الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُوهُ وَعَمُّهُ طَابَتْ أَنْفُسُهُمَا فَانْصَرَفَا، فَدُعِيَ: زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْحَدِيثِ:«فَزَوَّجَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الأَسَدِيَّةَ، وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلَبِ بْنِ هَاشِمِ، فَطَلَّقَهَا زَيْدٌ، فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم» ، فَتَكَلَّمَ الْمُنَافِقُونَ فِي ذَلِكَ، وَطَعَنُوا فِيهِ، وَقَالُوا: مُحَمَّدٌ يُحَرِّمُ نِسَاءَ الْوَلَدِ، وَقَدْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِهِ زَيْدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5]، فَدُعِيَ يَوْمَئِذٍ:«زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ» ، وَدُعِيَ الأَدْعِيَاءُ إِلَى آبَائِهِمْ، فَدُعِيَ الْمِقْدَادُ إِلَى عَمْرٍو، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ: الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ، وَكَانَ الأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ قَدْ تَبَنَّاهُ
177 -
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلاتَهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِهِ
كَانَ يُكَنَّى، وَكَانَ يُقَالُ لأُسَامَةَ: الْحِبُّ ابْنُ الْحِبِّ، وَكَانَ زَيْدٌ وَصِيَّ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ "
178 -
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَيَّاحِ، أَوْ مَنَّاحٍ، قَالَ:
لَمَّا هَاجَرَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كَلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ "، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَمَّا عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو
بْنِ قَتَادَةَ، فَقَالَ: " نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ
179 -
حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَمَّليُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: صَلَّى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِأَصْحَابِهِ صَلاةً أَوْجَزَ فِيهَا، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ خَفَّفْتَ، قَالَ: أَمَّا عَلَى ذَلِكَ قَدْ دَعَوْتُ بِدَعَوَاتٍ سَمِعْتُهُنَّ مَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ فَاتَّبَعَهُ، فَسَأَلَهُ عَنِ الدُّعَاءِ، فَقَالَ:
«اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَبِقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي مَا كَانَتِ الْوَفَاةُ
خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحُكْمِ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لا يَبِيدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ نَظَرٍ إِلَى وَجْهِكَ، وَأَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلا فَتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيَّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ»
حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: " خَرَجَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَاجًّا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَهُوَ وَلِيُّ عَهْدٍ، فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ فِي دَارِ مَرْوَانَ، فَسَأَلَهُ، مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم؟ فَقِيلَ: سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَأَتَاهُ، فَرَحَّبَ بِهِ، وَأَمَرَ لَهُ بِمِائَتَيِ دِينَارٍ، وَسَأَلَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَأُخْبِرَ أَنَّهُ تُوفِّيَ قَبْلَ قُدُومِهِ بِشَهْرٍ، فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ لِأُنَاسٍ فِي الْمَدِينَةِ بِزِيَادَاتٍ فِي دَوَاوِينِهِمْ، وَقسَّمَ قِسْمًا لَيْسَ بِالْكَثِيرِ، وَبَعَثَ إِلَى أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، وَهُوَ عَامِلٌ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أُحْرِمُ؟ قَالَ: مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ.
فَأَرْسَلَ الْوَلِيدُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسيِّبِ، فَقَالَ: أَحْرِمْ مِنَ الْبَيْدَاءِ، وَسَاقَ بُدْنًا وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ مُنْفَرِدًا، وَجَلَّلَ بُدْنَهُ الْيُمْنَةَ وَالْقَبَاطِيَّ، وَسَارَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إِلَى بَطْنِ مَرٍّ، فَاسْتَقْبَلَهُ وُجُوهُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تَسْتَقْبِلُونِي بِعُسْفَانَ؟ فَتَعَذَّرُوا إِلَيْهِ بِبَعْضِ مَا يَتَعَذَّرُ بِهِ النَّاسُ، فَلَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَوْ كَانَتْ فِتْنَةٌ لَكُنْتُمْ إِلَيْهَا سِرَاعًا، خَالَفْتُمْ وَشَقَقْتُمُ الْعَصَا، وَنَازَعْتُمُ الأَمْرَ أَهْلَهُ تِسْعَ سِنِينَ، ثُمَّ وَلِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَصَفَحَ عَنْكُمْ، وَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِكُمْ، فَلَمْ تَشْكُرُوا ذَلِكَ، وَلَمْ تَعْرِفُوا قَدْرَ مَا فَعَلَ بِكُمْ.
فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، إِنِّهُمْ قَوْمُكَ وَعَشِيرَتُكَ وَلَيْسَ كُلَّهُمْ عَلَى خِلافِكَ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ مَعَكَ وَإِلَيْكَ، وَلَكِنَّهُمْ غُلِبُوا وَقُهِرُوا، فَمَا يَقْدِرُونَ عَلَى غَيْرِ مَا صَنَعُوا.
فَقَالَ الْوَلِيدُ: مَا أَعْرَفَنِي بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ مَنْ كَانَ مِثْلَكَ؟ فَقَالَ الْحَارِثُ: فَنَحْنُ عَلَى مَا يُحِبُّ الأَمِيرُ، قَدِمَ حَاجًّا مُعَظِّمًا لِهَذَا الْبَيْتِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَإِنْ رَأَى الأَمِيرُ أنْ يُعْرِضَ عَنْ هَذَا فَعَلَ، وَيُقْبِلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَهُ احْتِمَالٌ لِهَذَا، وَاتِّسَاعٌ.
قَالَ: أَفْعَلُ.
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَبَلَغَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا صَنَعَ بِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا وَهُوَ بِالطَّرِيقِ يُؤَنِّبُهُ وَيَقُولُ: مَا كَانَ حَقُّكَ أَنْ تَفْعَلَ هَذَا بِهِمْ، وَقَدْ رَأَيْتَنِي صَفَحْتُ عَنْهُمْ، وَأَنَا الْمُرَادُ بِهَذَا، وَأَنْتَ لَكَ الْعَهْدُ، وَلِأَخِيكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَكَانَ حَقُّكَ أَنْ تَلِينَ وَتُقَرِّبَهُمْ، وَتَقْبَلَ عُذْرَهُمْ.
لَعَمْرِي إِنَّ هَذَا لَمَوْضُوعٌ عَنْهُمْ وَقَدْ رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ، وَقَبْلَكَ أَبِي رحمه الله وهُوَ وَالٍ عَلَى الْمَدِينَةِ مَا يَسْتَقْبِلُونَهُ إِلا بِذِي طُوًى وَشَبَهِهَا، وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وَاغْتَمَّ بِهِ