الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
الحمدُ لله رَبِّ العَالَمِين، والصَّلاةُ والكلامُ على أشرفِ المرسلين سيِّدِنا محمَّد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
رَبّ يَسِّرْ وأَعِنْ وتَمِّمْ بِخَيرِ يَا كَرِيمُ إخوتي في الله، والذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النسْمَةَ إني أُحِبُّكُم في الله، أسأل الله أن يرزقنا وإياكم الصدق والإخلاص، والعفو والعافية، في الدين والدنيا والآخرة.
أما بَعْدُ:
قال الله سبحانه وتعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَل تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]
وقال عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} . [الأحزاب: 41]
وقال: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35].
وقال: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205].
وقال عز وجل: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه: 130].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالذي لا يَذكُرُ رَبّهُ مَثَلُ الْحَيَّ وَالمَيَّتِ"(صحيح البخاري: 6044).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا في درَجَاتِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُم، وَخَيرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذهبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيرِ لَكُمْ مِنْ أن تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ
فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُم وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُم؟ " قَالُوا: بَلَى، قَالَ: "ذكْرُ اللهِ تَعَالَى" (صحيح، سنن الترمذي: 3377).
وقال صلى الله عليه وسلم: "يَقُولُ الله تَعَالَى: أَنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي؛ فَإِنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ؛ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وَإِنْ ذَكرَنِي في مَلإ؛ ذَكَرْتُهُ في مَلأ خَيرِ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلي
بِشِبْرِ؛ تَقَربتُ إِلَيهِ ذرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَي ذرَاعًا؛ تَقَرَّبْتُ إِلَيهِ بَاعًا، وإنْ أتاني يَمْشِي أَتَيتُهُ هَرْوَلَةَ" (صحيح البخاري: 6970).
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرِ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيا قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِن
شَرَائِعَ الإسْلام قدْ كَثُرَتْ عَلَى، فَأَنْبِئْنِي مِنهَا بِشَيءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ:"لا يَزَالُ لِسَانُك رَطْبًا مِنْ دكْرِ الله"(صحيح، سنن الترمذي: 3375).
وقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ اللهَ لا يُرِيدونَ بذلِكَ إِلا وَجْهَهُ إِلا نَادَاهُمْ مُنَادٍ من السمَاءِ: أَنْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُم؛ قَدْ بُدَّلَتْ سَيئَاتُكُمْ حَسَنَاتِ".
(رواه الإِمام أحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 5507)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَعَدَ مَقْعَدَا لَمْ يَذْكُرْ اللهَ فِيهِ؛ كَانَتْ عَلَيهِ مِنْ الله تِرَة"(صحيح، سنن أبي داود: 4856).
بعد كل الآيات والأحاديث السابقة، لا بد لي أن أقول: إن قضية ذكر الله ليست مسألة من مسائل الفقه أو الفروع في دين الإِسلام، بل إني أعتقد - والله أعلم - أن ذكر الله هو نفس الدين، فهو علاقة العبد بربه سبحانه وتعالى، ولذلك لا أغالي إذا قلت: إن أصح المؤمنين إيمانًا وأعمقهم يقينًا هم أكثرهم لله ذكرًا.
ولك أن تتأمل حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنك تعجب لهذا التفاني في كثرة ذكر الله وإخلاصه فيه، حتى يقول - فداه أبي وأمي ونفسي - رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لأسْتَغْفِرُ اللهَ في الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّة"(صحيح مسلم: 2702)، أي إنه لا يغفل أبدًا مطلقًا، وإذا حصل هذا الغين اليسير الطارئ استغفر له مائة مرة.