المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الأدبية، وانتثر شملها، وفقدت وسيلة الاستقرار والتجمع، وشغل الأدباء والمفكرون - دولة الإسلام في الأندلس - جـ ٥

[محمد عبد الله عنان]

فهرس الكتاب

- ‌العصْر الرّابعنهَايَةُ الأَنْدَلُسْ وَتَارِيخ العَرَبْ المتنَصِّرِين

- ‌مقدمة

- ‌تصدير

- ‌تاريخ مملكة غَرناطة635 -897 هـ: 1238 - 1492 م

- ‌الكِتابُ الأول ممْلكة غَرناطةمنذ قيامها حتى ولاية السّلطان أبي الحسن635 -868 هـ: 1238 - 1463 م

- ‌الفصل الأوّل الأندلس الغاربة

- ‌الفصل الثانينشأة مملكة غرناطة وقيام الدولة النصرية

- ‌الأندلس والممالك النّصرانية الإسبانيّة في أواخر عصْر الموحّدين (أوائل القرن الثالث عشر)

- ‌الفصل الثالثطوائف الأمة الأندلسية فى عصر الانحلال

- ‌الفصل الرابعطبيعة الصراع بين الأندلس واسبانيا النصرانية

- ‌الفصْل الخامسُتاريخ اسبانيا النصرانية منذ أوائل القرن الحادى عشر حتى قيام مملكة غرناطة

- ‌الفصل السادسمملكة غرناطة عقب وفاة ابن الأحمر وعصر الجهاد المشترك بين بنى الأحمر وبنى مرين

- ‌صورة: الملك ألفونسو العالم

- ‌الفصل السابعمملكة غرناطة فى النصف الأول من القرن الثامن الهجرى وذروة الصراع بين بنى مرين واسبانيا النصرانية

- ‌الفصْل الثامِنالأندلس بين المدّ والجزر

- ‌الفصْل التاسِعتاريخ اسبانيا النصرانية منذ قيام مملكة غرناطة حتى اتحاد مملكتى قشتالة وأراجون

- ‌1 - قشتالة

- ‌2 - أراجون

- ‌3 - اسبانيا النصرانية المتحدة

- ‌الكتاب الثانىنهاية دولة الإسلام فى الأندلس 868 - 897: 1463 - 1492 م

- ‌الفصل الأوّلالأندلس على شفا المنحدر

- ‌الفصل الثانىبداية النهاية

- ‌الفصل الثالثالصراع الأخير

- ‌الفصل الرابعختام المأساة

- ‌1 - قصر قمارش

- ‌2 - قصر السباع

- ‌مأساة الموريسكيّين أو العَرَب المتنصِّرين 897 - 1018 هـ: 1492 - 1609 م

- ‌الكتاب الثالثمراحل الاضطهاد والتنصير

- ‌الفصل الأولبدء التحول فى حياة المغلوب

- ‌الفصل الثانىديوان التحقيق الإسبانى ومهمته فى إبادة الأمة الأندلسية

- ‌الفصل الثالثذروة الاضطهاد وثورة الموريسكيين

- ‌الكتاب الرابعنهاية النّهاية

- ‌الفصل الأولتوجس السياسة الإسبانية وعصر الغارات البحرية الإسلامية

- ‌الفصل الثانىمأساة النفى

- ‌الفصل الثالثتأملات وتعليقات عن آثار المأساة

- ‌الكتابُ الخامسنظم الحكم والحياة الاجتماعية والفكريّة فى مملكة غرناطة

- ‌الفصل الأوّلنظم الحكم فى مملكة غرناطة وخواصها الإجتماعية

- ‌الفصل الثانىالحركة الفكرية فى مراحلها الأولى

- ‌الشعر والأدب

- ‌العلوم

- ‌الفصل الثالثعهد النضج والازدهار

- ‌الفصل الرابعالعصر الأخير والآثار الباقية

- ‌ثبت المراجع

- ‌مصادر مخطوطة

- ‌فهرست الموضوعات

- ‌فهرست الخرائط و‌‌الصورو‌‌الوثائق

- ‌الصور

- ‌الوثائق

الفصل: الأدبية، وانتثر شملها، وفقدت وسيلة الاستقرار والتجمع، وشغل الأدباء والمفكرون

الأدبية، وانتثر شملها، وفقدت وسيلة الاستقرار والتجمع، وشغل الأدباء والمفكرون يومئذ بالمحنة وآثارها. وغادر الأندلس فى تلك الفترة، كثير من الكتاب والعلماء الذين توقعوا سوء المصير، وآثروا العمل فى جو أكثر استقراراً وطمأنينة، مثل الشيخ محيى الدين ابن عربى المرسى قطب التصوف الشهير، وابن البيطار المالقى، وابن الأبار القضاعى، وابن حمدون الحميرى النحوى، وابن سعيد الأندلسى، وكثيرون غيرهم، ممن رحلوا إلى المشرق أو عبروا البحر إلى المغرب.

وهكذا طلعت أوائل القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) على الأندلس، بأحداثها وفتنها المتوالية، والحركة الفكرية فى ربوعها حائرة غير مستقرة، يتبدى ضوؤها باهتاً، فى ظل دول وإمارات تتصدع أركانها تباعاً.

ومع ذلك فقد ظل تراث الأندلس الفكرى فى هذه الفترة متواصلا، يمتاز على اضطرابه بكثير من نواحى القوة والنضج، التى امتاز بها فى ظل دولة الموحدين، وقت أن كانت فى عنفوانها.

وسوف نستعرض فيما يلى أعلام التفكير والأدب فى تلك الفترة المضطربة، التى مهدت حوادثها لقيام مملكة غرناطة، فهى ليست فى الواقع سوى حلقة اتصال، بين العصر الذى اختتمته الأندلس الكبرى، وبين العصر الذى بدأت فيه حياتها الجديدة (1).

‌الشعر والأدب

وكانت الحركة الأدبية يومئذ ما تزال فى عنفوانها. وكانت دولة النثر والنظم تحتل مكانتها الرفيعة، وبل لقد بعثت الأحداث والمحن، التى توالت على الأندلس يومئذ إلى الشعر بكثير من أسباب الإنفعال والقوة. فامتلأت الأندلس يومئذ بالشعر المؤسى، والمراثى القوية المؤثرة، التى نقل المقرى إلينا كثيراً منها، فى كتابيه نفح الطيب وأزهار الرياض.

وكان من أعلام الشعر فى تلك الفترة، علىّ بن محمد بن أحمد بن حريق الشاعر البلنسى المتوفى فى سنة 622 هـ (1227 م)؛ كان شاعراً مجيداً كثير النظم، ذاع

(1) عرضنا فى هذا الفصل بإيجاز إلى عدد من العلماء والكتاب والشعراء الذين تناولناهم فى خاتمة كتابنا "عصر المرابطين والموحدين" فى القسم الذى خصصناه للحركة الفكرية الأندلسية (القسم الثانى ص 644 - 726) حسبما أشرنا إليه من قبل. وقد كان هذا التكرار العرضى ضرورة للمحافظة على السياق، وللتمهيد لما سيرد من بعده خلال العصر الغرناطى

ص: 453

شعره فى الأندلس، وكتب فوق ذلك عدة كتب فى الأدب (1).

ومنهم ابن مرج الكحل، وهو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن على، أصله من جزيرة شُقر، وكان من شعراء عصره. وبرع بنوع خاص فى الغزل والشعر الوصفى المبتكر، وعاش حيناً فى غرناطة، وذاع صيته فى سائر نواحى الأندلس، وتوفى سنة 633 هـ (1235 م). ومن شعره يصف عشة، بنهر الفنداق الذى يمر بلوشة:

عرج بمنعرج الكثيب الأعفر

بين الفرات وبين شط الكوثر

ولتغتبقها قهوة ذهبية

من راحتى أحوى المراشف أحور

والروض بين مفضض ومذهّب

والزهر بين مدرهم ومدنّر

والنهر مرقوم الأباطح والربا

بمصندل من زهره ومعصفر

وكأنه وكأن خضرة شطه

سيف يسيل على بساط أخضر

وكان ذاك الحباب فرنده

مهما طفا فى صفحه كالجوهر (2).

ومنهم عزيز بن عبد الملك القيسى؛ كان من أعيان مرسية واشترك فى حوادثها السياسية، واستطاع أن يظفر بإمارتها لمدى قصير، وتوفى سنة 638 هـ (1240 م) قتيلا، فى معركة نشبت بينه وبين خصومه، وكان شاعراً مجيداً، ومن قوله عندما حلت به المحنة:

ْنصحت فلم أفلح وخانوا فأفلحوا

فأعقبنى نصحى بدار هوان (3).

ومنهم علىّ بن ابراهيم بن على المعروف بابن الفخار، أصله من شريش وكان من أعلام الكتابة والنظم وتولى القضاء حيناً، وتوفى سنة 642 هـ (1244 م)(4).

ومنهم إبراهيم بن سهل الإشبيلى. وقد كان يهودياً ثم أسلم، وبرع فى الشعر ولاسيما فى التوشيح، ومن أبدع شعره قصيدة طويلة نظمها فى مدح النبى. وقد توفى غريقاً فى النهر، وهو شاب فى عنفوانه، وذلك سنة 649 هـ (1251 م).

ومن شعره قوله:

مضى الوصل إلا منية تبعث الأسى

أدارى بها همى إذا الليل عسعسا

(1) ابن الأبار فى تكملة الصلة (رقم 1895)، وصلة الصلة لأبى جعفر ابن الزبير ص 129.

(2)

راجع نفح الطيب ج 3 ص 26 و 27 و 28.

(3)

راجع صلة الصلة ص 165، وابن الأبار فى التكملة رقم 1952.

(4)

راجع صلة الصلة ص 135، والتكملة رقم 1907

ص: 454

أتانى حديث الوصل زوراً على النوى

أعيد ذلك الزور اللذيذ المؤنسا

ويا أيها الشوق الذى جاء زائراً

أصبت الأمانى خذ قلوباً وأنفسا

ومن موشحاته:

ليل الهوى يقظان

والحب ترب السهر

والصبر لى خوان

والنوم من عينى برى (1)

ومنهم أبو عبد الله محمد بن الجيان المرسى، صديق ابن هود وكاتبه. وكان عالماً بالحديث والرواية، بارعاً فى النثر والنظم. تولى الوزارة حيناً لابن هود، وهو الذى كتب عن لسانه وصيته الشهيرة لأخيه. ولما استولى النصارى على مرسية سنة 641 هـ، غادرها إلى أوريولة، ثم نزح إلى المغرب، واستقر بمدينة بجاية، وتوفى هنالك سنة 650 هـ (1252 م). وكان ابن الجيان صغير القد، حتى ليخاله الناظر إليه طفلا، ومن شعره قصيدته الدالية المشهورة التى مطلعها:

يا حادى الركب قف بالله يا حادى

وارحم صبابة ذى نأى وإبعاد (2)

ومنهم الفقيه والكاتب الشاعر المؤرخ، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبى بكر القضاعى البلنسى، المعروف بابن الأبار. ولد سنة 595 هـ وبرز فى الفقه واللغة، وبرع فى النثر والنظم، وتولى الكتابة للأمير أبى جميل زيان أمير بلنسية، حفيد ابن مردنيش. ولما حاصر النصارى بلنسية سنة 636 هـ (1238 م) واشتد الخطب بالمسلمين، أرسل أميرها زيان كاتبه ابن الأبار، سفيراً إلى أبى زكريا الحفصى أمير تونس، يستغيث به ويستنصره على العدو.

وألقى ابن الأبار بهذه المناسبة بين يدى أبى زكريا قصيدته السينية الشهيرة، يردد فيها صريخ الأندلس، "ويصف آلامها ومحنها، وهذا مطلعها:

أدرك بخيلك خيل الله أندلسا

إن السبيل إلى منجاتها درسا

وهب لها من عزيز النصر ما التمست

فلم يزل عز النصر منك ملتمسا

وهى من غرر القصائد التى ذاعت بالأندلس أيام المحنة. ولما سقطت بلنسية بعد ذلك بقليل فى يد النصارى، نزح ابن الأبار فى أهله إلى تونس، وعاش هنالك حيناً فى كنف أميرها المستنصر الحفصى. ولكنه تغير عليه بعد ذلك ونكبه، ثم أمر

(1) راجع نفح الطيب ج 4 ص 304.

(2)

راجع نفح الطيب ج 4 ص 432 وما بعدها، حيث ينقل وصية ابن هود لأخيه؛ وص 440 وما بعدها حيث يذكر طائفة من نظم ابن الجيان

ص: 455

بقتله متأثراً بتحريض خصومه، وأحرقت كتبه فى موضع قتله، وذلك فى سنة 659 هـ (1260 م). ولابن الأبار كثير من الشعر الجيد. ومن قوله فى الغزل:

لم تدر ما خلدت عيناك فى خلدى

من الغرام ولا ما كابدت كبدى

أفديك من رائد رام الدنو فلم

يسطعه من فرق فى القلب متقد

خاف العيون فوافانى على عجل

معطلا جيده إلا من الجيد

ومنه يصف نهراً:

ونهر كما ذابت سبائك فضة

حكى بمجانيه العطاف الأراقم

إذا الشفق استولى عليه احمراره

تراءى قضيباً مثل دامى الصوارم

وكتب ابن الأبار فى الأدب والتاريخ. ومن آثاره تكملة كتاب الصلة لابن بشكوال، ترجم فيها لأعيان أهل الأندلس وعلمائها وشعرائها. وله أيضاً كتاب الحلة السيراء، ترجم فيها لطائفة مختارة من أعيان الأندلس من أمراء ووزراء وكتاب وشعراء، وهو قيم جداً بالنسبة لتاريخ الطوائف وتاريخ عصره (1). وله مؤلفات أخرى مثل كتاب تحفة القادم، وفيه يقدم طائفة مختارة من نظم شعراء الأندلس الذين سبقت وفاتهم مولده، وبعض الطارئين عليها من الغرباء، وإيماض البرق؛ وكتاب الإعتاب، أو إعتاب الكتاب، ويشتمل على تراجم طائفة من كتاب الأندلس وبعض الكتاب المشارقة، وغيرها، وهى آثار وصل معظمها إلينا (2).

ومنهم أبو الطيب صالح بن شريف الرندى. وكان أديباً شاعراً جزلا. بيد أننا لا نعرف كثيراً من حياته، ولانعرف إلا أنه كانت من أهل رندة كما يدل على ذلك لقبه، وقد ولد بها فى سنة 601 هـ، وتوفى سنة 684 هـ. ويصفه ابن عبد الملك فى "التكملة" أنه "خاتمة أدباء الأندلس". وكان بارعاً فى النثر والنظم معاً.

(1) نشر كتاب التكملة فى مجلدين ضمن المكتبة الأندلسية، ونشر كتاب الحلة السيراء بعناية المستشرق دوزى (ليدن سنة 1851)، ولكن مع إغفال بعض التراجم. وتوجد منه نسخة خطية كاملة بمكتبة الإسكوريال (رقم 1654 الغزيرى). وقد قام بتحقيقها ونشرها الدكتور حسين مؤنس فى مجلدين (القاهرة 1964).

(2)

راجع فى ترجمة ابن الأبار، فوات الوفيات ج 2 ص 226 - 227، ونفح الطيب ج 2 ص 578 - 580، وراجع فى محنته ومقتله، تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية للزركشى (تونس 1289 هـ) ص 27. ويضع الزركشى تاريخ وفاته فى سنة 658 هـ. هذا وتوجد نسخة خطية من كتاب تحفة القادم بمكتبة الإسكوريال تحمل (رقم 356 الغزيرى)، كما توجد بها نسخة من كتاب إعتاب الكتاب وهى تحمل (رقم 1731 الغزيرى)

ص: 456

وله مقامات بديعة فى أغراض شتى. وكان كثير الوفود على غرناطة والتردد على بلاطها. وقد عاش الرندى فى عصر الفتنة الكبرى التى اضطرمت بها الأندلس فى أواسط القرن السابع الهجرى، والتى تمخضت عن قيام مملكة غرناطة وسقوط معظم القواعد الاندلسية الكبرى فى يد النصارى، وقال فى المحنة مرثيته الشهيرة التى أتينا على ذكرها فى موضعها، والتى خلدت ذكره إلى يومنا. وقد وهم المقرى فاعتقد أنه قد عاش فى أواخر القرن التاسع الهجرى، أو عصر سقوط الأندلس النهائى (1). ومن شعره فى الغزل والتصوف:

سلم على الحى بذات العرار

وحى من أجل الحبيب الديار

وخل من لام على حبهم

فما على العشاق فى الذل عار

ولا تقصر فى اغتنام المنى

فما ليالى الأنس إلا قصار

وإنما العيش لمن رامه

نفس تدارى وكؤوس تدار

وروحه الراح وريحانه

فى طيبه بالوصل أو بالعقار (2)

لا صبر للشىء على ضده

والخمر والهم كماء ونار

وكان الرندى من خاصة المقربين إلى الساطان محمد بن الأحمر، وكان يطرب لشعره، ومن أشهر قصائده فى مدح السلطان قصيدته التى مطلعها:

سرى والحب أمر لا يرام

وقد أغرى به الشئون والغرام

وكتب الرندى برسم السلطان كتاباً فى التاريخ سماه "روض الأنس ونزهة النفس". ونثره لا يقل روعة عن شعره (3).

وظهر فى تلك الفترة أيضاً جماعة من أقطاب اللغة، مثل على بن محمد بن خروف الإشبيلى المتوفى سنة 609 هـ (1212 م)، وقد طاف بقواعد الأندلس والمغرب، وذاع صيته، ووضع شرحاً لكتاب سيبويه (4)؛ وعمر بن محمد الأزدى الإشبيلى

(1) راجع أزهار الرياض ج 1 ص 47، ونفح الطيب ج 2 ص 595.

(2)

تراجع القصيدة بأكملها فى نفح الطيب ج 2 ص 595 و 596.

(3)

نقلنا ملخص ترجمة صالح بن شريف عن مخطوط "الإحاطة فى تاريخ غرناطة" المحفوظ بالإسكوريال. واطلعنا فى المغرب على نسخة مخطوطة من تاريخه المذكور، وهو مجلد كبير فى تاريخ الإسلام والخلفاء الراشدين والدولتين الأموية والعباسية.

(4)

راجع ترجمته فى صلة الصلة ص 122

ص: 457

المعروف بالشلوبين، وكان إماماً فى العربية، وبرع فى النحو والفقه، وتوفى سنة 645 هـ (1247 م)(1).

وظهر جماعة فى الفقه وعلوم الدين، مثل على ابن أحمد بن محمد الغسانى، من أهل وادى آش، وقد ألف فى شرح "الموطأ" كتاباً ضخماً سماه "نهج السالك للتفقه فى مذهب مالك"، ووضع شرحاً لكتاب مسلم، وتوفى سنة 609 هـ (1212)(2)؛ وعمر بن عبد المجيد بن عمر الأزدى الرندى المحدث، المتوفى سنة 616 هـ (1218 م)(3)، وقرينه ومواطنه المحدث المؤرخ عيسى بن سليمان الرعينى الرندى، المتوفى سنة 632 هـ (1234 م)(4).

ونبغ فى تلك الفترة بالذات، أعظم متصوفة الأندلس الشيخ محيى الدين أبو بكر الطائى المعروف بابن عربى، وقد ولد بمرسية سنة 560 هـ ونزح إلى المشرق فى شبابه، وحج وطاف بمعظم قواعده، وبقى به حتى توفى سنة 638 هـ (1240 م)، وله ثبت حافل من المصنفات الجليلة، منها كتاب فصوص الحكم، والفتوحات المكية، والتدبيرات الإلهية، وعشرات غيرها، ذكرها صاحب فوات الوفيات، وله شعر جيد (5).

ونستطيع أن نذكر من المؤرخين فى تلك الفترة، إلى جانب ابن الأبار القضاعى، الذى سبقت ترجمته، على بن موسى بن سعيد الأندلسى، المعروف بابن سعيد المغربى، وهو أديب ورحالة وسليل أسرة من الأدباء والمؤرخين، تعاقب منها قبله خمسة فى مدى قرن، على تصنيف مؤلف ضخم فى فضائل مدن الأندلس والمغرب والمشرق، يضم كتابين كبيرين هما: كتاب "المشرق فى حلى المشرق""والمغرب فى حلى المغرب" وأتمه على بن موسى آخر من نبغ من هذه الأسرة. وقد ولد فى غرناطة سنة 610 هـ وتوفى بدمشق سنة 673 هـ (1274 م)، وطاف بقواعد الأندلس والمغرب والمشرق، ومؤلفه الكبير أثر أدبى وتاريخى وجغرافى

(1) راجع ترجمته فى صلة الصلة ص 71.

(2)

راجع ترجمته فى صلة الصلة ص 121.

(3)

راجع ترجمته فى صلة الصلة ص 71.

(4)

راجع ترجمته فى صلة الصلة ص 51.

(5)

راجع فى ترجمة ابن عربى، فوات الوفيات ص 241 - 243

ص: 458