الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثناء على أبي هريرة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَوَّلُ مَنْ يَسْأَلُنِي عَنْ ذَلِكَ مِنْ أُمَّتِي، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْعِلْمِ» (1).
وفي رواية: «لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ» (2).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبُو هُرَيْرَةَ وِعَاءُ الْعِلْمِ!!» (3).
قال زيد بن ثابت: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللهَ عِلْمًا لَا يُنْسَى، فَقَالَ:«سَبَقَكُمْ بِهَا الْغُلَامُ الدَّوْسِيُّ» !! (4).
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «مَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرُ حَدِيثًا مِنِّي عَنْهُ إِلَاّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ ، وَكُنْتُ لَا أَكْتُبُ» (5).
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد نهى أبا هريرة من الإكثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نهى غيره، لأنَّ سياسة عمر وبعض الصحابة الإقلال من رواية الحديث، لأنَّ في الإكثار مظنة الخطأ، وخوفاً من أنْ يشغل الناس بالحديث عن القرآن، ومع هذا فقد سمح عمر رضي الله عنه لأبي هريرة بالتحديث، بعد أنْ عرف ورعه وتقواه.
(1)" مسند الإمام أحمد ": ص 208، جـ 15.
(2)
" فتح الباري ": ص 203، جـ 1. و " سير أعلام النبلاء ": ص 430، جـ 2. وهو صحيح.
(3)
" سير أعلام النبلاء ": ص 430، جـ 2. وفي إسناده مقال لاختلافهم في أحد رجال سنده، (زيد العمي). انظر " ميزان الاعتدال ": ص 363، جـ 1.
(4)
" فتح الباري ": ص 226، جـ 1، و " سير أعلام النبلاء ": ص 432، جـ 2. و " حلية الأولياء ": ص 381، جـ 1.
(5)
" فتح الباري ": ص 217، جـ 1، و " جامع بيان العلم ": ص 70، جـ 1 .....
روى الذهبي عن أبي هريرة قال: «بَلَغَ عُمَرَ حَدِيثِي، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ، فَقَالَ: كُنْتَ مَعَنَا يَوْمَ كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ فُلَانٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَقَدْ عَلِمْتُ لأَيِّ شَيْءٍ سَأَلْتَنِي. قَالَ: وَلِمَ سَأَلْتُكَ؟ قُلْتُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَئِذٍ: " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ". قَالَ: أَمَا لَا، فَاذْهَبْ فَحَدِّثْ» (1). وفي رواية قال عمر: «حَدِّثْ الآنَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا شِئْتَ» (2)، وفي رواية أخرى قال:«أَمَا لِي، فَاذْهَبْ فَحَدِّثْ» (3).
وهذا السماح توثيق لأبي هريرة، من أمير المؤمنين.
قال عبد الله بن عمر: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَأَحْفَظَنَا بِحَدِيثِهِ» (4).
وَقِيلَ لابْنِ عُمَرَ: هَلْ تُنْكِرُ مِمَّا يُحَدِّثُ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ شَيْئًا؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنَّهُ اجْتَرَأَ، وَجَبُنَّا» (5). وفي رواية قال ابن عمر: «أَبُو هُرَيْرَةُ خَيْرٌ مِنِّي، وَأَعْلَمُ بِمَا يُحَدِّثُ» . وكان يكثر الترحُّم عليه ويقول: «كَانَ مِمَّنْ يَحْفَظُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُسْلِمِينَ» (7). قال أُبَيٌّ بن كعب: «كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ جَرِيئاً عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ لَا نسَأَلُهُ عَنْهَا» (8).
قالت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: «صَدَقَ أَبُو هَرَيْرَةُ» (9)،
(1)" سير أعلام النبلاء ": ص 434، جـ 2، إلَاّ أنه في سنده يحيى بن عبيد الله مختلف فيه، انظر " ميزان الاعتدال ": ص 297، جـ 3، ولكنه رُوِيَ عن طرق أخرى ثابتة.
(2، 3) ابن عساكر: ص 487، جـ 47.
(4)
" المحدث الفاصل ": ص 134، و " سير أعلام النبلاء ": ص 435، جـ 2. و " طبقات ابن سعد ": ص 118، جـ 2 قسم 2. وفي " فتح الباري ": ص 225، جـ 1:(أَعْرَفَنَا بِحَدِيثِهِ) وقال فيه الترمذي: حسن. انظر " سنن الترمذي ": ص 224، جـ 2.
(5)
" سير أعلام النبلاء ": ص 437، جـ 2. و " تاريخ دمشق ": ص 492، جـ 47.
(6)
" الإصابة ": ص 204، جـ 7. و " سنن الترمذي ": ص 224، جـ 2.
(7)
" طبقات ابن سعد ": ص 63، جـ 4 قسم 2. و " سير أعلام النبلاء ": ص 435، جـ 2. و " البداية والنهاية ": ص 107، جـ 8. وابن عساكر: ص 493، جـ 47.
(8)
" سير أعلام النبلاء ": ص 451، جـ 2.
(9)
" طبقات ابن سعد ": ص 57 قسم 2، جـ 4. و " الإصابة ": ص 205، جـ 7.
حين أرسل ابن عمر يستفهم عن حديث الجنازة الذي رواه أبو هريرة.
قال طلحة بن عبيد الله: «لَا نَشُكُّ أَنَّهُ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ» (1). وفي رواية: «قَدْ سَمِعْنَا كَمَا سَمِعَ، وَلَكِنَّهُ حَفِظَ وَنَسِينَا» (2).
قال زيد بن ثابت لرجل سأله عن شيء: «عَلَيْكَ بِأَبِي هُرَيْرَةَ» (3).
جاء رجل إلى ابن عباس في مسألة، فقال ابن عباس لأبي هريرة:«أَفْتِهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَدْ جَاءَتْكَ مُعْضِلَةٌ» (4).
قال مروان بن الحكم: «إِنِّي رَأَيْتُكَ اليَوْمَ حَبْراً» (5). وذلك حين عاده في مرضه وسمعه يدعو قائلاً: «اللهُمَّ إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ لِقَاءَكَ، فَأَحِبَّ لِقَائِي» .
قال كعب الأحبار: «مَا رَأَيْتُ أَحَداً لَمْ يَقْرَأِ التَّوْرَاةَ أَعْلَمَ بِمَا فِيْهَا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ» (6).
وقال محمد بن عمارة بن عمرو بن حزم: «فَعَرَفْتُ يَوْمَئِذٍ أَنَّهُ أَحْفَظُ النَّاسِ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» (7). وذلك يحين حضر مجلسه الذي كان فيه مشيخة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يُحَدِّثُهُمْ، فلا يعرف بعضهم الحديث، ثم يتراجعون فيه فيعرفونه.
قال أبو صالح السمان: «كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم» (8).
(1)" سير أعلام النبلاء ": ص 436، جـ 2، رواهُ عن طليحة والتصحيح من " الإصابة ": ص 204، جـ 7 و " فتح الباري "، وطلحة هذا صحابي جليل رضي الله عنه توفي الرسول وهو راضٍ عنه.
(2)
" فتح الباري ": ص 77، جـ 8.
(3)
" سير أعلام النبلاء ": ص 432 و 443، جـ 2. و " تهذيب التهذيب ": ص 266، جـ 12.
(4)
" سير أعلام النبلاء ": ص 437، جـ 2.
(5)
" ابن عساكر ": ص 534 - 535، جـ 47.
(6)
" الإصابة ": ص 205، جـ 7. و " سير أعلام النبلاء ": ص 432، جـ 2.
(7)
" سير أعلام النبلاء ": ص 444، جـ 2. و " فتح الباري ": ص 225، جـ 1.
(8)
" تذكرة الحُفاظ ": ص 34، جـ 2. و " ابن عساكر ": ص 481، جـ 47.
وعنه أيضاً قال: «ما أزعم أنَّ أبا هريرة كان أفضلهم - يعني الصحابة - ولكنه كان أحفظ» (1).
ويعرف سيرين الأنصاري - أبو محمد ويحيى ابني سيرين - مكانة أبي هريرة، فيبعث بَنِيهِ إليه ليُعَلِّمَهُمْ (2). وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ كثرة، مِمَّا يدل على شهرة أبي هريرة، وحفظه وإتقانه، ولولا هذا ما بعث إليه أبناءه الذين أصبحوا من أعلام رجال الحديث بعد ذلك ..
قال الإمام الشافعي: «أَبُو هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي دَهْرِهِ» (3).
قال الإمام البخاري: «رَوَى عَنْهُ نَحْوَ ثَمَانِمِائَةٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَكَانَ أَحْفَظَ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي عَصْرِهِ» (4).
قال حافظ المغرب يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر [368 - 463 هـ]: كَانَ مِنْ أَحْفَظِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم». وفي (نسخة أخرى من كتابه): «كَانَ أَحْفَظَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ يَحْضُرُ مَا لَا يَحْضُرُ سَائِرُ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، لاِشْتِغَالِ المُهَاجِرِينَ بِالتِجَارَةِ، وَالأَنْصَارِ بِحَوَائِجِهِمْ» (5).
وقال المُؤَرِّخُ علي بن محمد (ابن الأثير) الجزري [555 - 630 هـ]: «أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَكْثَرُهُمْ حَدِيثاً عَنْهُ» (6).
(1) ابن عساكر: ص 482، جـ 47.
(2)
انظر " تهذيب التهذيب ": ص 228، جـ 11.
(3)
انظر " الرسالة " للشافعي ": ص 281 وابن عساكر: ص 483، جـ 47. و " سير أعلام النبلاء ": ص 432، جـ 2.
(4)
" تهذيب التهذيب ": ص 265، جـ 12. وانظر " البداية والنهاية ": ص 103، جـ 8.
(5)
" الاستيعاب ": ص 1771، جـ 4.
(6)
" أُسْدُ الغابة ": ص 315، جـ 5.
ويقول الإمام الحافظ الذهبي [673 - 748 هـ]: «أَبُو هُرَيْرَةَ الفَقِيهُ المُجْتَهِدُ الحَافِظُ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَكْثَرُهُمْ حَدِيثاً عَنْهُ، أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ اليَمَانِيُّ. سَيِّدُ الحُفَّاظِ الأَثْبَاتِ» (1).
وقال في موضع آخر: «أَبُو هُرَيْرَةَ: إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي حَفِظِ مَا سَمِعَهُ مِنَ الرَّسُوْلِ عليه الصلاة والسلام، وَأَدَائِهِ بِحُرُوْفِهِ» (2) وقال أيضاً: «كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَثِيقَ الحِفْظِ، مَا عَلِمْنَا أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي حَدِيثٍ» (3).
وقال الذهبي: «هُوَ رَأْسٌ فِي القُرْآنِ، وَفِي السُنَّةِ، وفي الفِقْهِ» (4).
وقال: «أَيْنَ مَثَلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حِفْظِهِ وَسَعَةِ عِلْمِهِ» (5).
ويقول الحافظ ابن كثير [701 - 774 هـ]: «قد كان أبو هريرة مِنَ الصِّدْقِ وَالْحِفْظِ وَالدِّيَانَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ عَلَى جَانِبٍ عَظِيمٍ» (6)، وقال:«رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَثِيرَ الطَّيِّبَ، وَكَانَ مِنْ حُفَّاظِ الصَّحَابَةِ» (7).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني [773 - 852 هـ]:
قال يحيى بن أبي بكر العامري [816 893 هـ]:
«أَبُو هُرَيْرَةَ: كَانَ عَرِيفَ مَسَاكِينَ الْصُّفَّةِ، حُلَفَاءَ الفَقْرِ وَالْصَّبْرِ، وَكَانَ شَدِيدَ الحُبِّ لِرَسُولِ الْلَّهِ صلى الله عليه وسلم، مُلَازِمًا لَهُ فِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ، لَا يَشْغَلُهُ عَنْهُ دُنْيَا، وَلَا أَهْلٌ وَلَا مَالٌ، وَلِمُلازَمَتِهِ وَخُصُوصِيَّتِهِ
(1)" سير أعلام النبلاء ": ص 417، جـ 2.
(2)
" سير أعلام النبلاء ": ص 445، جـ 2.
(3)
" سير أعلام النبلاء ": ص 446، جـ 2.
(4)
" سير أعلام النبلاء ": ص 449، جـ 2.
(5)
انظر المرجع السابق: ص 438، جـ 2.
(6)
" البداية والنهاية ": ص 110، جـ 8.
(7)
" البداية والنهاية ": ص 103، جـ 8.
(8)
" تهذيب التهذيب ": ص 266، جـ 12.
الأُخْرَى فِي الحِفْظِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَكْثَرَ الْصَّحَابَةِ رِوَايَةً عَلَى الإِطْلَاقِ وَأَحْفَظهُمْ».
وَقَالَ: «وَكَانَ حَافِظاً مُتَثَبِّتاً ذَكِيّاً مُفْتِياً، صَاحِبَ صِيَامٍ وَقِيَامٍ» (1).
قال المؤرِّخُ عبد الحي بن أحمد (ابن العماد) الحنبلي [1032 - 1089 هـ]: «كَانَ كَثِيرَ الْعِبَادَةِ وَالْذِّكْرِ، حَسَنُ الأَخْلاقِ، وَلِيَ إِمْرَةَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ حَافِظَ الْصَّحَابَةِ، وَأَكْثَرُهُمْ رِوَايَةً» (2).
وإلى هنا أكتفي بما ذكرته من شهادات رؤوس العلم في أبي هريرة، وإنَّ ثناء العلماء عليه وتوثيقه يحتاج وحده إلى مجلد، وإنَّ مكانة أبي هريرة، وسعة علمه، وكثرة حديثه، وفضله وورعه، وضبطه وإتقانه، لا تخفى على مسلم في مشارق الأرض ومغاربها، وما سُقْتُهُ من ثناء عليه إنما كان على سبيل الذكرى، وإلَاّ فإني أظلم راوية الإسلام رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ - إذا حاولت أنْ أُحَدِّدَ أو أحصر من أثنى عليه، وهل هناك أحد من أهل العلم والمعرفة يجهل أبا هريرة ومنزلته!!؟.
…
(1)" الرياض المستطابة ": ص 70.
(2)
" شذرات الذهب ": ص 63، جـ 1.