المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ النعمة إذا حدثت حدث لها حساد حسبها وأعداء قدرها، وإن الله لم يحدث لنا نعما ليحدث لها حساد - الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

[الزبير بن بكار]

فهرس الكتاب

- ‌«أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ أَشْرَكَهُ اللَّهُ فِي سُلْطَانِهِ فَجَارَ فِي حُكْمِهِ» .قَالَ الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ:

- ‌«مَنْ تَعَرَّضَ لِلْتُهْمَةِ فَلا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ، وَمَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَ الْخِيَارُ إِلَيْهِ، وَمَنَ أَفْشَاهُ كَانَ

- ‌ هَذَا وَالِدِي حَقًّا…وَمَا كُنْتُ بِهِ عَقًّابَذَلْتُ الْمَالَ فِي رِفْقٍ…وَمَا كُنْتُ بِهِ نَزْقًافَلَمَّا خَفَّ مِنْ مَالِي

- ‌«أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ»

- ‌ مَا تَصْنَعُ بِعَهْدِي يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: أَتَّخِذَهُ إِمَامًا وَلا أَعْصِيهِ.قَالَ: ارْدُدْ عَلَيَّ عَهْدِي.قَالَ: تَعْزِلُنِي

- ‌ خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فِي غَزْوَةِ إِفْرِيقِيَّةَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ جُرْجِيرَ مَلِكِ الْغَرْبِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ

- ‌ قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، فَقَالَتْ عَائِشَةُ:فَإِنْ تَكُ نَاعِيًا فَلَقَدْ نَعَاهُ…نَعِيٌّ لَيْسَ فِي فِيهِ

- ‌ حَضَرَ قَوْمٌ مِنْ قُرَيشٍ مَجْلِسَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أَمَيَّةَ

- ‌ أَلَسْتَ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ؟ ، قَالَ: لا، وَلَكِنَّنِي مِمَّنْ حَضَرَهُ فَلَمْ يَنْصُرْهُ.قَالَ: وَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِهِ؟ قَالَ: لَمْ

- ‌ فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ جَوَارِيهِ، فَقَالَ لَهُنَّ: تُغَنِّيِنَّ لِمَعْبَدٍ؟ فَفَعَلْنَ.فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَذَا الْحِدَاءُ.فَقَالَ لَهُنَّ:

- ‌ لا تَنْتَفِيَنَّ مِنْ وَلَدٍ نَكَحْتَ أُمَّهُ، وَاعْلَمْ أَنْ كُلَّ أَمَانَةٍ مُؤَدَّاةٌ، وَأَنَّ الرَّغَائِبَ فِي رَكْعَتِي

- ‌«مَنْ كَثُرَ مَالُهُ اشْتَدَّ حِسَابُهُ، وَمَنْ كَثُرَ تَبَعُهُ كَثُرَ شَيْاطِينُهُ، وَأَنَّ الْعَبْدَ كُلَّمَا ازْدَادَ مِنَ السُّلْطَانِ قُرْبًا

- ‌ لَمَّا ادَّعَى مُعَاوِيَةُ زِيَادًا، وَآثَرَ عَمْرَو بْنِ الْعَاصِ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَرَّبَهُمَا دُونَهُمْ جَزِعَ بَنُو أُمَيَّةَ مِنْ ذَلِكَ

- ‌ دَفْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، قَامَ عَلِيٌّ عَلَى الْقَبْرِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:لُكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ

- ‌«رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا وَمَا مَلَكَ، لَوْ كَانَ مِنْ جَبَلٍ لَكَانَ فِنْدًا، أَوْ مِنْ حَجَرٍ لَكَانَ صَلْدًا، عَلَى مِثْلِ مَالِكٍ فَلْتَبْكِ

- ‌ أُتِيُ عُمَرُ بِبُرُودٍ، فَقَالَ لِلَّذِي أَتَاهُ بِهَا: أَخْرِجْ لِي خَيْرَهَا وَشَرَّهَا، ثُمَّ قَالَ: عَلَيَّ بِالْحَسَنِ، فَلَمَّا أَتَاهُ دَفَعَ

- ‌ وَلِينَاكُمْ قَرِيبًا، وَعَدْلُنَا عَلَيْكُمْ خَيْرٌ مِنْ خُطَبِنَا فِيكُمْ، وَإِنْ أَعِشْ يَأْتِكُمُ الْكَلامُ عَلَى جِهَتِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌ رَدَدْتُ أَمْرَ الْمُسِلِمِينَ إِلَيْكَ فَدَبِّرْهُمْ بِرَأْيِكَ، وَاتَّقِ اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ مَعَادُكَ، فَقَدْ أَخْرَجْتُ مِنْ رَقَبَتِي ذَلِكَ

- ‌ مَا نُطْعِمُكَ يَا ابْنَ حَسَّانٍ؟ قَالَ: سَمَكًا.قَالَ: فَمَا نَسْقِيكَ؟ قَالَ: سَوِيقًا.فَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الأَهْتَمِ

- ‌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَسَّانٍ كَانَ يُشَبِّبُ بِابْنَةِ مُعَاوِيَةَ، وَيَذْكُرُهَا فِي شِعْرِهِ، فَقَالَ النَّاسُ لِمُعَاوِيَةَ: لَوْ جَعَلْتَهُ

- ‌ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ: أَطَعَامُ يَدٍ أَمْ طَعَامُ يَدَيْنِ؟ قَالَ: فَإِذَا قَالَ لَهُ: طَعَامُ يَدَيْنِ.لَمْ يَأْكُلْ، وَهُوَ الشِّوَاءُ

- ‌ فَلَمَّا أَهْذَرَا فِي التَّهَاجِي وَأَفْحَشَا، كَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَهُوَ الْخَلِيفَةُ يَوْمَئِذٍ إِلَى سَعِيدِ بْنِ

- ‌ أَهْدَى الْمُقَوْقِسُ صَاحِبُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَارِيَةَ ابْنَةَ شَمْعُونَ

- ‌ لَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ كَلَّمَ أَهْلُ مَكَّةَ عُثْمَانَ بْنَ شَيْبَةَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُمْ حَتَّى

- ‌ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ، وَكَانَ رَجُلا مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الشَّامِ، قَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، عَلَى مَا

- ‌«أُوصِي مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَصَدَّقَنِي بِوِلايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، مَنْ تَوَلاهُ فَقَدْ تَوَلانِي، وَمَنْ تَوَلانِي فَقَدْ تَوَلَّى

- ‌ خَذَلَنِي النَّاسُ، حَتَّى وَلَدِي وَأَهْلِي، فَلَمْ يَبْقَ مَعِي إِلا الْيَسِيرُ مِمَّنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنَ الدَّفْعِ أَكْثَرَ مِنْ صَبْرِ

- ‌ ابْنِنَا عِنْدَكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا، وَأَحْسِنْ إِلَيْنَا فِي فِدَائِهِ، فَإِنَّا سَنَرْفَعُ لَكَ فِي الْفِدَاءِ.قَالَ: «مَنْ هُوَ»

- ‌ زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلاتَهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِهِ

- ‌ لَمَّا هَاجَرَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كَلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ "، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَمَّا عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو

- ‌«اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَبِقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي مَا كَانَتِ الْوَفَاةُ

- ‌ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الَّتِي أَخْرَجَتْهَا عَادَةُ الْمِرَاءِ وَالضَّلالَةِ، وَصَدَفَ بِهَا عَنِ الْحَقِّ الْهَوى وَالزَّيْغُ، إِنِّي نَذِيرٌ

- ‌ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ لَهُ: يَا خِبْثَةُ، شَيْخًا جَوَّالا فِي الْفِتَنِ، مَعَ أَبِي تُرَابٍ مَرَّةً، وَمَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ

- ‌ النَّاسَ قَدْ رَفَعَوا أَعْيُنَهُمْ وَمَدُّوا أَعْنَاقَهُمِ إِلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْ نَظَرْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فِيهِ لُوْثَةٌ

- ‌«لا قَوَدَ إِلا بِالسَّيْفِ» ، وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ.ثُمَّ قَالَ لِشَرِيكٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَلَمْ يَقْتُلْهُ ثُمَّ ثَنَّى فَلَمْ

- ‌«إِنْ لَمْ تَجَدْ مِنْ صُحْبَةِ الرِّجَالِ بُدًّا، فَعَلَيْكَ بِمَنْ إِنْ صَحِبْتَهُ زَانَكَ، وَإِنْ خَفَضْتَ لَهُ صَانَكَ، وَإِنْ وَعَدَكَ لَمْ

- ‌ أَخْبِرْنَا عَنَّا وَعَنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ

- ‌ أَلا تَخَافُ أَنْ تُؤْتَى مِنْ قِبلِ ظَهْرِكَ؟ فَيَقُولُ: إِذَا أَمْكَنْتُ عَدُوِّي مِنْ ظَهْرِي فَلا أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ إِنْ أَبْقَى

- ‌ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ، أَلا وِإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أُصِيبَ رحمه الله، وَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُهُ، أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كَانَ

- ‌«فَخْمًا مُفَخَّمًا، يَتَلأْلأُ وَجْهُهُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَطْولَ مِنَ الْمَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ

- ‌ الْخَطِّ، فَقَالَ: «عِلْمٌ أُوتِيَهُ نَبِيٌّ، فَمَنْ وَافَقَ عِلْمُهُ عِلْمَ ذَلِكَ النَّبِيِّ فَقَدْ عَلِمَ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْهُ فَقَدْ

- ‌ اشْتَرَكَ ثَلاثَةٌ فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ، فَوَلَدَتْ، فَجَاءَتْ بِغُلامٍ، فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ يَدَّعِيهِ، فَدَعَا عُمَرُ بْنُ

- ‌ ثَلاثَةَ نَفَرٍ تَقَدَّمُوا إِلَيْهِ، وَقَدِ اشْتَرَكُوا فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ، فَقَالَ: أَنْتُمْ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ، وَقَدْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ

- ‌«طَعْامَانِ وَشَرَابَانِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ، لا حَاجَةَ لِي بِهِ، وَإِنْ كُنْتُ لا أُحُرِّمُهُ، وَلَكِنْ أُحِبُّ أَنْ يَرَانِي اللَّهُ

- ‌«تُوشِكُونَ أَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ، وَيَرُوحُ فِي أُخْرَى، وَأَنْ يُغْدَا عَلَى أَحَدِكُمْ بِجَفْنَةِ، وَيُرَاحُ عَلَيْهِ بِأُخْرَى

- ‌«مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ» ؟ فَسَكَتُّ، حَتَّى أَعَادَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: «فَلَعَلَّكَ تُرِيدُ

- ‌«يَأْتِي الأَنْصَارَ فِي دُورِهِمْ فَيَدْعُو لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ، فَيُذَكِّرُهُمْ وَيُحَذِّرُهُمْ وَيُنْذِرُهُمْ، وَيَأْتُونَهُ

- ‌ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ، فِيهِمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَسَعِيدُ

- ‌«إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثَلاثًا، فَإِنْ زَنَتِ الرَّابِعَةَ فَلْيَبِعْهَا، وَلَوْ بِضَفِيرٍ مِنْ

- ‌ مَرْوَانَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ أَمَرَ لِلْنَاسِ بِنِصْفِ عَطَائِهِمْ.وَقَالَ: إِنَّ الْمَالَ قَصَّرَ، وَقَدْ أَمَرْتُ لَكُمْ بِالنِّصْفِ

- ‌ أَجْوَدُ النَّاسِ حَيًّا وَمَيَّتًا حَاتِمٌ.قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ قُرَيْشٍ لَيُعْطِي فِي مَجْلِسٍ

- ‌ مَاوِيَّةَ بِنْتَ عَفْزَرَ كَانَتْ مَلِكَةً، وَكَانَتْ تَتَزَوَّجُ مَنْ أَرَادَتْ، وَأَنَّهَا بَعَثَتْ غِلْمَانًا لَهَا، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يَأْتُوهَا

- ‌ أَنَا لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» .قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا حَدِيثُ أَبِي زَرْعٍ وَأُمِّ زَرْعٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

- ‌ دَخَلَ عَمْرُو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الزُّبَيْدِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعِنْدَهُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادِ، وَشَرِيكُ بْنُ الأَعْوَرِ

- ‌ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَحْمَدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فِي الْكِتَابِ الأَوَّلِ، صَدَقَ صَدَقَ، ثُمَّ قَالَ:

- ‌«مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»

- ‌«كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ»حَدَّثَنِي أَخِي هَارُونُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ

- ‌ مِنْكُمْ لَمَنْ سَبَقَنِي فَرَأَى قَبْلِي، وَرَأَيْتُ بَعْدَهُ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ خَصَاصَةً إِلا أَلْصَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

- ‌ هَزَزْتُ ذَوَائِبَ الرِّجَالِ إِلَيْكَ، إِذْ لَمْ أَجَدْ مُعَوَّلا إِلا عَلَيْكَ، وَمَا زِلْتُ أَسْتَدِلُّ الْمَعْرُوفَ عَلَيْكَ، وَأَجْعَلُ

- ‌«لا يَبْعُدَنَّ ابْنُ هِنْدٍ إِنْ كَانَتْ فِيهِ لَمَخَارِجُ لا تَجِدُهَا فِي أَحَدٍ بَعْدَهُ، وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَنُفَرِّقُهُ فَيَتَفَارَقُ

- ‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ وِالأَمْرُ، وَمُلْكُ الدُّنْيَا وَالَآخِرَةِ، يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يُشَاءُ، وَيَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ

- ‌«الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ، مَا أَنَكْرَنْا إِمْرَةَ الأَنْصَارِ، وَلَكَانُوا لَهَا أَهْلا، وَلَكِنَّهُ قَوْلٌ لا شَكَّ فِيهِ وَلا خيَارَ

- ‌ النِّعْمَةَ إِذَا حَدَثَتْ حَدَثَ لَهَا حُسَّادٌ حَسْبُهَا وَأَعْدَاءٌ قَدْرُهَا، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحْدِثْ لَنَا نِعَمًا لِيُحْدِثَ لَهَا حُسَّادٌ

- ‌ أُتِي عُمَرُ بَجَوْهَرِ كِسْرَى، وُضِعَ فِي الْمَسْجِدِ، فَطَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَصَارَ كَالْجَمْرِ، فَقَالَ لِخَازَنِ بَيْتِ الْمَالِ:

- ‌ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام يَسْتَشْفِعُ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: «حَمَّالُ الْخَطَايَا! لا وَاللَّهِ لا أَعُودُ

- ‌ يَخْطُبُ، فَأَكَبَّ النَّاسُ حْوَلَهُ، فَقَالَ: «اجْلِسُوا يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ» ! فَصَاحَ بِهِ طَلْحَةُ: «إِنَّهُمْ لَيْسُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ

- ‌ أَمَا لِكِتَابِ اللَّهِ نَاشِدٌ غَيْرُكَ» ! فَجَلَسَ، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ: «اجْلِسْ» ، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ

- ‌ زِنْبَاعَ بْنَ رَوْحِ بْنِ سَلامَةَ الْجُذَامِيَّ يَعْشُرُ مَنْ يَمُرُّ بِهِ لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، قَالَ: فَعَمَدْنَا إِلَى مَا مَعَنَا

- ‌«كَيْفَ عِلْمُكَ بِمُضَرَ» ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعَلَمُ النَّاسِ بِهِمْ.تَمِيمٌ هَامَتُهَا وَكَاهِلُهَا الشَّدِيدُ الَّذِي

- ‌«أَجِيزُوا بَطْنَ عَرَفَةَ، فَإِنَّمَا هُمْ إِذْ أَسْلَمُوا إِخْوَانُكُمْ» .قَالَ: " فَعَلَّمَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ أَذِنَ عُمَرُ لِلنَّاسِ فَدَخَلَ عَمْرُو بْنُ برَاقَةَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا يَعْرُجُ، فَأَنْشَدَ أَبْيَاتًا، يَقُولُ فِيهَا:مَا إِنْ

- ‌ يُعْطِي الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ، فَقَالَ لَهُ: فُرَاتُ، مَنِ الَّذِي يَقُولُ: "الْفَقْرُ يُزْرِي بِالْفَتَى فِي قَوْمِهِ

- ‌ أَشْعَرَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى، وَكَانَ أَشْعَرَ أَهْلِ الإِسْلامِ ابْنُهُ كَعْبٌ، وَمَعْنُ بْنُ أَوْسٍ "عَنِ

- ‌«قُلْ شِعْرًا تَقْتَضِيهِ السَّاعَةُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ» .ثُمَّ أَبَدَّهُ بَصَرُهُ، فَانْبَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، يَقُولُ:إِنِّي

- ‌ لا تَزِيدُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ عَلَى أَرْبَعِينَ أُوْقِيَّةٍ، وَلَوْ كَانَتْ بِنْتُ ذِي الْغُصَّةِ، يَعْنِي يَزِيدَ بْنَ الْحُصَيْنِ

- ‌ أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ زَوْجِي يَصُومُ النَّهَارَ

الفصل: ‌ النعمة إذا حدثت حدث لها حساد حسبها وأعداء قدرها، وإن الله لم يحدث لنا نعما ليحدث لها حساد

392 -

عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عِيسَى بْنِ دَاوُدَ، عَنْ رِجَالِهِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رحمه الله: " لَمَّا بَنَى عُثْمَانُ دَارَهُ بِالْمَدِينَةِ، أَكْثَرَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَبَلَغَهُ، فَخَطَبَنَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى رَسُولِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ‌

‌ النِّعْمَةَ إِذَا حَدَثَتْ حَدَثَ لَهَا حُسَّادٌ حَسْبُهَا وَأَعْدَاءٌ قَدْرُهَا، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحْدِثْ لَنَا نِعَمًا لِيُحْدِثَ لَهَا حُسَّادٌ

عَلَيْهَا، وَمُنَافِسُونَ فِيهَا، وَلَكِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ بِنَاءِ مَنْزِلِنَا هَذَا، مَا كَانَ إِرَادَةُ جَمْعِ الْمَالِ فِيهِ، وَضَمِّ الْقَاصِيَةِ، فَأَتَانَا عَنْ أُنَاسٍ مِنْكُمْ يَقُولُونَ: أَخَذَ فَيْئَنَا وَأَنْفَقَ شَيْئَنَا، وَاسْتَأْثَرَ بِأَمْوَالِنَا، يَمْشُونَ خَمَرًا، وَيَنْطِقُونَ سِرًّا كَأَنَّا غَيْبٌ عَنْهُمْ، وَكَأَنَّهُمْ يَهَابُونَ مُواجَهَتَنَا مَعْرِفَةً مِنْهُمْ بِدُحُوضِ حُجَّتِهِمْ، فَإِذَا غَابُوا عَنَّا يَرُوحُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ يَذْكُرُنَا.

وَقَدْ وَجَدُوا عَلَى ذَلِكَ أَعْوَانًا مِنْ نُظَرَائِهِمْ وَمُؤَازِرِينَ مِنْ شُبَهَائِهِمْ، فَبُعْدًا بُعْدًا وَرُغْمًا رُغْمًا! ثُمَّ أَنْشَدَ بَيْتَيْنِ كَأَنَّهُ يُوْمِئُ فِيهِمَا إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام:

تَوَقَّدْ بِنَارٍ أَيْنَمَا كُنْتَ وَاشْتَعِلْ

فَلَسْتَ تَرَى مِمَّا تُعَالِجُ شَافِيًا

تَشُطُّ فَيَقْضِي الأَمْرَ دُونَكَ أَهْلُهُ

وَشِيكًا وَلا تُدْعَى إِذَا كُنْتَ نَائِيًا

مَالِي وَلِفِيئِكُمْ وَأَخْذِ مَالِكُمْ! أَلَسْتُ مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالا، وَأَظْهَرِهُمْ مَنَ اللَّهِ نِعْمَةً! أَلَمْ أَكُنْ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الإِسْلامِ، وَبَعْدَهُ! وَهَبُونِي بَنَيْتُ مَنْزِلا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَلَيْسَ هُوَ لِي وَلَكُمْ! ، أَلَمْ أُقِمْ أُمُورَكُمْ وَإِنِّي مِنْ وَرَاءِ حَاجَاتِكُمْ؟ فَمَا تَفْقِدُونَ مِنْ حُقُوقِكُمْ شَيْئًا، فَلِمَ لا أَصْنَعُ فِي الْفَضْلِ مَا أَحْبَبْتُ؟ فَلِمَ كُنْتُ إِمَامًا إِذًا؟ أَلا وَإِنَّ مِنْ أَعْجَبِ الْعَجَبِ، أَنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكُمْ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: لَنَفْعَلَنَّ بِهِ وَلَنَفْعَلَنَّ.

فَبِمَنْ تَفْعَلُونَ؟ لِلَّهِ آبَاؤُكُمْ! أَبِنَقَدِ الْبِقَاعِ أَمْ بِفَقْعِ الْقَاعِ؟ أَلَسْتُ أَحْرَاكُمْ إِنْ دَعَا أَنْ يُجَابَ؟ وَأَقْمَنَكُمْ إِنْ أَمَرَ أنْ يُطَاعَ؟ لَهْفِي عَلَى بَقَائِي فِيكُمْ بَعْدَ أَصْحَابِي، وَحَيَاتِي فِيكُمْ بَعْدَ أَتْرَابِي، يَا لَيْتَنِي تَقَدَّمْتُ قَبْلَ هَذَا، لَكِنِّي لا أُحِبُّ خِلافَ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ لِي عز وجل.

إِذَا شِئْتُمْ فَإِنَّ الصَّادِقَ الْمُصَدَّقَ، مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، قَدْ حَدَّثَنِي بِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِي وَأَمْرِكُمْ، وَهَذَا بَدْءُ ذَلِكَ وَأَوَّلُهُ، فَكَيْفَ الْهَرَبُ مِمَّا حُتِّمَ وَقُدِّرَ! ، أَمَا إِنَّهُ عليه السلام قَدْ بَشَّرَنِي فِي آخِرَ حَدِيثِهِ بِالْجَنَّةِ دُونَكُمْ، إِذَا شِئْتُمْ فَلا أَفْلَحَ مَنْ نَدِمَ.

ص: 232

قَالَ: ثُمَّ هُمَّ بِالنُّزُولِ فَبَصُرَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، وَمَعَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رضي الله عنه، وَنَاسٌ مِنْ أَهْلِ هَوَاهُ يَتَنَاجَوْنَ، فَقَالَ: إِيهًا إِيهًا! أَسِرِارًا لا جِهَارًا! أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَحْنِقُ عَلَى جِرَّةٍ وَلا أُوتِيَ مِنْ ضَعْفِ مِرَّةٍ، وَلَوْلا النَّظَرُ لِي وَلَكُمْ، وَالرِّفْقُ بِي وَبِكُمْ لَعَاجَلْتُكُمْ فَقَدِ اغْتَرَرْتُمْ وَأَقَلْتُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ.

ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ قَدْ تَعْلَمُ حُبِّي لِلْعَافِيَةِ فَأَلْبِسْنِيهَا، وَإِيثَارِي لِلسَّلامَةِ فَآتِينِهَا.

قَالَ: فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام، وَقَامَ عَدِيُّ بْنُ الْخِيَارِ، فَقَالَ: أَتَمَّ اللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ النِّعْمَةَ، وَزَادَكَ فِي الْكَرَامَةِ، وَاللَّهِ لأَنْ تُحْسَدَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ تَحْسُدَ، وَلأَنْ تُنَافَسَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ تُنَافِسَ، أَنْتَ وَاللَّهِ فِي حَسْبِنَا الصَّمِيمِ وَمَنْصبِنَا الْكَرِيمِ، إِنْ دَعَوْتَ أُجِبْتَ، وَإِنْ أَمَرْتَ أُطِعْتَ، فَقَلْ نَفْعَلْ، وَادْعُ تُجَبْ، جُعِلْتَ الْخَيَرَةَ وَالشُّورَى إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِيَخْتَارُوا لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ، وَإِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ مَكَانَكَ، وَيَعْرِفُونَ غَيْرَكَ، فَاخْتَارُوكَ مُنِيبِينَ طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ وَلا مُجْبَرِينَ، مَا غَيَّرْتَ، وَلا فَارَقْتَ وَلا بَدَّلْتَ، وَلا خَالَفْتَ، فَعَلامَ يُقَدِّمُونَ عَلَيْكَ وَهَذَا رَأْيُهُمْ فِيكَ! أَنْتَ وَاللَّهِ كَمَا قَالَ الأَوَّلُ:

اذْهَبْ إِلَيْكَ فَمَا لِلْحَسُودِ

إِلا طِلابَكَ تَحْتَ الْعِشَارِ

حَكَمْتَ فَمَا جُرْتَ فِي خَلَّةٍ

فَحُكْمُكَ بِالْحَقِّ بَادِي الْمَنَارِ

فَإِنْ يَسْبَعُوكَ فَسِرًّا وَقَدْ

جَهَرْتَ بِسَيْفِكَ كُلَّ الْجِهَارِ

قَالَ: وَنَزَلَ عُثْمَانُ فَأَتَى مَنْزِلَهُ، وَأَتَاهُ النَّاسُ، وَفِيهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا أَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ، أَقْبَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: مَا لِي وَلَكُمْ يَابْنَ عَبَّاسٍ! مَا أَغْرَاكُمْ بِي، وَأَوْلَعَكُمْ بِتَعَقُّبِ أَمْرِي! أَتَنْقِمُونَ عَلَيَّ أَمْرَ الْعَامَّةِ؟ أَتَيْتُ مِنْ وَرَاءِ حُقُوقِهِمْ، أَمْ أَمْركُمْ، فَقَدْ جَعَلْتُهُمْ يَتَمَنَّوْنَ مَنْزِلَتَكُمْ،! لا وَاللَّهِ لَكِنَّ الْحَسَدَ وَالْبَغْيَ وَتَثْوِيرَ الشَّرِّ وَإِحْيَاءَ الْفِتَنِ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَلْقَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيَّ ذَلِكَ وَأَخْبَرَنِي بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَاحِدًا وَاحِدًا! وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلا أَنَا بِمَكْذُوبٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَلَى رِسْلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللَّهِ مَا عَهِدْتُكَ جَهِرًا بِسِرِّكَ، وَلا مُظْهِرًا مَا فِي نَفْسِكَ، فَمَا الَّذِي هَيَّجَكَ وَثَوَّرَكَ؟ إِنَّا لَمْ يُولِعْنَا بِكَ أَمْرٌ، وَلَمْ نَتَعَقَّبْ أَمْرَكَ بِشَيْءٍ، أُتِيتَ بِالْكَذِبِ، وَتُسُوِّقَ عَلَيْكَ بِالْبَاطِلِ.

وَاللَّهِ مَا نَقِمْنَا عَلَيْكَ لَنَا وَلا لِلْعَامَّةِ، قَدْ أُوتِيتَ مِنْ وَرَاءِ حُقُوقِنَا وُحُقُوقَهُمْ، وَقَضَيْتَ مَا يَلْزَمُكَ لَنَا وَلَهُمْ، فَأَمَّا الْحَسَدُ وَالْبَغْيُ وَتَثْوِيرُ الْفِتَنِ وَإِحْيَاءُ الشَّرِّ فَمَتَى رَضِيَتْ بِهِ عِتْرَةُ النَّبِيِّ وَأَهْلُ بَيْتِهِ؟ وَكَيْفَ وَهُمْ مِنْهُ وَإِلَيْهِ، عَلَى دِينِ اللَّهِ، يَثُورُونَ الشَّرَّ، أَمْ عَلَى اللَّهِ يُحْيُونَ الْفِتَنَ؟ كَلا لَيْسَ الْبَغْيُ وَلا الْحَسَدُ مِنْ طِبَاعِهِمْ.

ص: 233

فَاتَّئِدْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَبْصِرْ أَمْرَكَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ، فَإِنَّ حَالَتَكَ الأُولَى خَيْرٌ مِنْ حَالَتِكَ الأُخْرَى.

لَعَمْرِي إِنْ كُنْتَ لأَثِيرًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنْ كَانَ لَيُفْضِي إِلَيْكَ بِسِرِّهِ مَا يَطْوِيهِ عَنْ غَيْرِكَ، وَلا كَذَبْتَ وَلا أَنْتَ بِمَكْذُوبٍ، اخْسَ الشَّيْطَانَ عَنْكَ لا يَرْكَبُكَ، وَاغْلِبْ غَضَبَكَ وَلا يَغْلِبْكَ، فَمَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا الأَمْرِ الَّذِي كَانَ مِنْكَ؟ قَالَ: دَعَانِي إِلَيْهِ ابْنُ عَمِّكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَعَسَى أَنْ يَكْذِبَ مُبَلِّغُكَ.

قَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ ثِقَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ مَنْ بَلَّغَ وَأَغْرَى.

قَالَ عُثْمَانُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، آللَّهَ إِنَّكَ مَا تَعْلَمُ مِنْ عَلِيٍّ مَا شَكَوْتُ مِنْهُ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لا إِلا أَنْ يَقُولَ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ، وَيَنْقِمُ كَمَا يَنْقِمُونَ، فَمَنْ أَغْرَاكَ بِهِ، وَأَوْلَعَكَ بِذِكْرِهِ دُونَهُمْ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّمَا آفَتِي مِنْ أَعْظَمِ الدَّاءِ الَّذِي يُنَصِّبُّ نَفْسَهُ لِرَأْسِ الأَمْرِ وَهُوَ عَلِيٌّ ابْنُ عَمِّكَ، وَهَذَا وَاللَّهِ كُلُّهُ مِنْ نَكَدِهِ، وَشُؤْمِهِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَهْلا اسْتَثْنِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

ثُمَّ قَالَ: إِنِّي أَنْشُدُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ الإِسْلامَ وَالرَّحِمَ، فَقَدْ وَاللَّهِ غُلِبْتُ وَابْتُلِيتُ بِكُمْ، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ كَانَ صَارَ إِلَيْكُمْ دُونِي، فَحَمَلْتُمُوهُ عِنِّي، وَكُنْتُ أَحَدَ أَعْوَانِكُمْ عَلَيْهِ إِذًا، وَاللَّهِ لَوَجَدْتُمُونِي لَكُمْ خَيْرًا مِمَّا وَجَدْتُكُمْ لِي، وَلَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الأَمْرَ لَكُمْ، وَلَكِنَّ قَوْمَكُمْ دَفَعُوكَمْ عَنْهُ وَاخْتَزَلُوهُ دُونَكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَدَفَعُوهُ عَنْكُمْ أَمْ دَفَعُوكُمْ عَنْهُ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَهْلا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّا نَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالإِسْلامَ وَالرَّحِمَ، مِثْلَ مَا نَشَدْتَنَا، أَنْ تُطْمِعَ فِينَا وَفِيكَ عَدُوًّا، وَتُشَمِتَ بِنَا وَبِكَ حَسُودًا.

إِنَّ أَمْرَكَ إِلَيْكَ مَا كَانَ قَوْلا، فَإِذَا صَارَ فِعْلا فَلَيْسَ إِلَيْكَ وَلا فِي يَدَيْكَ، وَإِنَّا وَاللَّهِ لَنُخَالِفَنَّ إِنْ خُولِفْنَا، وَلَنُنَازِعَنَّ إِنْ نُوزِعْنَا، وَمَا تَمَنِّيكَ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ صَارِ إِلَيْنَا دُونَكَ، إِلا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ مِنَّا مَا يَقُولُهُ النَّاسُ، وَيَعِيبُ كَمَا عَابُوا! فَأَمَّا صَرْفُ قَوْمِنَا عَنَّا الأَمْرَ فَعَنْ حَسَدٍ قَدْ وَاللَّهِ عَرَفْتُهُ، وَبَغْيٍ قَدْ وَاللَّهِ عَلِمْتُهُ، فَاللَّهَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا! وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّكَ لا تَدَرِي أَدَفَعُوهُ عَنَّا، أَمْ دَفَعُونَا عَنْهُ؟ فَلَعَمْرِي إِنَّكَ لَتَعْرِفُ أَنَّهُ لَوْ صَارَ إِلَيْنَا هَذَا الأَمْرُ مَا زِدْنَا بِهِ فَضْلا إِلَى فَضْلِنَا، وَلا قَدْرًا إِلَى قَدْرِنَا، وَإِنَّا لأَهْلُ الْفَضْلِ وَأَهْلُ الْقَدْرِ، وَمَا فَضَلَ فَاضِلٌ إِلا بِفَضْلِنَا، وَلا سَبَقَ سَابِقٌ إِلا بِسَيْفِنَا، وَلَوْلا هَدْيُنَا مَا اهْتَدَى أَحَدٌ، وَلا أَبْصَرُوا مِنَ عَمًى، وَلا قَصَدُوا مِنْ جَوْرٍ.

ص: 234

فَقَالَ عُثْمَانُ: حَتَّى مَتَى يَا ابْنَ عَبَّاسٍ يَأْتِينِي عَنْكُمْ مَا يَأْتِينِي؟ هَبُونِي كُنْتُ بَعِيدًا أَمَا كَانَ لِي مِنَ الْحَقِّ عَلَيْكُمْ أَنْ أُرَاقِبَ وَأَنْ أُنَاظِرَ، بَلَى وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، وَلَكِنَّ الْفُرْقَةَ سَهَّلَتْ لَكُمُ الْقَوْلَ فِيَّ وَتَقَدَّمَتْ بِكُمْ إِلَى الإِسْرَاعِ إِليَّ، وَاللَّهُ الُمُسْتَعَانُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَهْلا حَتَّى أَلْقَى عَلِيًّا، ثُمَّ أَحْمِلَ إِلَيْكَ عَلَى قَدْرِ مَا رَأَى.

قَالَ عُثْمَانُ: افْعَلْ مَا قَدْ فَعَلْتَ، وَطَالَمَا طَلَبْتُ فَلا أَطْلَبَ، وَلا أَجَابَ وَلا أَعْتَبَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجْتُ فَلَقَيْتُ عَلِيًّا، وَإِذَا بِهِ مِنَ الْغَضَبِ وَالتَّلَظِّي أَضْعَافُ مَا بِعُثْمَانَ، فَأَرَدْتُ تَسْكِينَهُ فَامْتَنَعَ، فَأَتَيْتُ مَنْزِلِي، وَأَغْلَقْتُ بَابِي وَاعْتَزَلْتُهُمَا.

فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ، فَأَتَيْتُهُ وَقَدْ هَدَأَ غَضَبُهُ، فَنَظَرَ إِلَيَّ ثُمَّ ضَحِكَ، وَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا أَبْطَأَ بِكَ عَنَّا؟ إِنَّ تَرْكَكَ الْعَوْدَ إِلَيْنَا لَدَلِيلٌ عَلَى مَا رَأَيْتَ عِنْدَ صَاحِبِكَ، وَعَرَفْتَ مِنْ حَالِهِ، فَاللَّهَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، خُذْ بِنَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَكَانَ عُثْمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ عَنْ عَلِيٍّ شَيْءٌ فَأَرَدْتُ التَكْذِيبَ عَنْهُ، يَقُولُ: وَلا يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ أَبْطَأْتَ عَنَّا وَتَرَكْتَ الْعَوْدَ إِلَيْنَا؟ فَلا أَدْرِي كَيْفَ أَرُدُّ عَلَيْهِ "

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رحمه الله، قَالَ: " خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي سَحَرًا أُسَابِقُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَأَطْلُبُ الْفَضِيلَةَ، فَسَمِعْتُ خَلْفِي حِسًّا وَكَلامًا، فَتَسَمَّعْتُهُ، فَإِذَا حِسُّ عُثْمَانَ، وَهُوَ يَدْعُو وَلا يَرَى أَنَّ أَحَدًا يَسْمَعُهُ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ قَدْ تَعْلَمُ نِيَّتِي فَأَعِنِّي عَلَيْهِمْ، وَتَعْلَمُ الَّذِينَ ابْتُلِيتُ بِهِمْ مِنْ ذَوِي رَحِمِي وَقَرَابَتِي، فَأَصْلِحْنِي لَهُمْ، وَأَصْلِحْهُمْ لِي.

قَالَ: فَقَصَّرْتُ مِنْ خُطْوَتِي وَأَسْرَعَ فِي مَشْيَتِهِ، فَالْتَقَيْنَا، فَسَلَّمَ، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي خَرَجْتُ لَيْلَتَنَا هَذِهِ أَطْلُبُ الْفَضْلَ وَالْمُسَابَقَةَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ أَخْرَجَنِي مَا أَخْرَجَكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ سَابَقْتَ إِلَى الْخَيْرِ، إِنَّكَ لِمِنَ سَابِقِينَ مُبَارَكِينَ، وَإِنِّي لأُحِبُّكُمْ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ بِحُبِّكُمْ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا لَنُحِبُّكَ وَنَعْرِفُ سَابِقَتَكَ، وَسِنَّكَ وَقَرَابَتَكَ وَصِهْرَكَ.

قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَمَا لِي وَلابْنِ عَمِّكَ وَابْنِ خَالِي! قُلْتُ: أَيُّ بَنِي عُمُومَتِي وَبِنِي أَخْوَالِكَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ.

أَتَسْأَلُ مَسْأَلَةَ الْجَاهِلِ؟ قُلْتُ: إِنَّ بَنِي عُمُومَتِي مِنْ بَنِي خُئُولَتِكَ كَثِيرٌ، فَأَيَّهُمْ تَعْنِي.

قَالَ: أَعْنِي عَلِيًّا لا غَيْرَهُ.

فَقُلْتُ: لا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَعْلَمُ مِنْهُ إِلا خَيْرًا، وَلا أَعْرِفُ لَهُ إِلا حُسْنًا.

قَالَ: وَاللَّهِ بِالْحَرِيِّ أَنْ يَسْتُرَ دُونَكَ، مَا يُظْهِرُهُ لِغَيْرِكَ، وَيَقْبِضَ عَنْكَ مَا يَنْبَسِطُ بِهِ إِلَى سِوَاكَ.

ص: 235

قَالَ: وَرُمِينَا بِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، فَسَلَّمَ، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ سَلامَهُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ مَعَكَ؟ قُلْتُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ، قَالَ: نَعَمْ، وَسَلَّمَ بِكُنْيَتِهِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ عَمَّارٌ: مَا الَّذِي كُنْتُمْ فِيهِ، فَقَدْ سَمِعْتُ ذَرْوًا مِنْهُ؟ قُلْتُ: هُوَ مَا سَمِعْتَ.

فَقَالَ عَمَّارٌ: رُبَّ مَظْلُومٍ غَافِلٌ، وَظَالِمٍ مُتَجَاهِلٌ.

قَالَ عُثْمَانُ: أَمَا إِنَّكَ مِنْ شُنَّائِنَا وَأَتْبَاعِهِمْ، وايْمُ اللَّهِ، إِنَّ الْيَدَ عَلَيْكَ لَمُنْبَسِطَةٌ، وَإِنَّ السَّبِيلَ إِلَيْكَ لَسَهْلَةٌ، وَلَوْلا إِيثَارُ الْعَافِيَةِ، وَلَمُّ الشَّعَثِ لَزَجَرْتُكَ زَجْرَةً تَكْفِي مَا مَضَى وَتَمْنَعُ مَا بَقِيَ.

فَقَالَ عَمَّارٌ: وَاللَّهِ مَا أَعْتَذِرُ مِنْ حُبِّي عَلِيًّا، وَمَا الْيَدُ بِمُنْبَسِطَةٍ وَلا السَّبِيلُ بِسَهْلَةٍ، إِنِّي لازِمٌ حُجَّةً وَمُقِيمٌ عَلَى سُنَّةٍ.

وَأَمَّا إِيثَارُكَ الْعَافِيَةَ وَلَمُّ الشَّعَثِ، فَلازِمُ ذَلِكَ.

وَأَمَّا زَجْرِي فَأَمْسِكْ عَنْهُ، فَقَدْ كَفَاكَ مُعَلِّمِي تَعْلِيمِي.

فَقَالَ عُثْمَانُ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكَ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَعْوَانِ الشَّرِّ الْحَاضِّينَ عَلَيْهِ، الْخَذَلَةِ عِنْدَ الْخَيْرِ الْمُثَبِّطِينَ عَنْهُ.

فَقَالَ عَمَّارٌ: مَهْلا يَا عُثْمَانُ، فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، يَصِفُنِي بِغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ عُثْمَانُ: وَمَتَى؟ قَالَ: يَوْمَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ مُنْصَرَفَهِ عَنِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُكَ، وَقَدْ أَلْقَى ثِيَابَهُ، وَقَعَدَ فِي فُضُلِهِ، فَقَبَّلْتُ صَدْرَهُ وَنَحْرَهُ وَجَبْهَتَهُ، فَقَالَ: يَا عَمَّارُ، إِنَّكَ لَتُحِبُّنَا وَإِنَّا لَنُحِبُّكَ، وَإِنَّكَ لَمِنَ الأَعْوَانِ عَلَى الْخَيْرِ الْمُثَبِّطِينَ عَنِ الشَّرِّ، فَقَالَ عُثْمَانُ: أَجَلْ، وَلَكِنَّكَ غَيَّرْتَ وَبَدَّلْتَ.

قَالَ: فَرَفَعَ عَمَّارٌ يَدَهُ يَدْعُو، وَقَالَ: أَمِّنْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ.

اللَّهُمَّ مَنْ غَيَّرَ فَغَيِّرْ بِهِ.

ثَلاثَ مَرَّاتٍ.

قَالَ: وَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، فَأَهْوَى عَمَّارٌ إِلَى مُصَلاهُ، وَمَضَيْتُ مَعَ عُثْمَانَ إِلَى الْقِبْلَةَ، فَدَخَلَ الْمِحْرَابَ، وَقَالَ: تَلَبَّثْ عَلَيَّ إِذَا انْصَرَفْنَا فَلَمَّا رَآنِي عَمَّارٌ وَحْدِي أَتَانِي، فَقَالَ: أَمَا رَأَيْتَ مَا بَلَغَ بِي آنِفًا! قُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ أَصْعَبْتَ بِهِ وَأَصْعَبَ بِكَ، وَإِنَّ لَهُ لَسِنَّهُ وَفَضْلَهُ وَقَرَابَتَهُ.

قَالَ: إِنَّهُ لَهُ لِذَلِكَ، وَلَكِنْ لا حَقَّ لِمَنْ لا حَقَّ عَلَيْهِ.

وَانْصَرَفَ.

وَصَلَّى عُثْمَانُ، وَانْصَرَفْتُ مَعَهُ يَتَوَكَّأُ عَلَيَّ فَقَالَ: هَلْ سَمِعْتَ مَا قَالَ عَمَّارٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَسَرَّنِي ذَلِكَ وَسَاءَنِي، أَمَّا مَسَاءَتُهُ إِيَّايَ فَمَا بَلَغَ بِكَ، وَأَمَّا مَسَرَّتُهُ لِي فَحِلْمُكَ وَاحْتِمَالُكَ.

فَقَالَ: إِنَّ عَلِيًّا فَارَقَنِي مُنْذُ أَيَّامٍ عَلَى الْمُقَارَبَةِ، وَإِنَّ عَمَّارًا آتِيهِ فَقَائِلٌ لَهُ وَقَائِلٌ، فَابْدُرْهُ إِلَيْهِ فَإِنَّكَ أَوْثَقُ عِنْدَهُ مِنْهُ وَأَصْدَقُ قَوْلا، فَالْقِ الأَمْرَ إِلَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ.

فَقُلْتُ: نَعَمْ.

ص: 236

وَانْصَرَفْتُ أُرِيدُ عَلِيًّا عليه السلام فِي الْمَسْجِدِ، فَإِذَا هُوَ خَارِجٌ مِنْهُ، فَلَمَّا رَآنِي تَفَجَّعَ لِي مِنْ فَوْتِ الصَّلاةِ، وَقَالَ: مَا أَدْرَكْتَهَا! قُلْتُ: بَلَى، وَلَكِنِّي خَرَجْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ اقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّهُ لَيَقْرِفُ قَرْحَةً، لَيَحُورَنَّ عَلَيْهَا أَلَمُهَا.

فَقُلْتُ: إِنَّ لَهُ سِنَّهُ وَسَابِقَتَهُ وَقَرَابَتَهُ وَصِهْرَهُ، قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَلَكِنْ لا حَقَّ لِمْنَ لا حَقَّ عَلَيْهِ.

قَالَ: ثُمَّ رَهِقَنَا عَمَّارٌ فَبَشَّ بِهِ عَلِيٌّ وَتَبَسَّمَ فِي وَجْهِهِ وَسَأَلَهُ.

فَقَالَ عَمَّارٌ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، هَلْ أَلْقَيْتَ إِلَيْهِ مَا كُنَّا فِيهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قال: أَمَا وَاللَّهِ إِذًا لَقَدْ قُلْتَ بِلِسَانِ عُثْمَانَ، وَنَطَقْتَ بِهَوَاهِ.

قُلْتُ: مَا عَدَوْتُ الْحَقَّ جُهْدِي، وَلا ذَلِكَ مِنْ فِعْلِي، وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَيُّ الْحَظَّيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَأَيُّ الْحَقَّيْنِ أَوْجَبُ عَلَيَّ.

قَالَ: فَظَنَّ عَلِيٌّ أَنَّ عِنْدَ عَمَّارٍ غَيْرَ مَا أَلْقَيْتُ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَتَرَكَ يَدِي، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ مَكَانِي، فَإِذَا رَسُولُ عُثْمَانَ يَدْعُونِي فَأَتَيْتُهُ، فَأَجَدَّ بِبَابِهِ مَرْوَانُ وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، فِي رِجَالٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، فَأَذِنَ لِي وَأَلْطَفَنِي، وَقَرَّبَنِي وَأَدْنَى مَجْلِسِي، ثُمَّ قَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِالْخَبَرِ عَلَى وَجْهِهِ وَمَا قَالَ الرَّجُلُ، وَقُلْتُ لَهُ، وَكَتَمْتُ قَوْلَهُ: إِنَّهُ لَيَقْرِفُ قَرْحَةً لَيَحُورَنَّ عَلَيْهِ أَلَمُهَا، إِبْقَاءً عَلَيْهِ، وَإِجْلالا لَهُ، وَذَكَرْتُ مَجِيءَ عَمَّارٍ، وَبَشَّ عَلِيٌّ لَهُ، وَظَنَّ عَلِيٌّ أَنَّ قَبْلَهُ غَيْرُ مَا أَلْقَيْتُ عَلَيْهِ، وَسُلُوكَهُمَا حَيْثُ سَلَكَا، قَالَ: وَفَعَلا؟ .

قُلْتُ: نَعَمْ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، أَصْلِحْ لِي عَلِيًّا، وَأَصْلِحْنِي لَهُ! أَمِّنْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَأَمَّنْتُ.

ثُمَّ تَحَدَّثْنَا طَوِيلا، وَفَارَقْتُهُ وَأَتَيْتُ مَنْزِلِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَا سَمِعْتُ مِنْ أَبِي شَيْئًا قَطُّ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ يَلُومُهُ فِيهِ وَلا يَعْذُرُهُ، وَلا سَأَلْتُهُ عَنِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ أَهْجُمَ مِنْهُ عَلَى مَا لا يُوَافِقُهُ.

فَإِنَّا عِنْدَهُ لَيْلَةً وَنَحْنُ نَتَعَشَّى، إِذْ قِيلَ: هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بِالْبَابِ، فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ.

فَدَخَلَ، فَأَوْسَعَ لَهُ عَلَى فِرَاشِهِ، وَأَصَابَ مِنَ الْعَشَاءِ مَعَهُ، فَلَمَّا رُفِعَ قَامَ مَنْ كَانَ هُنَاكَ، وَثَبَتُّ أَنَا، فَحَمِدَ عُثْمَانُ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا خَالُ، فَإِنِّي قَدْ جِئْتُكَ أَسَتَعْذِرُكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ عَلِيٍّ، سَبَّنِي، وَشَهَّرَ أَمْرِي، وَقَطَعَ رَحِمِي، وَطَعَنَ فِي دِينِي، وَإِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنْ كَانَ لَكُمْ حَقٌّ تَزُعُمُونَ أَنَّكُمْ غُلِبْتُمْ عَلَيْهِ، فَقَدْ تَرَكْتُمُوهُ فِي يَدَيْ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِكُمْ، وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَيْكُمْ رَحِمًا مِنْهُ، وَمَا لُمْتُ مِنْكُمْ أَحَدًا إِلا عَلِيًّا، وَلَقَدْ دُعِيتُ أَنْ أَبْسُطَ عَلَيْهِ، فَتَرَكْتُهُ لِلَّهِ وَالرَّحِمِ، وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَتْرُكَنِي فَلا أَتْرُكهُ.

ص: 237