الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الضحى
قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7)} [الضحى/ 7].
هذه الآية الكريمة يوهم ظاهرها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان ضالًا قبل الوحي، مع أن قوله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم/ 35] يدل على أنه صلى الله عليه وسلم فطر على هذا الدين الحنيف. ومعلوم أنه لم يهوده أبواه ولم ينصراه ولم يمجساه، بل لم يزل باقيًا علي الفطرة حتى بعثه اللَّه رسولًا. ويدل لذلك ما ثبت من أن أول نزول الوحي كان وهو يتعبد في غار حراء، فذلك التعبد قبل نزول الوحى دليل على البقاء على الفطرة.
والجواب: أن معنى قوله: {ضَالًّا فَهَدَى (7)} أي: غافلًا عما تعلمه الآن من الشرائع وأسرار علوم الدين التي لا تعلم بالفطرة ولا بالعقل، وإنما تعلم بالوحي، فهداك إلى ذلك بما أوحى إليك.
فمعنى الضلال -على هذا القول- الذهاب عن العلم.
ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة/ 282]، وقوله:{لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52)} [طه/ 52]، وقوله {تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95)} [يوسف/ 95]، وقول الشاعر:
وتظن سلمى أنني أبغي بها
…
بدلًا أراها في الضلال تهيم
ويدل لهذا قوله تعالى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}
[الشورى/ 52]؛ لأن المراد بالإيمان: شرائع دين الإسلام، وقوله:{وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)} [يوسف/ 3]، وقوله:{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النساء/ 113]، وقوله:{وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [القصص/ 86].
وقيل: المراد بقوله: {ضَالًّا} ذهابه وهو صغير في شعاب مكة. وقيل: ذهابه في سفره إلى الشام.
والقول الأول
(1)
هو الصحيح.
واللَّه تعالى أعلم. ونسبة العلم إلى اللَّه أسلم.
(1)
أي: أن الضلال هو الذهاب عن العلم.