المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة النجم قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ - دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم

[محمد الأمين الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة براءة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة بني إسرائيل

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌سورة طه

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة قد أفلح المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة غافر

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة الشورى

- ‌سورة الزخرف

- ‌سورة الدخان

- ‌سورة الجاثية

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة القتال

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذاريات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصف

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة الملك

- ‌سورة القلم

- ‌سورة الحاقة

- ‌سورة سأل سائل

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الإنسان

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النبأ

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة التطفيف

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البرج

- ‌سورة الطارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة الليل

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة التين

- ‌سورة العلق

- ‌سورة القدر

- ‌سورة الزلزلة

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة الناس

الفصل: ‌ ‌سورة النجم قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ

‌سورة النجم

قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم/ 4 - 3].

هذه الآية الكريمة تدل بظاهرها على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجتهد في شيء.

وقد جاءت آيات أخر تدل على أنه صلى الله عليه وسلم ربما اجتهد في بعض الأمور، كما دل عليه قوله تعالى:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة/ 43]، وقوله تعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67)} الآية [الأنفال/ 67].

والجواب من هذا من وجهين:

الأول -وهو الذي اقتصر عليه ابن جرير، وصَدَّرَ به ابن الحاجب في "مختصره" الأصولي-: أن معنى قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)} [النجم/ 3] أي في كل ما يبلغه عن اللَّه، {إِنْ هُوَ} أي كل ما يبلغه عن اللَّه {إِلَّا وَحْيٌ} من اللَّه؛ لأنه لا يقول على اللَّه شيئًا إلا بوحي منه.

فالآية رد على الكفار حيث قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم افترى هذا القرآن. كما قال ابن الحاجب.

الوجه الثاني: أنه إن اجتهد فانه إنما يجتهد بوحي من اللَّه يأذن له به في ذلك الاجتهاد، وعليه فاجتهاده بوحي، فلا منافاة.

ص: 298

ويدل لهذا الوجه: أن اجتهاده في الإذن للمتخلفين عن غزوة تبوك أذن اللَّه له فيه حيث قال: {فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ} [النور/ 62]، فلما أذن للمنافقين عاتبه بقوله:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43)} [التوبة/ 43]، فالاجتهاد في الحقيقة إنما هو الإذن قبل التبيُّن، لا في مطلق الإذن، للنص عليه.

ومسألة اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم وعدمه من مسائل الخلاف المشهورة عند علماء الأصول، وسبب اختلافهم هو تعارض هذه الآيات في ظاهر الأمر.

قال مقيده -عفا اللَّه عنه-: الذي يظهر أن التحقيق في هذه المسألة: أنه صلى الله عليه وسلم ربما فعل بعض المسائل من غير وحي في خصوصه، كإذنه للمتخلفين عن غزوة تبوك قبل أن يتبين صادقهم من كاذبهم، وكأسره لأسارى بدر، وكأمره بترك تأبير النخل، وكقوله:"لو استقبلت من أمري ما استدبرت. . . " الحديث، إلى غير ذلك.

وأن معنى قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)} لا إشكال فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق بشيء من أجل الهوى ولا يتكلم بالهوى.

وقولُه تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} يعني أن كل ما يبلغه عن اللَّه فهو وحي من اللَّه لا بهوى ولا بكذب ولا افتراء.

والعلم عند اللَّه تعالى.

قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} [النجم/ 39].

ص: 299

هذه الآية الكريمة تدل على أنه لا ينتفع أحد بعمل غيره.

وقد جاءت آية أخرى تدل على أن بعض الناس ربما انتفع بعمل غيره، وهي قوله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} الآية [الطور/ 21]، فرفع درجات الأولاد -سواء قلنا: إنهم الكبار أو الصغار- نفع حاصل لهم، وإنما حصل لهم بعمل آبائهم لا بعمل أنفسهم.

اعلم أولًا: أن ما روي عن ابن عباس من أن هذا كان شرعًا لمن قبلنا، فنسخ في شرعنا = غيرُ صحيح، بل آية:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} محكمة. كما أن القول بأن المراد بالإنسان خصوص الكافر غير صحيح أيضًا.

والجواب من ثلاثة أوجه:

الأول؛ أن الآية إنما دلت على نفي ملك الإنسان لغير سعيه، ولم تدل على نفي انتفاعه بسعي غيره، لأنه لم يقل: وأن لن ينتفع الإنسان إلا بما سعى. وإنما قال: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ} ، وبين الأمرين فرق ظاهر؛ لأن سعي الغير ملكٌ لساعيه إن شاء بذله لغيره فانتفع به ذلك الغير، وإن شاء أبقاه لنفسه.

وقد أجمع العلماء على انتفاع الميت بالصلاة عليه والدعاء له والحج عنه، ونحو ذلك مما ثبت الانتفاع بعمل الغير فيه.

الثاني: أن إيمان الذرية هو السبب الأكبر في رفع درجاتهم، إذ لو كانوا كفارًا لما حصل لهم ذلك، فإيمان العبد وطاعته سعي منه في

ص: 300

انتفاعه بعمل غيره من المسلمين، كما وقع في الصلاة في الجماعة، فإن صلاة بعضهم مع بعض يتضاعف بها الأجر زيادة على صلاته منفردًا، وتلك المضاعفة انتفاع بعمل الغير سعى فيه المصلي بإيمانه وصلاته في الجماعة.

وهذا الوجه يشير إليه قوله تعالى: {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} .

الثالث: أن السعي الذي حصل به رفع درجات الأولاد ليس للأولاد، كما هو نص قوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} ، ولكنه من سعي الآباء، فهو سعي للآباء أقر اللَّه عيونهم بسببه بأنْ رفع إليهم أولادهم ليتمتعوا في الجنة برؤيتهم.

فالآية تصدق الأخرى ولا تنافيها؛ لأن المقصود بالرفع إكرام الآباء لا الأولاد، فانتفاع الأولاد تبع، فهو بالنسبة إليهم تفضُّلٌ من اللَّه عليهم بما ليس لهم، كما تفضل بذلك على الولدان والحور العين والخلق الذي يُنْشِئهم للجنة.

والعلم عند اللَّه تعالى.

ص: 301