المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أهدى المقوقس صاحب الإسكندرية إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مارية ابنة شمعون - الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

[الزبير بن بكار]

فهرس الكتاب

- ‌«أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ أَشْرَكَهُ اللَّهُ فِي سُلْطَانِهِ فَجَارَ فِي حُكْمِهِ» .قَالَ الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ:

- ‌«مَنْ تَعَرَّضَ لِلْتُهْمَةِ فَلا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ، وَمَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَ الْخِيَارُ إِلَيْهِ، وَمَنَ أَفْشَاهُ كَانَ

- ‌ هَذَا وَالِدِي حَقًّا…وَمَا كُنْتُ بِهِ عَقًّابَذَلْتُ الْمَالَ فِي رِفْقٍ…وَمَا كُنْتُ بِهِ نَزْقًافَلَمَّا خَفَّ مِنْ مَالِي

- ‌«أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ»

- ‌ مَا تَصْنَعُ بِعَهْدِي يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: أَتَّخِذَهُ إِمَامًا وَلا أَعْصِيهِ.قَالَ: ارْدُدْ عَلَيَّ عَهْدِي.قَالَ: تَعْزِلُنِي

- ‌ خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فِي غَزْوَةِ إِفْرِيقِيَّةَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ جُرْجِيرَ مَلِكِ الْغَرْبِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ

- ‌ قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، فَقَالَتْ عَائِشَةُ:فَإِنْ تَكُ نَاعِيًا فَلَقَدْ نَعَاهُ…نَعِيٌّ لَيْسَ فِي فِيهِ

- ‌ حَضَرَ قَوْمٌ مِنْ قُرَيشٍ مَجْلِسَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أَمَيَّةَ

- ‌ أَلَسْتَ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ؟ ، قَالَ: لا، وَلَكِنَّنِي مِمَّنْ حَضَرَهُ فَلَمْ يَنْصُرْهُ.قَالَ: وَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِهِ؟ قَالَ: لَمْ

- ‌ فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ جَوَارِيهِ، فَقَالَ لَهُنَّ: تُغَنِّيِنَّ لِمَعْبَدٍ؟ فَفَعَلْنَ.فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَذَا الْحِدَاءُ.فَقَالَ لَهُنَّ:

- ‌ لا تَنْتَفِيَنَّ مِنْ وَلَدٍ نَكَحْتَ أُمَّهُ، وَاعْلَمْ أَنْ كُلَّ أَمَانَةٍ مُؤَدَّاةٌ، وَأَنَّ الرَّغَائِبَ فِي رَكْعَتِي

- ‌«مَنْ كَثُرَ مَالُهُ اشْتَدَّ حِسَابُهُ، وَمَنْ كَثُرَ تَبَعُهُ كَثُرَ شَيْاطِينُهُ، وَأَنَّ الْعَبْدَ كُلَّمَا ازْدَادَ مِنَ السُّلْطَانِ قُرْبًا

- ‌ لَمَّا ادَّعَى مُعَاوِيَةُ زِيَادًا، وَآثَرَ عَمْرَو بْنِ الْعَاصِ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَرَّبَهُمَا دُونَهُمْ جَزِعَ بَنُو أُمَيَّةَ مِنْ ذَلِكَ

- ‌ دَفْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، قَامَ عَلِيٌّ عَلَى الْقَبْرِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:لُكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ

- ‌«رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا وَمَا مَلَكَ، لَوْ كَانَ مِنْ جَبَلٍ لَكَانَ فِنْدًا، أَوْ مِنْ حَجَرٍ لَكَانَ صَلْدًا، عَلَى مِثْلِ مَالِكٍ فَلْتَبْكِ

- ‌ أُتِيُ عُمَرُ بِبُرُودٍ، فَقَالَ لِلَّذِي أَتَاهُ بِهَا: أَخْرِجْ لِي خَيْرَهَا وَشَرَّهَا، ثُمَّ قَالَ: عَلَيَّ بِالْحَسَنِ، فَلَمَّا أَتَاهُ دَفَعَ

- ‌ وَلِينَاكُمْ قَرِيبًا، وَعَدْلُنَا عَلَيْكُمْ خَيْرٌ مِنْ خُطَبِنَا فِيكُمْ، وَإِنْ أَعِشْ يَأْتِكُمُ الْكَلامُ عَلَى جِهَتِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌ رَدَدْتُ أَمْرَ الْمُسِلِمِينَ إِلَيْكَ فَدَبِّرْهُمْ بِرَأْيِكَ، وَاتَّقِ اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ مَعَادُكَ، فَقَدْ أَخْرَجْتُ مِنْ رَقَبَتِي ذَلِكَ

- ‌ مَا نُطْعِمُكَ يَا ابْنَ حَسَّانٍ؟ قَالَ: سَمَكًا.قَالَ: فَمَا نَسْقِيكَ؟ قَالَ: سَوِيقًا.فَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الأَهْتَمِ

- ‌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَسَّانٍ كَانَ يُشَبِّبُ بِابْنَةِ مُعَاوِيَةَ، وَيَذْكُرُهَا فِي شِعْرِهِ، فَقَالَ النَّاسُ لِمُعَاوِيَةَ: لَوْ جَعَلْتَهُ

- ‌ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ: أَطَعَامُ يَدٍ أَمْ طَعَامُ يَدَيْنِ؟ قَالَ: فَإِذَا قَالَ لَهُ: طَعَامُ يَدَيْنِ.لَمْ يَأْكُلْ، وَهُوَ الشِّوَاءُ

- ‌ فَلَمَّا أَهْذَرَا فِي التَّهَاجِي وَأَفْحَشَا، كَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَهُوَ الْخَلِيفَةُ يَوْمَئِذٍ إِلَى سَعِيدِ بْنِ

- ‌ أَهْدَى الْمُقَوْقِسُ صَاحِبُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَارِيَةَ ابْنَةَ شَمْعُونَ

- ‌ لَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ كَلَّمَ أَهْلُ مَكَّةَ عُثْمَانَ بْنَ شَيْبَةَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُمْ حَتَّى

- ‌ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ، وَكَانَ رَجُلا مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الشَّامِ، قَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، عَلَى مَا

- ‌«أُوصِي مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَصَدَّقَنِي بِوِلايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، مَنْ تَوَلاهُ فَقَدْ تَوَلانِي، وَمَنْ تَوَلانِي فَقَدْ تَوَلَّى

- ‌ خَذَلَنِي النَّاسُ، حَتَّى وَلَدِي وَأَهْلِي، فَلَمْ يَبْقَ مَعِي إِلا الْيَسِيرُ مِمَّنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنَ الدَّفْعِ أَكْثَرَ مِنْ صَبْرِ

- ‌ ابْنِنَا عِنْدَكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا، وَأَحْسِنْ إِلَيْنَا فِي فِدَائِهِ، فَإِنَّا سَنَرْفَعُ لَكَ فِي الْفِدَاءِ.قَالَ: «مَنْ هُوَ»

- ‌ زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلاتَهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِهِ

- ‌ لَمَّا هَاجَرَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كَلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ "، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَمَّا عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو

- ‌«اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَبِقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي مَا كَانَتِ الْوَفَاةُ

- ‌ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الَّتِي أَخْرَجَتْهَا عَادَةُ الْمِرَاءِ وَالضَّلالَةِ، وَصَدَفَ بِهَا عَنِ الْحَقِّ الْهَوى وَالزَّيْغُ، إِنِّي نَذِيرٌ

- ‌ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ لَهُ: يَا خِبْثَةُ، شَيْخًا جَوَّالا فِي الْفِتَنِ، مَعَ أَبِي تُرَابٍ مَرَّةً، وَمَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ

- ‌ النَّاسَ قَدْ رَفَعَوا أَعْيُنَهُمْ وَمَدُّوا أَعْنَاقَهُمِ إِلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْ نَظَرْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فِيهِ لُوْثَةٌ

- ‌«لا قَوَدَ إِلا بِالسَّيْفِ» ، وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ.ثُمَّ قَالَ لِشَرِيكٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَلَمْ يَقْتُلْهُ ثُمَّ ثَنَّى فَلَمْ

- ‌«إِنْ لَمْ تَجَدْ مِنْ صُحْبَةِ الرِّجَالِ بُدًّا، فَعَلَيْكَ بِمَنْ إِنْ صَحِبْتَهُ زَانَكَ، وَإِنْ خَفَضْتَ لَهُ صَانَكَ، وَإِنْ وَعَدَكَ لَمْ

- ‌ أَخْبِرْنَا عَنَّا وَعَنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ

- ‌ أَلا تَخَافُ أَنْ تُؤْتَى مِنْ قِبلِ ظَهْرِكَ؟ فَيَقُولُ: إِذَا أَمْكَنْتُ عَدُوِّي مِنْ ظَهْرِي فَلا أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ إِنْ أَبْقَى

- ‌ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ، أَلا وِإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أُصِيبَ رحمه الله، وَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُهُ، أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كَانَ

- ‌«فَخْمًا مُفَخَّمًا، يَتَلأْلأُ وَجْهُهُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَطْولَ مِنَ الْمَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ

- ‌ الْخَطِّ، فَقَالَ: «عِلْمٌ أُوتِيَهُ نَبِيٌّ، فَمَنْ وَافَقَ عِلْمُهُ عِلْمَ ذَلِكَ النَّبِيِّ فَقَدْ عَلِمَ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْهُ فَقَدْ

- ‌ اشْتَرَكَ ثَلاثَةٌ فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ، فَوَلَدَتْ، فَجَاءَتْ بِغُلامٍ، فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ يَدَّعِيهِ، فَدَعَا عُمَرُ بْنُ

- ‌ ثَلاثَةَ نَفَرٍ تَقَدَّمُوا إِلَيْهِ، وَقَدِ اشْتَرَكُوا فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ، فَقَالَ: أَنْتُمْ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ، وَقَدْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ

- ‌«طَعْامَانِ وَشَرَابَانِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ، لا حَاجَةَ لِي بِهِ، وَإِنْ كُنْتُ لا أُحُرِّمُهُ، وَلَكِنْ أُحِبُّ أَنْ يَرَانِي اللَّهُ

- ‌«تُوشِكُونَ أَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ، وَيَرُوحُ فِي أُخْرَى، وَأَنْ يُغْدَا عَلَى أَحَدِكُمْ بِجَفْنَةِ، وَيُرَاحُ عَلَيْهِ بِأُخْرَى

- ‌«مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ» ؟ فَسَكَتُّ، حَتَّى أَعَادَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: «فَلَعَلَّكَ تُرِيدُ

- ‌«يَأْتِي الأَنْصَارَ فِي دُورِهِمْ فَيَدْعُو لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ، فَيُذَكِّرُهُمْ وَيُحَذِّرُهُمْ وَيُنْذِرُهُمْ، وَيَأْتُونَهُ

- ‌ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ، فِيهِمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَسَعِيدُ

- ‌«إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثَلاثًا، فَإِنْ زَنَتِ الرَّابِعَةَ فَلْيَبِعْهَا، وَلَوْ بِضَفِيرٍ مِنْ

- ‌ مَرْوَانَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ أَمَرَ لِلْنَاسِ بِنِصْفِ عَطَائِهِمْ.وَقَالَ: إِنَّ الْمَالَ قَصَّرَ، وَقَدْ أَمَرْتُ لَكُمْ بِالنِّصْفِ

- ‌ أَجْوَدُ النَّاسِ حَيًّا وَمَيَّتًا حَاتِمٌ.قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ قُرَيْشٍ لَيُعْطِي فِي مَجْلِسٍ

- ‌ مَاوِيَّةَ بِنْتَ عَفْزَرَ كَانَتْ مَلِكَةً، وَكَانَتْ تَتَزَوَّجُ مَنْ أَرَادَتْ، وَأَنَّهَا بَعَثَتْ غِلْمَانًا لَهَا، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يَأْتُوهَا

- ‌ أَنَا لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» .قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا حَدِيثُ أَبِي زَرْعٍ وَأُمِّ زَرْعٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

- ‌ دَخَلَ عَمْرُو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الزُّبَيْدِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعِنْدَهُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادِ، وَشَرِيكُ بْنُ الأَعْوَرِ

- ‌ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَحْمَدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فِي الْكِتَابِ الأَوَّلِ، صَدَقَ صَدَقَ، ثُمَّ قَالَ:

- ‌«مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»

- ‌«كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ»حَدَّثَنِي أَخِي هَارُونُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ

- ‌ مِنْكُمْ لَمَنْ سَبَقَنِي فَرَأَى قَبْلِي، وَرَأَيْتُ بَعْدَهُ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ خَصَاصَةً إِلا أَلْصَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

- ‌ هَزَزْتُ ذَوَائِبَ الرِّجَالِ إِلَيْكَ، إِذْ لَمْ أَجَدْ مُعَوَّلا إِلا عَلَيْكَ، وَمَا زِلْتُ أَسْتَدِلُّ الْمَعْرُوفَ عَلَيْكَ، وَأَجْعَلُ

- ‌«لا يَبْعُدَنَّ ابْنُ هِنْدٍ إِنْ كَانَتْ فِيهِ لَمَخَارِجُ لا تَجِدُهَا فِي أَحَدٍ بَعْدَهُ، وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَنُفَرِّقُهُ فَيَتَفَارَقُ

- ‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ وِالأَمْرُ، وَمُلْكُ الدُّنْيَا وَالَآخِرَةِ، يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يُشَاءُ، وَيَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ

- ‌«الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ، مَا أَنَكْرَنْا إِمْرَةَ الأَنْصَارِ، وَلَكَانُوا لَهَا أَهْلا، وَلَكِنَّهُ قَوْلٌ لا شَكَّ فِيهِ وَلا خيَارَ

- ‌ النِّعْمَةَ إِذَا حَدَثَتْ حَدَثَ لَهَا حُسَّادٌ حَسْبُهَا وَأَعْدَاءٌ قَدْرُهَا، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحْدِثْ لَنَا نِعَمًا لِيُحْدِثَ لَهَا حُسَّادٌ

- ‌ أُتِي عُمَرُ بَجَوْهَرِ كِسْرَى، وُضِعَ فِي الْمَسْجِدِ، فَطَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَصَارَ كَالْجَمْرِ، فَقَالَ لِخَازَنِ بَيْتِ الْمَالِ:

- ‌ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام يَسْتَشْفِعُ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: «حَمَّالُ الْخَطَايَا! لا وَاللَّهِ لا أَعُودُ

- ‌ يَخْطُبُ، فَأَكَبَّ النَّاسُ حْوَلَهُ، فَقَالَ: «اجْلِسُوا يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ» ! فَصَاحَ بِهِ طَلْحَةُ: «إِنَّهُمْ لَيْسُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ

- ‌ أَمَا لِكِتَابِ اللَّهِ نَاشِدٌ غَيْرُكَ» ! فَجَلَسَ، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ: «اجْلِسْ» ، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ

- ‌ زِنْبَاعَ بْنَ رَوْحِ بْنِ سَلامَةَ الْجُذَامِيَّ يَعْشُرُ مَنْ يَمُرُّ بِهِ لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، قَالَ: فَعَمَدْنَا إِلَى مَا مَعَنَا

- ‌«كَيْفَ عِلْمُكَ بِمُضَرَ» ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعَلَمُ النَّاسِ بِهِمْ.تَمِيمٌ هَامَتُهَا وَكَاهِلُهَا الشَّدِيدُ الَّذِي

- ‌«أَجِيزُوا بَطْنَ عَرَفَةَ، فَإِنَّمَا هُمْ إِذْ أَسْلَمُوا إِخْوَانُكُمْ» .قَالَ: " فَعَلَّمَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ أَذِنَ عُمَرُ لِلنَّاسِ فَدَخَلَ عَمْرُو بْنُ برَاقَةَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا يَعْرُجُ، فَأَنْشَدَ أَبْيَاتًا، يَقُولُ فِيهَا:مَا إِنْ

- ‌ يُعْطِي الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ، فَقَالَ لَهُ: فُرَاتُ، مَنِ الَّذِي يَقُولُ: "الْفَقْرُ يُزْرِي بِالْفَتَى فِي قَوْمِهِ

- ‌ أَشْعَرَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى، وَكَانَ أَشْعَرَ أَهْلِ الإِسْلامِ ابْنُهُ كَعْبٌ، وَمَعْنُ بْنُ أَوْسٍ "عَنِ

- ‌«قُلْ شِعْرًا تَقْتَضِيهِ السَّاعَةُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ» .ثُمَّ أَبَدَّهُ بَصَرُهُ، فَانْبَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، يَقُولُ:إِنِّي

- ‌ لا تَزِيدُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ عَلَى أَرْبَعِينَ أُوْقِيَّةٍ، وَلَوْ كَانَتْ بِنْتُ ذِي الْغُصَّةِ، يَعْنِي يَزِيدَ بْنَ الْحُصَيْنِ

- ‌ أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ زَوْجِي يَصُومُ النَّهَارَ

الفصل: ‌ أهدى المقوقس صاحب الإسكندرية إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مارية ابنة شمعون

وَغُودِرَ فِيهِمُ الْكَذَّابُ رَهْنًا

لِدَائِرَةِ الْعَوَاقِبِ بِالتَّوَالِي

وَرُحْنَا بِالسَّبَايَا لَمْ تُنَاظِرْ

مَرَاضِعُها مَتَى أَمَدُ الْفِصَالِ

فَهَاتِ كَمَا أَعَدُّوا هَاتِ قَوْمًا

كَقَوْمِي عِنْدَ مُخْتَلَفِ الْعَوَالِي

وَرُمْ مِسْكِينُ حِينَ تُرِيحُ رَأْيًا

سِوَى الرَّأْيِ الْمُضَلَّلِ وَالْمَقَالِ

وَلَوْ جَارَيْتَ قَوْمَكَ مِنْ مَعَدٍّ

كَفَوْتَ الطَّرْفَ عِيرًا فِي النِّكَالِ

سَوَى رَهْطِ النَّبِيِّ فَثَمَّ مَجْدٌ

وَفِعْلٌ قَاهِرٌ لِلْنَاسِ عَالِ

وَقَبْلَكَ رَامَ يَجْرِي ذُو فَخَار

ٍغَزِيرُ الشَّعْرِ مُشْتَهِرُ الرِّجَالِ

أَتَانَا شَامِخًا يُبْدِي سُرُورًا

بِشَأْوٍ كَانَ مِنْهُ وَهْوَ خَالِ

جَعَلْنَا بِالْقَصَيْدِ لَهُ خِشَاشًا

فَوَاتًا فِي الْعَقِيقِ وَالِارْتِجَالِ

وَلَوْلا أَنْ تَحِيدَ الْيَوْمَ عَنِّي

تَرَكْتُكَ تَرْكَ حُرٍّ ذِي اشْتِعَالِ

يَقُولُ إِذَا هَجَاهُ غَيْرُ كَفْؤٍ

ذَرُوهُ لَيْسَ نَبْلُكَ بِالنِّبَالِ

قَعِيدَكَ قَدْ أَجَبْتُكَ لا بِفُحْشٍ

وَلَمْ يَكُ غَيْرُ حَقٍ وَاسْتِطَالِ

فَإِنْ تَنْزَعْ فَحَظُّكَ نِلَتَ مِنْهُ

وَإِنْ تَلْجَجْ فَجَدُّكَ لِلسِّفَالِ

سَتَبْعَثُ لِلْجَوَابِ أخَا حِفَاظٍ

عَلَى الأَقْرَانِ يُعْنَفُ فِي السُّؤَالِ

رَحِيبَ الْبَاعِ لا قِصَفًا هَدُورًا

شَدِيدَ الشَّغْبِ يُوصَفُ بِالْبَسَالِ

أَرِيبٌ زَانَهُ حِلْمٌ وَعِلْمٌ

وَمَجْدٌ كَانَ فِي الْحُقَبِ الْخَوَالِي

فَإِنْ تَحْلُمْ فَذُو حِلْمٍ جَسِيمٍ

وَإِنْ تَجْهَلْ فَجَهْلٌ ذُو اغْتِيَالِ

وَقَالَ يَهْجُو مِسْكِينَ بْنَ عَامِرِ:

أَيُّهَا الشَّاتِمِي لِتُجِيبَ مِثْلِي

إِنَّمَا أَنْتَ فِي ضَلالٍ تَهِيمُ

لا تَسُبَّنَّنِي فَلَستَ بِبَذِّي

إِنَّ بَذِّي مِنَ الرِّجَالِ الْكَرِيمُ

إِنَّ سَبَّ الْكَرِيمِ فِيهِ شِفَاءٌ

إِنَّمَا الْمَوْتَ أَنْ يُسَبَّ الزَّنِيمُ

مَا أُبَالِي أَنَبَّ بِالْحَزْنِ تَيْسٌ

أَمْ هَجَانِي بِظَهْرِ غَيْبٍ لَئِيمُ

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سَرَقَ هَذَا الْبَيْتِ وَالَّذِي قَبْلَهُ مِنْ أَبِيهِ فِي هِجَائِهِ لِابْنِ الزِّبَعْرَى.

147 -

حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ:

‌ أَهْدَى الْمُقَوْقِسُ صَاحِبُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَارِيَةَ ابْنَةَ شَمْعُونَ

الْقِبْطِيَّةَ، وَأُخْتَهَا شِيرِينَ، وَخَصِيًّا يُدْعَى مَابُورَا فَاتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَارِيَةَ ابْنَةَ شَمْعُونَ لِنَفْسِهِ، فَهِيَ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ، وَوَهَبَ شِيرِينَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ «، فَأَوْلَدَهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَ خَالَةِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم» ، وَقَدِ انْقَرَضَ وَلَدُ حَسَّانٍ

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرُ: " كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانٍ فِي الْكُتَّابِ، فَتَأَخَّرَ فِي الْكُتَّابِ، فَقَالَ لَهُ مُعَلِّمَهُ: أَيْنَ كُنْتَ؟ وَأَرَادَ أَنْ يَضْرِبَهُ، فَقَالَ:

اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ مُعْتَزِلا

فِي دَارِ حَسَّانَ أَصْطَادُ الْيَعَاسِيبَا "

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " لَسَعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ زُنْبُورٌ وَهُوَ صَبِيٌّ، فَأَتَى أَبَاهُ، فَقَالَ: يَا أَبَهْ، عَضَّنِي دَابَّةٌ، كَأَنَّهُ بُرْدُ حِبَرَةٍ.

فَقَالَ حَسَّانٌ: قُلْتَ الشِّعْرَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ".

خَلَوْتُ أَنَا وَابْنُ عَزِيزٍ مَعَ الرَّشِيدِ فَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ كَأَنَّهُ هَمَّ بِالنَّظَرِ فِيهِ، فَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ عُرْوَةَ مُتَمَثِّلا:

ص: 100

لَيْتَ هِنْدًا أَنْجَزَتْنَا مَا تَعِدْ

وَشَفَتْ أَنْفُسَنَا مِمَّا تَجِدْ

وَاسْتَبَدَّتْ مَرَّةً وَاحِدَةً

إِنَّمَا الْعَاجِزُ مِنْ لا يَسْتَبِدْ

قَالَ جَدِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ: " فَالْتَقَيْتُ أَنَا وَيَحْيَى بْنُ خَالِدٍ بَعْدَ هَذَا الْمَجْلِسِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا بَكْرٍ، هَلْ وَجَدْتَ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِي أَثَرًا تَكْرَهُهُ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: فَخَلَوْتُ مَعَهُ الدَّهْرَ لَمْ أَغِبْ لَكَ بِسُوءٍ، وَخَلَوْتَ سَاعَةً فَقَرَضْتَنِي، قُلْتُ: قَدْ بَلَغَكَ الْحَدِيثُ، كُنْتُ مَعَ رَجُلٍ فَكَرِهْتُ أَنْ أَخْذُلَهُ، وَاسْتَطْمَعَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ شِكَايَتَكَ، فَشَكَوْتُكَ بِأَهْوَنِ الأَشْيَاءِ عَلَيْكَ.

فَقُلْتُ: حَبْسُ أَرْزَاقِنَا وَشُغْلُ وَجْهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنَّا، وَلَوْ أَرَدْتُ قَرَضَكَ لَوَجَدْتَ لِي أَثَرًا ".

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمِ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِدْرِيسُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، قَالَ: " اسْتَعَمْلَ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ ابْنَ أَبِي عَاصِيَةَ عَلَى يَنْبُعَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ فَجَرَى بَيْنَهُمَا كَلامٌ، فَأَغْلَظَ لابْنِ أَبِي عَاصِيَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي عَاصِيَةَ: إِنِّي قَدْ أَقْلَتُكَ، فَإِنْ عُدْتَ ضَرَبْتُكَ وَاللَّهِ مِائَةَ سَوْطٍ.

فَبَلَغَ ذَلِكَ الْمَنْصُورَ، فَكَتَبَ إِلَى زِيَادٍ أَنْ يَشُدَّ ابْنَ أَبِي عَاصِيَةَ فِي الْحَدِيدِ، وَيَرْفَعَهُ إِلَيْهِ.

فَفَعَلَ، فَلَمَّا دَخَلَ ابْنُ أَبِي عَاصِيَةَ عَلَى الْمَنْصُورِ، قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا قُلْتُ إِلا لِمَا عُلِمَ مِنْ رَأْيِهِ، وَأَنَا الْقَائِلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ:

لَيَحْبِسُكُمْ أَنْ تَمْنَعُوا بِنُبَاحِكُمْ

ثَمَرَاتِ يَنْبُعَ شَرَّ دَارٍ يَنْبُعُ

هَلا أُمَيَّةَ وَهْيَ ظَالِمَةٌ لَكُمْ

وَلَهَا عَلَيْكَ رِحَالَةٌ لا تُنْزَعُ

رَكِبُوكِ مُرْتَحَلا فَظَهْرُكِ مِنْهُمْ

دَانِي الْحَرَاقِفِ وَالْفِقَارِ مُوَقِّعُ

كَالْكَلْبِ يَأْلَفُ خَانِقِيهِ وَيَنْتَحِي

نَحْو الَّذِينَ بِهِمْ يُعَزُّ وَيُمْنَعُ

فَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ، وَخَلَّى سَبِيلَهُ

حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَأْمُونَ، يَقُولُ:" لَيْسَ عَلَيَّ فِي الْحُكْمِ مَئُونَةٌ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ أَهْلَ الْجَرَائِمِ عَلِمُوا رَأْيِي فِي الْعَفْوِ، فَيَذْهَبَ عَنْهُمُ الْخَوْفُ، وَتُسْلِمَ قُلُوبُهُمْ لِي وَقَالَ الْمَأْمُونُ: " الْمُلُوكُ تَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ إِلا ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ: الْقَدْحُ فِي الْمُلْكِ، وَإِفْشَاءُ السِّرِّ، وَالتَّعَرُّضَ لِلْحُرُمِ اسْتَقْبَلَ الطَّالِبِيُّونَ الْمَأْمُونَ فِي مُنْصَرَفِهِ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى الْعِرَاقِ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، فَاعْتَذَرُوا مِمَا كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ.

فَقَالَ الْمَأْمُونُ لِمُتَكَلِّمِهِمْ: كُفَّ وَاسْمَعْ مِنِّي.

أَوَّلُنَا وَأَوَّلُكُمْ مَا تَعْلَمُونَ، وَآخِرُنَا وَآخِرُكُمْ مَا تُرِيدُونَ، وَتَنَاسَوْا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ.

قَالَ: وَرَكِبَ الْمَأْمُونُ يَوْمًا فَصَاحَ إِلَيْهِ الأَنْصَارُ، فَقَالَ:" أَيْنَ كُنْتُمْ يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَالْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ يُرِيدَانِ نُصْرَتَكُمْ، فَلا تُرِيدُوا مِنَّا ثَوَابًا قَالَ: " وَذَكَرَ الْمَأْمُونُ يَوْمَ اخْتِلافِ النَّاسِ، فَقَالَ لِثُمَامَةَ: قَدْ كَثُرَ اخْتِلافُ النَّاسِ فِي الِاسْتِطَاعَةِ، وذِكْرِ الأَفْعَالِ، فَاجْمَعْ لِي فِي هَذَا كَلامًا تَخْتَصِرهُ لِيُفْهَمَ.

ص: 101

قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنِ الْجَوَابِ إِلا لِتَشْخَصَ الْقُلُوبُ إِلَى فَهْمِهِ.

فَجَمَعَ النَّاسَ إِلَى ثَلاثَةِ أَيَّامِ، فَلَمَّا جُمِعُوا وَحَضَرَهُمْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، قَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ: تَكَلَّمْ.

فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا تَخْلُو هَذِهِ الأَفْعَالُ مِنْ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا مِنِ اللَّهِ، فَمَا السَّبِيلُ عَلَيْنَا؟ أَوَ تَكُونَ مِنْهُ وَمِنَّا فَمَنِ الْحَكَمُ بَيْنَنَا؟ أَوْ يَكُونَ مِنَّا وَالْقُوَى مِنَ اللَّهِ.

قَالَ: فَقَالَ الْمَأْمُونُ: بَلْ وَمِنَّا وَالْقُوَى مِنَ اللَّهِ عز وجل ".

كَانَ لِبَكَّارِ بْنِ رَبَاحٍ مَنْزِلٌ إِلَى دَارِ الْعِجْلَةِ، فَأَعْطَاهُ بِهِ الْمَهْدِيُّ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ.

فَقَالَ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا كُنْتُ لِأَبِيعَ جِوَارَكَ بِشَيْءٍ» ، فَتَرَكَ لَهُ مَنْزِلَهُ، وَأَعْطَاهُ الأَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ، فَفَيِهِ بَعْضُ وَلَدِهِ الْيَوْمَ.

قَالَ: وَبَكَّارُ بْنُ رَبَاحٍ مَوْلًى لآلِ الأَخْنَسِ بْنِ شَرِيفٍ الثَّقَفِيِّ، حَلِيفُ بْنُ زُهْرَةَ.

وَأَنْشَدَنِي لِبَكَّارٍ فِي الْمَهْدِيِّ يَرْثِيهِ:

أَلا رَحَمَةُ الرَّحْمَنِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ

عَلَى رِمَّةٍ رُسَّتْ بِمَاسِبَذَانِ

لَقَدْ غَيَّبَ الْقَبْرُ الَّذِي ثَمَّ سُؤْدُدًا

وَكَفَّيْنِ بِالْمَعْرُوفِ تَبْتَدِرَانِ

حَدَّثَنِي أَبُو غَزِيَّةَ، وَكَانَ قَاضِيًا عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: " كَانَ إِسْحَاق بْنُ غُرَيْرٍ يَتَعَشَّقُ عَبَّادَةَ جَارِيَةَ الْمُهَلَّبِيَّةِ، وَكَانَتِ الْمُهَلَّبِيَّةُ مُنْقَطِعَةً إِلَى الْخَيْزُرَانِ، فَرَكِبَ إِسْحَاقُ يَوْمًا وَمَعَهُ جَدِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، يُرِيدَانِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيَّ، فَلَقِيَا عَبَّادَةَ، فَقَالَ إِسْحَاق: يَا أَبَا بَكْرٍ هَذِهِ عَبَّادَةُ، وَحَرَّكَ دَابَّتَهُ حَتَّى سَبَقَهَا، ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَضَحِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ، وَمَضَيَا فَدَخَلا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَحَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ بِمَا فَعَلَ إِسْحَاق، فَقَالَ: أَنَا أَشْتَرِيهَا لَكَ، وَدَخَلَ عَلَى الْخَيْزُرَانِ، فَدَعَا الْمُهَلَّبِيَّةَ فَسَامَهَا وَأَعْطَاهَا ثَمَنَهَا خَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ كُنْتَ تُرِيدُهَا لِنَفْسِكَ فَبِهَا فَدَاكَ اللَّهُ، هِيَ لَكَ.

فَقَالَ: أُرِيدُهَا لِإِسْحَاقَ بْنِ غُرَيْرٍ، فَبَكَتْ وَقَالَتْ: تُؤْثِرُ عَلَيَّ إِسْحَاقَ، وَهِيَ يَدِي وَرِجْلِي وَلِسَانِي فِي حَوَائِجِي.

فَقَالَتِ الْخَيْزُرَانُ: مَا يُبْكِيكِ؟ صَارَ إِسْحَاقُ يَتَعَشَّقُ جَوَارِيَ النَّاسِ، لا يَصِلْ وَاللَّهِ إِلَيْهَا أَبَدًا.

فَأَخْبَرَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا جَرَى فِيهَا.

وَقَالَ لَهُ: الْخَمْسُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَكَ مَكَانَهَا.

فَأَخَذَهَا.

فَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:

مَنْ صَدَقَ الْحُبَّ لِأَحْبَابِهِ

فَإِنَّ حُبَّ ابْنِ غُرَيْرٍ غَرُورُ

أَنْسَاهُ عَبَّادَةَ ذَاتَ الْهَوَى

وَأَذْهَبَ الْحُبُّ لَدَيْهِ الضَّمِيرُ

خَمْسُونَ أَلْفًا كُلُّهَا وَازِنٌ

حَسَنٌ لَهَا فِي كُلِّ كِيسٍ صَرِيرُ

وَقَالَ أَيْضًا:

حُبُّكَ الْمَالُ لا كَحُبِّكَ عَبَّادَةَ

يَا فَاضِحَ الْمُحِبِّينَا

لَوْ كُنْتَ أَصْفَيْتَهَا الْوِدَادَ كَمَا

قُلْتَ لَمَّا بِعْتَهَا بِخَمْسِينَا

كَتَبْتُ إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّمِيمِيِّ:

يَا ضَيْفَ إِسْحَاق كُنْ فِي خَيْرِ مَنْزِلَةٍ

فَضَيْفُ إِسْحَاق مَحْبُورٌ وَمَمْنُوحُ

ص: 102

واسْمَعْ مِنَ الْعِلْمِ أَنْوَاعًا عَلَى ثِقَةٍ

أَنْ لَسْتَ نَائِلَهَا مَا هَبَّتِ الرِّيحُ

لَكَ الْكَرَامةُ مِنْهُ شِيمَةٌ خُلُقٌ

وَالْعِلْمُ عَنْ ضَيْفِهِ مَحْلٌ وَمَجْلُوحُ

هَيْهَاتَ فِي الْعِلْمِ إِذْ تَرْجُو فَوَائِدَهُ

رُمْتَ الَّذِي لَمْ تُقَعْقِعْهُ الْمَفَاتِيحُ

فَكَتَبَ إِلَيَّ إِسْحَاق:

الْعِلْمُ عِنْدِي شَيْءٌ لَسْتُ مَانِعَهُ

وَكُلُّ بَابٍ لَهُ عِنْدِي فَمَفْتُوحُ

لَوْلا مَوَاقِعُ أَرْعَاهَا وَأَرْقُبُهَا

وَإِنْ لَمِثْلُكَ مِنِّي الْحِلَمَ مَمْنُوحُ

إِذًا لَجَاءَكَ مِنِّي مَنْطِقٌ قَذِعٌ

يَطِيرُ مِنْهُ إِذَا اسْتَسْمَعْتَهُ الرُّوحُ

حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ قَحْذَمٍ مَوْلَى آلِ أَبِي بَكْرَةَ، وَكَانَ قَحْذَمٌ كَاتِبًا لِيُوسُفَ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا وَلِيَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ الْعِرَاقَ اتَّخَذَ أَمْوَالا وَضِيَاعًا، وَحَفَرَ أَنْهَارًا، فَكَانَ يَسْتَغِلُّ عِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِالْعِرَاقِ، مِنْهَا نَهْرُ خَالِدٍ، وَكَانَ يَغُلُّ خَمْسَةَ آلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالْجَامِعُ، وَالْمُبَارَكُ، وَلَوْبَةُ سَابُورَ، وَالصِّلْحُ، وَكَانَ هِشَامٌ حَسُودًا مُتَيَقِّظًا، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَأَحْفَظَهُ، وَأَصَرَّ عَلَيْهِ، فَكَلَّمَ خَالدًا أَخِلاؤُهُ، وَصَنَائِعُهُ الْعُرْيَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، وَبِلالُ بْنُ أَبِيِ بُرْدَةَ، وَغَيْرُهُمَا، فَقَالُوا: نُشِيرُ عَلَيْكَ بِرَأْيٍ قَدْ أَصَبْنَاهُ وَرَأَيْنَاهُ صَوَابًا، فِيهِ دَوَامُ نِعْمَتِكَ، وَكَبْتُ أَعَادِيكَ.

قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالُوا: قَدْ بَلَغَنَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هِشَامٍ مَا غَمَّنَا مِنْ سُؤَالِهِ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ عَنْ غَلاتِكَ وَأَمْوَالِكَ، فاكتب إليه فاعرض عليه أموالك.

فقال والله ما يعارضني شك في نصيحتكم، ولكني والله لا أُعْطِي الدَّنِيَّةَ، وَلا أُخْرِجُ عَنْ يَدِي دِرْهَمًا قَسْرًا فَمَا فَوْقَهُ أَبَدًا.

قَالُوا: فَإِنَّ هِشَامًا أَعْذَرَ مِنْكَ.

وَلاكَ وَلا تَمْلِكُ شَيئًا، وَقَدْ عَرَفْتَ شَرَهَهُ وَحِرْصَكَ، فَإِنْ هُوَ قَبَضَ مَا تَعْرِضُ عَلَيْهِ فَعَلَيْنَا جَمْعَهُ لَكَ ثَانِيَةً، فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ تَسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ كَتَبَ إِلَيْهِ هِشَامٌ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْكَ أَمَرٌ لَمْ يَحْتَمِلْهُ مِنْكَ إِلا لِمَا أَحَبَّ مَنْ رَبُّ صَنِيعَتِهِ قِبَلَكَ، وَاسْتِتْمَامُ مَعْرُوفِهِ عِنْدَكَ، وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَحَقُّ مَنِ اسْتَصْلَحَ مَا فَسَدَ مِنْكَ، فَإِنْ تَعُدْ لِمِثْلِ مَقَالَتِكَ وَمَا بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْكَ، رَأَى فِي مُعَاجَلَتِكَ بِالْعُقُوبَةِ رَأْيَهُ، إِنَّ النِّعْمَةَ إِذَا طَالَتْ بِالْعَبْدِ مُمْتَدَّةً أَبْطَرَتْهُ، فَأَسَاءَ حَمْلَ الْكَرَامَةِ، وَاسْتَغَلَ النِّعْمَةَ، وَنَسَبَ مَا فِي يَدِهِ إِلَى جِبِلَّتِهِ، وَبَيْتِهِ وَرَهْطِهِ وَعَشِيرَتِهِ، فَإِذَا نَزَلَتْ بِهِ الْغِيَرُ، وَانْكَشَطَ عَنْهُ عِمَايَةُ الْغِنَى وَالسُّلْطَانِ، ذَلَّ مُنْقَادًا وَنَدِمَ قَسْرًا، وَتَمَكَّنَ مِنْهُ عَدُوُّهُ قَادِرًا عَلَيْهِ، قَاهِرًا لَهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِفْسَادَكَ لَجَمَعَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْ شَهِدَ فَلَتَاتِ خَطَلِكَ، وَعَظِيمَ زَلَلِكَ، حَيْثُ تَقُولُ لِجُلَسَائِكَ: وَاللَّهِ مَا زَادَنِي الْعِرَاقُ رِفْعَةً وَلا شَرَفًا، وَلا وَلانِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ مَنْ كَانَ قَبْلِي، مِمَّنْ هُوَ دُونِي، يَلِي مِثْلَهُ.

ص: 103

وَلَوِ ابْتُلِيتَ بِبَعْضِ مَقَاوِمِ الْحَجَّاجِ أَهْلَ الْعِرَاقِ فِي تِلَكَ الْمَضَايقِ بِمِثْلِ الْجَمَاعَاتِ الَّتِي لَقِيَ، لَعَلِمْتَ أَنَّكَ مِنْ بَجِيلَةَ، وَلَقَدْ خَرَجَ عَلَيْكَ أَرْبَعُونَ رَجُلا فَغَلُبُوكَ عَلَى بَيْتِ مَالِكَ وَخَزَائِنِكَ، فَمَا اسْتَطَعْتُمْ إِلا بِأَمَانٍ، ثُمَّ أَخْفَرْتَ ذِمَّتَكَ، فِيهِمْ رَزِينٌ وَأَصْحَابُهُ، وَلَعَمْرِيَ لَوْ حَاوَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُكَافَأَتِكَ بِلَفْظِكَ فِي مَجْلِسِكَ، وَجُحُودِكَ فَضْلَهُ عَلَيْكَ، فِي تَصْغِيرِ عَظِيمِ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكَ، فَحَلَّ الْعُقْدَةَ وَنَقَضَ الصَّنِيعَةَ، وَرَدَّكَ إِلَى مَنْزِلَةٍ أَنْتَ أَهْلُهَا، لَكُنْتَ لَهُ مُسْتَحِقًّا، وَلَقَدْ حَشَدَ جَدُّكَ يَزِيدُ بْنُ أَسَدٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ صِفِّينَ، وَعَرَضَ دِينَهُ وَدَمَهُ فَمَا اصْطَنَعَ إِلَيْهِ، وَلا وَلاهُ مَا اصْطَنَعَ إِلَيْكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَوَلاكَ، وقِبَلَهُ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الْيَمَنِ وَالْبُيُوتَاتِ مَنْ قَبِيلَتُهُ أَكْرَمُ مِنْ قَبِيلَتِكَ مِنْ كِنْدَةَ وَغَسَّانَ وَآلِ ذِي يَزَنَ وَذِي كَلاعَ وَذِي رُعَيْنَ، فِي نُظَرَائِهِمْ مِنْ بُيُوتَاتِ قُوْمِهِمْ، كُلُّهُمْ أَكْرَمُ أَوَّلِيَّةً، وَأَشْرَفُ أَسْلافًا مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ.

ص: 104

ثُمَّ آثَرَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِوِلايَةِ الْعِرَاقِ، بِلا بَيْتٍ عَظَيمٍ، وَلا شَرَفٍ قَدِيمٍ، وَلَهَذِهِ الْبُيُوتُ تَغْمُرُكَ وَتَعْلُوكَ، وَتُسْكِتُكَ وَتَتَقَدَّمُكَ فِي الْمَحَالِّ وَالْمَجَامِعِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الأُمُورِ وَأَبْوَابِ الْخُلَفَاءِ، وَلَوْلا مَا أَحَبَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ رَدِّ غَرَبِكَ لَعَاجَلَكَ بِالَّتِي كُنْتَ أَهْلَهَا، وِإِنَّهَا لَقَرِيبٌ مِنْكَ مَأْخَذُهَا، سَرِيعٌ مَكْرُوَهُهَا، فَمِنْهَا إِنِ اتَّقَى اللَّهَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ زَوَالُ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ، وَحُلُولُ نِقْمَتِهِ بِكَ، فِيمَا صَنَعْتَ، وَارْتَكَبْتَ بِالْعِرَاقِ مِنْ أَهْلِهِ، وَاسْتِعَانَتُكَ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ، تُوَلِّيهِمْ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ وَخَرَاجَهُمْ، وَتُسَلِّطَهُمْ عَلَيْهِمْ، نَزَعَ بِكَ إِلَى ذَلِكَ عِرْقُ سُوءٍ مِنَ الَّتِي قَامَتْ عَنْكَ، فَبِئْسَ الْجَنِينُ أَنْتَ عُدَيُّ نَفْسُهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا رَأَى إِحْسَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْكَ وَسُوءَ قِيَامِكَ بِشُكْرِهِ، قَلَبَ قَلْبَهُ لَكَ، فَأَسْخَطَهُ عَلَيْكَ، حَتَّى قَبُحَتْ أُمُورُكَ عِنْدَهُ، وَآيَسَهُ مَعَ شُكْرِكَ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ كُفْرِكَ النِّعْمَةَ عِنْدَكَ، فَأَصْبَحْتَ تَنْتَظِرُ غَيْرَ النِّعْمَةِ، وَزَوَالَ الْكَرَامَةِ، وَحُلُولَ الْخِزْيِ، فَتَأَهَّبْ لِنَوازِلِ عُقُوبَةِ اللَّهِ بِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَلَيْكَ أَوْجَدُ، وَلِمَا عَمِلْتَ أَكْرَهُ، فَقَدْ أَصْبَحْتَ وَذُنُوبُكَ أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَكِّتَكَ بِهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ذَنْبًا ذَنْبًا، وَمَنْ يُرْفَعْ عَلَيْكَ عِنْدَهُ يُبَكِّتْكَ مِنْهَا بِمَا نَسِيتَهُ، وَأَحْصَاهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَلَقَدْ كَانَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ زَاجِرٌ عَنْكَ بِمَا عَرَفَكَ مِنِ التَّسَرُّعِ إِلَى حَمَاقَاتِكَ، فِي غَيْرِ وَاحِدَةٍ، مِنْهَا الْقُرَشِيُّ الَّذِي تَنَاوَلْتَهُ بِالْحِجَازِ ظَالِمًا، فَضَرَبَكَ اللَّهُ بَالسَّوْطِ الَّذِي ضَرْبتَهُ بِهِ، مُفْتَضَحًا عَلَى رُءُوسِ رَعِيَّتِكَ، وَلَعَلَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعُودَ عَلَيْكَ بِمِثْلِهَا، فَإِنْ فَعَلَ فَأَنْتَ أَهْلُهَا، وَإِنْ صَفَحَ فَأَهْلُهُ هُوَ، وَاللَّهِ لَوْ لَمْ يَسْتَدِلَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ضَعْفِ نَحَائِزِكَ، وَسُوءِ تَدْبِيرِكَ إِلا فَسَالَةَ دُخَلائِكَ، وَبِطَانَتِكَ وَعُمَّالِكَ، وَالْغَالِبَةِ عَلَيْكَ جَارِيَتِكَ الرَّائِقَةِ، بَائِعَةِ الْعُهُودِ، وَمُشْغِلَةِ الرِّجَالِ، مَعَ مَا أَتْلَفْتَ مِنْ مَالِ اللَّهِ بِالْمُبَارَكِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَاللَّهِ أَنْ لَوْ كُنْتَ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَا احْتَمَلَ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَفْسَدْتَ مِنْ أَمْوَالِ اللَّهِ، وَضَيَّعْتَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَسَلَّطْتَ مِنْ وُلاةِ السُّوءِ عَلَى جَمِيعِ كُوَرَ الْإِسْلامِ، تَحْمَلُ إِلَيْكَ هَدَايَا النَّيْرُوزِ وِالْمِهْرَجَانِ، خَالِسًا لِأَكْثَرِهَا، رَافِعًا لِأَقَلِّهَا مَعَ كَثْرَةِ مَسَاوِيكَ الْمَتْرُوكِ تَقْرِيرُكَ بِهَا، وَمُنَاصَبَتِكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي مُوَالاةِ حَسَّانٍ وَوَكِيلِهِ فِي ضِيَاعِهِ، وَأَحْوَازِهِ فِي الْعِرَاقِ، وَسَيَكُونُ لَكَ وَلِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ نَبَأٌ إِنْ لَمْ يَعْفُ عَنْكَ، وَلَكِنَّهُ يَظُنُ اللَّهَ طَالِبَكَ بِأُمُورٍ، غَيْرَ تَارِكٍ لِتَكْشِيفِكَ عَنْهَا، وَحَمْلِكَ الأَمْوَالَ نَاقِصَةً عَنْ وَظَائِفِهَا الَّتِي جَبَاهَا عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَتَرْكِ رَفْعِ مُحَاسَبَتِكَ سنَةَ كَذَا وَكَذَا لِمَا وُلِّيتَ مِنْ خَرَاجِ الْعِرَاقِ، وَتَوْجِيهِكَ أَخَاكَ أَسَدًا إِلَى

ص: 105

خُرَاسَانَ، مُظْهِرًا بِهَا الْعَصَبِيَّةَ، مُتَحَامِلا عَلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ مُضَرَ، قَدْ أَتَتْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُيُونُهُ بِتَصْغِيرِهِ لَهُمْ، وَاحْتِقَارِهِ إِيَّاهُمْ، نَاسِيًا لِحَدِيثِ زَرْنَبٍ وقَصَصِ الْهَجْرِيِّينَ، كَيْفَ كَانَتْ فِي يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ، فَإِذَا خَلَوْتَ أَوْ تَوَسَّطْتَ مَلأَ فَاعْرِفْ نَفْسَكَ ، وَاحْذَرْ رَوَاجِعَ الْبَغْيِ عَلَيْكَ، وَعاجِلاتِ الْعُقُوبَةِ، فَإِنَّ مَا بَعْدَ كِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا أَفْسَدُ لَكَ، وَأَشَدُّ عَلَيْكَ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ تَأَنَّى فَيْئَكَ، وَأَمَّلَ رَجْعَتَكَ، وَاسْتَنْظَرَ تَوْبَتَكَ، وقِبَلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ خَلَفٌ كَثِيرٌ، فِي أَحْسَابِهِمْ وُبُيُوتَاتِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ، وَفِيهِمْ عِوَضٌ مِنْكَ، وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ سَنَةَ تَسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ.

فَلَمَّا دَخَلَتْ سَنَةُ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ كَتَبَ هِشَامٌ إِلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ عَامِلُ الْيَمَنِ بِوِلايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ لَمَا بَلَغَهُ مِنْ شَهَامَتِهِ وَرُجْلَتِهِ وَخُبْثِهِ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ أَهْلَ الْكُوفَةِ، فَأَرَسَلَ إِلَى طَارِقٍ فَحَبَسَهُ، وَكَانَ خَالِدٌ اسْتَخْلَفَ زِيَادَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيِّ، فَقَالَ يُوسُفُ لِزِيَادٍ: مَنْ أَنْتَ؟ فَانْتَسَبَ لَهُ، فَقَالَ: النَّجْرَانِيُّ؟ قَالَ: نَعَمْ.

فَخَلَّى سَبِيلَهُ ، وَأَرْسَلَ إِلَى خَالِدٍ وَهُوَ بِالْحَمَّةِ، فَأُتِيَ بِهِ، فَحَبَسَهُ وَجَمِيعَ عُمَّالِهِ.

فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ الْمَنْتُوفِ مَعَهُ أَخَوَهُ الَفَضْلُ، وَقَدْ كَانَ الْعُرْيَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ ضَرَبَ الْجَرَّاحَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ، فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ خَالِدًا، فَلَمْ يُعْدِهُ عَلَيْهِ، فَحَقَدُوا عَلَيْهِ، فَوَثَبَ عَبْدُ اللَّهِ وَالْفَضْلُ عَلَى خَالِدٍ بِبَابِ يُوسُفَ فَشَتَمَاهُ، وَكادا يَطَآنِهِ بِأَرْجُلِهِمَا وَيَقُولانِ عَلَى مَا يُعَذَّبُ هَذَا أَلا يُؤتَى بِأُمِّهِ النَّصْرَانِيَّةِ، فَتُعَذَّبُ حَتَّى تُسْلَحَ عَلَى الصَّلِيبِ وُيُقْتَلُ هَذَا.

فَأَقْبَلَ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْحَرَسِ عَلَيْهِمَا، فَهَرَبَ الْفَضْلُ وَضُرِبَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَنْتُوفُ، وَخُرِّقَتْ ثِيَابُهُ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ قَمِيصِهِ إِلا الزِّيقَ، مَكْشُوفَ الاسْتِ، مُسْتَقْبِلا فَتْقُ اسْتِهِ عَيْنَ الشَّمْسِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فَدَعَا بِهِ، فَقَالَ: مَنْ ضَرَبَكَ؟ قَالَ: أَهْلُ الدُّنْيَا، مَا رَأَيْتُ إِلا ضَارِبًا.

قَالَ: لَكِنِّي أَدْرِي مَنْ ضَرَبَكَ، عَلَى مَنْ كَانَتِ النَّوْبَةُ؟ قِيلَ: عَلَى فُلانٍ وَفُلانٍ وَفُلانٍ، فَدَعَا بِهِمْ، فَضَرَبَهُمْ أَلْفًا أَلْفًا، وَأَغْزَاهُمُ الثُّغُورَ، وَعَذَّبَ يُوسُفُ خَالِدًا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبْلِغَ نَفْسَهُ، ثُمَّ أَتَاهُ كِتَابُ هِشَامٍ فِي اسْتِخْلاصِهِ إِلَى مَا قَبِلَهُ، فَوَجَّهَهُ إِلَيْهِ، فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَكَانَ مُقِيمًا بِالشَّامِ إِلَى أَنْ مَاتَ هِشَامٌ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَرَدَّهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ إِلَى يُوسُفَ بِالْعِرَاقِ فَعَذَّبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ

ص: 106