الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
نشأة مملكة غرناطة وقيام الدولة النصرية
غرناطة منذ عهد الفتنة حتى عهد الموحدين. اضمحلال دولة الموحدين بالأندلس والمغرب. النزاع حول عرش الخلافة الموحدية. قيام العادل ثم المأمون. ظهور ابن هود وثورته على الموحدين. استيلاؤه على مرسية. دعوته للخلافة العباسية. انهيار الدولة الموحدية. الحرب بين ابن هود وبين النصارى. هزيمة ابن هود. زحف النصارى على قرطبة. استغاثتها بابن هود. ابن هود يؤثر السير إلى بلنسية. حصار قرطبة وسقوطها في يد النصارى. وفاة ابن هود. غزو ملك أراجون لبلنسية واستيلاؤه عليها. استيلاء القشتاليين على مرسية. أحوال جنوبى الأندلس. ظهور محمد بن الأحمر. طاعة القواعد الجنوبية له. دعوته لصاحب إفريقية. تحالفه مع الباجى وغدره به. دخول جيان ومالقة وشريش في طاعته. الثورة في غرناطة. دعوتها لابن الأحمر واستيلاؤه عليها. استيلاؤه على ألمرية. بنو أشقيلولة أصهار ابن الأحمر. قيام مملكة غرناطة. افتراق كلمة الأندلس. خضوع القواعد الشرقية للنصارى. غزو ابن الأحمر لمرتش. غزو فرناندو الثالث لأراضى ابن الأحمر وحصاره لغرناطة. خضوع ابن الأحمر لفرناندو وتعهده بأداء الجزية. سقوط القواعد الغربية في يد النصارى. تأهب فرناندو لافتتاح إشبيلية. استيلاؤه على قرمونة. حصار إشبيلية. معاونة ابن الأحمر للنصارى. قصيدة ابن سهل في استصراخ أهل العدوة. سقوط إشبيلية في يد النصارى. سقوط باقى القواعد الغربية. ابن الأحمر ودقة موقفه. اتجاهه إلى عون بني مرين. الحرب بينه وبين النصارى. سقوط إستجة. هزيمة ابن الأحمر. صدى صريخ الأندلس في المغرب. نزول ابن الأحمر عن شريش والقلعة وغيرهما. صدى سقوط القواعد الأندلسية. مرثية أبي الطيب الرندى. ثورة بني أشقيلولة بمالقة. غزو النصارى للجزيرة الخضراء. صفات ابن الأحمر وخلاله. كيف يصورها النقد الحديث. وفاة ابن الأحمر.
لبثت غرناطة في ظل الدولة الأموية، قاعدة متواضعة من قواعد الأندلس الجنوبية، وهي تحتل مكان إلبيرة شيئاً فشيئاً، حتى كانت أيام الفتنة عقب انهيار الدولة الأموية في أواخر القرن الرابع، فأخذت القواعد الجنوبية تغدو، بعد تخريب قرطبة، ونأى القواعد والثغور الشرقية والشمالية، مركز التجاذب والتنافس بين زعماء الفتنة. ووقعت غرناطة يومئذ في نصيب البربر، واستولى عليها زعيم صنهاجة زاوى بن زيرى واتخذها دار ملكه، وقامت في قرطبة دولة بني حمود الإدريسية. واستمرت الحرب والفتنة مدى حين، سجالا بين المتغلبين من فلول بني أمية وبنى عامر، وفتيانهم ومواليهم، وبين زعماء البربر. ولما ظهر المرتضى، وهو من عقب
بني أمية، ودعا لنفسه بالخلافة، سار في عصبة الأمويين والموالى إلى غرناطة، لانتزاعها واتخاذها دار ملكه، فرده عنها صاحبها زاوى الصنهاجى في موقعة دموية (408 هـ). واستقر زاوى في حكم غرناطة وأعمالها بضعة أعوام، ثم غادرها إلى دار قومه في تونس، واستخلف عليها ابن أخيه حبوس بن ماكسن، فحكمها حتى توفى في سنة 429 هـ. وخلفه في ولايتها ولده باديس وتلقب بالمظفر، واستولى على مالقة من يد الأدارسة (بني حمُّود)، واتسع ملكه، ولبث طول حكمه الذي استطال حتى سنة 467 هـ، في قتال مستمر مع بني عباد أمراء إشبيلية، أعظم وأقوى ملوك الطوائف يومئذ. ولما توفى باديس المظفر، خلفه في حكم غرناطة وأعمالها، حفيده عبد الله بن بُلُكِّين بن باديس، واستمر في حكمها إلى أن عبر المرابطون البحر إلى الأندلس في سنة 483 هـ، بقيادة عاهلهم يوسف بن تاشفين، واستولوا عندئذ على غرناطة، كما استولوا على قواعد الأندلس الأخرى، وانتهت بذلك دول الطوائف، التي قامت على أنقاض الخلافة الأموية، وعاشت زهاء ستين عاماً.
واستمر المرابطون في حكم الأندلس وقواعدها، زهاء ستين عاماً أخرى؛ وتعاقب في حكم غرناطة عدة من أمراء اللمتونيين (1) وسادتهم، من قرابة يوسف بن تاشفين. فلما انهارت دولتهم في المغرب، جاز الموحدون المتغلبون على دولتهم إلى الأندلس في سنة 541 هـ (1147 م)، وأخذوا يستولون تباعاً على القواعد والثغور، واستولوا أولا على قواعد المغرب، شلب وميرتلة وباجة، ثم استولوا على إشبيلية في أواخر سنة 541 هـ، فقرطبة في سنة 543 هـ، واعتصم المرابطون بغرناطة بضعة أعوام أخرى، ثم اضطروا أخيراً إلى تسليمها إلى الموحدين وذلك في سنة 551 هـ (1156 م).
ولبثت غرناطة كباقى القواعد الأندلسية في أيدى الموحدين، يتناوب حكمها الأمراء والسادة من بني عبد المؤمن وقرابته، حتى كانت ثورة أبي عبد الله محمد ابن يوسف بن هود سليل بني هود أمراء سرقسطة السابقين، على الموحدين، وانتزاعه معظم قواعد الأندلس من أيديهم.
وذلك أنه لما توفى أبو يعقوب يوسف المستنصر بالله خليفة الموحدين، في سنة 620 هـ دون عقب، أقام الموحدون مكانه السيد أبا محمد عبد الواحد
(1) لمتونة هو اسم القبيلة التي ينتمى إليها المرابطون، ولذا يسمون أحياناً باللمتونيين.