المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ عبد الرحمن بن حسان كان يشبب بابنة معاوية، ويذكرها في شعره، فقال الناس لمعاوية: لو جعلته - الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

[الزبير بن بكار]

فهرس الكتاب

- ‌«أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ أَشْرَكَهُ اللَّهُ فِي سُلْطَانِهِ فَجَارَ فِي حُكْمِهِ» .قَالَ الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ:

- ‌«مَنْ تَعَرَّضَ لِلْتُهْمَةِ فَلا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ، وَمَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَ الْخِيَارُ إِلَيْهِ، وَمَنَ أَفْشَاهُ كَانَ

- ‌ هَذَا وَالِدِي حَقًّا…وَمَا كُنْتُ بِهِ عَقًّابَذَلْتُ الْمَالَ فِي رِفْقٍ…وَمَا كُنْتُ بِهِ نَزْقًافَلَمَّا خَفَّ مِنْ مَالِي

- ‌«أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ»

- ‌ مَا تَصْنَعُ بِعَهْدِي يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: أَتَّخِذَهُ إِمَامًا وَلا أَعْصِيهِ.قَالَ: ارْدُدْ عَلَيَّ عَهْدِي.قَالَ: تَعْزِلُنِي

- ‌ خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فِي غَزْوَةِ إِفْرِيقِيَّةَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ جُرْجِيرَ مَلِكِ الْغَرْبِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ

- ‌ قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، فَقَالَتْ عَائِشَةُ:فَإِنْ تَكُ نَاعِيًا فَلَقَدْ نَعَاهُ…نَعِيٌّ لَيْسَ فِي فِيهِ

- ‌ حَضَرَ قَوْمٌ مِنْ قُرَيشٍ مَجْلِسَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أَمَيَّةَ

- ‌ أَلَسْتَ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ؟ ، قَالَ: لا، وَلَكِنَّنِي مِمَّنْ حَضَرَهُ فَلَمْ يَنْصُرْهُ.قَالَ: وَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِهِ؟ قَالَ: لَمْ

- ‌ فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ جَوَارِيهِ، فَقَالَ لَهُنَّ: تُغَنِّيِنَّ لِمَعْبَدٍ؟ فَفَعَلْنَ.فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَذَا الْحِدَاءُ.فَقَالَ لَهُنَّ:

- ‌ لا تَنْتَفِيَنَّ مِنْ وَلَدٍ نَكَحْتَ أُمَّهُ، وَاعْلَمْ أَنْ كُلَّ أَمَانَةٍ مُؤَدَّاةٌ، وَأَنَّ الرَّغَائِبَ فِي رَكْعَتِي

- ‌«مَنْ كَثُرَ مَالُهُ اشْتَدَّ حِسَابُهُ، وَمَنْ كَثُرَ تَبَعُهُ كَثُرَ شَيْاطِينُهُ، وَأَنَّ الْعَبْدَ كُلَّمَا ازْدَادَ مِنَ السُّلْطَانِ قُرْبًا

- ‌ لَمَّا ادَّعَى مُعَاوِيَةُ زِيَادًا، وَآثَرَ عَمْرَو بْنِ الْعَاصِ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَرَّبَهُمَا دُونَهُمْ جَزِعَ بَنُو أُمَيَّةَ مِنْ ذَلِكَ

- ‌ دَفْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، قَامَ عَلِيٌّ عَلَى الْقَبْرِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:لُكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ

- ‌«رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا وَمَا مَلَكَ، لَوْ كَانَ مِنْ جَبَلٍ لَكَانَ فِنْدًا، أَوْ مِنْ حَجَرٍ لَكَانَ صَلْدًا، عَلَى مِثْلِ مَالِكٍ فَلْتَبْكِ

- ‌ أُتِيُ عُمَرُ بِبُرُودٍ، فَقَالَ لِلَّذِي أَتَاهُ بِهَا: أَخْرِجْ لِي خَيْرَهَا وَشَرَّهَا، ثُمَّ قَالَ: عَلَيَّ بِالْحَسَنِ، فَلَمَّا أَتَاهُ دَفَعَ

- ‌ وَلِينَاكُمْ قَرِيبًا، وَعَدْلُنَا عَلَيْكُمْ خَيْرٌ مِنْ خُطَبِنَا فِيكُمْ، وَإِنْ أَعِشْ يَأْتِكُمُ الْكَلامُ عَلَى جِهَتِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌ رَدَدْتُ أَمْرَ الْمُسِلِمِينَ إِلَيْكَ فَدَبِّرْهُمْ بِرَأْيِكَ، وَاتَّقِ اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ مَعَادُكَ، فَقَدْ أَخْرَجْتُ مِنْ رَقَبَتِي ذَلِكَ

- ‌ مَا نُطْعِمُكَ يَا ابْنَ حَسَّانٍ؟ قَالَ: سَمَكًا.قَالَ: فَمَا نَسْقِيكَ؟ قَالَ: سَوِيقًا.فَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الأَهْتَمِ

- ‌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَسَّانٍ كَانَ يُشَبِّبُ بِابْنَةِ مُعَاوِيَةَ، وَيَذْكُرُهَا فِي شِعْرِهِ، فَقَالَ النَّاسُ لِمُعَاوِيَةَ: لَوْ جَعَلْتَهُ

- ‌ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ: أَطَعَامُ يَدٍ أَمْ طَعَامُ يَدَيْنِ؟ قَالَ: فَإِذَا قَالَ لَهُ: طَعَامُ يَدَيْنِ.لَمْ يَأْكُلْ، وَهُوَ الشِّوَاءُ

- ‌ فَلَمَّا أَهْذَرَا فِي التَّهَاجِي وَأَفْحَشَا، كَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَهُوَ الْخَلِيفَةُ يَوْمَئِذٍ إِلَى سَعِيدِ بْنِ

- ‌ أَهْدَى الْمُقَوْقِسُ صَاحِبُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَارِيَةَ ابْنَةَ شَمْعُونَ

- ‌ لَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ كَلَّمَ أَهْلُ مَكَّةَ عُثْمَانَ بْنَ شَيْبَةَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُمْ حَتَّى

- ‌ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ، وَكَانَ رَجُلا مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الشَّامِ، قَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، عَلَى مَا

- ‌«أُوصِي مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَصَدَّقَنِي بِوِلايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، مَنْ تَوَلاهُ فَقَدْ تَوَلانِي، وَمَنْ تَوَلانِي فَقَدْ تَوَلَّى

- ‌ خَذَلَنِي النَّاسُ، حَتَّى وَلَدِي وَأَهْلِي، فَلَمْ يَبْقَ مَعِي إِلا الْيَسِيرُ مِمَّنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنَ الدَّفْعِ أَكْثَرَ مِنْ صَبْرِ

- ‌ ابْنِنَا عِنْدَكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا، وَأَحْسِنْ إِلَيْنَا فِي فِدَائِهِ، فَإِنَّا سَنَرْفَعُ لَكَ فِي الْفِدَاءِ.قَالَ: «مَنْ هُوَ»

- ‌ زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلاتَهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِهِ

- ‌ لَمَّا هَاجَرَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كَلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ "، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَمَّا عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو

- ‌«اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَبِقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي مَا كَانَتِ الْوَفَاةُ

- ‌ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الَّتِي أَخْرَجَتْهَا عَادَةُ الْمِرَاءِ وَالضَّلالَةِ، وَصَدَفَ بِهَا عَنِ الْحَقِّ الْهَوى وَالزَّيْغُ، إِنِّي نَذِيرٌ

- ‌ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ لَهُ: يَا خِبْثَةُ، شَيْخًا جَوَّالا فِي الْفِتَنِ، مَعَ أَبِي تُرَابٍ مَرَّةً، وَمَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ

- ‌ النَّاسَ قَدْ رَفَعَوا أَعْيُنَهُمْ وَمَدُّوا أَعْنَاقَهُمِ إِلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْ نَظَرْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فِيهِ لُوْثَةٌ

- ‌«لا قَوَدَ إِلا بِالسَّيْفِ» ، وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ.ثُمَّ قَالَ لِشَرِيكٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَلَمْ يَقْتُلْهُ ثُمَّ ثَنَّى فَلَمْ

- ‌«إِنْ لَمْ تَجَدْ مِنْ صُحْبَةِ الرِّجَالِ بُدًّا، فَعَلَيْكَ بِمَنْ إِنْ صَحِبْتَهُ زَانَكَ، وَإِنْ خَفَضْتَ لَهُ صَانَكَ، وَإِنْ وَعَدَكَ لَمْ

- ‌ أَخْبِرْنَا عَنَّا وَعَنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ

- ‌ أَلا تَخَافُ أَنْ تُؤْتَى مِنْ قِبلِ ظَهْرِكَ؟ فَيَقُولُ: إِذَا أَمْكَنْتُ عَدُوِّي مِنْ ظَهْرِي فَلا أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ إِنْ أَبْقَى

- ‌ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ، أَلا وِإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أُصِيبَ رحمه الله، وَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُهُ، أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كَانَ

- ‌«فَخْمًا مُفَخَّمًا، يَتَلأْلأُ وَجْهُهُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَطْولَ مِنَ الْمَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ

- ‌ الْخَطِّ، فَقَالَ: «عِلْمٌ أُوتِيَهُ نَبِيٌّ، فَمَنْ وَافَقَ عِلْمُهُ عِلْمَ ذَلِكَ النَّبِيِّ فَقَدْ عَلِمَ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْهُ فَقَدْ

- ‌ اشْتَرَكَ ثَلاثَةٌ فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ، فَوَلَدَتْ، فَجَاءَتْ بِغُلامٍ، فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ يَدَّعِيهِ، فَدَعَا عُمَرُ بْنُ

- ‌ ثَلاثَةَ نَفَرٍ تَقَدَّمُوا إِلَيْهِ، وَقَدِ اشْتَرَكُوا فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ، فَقَالَ: أَنْتُمْ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ، وَقَدْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ

- ‌«طَعْامَانِ وَشَرَابَانِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ، لا حَاجَةَ لِي بِهِ، وَإِنْ كُنْتُ لا أُحُرِّمُهُ، وَلَكِنْ أُحِبُّ أَنْ يَرَانِي اللَّهُ

- ‌«تُوشِكُونَ أَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ، وَيَرُوحُ فِي أُخْرَى، وَأَنْ يُغْدَا عَلَى أَحَدِكُمْ بِجَفْنَةِ، وَيُرَاحُ عَلَيْهِ بِأُخْرَى

- ‌«مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ» ؟ فَسَكَتُّ، حَتَّى أَعَادَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: «فَلَعَلَّكَ تُرِيدُ

- ‌«يَأْتِي الأَنْصَارَ فِي دُورِهِمْ فَيَدْعُو لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ، فَيُذَكِّرُهُمْ وَيُحَذِّرُهُمْ وَيُنْذِرُهُمْ، وَيَأْتُونَهُ

- ‌ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ، فِيهِمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَسَعِيدُ

- ‌«إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثَلاثًا، فَإِنْ زَنَتِ الرَّابِعَةَ فَلْيَبِعْهَا، وَلَوْ بِضَفِيرٍ مِنْ

- ‌ مَرْوَانَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ أَمَرَ لِلْنَاسِ بِنِصْفِ عَطَائِهِمْ.وَقَالَ: إِنَّ الْمَالَ قَصَّرَ، وَقَدْ أَمَرْتُ لَكُمْ بِالنِّصْفِ

- ‌ أَجْوَدُ النَّاسِ حَيًّا وَمَيَّتًا حَاتِمٌ.قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ قُرَيْشٍ لَيُعْطِي فِي مَجْلِسٍ

- ‌ مَاوِيَّةَ بِنْتَ عَفْزَرَ كَانَتْ مَلِكَةً، وَكَانَتْ تَتَزَوَّجُ مَنْ أَرَادَتْ، وَأَنَّهَا بَعَثَتْ غِلْمَانًا لَهَا، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يَأْتُوهَا

- ‌ أَنَا لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» .قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا حَدِيثُ أَبِي زَرْعٍ وَأُمِّ زَرْعٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

- ‌ دَخَلَ عَمْرُو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الزُّبَيْدِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعِنْدَهُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادِ، وَشَرِيكُ بْنُ الأَعْوَرِ

- ‌ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَحْمَدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فِي الْكِتَابِ الأَوَّلِ، صَدَقَ صَدَقَ، ثُمَّ قَالَ:

- ‌«مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»

- ‌«كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ»حَدَّثَنِي أَخِي هَارُونُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ

- ‌ مِنْكُمْ لَمَنْ سَبَقَنِي فَرَأَى قَبْلِي، وَرَأَيْتُ بَعْدَهُ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ خَصَاصَةً إِلا أَلْصَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

- ‌ هَزَزْتُ ذَوَائِبَ الرِّجَالِ إِلَيْكَ، إِذْ لَمْ أَجَدْ مُعَوَّلا إِلا عَلَيْكَ، وَمَا زِلْتُ أَسْتَدِلُّ الْمَعْرُوفَ عَلَيْكَ، وَأَجْعَلُ

- ‌«لا يَبْعُدَنَّ ابْنُ هِنْدٍ إِنْ كَانَتْ فِيهِ لَمَخَارِجُ لا تَجِدُهَا فِي أَحَدٍ بَعْدَهُ، وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَنُفَرِّقُهُ فَيَتَفَارَقُ

- ‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ وِالأَمْرُ، وَمُلْكُ الدُّنْيَا وَالَآخِرَةِ، يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يُشَاءُ، وَيَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ

- ‌«الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ، مَا أَنَكْرَنْا إِمْرَةَ الأَنْصَارِ، وَلَكَانُوا لَهَا أَهْلا، وَلَكِنَّهُ قَوْلٌ لا شَكَّ فِيهِ وَلا خيَارَ

- ‌ النِّعْمَةَ إِذَا حَدَثَتْ حَدَثَ لَهَا حُسَّادٌ حَسْبُهَا وَأَعْدَاءٌ قَدْرُهَا، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحْدِثْ لَنَا نِعَمًا لِيُحْدِثَ لَهَا حُسَّادٌ

- ‌ أُتِي عُمَرُ بَجَوْهَرِ كِسْرَى، وُضِعَ فِي الْمَسْجِدِ، فَطَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَصَارَ كَالْجَمْرِ، فَقَالَ لِخَازَنِ بَيْتِ الْمَالِ:

- ‌ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام يَسْتَشْفِعُ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: «حَمَّالُ الْخَطَايَا! لا وَاللَّهِ لا أَعُودُ

- ‌ يَخْطُبُ، فَأَكَبَّ النَّاسُ حْوَلَهُ، فَقَالَ: «اجْلِسُوا يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ» ! فَصَاحَ بِهِ طَلْحَةُ: «إِنَّهُمْ لَيْسُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ

- ‌ أَمَا لِكِتَابِ اللَّهِ نَاشِدٌ غَيْرُكَ» ! فَجَلَسَ، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ: «اجْلِسْ» ، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ

- ‌ زِنْبَاعَ بْنَ رَوْحِ بْنِ سَلامَةَ الْجُذَامِيَّ يَعْشُرُ مَنْ يَمُرُّ بِهِ لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، قَالَ: فَعَمَدْنَا إِلَى مَا مَعَنَا

- ‌«كَيْفَ عِلْمُكَ بِمُضَرَ» ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعَلَمُ النَّاسِ بِهِمْ.تَمِيمٌ هَامَتُهَا وَكَاهِلُهَا الشَّدِيدُ الَّذِي

- ‌«أَجِيزُوا بَطْنَ عَرَفَةَ، فَإِنَّمَا هُمْ إِذْ أَسْلَمُوا إِخْوَانُكُمْ» .قَالَ: " فَعَلَّمَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ أَذِنَ عُمَرُ لِلنَّاسِ فَدَخَلَ عَمْرُو بْنُ برَاقَةَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا يَعْرُجُ، فَأَنْشَدَ أَبْيَاتًا، يَقُولُ فِيهَا:مَا إِنْ

- ‌ يُعْطِي الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ، فَقَالَ لَهُ: فُرَاتُ، مَنِ الَّذِي يَقُولُ: "الْفَقْرُ يُزْرِي بِالْفَتَى فِي قَوْمِهِ

- ‌ أَشْعَرَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى، وَكَانَ أَشْعَرَ أَهْلِ الإِسْلامِ ابْنُهُ كَعْبٌ، وَمَعْنُ بْنُ أَوْسٍ "عَنِ

- ‌«قُلْ شِعْرًا تَقْتَضِيهِ السَّاعَةُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ» .ثُمَّ أَبَدَّهُ بَصَرُهُ، فَانْبَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، يَقُولُ:إِنِّي

- ‌ لا تَزِيدُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ عَلَى أَرْبَعِينَ أُوْقِيَّةٍ، وَلَوْ كَانَتْ بِنْتُ ذِي الْغُصَّةِ، يَعْنِي يَزِيدَ بْنَ الْحُصَيْنِ

- ‌ أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ زَوْجِي يَصُومُ النَّهَارَ

الفصل: ‌ عبد الرحمن بن حسان كان يشبب بابنة معاوية، ويذكرها في شعره، فقال الناس لمعاوية: لو جعلته

دَخَلَ الْمَذْنُوبُ الْهَمْدَانِيُّ مِنْ وَدَاعَةِ هَمْدَانَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَجَلَسَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرُ: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِعَنًّا شِرِّيرًا، هَجَّاءً لِلنَّاسِ، مُبْتَدِيًا لَهُمْ.

فَقَالَ لِلْمَذْنُوبِ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

فَاغْتَمَزَ فِيهِ، فَقَالَ:

أَمِيزَانَانِ مِنْ شُؤْمٍ وَلُؤْمٍ

أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ عَدْلٌ قَبُوحُ

فَقَالَ لَهُ الْمَذْنُوبُ:

جُذَامٌ نَازِلٌ بِكَ غَيْرَ شَكٍّ

أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ بَرَصٌ يَلُوحُ

قَالَ: أَنْتَ الْمَذْنُوبُ؟ قَالَ: إِنَّ ذَاكَ لَيُقَالُ.

قَالَ: إِنِّي عَائِذٌ بِكَ "

حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ: " جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَى قُبَاءٍ، فَسَمِعَ رَجُلا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَتَغَنَّى فِي رَأْسٍ عَذْقٍ، يَقُولُ:

لَنَا فَرْعُهَا الأَعْلَى وطِيبُ تُرَابِهَا

وَدَارُ بَنِي النَّجَّارِ قَاصِيَةٌ وَعْلُ

فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانٍ:

كَذِبْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ مَعْشَرٌ أَهْلَ حَرَّةٍ

نَفَوْكُمْ وَحَلُّوا بِالدِّمَاثِ وَبِالسَّهْلِ

أَبَوْا وَاسْتَعَفُّوا أَنْ يُرَى بِجِلُودِهِم

نُدُوبٌ فَبَاعُوا السَّقْيَ بِالْحَلَّةِ الْبَعْلِ

132 -

حَدَّثَنِي عَمِّي، عَنِ الْهَيْثَمِ، عَنِ ابْنِ دَأْبٍ، قَالَ: " أَنَّ‌

‌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَسَّانٍ كَانَ يُشَبِّبُ بِابْنَةِ مُعَاوِيَةَ، وَيَذْكُرُهَا فِي شِعْرِهِ، فَقَالَ النَّاسُ لِمُعَاوِيَةَ: لَوْ جَعَلْتَهُ

نَكَالا؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لا، وَلَكِنِّي أُدَاوِيهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَأَذِنَ لَهُ، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَأَجْلَسَهُ عَلَى سَرِيرِهِ مَعَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَحَدِيثِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ فُلانَةً، لابْنَةٍ لَهُ أخرى، عَاتِبَةٌ عَلَيْكَ.

قَالَ: وَفِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مَدْحَتِكَ أُخْتِهَا وَتَرْكِهَا، قَالَ: فَلَهَا الْعُتْبَى وَكَرَامَةٌ، أَنَا ذَاكِرُهَا، وَمُمْتَدِحُهَا، فَلَمَّا فَعَلَ، وَبَلَغَ ذَلِكَ النَّاسَ، قَالُوا: قَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّ تَشْبِيبَ ابْنِ حَسَّانٍ بِابْنَةِ مُعَاوِيَةَ لَشَيْءٌ، فَإِذَا ذَلِكَ عَنْ رَأْيِ مُعَاوِيَةَ وَأَمْرِهِ "

حَدَّثَنِي الأَثْرَمُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَيَّةَ النَّمَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْفَرَزْدَقُ، قَالَ: " كُنَّا فِي ضِيَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَمَعَنَا كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ التَّغْلَبِيُّ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ حَسَّانٍ قَدْ فَضَحَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ، وَغَلَبَهُ، وَفَضَحَنَا، فَاهْجُ الأَنْصَارَ، قَالَ لَهُ: أَرَادِّيِ أَنْتَ فِي الشِّرْكِ؟ أَهْجُو أَقْوَامًا نَصَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَآوَوْهُ، وَلَكِنِّي أَدُّلُكَ عَلَى غُلامٍ مِنَّا نَصْرَانِيٍّ لا يُبَالِي أَنْ يَهْجُوَهُمْ، كَأَنَّ لِسَانَهُ لِسَانُ ثَوْرٍ.

قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: الأَخْطَلُ.

فَدَعَا فَأَمَرَهُ بِهِجَائِهِمْ.

قَالَ: عَلَى أَنْ تَمْنَعَنِي.

قَالَ: نَعَمْ

حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ، " أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ يُشَبِّبُ بِرَمْلَةَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ، فَأَمَرَ يَزِيدُ كَعْبَ بْنَ جُعَيْلٍ أَنْ يَهْجُوَهُ فَدَلَّهُ عَلَى الأَخْطَلِ.

ص: 83

وَقَالَ غَيْرُ الْمَدَائِنِيِّ: لَمَّا غَلَبَ ابْنُ حَسَّانٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ، دَسَّ مُعَاوِيَةُ ابْنَهُ يَزِيدَ إِلَى الأَخْطَلِ، فَأَمَرَهُ بِهِجَائِهِمْ، فَهَجَاهُمْ، فَقَالَ:

ذَهَبَتْ قُرَيشٌ بِالسَّمَاحَةِ وَالنَّدَى

وَاللُّؤْمُ تَحْتَ عَمَائِمَ الأَنْصَارِ

قَوْمٌ إِذَا هَدرَ الْعَصِيرُ رَأَيْتَهُمْ

حُمْرًا عُيُونُهُمُ مِنَ الْمُسْطَارِ

وَإِذَا نَسَبْتَ ابْنَ الْفُرَيْعَةِ خِلْتَهُ

كَالْجَحْشِ بَيْنَ حِمَارَةٍ وَحِمَارِ

فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ:

أَبْلِغْ قَبَائِلَ تَغْلِبَ ابْنَةِ وَائِلٍ

مَنْ بِالْفُرَاتِ وَجَانِبِ الثَّرْثَارِ

فَاللُّؤْمُ فَوْقَ أُنُوفِ تَغْلِبَ بَيِّنٌ

كَالرَّقْمِ فَوْقَ ذِرَاعِ كُلِّ حِمَارِ

فَقَالَ الأَخْطَلُ:

عَذَرْتُ بَنِي الْفُرَيْعَةِ أَنْ هَجَوْنَي

فَمَا بَالِي وَبَالُ بَنِي بَشِيرِ

أَفَيْجِعُ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ شَثْنٌ

شَدِيدُ الْقُصْرَيَيْنِ مِنَ السَّحُورِ

قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَ بَنِي النَّجَّارِ قَوْلُ الأَخْطَلِ، خَرَجَ وَفْدٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ، وَضَعُوا عَمَائِمَهُمْ، وَقَالُوا: أَتَرَى لُؤْمًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ وَاسْتَعْدَوْا عَلَى الأَخْطَلِ، فَقَالَ: لَكُمْ لِسَانُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ يَزِيدُ أَجَارَهُ، وَدَسَّ إِلَى يَزِيدَ فَأَجَارَهُ، فَلَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ يَزِيدُ:

دَعَا الأَخْطَلُ الْمَلْهُوفُ بِالشَّرِّ دَعْوَةً

فَأَيُّ مُجِيبٍ كُنْتُ لَمَّا دَعَانِيَا

فَفَرَّجَ عَنْهُ مَشْهَدَ الْقَوْمِ مَشْهَدِي

وَأَلْسِنَةَ الْوَاشِينَ عَنْهُ لِسَانِيَا

قَالَ: وَكَانَ أَشَدَّ الْقَوْمِ عَلَى الأَخْطَلِ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، يَقُولُ الأَخْطَلُ:

أَبَا خَالِدٍ دَافَعْتَ عَنِّي عَظِيمَةً

وَأَدْرَكْتَ لَحْمِي قَبْلَ أَنْ يَتَبَدَّدَا

وَأَطْفَأْتَ عَنِّي نَارَ نُعْمَانَ بَعْدَمَا

أَغذَّ لِأَمْرٍ فَاجِرٍ وَتَجَرَّدَا

وَقَالَ ابْنُ حَسَّانٍ يَعْنِي مُعَاوِيَةَ:

أَلا مَنْ رَسُولِي أَصْلَحَ اللَّهُ بَالَهُ

وَأُعْطِي مِنَ الْحَاجَاتِ مَا كَانَ يَطْلُبُ

يُبَلِّغْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رِسَالَةً

تَنَخَّلَهَا مُمْلٍ وَآخَرُ يَكْتُبُ

فَيُخْبِرُ فِيهَا أَنَّ بيْنِي وَبَيْنَهُ

أَوَاصِرَ لا تُرْعَى وَلا هِيَ تُقْرَبُ

وَأَنَّ يَزِيدَ لَيْسَ يَطْلُبُ عِنْدَنَا

كِتَابًا وَلا حَقًّا وَذُو الْحَقِ يَطْلُبُ

وَأَنَّ يَزِيدَ كَانَ فِي مُتَنَزَّهٍ

وَفِي مَعْزَلٍ عَمَّا تُدَاوِلُ تَغْلِبُ

رِجَالٌ أَصِحَّاءُ الْجُلُودِ مِنَ الْخَنَا

وَأَلْسِنَةٌ مَعْرُوفَةٌ أَيْنَ تَذْهَبُ

فَلا تَجْعَلَنَّا لُعْبَةً لِقَطِينِهِ

فَيَعْلَمُ إِنْ عِشْنَا بِمَا كَانَ يَلْعَبُ

وَأَنِّيَ مِمَّا أُخْمِدُ الْحَرْبَ تَارَةً

وَأُحْمَلُ أَحْيَانًا عَلَيْهَا فَأَرْكَبُ

حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَمَّلِيُّ، عَنْ زَكَرِيَا بْنِ عِيسَى بْنِ شِهَابٍ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيسٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانٍ أَنْ يُهَاجِيَ النَّجَاشِيَّ، قَالَ لَهُ أَبُوهُ: هَلُمَّ فَأَنْشِدْنِي مِنْ شِعْرِكَ، فَإِنَّكَ تُهَاجِي النَّجَاشِيَّ أَشْعَرَ الْعَرَبِ، فَأَنْشَدَهُ، فَأَهْوَى حَسَّانٌ إِلَى شَيْءٍ خَلْفَهُ فَعَلاهُ ضَرْبًا، ثُمَّ قَالَ: يَا عَاضَّ بَظْرَ أُمِّهِ أَبِهَذَا تُهَاجِيهِ؟ اذْهَبْ، فَقُلْ ثَلاثَ قَصَائِدَ قَبلَ أَنْ تُصْبِحَ.

قَالَ: فَقَالَ ثَلاثَ قَصَائِدَ، ثُمَّ جَاءَ فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ.

ص: 84

فَقَالَ حَسَّانٌ: يَا بُنَيَّ اذْهَبْ فَابْسُطِ الشَّرَّ عَلَى ذِرَاعَيْكَ، قَالَ: يَا أَبَهْ مَا هَذِهِ وَصِيَّةُ يَعْقُوبَ بِنِيهِ، وَقَامَ، فَقَالَ حَسَّانٌ: يَا بُنَيَّ، مَا أَبُوكَ مِثْلُ يَعْقُوبَ، وَلا أَنْتَ مِثْلُ بِنِي يَعْقُوبَ، اعْمَدْ إِلَى امْرَأَةٍ لَطِيفَةٍ بَأُخْتِ النَّجَاشِيِّ فَمُرْهَا فَلْتَصِفْهَا لَكَ، وَاجْعَلْ لَهُ جُعْلا، فَفَعَلَ، فَوَصَفَتْ لَهُ أَشَياءَ ذَكَرَتْ خَالا وَشَامَةً، وَقَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَتَّى هَبَطَ مَكَّةَ، فَلَمَّا كَانَتْ أَيَّامُ مِنًى، قِيلَ لَهُ: إِنَّ هَهُنَا نَفَرًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ إِخْوَةً مُطَاعِينَ فِي قَوْمِهِمْ، فَخَرَجَ إِلَى أُمِّهِمُ يُكَلِّمُهَا، وَانْتَسَبَ لَهَا، وَذَكَرَ الَّذِي أَرَادَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ: قُومُوا مَعَ هَذَا الرَّجُلِ وَكَلَّمُوا بَنِي عَمِّكُمْ مَنْ يَقُومُ مَعَهُ، فَفَعَلُوا وَجَعَلُوا لَهُ غَبِيطًا عَلَى نَجِيبَةٍ، وَجَعَلُوا فَوْقَ الْغَبِيطِ رَجُلا، فَجَاءَ مُشْرِفًا عَلَى النَّاسِ، وَجَاءَ النَّجَاشِيُّ عَلَى فَرَسٍ وَهُوَ يَقُولُ:

أَنَا النَّجَاشِيُّ عَلَى جَمَّازِ

فَرَّ ابْنُ حَسَّانٍ بِذِي الْمَجَازِ

وَرَاغَ لَمَّا سَمِعَ ارْتِجَازِي

رَوْغَ الْحُبَارَى مِنْ خَوَاتِ الْبَازِ

وَقَالَ ابْنُ حَسَّانٍ:

يَا هِنْدُ يَا أُخْتَ النَّجَاشِيِّ اسْلَمِي

هَلْ تَذْكُرِينَ لَيْلَةً بِإِضَمِ

وَلَيْلَةً أُخْرَى بَجَوِّ الْحَرَمِ

وَالشَّامَةَ السَّوْدَاءَ بِالْمَخَدَّمِ

وَالْخَالَ بِالْكِشْحِ اللَّطِيفِ الأَهْضَمِ فَانْكَسَرَ النَّجَاشِيُّ لِصَفَتِهِ، وَقَالَ النَّجَاشِيُّ:

سَتَأْتِي الْيَهُودِيَّيْنِ حَسَّانَ وَابَنَهُ

قَصَائِدُ لَمْ يَخْتِمْ عَلَيْهِنَّ رَوْشَمُ

لَعِينَ رَسُولِ اللَّهِ مَا لَكَ ذِمَّةٌ

وَمَا لَكَ مِنْ دِينٍ وَمَالَكَ مَحْرَمُ

أَبُوكَ أَبُو سَوْءٍ وَعَمُّكَ مِثْلُهُ

وَخَالُكَ شَرٌّ مِنْ أَبِيكَ وَأَلأَمُ

فَقَالَ ابْنُ حَسَّانٍ:

أَلا تَرَوْنَ الْعَبْدَ إِذْا يَهْجُو مُضَرْ

مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ وَالْقَرْمُ عُمَرْ

وَقَالَ أَيْضًا:

أُشْهِدُ كُلَّ مُسْلِمٍ شَهَادَهْ

مَنْ لا يَبِيعُ دِينَهُ تَلادَهْ

مَا بَيْنَ أَقْصَى ضَرْغَدٍ فَصَادَهْ

أَوْ مَلِكٍ تُلْقَى لَهُ أَسَادَهْ

وَقَالَ النَّجَاشِيُّ لِقُرَيشٍ، وَكَانَ هَوَاهُمْ مَعَ ابْنِ حَسَّانٍ، وَيُقَالَ: بَلْ قَالَهَا حِينَ ضَرَبَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، الْحَدَّ بِالْكُوفَةِ، وَنَفَاهُ عَنْهَا:

ظَهَرَ النَّبِيُّ وَمَا قُرَيْشٌ وَسْطَنَا

إِلا كَمِثلِ قُلامةِ الظُّفْرِ

فَعَسَى قُرَيْشٌ أَنْ تَزِلَّ بِهَا

غَدًا نَعْلٌ فَنَقْسِمُهَا عَلَى ظَهْرِ

ص: 85

حَدَّثَنِي الأَثْرَمُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: " هَاجَ الْهِجِاءُ بَيْنَ النَّجَاشِيِّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي الْحَارِثَ بْنِ كَعْبٍ كَانَتْ نَاكِحًا بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، فَكَانَ ابْنُ حَسَّانٍ يُشَبِّبُ بِهَا حَتَّى يَرِقَا ذَلِكَ، فَهَجَاهُ النَّجَاشِيُّ بِنَجْرَانَ، ثُمَّ إِنَّهُمَا اتَّعَدَا سُوقَ ذِي الْمَجَازِ وَكَانَتْ تَقُومُ حِينَ يَسْتَهِلُّ هِلالُ ذِي الْحِجَّةِ، ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، وَمِنَهَا كَانَ يَتَجَهَّزُ النَّاسُ، وَيَمْضُونَ إِلَى مَكَّةَ إِلَى الْمَوْسِمِ، قَالَ: فَقَالَتِ الأَنْصَارُ، وَأَتَاهُمُ ابْنُ حَسَّانٍ يَسْتَنْفِرُهُمْ، شَاعِرَانِ سَفِيهَانِ، يَهْجُوَانِ النَّاسَ وَيُحْيِيَانِ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمْ تَنْفَرْ مَعَهُ جِلَّتُهُمْ، وَلا ذَوُو أَسْنَانِهِمْ، وَخَفَّ مَعَهُ شَبَابٌ مِنْ سُفَهَائِهَمْ، وَفِتْيَانٌ مِنْ قُرَيشٍ، وَأَفْنَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.

قَالَ عِيَاضُ بْنُ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، وَكَانَ مَعَ ابْنِ حَسَّانٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا ذَا الْمَجَازِ، إِذَا النَّجَاشِيُّ قَدْ وَافَى فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُ حَسَّانٍ، سَأَلَ مَنْ أَعَزُّ مَنْ هَهُنَا؟ قَالُوا: هَذِهِ بِلادُ هَوَازَنَ، وَقَدْ نَزَلْنَا بَيْهَسِ بْنِ عَقَالِ الْعَقِيلِيِّ، قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ فَلَمْ نُصَادِفْهُ، وَوَجَدْنَا امْرَأَةً، فَسَأَلْنَاهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: لَيْسَ هُوَ هَهُنَا، انْطَلَقَ يَشْتَرِي كِسْوَةً لِأَهْلِهِ، قَالَ: فَقَعَدْنَا فَإِذَا الشَّيْخُ قَدْ أَقْبَلَ، وَمَعَهُ رَجُلٌ حَامِلٌ رُزْمَةً مِنْ ثِيَابٍ، وَفِي كَفِّ بَيْهَسٍ أَثْوَابٌ كَأَنَّهُ يَشْتَدُّ بِهَا، وَإِذَا هُوَ دَالِفٌ حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَيْنَا وَضَعَ مَا مَعَهُ، وَرَحَّبَ بِنَا وَنَسَبَنَا، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَنَا ابْنُ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَالَ: حَاجَتُكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ النَّجَاشِيَّ يَهْجُونَا، وَيُقَطِّعُ أَعْرَاضَنَا، فَوَاعَدْتُهُ، وَقَدْ وَافَى فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ تَمْنَعَنِي حَتَّى أَلْقَاهُ، فَأُوَافِقُهُ.

فَقَالَ: نَحِّ هَذَا عَنِّي يَا ابْنَ أَخِي إِلَى غَيْرِي، فَقَدْ نَوَيْتُ الْحَجَّ وَأَرَدْتُ أَنْ لا أُدْخِلَ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَهَا، قَالَ: وَلَعَلِّي لا أَرَى حِجَّةً بَعْدَهَا.

قَالَ: فَطَلَبْنَا إِلَيْهِ فَأَبَى، فَانْصَرَفْنَا، فَلَمَّا جَاوَزْنَا سَمِعْنَا امْرَأَتَهُ، تَقُولُ لَهُ: كَأَنِّي بِهَذَا الْمَوْلَى قَدْ قَالَ لَكَ قَوْلا لا يُنْكِحُ بِنْتًا لَكَ كُفْؤٌ أَبَدًا، أَتَاكَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ لِتَمْنَعَهُ فَنَبَوْتَ عَنْهُ.

فَقَالَ لَهَا: وَيْحَكِ ادْعِيهِمْ فَدُعِينَا، فَرَجَعْنَا، فَقَالَ: نَعَمْ، أَنَا أَمْنَعُكَ فَمَتَى وَاعَدْتَهُ؟ قَالَ: بِالْغَدَاةِ.

قَالَ: فَغَدَوْنَا، وَجَاءَ النَّجَاشِيُّ عَلَى جَمَّازٍ، وَجَاءَ بَيْهَسٌ، فَلَمَّا تَنَاقَضَا، جَعَلَ بَيْهَسٌ يَرَى أَبْصَارَ النَّاسِ إِلَى النَّجَاشِيِّ.

وَقَدْ كَانَ كَلَّ سَمْعُهُ مِنَ الْكِبَرِ.

قَالَ: فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ظَنَّهُ قَدْ غَلَبَهُ، فَقَالَ: أَدْنُونِي مِنَ النَّجَاشِيِّ، فَسَمِعَهُ يَقُولُ: فَشُقَّ عَلَيْهِ، وَسَمِعَهُ يَقُولُ:

بَنَى اللُّؤْمُ بَيْتًا فَاسْتَقَرَّ عِمَادُهُ

عَلَيْكُمْ بَنِي النَّجَّارِ ضَرْبَةَ لازِمٍ

ص: 86

فَلَمَّا سَمِعَهَا كَلَّحَ، فَقَالَ: يَا آلَ هَوَازِنَ، فَلَمْ يَبْقَ بَيْتٌ وَلا خَيْمَةٌ إِلا قُوِّضَتْ، وَلَمْ أَرَ إِلا قَوَائِمَ جَمَلِ النَّجَاشِيِّ، وَأَفْلَتَ فَوَلِجَ فُسْطَاطًا، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ نَاحِيَتِهِ، وَاتَّبَعُوهُ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قَارِبِ بْنِ الأَسْوَدِ الثَّقَفِيِّ، عَلَى فرَسٍ فَأَرْدَفَهُ.

قَالَ: فَسَبَقَ بِهِ حَتَّى فَاتَ الْقَوْمَ.

فَقَالَ النَّجَاشِيُّ يَعُمَّ الأَنْصَارَ:

وَهَلْ أَنْتُمُ إِلا كَأَبْنَاءِ نَهْشَلٍ

وَآلِ فُقَيْمٍ قُتِّلُوا وَمُجَاشِعُ

بِذَنْبِ سُوَيْدٍ وَهْوَ مِنْ آلِ دَارِمٍ

لِزَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالأَمْرُ جَامِعُ

قَالَ: وَرَجِزَ بِهِ، فَقَالَ:

إِذَا دَعَوْتَ مَذْحِجًا وَحِمْيَرًا

وَالْعُصَبَ الْيَمَانِيَّاتِ الأُخَرَا

فَمَا أَعَزَّ نَاصِرِي وَأَكْثَرَا قَالَ: وَاخْتَرَطَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرٍ سَيْفَهُ، فَضَرَبَ بِهِ عُرْقُوبَ بَعِيرِ ابْنِ حَسَّانٍ، فَقَالَ حِينَ كُسِرَ:

لَقَدْ شَمِتُوا حِينَ اسْتَخَفَّ حُلُومُهُمْ

كَأنَ فَتًى لَمْ يَنْكَسِرْ سَاقُهُ قَبْلِي

وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَرَوْنِي وَأنْ أَرَى

سَويًّا كَأَنِّي غُصْنُ بَانٍ عَلَى نَجْلِ

وَأُمْسِي تَحِلاتُ النَّجَاحِ مُجَازِيًا

يُؤَدِّي أَهْلُ الْوُدِّ وَالتَّبْلُ بِالتَّبْلِ

كَأَنِّي أَخُو الْحَلْفَاءِ أُصْبِحُ غَازِيًا

شَدِيدُ مَشَكِّ الرَّأْسِ جَهْمٌ أَبُو شِبْلِ

تَبِيتُ بَعُوضُ الْجِدِّ يَعْزِفْنَ حَوْلَهُ

كَعَزْفِ الْقِيَانِ الضَّارِبَاتِ عَلَى الطَّبْلِ

إِذَا أَنَا قَضَّيْتُ الأَمَانِيَّ خَالِيًّا

فَأَوَّلُهَا التَّقْوَى وَمَشْيٌ عَلَى رِجْلِ

كَسِيرَتِهَا الأُولَى وَذَلِكَ نَالَهَا

إِذَا عُدَّتِ الأَشْيَاءُ عِنْدِي فَمَنْ مِثْلِي

وَمَا أَنْسَ مِلَ الأَشْياءِ لا أَنْسَ مَصْرَعِي عَشِيَّةَ جَمْعٍ وْالْمُغِيرُونَ فِي شُغْلِ

صَرِيعًا وَأَيْدِي السَّانِحَاتِ يُرِدْنَنِي

كَمَا وَرَدَ الْيَعْسُوبَ رِجْلٌ مِنَ النَّحْلِ

فَأَدْرَكَنِي رَبِّي بِفَضْلٍ وَنِعْمَةٍ

وَمَا زَالَ عِنْدِي ذَا بَلاءٍ وَذَا فَضْلِ

تُوَحَّدُ بِالنُّعْمَى عَلَيَّ فَأَصْبَحَتْ

مَصَائِبُهَا كَالثَّوْبِ أُنْقِيَ بِالْغُسْلِ

حَدَّثَنِي أَسْبَاطُ بْنُ عِيسَى الْعُذْرِيُّ، عَنْ أَشْيَاخِ قَوْمِهِ، قَالُوا: " لَمَّا أُخْرِجَ بِهُدْبَةَ بْنِ الْخَشْرَمِ، لِيُقْتَلَ، لَقِيَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانٍ، فَقَالَ لَهُ مُتَعَنِّتًا لَهُ: يَا هُدْبَةُ أَنْشِدْنِي.

قَالَ: عَلَى هَذِهِ الْحَالِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ هُدْبَةُ:

وَلَسْتُ بِمِفْرَاحٍ إِذَا الأَمْرُ سَرَّنِي

وَلا جَازِعٍ مِنْ صَرْفِهِ الْمُتَقَلِّبِ

وَلَسْتُ بِبَاغِي الشَّرِّ وَالشَّرُّ تَارِكِي

وَلَكِنْ مَتَى أُحْمَلْ عَلَى الشَّرِّ أَرْكَبِ

وَحَرَّبَنِي مَوْلايَ حَتَّى غَشِيتُهُ

مَتَى مَا يُحرِّبْكَ ابْنُ عَمِّكِ تَحْرَبِ

فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: عَلِمْتَ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَتَكَ بَعْدَكَ؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي قَدْ نَهَيْتُهَا عَنْكَ، حَيْثُ أَقُولُ:

لا تَنْكِحِي إِنْ فَرَّقَ الْمَوْتُ بَيْنَنَا

أَغَمَّ الْقَفَا وَالْوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزَعَا

ضَرُوبًا بِلَحْيَيْهِ عَلَى عِظْمِ زُورِهِ

إِذَا الْقَوْمُ هَشُّوا لِلْفِعَالِ تَقَنَّعَا

أُصَيْهِبَ لا يُرْضِيكِ فِي الْحَيِّ جَالِسًا

إِذَا مَا مَشَى أَوْ قَالَ قَوْلا بَلَتَّعَا

ص: 87

يُقَالُ: رَجُلٌ بَلْتَعَانُ إِذَا كَانَ يُكْثِرُ كَلامَهُ بِالْمُحَالِ لَمَّا وَصَفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أُخْتَ النَّجَاشِيِّ، انْكَسَرَ النَّجَاشِيُّ لِصَفَتِهِ، قَالَ: وَبَطَحَ ابْنَ حَسَّانٍ عَنِ الرَّحْلِ فَسَقَطَ، فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ، وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ هُذَيلٍ إِلَى حَسَّانٍ، فَقَالَ: قَدِمَ مُسَابِقُ الْحُجَّاجِ، قَالَ: فَأُخْبِرُ مَاذَا؟ قَالَ: الْتَقَى ابْنُكَ وَالنَّجَاشِيُّ، قَالَ: فَأَيُّهُمَا غَلَبَ؟ قَالَ: غَلَبَهُ النَّجَاشِيُّ، فَأَهْوَى حَسَّانٌ إِلَى ذَكَرِهِ، فَقَبضَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: مَا خَرَجَ إِذًا مِنْ هَذَا، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ هُذَيلٍ.

فَقَالَ حَسَّانٌ يَهْجُو الْقَائِلَ الْهُذْلِيَّ:

فَمَنْ يَكْ بَيْنَ هُذَيْلِ الْخَنَا

وَبَيْنَ ثُمَالَةَ لا يَفْزَعُ

صِغَارُ الْجَمَاجِمِ ثُطُّ اللِّحَى

كَأَنَّهُمُ الْقَمْلُ بِالْبَلْقَعِ

إِذَا وَرَدَ النَّاسُ حَوْضَ الرَّسُولِ

ذِيدَتْ هُذَيلٌ عَنِ الْمَشْرَعِ

قَالَ: فَجَاءَتْهُ هُذَيْلٌ فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ لَمْ يَأْتُونِي مَا زِلْتُ أَرْجُزُ بِهِمْ حَتَّى الْحَوْلِ.

وَلَحَّ الْهِجَاءُ بَيْنَ النَّجَاشِيِّ وَحَسَّانٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّجَاشِيُّ بِأَبْيَاتٍ مِنْ شِعْرٍ مِنْهَا:

بَنَى اللُّؤْمُ بَيْتًا فَاسْتَقَرَّ عِمَادُهُ

عَلَيْكُمْ بَنِي النَّجَّارِ ضَرْبَةَ لازِمٍ

وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِبَيْتٍ آخَرَ:

لَوْ كَانَ عُذْرٌ مُهْلِكًا أَهْلَ قَرْيَةٍ

مِنَ النَّاسِ أَفْنَى بَاقِيَ الْخَزْرَجِ الْغَدْرُ

فَدَخَلَ بِهَمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ ضِرَارٍ الْجُشَمِيُّ عَلَى حَسَّانٍ، فَقَالَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ، أَمَا سَمِعْتَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ أَهْدَى إِلَيْكُمُ النَّجَاشِيُّ، فَقَالَ: اعْرِضْهُمَا عَلَيَّ، فَفَعَلَ، فَأَنْشَأَ حَسَّانٌ، يَقُولُ:

يَا رَاكِبًا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ

عَبْدَ الْمَدَانِ وَجُلَّ آلِ قَنَانِ

قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنْ أَصْلِيَ أَصْلُكُمْ

حَتَّى أَمَرْتُمْ عَبْدَكُمْ فَهَجَانِي

وَقَالَ أَيْضًا:

أَبَنِي الْحِمَاسِ أَلا مُرُوَّةُ فِيكُمُ

إِنَّ الْمُرُوءَةَ فِي الْحِمَاسِ قَلِيلُ

هَيَّجْتُمُ حَسَّانَ عِنْدَ ذَكَائِهِ

غَيٌّ لِمَا وَلَدَ الْحِمَاسُ طَوُيلُ

وَقَالَ أَيْضًا:

حَارَبْنَ كَعْبٍ أَلا الأَحْلامُ تَزْجُرُكُمْ

عَنِّي وَأَنْتُمُ مِنَ الْجُوفِ الْجَمَاخِيرِ

لا عَيْبَ بِالْقَوْمِ مِنْ طُولٍ وَمِنْ عِظَمٍ

جِسْمُ الْبِغَالِ وَأَحْلامُ الْعَصَافِيرِ

دَعُوا التَّخَاجِيَ وَامْشُوا مِشْيَةً سُجُحًا

إِنَّ الرِّجَالَ أُولُو عَصَبٍ وَتَذْكِيرِ

كَأَنَّهُمْ قَصَبٌ جَوفٌ أَسَافِلُهُ

مُثَقَّبٌ فِيهِ أَرْوَاحُ الأَعَاصِيرِ

وَقَالَ النَّجَاشِيُّ:

فَلَمْ أَهْجُكُمْ إِلا لأَنِّي حَسِبْتُكُمْ

كَرَهْطِ ابْنِ بَدْرٍ أَوْ كَرَهْطِ ابْنِ مَعْبَدِ

فَلَمَّا سَأَلْتُ النَّاسَ عَنْكُمْ وَجَدْتُكُمْ

بِرَاذِينَ شُقْرًا أُرْبِطَتْ حَوْلَ مِذْوَدِ

فَأَنْتُمْ بَنِي النَّجَّارِ أَكْفَاءُ مِثْلُنَا

فَأَبْعِدْ بِكُمْ عَمَّا هُنَالِكَ أَبْعَدُ

فَإِنْ شِئْتُمُ نَافَرْتُمُ عَنْ أَبِيكُمُ

إِلَى مَنْ أَرَدْتُمْ مِنْ تِهَامٍ وَمُنْجَدِ

وَمَا كُنْتُ أَدْرِي مَا حُسَامٌ وَمَا ابْنُهُ

وَلا أُمُّ ذَلِكَ الْيَثْرِبِيِّ الْمُوَلَّدِ

فَلَمَّا أَتَانِي مَا يَقُولُ وَدُونَهُ

مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِلْبَرِيدِ الْمُبَرَّدِ

سَمَوْتُ لَهُ بِالْمَجْدِ حَتَّى رَدَدْتُهُ

إِلَى نَسَبٍ نَاءٍ عَنِ الْمَجْدِ مُقْعَدِ

ص: 88

حَدَّثَنِي الأَثْرَمُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: " فَغَلَبَهُمُ النَّجَاشِيُّ، قَالَ: وَحَسَّانٌ يَوْمَئِذٍ شَيخٌ كَبِيرٌ أَعْمَى، فَقَالَ يُعَيَّرُ ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَيَهْجُوهُمْ:

أَمَّا الْحِمَاسُ فَإِنِّي غَيْرُ شَاتِمِهِمْ

لا هُمْ كِرامٌ وَلا عِرْضِي لَهُمْ خَطَرُ

أَولادُ حَامٍ فَلا تَلْقَى لَهُمْ شَبَهًا

إِلا التُّيُوسَ عَلَى أَقْفَائِهَا الشَّعَرُ

وَقَالَ:

أَلا أَبْلِغْ بَنِي الدَّيَّانِ عَنِّي

مُغَلْغَلَةً وَرَهْطَ بِنِي قَيَانِ

وَأَبْلِغْ كُلَّ مُنْتَخَبٍ هَوَاءٍ

رَحِيبِ الْجَوْفِ مِنْ عَبْدِ الْمَدَانِ

مَيَامِسُ غَزَّةٍ وَرِمَاحُ غَابٍ

خِفَافٌ لا تَقُومُ بِهَا الْيَدَانِ

تَفَاقَدْتُمْ عَلامَ هَجْوتُمُونِي

وَلَمْ أَظْلِمْ وَلَمْ أُخْلَسْ لِسَانِي

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرُ: الْمَيْمَسُ الَّذِي يُسْخَرُ مِنْهُ، وَغَزَّةُ بِالشَّامِ مِنْ عَمَلِ فِلَسْطِينَ، وَبِهَا مَاتَ هِاشَمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لا تَقُومُ بِهَا الْيَدَانِ.

فَشَبَّهَهُمْ بِالْقَصَبِ فِي ضَعْفِهِ.

قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَ النَّجِاشِيُّ أَنْ حَسَّانًا قَدْ هَجَاهُ، رَجَزَ بِهِ، فَقَالَ:

يَأَيُّهَا الرَّاكِبُ ذُو الْمَتَاعِ

ذُو الرَّحْلِ وَالْبُرْدَيْنِ وَالْإِقْطَاعِ

أَآذِنُ بَنِي النَّجَّارِ بِالْوِقَاعِ

مِنْ شَاعِرٍ لَيْسَ بِمُسْتَطَاعِ

لَيْسَ مِنِ الْهِرَمِيِّ وَلا الْجَزَّاعِ

لا يَقْتُلُ الأَقْوَامَ بِالْخِدَاعِ

إِلا صَمِيمَ النَّقْرِ وَالْمِصَاعِ

يَسْبِقُ شَأْوَ النُّجُبِ السِّرَاعِ

جَاءَ عَلَى نَجِيبَةٍ وَسَاعٍ

فِي مَوْكِبٍ عَرَمْرَمٍ قَضَّاعِ

مِثْلِ أَتَيِّ السَّيْلِ ذِي الدِّفَاعِ

إِنِّي امْرُؤٌ أَوْفَى عَلَى يَفَاعِ

فِي حَلَبَاتِ الْمَجْدِ وَالْجُمَاعِ وَهِيَ طَوِيلَةٌ.

وَقَالَ لِحَسَّانٍ وَابْنِهِ:

إِنَّ اللَّعِينَ وَابْنَهُ غُرَابًا

حَسَّانَ لَمَّا وَدَّعَ الشَّبَابَا

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانٍ شَدِيدَ السَّوَادِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: وَابْنَهُ غُرَابًا.

وَنَقدَتْ أَنْيَابُهُ وَشَابَا

اسْأَلْ رَسُولَ اللَّهِ وَالْكِتَابَا

مَا بَالَهُ إِذَا افْتَرَى وَحَابَا

وَأَخْطَأَ الْحَقَّ وَمَا أَصَابَا

فَعَجَّلَ اللَّهُ لَهُ عَذَابًا

وأَخَّرَ النَّارَ لَهُ مَآبَا

يَا شَاعِرَيْ يَثْرِبَ لا تَرْتَابَا

وَلا مُعَافَاةً وَلا عِتَابَا

إِذْ تَهْجُوَانِ شَاعِرًا غِضَابًا

لِلشُّعَرَاءِ وَاتِرًا غَلابَا

لا مُفْحَمَ الْقَوْلِ وَلا هَيَّابَا

كَاللَّيْثِ يَحْمِي جِزْعَهُ الذِّئَابَا

وَأَنْتَ قَيْنٌ تَنْحَتُ الأَقْتَابَا

لِشَرِّ أَمْرٍ إِنْ دُعِي أَجَابَا

حَدَّثَنِي أَبُو غَزِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " اسْتَثْنَى النَّجَاشِيُّ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ حِينَ أَجْمَعَ مُهَاجَاتَهُ أَلا يُعِينَهُ أَبُوهُ حَسَّانٌ.

فَسَأَلَ حَسَّانٌ ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَمَا قَالَ لِلنَّجَاشِيِّ فِي لَيْلَتِهِ، فَأَنْشَدَهُ، فَلَمْ يَرْضَ حَسَّانٌ، فَقَالَ:

دَعُوا التَّخَاجِي وَامْشُوا مَشيَّةً سُجُحًا

إِنَّ الرِّجَالَ أُولُو عَصَبٍ وَتَذْكِيرِ

فَلَمَّا أَنْشَدَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِلنَّجَاشِيِّ، عَفَطَ فِي وَجْهِهِ، وَقَالَ: بَاسْتِكَ.

أَنْتَ تُحْسَنُ تَرْخِيمَ الْكَلامِ.

هَذَا كَلامُ الشَّيْخِ

ص: 89

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ، قَالَ: اجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ فِي مَجْلِسٍ، فَتَذَاكَرُوا هِجَاءَ النَّجَاشِيِّ إِيَّاهُمْ، وَقَالُوا: مَنْ لَهُ؟ فَقَالَ لَهُمُ الْحَارِثُ بْنُ مُعَاذٍ: حَسَّانٌ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ إِنَّ طَعَامَهُ لَيَغْلِبُهُ مِنْ ضَعْفِ حَنَكِهِ.

فَيَعَرِضِهُ لِلنَّجَاشِيِّ وَلَمْ يَبْلُغْهُ شَاعِرٌ.

فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَنْزِعُ قَمِيصِي حَتَّى آتِيَهُ، فَتَوجَّهَ نَحْوَهُ، وَهُمْ مُعْظِمُونَ لِذَلِكَ، حَتَّى دَقَّ عَلَيْهِ البَّابَ.

فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: الْحَارِثُ بْنُ مُعَاذٍ.

قَالَ: افْتَحِي فُرَيْعَةُ لِسَيِّدِ شَبَابِ الأَنْصَارِ.

فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَقَّ قَمِيصَهُ وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ.

فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: قَدْ قَاوَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، قَالَ: كُنْ وَرَاءَ الْبَابِ وَاحْفَظْ مَا أُلْقِي عَلَيْكَ.

فَقَامَ فَضَرَبَهُ البَّابُ فَشَجَّهُ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ احْفَظْ عَنِّي رَسُولَكَ.

فَعَرَفْتُ وَاللَّهِ الْغَلَبَةَ إِذْ قَالَهَا، ثُمَّ قَالَ:

أَبَنِي الْحِمَاسِ أَلَيْسَ فِيكُمْ سَيِّدٌ

إِنَّ الْمُرُوءَةَ فِي الْحِمَاسِ قَلِيلُ

هَيَّجْتُمُ حَسَّانَ عِنْدَ ذَكَائِهِ

عَيٌّ لِمَا وَلَدَ الْحِمَاسُ طَوِيلُ

إِنَّ الْهِجَاءَ إِلَيْكُمُ لَتَعِلَّةٌ

فَتَحَشْحَشُوا إِنَّ الذَّلِيلَ ذَلِيلُ

يَا وَيْلَ أُمِّكُمُ وَوَيْلَ أَبِيكُمُ

وَيْلٌ تَرَدَّدَ فِيكُمُ وَعَوِيلُ

لا تَجْزَعُوا أَنْ تُنْسَبُوا لِأَبِيكُمُ

فَاللُّؤمُ يَبْقَى وَالْجِبَالُ تَزُولُ

فَبَنُو زِيادٍ لَمْ تَلِدْكَ نُحُولُهُمْ

وَبَنُو صَلاءَةَ فَحْلُهُمْ مَشْغُولُ

وَسَرَى بِكُمْ تَيْسٌ أَجَمُّ مُجِذَّرٌ

مَا لِلذَّمَامَةِ عَنْكُمُ تَحْويِلُ

فَاللُّؤمُ حَلَّ عَلَى الْحِمَاسِ فَمَا لَهُمْ

كَهْلٌ يَسُودُ وَلا فَتًى بُهْلُولُ

وَقَالَ أَيْضًا يَهْجُوهُمْ:

أَمَّا الْحِمَاسُ فَإِنِّي غَيْرُ شَاتِمهِمْ

لا هُمْ كِرَامٌ وَلا عِرْضِي لَهُمْ خَطَرُ

لا يَرْبُلُونَ وَلا يُلْفَى لَهُمْ شَبَهٌ

إِلا التُّيُوسُ عَلَى أَكْتَافِهَا الشَّعَرُ

إِنْ سَابَقُوا سُبِقُوا أَوْ نَافَرُوا نُفِروا

أَوْ كَاثَرُوا وَاحِدًا مِنْ غَيْرِهِمْ كُثِرُوا

شِبْهُ الزَّغَالِيلِ لا دِينٌ وَلا حَسَبٌ

لَوْ قَامَرُوا الزِّنْجَ عَنْ أَحْسَابِهِمْ قُمِرُوا

وَقَالَ أَيْضًا يَهْجُوهُمْ:

يَا رَاكِبًا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ

عَبْدَ الْمَدَانِ وَجُلَّ آلِ قَنَانِ

فَلْتُعْرَفَنَّ قَلائِدِي بِرِقَابِكُمْ

كَالْوَشْمِ لا يَبْلَى عَلَى الْحَدَثَانِ

فَلَأجْدَعَنَّ بَنِي رُهَيْمَةَ كُلَّهَا

وَبَنِي الْحُصَيْنِ بِخِزْيَةٍ وَهَوَانِ

أَمَّا الْحِمَاسُ فَلا أَقُولُ لِثُلَّةٍ

تَرْعَى الْبِقَاعَ خَبِيثَةَ الأَوْطَانِ

قَالَ: وَلَمَّا قَالَ حَسَّانُ قَصِيدَتَهُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا:

هَيَّجْتُمُ حَسَّانَ عِنْدَ ذَكَائِهِ

غَيٌّ لِمَا وَلَدَ الْحِمَاسُ طَوِيلُ

قَالَ: اكْتُبُوهَا فِي رِقَاعٍ، وَأَلْقُوهَا فِي أَيْدِي الصِّبْيَانِ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ يَمُرَّ بِنَا إِلا بِضْعٌ وَخَمْسُونَ لَيْلَةً حَتَّى طَرَقَتْ بَنُو عَبْدِ الْمَدَانِ بِالنَّجَاشِيِّ مَوْثَقًا مَعْهُمْ، فَأَرْغَوْا بِبَابِهِ، فَقَالَ لِابْنَتِهِ: يَا بُنيَّةُ، مَا هَذَا الَّذِي أَسْمَعُ؟ قَالَتْ: لا وَاللَّهِ مَا أَدْرِي.

ص: 90