الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كثرة الذكر:
الذكر هو باب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده ما لم يغلقه العبد بغفلته.
قال الحسن البصري رحمه الله: تفقدوا الحلاوة في ثلاثهَ أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وقراءة القرآن، فإن وجدتم، وإلا فاعلموا أن الباب مغلق.
وحقاً ما عرف قدر جلال الله من فتر لحظة عن ذكره.
ولك في النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، قالت عائشة رضي الله عنها: كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الله عَلَى كُلِّ أَحيَانِهِ (صحيح مسلم: 373).
ولم تستثن حالة من حالاته، وهذا يدل على أنه كان يذكر ربه تعالى في حال طهارته وجنابته، وأما في حال التخلي فلم يكن يشاهده أحد يحكي عنه، ولكن شرع لأمته من الأذكار قبل التخلي وبعده ما يدل على مزيد الاعتناء بالذكر، وأنه لا يخل به عند قضاء الحاجة وبعدها، وأما عند نفس قضاء الحاجة فلا ريب أنه لا يكره بالقلب؛ لأنه لا بد لقلبه من ذكر، ولا يمكنه صرف قلبه عن ذكر من هو أحب شيء إليه فلو كلف القلب نسيانه لكان تكليفه بالمحال.
فأما الذكر باللسان على هذه الحالة فليس مما شرع لنا ولا ندبنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ويكفي في هذه الحال استشعار الحياء والمراقبة والنعمة عليه في هذه الحالة، وهي من أجل الذكر، فذكر كل حال بحسب مايليق بها.
أما القرآن، وهو أعظم أنواع الذكر، فما قام أحد به قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما تدبره أحد تدبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما بكى أحد من تلاوته أو استماعه ما بكى سيد الخائفين صلى الله عليه وسلم، أما قال لابن مسعود رضي الله عنه:"اقْرَأْ عَلَيَّ، فَإنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيري"(صحيح البخاري: 4763)، وينظر ابن مسعود رضي الله عنه
إلى النَبي صلى الله عليه وسلم فإذا وجهه الكريم قد بللته الدموع ..
وانظر وتأمل: ماذا يحب؟
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللهَ تَعَالَى مِنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشمْسُ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ، وَلأَنْ أَقعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذكُرُونَ الله
مِنْ صَلاةِ الْعَصرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً" (حسن، سنن أبي داود: 3667).
وقيل لأبي الدرداء رضي الله عنه، وكان لا يفتر من الذكر: كم تسبح في كل يوم؟ قال: مائة ألف، إلا أن تخطئ الأصابع.