصَيْدَةٍ هَيَّأْتَهَا
…
لِلْقَوْمِ أَقْرَنَ ذَا قَوَائِمَ أَرْبَعُ
أَمَّا الْإِهَابُ فَقِرْبَةٌ تَسْقِيهِمُ
…
وَاللَّحْمُ يُجْعَلُ لِلْقَدِيدِ وَيُخْلَعُ
وَالشَّحْمُ تَحْمِلُهُ جَمِيعًا كُلَّهُ
…
فَيَكُونُ لِلْمِصْبَاحِ شَهْرًا يَنْفَعُ
وَالرَّأْسُ فِي كَرْشٍ فَيُصْبِحُ عِنْدَنَا
…
فَهُنَاكُ يُرْوَى مَا تَقُولُ وَيُسْمَعُ
وَالصُّوفُ يُجْعَلُ فِي الْوَسَائِدِ نَافِعٌ
…
وَتَرَى الأَكَارِعِ فِي الْحَشِيشِ تُزَلَّعُ
وَالقَرْنُ تَجْعَلُهُ نِصَابًا جَيَّدًا
…
فَإِذَا الَّذِي أَهْدَيْتَ كلٌّ يَنْفَعُ
أَكْثِرْ لَهُنَّ مِنَ الدَّقِيقِ وَزَيْتِهِ
…
وَالتَّمْرُ أَوْصَفُ بِالْعِيَالِ وَأَشْبَعُ
فَتَكُونَ فِينَا سَيِّدًا مَا زُرْتَنَا
…
وَتَرَى عُثَيْمَةَ عِنْدَ قَوْلِكَ تَقْنَعُ
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَحِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: " حَضَرَتْ رَجُلا مِنْ رَبِيعَةَ الْوَفَاةُ، فَقَالَ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ، إِذَا حَزَبَكَ أَمْرٌ فَاحْكُكْ رُكْبَتَيْكَ بِرُكْبَةِ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ ثُمَّ اسْتَشِرْهُ.
قَالَ: فَمَاتَ أَبِي، فَأَرَدْتُ التَّزْوِيجَ، فَجِئْتُ شَيْخًا مِنْ قَوْمِي، فَجَلَسْتُ فِي نَادِيهِ، فَلَمَّا قَامَ مَنْ عِنْدَهُ، قَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ يَابْنَ أَخِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا عَمُّ، إِنِّي أَرَدْتُ التَّزْوِيجَ.
قَالَ: أَطَوِيلَةُ النَّسَبِ أَمْ قَصِيرَتُهُ؟ قُلْتُ: فَوَاللَّهِ مَا اخْتَرْتُ وَلا أَدَّبْتُ.
فَقَالَ: إِنِّي أَعْرِفُ فِي الْعَيْنِ إِذَا عَرَفْتَ، وَأَعْرِفُ فِي الْعَيْنِ إِذَا أَنْكَرْتَ، وَأَعْرِفُ فِي الْعَيْنِ إِذَا لَمْ تَعْرِفْ، وَلَمْ تُنْكِرْ.
فَأَمَّا إِذَا عَرَفْتَ فَإِنَّهَا تُحَاوِصُ لِلْمَعْرِفَةِ، وَأَمَّا إِذَا أَنْكَرْتَ فَإِنَّهَا تَجْحَظُ لِلنُّكْرَةِ، وَإِذَا لَمْ تَعْرِفْ وَلَمْ تُنْكِرْ فَإِنَّهَا تَسْجُوا سَجْوًا.
يَا ابْنَ أَخِي إِيَّاكَ أَنْ تَزَوَّجَ إِلَى قَوْمٍ أَهْلِ دَنَاءَةٍ، أَصَابُوا مِنَ الدُّنْيَا غَثَرَةً، فَتُشْرِكُهُمُ فِي دَنَاءَتِهِمْ، وَيَسْتَأْثِرُونَ عَلَيْكَ بِدُنْيَاهُمْ.
فَقُمْتُ وَقَدِ اكْتَفَيْتُ سَمِعْتُ عَمِّي مُصْعَبًا، يَقُولُ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَسْمَاءَ لِهِنْدٍ: " أَعْطِنِي صَفْةَ مُسُوحِكِ.
قَالَتْ: لا أُعْطِيكَهُ تُعَلِّمُهُ جَوَارِيَكَ وَلا حَيَاءَ لَهُنَّ، فَأَلَحَّ عَلَيْهَا.
فَقَالَتْ: مَا أَخَذْتُهُ إِلا مِنْ شِعْرِكَ، حَيْثُ تَقُولُ:
أَطْيَبُ الطِّيبِ طِيبُ أُمُّ أَبَانٍ
…
فَأرُ مِسْكٍ بِزَنْبَقٍ مَفْتُوقُ
خَلَّطَتْهُ بِعَنْبَرٍ وَبِنَدٍّ
…
فَهُوَ أَحْوَى عَلَى الْيَدَيْنِ شَرِيفُ
قَالَ لِي عَمِّي: وَهِيَ مُسُوحُ أُمِّكَ
أَخْبَرَنِي ثَابِتُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ هَاشِمٍ، قَالَ: " قَدِمَ الْمَأْمُونُ مِنْ خُرَاسَانَ مَعَهُ بِشَاعِرٍ، فَلَقِيَهُ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ: مَنْ أَشْعَرُ أَنَا أَوْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنْتَ أَشْعَرُ وَأَوْلَى بِالتَّقْدِمَةِ، وَوَقَّرَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ: كَمْ تَقُولُ فِي اللَّيْلَةِ مِنْ بَيْتٍ؟ قَالَ: رُبَّمَا أَقَمْتُ عَلَى الْقَصِيدَةِ لا تَكُونُ ثَلاثِينَ بَيْتًا شَهْرًا.
قَالَ: فَأَنَا أَشْعَرُ مِنْكَ، رُبَّمَا دَعَوْتُ الْجَارِيَةَ، فَأَمْلَيْتُ عَلَيْهَا خَمْسَ مِائَةِ بَيْتٍ.
قَالَ: فَحَمِيَ الْخُرَاسَانِيُّ، وَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَرْضَى مِثْلَ شِعْرِكَ لَقُلْتُ فِي لَيْلَةٍ خَمْسَةَ آلافِ بَيْتٍ.
قَالَ: مِثْلُ أَيُّ شِعْرٍ؟ قَالَ: مِثْلُ قَوْلِكَ:
أَلا يَا عُتْبَةُ السَّاعَهْ
…
أَمُوتُ السَّاعَةَ السَّاعَهْ
قَالَ: فَاسْتَضْحَكَ الْقَوْمُ مِنْهُ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: " حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِي مِنَ الزُّهَّادِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَجُلٍ مِنَ الْعُبَّادِ، يُقَالُ لَهُ: دَهْثَمٌ، وَالأَرْضُ تَكَادُ تَخْشَعُ لِخُشُوعِهِ، فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ يَضْرِبُ عَبْدًا لَهُ بِسَوْطٍ، فَوَعَظَهُ دَهْثَمٌ، فَقَلَبَ السَّوْطَ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَأَسْرَعْنَا وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَبْلُغَ مِنْهُ.
فَقَالَ لَنَا دَهْثَمٌ: مَهْلا فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ رَضِيَ وَصِيَّةَ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ حَيْثُ قَالَ: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ {17} } [لقمان: 17] ، فَقَدْ أَمَرَنَا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ، فَدَعُونِي أَصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَنِي
حَدَّثَتْنِي ظَبْيَةُ مَوْلاةُ فَاطِمَةَ بَنْتِ عُمَرَ بْنِ مُصْعَبٍ، قَالَتْ: " خَرَجْتُ أَنَا وَدَهْيَةُ مَوْلاةُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ إِلَى مَسْجِدِ الْفَتْحِ، فَوَجَدْنَا فِيهِ ابْنَ جُنْدُبٍ قَدْ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ خَرَجَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْ عَمُّ.
فَقَالَ:
وَإِذَا دَعَوْنَكَ عَمَّهُنَّ فَإِنَّهُ
…
نَسَبٌ يَزِيدُكَ عِنْدَهُنَّ خَبَالا
قَالَتْ: وَأَطْلَعْتُ لَهُ يَدِي، وَقُلْتُ لَهُ: هَذَا الَّذِي قُلْتُ: يَمْشِي إِلَى مَسْجِدِ الأَحْزَابِ مُخْتَضِبَا فَقَالَتْ لِي صَاحِبَتِي: أَطْمَعْتِهِ فِي الدُّنْيَا وَاللَّهِ فِينَا.
قُلْتُ لَهَا: إِنَّمَا يُطْمَعُ فِي أَهْلِ الشَّرِّ.
قَالَتْ: فَصَلَّيْنَا ثُمَّ خَرَجْنَا، فَوَجَدْنَاهُ قَدْ عَرَّضَ يَدَيْهِ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ:
أَيُّ مَنْ يَجْمَعُ الْمَوَاسِمَ أَنْتُم
…
حَدِّثِينَا حَقًّا وَلا تَكْذِبِينَا
قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ:
نَحْنُ مِنْ سَاكِنِي الْعِرَاقِ وَكُنَّا
…
قَبْلَهَا قَاطِنِينَ مَكَّةَ حِينَا
قَالَ: أَلا تَجْلِسْنَ تُحَدِّثْنَ وَنُحَدْثُكُنَّ، كَمَا قَالَ:
رَطْبُ السُّؤَالِ لَهُ نَعْلانِ مِنْ بَقَرٍ
…
حُلْوُ الْمُزَاحَةِ مَعْسُولُ الأَمَاثِيلَ
قَالَتْ: فَأَبَيْنَا فَذَهَبْنَا
حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ، قَالَ: لَمَّا كَانَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ اسْتَشَارَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدٍ الْحَكَمِيَّ فِي الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَمُنَاجَزَةِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ وَالَيْتَ بَيْنَ عَامَيْنِ تَغْزُوهُمَا، وَقَدْ خَسِرتَ خَيْلَكَ وَرِجَالَكَ، وَعَامُكَ هَذَا عَامُ جَدْبٍ، فَأَرِحْ نَفْسَكَ وَجَسَدَكَ، ثُمَّ تَرَى رَأْيَكَ.
قَالَ: إِنِّي أُبَادِرُ ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ: الشَّامُ أَرْضٌ الْمَالُ بِهَا قَلِيلٌ، وَأَخَافُ أَنْ يَنْفِدَ مَا مَعِي، وَأَشْرَافُ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَدْ كَتَبُوا إِلَيَّ يَدْعُونَنِي إِلَى أَنْفُسِهِمْ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ كَلا وَلا.
وَثَلاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَدْ كَبُرُوا، وَنَفِدَتْ أَعْمَارُهُمْ، فَأَنَا أُبَادِرُ بِهِمِ الْمَوْتَ، أُحِبُّ أَنْ يَحْضُروا مَعِي.
ثُمَّ دَعَا يَحْيَى بْنَ الْحَكَمِ، وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَمْرًا فَلْيُشَاوِرْ يَحْيَى، فَإِذَا أَشَارَ عَلَيْهِ بِأَمْرٍ فَلْيَعْمَلْ بِخِلافِهِ.
فَقَالَ: يَا يَحْيَى، مَا تَرَى فِي الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ؟ قَالَ: أَرَى أنْ تَرْضَى بِالشَّامِ، وَتُقُيمَ بِهَا، وَتَدَعَ مُصْعَبًا وَالْعِرَاقَ، فَلَعَنَ اللَّهُ الْعِرَاقَ.
فَضَحِكَ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَدَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ فَشَاوَرَهُ.
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ غَزَوْتَ مَرَّةً فَنَصَرَكَ اللَّهُ، ثُمَّ غَزَوْتَ الثَّانِيَةَ فَزَادَكَ اللَّهُ عِزًّا، فَأَقِمْ عَامَكَ هَذَا.
فَقَالَ لِمُحَمِّدِ بْنِ مَرْوَانَ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَنْصُرَكَ اللَّهُ، أَقَمْتَ أَمْ غَزَوْتَ، فَاغْزُ عَدُوَّكَ وَشَمِّرْ، فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكَ.
فَأَمَرَ النَّاسَ، فَاسْتَعَدُّوا لِلْمَسِيرِ، فَلَمَّا أَجْمَعَ قَالَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ يَزِيدَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجِّهِ الْجُنُودَ، وَأَقِمْ فَلَيْسَ مِنَ الرَّأْي أنْ يُبَاشِرَ الْخَلِيفَةُ الْحَرْبَ بِنَفْسِهِ، قَالَ: لَوْ وَجَّهْتُ أَهْلَ الشَّامِ كُلَّهُمْ، فَعَلِمَ مُصْعَبٌ أَنِّي لَسْتُ مَعَهُمْ، لَهَلَكَ الْجَيْشُ كُلُّهُ، وَتَمَثَّلَ:
وَمُسْتَخْبِرٌ عَنَّا يُرِيدُ بِنَا الرَّدَى
…
وَمُسْتَخْبِرَاتٌ وَالْعُيونُ سَوَاكِبُ
قَالَ: فَقَدَّمَ مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ، وَمَعَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، وَبِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ، وَنَادَى مُنَادٍ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدِ اسْتَعْمَلَ عَلَيْكُمْ سَيِّدَ النَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ، وَبَلَغَ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ مَسِيرُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَأَرَادَ الْخُرُوجَ، فَأَبَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَقَالُوا: عَدُوُّنَا مُطِلٌّ عَلَيْنَا، يَعْنُونَ الْخَوَارِجَ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْمُهَلَّبِ وَهُوَ بِالْمَوْصِلِ، عَامِلُهُ عَلَيْهَا، فَوَلاهُ قِتَالَ الْخَوَارِجِ، وَخَرَجَ مُصْعَبٌ، فَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ، وَكَانَ مُصْعَبٌ يَخْرُجُ إِلَى باجُمَيْرَا يُرِيدُ الشَّامَ ثُمَّ يَرْجِعُ، وَأَوَّلُهَا: أَبَيْتَ يَا مُصْعَبُ إِلا سَيْرا
أَكُلَّ عَامٍ لَكَ بَاجُمَيْرَا
…
تَغْزُو بِنَا وَلا تُفِيدُ خَيْرَا
فَأَقْبَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ حَتَّى نَزَلَ الأَخْنَوْنِيَّةَ، وَنَزَلَ مُصْعَبٌ بِمَسْكِنَ إِلَى جَنْبِ أَوَانَا، وَخَنْدَقَ خَنْدَقًا، ثُمَّ تَحَوَّلَ، وَنَزَلَ دَيْرَ الْجَاثَلِيقِ، وَهُوَ بِمَسْكِنَ، وَبَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ ثَلاثَةُ فَرَاسِخَ، وَيُقَالُ: فَرْسَخَانِ.
فَقَدَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ، وبِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى جُنْدٍ، وَالأَمِيرُ مُحَمَّدٌ.
وَوَجَّهَ مُصْعَبٌ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَشْتَرِ.
وَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى أَشْرَافِ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، وَيُمَنِّيهِمْ، فَأَجَابُوهُ وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ شُرُوطًا، وَسَأْلُوهُ وِلايَاتٍ، وَسَأَلَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلا مِنْهُمْ أَصْبَهَانَ.
فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مَا أَصْبَهَانُ هَذِهِ؟ تَعَجُّبًا مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يَطْلُبُهَا.
وَكَتَبَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ: لَكَ وَلايَةُ مَا سَقَى الْفُرَاتُ إِنْ بَايَعْتَنِي، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بِالْكِتَابِ إِلَى مُصْعَبٍ، فَقَالَ: هَذَا كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَيَّ، وَلَمْ يَخُصَّنِي بِهَذَا دُونَ غَيْرِي مِنْ نُظَرَائِي، فَأَطِعْنِي فِيهِمْ.
قَالَ: أَصْنَعُ مَاذَا؟ قَالَ: تَدْعُو بِهِمْ فَتَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ.
قَالَ: أَقْتُلُهُمْ عَلَى ظَنٍّ ظَنَنْتُهُ؟ قَالَ: فَأَوْقِرْهُمْ حَدِيدًا، وَابْعَثْ بِهِمْ إِلَى أَبْيَضِ الْمَدَائِنِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ.
قَالَ: إِذًا تَفْسَدُ قُلُوبُ عَشَائِرِهِمْ، وَيَقُولُ النَّاسُ: عَبَثَ مُصْعَبٌ بِأَصْحَابِهِ.
قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ وَاحِدَةً مِنْ هَاتَيْنِ، فَلا تَمُدَّنِي بِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَالْمُومِسَةِ تُرِيدُ كُلَّ يَوْمٍ خَلِيلا، وَهُمْ يُرِيدُونَ كُلَّ يَوْمٍ أَمِيرًا.
وَأَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ رَجُلا إِلَى مُصْعَبٍ، فَقَالَ: أَقْرِئِ ابْنَ أُخْتِكَ السَّلامَ، وَقُلْ لَهُ: يَدَعُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى أَخِيهِ، وَأَدَعُ أَنْ أَدْعُوَ إِلَى نَفْسِي، وَأُصَيِّرُ الأَمْرَ شُورَى.
فَأَتَاهُ فَأَبْلَغَهُ فَأَبَى، فَقَدَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَخَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ انْصُرْ مُحَمْدًا، اللَّهُمَّ إِنْ مُصْعَبًا يَدْعُو إِلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَدْعُو إِلَى نَفْسِي، اللَّهُمَّ انْصُرْ خَيْرَنَا لِهَذِهِ الأُمَّةِ.
وَقَدَّمَ مُصْعَبٌ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَشْتَرِ فَالْتَقَتِ الْمُقَدَّمَتَانِ، وَبَيْنَ عَسْكَرِ مُصْعَبٍ وَبَيْنَ ابْنِ الأَشْتَرِ فَرْسَخٌ، وَدَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ فَصَارَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَسْكَرِ مُحَمَّدٍ فَتَنَاوَشُوا، فَقُتِلَ رَجُلٌ عَلَى مُقَدَّمَةِ مُحَمَّدٍ، يُقَالُ لَهُ: فِرَاسٌ.
وَقُتِلَ صَاحِبُ لِوَاءِ بِشْرٍ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: أُسَيْدٌ.
فَأَرْسَلَ مُحَمَّدٌ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ رَجُلا، فَقَالَ: قُلْ لَهُ إِنْ بِشْرًا ضَيَّعَ لِوَاءَهُ فَصَيَّرَ عَبْدُ الْمَلِكِ الأَمْرَ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَكَفَّ النَّاسُ، وَتَوَاقَفُوا، وَجَعَلَ أَصْحَابُ ابْنِ الأَشْتَرِ يَهِمُّونَ بِهِمْ، وَمُحَمَّدٌ يَكُفُّهُمْ، فَأَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى مُحَمَّدٍ: نَاجِزْهُمْ.
فَأَبَى، فَرَدَّ إِلَيْهِ رَسُولا آخَرَ يَشْتُمُ مُحَمْدًا.
فَأَمَرَ مُحَمَّدٌ رَجُلا، فَقَالَ: قِفْ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَلا تَدَعَنَّ أَحَدًا يَأْتِينِي مِنْ قِبَلِ عَبْدِ الْمَلِكِ.
فَوَجَّهَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، فَلَمَّا رَأَوْهُ أَرْسَلُوا إِلَى مُحَمَّدٍ: هَذَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، فَقَالَ: رُدُّوهُ بِأَشَدِّ مَا رَدَدْتُمْ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ.
فَلَمَّا كَانَ قُرْبُ الْمَسَاءِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ لِلْنَاسِ: حَرِّكُوهُمْ.
فَتَهَايَجَ النَّاسُ، وَوَجَّهَ مُصْعَبٌ إِلَى إِبْرَاهِيمِ عَتَّابَ بْنَ وَرْقَاءَ الرِّيَاحِيَّ، فَعَجَّزَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَشْتَرِ، قَالَ: قَدْ قُلْتُ لَهُ.
لا تَمُدَّنِي بِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلاءِ.
وَاقْتَتَلُوا، وَأَرْسَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: لا تَنْصَرِفُوا حَتَّى يَنْصَرِفَ أَهْلُ الشَّامِ عَنْكُمْ.
فَقَالَ عَتَّابٌ: ولِمَ لا نَنْصَرِفُ؟ فَانْصَرَفَ، وَانْهَزَمَ النَّاسُ حَتَّى أَتَوْا مُصْعَبًا، وَصَبَرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَمَرَ مُحَمَّدٌ رَجُلا، فَقَالَ: انْطَلِقَ إِلَى عَسْكرِ مُصْعَبٍ، فَانْظُرْ كَيْفَ تَرَاهُمْ بَعْدَ قَتْلِ ابْنِ الأَشْتَرِ.
قَالَ: لا أَعْرِفُ مَوْضِعَ عَسْكَرِهِمْ.
فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرِبَيٍّ الْكِنَانِيُّ: انْطَلِقْ فَإِذَا رَأَيْتَ النَّخْلَ فَاجْعَلْهُ مِنْكَ مَوْضِعَ سَيْفِكَ يَعْنِي يَسَارَكَ، فَانْطَلَقْ حَتَّى تَطَلَّعَ الْعَسْكَرَ.
فَمَضَى الرَّجُلُ حَتَّى أَتَى عَسْكَرَ مُصْعَبٍ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُمْ مُنْكَسِرِينَ.
وَأَصْبَحَ مُصْعَبٌ فَدَنَا، وَدَنَا مِنْهُ مُحَمَّدٌ حَتَّى الْتَقَوْا، فَتَرَكَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ مُصْعَبٍ مُصْعَبًا، وَأَتَوْا مُحَمَّدًا، فَدَنَا مُحَمَّدٌ، فَقَالَ لِمُصْعَبٍ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، إِنَّ الْقَوْمَ خَاذِلُوكَ فَأَبَى.
فَدَعَا ابْنَهُ عِيسَى، فَقَالَ لَهُ: انْظُرْ مَا يُرِيدُ مُحَمَّدٌ.
فَدَنَا فَقَالَ: إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ، إِنَّ الْقَوْمَ خَاذِلُوكُمْ، وَلَكَ وَلِأَبِيكَ الأَمَانُ.
وَنَاشَدَهُ، فَرَجَعَ إِلَى أَبِيهِ فَأَخْبَرَهُ.
فَقَالَ: إِنِّي أَظُنُّ الْقَوْمَ سَيَفُونَ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ فَأْتِهِمْ.
فَقَالَ: لا تُحَدِّثْ نِسَاءَ قُرَيْشٍ أَنِّي خَذَلْتُكَ، وَرَغِبْتُ بِنَفْسِي عَنْكَ.
قَالَ: فَتَقَدَّمْ حَتَّى أَحْتَسِبَكَ.
فَتَقَدَّمَ، وَتَقَدَّمَ نَاسٌ مَعَهُ، فَقُتِلَ وَقُتِلُوا، وَتَرَكَ النَّاسُ مُصْعَبًا حَتَّى بَقِيَ فِي سَبْعَةٍ، وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لِيَحْتَزَّ رَأْسَ عِيسَى، فَشَدَّ عَلَيْهِ مُصْعَبٌ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَى النَّاسِ فَانْفَرَجُوا، ثُمَّ رَجَعَ فَقَعَدَ عَلَى مِرْفَقَةِ دِيبَاجٍ، ثُمَّ جَعَلَ يَشُدُّ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، فَيَنْفَرِجُونَ عَنْهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَقْعُدُ عَلَى الْمِرْفَقَةِ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، وَأَتَاهُ عُبيدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ ظَبْيَانَ، فَدَعَاهُ إِلَى الْمُبَارَزَةِ، فَقَالَ: اغْرُبْ يَا كَلْبُ.
وَشَدَّ عَلَيْهِ مُصْعَبٌ فَضَرَبَهُ عَلَى الْبَيْضَةِ، فَهَشَّمَهَا وَجَرَحَهُ، فَرَجَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ، فَعَصَبَ رَأْسَهُ، وَجَاءَ ابْنُ أَبِي فَرْوَةَ، مَوْلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ كَاتِبًا لِمُصْعَبٍ، فَقَالَ لِمُصْعَبٍ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَقَدْ تَرَكَكَ النَّاسُ، وَعِنْدِي خَيْلٌ مُقَدَّحَةٌ فَارْكَبْهَا وَانْجُ بِنَفْسِكَ.
فَدَثَّ فِي صَدْرِهِ، وَقَالَ: لَيْسَ أَنَا كَالْعَبْدِ أَخَيِكَ.
وَرَجَعَ ظَبْيَانُ إِلَى مُصْعَبٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ، وَزَرَقَ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةُ مُصْعَبًا، وَنَادَى: يا لَثَارَاتِ الْمُخْتَارِ، فَصَرَعَهُ.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِغُلامٍ لَهُ دَيْلَمِيٍّ: احْتَزَّ رَأْسَهُ.
فَنَزَلَ فَاحْتَزَّهُ.
فَحَمَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ.
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الرِّقَاعِ الْعَامِلِيُّ، وَكَانَ شَاعِرَ أَهْلِ الشَّامِ يَذْكُرُ قَتْلَ مُصْعَبٍ، وإِبْرَاهِيمَ وَمُسْلِمٍ:
وَنَحْنَ قَتَلْنَا ابْنَ الْحَوَارِيِّ مُصْعَبًا
…
أَخَا أَسَدٍ وَالْمَذْحِجِيِّ الْيَمَانِيَا
وَمَرَّتْ عُقَابُ الْمَوْتِ مِنَّا بِمُسْلِمٍ
…
فَأَهْوَتْ لَهُ ظَفْرًا فَأَصْبَحَ ثَاوِيَا
قَالَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: وَهَذَا الشِّعْرُ يُرْوَى لِلْبَعِيثِ الْيَشْكُرِيِّ.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ يَرْثِي مُصْعَبًا، وَيَذُمُّ أَهْلَ الْعِرَاقِ مِنْ بَكْرٍ وَتَمِيمٍ:
لَقَدْ أَوْرَثَ الْمِصْرَيْنِ خِزْيًا وَذِلَّةً
…
قَتِيلٌ بِدَيْرِ الْجَاثَلِيقِ مُقِيمُ
فَمَا قَاتَلَتْ فِي اللَّهِ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ
…
وَلا صَبَرَتْ عِنْدَ اللِّقَاءِ تَمِيمُ
فَلَوْ كَانَ قَيْسِيًّا تَعَطَّفَ حَوْلَهُ
…
كَتَائِبُ تَرْدِي تَارَةً وَتَحُومُ
وَلَكِنَّهُ رَامَ الْقِيَامَ فَلَمْ يَكُنْ
…
بِهَا مُضَرِيٌّ يَوْمَ ذَاكَ كَرِيمُ
وَقَالَ ابْنُ قَيْسِ الرُّقِيَّاتِ، أَيْضًا:
إِنَّ الرَّزِيَّةَ يَوْمَ مَسْكِنَ
…
وَالْمُصِيبَةَ وَالْفَجِيعَهْ
يَا ابْنَ الْحَوَارِيِّ الَّذِي
…
لَمْ يَعْدُهُ يَوْمُ الْوَقِيعَهْ
يَا لَهْفِ لَوْ كَانَتْ لَهُ
…
بِالدَّيْرِ يَوْمَ الدَّيْرِ شِيعَهْ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرُ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ النَّسَبَ مِنْ مَرَاثِيهِ شَيْئًا، وَنَحْنُ ذَاكِرُونَ مَا لَمْ نَذْكُرْهُ فِي كِتَابِ النَّسَبِ.
وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ فِي هِجَائِهِ بَنِي خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، وَيَمْدَحُ آلَ الزُّبَيْرِ، وَيَذْكُرُ صَبْرَهُمْ فِي الْحَرْبِ:
هَلا صَبَرْتُمْ بَنِي السَّوْدَاءِ أَنْفُسَكُمْ
…
حَتَّى تَمُوتُوا كَمَا مَاتَتْ بَنُو أَسَدِ
حَامَتْ بَنُو أَسَدٍ عَنْ مَجْدِ أَوَّلِهَا
…
وَأَنْتُمْ كَنَعَامِ الْقَاعَةِ الشَّرِدِ
وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ مَنْجُوفٍ السَّدُوسِيُّ، مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، يُحَذِّرُ مُصْعَبًا أَهْلَ الْكُوْفَةِ وَغَدْرَهُمْ:
فَأَبْلِغْ مُصْعَبًا عَنِّي رَسُولا
…
وَلا تَلْقَى النَّصِيحُ بِكُلِّ وَادِ
تَعَلَّمْ أَنَّ أَكْثَرَ مَنْ تُنَاجِي
…
وَإِنْ أَدْنَيْتَهُمْ فَهُمُ الأَعَادِي
وَصَبَرَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ وَحَدَهُ، فَقَالَ: الأُقَيْشِرُ:
سَأَبْكِي وَإِنْ لَمْ يَبْكِ فِتْيَانُ مَذْحِجٍ
…
فَتَاهَا إِذَا اللَّيْلُ التَّمَامُ تَأَوَّبَا
فَتًى لَمْ يَكُنْ فِي مِرَّةِ الْحَرْبِ خَامِلا
…
وَلا بِمُطِيعٍ فِي الْوَغَى مَنْ تَهَيَّبَا
أَمَالَ بِخَوَّارِ الْعِنَانِ لِجَامَهُ
…
وَقَالَ لِمَنْ خَفَّتْ نَعَامَتُهُ ارْكَبَا
أَبَانَ أَنُوفَ الْحَيِّ قَحْطَانَ قَتْلُهُ
…
وَأَنْفَ نِزَارٍ قَدْ أَبَانَ فَأَوْعَبَا
فَمْنَ كَانَ أَمْسَى خَائِنًا لِأَمِيرِهِ
…
فَمَا خَانَ إِبْرَاهِيمُ فِي الْحَرْبِ مُصْعَبًا
وَصَبَرَ مَعَهُ يَحْيَى بْنُ مُبَشِّرٍ، أَحَدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ التَّمِيمِيِّ حَتَّى قُتِلَ.
فَقَالَ أَبُو السَّفَّاحِ بُكَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ بْنِ عُمَيْرَةَ بْنِ طَارِقٍ الْيَرْبُوعِيُّ يَرْثِي يَحْيَى، وَيَذْكُرُ صَبْرَهُ، حِينَ قُتِلَ:
صَلَّى عَلَى يَحْيَى وَأْشَياعِهُ
…
رَبٌّ غَفُورٌ وَشَفِيعٌ مُطَاعْ
يَا سَيِّدًا مَا أَنْتَ مِنْ سَيِّدٍ
…
مُوَطَّأِ الْبَيْتِ رَحَيِبِ الذِّرَاعْ
قَوَّالِ مَعْرُوفٍ وَفَعَّالِهِ
…
عَقَّارِ مَثْنَى أُمْهَاتِ الرِّبِاعْ
الوَاضِعِ الشِّيزَى لِأَضْيَافِهِ
…
كَأَنَّهَا أَعْضَادُ نَهْيٍ بِقَاعْ
يَعْدُو فَلا تَكْذُبُ شَدَّاتُهُ
…
كَمَا عَدَا اللَّيْثُ بِوَادِي السِّبَاعْ
يَجْمَعُ حِلْمًا وَأَنَاةً مَعًا
…
ثَمَّتَ يَنْبَاعُ انْبِيَاعَ الشُّجَاعْ
لَمَّا جَفَا الْمُصْعَبَ خِلانُهُ
…
أَدَّى إِلَيْهِ اللَّيْلُ صَاعًا بِصَاعْ
مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاءَ فَقَدْ سَاءَنِي
…
تَرْكُ أَبَيْنَيْكَ إِلَى غَيْرِ رَاعْ
إِلَى أَبِي طَلْحَةَ أَوْ وَاقِدٍ
…
وَذَاكَ عِنْدِي حَقُّ عَيْنِ الضِّيَاع
أَبُو طَلْحَةَ وَوَاقِدٌ مَوْلَيَانِ لَيَحْيَى كَانَ أَوْصَى إِلَيْهِمَا، وَأَبُو طَلْحَةَ هَذَا جَدُّ أَبِي النَّضْرِ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ صَاحِبِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَكَانَ يَحْيَى بْنُ مُبَشِّرٍ مِنْ بَنِي رَبِيعَةَ بْنِ حَصْبَةَ بْنِ أَرْقَمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ.
وَكان مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَكَانَ خَلَيْفَةُ بْنُ حِصْنٍ الثَّعْلَبِيُّ صَاحِبَ شُرَطِ ابْنِ زِيَادٍ بِالْبَصْرَةِ، فَلَمَّا أُتِيَ عبْدُ الْمَلِكِ بِرَأْسِهِ لَمْ يَعْرِفْهُ، فَسَأَلَ عَنْهُ أَصْحَابَهُ، فَعَرَفَهُ الْحَكَمُ بْنُ نُهَيْكٍ الْهُجَيْمِيُّ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا وَاللَّهِ الْوَفِيُّ الْكَرِيمُ، هَذَا يَحْيَى بْنُ مُبَشِّرٍ الْيَرْبُوعِيُّ، فَأَمَرَ بهِ فَأُجِنَ، فَقَالَ جَرِيرُ بْنُ الْخَطَفِيُّ يَرْثِيهِ:
صَلَّى الِإِلهُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ مُبَشِّرٍ
…
أَمَّا ثَويْتَ بِمُلْتَقَى الأَجْنَادِ
وَالْخَيْلُ سَاطِعَةُ الْغُبَارِ كَأَنَّهَا
…
قَصَبٌ يُحَرَّقُ أَوْ رَعَيْلُ جَرَادِ
ثَبْتُ الطِّعَانِ إِذَا الْكُمَاةُ أَزَلَّهَا
…
عَرَقُ الْمَنُونِ يَجُلْنَ بِالأَلْبَادِ
مَأْوَى الْجِيَاعُ إِذَا السِّنُونُ تَتَابَعَتْ
…
وَفَتَى الطِّعَانِ عَشِيَّةَ الْعَصْوَادِ
وَقَالَ سَالِمُ بْنُ وَابِصَةَ الأَسَدِيِّ يَمْدَحُ مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ، وَيَذْكُرُ قَتْلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَمُصْعَبًا:
أَبْلِغْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رِسَالَةً
…
لَيْسَ الْمُحَامِرُ كَالْجَوَادِ الْمُسَهِبِ
فَاذْكُرْ وَلا تَجْعَلْ بَلاءَ مُحَمَّدٍ
…
وَالْخَاذِلِيكَ لَدَى الْحُرُوبِ كَجُنْدَبِ
يُدْعَا إِذَا مَا الْجَيْشُ أُحْسِنَ أَدْمُهُ
…
وَإِذَا يَكُونُ كَرِيهُهُ لَمْ يُنْدَبِ
لا تَجْعَلَنَّ مُؤثِّلا ذَا أُسْرَةٍ
…
ضَخْمًا سُرَادِقُهُ وَطِيءَ الْمَرْكَبِ
يَغْدُو إِذَا مَا الْحَرْبُ أُطْفِئَ نَارُهَا
…
وَيَرُوحُ مَزْهُوًّا عَظِيمَ الْمَوْكِبِ
يَتَّخِذُ السُّيُوفَ سُرَادِقًا
…
يَمْشِي بِرَايَتِهِ كَمَشْيِ الأَنْكَبِ
فَتَحَ الْإِلَهُ بِشِدَّةٍ لَكَ شَدَّهَا
…
مَا بَيْنَ مَشْرِقِهَا وَبيْنَ الْمَغْرِبِ
لَمَّا لَقِينَا أَهْلَ مَسْكِنَ غُدْوَةً
…
كَالطَّوْدِ فِي مُتَهَوِّلٍ مُتَنَكِّبِ
تَعْدُو جِيَادُهُمُ بِكُلِّ مُقَصِّصٍ
…
جُدُدِ الثِّيَابِ وَحَنْظَلِيٍّ مُذْنَبِ
وَمُحَزِّزِينَ لِحَاهُمُ خَشَبِيَّةٍ
…
قَتْلاهُمُ مَجْهُولَةٌ لَمْ تُنْسَبِ