الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
541 - بَابُ التَّيَمُّمِ رَيْثَمَا يَصِلُ المَاءُ
3174 -
حَدِيثُ ابنِ عَبَّاسٍ
◼ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ فَيُهَرِيقُ المَاءَ فَيَتَمَسَّحُ بِالتُّرَابِ (فَتَيَمَّمَ)، فَأَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِنَّ المَاءَ مِنْكَ (مِنَّا) قَرِيبٌ. فَيَقُولُ:((وَمَا يُدْرِينِي، لَعَلِّي لَا أَبْلُغُهُ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ، قال أبو حاتم:"لا يصحُّ هَذا الحديثُ، ولا يصحُّ في هَذا البابِ حديثٌ" -ووافقه ابنُ دَقيقِ العيدِ، وابنُ عبدِ الهادِي-.
وضَعَّفَهُ: صدرُ الدينِ المُناويُّ، والعراقيُّ، والهيثميُّ، وابنُ حَجرٍ، والبوصيريُّ.
[التخريج]:
[حم 2614 (واللفظ له)، 2764 (والروايتان له) / بز (المغني عن حمل الأسفار 4354) / طب (12/ 238/ 12987) / حق (نصب 1/ 160)، (حبير 1/ 273) / زمب 292/ حث 100/ سعد (1/ 330) / حكيم 1246/ قصر 7/ هقخ 861/ بغ 4031/ طاهر (تصوف 674)].
[السند]:
رواه ابنُ المباركِ في (الزهد) -ومن طريقه أحمدُ في (المسند 2614) وغيره - قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، عن حنش، عن
ابن عباس، به.
ورواه أحمدُ في (المسند 2764) عن موسى بن داود.
وإسحاقُ بنُ راهويه في (مسنده) -كما في (نصب الراية)، و (التلخيص الحبير) - عن زيد بن أبي الزرقاء.
وابنُ أبي الدنيا في (قصر الأمل) من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري.
والحارثُ بنُ أبي أسامةَ في (المسند) عن أشهل بن حاتم.
أربعتُهم: عن ابن لهيعة به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه ابنُ لهيعةَ، والعملُ على تضعيفِ حديثِهِ كما تقدَّمَ مِرارًا.
ولهذا ضَعَّفَ حديثَه هذا جماعةٌ من أهلِ العلمِ:
فقال أبو حاتم: "لا يصحُّ هذا الحديثُ، ولا يصحُّ في هذا البابِ حديثٌ"(العلل لابنه 1/ 542)، ووافقه ابنُ دَقيقِ العيدِ في (الإمام 3/ 167 - 168)، وابنُ عبدِ الهادِي في (تعليقه على العلل صـ 7).
وقال صدرُ الدينِ المُناويُّ: "لم أَرَ حديثَ ابنِ عباسٍ هذا في شيءٍ من الكتبِ الستةِ، ورواه المصنِّفُ في (شرح السنة) بسندٍ فيه ابنُ لهيعةَ، وقد تقدَّم ذِكره"(كشف المناهج والتناقيح 4/ 404).
وكذلك ضَعَّفَهُ العراقيُّ في (المغني عن حمل الأسفار 4354)، وابنُ حَجرٍ في (المطالب 2/ 436)، والبوصيريُّ في (إتحاف الخيرة المهرة 1/ 400).
وقال الهيثميُّ: "رواه أحمد والطبراني في (الكبير)، وفيه ابنُ لهيعةَ، وهو
ضعيفٌ" (المجمع 1/ 263).
أما الألبانيُّ فذكره في (الضعيفة 1635)، وضَعَّفه جدًّا؛ وذلك لأنه ترجم لحنش على أنه الرحبي المتروك، وليس كذلك؛ فالصواب أنه حنش بن عبد الله السبائي الثقة، فهو الذي يروي عن ابن عباس، ويروي عنه ابن هبيرة، أما الرحبي فطبقته متأخرة عن هذا.
وقد تنبه الألبانيُّ لذلك في (الصحيحة 2629) ولكنه صَحَّحَ الحديثَ بروايةِ ابنِ المباركِ عن ابنِ لهيعةَ، فلم يصبْ؛ وذلك لضعفِ ابنِ لهيعةَ في نفسِهِ، أما روايةُ ابنِ المباركِ عنه فهي مما يُستأنس به؛ ولذا ضَعَّفَ الحديثَ أبو حاتم وغيرُهُ كما تقدَّم.
قلنا: وفي هذا الطريق علة أخرى:
وهي ما رواه أحمدُ في (المسند 2764) عن يحيى بن إسحاق السيلحيني، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن الأعرج، عن حنش به. فزاد يحيى بين ابن هبيرة وحنش:"الأعرج".
ورواه الطبرانيُّ في (المعجم الكبير 12/ 238/ 12987)، والبيهقيُّ في (الخلافيات 861) من طريق يحيى السيلحيني به.
والأعرجُ هذا لم نعرفْه، قد ذكره المزيُّ في (تهذيب الكمال) فيمن روى عن حنش وسمَّاه يحيى.
فهذا الطريقُ يُعِلُّ الطريقَ الأولَ، فيحيى بن إسحاق السيلحينى كان ثقةً حافظًا كما قال الإمامُ أحمدُ وابنُ سعدٍ وغيرُهما، كما في (تهذيب الكمال 31/ 197).
وعليه: فالحديثُ ضعيفٌ؛ لجهالةِ الأعرجِ هذا، وضَعْفِ ابنِ لهيعةَ في نفسِهِ،
أَضف إلى ذلك تدليسه حيث عنعن، وكان تدليسه عن جماعة ضعفاء.
قال ابنُ حِبَّانَ: "قد سَبَرْتُ أخبارَ ابنِ لهيعةَ من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه، فرأيتُ التخليطَ في روايةِ المتأخرين عنه موجودًا. وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيرًا، فرجعتُ إلى الاعتبار فرأيتُه كان يدلسُ عن أقوامٍ ضَعْفَى عن أقوامٍ رآهم ابن لهيعة ثقات، فالتزَقْت تلك الموضوعات به .... وأما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيها مناكير كثيرة، وذاك أنه كان لا يُبالي، ما دُفع إليه قَرَأَهُ، سواءٌ كان ذلك من حديثه أو غير حديثه. فوجبَ التنكب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه لما فيها من الأخبار المدلسة عن الضعفاء والمتروكين، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه لما فيه مما ليس من حديثه"(المجروحين 1/ 505 - 506).
وذكر الحافظُ ابنَ لهيعةَ في الطبقة الخامسة من (طبقات المدلسين)، فقال:"اختلطَ في آخر عمره وكثر عنه المناكير في روايته، وقال ابنُ حِبَّانَ كان صالحًا، ولكنه كان يدلسُ عن الضعفاء"(طبقات المدلسين صـ 54).
وأصحابُ الطبقةِ الخامسةِ هذه، كما قال الحافظُ في المقدمة من كتابه المذكور:"مَن ضُعِّفَ بأمرٍ آخر سوى التدليس فحديثهم مردودٌ ولو صرَّحوا بالسماعِ إلا أن يوثق مَن كان ضعفه يسيرًا كابنِ لهيعةَ"(المقدمة صـ 14).