الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بين يدي الفصل:
صحب أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع سنوات، بعد غزوة خيبر، وكان قد زاد على الثلاثين سَنَةٍ، أقام معه حتى توفي صلى الله عليه وسلم، يدور معه في بيوت نسائه، يخدمه ويصلي خلفه، يحُجُّ ويغزو معه، لا ينقطع عن مجالسه، بل كان المسجد مقامه، والرسول صلى الله عليه وسلم إمامه، فعرف كثيراً من سُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشاهد دقائق السُنَّة ووعى تطبيق الشريعة، فأرسله رسول الله عليه الصلاة والسلام مع العلاء الحضرمي إلى البحرين، فكان مؤذناً وإماماً، عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حرصه على الحديث، وحُبَّهُ للعمل فكان لا يتأخَّر في إجابته عما يسأل، ويدعو له.
وربما تبدو صحبة أبي هريرة قليلة بالنسبة لما يروى عنه من علم جم كثير، إلَاّ أنَّ ملازمته الدائمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرصه على طلب العلم وسعيه وراء ذلك، يدفع أي شك يرد على مروياته.
وقد غضب من مروان بن الحكم مرة، عندما قال له: أكثرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث.!! فقال أبو هريرة: «كُنْتُ وَاللَّهِ أَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيثِهِ، كُنْتُ وَاللَّهِ أَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيثِهِ، قَدْ وَاللَّهِ سَبَقَنِي قَوْمٌ بِصُحْبَتِهِ، وَالْهِجْرَةِ إِلَيْهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ، فَكَانُوا يَعْرِفُونَ لُزُومِي لَهُ، فَيَسْأَلُونِي عَنْ حَدِيثِهِ، مِنْهُمْ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَلَا وَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ كُلُّ حَدِيثٍ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَكُلُّ مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَكُلُّ مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْزِلَةٌ، وَكُلُّ صَاحِبٍ لَهُ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ صَاحِبَهُ فِي الْغَارِ، وَغَيْرُهُ
…
» (1) ثم قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «لِيَسْأَلْنِي أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ
(1) بقية قول أبي هريرة: «وقد أخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يساكنه - يعرض بأبي مروان بن الحكم -» وفي رواية أنَّ أبا هريرة قال لمروان: «إني أسلمت وهاجرت اختياراً وطوعاً، وأحببت رسول الله حبا شديداً، وأنتم أهل الدار وموطن الدعوة أخرجتم الداعي من أرضه، وآذيتموه وأصحابه، وتأخر إسلامكم عن إسلامي إلى الوقت المكروه إليكم» ، فندم مروان على كلامه واتقاه. " البداية والنهاية ": ص 108، جـ 8.