الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهُ قَوْلُهُ: الرَّائِدُ لا يَكْذِبُ أَهْلَهُ، وَقَوْلُهُ:«لِكُلِّ حَالٍ عِنْدهُ عَتَادٌ» : يَعْنِي عُدَّةً قَدْ أُعِدَّ لَهُ، «لا يُوطِنُ الأَمَاكِنَ» : لا يَجْعَلُ لِنَفْسِهِ مَوْضِعًا يُعْرَفُ، إِنَّمَا يَجْلِسُ حَيْثُ يُمْكِنُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ حَاجَتُهُ، ثُمَّ فَسَّرَهُ، فَقَالَ:«يَجْلِسُ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ» ، وَقَوْلُهُ: لا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ: الْفَلَتَاتُ السَّقَطَاتُ، يُقَالُ مِنْهُ: نَثَوْتُ أَنْثُو، وَالِاسْمِ مِنْهُ النَّثَا.
212 -
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، سُئِلَ عَنِ
الْخَطِّ، فَقَالَ: «عِلْمٌ أُوتِيَهُ نَبِيٌّ، فَمَنْ وَافَقَ عِلْمُهُ عِلْمَ ذَلِكَ النَّبِيِّ فَقَدْ عَلِمَ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْهُ فَقَدْ
أَخْطَأَ»
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ، قَالَ: خُصَّتِ الْعَرَبُ بِخِصَالٍ: بِالْكَهَانَةِ وَالْقِيَافَةِ وَالْعِيَافَةِ وَالنُّجُومِ وِالْحِسَابِ، فَهَدَمَ الْإِسْلامُ الْكَهَانَةَ وَثَبَّتَ الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ
214 -
حُدِّثْتُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسِّيبِ، قَالَ:«»
اشْتَرَكَ ثَلاثَةٌ فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ، فَوَلَدَتْ، فَجَاءَتْ بِغُلامٍ، فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ يَدَّعِيهِ، فَدَعَا عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ ثَلاثَةً مِنَ الْقَافَةِ، وَكَانَ عُمَرُ قَائِفًا، فَأَمَرَ الصَّبِيَّ فَوَضِعَ قُدَّمَهُ عَلَى صَعِيدٍ أَوْ رَمَادٍ، وَوَطِئَ الْقَوْمُ ذَلِكَ الصَّعِيدَ، ثُمَّ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَافَةِ: انْظُرْ.
فَيَنْظُرْ فَيَقُولُ: قَدْ أَخَذَ الشَّبَهُ مِنْهُمْ جَمِيعًا فَمَا أَدْرِي لِأَيِّهِمْ هُوَ، فَنَظَرَ عُمَرُ، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِمْ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقُولُ ذَلِكَ سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ كَانَتِ الْكَلْبَةُ يَنْزُو عَلَيْهَا الأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ وَالأَبْلَقُ وَالأَنْمَرُ، فَتُؤَدِّي إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُشَابَهَةً، وَلَمْ أَدْرِ أَنْ هَذَا الأَمْرَ فِي النَّاسِ، فَجَعَلَهُ عُمَرُ لَهُمْ، يَرِثُهُمْ وَيَرِثُونَهُ، وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمْ «»
215 -
حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، بِإِسْنَادٍ، قَالَ: قَدِمَ قَادِمٌ مِنَ الْيَمَنِ مِنْ عِنْدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، " فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَنِ الْخَبَرِ، فَقَالَ: نُخْبِرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ
ثَلاثَةَ نَفَرٍ تَقَدَّمُوا إِلَيْهِ، وَقَدِ اشْتَرَكُوا فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ، فَقَالَ: أَنْتُمْ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ، وَقَدْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ
فَكُلُّهُمْ يَدَّعِيهِ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَلْحَقَهُ بِهِ، وَأَغْرَمَ الْآخَرَيْنِ ثُلُثِي الدِّيَةِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَمَا أَنْكَرَ ذلك مِنْ فِعْلِ عَلِيٍّ عليه السلام "
حَدَّثَنِي عَلَيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: " وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ ابْنٌ أَسْوَدٌ، فَنَفَاهُ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَافَةِ، فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْهُمْ، فَقَالَ أَبُو الْغُلامِ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: إِنَّ فِي نَفْسِي مِنْ هَذَا الْغُلامِ شَيْئًا، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي لَقِيتُ فُلانًا الْقَائِفَ، فَأَسْأَلَهُ.
قَالَ: فَهُوَ وَاللَّهِ مِنْكَ قَرِيبٌ، أَنَا آتِيكَ بِهِ، فَآتَاهُ بِهِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: هُوَ ابْنُكَ.
قَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَلا أَعْلَمُهُ.
وَلَدِي أَسْوَدُ؟ ! قَالَ: فَهُوَ ابْنُكَ، فَبَيْنَا هُوَ يُحَدِّثُهُ، إِذْ خَرَجَ أَسْوَدُ مِنَ الدَّارِ، فَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ أَبُوكَ، فَدَخَلَ إِلَى أُمِّهِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا.
قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ إِلا عُقُوبَةٌ بِنَفْيِكَ ابْنِكَ، أَيْ وَاللَّهِ لَقَدْ وَقَعَ عَلَيَّ وَقْعَةً وَهُوَ شَابٌّ رَأَيْتُهُ فَأَعْجَبَنِي فَعَلِقْتُ بِكَ
حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلْمٍ: قَالَ: قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الْقَافَةِ: كَيْفَ أَنْتُمْ فِي الأَقْدَامِ؟ قَالَ: ذَلِكَ أَيْسَرُ الأَشْيَاءِ عَلَيْنَا، إِنَّ السُّرَّاقَ لَيَجُرُّونَ الأَكْيِسَةَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ لِيُخْفُوا آثَارَهُمْ فَنَعْرِفَهُمْ
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَجُلٌ: " شَرَدَتْ لَنَا إِبِلٌ فَأَتَيْتُ حَلْبَسًا الأَسَدِيَّ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ لِبُنَيَّةٍ لَهُ: خُطِّي.
فَخَطَّتْ وَنَظَرَتْ، ثُمَّ تَقَبَّضَتْ وَقَامَتْ، وَنَظَرَ حَلْبَسٌ فَضَحِكَ، فَقَالَ: أَتَدْرِي لِمَ قَامَتْ؟ قُلْتُ: لا.
قَالَ: رَأَتْ أَنَّكَ تَجِدُ إِبِلَكَ، وَأَنَّكَ تَتَزَوَّجُهَا، فَاسْتَحْيَتَ فَقَامَتْ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ فَأَصَبْتُ إِبِلِي، ثُمَّ تَزَوَّجْتُهَا بَعْدُ
حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَائِدٍ، قَالَ: قَالَ شُرَيْحُ بْنُ الأَقْعَسِ الْعَنْبَرِيُّ: " عَزَبَتْ لِي إِبِلٌ وَأَتَيْتُ رَجُلا مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَقُلْتُ: انْظُرْ لِي.
قَالَ: فَخَطَّطَ خُطُوطًا، فَقَالَ: تُصِيبُ إِبَلَكَ بِكُنَاسَةِ الْكُوفَةِ.
فَقُلْتُ: بَيِّنْ.
قَالَ: وَتَذْهَبُ عَيْنُكَ.
قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: وَتُزَوَّجُ امْرَأَةً أَشْرَفَ مِنْكَ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ وَمَا شَيْءٌ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصُيبَ إِبِلِي، لِيَكْذِبَ فِيمَا قَالَ.
فَأَتَيْتُ الْكُنَاسَةَ، فَأَصَبْتُ إِبِلِي، وَخَرَجْتُ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَذَهَبَتْ عَيْنِي، وَحَجَجْتُ مَعَ ابْنَةِ قَيْسِ بْنِ الْخَشْخَاشِ الْعَنْبَرِيِّ.
فَقَالَتْ لِي مَوْلاةٌ لَهَا فِي الطَّرِيقِ: هَلْ لَكَ أَنْ تَزَوَّجَ مَوْلاتِي؟ قُلْتُ: وَدِدْتُ.
قَالَتْ: فَاخْطُبْهَا إِذَا قَدِمْتَ.
فَفَعَلْتُ، فَأَبُوا ذَلِكَ، لَمْ أَزَلْ حَتَّى زَوَّجُونِيهَا
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ: لَقِيَنِي إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَأنَا لا أَعْرِفُهُ، وَلا يَعْرِفُنِي، فَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَنْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: عَرَفْتُكَ بِشَبَهِ عَمِّكَ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ.
قَالَ: قُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، وَأَيْنَ أَنَا مِنْ عَمِّي، وَعَمِّي رَجُلٌ ضَخْمٌ أَمْعَزُ، وَأَنَا آدَمُ نَحِيفُ الْجَسْمِ؟ .
قَالَ: فَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: لَيْسَ الْقِيَاسُ عَلَى هَذَا
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ: " أَقْبَلْنَا مِنْ مَكَّةَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَلَمَّا كُنَّا بِالثَّعْلَبِيَّةِ أَتَى رَجُلٌ مِنَّا حَلْبَسًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، فَخَطَّ لَهُ وَنَظَرَ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّكَ لا تَدْخُلُ الْكُوفَةَ حَتَّى تُصِيبَ مَالا.
فَلَمَّا صِرْنَا بالنَّجَفِ، تَلَقَّاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ: أَنْ أَخَاهُ مَاتَ فَوَرَّثَهُ مَالا كَثِيرًا، وَرَوَاهُ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أَبِي الْيَقظَانِ: تُصِيبُ مَالا مِعَ مُصِيبَةٍ
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَسْلَمْةَ بْنِ مُحَارِبٍ، قَالَ: " خَرَجَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، وَمَالِكُ بْنُ خِدَاشٍ الْخُزَاعِيُّ، غَازِيَيْنِ، فَمَرَّا بِامْرَأَةٍ وَعَلَيْهَا جَمَاعَةٌ، وَهِي تَخُطُّ لَهُمْ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَضَحِكَ مُسْتَهْزِئًا بِهَا، فَقَالَتْ: أَيُّهَا الضَّاحِكُ، أَمَا وَاللَّهِ لا تَخْرُجُ مِنْ سِجِسْتَانَ حَتَّى تَمُوتَ، فَيَتَزَوَّجُ هَذَا الرَّجُلُ امْرَأَتَكَ، وَأَشَارَتْ إِلَى عُمَرَ، فَمَاتَ بِسِجِسْتَانَ، وَتَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ عُمَرُ، وَهِي رَمْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِيِّ
حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ شَيخٌ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ: " مَرَّ زَيْدُ بْنُ الأَخْنَسِ بِرَجُلٍ يَضْرِبُ امْرَأَةٌ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ فَقَالَتْ أُمُّ الرَّجُلِ: إِنَّهَا أَتَتْهُ بِأَسْوَدَ ثُمَّ أَسْوَدَ، وَلَمْ يَكُ فِي جِنْسِهِ أَسْوَدُ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى ابْنِهَا، فَقَالَ لَهُ زَيْدُ: لا تَضْرِبِ الْمَرْأَةَ، إِنَّمَا أُتِيتَ مِنْ قِبَلِ أُمِّكَ، أَبُوكَ عَبْدُكَ الَّذِي يَرْعَى عَلَيْكَ، ثُمَّ مَضَى.
قَالَ: فَسَأَلَ أُمَّهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَقَرَّتْ لَهُ أَنَّهُ أَبُوهُ وَمَرَّ زَيْدُ بْنُ الأَخْنَسِ وَافِدًا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَرَأَى صَبِيَّةً عَلَى مَاءٍ مِنَ الْمِيَاهِ، فَقَالَ: بِنْتُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَاللَّهِ.
فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا بُنَيَّةٌ لَكَ؟ ، مَرَرْتُ بِمَاءِ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا هِيَ بِهِ؟ فَسَأَلَ عَنْهَا، فُوُجِدتَ مِنْ أَمَةٍ كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَطِئَهَا ثُمَّ خَرَجَتْ لِسَبَبٍ مِنَ الأَسْبَابِ.
عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ، قَالَ: " أَتَى قَاضٍ مِنْ قُضَاتِنَا بِصَبِيٍّ قَدْ شَكَّ فِيهِ أَبُوهُ، فَدَعَا لَهُ الْقَافَةَ، فَقَالُوا: شَرِكَ فِيهِ بَرْبَرِيٌّ، فَسَأَلُوا أُمَّهُ، فَقَالَتْ: اشْتَرَانِي الْبَرْبَرِيُّ، ثُمَّ وَقَعَ بِي، ثُمَّ اشْتَرَانِي هَذَا، فَوَقَعَ بِي.
فَقَالَ الْقَاضِي: لَوْ كُنْتُمَا اجْتَمَعْتُمَا لَأَلْحَقْتُهُ بِكُمَا، فَأَمَّا إِذَا كُنْتَ وَحْدَكَ فَقَدْ أَلْحَقْتُهُ بِكَ ".
وَحَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: " حَجَجْتُ، فَصَحِبَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لِيَ ابْنٌ أَشُكُّ فِيهِ، فَبَعَثَ إِلَى مُلَأهِ، فَلَمْ يَتْرُكُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ إِلا أَثَرَ فِيهَا أَثْرَةً وَأَثَرَ الْمَشْكُوكَ فِيهِ، فَلَمَّا قَضَيْنَا النُّسُكَ بَعَثَ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَنَظَرَ، فَقَالَ: هَذَا أَثَرُ الْمَشْكُوكِ فِيهِ، وَهَذَا أَبُوهُ، وَهَذِهِ أُمُّهُ، وَهَذَا أَخُوهُ حَتَّى أَلْحَقَهُ بِقَرَابَتِهِ مِنْ أَبِيهِ وَأَلْحَقَهُ بِأَبِيهِ
سَمِعْتُ الْمَدَائِنِيُّ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ وَلَّى الْحَسَنَ بْنَ زَيْدٍ الْمَدِينَةَ، ثُمَّ غَضِبَ عَلَيْهِ فَعَزَلَهُ وَبِيعَتْ أَمُوَالُهُ، فَاشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَمَةً لَهُ، فَلَمَّا أَرَادَهَا، قَالَتْ: إِنَّ ابْنَ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ قَدْ وَقَعَ بِي، وَبِي حَمْلٌ، فَكَفَّ عَنْهَا، فَوَضَعَتْ غُلامًا، فَخَرَجَ بِهِ إِلَى وَلَدِ الْحَسَنِ، فَخَرَجُوا جَمِيعًا، فَأَتَوْا وَالِيَ مَكَّةَ، فَبَعَثَ إِلَى شَيْخٍ مِنَ الْقَافَةِ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الْغُلامَ لَهُ نَسَبٌ يُلْحِقُهُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ تَنْفِيهِ مِنْهُ.
قَالَ: فَخَرَجَ الشَّيْخُ يِتَخَطَّى النَّاسَ وَيُفَرِّقُ، فَأَخَذَ بِيَدِ الْغُلامِ، فَقَالَ: هَذَا عَمُّهُ فَصِيحَ بِهِ فَتَرَكَهُ، ثُمَّ أَتَى آخَرَ، قَالَ: هَذَا عَمُّهُ.
فَصِيحَ بِهِ فَتَرَكَهُ، حَتَّى عَدَّدَ وَلَدَ الْحَسَنِ غَيْرَ أَبِيهِ، وَأَرَاهُ مُتَّكِئًا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ الشَّيْخُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا أَبُو الْغُلامُ فَأُلْحِقَ بِهِ
228 -
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبِ، قَالَ: " دَخَلَ ابْنُ السَّمَّاكِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ الرَّشِيدِ، حِينَ وَلِيَ الْخِلافَةَ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ غَيْرَ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيِّ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: يَا ابْنَ السَّمَّاكِ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَزَلْ يَذْكُرُكُ وَهُوَ إِذْ ذَاكَ وَلِيُّ عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَحَبَّ أَنْ تَكُونَ مِنْهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ قَرِيبًا، لِمَا بَلَغَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ صَلاحِكَ فِي نَفْسِكَ، وَحُسْنِ ذِكْرِكَ.
فَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: أَمَّا مَا ذَكَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ صَلاحِنَا فِي أَنْفُسِنِا، فَذَلِكَ سِتْرُ اللَّهِ، وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ يَطَّلِعُ النَّاسُ مِنَّا عَلَى ذَنْبٍ وَاحِدٍ، مَا ثَبَتَ لَنَا قَلْبٌ عَلَى مَوَدَّةٍ، وَلا لِسَانٌ عَلَى مَدْحَةِ، وَقَدْ خِفْتُ مِنَ السَّتْرِ الْفِتْنَةَ، وَمِنَ الْمَدْحِ الْغِرَّةَ، فَأَنَا خَائِفٌ أَنْ أَهْلَكَ بَيْنَهُمَا، وَأَنْ أَعْطَبَ مَنْ قِلَّةِ الشُّكْرِ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ سَكَتَ ابْنُ السَّمَّاكِ.
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: تَكَلَّمْ يَا ابْنَ السَّمَّاكِ.
قَالَ: وَقَدْ هَيَّأْتُ لَهُ كَلامًا كَانَ عِنْدِي مَصُونًا، فَذَهَبَ وَاللَّهِ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى لَمْ يَرْضَ لِخِلافَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ، غَيْرَكَ فَلا تَرْضَ لِلَّهِ إِلا بِطَاعَتِكه، وَبِمَا يُرْضِيهِ عَنْكَ، فَإِنَّكَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وَأَحَقُ النَّاسِ بِذَلِكَ.
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنْ عَمِلَ فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ فِي أَيَّامِ مَهْلِهِ مِنْ قَبْلِ حُضُورِ أَجَلِهِ كَانَ خَلِيقًا أَنْ يُعْتِقَ نَفْسَهُ.
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنْ أَذَاقَتْهُ الدُّنْيَا حَلاوَتَهَا بِرُكُونٍ مِنْهُ إِلَيْهَا، أَذَاقَتْهُ الْآخِرَةُ مَرَارَتَهَا بِتَجَافِيهِ عَنْهَا، وَمَا اسْتَوَى الطَّعْمَانِ فِي عُذُوبَتِهِمَا، وَمَرَارَتِهِمَا.
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أُنْشِدُكَ اللَّهَ، أَنْ تُقْدِمَ غدًا عَلَى جَنَّةٍ، عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، لَيْسَ لَكَ فِيهَا نَصِيبٌ.
إِنَّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ دُعِيتَ إِلَى الْجَنَّةِ، وَنُدِبْتَ إِلَيْهَا فَلا تُقَصِّرَنَّ بِنَفْسِكَ فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ الْحُجَّةَ لَكَ أَلْزَمُ وَهِيَ عَلَيْكَ أَعْظَمُ.