الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
542 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي إِعَادَةِ المُتَيَمِّمِ الصَّلَاةَ إِذَا وَجَدَ المَاءَ فِي الوَقْتِ
3175 -
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ
◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ رجلَانِ فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ، فَتَيَمَّمَا صَعِيدًا طَيِّبًا فَصَلَّيَا، ثُمَّ وَجَدَا المَاءَ فِي الوَقْتِ، فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ وَالوُضُوءَ، وَلَمْ يُعِدِ الآخَرُ، ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَا ذَلِكَ، فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ:((أَصَبْتَ السُّنَّةَ، وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ))، وَقَالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ:((لَكَ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ)).
[الحكم]:
مختلف فيه:
فصَحَّحَهُ: الحاكمُ، وابنُ السَّكنِ، وابنُ القطانِ، وابنُ دَقيقِ العيدِ، وابنُ الملقنِ، وابنُ حَجرٍ -ووافقه الصنعانيُّ-، وبدرُ الدينِي العينيُّ، والألبانيُّ.
وأعلَّه بالإرسالِ: موسى بن هارون، وأبو داود -وأقرَّه عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ، وعبدُ الغنيِّ المقدسيُّ، وابنُ قُدامةَ المقدسيُّ، والضياءُ المقدسيُّ، والنوويُّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والزركشيُّ، وابنُ رجبٍ الحنبليُّ-، والطبرانيُّ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، ومحيي السنةِ البغويُّ.
والراجحُ الإرسالُ.
[الفوائد]:
قال ابنُ المنذرِ: "وأجمعوا على أن من تَيَمَّمَ وصلَّى، ثم وجدَ الماءَ بعد خروجِ الوقتِ- أن لا إعادةَ عليه".
وقال: "وأجمعوا على أن من تَيَمَّمَ كما أُمِرَ، ثم وجدَ الماءَ قبل دخوله في الصلاة- أن طهارته تنتقضُ، وعليه أن يعيدَ الطهارةَ ويُصلي"(الإجماع صـ 36).
[التخريج]:
[د 338 (واللفظ له) / مي 762/ ك 644/ طس 1842، 7922/ هق 1109/ قط 727/ فق 527/ سكن (وهم 2/ 434)، (إتحاف 5/ 314)].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية.
رِوَايَةُ سَهْمِ جَمْعٍ
• وَفِي رِوَايَةٍ: وَقَالَ لِلآخَرِ: ((أَمَّا أَنْتَ فَلَكَ مِثْلُ سَهْمِ جَمْعٍ)).
[الحكم]:
معلٌّ بالإرسالِ.
[اللغة]:
((سَهْم جَمَع))؛ أي: سهمٌ من الخيرِ جُمع فيه حَظَّان (أي: أجر الصلاتين)(النهاية في غريب الحديث 1/ 296).
[التخريج]:
[ن 433].
[التحقيق]:
اختُلِفَ في وصلِ هذا الحديثِ وإرسالِهِ:
فرواه أبو داود في (السنن 338) -ومن طريقه الخطيبُ في (الفقيه والمتفقه 527) -. والدارميُّ في (مسنده 771). ورواه الطبرانيُّ في (الأوسط 1842) عن أحمد بن منصور المدائني. ثلاثتهم: عن محمد بن إسحاق المسيبي.
ورواه النسائيُّ في (المجتبى 438) عن مسلم بن عمرو بن مسلم.
والطبرانيُّ في (الأوسط 7922) من طريق يحيى بن المغيرة.
والدارقطنيُّ في (السنن 727) من طريق عبد الله بن حمزة.
والحاكمُ في (المستدرك 644) -وعنه البيهقيُّ في (السنن الكبير 1109) - من طريق عمير بن مرداس.
أربعتُهم (مسلم، ويحيى، وعبد الله، وعمير): عن عبد الله بن نافع، عن الليث بن سعد، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، به.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، عدا عبد الله بن نافع الصائغ، فمختلفٌ فيه:
فوثَّقَهُ جماعةٌ؛ ابنُ مَعينٍ، وأبو زرعةَ -في رواية-، والنسائيُّ، والعجليُّ، وابنُ حِبَّانَ.
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "مستقيم الحديث"، وأثنى عليه الشافعيُّ، وغيره. وروى له مسلم، انظر (تهذيب التهذيب 6/ 52).
ولكن قال أحمد: "لم يكن صاحب حديث، كان صاحب رأي مالك، ولم يكن في الحديث بذاك" كما في (الجرح والتعديل 5/ 184).
وقال أيضًا: "لم يكن صاحب حديث، كان ضيقًا فيه"(الكامل لابنِ عَدِيٍّ 7/ 49).
وقال في (سؤالات أبي داود 211): "لم يكن يُحسنُ الحديثَ".
وقال البخاريُّ: "في حفظه شيء"(التاريخ الأوسط 2718)، وقال أيضًا:"يعرف حفظه وينكر، وكتابُه أصح"(التاريخ الكبير 5/ 213).
وقال أبو حاتم: "ليس بالحافظ، هو لَيِّنٌ، تعرفُ حفظه وتنكرُ، وكتابه أصحُّ"(الجرح والتعديل 5/ 184).
وقال أبو زرعةَ -في رواية-: "منكرُ الحديثِ"(سؤالات البرذعي 117).
وقال ابنُ حِبَّانَ: "كان صحيحَ الكتابِ، وإذا حَدَّثَ من حفظه ربما أخطأ"
(الثقات 8/ 348).
وقال الدارقطنيُّ: "ضعيفُ الحديثِ"(تعليقات الدارقطني على المجروحين صـ 276).
وقال أبو أحمدَ الحاكمُ: "ليس بالحافظ عندهم" كما في (تهذيب التهذيب 6/ 52).
وقال الخليليُّ: "الحفَّاظُ لم يَرْضَوْا حفظه، وهو ثقةٌ"(الإرشاد 1/ 227).
وقال في موضعٍ آخرَ: "ثقةٌ أثنى عليه الشافعيُّ وروى عنه حديثين أو ثلاثًا، قال البخاريُّ: كان ثقةً في الروايةِ، عارفًا بالفقه، لم يكن بذاك الحافظ"(الإرشاد 1/ 316).
وقال المنذريُّ: "روى له مسلمٌ وغيرُهُ، وفيه كلامٌ"(الترغيب والترهيب 3/ 62).
وقال الذهبيُّ: " ثقةٌ، لَيَّنه بعضُهم"(ديوان الضعفاء 2330).
ولخَّص حالَهُ الحافظُ فقال: "ثقةٌ، صحيحُ الكتابِ، في حفظه لين"(التقريب 3659).
قلنا: وهذا الحديثُ لم يضبطْهُ ابنُ نافعٍ جيدًا، حيثُ انفردَ بوصله، وخالفه غيره ممن هو أوثقُ منه وأثبتُ، فرواه عن الليثِ بإدخالِ واسطةٍ بينه وبين بكر بن سوادة، وأرسله.
فروى النسائيُّ في (المجتبى 439) عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك عن الليث بن سعد قال: حدثني عميرة وغيره، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار أن رجلين
…
وساقَ الحديثَ.
فأدخلَ ابنُ المباركِ واسطةً بين الليثِ وبكرٍ، وأرسلَ الحديثَ.
وتابع ابنَ المباركِ على هذا الوجه يحيى بنُ بُكيرٍ، كما عند الحاكم في (المستدرك 645) -وعنه البيهقيُّ في (السنن الكبير 1110) -، ولكن جعله عن عميرة وحده ولم يذكر معه غيره.
وتابعهما على الإرسالِ وكيعُ بنُ الجراحِ كما عند ابن أبي شيبة في (المصنف 8116) فقال: عن ليث بن سعد، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار؛ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَصَابَتْهُمَا جَنَابَةٌ فَتَيَمَّمَا فَصَلَّيَا
…
فذكره مرسلًا.
فأرسلَه وكيعٌ ولم يذكر عميرة بن أبي ناجية.
وتابع وكيعًا، ابنُ المباركِ في رواية عبد الرزاق عنه، كما عند الدارقطني في (السنن 728).
فاتَّفَقَ ثلاثتُهم (يحيى بن بكير، وابن المبارك، ووكيع) على الإرسالِ، وزاد عليهم ابن السكن:"عبد الله بن يزيد المقرئ"، انظر (سنن أبي داود 2/ 280 حاشية رقم 3).
بينما اختلفوا في ذكر الواسطة بين الليث وبكر بن سوادة، والراجحُ ذكرها، وذلك أن مَن ذَكرها وهو يحيى بن بكير من أثبت الناس في الليث، كما قال ابنُ عَدِيٍّ وغيره. كما في (تهذيب التهذيب 11/ 237)،
وتابعه ابن المبارك من رواية سويد بن نصر عنه، وصرَّحَ فيها بالتحديثِ بين الليثِ وعميرةَ.
فهؤلاء أربعة من أصحابِ الليثِ الأثبات خالفوا عبد الله بن نافع في وصلِ الحديثِ- فأرسلوه وأظهروا علته.
قلنا: وقد توبع الليث على إرساله، تابعه عبد الله بن لهيعة، ولكنه أدخل واسطة بين بكر بن سوادة وعطاء بن يسار.
فرواه أبو داود في (السنن 339) -ومن طريقه البيهقيُّ في (السنن الكبير 1111) - عن القعنبي عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد عن عطاء بن يسار به مرسلًا.
ورواه ابنُ وهبٍ في (المدونة 1458) قال: أخبرني ابنُ لهيعةَ بنحوه، ولكن قال:"عن رجل" بدل: "أبي عبد الله مولى إسماعيل".
قلنا: فظهرَ بحديثِ الليثِ وابنِ لهيعةَ أن الصوابَ في الحديثِ الإرسالُ.
وبهذا أعلَّه الحفاظ:
قال موسى بنُ هارون -فيما حكاه محمد بن عبد الملك بن أيمن عنه-: "رَفْعُه وهمٌ من ابنِ نافعٍ"(التلخيص الحبير 1/ 273).
وقال أبو داود: "غير ابن نافع يرويه عن الليث، عن عميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وذِكْر أبي سعيدٍ الخدريِّ في هذا الحديثِ ليس بمحفوظٍ، هو مرسلٌ"(السنن 2/ 280).
وأقرَّ أبا داود على إعلاله: عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 1/ 224)، وعبدُ الغنيِّ المقدسيُّ في (عمدة الأحكام الكبرى 1/ 52)، وابنُ قُدامةَ المقدسيُّ في (الكافي في فقه الإمام أحمد 1/ 126)، والضياءُ المقدسيُّ في (السنن والأحكام 1/ 201)، والنووي في (المجموع شرح المهذب 2/ 306)، و (خلاصة الأحكام 1/ 220)، وابنُ عبدِ الهادِي في (المحرر في الحديث صـ 145)، والزركشيُّ في (شرحه على مختصر الخرقي 1/ 335)، وابنُ رجبٍ الحنبليُّ في (فتح الباري 2/ 231).
وقال الطبرانيُّ: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن الليث متصل الإسناد إلا عبد الله، تفرَّدَ به: المسيبي"(المعجم الأوسط 2/ 235).
قلنا: لم يتفرد به المسيبي، كما تقدَّم.
وقال -أيضًا-: "لم يَرْوِ هذا الحديث مجوَّدًا عن الليثِ بنِ سعدٍ إلا عبد الله بن نافع"(الأوسط 8/ 48).
وقال الدارقطنيُّ: "تفرَّد به: عبد الله بن نافع، عن الليث، بهذا الإسناد متصلًا وخالفه ابنُ المباركِ وغيرُهُ"(السنن 1/ 348).
وقال البيهقيُّ: "ورواه غير عبد الله بن نافع، عن الليث، عن عميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا"(السنن الكبرى 2/ 202).
وقال محيي السنة أبو محمد البغويُّ: "والصحيحُ أن الحديثَ مرسلٌ عن عطاءٍ، ليس فيه ذكر أبي سعيد"(مصابيح السنة 1/ 241).
وقال عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ: "أرسله غيره عن عطاء، قال أبو داود: أبو سعيد ليس بمحفوظ في هذا الحديث"(الأحكام الكبرى 1/ 544).
قلنا: فتبينَ مما تقدم إعلال طريق عبد الله بن نافع بثلاثة أمور:
الأول: تفرده بوصله.
الثاني: الانقطاع بين الليث وبكر بن سوادة.
الثالث: الإرسال.
قال ابنُ القطانِ: "ففي هذا من كلام أبي داود بيان أمرين:
أحدهما: أن ذكر أبي سعيد وهم، فهو إذن مرسل من مراسيل عطاء.
والآخر: أن بين الليث وبين بكر بن سوادة، عميرة بن أبي ناجية" (بيان الوهم والإيهام 2/ 433).
قلنا: ومع هذا صَحَّحَ الحاكمُ روايةَ عبد الله بن نافع الموصولة، فقال:"هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ؛ فإن عبد الله بن نافع ثقة، وقد وصلَ هذا الإسنادَ عن الليثِ، وقد أرسلَه غيرُهُ".
وفي قوله هذا نظر؛ فإن البخاريَّ إنما أخرجَ لبكرِ بنِ سوادةَ تعليقًا، وأما عبد الله بن نافع بن أبى نافع الصائغ فلم يخرجْ له البخاريُّ أصلًا، بل قال عنه: في حفظه شيء.
ولذا قال ابنُ دَقيقِ العيدِ: "لعلَّ الباحثَ الفطنَ يقولُ: إن الحاكمَ صَحَّحَ الحديثَ لاعتماده على وصلِ عبد الله بن نافع لحكمه بكونه ثقة، ولم يلتفتْ لإرسالِ غيرِهِ"(الإمام 3/ 170).
وقال ابنُ عبدِ الهادِي -معلقًا على تصحيحِ الحاكمِ-: "وفي قولِهِ تساهلٌ"(المحرر في الحديث 131).
وقال مغلطاي -معلقًا على تصحيحِ الحاكمِ-: "وفيه نظر لما ذكره أبو داود من أنَّ ذِكر أبي سعيدٍ في هذا الحديثِ وهمٌ، وليسَ بمحفوظٍ، وهو مرسلٌ"(شرح ابن ماجه 2/ 344).
وقال الألبانيُّ: "هذا إسنادٌ رجالُهُ كلُّهم ثقاتٌ رجالُ مسلمٍ؛ غير أن عبد الله بن نافع -وهو ابن أبي نافع الصائغ- في حفظه ضَعْفٌ"(صحيح أبي داود 2/ 165).
ثم قال: "وقد دَلَّ على سُوءِ حفظه إسناده لهذا الحديث؛ فقد خالفه مَن هو أحفظُ منه"(صحيح أبي داود 2/ 166).
قلنا: ولكن روى الحديثَ ابنُ السَّكنِ في (سننه الصحاح) كما في (بيان الوهم والإيهام 2/ 433)، و (إتحاف المهرة 5/ 314)، فقال: حدثنا أبو بكر بن أحمد الواسطي، قال: حدثنا عباس بن محمد، قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: نبأني الليث بن سعد عن عمرو بن الحارث، وعميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
…
فذكر الحَدِيث.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، ومتابعة قوية لعبد الله بن نافع الصائغ على وصلِ الحديثِ، غير أن هذه الرواية فيها نظر لأمور:
الأمر الأول: أن ابنَ السَّكنِ نفسه قال: "رواه ابن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ، عن الليث، عن بكر عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وأسنده أبو الوليد، عن الليث عن عمرو بن الحارث، وعميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري. تفرَّد بذلك أبو الوليد الطيالسي، ولم يُسْنِد عميرة بن أبي ناجية الإسكندراني غير هذا الحديث"(حاشية سنن أبي داود 2/ 280 رقم 3)، و (نخب الأفكار للعيني 2/ 441).
قلنا: فهذا فيه إشارةٌ لإعلالها، وذلك أن تَفَرُّدَ أبي الوليد بوصلها -وبالأخص من طريق عميرة وقد تقدَّم أن روايتَه مرسلةٌ- مما يجعل في القلب ريبة من أمرها.
ولذا قال الحافظُ: "إلا أن يقالَ: إن روايةَ عميرةَ مرسلةٌ، ورواية عمرو بن الحارث متصلة، فحمل أبو الوليد إحدى الروايتين على الأخرى، فيتجه"(إتحاف المهرة 5/ 314).
الأمر الثاني: أن طريق أبي الوليد هذا إن كان صحيحًا بإثبات عمرو بن الحارث بين الليث وبكر، فقد خالفه غيره في ذلك، كما تقدم عن يحيى بن بكير وعبد الله بن المبارك، وزاد عليهم ابن السكن عبد الله بن يزيد المقرئ، وروايتهم باجتماعهم أرجح من رواية الفرد، فتكون رواية أبي الوليد شاذة.
قلنا: وفي رواية ابن المبارك عند النسائي في (السنن 439) قال: عن الليث حدثني عميرة بن أبي ناجية وغيره عن بكر بن سوادة عن عطاء به مرسلًا.
فقال في السند: "عن عميرة وغيره" وغيره المذكور قد يكون عمرو بن الحارث، فتكون رواية أبي الوليد موافقة لها، ويكون الوصل وهمًا ممن دون أبي الوليد أو من ابن السكن نفسه، فقد قال الذهبيُّ:"كان ابنُ حزمٍ يثني على (صحيحه) المنتقى، وفيه غرائب"(السير 16/ 118).
الأمر الثالث: من المستبعد جدًّا أن يكون إسنادُها محفوظًا ويغفلُ عنها الأئمةُ الحفَّاظُ مثل أبي داود، وموسى بن هارون، والطبراني، والدارقطني.
فالذي يترجحُ أن الروايةَ المرسلةَ بدون ذكر (أبي سعيد) هي المحفوظةُ، وأن روايةَ ابنِ السكنِ شَاذَّةٌ، والوهمُ فيها قد يكون من أبي الوليد أو ممن هو دُونه، والله أعلم.
ومع هذا فقد صَحَّحَ الحديثَ بطريق ابن السكن هذا جماعةٌ من أهلِ العلمِ:
قال ابنُ القطانِ -بعد ذِكرِ طريقِ ابنِ السَّكنِ-: "فهذا اتِّصَالٌ ما بين الليث وبكر، بعمرو بن الحارث، وهو ثقةٌ، قَرَنَهُ بعميرةَ، ووصله بذكر أبي سعيد"(بيان الوهم 2/ 433)، ووافقه الزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 160)، ومغلطاي
في (شرح ابن ماجه 2/ 345).
وقال ابنُ دَقيقِ العيدِ: "ولتصحيحه طريق مذكور في (الإمام) "(الإلمام 139).
وقال ابنُ الملقنِ -بعد ذكر كلام ابن القطانِ المتقدم-: "ولم يذكر النوويُّ رحمه الله في (شرح المهذب) تصحيح وصل هذا الحديث كما نقلناه وقرَّرناه، وإنما نقلَ مقالة أبي داود السالفة أن المحفوظَ إرسالُهُ"(البدر المنير 2/ 663).
وقال الحافظُ: "رواه أبو علي بن السكن في (صحيحه)
…
" فذكرَ سَنَدَهُ، ثم قال: "قال ابنُ القطانِ: وهو إسنادٌ صحيحٌ متصلٌ" (إتحاف المهرة 5/ 314).
وقال أيضًا: "ودعوى تفرد عبد الله بن نافع به غير جيدة؛ لما قدمناه من رواية أبي علي بن السكن، فإنها متصلةٌ"(إتحاف المهرة 5/ 314)، وانظر (التلخيص الحبير 1/ 273)، ووافقه الصنعانيُّ في (التحبير لإيضاح معاني التيسير 7/ 348).
وقال بدرُ الدينِ العينيُّ: "فإن قيلَ: قال أبو داود: ذِكرُ أبي سعيد الخدري في هذا الحديث ليس بمحفوظٍ، هو مرسلٌ. قلتُ: أسنده أبو الوليد الطيالسي، عن الليث، عن عمرو بن الحارث وعميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري"(نخب الأفكار 2/ 440 - 441).
وقال الألبانيُّ: "فقد ثبتَ الحديثُ مُسندًا ومُرسلًا"(صحيح أبي داود 2/ 167).
قلنا: كذا قالوا، والصوابُ المرسلُ، كما جزمَ به عددٌ منَ الأئمةِ، والله أعلم.
* * *
3176 -
حَدِيثُ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا
◼ عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَجُلَيْنِ أَصَابَتْهُمَا جَنَابَةٌ فَتَيَمَّمَا فَصَلَّيَا، ثُمَّ أَدْرَكَا المَاءَ فِي وَقْتٍ، فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا، وَلَمْ يُعِدِ الآخَرُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((أَمَّا الَّذِي أَعَادَ فَلَهُ أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ صَلَاتُهُ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ لإرسالِهِ.
[التخريج]:
[د 339/ ن 439/ ك 645/ ش 8116 (واللفظ له) / قط 728/ هق 1110، 1111].
[السند]:
رواه النسائيُّ في (المجتبى) عن سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله، عن ليث بن سعد، قال: حدثني عميرة وغيره عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، أن رجلين
…
وساقَ الحديثَ بنحوه مرسلًا.
ورواه الحاكمُ في (المستدرك 645) -وعنه البيهقيُّ في (السنن الكبير 1110) - من طريق يحيى بن بكير عن الليث به.
وقد رُوي على وجهين آخرين:
الأول:
رواه الدارقطنيُّ في (السنن 728) من طريق عبد الرزاق عن ابن المبارك عن الليث عن بكر بن سوادة عن عطاء مرسلًا.
أَسْقَطَ منه عبدُ الرزاقِ عميرةَ بنَ أبي ناجية.
وتابع ابن المبارك على هذا الوجه وكيع بن الجراح، كما عند ابن أبي شيبة في (المصنف 8116).
الوجه الثاني:
رواه أبو داود في (السنن 339) -ومن طريقه البيهقيُّ في (السنن 1111) - عن القعنبي عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد عن عطاء مرسلًا.
ورواه سحنون في (المدونة 1/ 145) قال: قال ابن وهب: عن ابن لهيعة بنحوه. وقال فيه "عن رجل" بدل: "أبي عبد الله مولى إسماعيل".
فزادَ ابن لهيعة بين بكر وعطاء رجلًا.
ولكن ابن لهيعة ضعيف، لا يُعبأُ بروايته.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، ولكنه مرسلٌ، عطاء بن يسار تابعيٌّ مشهورٌ.
رِوَايَةُ تَمَّتْ صَلَاتُكَ
• وَفِي رِوَايَةٍ: وَقَالَ لِلْآخَرِ: ((تَمَّتْ صَلَاتُكَ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ.
[التخريج]:
[مدونة (1/ 145)].
[السند]:
قال ابن وهب: وأخبرني ابن لهيعة عن بكر بن سَوَادة الجُذَامي عن رجلٍ حدَّثه عن عطاء بن يسار به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
الأولى: ابنُ لهيعةَ ضعيفٌ.
الثانية: فيه رجلٌ مبهمٌ.
الثالثة: الإرسالُ.
وانظر ما سبق.
3177 -
حَدِيثُ بَكْرِ بنِ سَوَادَةَ مُعْضَلًا
◼ عَنْ بَكْرِ بنِ سَوَادَةَ: أَنَّ رَجُلَيْنِ أَصَابَتْهُمَا جَنَابَةٌ فَتَيَمَّمَا وَصَلَّيَا، ثُمَّ وَجَدَا المَاءَ فِي الوَقْتِ فَاغْتَسَلَا، فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ وَلَمْ يُعِدِ الآخَرُ، فَسَأَلَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي أَعَادَ:((أُوتِيتَ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ))، وَقَالَ لِلآخَرِ:((قَدْ أَجْزَأَ عَنْكَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[عب 898].
[السند]:
قال عبد الرزاق: عن إبراهيم بن محمد، عن يحيى بن أيوب، عن بكر بن سوادة، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: إبراهيم بن محمد، هو ابنُ أبي يحيى الأسلميُّ، وهو متروكٌ كما في (التقريب 241).
الثانية: الإرسال.
3178 -
حَدِيثُ مُعَاذِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيِّ وَغَيْرِهِ
◼ عَنْ مُعَاذِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيِّ وَغَيْرِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلَّذِي أَعَادَ صَلَاتَهُ: ((لَكَ مِثْلُ سَهْمِ جَمْعٍ))، وَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ:((أَجْزَتْ عَنْكَ صَلَاتُكَ وَأَصَبْتَ السُّنَّةَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[مدونة (1/ 145)].
[السند]:
قال ابنُ وهبٍ: وأخبرني الليث بن سعد عن معاذ بن محمد الأنصاري وغيره به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأولى: معاذ بن محمد الأنصاري، ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 9/ 177)، وقال ابنُ المدينيِّ في (العلل) في مسند أُبيٍّ في حديث "أول ما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من النبوة" رواه مالك بن محمد بن معاذ بن محمد بن أبي عن أبيه عن جده، حديثٌ مدنيٌّ، وإسنادُهُ مجهولٌ كلُّه، ولا نعرفُ محمدًا، ولا أَبَاه، ولا جده. كما في (تهذيب التهذيب 10/ 193).
وقال ابنُ حَجرٍ: "مقبول"(التقريب 6739).
الثانية: الإعضال، فمعاذ بن محمد، من طبقة أتباع التابعين، وروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم معضلة.
3179 -
حَدِيثُ الأَوْزَاعِيِّ عن بعض أصحابه مرسلًا
◼ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: ابْتُلِيَ بِذَلِكَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَجَدَا المَاءَ فِي الوَقْتِ فَاغْتَسَلَا، أَوْ قَالَ: فَتَوَضَّأَا، وَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ وَلَمْ يُعِدِ الآخَرُ، فَأَتَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَصَّا عَلَيْهِ القِصَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، لِلَّذِي أَعَادَ:((أُوتِيتَ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ)) وَقَالَ لِلآخَرِ: ((قَدْ أَجْزَأَ عَنْكَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[عب 897].
[السند]:
أخرجه عبد الرزاق في (المصنَّف): عن الأوزاعي به.
[التحقيق]:
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: إبهام شيخ الأوزاعي.
الثانية: الإرسال.
3180 -
حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ
◼ عَنِ ابنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَتَيمَّمَا مِنَ الجَنَابَةِ
…
الحَدِيثَ.
[الحكم]:
منكرٌ، واستغربه الدارقطنيُّ.
[التخريج]:
[فقط (أطراف 3004)].
[السند]:
رواه الدارقطنيُّ من طريق الحارث بن سليمان عن عقبة بن علقمة عن الأوزاعي عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، به.
قال الدارقطنيُّ (عقبه): "تفرَّدَ به: الحارثُ بنُ سليمانَ عن عُقبةَ بنِ علقمةَ عن الأوزاعيِّ".
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ، عدا:
عقبة بن علقمة المعافري، قال فيه الحافظ:"صدوق، لكن كان ابنه محمد يُدْخِلُ عليه ما ليس من حديثه"(التقريب 4645).
والحارث بن سليمان الرملي، ترجم له ابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 76)، وابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 183) برواية عقبة وأبي زرعة الرازي عنه، وقال ابنُ حِبَّانَ:"يُغْرِبُ". وقال ابنُ عَدِيٍّ: "قد روى الحارث بن سليمان عن عقبة أحاديث ليستْ هي بالمحفوظةِ"(الكامل 8/ 312).
قلنا: وقد خُولِفَ فيه؛ فقد أخرجه عبدُ الرزاقِ في (المصنف 897) عن
الأوزاعي، قال: أخبرني بعضُ أصحابنا قال: ابتُلِي بذلك رجُلَانِ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
…
الحديث. وقد تقدم.
3181 -
حَدِيثُ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ
◼ عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، قَالَ:((كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَجْنَبَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَلَمْ يَجِدْ مَاءً، [فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] فَتَيَمَّمَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى المَاءَ فِي وَقْتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ، فَاغْتَسَلَ الرَّجُلُ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَهَا)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2: ((
…
فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ، فَلَمَّا وَجَدَ المَاءَ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْتَسِلَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
منكرٌ بهذا اللفظِ، وأصلُ القصةِ في (الصحيحين)، بدون تحديد وقت وجود الماء، أو ذِكر الأمر بالإعادة.
[التخريج]:
[طب (18/ 135/ 282)(واللفظ له) / محلى (2/ 123 - 124) /
…
].
[التحقيق]:
سبق تخريجه وتحقيقه تحت "باب مشروعية التيمم".
* * *