الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الفتح
قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} الآية [الفتح/ 1 - 2].
لا يخفى ما يسبق إلى الذهن من تنافي هذه العلة ومعلولها؛ لأن فتح اللَّه لنبيه لا يظهر كونه علة لغفرانه له.
والجواب عن هذا من وجهين:
الأول -وهو اختيار ابن جرير، لدلالة الكتاب والسنة عليه
(1)
-: أن المعنى: إن فتح اللَّه لنبيه صلى الله عليه وسلم يدل بدلالة الالتزام على شكر النبي لنعمة الفتح، فيغفر اللَّه له ما تقدم وما تأخر بسبب شكره بأنواع العبادة على تلك النعمة، فكأن شكر النبي صلى الله عليه وسلم لازم لنعمة الفتح، والغفران مرتب على ذلك اللازم.
وأما دلالة الكتاب على هذا: ففي قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} [النصر/ 1 - 3].
فصح في هذه السورة الكريمة بأن تسبيحه بحمد ربه واستغفاره لربه -شكرًا على نعمة الفتح- سبب لغفران ذنوبه، لأنه رَتَّبَ تسبيحه بحمده واستغفاره بالفاء على مجيء الفتح والنصر ترتيبَ المعلول
(1)
كذا في الأصل المطبوع. وكأنه سقط من السياق قوله: "وهو الأقرب" أو نحوه قبل قوله: لدلالة الكتاب والسنة عليه.
على علته، ثم بين أن ذلك الشكر سبب الغفران بقوله:{إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} .
وأما دلالة السنة: ففي قوله صلى الله عليه وسلم لما قال له بعض أصحابه: لا تجهد نفسك بالعمل، فإن اللَّه كفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر-:"أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ ! "، فبيَّن صلى الله عليه وسلم أن اجتهاده في العمل لشكر تلك النعمة.
وترتُّبُ الغفران على الاجتهاد في العمل لا خفاء به.
الوجه الثاني: أن قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا} يفهم منه بدلالة الالتزام الجهاد في سبيل اللَّه؛ لأنه السبب الأعظم في الفتح، والجهاد سبب لغفران الذنوب. فيكون المعنى: ليغفر لك اللَّه بسبب جهادك المفهومِ من ذكر الفتح.
والعلم عند اللَّه تعالى.