الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَالَ: لِأَنَّهُمْ قَتَلُوا قَوْمًا مِنْ قَوْمِهِمْ، وَمَا كَانَ مِنْ خُذْلانِهِمْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه، فَحَقَدُوهُ عَلَيْهِمْ، وَحَنَقُوهُ وَتَوَارَثُوهُ، وَكُنْتُ أُحِبُّ لِأَمِيِرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَهُمْ، وَأَنْ أُخْرِجَ مِنْ مَالِي، فَكَلِّمْهُ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: أَفْعَلُ وَاللَّهِ.
فَكَلَّمَهُ وَقَبِيصَةُ حَاضِرٌ، فَأَخْبَرَهُ قَبِيصَةُ بِمَا كَانَ مِنْ مُحَاوَرَتِهِمْ.
فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَاللَّهِ مَا أَقْدِرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَدَعُونَا مِنْ ذِكْرِهِمْ، فَأَسْكَتَ الْقَوْمَ
185 -
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، قَالَ: " بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: إِنَّ
النَّاسَ قَدْ رَفَعَوا أَعْيُنَهُمْ وَمَدُّوا أَعْنَاقَهُمِ إِلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْ نَظَرْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فِيهِ لُوْثَةٌ
فَاسْتَمَلْنَاهُ، فَقَالَ عَمْرٌو: عِنْدَكَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، دَخَلَ عَلَيْهِ عَقِيلٌ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا يَزِيدَ أَنَا خَيْرٌ لَكَ أَمْ عَلِيٌّ؟ قَالَ: أَنْتَ خَيْرٌ لَنَا مِنْ عَلِيٍّ، وَعَلِيٌّ خَيْرٌ لِنَفْسِهِ مِنْكَ.
فَضَحِكَ مُعَاوِيَةُ، فَضَحِكَ عَقِيلٌ.
فَقَالَ لَهُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا أَبَا يَزِيدَ؟ قَالَ: أَضْحَكُ أَنِّي كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى أَصْحَابِ عَلِيٍّ يَوْمَ أَتَيْتُهُ، فَلَمْ أَرَ مَعَهُ إِلا الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَهُمْ، وَالْتَفَتُّ السَّاعَةَ فَلَمْ أَرَ إِلا أَبْنَاءَ الطُّلَقَاءِ، وَبَقَايَا الأَحْزَابِ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا أَهْلَ الشَّامِ، هَلْ تَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: لا، قَالَ: أَسَمِعْتُمْ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1]، قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَإِنَّهُ وَاللَّهِ عَمُّ هَذَا.
قَالَ عَقِيلٌ: صَدَقَ وَاللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ.
فَهَلْ قَرَأْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] ، فَهِيَ وَاللَّهِ عَمَّةُ مُعَاوِيَة، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: الْحَقْ بِأَهْلِكَ، حَسْبُنَا مَا لَقِينَا مِنْ أَخِيكَ.
قَالَ لَهُ عَقِيلٌ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتُ مَعَ عَلِيٍّ الدِّينَ وَالسَّابِقَةَ، وَأَقْبَلْتُ إِلَى دُنْيَاكَ، فَمَا أَصَبْتُ دِينَهُ، وَلا نِلْتُ مِنْ دُنْيَاكَ طَائِلا.
فَأَعْطَاهُ وَأَكْثَرَ لَهُ.
قَالَ: فَدَعَا مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا عَمْرُو، هَذَا الَّذِي زَعَمْتَ أَنَّهُ أَهْوَجُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ ! .
قَالَ: مَا ذَنْبِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ إِلا مَا تَعْلَمُ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فِي ذَلِكَ:
أَلا يَا عَمْرُو عَمْرُو قَبِيلِ سَهْمٍ
…
لَقَدْ أَخْطَأْتَ رَأْيَكَ فِي عَقِيلِ
بُلِيتُ بِحَيَّةٍ صَمَّاءَ بَانَتْ
…
تَلَفَّتُ أَيْنَ مُلْتَمَسُ الْقَبِيلِ
بِعَينٍ تُنْفِذُ الْبَيْدَاءَ لَحْظًا
…
وَنَابٍ غَيْرِ مَوْصُولٍ كَلِيلِ
وَقَدْ كَانَتْ تُرَجِّمُهُ قُرَيْشٌ
…
عَلَى عَمْيَاءَ مِنْ قَالٍ وَقِيِلِ
أَلا لِلَّهِ دَرُّ أَبِي يَزِيدَ
…
لَهَرَجِ الأَمْرِ وَالْخَطْبِ الَجَلِيلِ
فَمَا خَاصَمْتُ مِثْلَكَ مِنْ خَصِيمٍ
…
وَلا حَاوَلْتُ مِثْلَكَ مِنْ حَوِيلِ
أَتَانِي زَائِرًا وَرَأَى عَلِيًّا
…
قَلِيلَ المَالِ مُنْقَطِعَ الْخَلِيلِ
فَقِيلَ لَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حَرْبٍ
…
فَمَالَ أَبُو يَزِيدَ إِلَى مُمِيلِ
فَأَجْزَلْتُ الْعَطَاءَ لَهُ وَدَبَّتْ
…
عَقَارِبُهُ لِسَالِفَةِ الدُّخُولِ