الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الفرقان
قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)} [الفرقان/ 24]
هذه الآية الكريمة تدل على انقضاء الحساب فى نصف نهار؛ لأن المقيل: القيلولة أو مكانها، وهي الاستراحة نصف النهار في الحَرِّ.
وممن قال بانقضاء الحساب في نصف نهار: ابن عباس وابن مسعود وعكرمة وابن جبير؛ لدلالة هذه الآية على ذلك، كما نقله عنهم ابن كثير وغيره.
وفي "تفسير الجلالين" ما نصه: "وأُخِذَ من ذلك انقضاء الحساب في نصف نهار، كما ورد في حديثٍ" انتهى منه.
مع أنه تعالى ذكر أن مقدار يوم القيامة خمسون ألف سنة في قوله تعالى: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)} [المعارج/ 4].
والظاهر في الجواب: أن يوم القيامة يطول على الكفار ويقصر على المؤمنين.
ويشير لهذا قوله تعالى بعد هذا بقليل: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26)} [الفرقان/ 26]، فتخصصه عسر ذلك اليوم بالكافرين يدل على أن المؤمنين ليسوا كذلك.
وقوله تعالى: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)} [المدثر/ 9 - 10] يدل بمفهومه -أيضًا- على أنه يسير على المؤمنين
غير عسير، كما دل عليه قوله تعالى:{مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)} [القمر/ 8].
وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب، أنبأنا عمرو بن الحارث، أن سعيدًا الصواف حدثه أنه بلغه أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس، وأنهم يتقلبون في رياض الجنة حتى يفرغ من الناس، وذلك قوله:{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)} . ونقله عنه ابن كثير في تفسيره.
ومن المعلوم أن السرور يَقْصُرُ به الزمن، والكروب والهموم سبب لطوله، كما قال أبو سفيان بن الحارث يرثي النبي صلى الله عليه وسلم:
أَرِقْتث فبات ليلي لا يزولُ
…
وليلُ أخي المصيبةِ فيه طولُ
وقال الآخر:
فقِصارهنَّ مع الهموم طويلةٌ
…
وطوالُهنَّ مع السرور قِصارُ
ولقد أجاد من فال:
ليلي وليلى نفى نومي اختلافُهما
…
في الطُّول والطَّول، طوبى لي لو اعتدلا
يجود بالطُّول ليلي كلما بَخِلَتْ
…
بالطَّول ليلى وإن جادت به بَخِلَا
ومثل هذا كثير في كلام العرب جدًّا.
وأما على قول من فسر المَقِيل بأنه المأوى والمنزل -كقتادة رحمه الله فلا تعارض بين الآيتين أصلا؛ لأن المعنى على هذا القول: أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرًّا وأحسن مأوى ومنزلًا.
والعلم عند اللَّه تعالى.
قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} الآية [الفرقان/ 75].
هذه الآية الكريمة تدل على أنهم يجزون غرفة واحدة.
وقد جاءت آيات أخر تدل على خلاف ذلك، كقوله تعالى:{لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} [الزمر/ 20]، وكقوله تعالى:{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)} [سبأ/ 37].
والجواب: أن الغرفة هنا بمعنى الغرف، كما تقدم مستوفى بشواهده في الكلام على قوله تعالى:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ} الآية [البقرة/ 29].
وقيل: إن المراد بالغرفة: الدرجة العليا في الجنة. وعليه فلا إشكال.
وقيل: الغرفة الجنة، سميت غرفةً لارتفاعها.