الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: هَذَا شِعْرُ أَخِيكَ قَسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
قَالَ: مَا عَلِمْتُهُ.
قَالَ: " بَلَى هُوَ أَنْشَدَنِيهِ، وَعَنْهُ أَخَذْتُهُ، وَإِنَّ لَكَ فِيهِ لَعِبْرَةً قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَفَّقَكَ اللَّهُ وَسَدَّدَكَ، أَمَرْتَ بِخَيْرٍ وَحَضَضْتَ عَلَيْهِ، وَتَرَكَ فُرَاتٌ كَثِيرًا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فَلِيحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ مَالِكَ بْنِ نُوَيْرَةَ كَانَ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ، فَلَمَّا قُتِلَ أَمَرَ خَالِدٌ بِرَأْسِهِ فَنُصِبَ أُثْفِيَّةً لِقِدْرٍ فَنَضِجَ مَا فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُصَ النَّاسُ إِلَى شُئُونِ رَأْسِهِ " أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ الأَخْنَسِ هَجَا الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَضَرَبَ رِجْلَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانُ فَغَضِبَ، وَقَامَ خَطِيبًا فَذَكَرَ قِصَّةً.
عَنْ حَبِيبِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيَّ، أَوْ غَيْرِهِ: مَرَّ الْمِنْهَالُ التَّمِيمِيُّ عَلَى أَشْلاءِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ، هُوَ وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ حِينَ قَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَخْرَجَ مِنْ خَرِيطَةٍ لَهُ ثَوْبًا فَكَفَّنَهُ فِيهِ وَدَفَنَهُ.
وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ مُتَمِّمٌ:
لَقَدْ غَيَّبَ الْمنْهَالَ تَحْتَ رِدَائِهِ
…
فَتًى غَيْرُ مِبْطَانِ الْعَشِيَّاتِ أَرْوَعَا
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِقَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ وَأَدْتَ» ؟ قَالَ: وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ وَأَدَ، فَقَالَ: خَشِيتُ أَنْ يُخَلَّفَ عَلَيْهِنَّ غَيْرُ كُفْءٍ.
قَالَ: فَصِفْ لَنَا نَفْسَكَ.
فَقَالَ: أَمَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَا هَمَمْتُ بِمَلامَةٍ، وَلا حُمْتُ عَلَى تُهْمَةٍ، وَلَمْ أُرَ إِلا فِي خَيْلٍ مُغِيرَةٍ أَوْ نَادِي عَشِيرَةٍ، أَوْ حَامِي جَرِيرَةٍ.
وَأَمَّا فِي الإِسْلامِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] ، فَأُعْجِبَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ
425 -
عَنْ مِحْجَنٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: " كَانَ مُعَاوِيَةُ يُفَضِّلُ مُزَيْنَةَ فِي الشِّعْرِ، وَيَقُولُ: كَانَ
أَشْعَرَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى، وَكَانَ أَشْعَرَ أَهْلِ الإِسْلامِ ابْنُهُ كَعْبٌ، وَمَعْنُ بْنُ أَوْسٍ "
عَنِ
الْكَلْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا هَلَكَ حَنْظَلَةُ بْنُ نَهْدِ بْنِ زَيْدٍ، لَمْ يُدْفَنْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى أَتَاهُ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ، وَأَتَاهُ مِنْ كُلِّ حَيٍّ وُجُوهُهُمْ، فَقَامَتِ الْخُطَبَاءُ بِالتَّعْزِيَةِ، وَقِيلَتْ فِيهِ الأَشْعَارُ حَتَّى عُدَّ ذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ بَعْضِ مَوَاسِمِ الْعَرَبِ.
فَلَمَّا وُورِيَ فِي حُفْرَتِهِ قَامَ جَدِيلَةُ بْنُ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا حَنْظَلَةُ بْنُ نَهْدٍ فَكَّاكُ الأَسِيرِ، وَطَارِدُ الْعَسِيرِ، فَهَلْ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مُجَازٍ بِفِعْلِهِ، أَوْ حَامِلٌ عَنْهُ مِنْ ثِقَلِهِ، كَلا وَأَجَلْ، إِنَّ مَعَ كُلِّ جَرْعَةٍ لَكُمْ شَرَقًا، وَفِي كُلِّ أَكْلَةٍ لكم غَصَصًا، لا تَنَالُونَ نِعْمَةً إِلا بِفِرَاقِ أُخْرَى، وَلا يَسْتَقْبِلُ مُعَمَّرٌ يَوْمًا مِنْ عُمُرِهِ إِلا بِهَدْمِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ، وَلا يَجِدُ لَذَّةَ زِيَادَةِ أَكْلِهِ إِلا بِنَفَادِ مَا قِبَلَهُ مِنْ رِزْقِهِ، وَلا يَحْيَى لَهُ أَثَرٌ إِلا مَاتَ أَثَرٌ، إِنَّ فِي هَذَا لَعِبَرًا وَمُزْدَجَرًا لِمَنْ نَظَرَ، لَوْ كَانَ أَصَابَ أَحَدٌ إِلَى الْبَقَاءِ سُلَّمًا، وَوَجَدَ إِلَى الْمَرْحَلِ عَنِ الْفَنَاءِ سَبِيلا، لَكَانَ ابْنَ دَاوُدَ الْمَقْرُونَ لَهُ النُّبُوَّةُ بِمُلْكِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
وَهَذَا صَاحِبُ الْمُلْكَيْنِ أَضْحَى
…
تُخَرِّقُ فِي مَصَانِعِهِ الْمَنُونُ
فَكَانَ عَلَيْهِ لِلأَيَّامِ دَيْنٌ
…
فَقَدْ قُضِيَتْ عَنِ الْمَرْءِ الدُّيُونُ
وَخَانَتُهُ الْعَصَا مِنْ بَعدِ مَا قَدْ
…
أَتَى مَيْتًا لَهُ حِينٌ فَحِينُ
عَلَى الْكُرْسِيِّ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ
…
تَحَارُ الشَّمْسُ فِيهِ وَالْعُيُونُ
وَتَضْحَى الْجِنُّ عَاكِفَةٌ عَلَيْهِ
…
كَمَا عَكَفَتْ عَلَى الأُسْدِ الْعَرِين
وَسُخَّرَتِ الْعُيُونُ لَهُ جَمِيعًا
…
عَلَيْهِ الطَّيْرُ عَاكِفَةً عَرِينُ
فَلَمْ أَرَ مِثْلَهَ حَيًّا وَمَيْتًا
…
عَلَى الأَيَّامِ كَانَ وَلا يَكُونُ
فَدَانَ لَهُ الْخَلائِقُ ثُمَّ هَبُّوا
…
وَدَانَ فِيمَا قَدْ يَدِينُ
بَنَى صَرْحًا لَهُ دُونَ الثُّرَيَّا
…
وَأُجْرِيَ تَحْتَهُ الْمَاءُ الْمَعِينُ
تَرَاهُ مُتْقَنًا لا عَيْبَ فِيهِ
…
يَخَالُ بِصَرْحِهِ الذِّهْنُ الذَّهِينُ
وَقَدْ مَلَكَ الْمُلُوكَ وَكُلَّ شَيْءٍ
…
تَدِينُ لَهُ السُّهُولَةُ وَالْحُزُونُ
فَأَفْنَى مُلْكَهُ مَرَّ اللَّيَالِي
…
وَخَوْنَ الدَّهْرِ فِيمَا قَدْ يَخُونُ
وَكُلُّ أَخِي مَكَاثِرِهِ وَعِزٍّ
…
إِلَى رَيْبِ الْحَوَادِثِ مُسْتَكِينُ
كَذَاكَ الدَّهْرُ يُفْنِي كُلَ حَيٍّ
…
وَيَعْقُبُ بَعْدَ قُوَّتِهِ الْيَقِينُ
ثُمَّ قَامَ ابْنُ كَثِيرِ بْنُ عُذْرَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَمِيمٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا حَنْظَلَةُ بْنُ نَهْدٍ مَعْدِنُ الْحُكَمَاءِ، وَعِزُّ الضَّعَفَاءِ، وَمُعْطِي الْيَانِعِ، مُطْعِمُ الْجَائِعِ، فَهَلْ مِنْكُمْ لَهُ مَانِعٌ؟ أَوْ لِمَا حَلَّ بِهِ دَافِعٌ! .
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الْبَقَاءُ بَعْدَ الْفَنَاءِ، وَقَدْ خُلِقْنَا وَلَمْ نَكُ شَيْئًا، وَسَنَعُودُ إِلَى ذَلِكَ.