المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة المجادلة قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا - دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم

[محمد الأمين الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة براءة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة بني إسرائيل

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌سورة طه

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة قد أفلح المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة غافر

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة الشورى

- ‌سورة الزخرف

- ‌سورة الدخان

- ‌سورة الجاثية

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة القتال

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذاريات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصف

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة الملك

- ‌سورة القلم

- ‌سورة الحاقة

- ‌سورة سأل سائل

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الإنسان

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النبأ

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة التطفيف

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البرج

- ‌سورة الطارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة الليل

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة التين

- ‌سورة العلق

- ‌سورة القدر

- ‌سورة الزلزلة

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة الناس

الفصل: ‌ ‌سورة المجادلة قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا

‌سورة المجادلة

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة/ 3].

لا يخفى أن ترتيبه تعالى الكفارة بالعتق على الظهار والعَوْدِ معًا يُفْهَمُ منه أن الكفارة لا تلزم إلا بالظهار والعَوْدِ معًا.

وقولُه: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} صريح في أن التكفير يلزم كونه قبل العَوْدِ إلى المسيس.

اعلم أولًا: أن ما رجحه ابن حزم من قول داود -وحكاه ابن عبد البر عن بكير بن الأشج والفراء وفرقة من أهل الكلام، وقال به شعبة- من أن معنى:{ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} هو عودهم إلى لفظ الظهار، فيكررونه مرة أخرى = قول باطل؛ بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل المرأة التي نزلت فيها آية الظهار، هل كرر زوجها صيغة الظهار أم لا؟ وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم في الأقوال، كما تقدم مرارًا.

والتحقيق: أن الكفارة ومنع الجماع قبلها لا يشترط فيهما تكرير صيغة الظهار.

وما زعمه البعض -أيضًا- من أن الكلام فيه تقديم وتأخير، وتقديره: والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا، ثم يعودون لما قالوا سالمين من الإثم بسبب الكفارة = غير صحيح أيضًا؛ لما تقرر في الأصول من وجوب العمل على بقاء

ص: 308

الترتيب إلا لدليل، وإليه الإشارة بقول صاحب "مراقي السعود":

كذاك ترتيب لإيجاب العمل

بما له الرجحان مما يحتمل

وسنذكر -إن شاء اللَّه- الجواب عن هذا الإشكال على مذاهب الأئمة الأربعة رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، فنقول وباللَّه

نستعين:

معنى العَوْد عند مالك فيه قولان، تُؤُوِّلَتْ "المدونة" على كل واحد منهما، وكلاهما مرجَّح:

الأول: أنه العزم على الجماع فقط.

الثاني: أنه العزم على الجماع وإمساك الزوجة معًا.

وعلى كلا القولين فلا إشكال في الآية؛ لأن المعنى حينئذ: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعزمون على الجماع، أو عليه مع الإمساك، فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا.

فلا منافاة بين العزم على الجماع، أو عليه مع الإمساك، وبين الإعتاق قبل المسيس.

وغاية ما يلزم على هذا القول حذف الإرادة، وهو واقع في القرآن، كقوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة/ 6] أي أردتم القيام إليها، وقوله:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} أي: أردت قراءته {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} الآية [النحل/ 98].

ومعنى العَوْد عند الشافعي: أن يمسكها بعد المظاهرة زمانًا

ص: 309

يمكنه أن يطلق فيه فلا يطلق.

وعليه فلا إشكال في الآية أيضًا؛ لأن إمساكه إياها الزمن المذكور لا ينافي التكفير قبل المسيس، كما هو واضح.

ومعنى العَوْد عند أحمد: هو أن يعود إلى الجماع أو يعزم عليه.

أما العزم فقد بينا أنه لا إشكال في الآية على القول به.

وأما على القول بأنه الجماع، فالجواب: أنه إن ظاهر وجامع قبل التكفير يلزمه الكف عن المسيس مرة أخرى حتى يكفِّر، ولا يلزم من هذا جواز الجماع الأول قبل التكفير؛ لأن الآية على هذا القول إنما بينت حكم ما إذا وقع الجماع قبل التكفير، وأنه وجوب التكفير قبل مسيس آخر، أما الإقدام على المسيس الأول فحرمته معلومة من عموم قوله:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} .

ومعنى العَوْد عند أبي حنيفة رحمه اللَّه تعالى: هو العزم على الوطء.

وعليه فلا إشكال، كما تقدم.

وما حكاه الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره عن مالك من أنه حُكِيَ عنه أن العَوْدَ الجماعُ، فهو خلاف المعروف من مذهبه.

وكذلك ما حكاه عن أبي حنيفة من أن العَوْدَ هو العودُ إلى الظهار بعد تحريمه ورفع ما كان عليه أمر الجاهلية، فهو خلاف المقرر في فروع الحنفية من أنه العزم على الوطء، كما ذكرنا.

ص: 310

وغالب ما قيل في معنى العَوْدِ راجع إلى ما ذكرنا من أقوال الأئمة رحمهم الله.

وقال بعض العلماء: المراد بالعَوْد: الرجوع إلى الاستمتاع بغير الجماع، والمراد بالمسيس في قوله:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} خصوص الجماع.

وعليه فلا إشكال، ولكن لا يخفى عدم ظهور هذا القول.

والتحقيق: عدم جواز الاستمتاع بوطء أو غيره قبل التكفير؛ لعموم قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} .

وأجاز بعضهم الاستمتاع بغير الوطء قائلًا: إن المراد بالمسيس في قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} نفس الجماع لا مقدماته.

وممن قال بذلك الحسن البصري والثوري. وروي عن الشافعي أحد القولين.

وقال بعض العلماء: اللام في قوله: {لِمَا قَالُوا} بمعنى "في"، أي: يعودون فيما قالوا، بمعنى: يرجعون عنه، كقوله صلى الله عليه وسلم:"الواهب العائد في هبته" الحديث.

وقيل: اللام بمعنى "عن"، أي: يعودون عما قالوا، أي: يرجعون عنه. وهو قريب مما قبله.

قال مقيده -عفا اللَّه عنه-: الذي يظهر -واللَّه تعالى أعلم- أن العَوْدَ له مبدأ ومنتهى، فمبدؤه العزم على الوطء، ومنتهاه الوطء

ص: 311

بالفعل. فمن عزم على الوطء فقد عاد بالنية، فتلزمه الكفارة لإباحة الوطء. ومن وطئ بالفعل تحتم في حقه اللزوم، وخالف بالإقدام على الوطء قبل التكفير.

ويدل لهذا أنه صلى الله عليه وسلم لما قال: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار"، وقالوا: يا رسول اللَّه، قد عرفنا القاتل فما بال المقتول؟ قال:"إنه كان حريصًا على قتل صاحبه". فبيَّن أن العزم على الفعل عملٌ يؤاخذ به الإنسان.

فإن قيل: ظاهر الآية المتبادر منها يوافق قول الظاهرية الذي قدمنا بطلانه؛ لأن الظاهر المتبادر من قوله: {لِمَا قَالُوا} أنه صيغة الظهار، فيكون العَوْدُ لها تكريرها مرة أخرى.

فالجواب: أن المعنى: {لِمَا قَالُوا} أنه حرام عليهم، وهو الجماع.

ويدل لذلك وجود نظيره في القرآن في قوله تعالى: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} [مريم/ 80] أي: ما يقول أنه يؤتاه من مال وولد في قوله: {لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)} [مريم/ 77].

وما ذكرنا من أن مَنْ جامع قبل التكفير يلزمه الكف عن المسيس مرة أخرى حتى يكفِّر = هو التحقيق، خلافًا لمن قال: تسقط الكفارة بالجماع قبل المسيس، كما روي عن الزهري وسعيد بن جبير وأبي يوسف، ولمن قال تلزم به كفارتان، كما روي عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص وعبد الرحمن بن مهدي، ولمن قال: تلزم به ثلاث

ص: 312

كفارات، كما رواه سعيد بن منصور عن الحسن وإبراهيم.

والعلم عند اللَّه تعالى.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة/ 12].

هذه الآية تدل على طلب تقديم الصدقة أمام المناجاة.

وقوله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} الآية [المجادلة/ 13] يدل على خلاف ذلك.

والجواب ظاهر، وهو أن الأخير ناسخ للأول. والعلم عند اللَّه تعالى.

ص: 313