الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
527 - بَابٌ التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلكَفَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ
3111 -
حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ
◼ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ ابنِ عُمَرَ فِي حَاجَةٍ إِلَى ابنِ عَبَّاسٍ، فَقَضَى ابنُ عُمَرَ حَاجَتَهُ، فَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِ يَوْمَئِذٍ أَنْ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سِكَّةٍ مِنَ السِّكَكِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا كَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَتَوَارَى (يَغِيبَ) 1 فِي السِّكَّةِ: ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الحَائِطِ، وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَمَسَحَ ذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ، وَقَالَ:((إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ عَلَى طُهْرٍ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2: ((ضَرَبَ بِكَفَّيْهِ (بِيَمِينِهِ) 3 فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ مَسْحَةً، ثُمَّ ضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الثَّانِيَةَ فَمَسَحَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عليه السلام إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ عَلَى وُضُوءٍ. أَوْ قَالَ: عَلَى طَهَارَةٍ)).
[الحكم]:
منكرٌ بهذا السياقِ، وأنْكَره: أحمدُ، وابنُ مَعينٍ، وأبو زرعةَ، وأبو حاتمٍ، والبخاريُّ، وأبو داود، والنسائيُّ، وابنُ المنذرِ، والساجيُّ، وابنُ عبدِ البرِّ، وابنُ دَقيقِ العيدِ، وابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ رجبٍ.
وضَعَّفَهُ: ابنُ حِبَّانَ، والعقيليُّ، وابنُ حزمٍ، والخَلَّالُ، والخطابيُّ،
وابنُ الجوزي، والنوويُّ، وابنُ قدامةَ، وابنُ التركماني، وابنُ كَثيرٍ، والذهبيُّ، وابنُ حَجرٍ، والعينيُّ، والسيوطيُّ، وصدرُ الدينِ المُناويُّ، والشوكانيُّ، والعظيم آبادي، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[د 330/ طي 1962 (والرواية له) / بز 6089 (ولم يسق متنه) / طس 7784/ قط 676/ هقغ 230 (والرواية الثانية له ولغيرِهِ) / هق 1008، 1046/ هقع (2/ 8/ 1537، 1538) / عد (6/ 134 - 135) / مجر (2/ 260) / عق (4/ 39) / منذ 537/ حكيم 1248/ طح (1/ 85) / طحق 115/ خط (15/ 172) / كر (58/ 466) / بغ 311/ تحقيق 276/ جصاص (3/ 331) / مصفار (الإمام 3/ 144) (والرواية الثالثة له)].
[السند]:
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي أبو علي، أخبرنا محمد بن ثابت العبدي، أخبرنا نافع قال: انطلقتُ مع ابنِ عمرَ
…
فذكره به.
ورواه أبو داود الطيالسيُّ -ومن طريقه البيهقيُّ في (الكبير) - عن محمدِ بنِ ثابتٍ به.
ومداره -عند الجميع- على محمد بن ثابت العبدي قال: حدثنا نافعٌ
…
به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فيه محمدُ بنُ ثابتٍ العبديُّ؛ وهو مختلفٌ فيه:
فوثَّقَهُ لُوَيْن كما في (الكامل في ضعفاء الرجال 9/ 93)، وقال مسلم بن
إبراهيم: "صدوق" كما في (السنن الكبير للبيهقي 2/ 132)، وكذا وثَّقَهُ العجليُّ في (معرفة الثقات 1578).
وقال أحمدُ: "ليس به بأس"(سؤالات أبي داود 504)، وقال -في رواية مهنا-:"يخطئُ في حديثِهِ"(بحر الدم 879).
وقال عليُّ بنُ المدينيِّ: "صالحٌ، ليس بالقويِّ"(سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني 35).
وقال النسائيُّ: "ليس به بأس" كما في (تهذيب الكمال 24/ 557).
وفي موضعٍ آخرَ قال: "ليس بالقوي"(الضعفاء والمتروكين 519).
وقال ابنُ مَعينٍ -في رواية الدارمي، ومعاوية بن صالح-:"ليس به بأس"(تاريخه، رواية الدارمي 809)، و (الضعفاء للعقيلي 3/ 438).
وضَعَّفَهُ في رواية الدوريِّ (رقم 4537)، وابنِ طهمانَ (رقم 294)، وقال -أيضًا-:"ليس بشيء" كما في (رواية الدوري 3422، 3976، و (الضعفاء للعقيلي 3/ 438).
وقال أبو حاتم: "ليس هو بالمتينِ، يُكتبُ حديثُه وهو أحب إليَّ من أبي أمية بن يعلى وصالح المري، روى حديثًا منكرًا"(الجرح والتعديل 7/ 216).
وقال البخاريُّ: "يخالف في حديثه"(التاريخ الأوسط 1057)، و (التاريخ الكبير 1/ 50)، وذكره في (الضعفاء 327)، وزاد:"في حديثه شيء".
وقال أبو داود السجستاني: "ليس بشيء" كما في (الضعفاء الكبير للعقيلي 3/ 439).
وقال ابنُ حِبَّانَ: "كان يرفعُ المراسيلَ ويسندُ الموقوفات توهمًا مِن سوءِ حفظِهِ، فلمَّا فحش ذلك منه بطل الاحتجاج به"(المجروحين 2/ 260).
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "عامةُ أحاديثِهِ، لا يتابَعُ عليه"(الكامل 9/ 340).
وقال أبو أحمد الحاكم: "ليس بالمتين عندهم"(تهذيب التهذيب 9/ 85).
وقال الدارقطنيُّ: "ضعيفُ الحديثِ"(تعليقات الدارقطني على المجروحين صـ 235).
وقال أبو الوليد الباجي: "متروك"(الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي 2906)، و (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 314).
ولخَّص حالَهُ ابنُ حَجرٍ فقال: "صدوقٌ، لَيِّنُ الحديثِ"(التقريب 5771).
قلنا: فمَن هذا حاله لا يصلحُ أن يكون حجة في الحديث، فكيف وقد تفرَّد بذكر:"الضربتين"، و"المسح إلى المرفقين"؟ !
قال أبو داود في (كتاب التفرد): "لم يتابِعْ أحدٌ محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم" كما في (تحفة الأشراف للمزي 6/ 226).
وقال الطبرانيُّ: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر التيمم إلا نافع"(الأوسط 8/ 6).
وهذه العبارةُ -من (المعجم الأوسط) - الظاهرُ أن بها سقطًا، فقد قال مغلطاي:"وقال الطبرانيُّ في (الأوسط): لم يروه بهذا التمام عن نافعٍ إلا العبدي"(شرح ابن ماجه 2/ 312).
وقال الدارقطنيُّ: "وتفرَّد به: محمد بن ثابت العبدي عن نافعٍ بهذه الألفاظ"(أطراف الغرائب والأفراد 1/ 568).
وقال البيهقيُّ: "إنما ينفردُ محمد بن ثابت في هذا الحديث بذكر الذِّراعين فيه دون غيره"(معرفة السنن والآثار 1547).
وقال ابنُ عبدِ البرِّ: "وهذا لم يروه عن نافعٍ أحدٌ غير محمد بن ثابت هذا به يُعرف ومن أجله يُضَعَّف"(التمهيد 19/ 287).
وقال ابنُ رَجبٍ: "وتفرَّدَ برفعه: محمد بن ثابت العبدي عن نافع. والعبديُّ ضعيفٌ"(فتح الباري 2/ 235).
وقال العظيم آبادي: "فمحمد بن ثابت مع كونه ضعيفًا تفرَّد بذكر الضربتين"(عون المعبود 1/ 523).
قلنا: ومع تفرده، فقد خالفه جماعة من أصحاب نافع، فجعلوا "ذكر الضربتين، والمرفقين" من فعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، مقصورًا عليه، وهم:
1 -
مالكٌ، في (الموطأ 140، 141)، وعنه الشافعيُّ في (الأم 3898)، والفضل بن دُكَيْن في (الصلاة 150)، ومن طريقه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 114)، والبيهقيُّ في (الكبير 1010)، وغيرهم.
2 -
أيوبُ، كما عند عبد الرزاق في (المصنف 826)، وابن أبي شيبة في (المصنف 1685)، وابن المنذر في (الأوسط 528)، وغيرهم.
3 -
عبيدُ اللهِ بنُ عمرَ، كما عند ابن المنذر في (الأوسط 535)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 114)، والدراقطني في (السنن 686)، والبيهقي في (الكبير 1012)، وغيرهم.
4 -
يونسُ الأيليُّ، كما عند الدارقطني في (السنن 686) - ومن طريقه البيهقيُّ في (الكبير 1012) -.
5 -
عبدُ اللهِ بنُ عمرَ، كما عند عبد الرزاق في (المصنف 827)، والفضل بن دكين في (الصلاة 151).
6 -
عبدُ العزيزِ بنُ أبي رواد، كما عند الطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 114).
7 -
عبدُ اللهِ بنُ عامرٍ الأسلميُّ، كما عند الفضل بن دكين في (الصلاة 156).
8 -
محمدُ بنُ إسحاقَ، كما عند ابن رجب في (فتح الباري 2/ 294).
9، 10 - هشام بن عروة، وعبد الكريم الجزري كما عند الطحاويِّ في (شرح معاني الآثار 1/ 114).
فرواه عشرتهم (مالك، وأيوب، وعبيد الله، ويونس، والعمري، وابن إسحاق، وابن أبي رواد، وابن عامر، وهشام، وعبد الكريم)، عن نافع عن ابن عمر قوله. فذكروا "المرفقين"، وبعضُهم يذكر "ضربتين".
وزاد عليهم أبو داود في كتاب التفرد له آخر، وهو:"قيس بن سعد"(تحفة الأشراف 6/ 226).
وزاد عليهم العقيلي اثنين فقال: "ورواه عبد الله بن عمر، ويحيى بن سعيد، وابن عجلان، عن نافع، كذا موقوفًا وهذا الصواب"(الضعفاء 4/ 38).
قلنا: والذي وقفنا عليه من رواية يحيى بن سعيد- ما أخرجه عبد الرزاق
في (المصنف 892)، وغيره، عن الثوري، عن محمد، ويحيى بن سعيد، عن نافع، أن ابن عمر تَيَمَّمَ وَصَلَّى العَصْرَ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ المَدِينَةِ مِيلٌ، أَوْ مِيلَانِ، ثُمَّ دَخَلَ المَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، فَلَمْ يُعِدْ. فَذَكر مطلق التيمم، ولم يذكر فيه الكيفية.
وكذا رواية ابن عجلان، وقفنا عليها في (الأم للشافعي 102)، وغيره، بنحو رواية الأنصاري.
فهؤلاء ثلاثة عشر راويًا رووه عن نافعٍ فأوقفوه، كما تقدَّم.
ولذا استنكرَ الحفَّاظُ على محمد بن ثابت هذا الحديث:
فقال الإمامُ أحمدُ بن حنبل: "روى محمد بن ثابت حديثًا منكرًا في التيمم"(سنن أبي داود 1/ 90)، وأقرَّه الذهبيُّ في (المهذب 1/ 225).
وقال ابنُ هانئ: "عرضتُ على أبي عبد الله من حديث لوين محمد بن سليمان، عن محمد بن ثابت
…
فقال: قال لي أبو عبد الله: هذا حديثٌ منكرٌ، ليس هو مرفوعًا" (مسائل أحمد رواية ابن هانئ 110).
وقال مهنا: "سألتُ أحمدَ عن هذا الحديث، فقال: ليس بصحيحٍ، إنما هو عن ابنِ عمرَ"(تعليقه على العلل صـ 171).
وقال ابنُ مَعينٍ: "يُنْكَرُ عليه حديث ابن عمر في التيمم؛ لا غير"(الضعفاء 3/ 439).
وقال -أيضًا-: "أنكروا على محمد بن ثابت العبدي -وليس بالبصري- حديث نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((مَرَّ به رجلٌ فسَلَّم فتيمَّم ثم رَدَّ عليه)) (تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين لابن شاهين 572).
وقال البخاريُّ: "وروى محمد عن نافع عن ابن عمر مرفوع في التيمم، وخالفه أيوب وعبيد الله والناس فقالوا عن ابن عمر فعله"(التاريخ الكبير 1/ 50)، وأقرَّه ابنُ دَقيقِ العيدِ في (الإمام 3/ 146)، والسيوطيُّ في (نواهد الأبكار 3/ 159).
وقال أبو زرعة -وسُئِلَ عن رواية محمد بن ثابت المرفوعة-: "هذا خطأٌ؛ إنما هو موقوفٌ"(العلل لابن أبي حاتم 136).
وقال في موضع آخر: "هذا حديثٌ باطلٌ"(شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 314).
وقال أبو حاتم -في ترجمة ابن ثابت-: "روى حديثًا منكرًا"(الجرح والتعديل 7/ 216)، قال ابنُ عبدِ الهادِي:"يحتملُ أن يكون مراد أبي حاتم بالحديث المنكر هذا الحديث"(تعليقه على العلل صـ 173).
قلنا: بل جزمَ بذلك ابنُ دَقيقِ العيدِ في (الإمام 3/ 147)، وابنُ رَجبٍ في (فتح الباري 2/ 235).
وقال أبو داود: "لم يتابعْ أحدٌ محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ورووه فعلَ ابن عمر. قال: وروى أيوبُ، ومالكٌ، وعبيدُ اللهِ، وقيسُ بنُ سعدٍ، ويونسُ الأيليُّ، وابنُ أبي رواد، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ: أنه تيمم ضربتين للوجه واليدين إلى المرفقين. قال أبو داود: جعلوه فعل ابن عمر"(تحفة الأشراف 6/ 226).
وقال -أيضًا-: "محمد بن ثابت العبدي ليس بشيء، هو الذي يحدث حديث نافع، عن ابن عمر في التيمم"(الضعفاء الكبير للعقيلي 3/ 439).
وقال الساجيُّ: "وروى عن نافعٍ حديثَ التيممِ وخالفه: أيوبُ، وعبيدُ اللهِ،
قالوا مِن فعلِ ابن عمر" (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 314).
وأنكرَ رفْعَه النسائيُّ في كتاب (الكنى)، كما في (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 314).
وقال ابنُ المنذرِ: "فأمَّا الأخبارُ الثلاثةُ التي احتجَّ بها مَن رَأَى أَنَّ التَّيَمُّمَ ضربتين
(1)
ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، فمعلولةٌ كلُّها لا يجوزُ أن يُحتجَّ بشيءٍ منها.
فمنها حديث محمد بن ثابت ولم يرفعه غيره، وقد دفعَ غيرُ واحدٍ من أهلِ العلمِ حديثَهُ
…
فسقطَ أن يكون هذا الحديثُ حجةً؛ لضعفِ محمدٍ في نَفْسِهِ، ومخالفة الثقات له حيث جعلوه من فِعْلِ ابنِ عمرَ" (الأوسط 2/ 172).
وقال ابنُ عبدِ البرِّ: "حديثٌ منكرٌ لا يعرفه أصحابُ نافعٍ"(التمهيد 19/ 287).
وذكره العقيليُّ في ترجمة محمد بن ثابت، بعد ذكره كلام ابن معين وأبي داود السابقين، ثم قال:"ورواه عبد الله بن عمرو، ويحيى بن سعيد، وابن عجلان، عن نافعٍ، كذا موقوفًا، وهذا الصواب"(الضعفاء 4/ 38).
وكذا ابنُ حِبَّانَ في ترجمته، وقال:"وإنما هو موقوفٌ على ابنِ عمرَ"(المجروحين 2/ 260).
وقال ابنُ عبدِ الهادِي: "أمَّا حديث محمد بن ثابت العبدي: فالصوابُ أنه
(1)
قال محقق (الأوسط): كذا في الأصل، والجادة: ضربتان، وما في "الأصل" له وجهٌ.
موقوفٌ ورَفْعُهُ منكرٌ" (تعليقه على العلل صـ 169).
وقال ابنُ رَجبٍ: "ورَفْعُهُ منكرٌ عند أئمةِ الحفاظِ، إنما هو موقوفٌ عندهم
…
، وتفرَّد برفعه: محمد بن ثابت العبدي عن نافع. والعبديُّ ضعيفٌ" (فتح الباري 2/ 41).
وضَعَّف الحديثَ غيرُ مَن تقدَّم:
فقال الخلَّالُ: "الأحاديثُ في ذلك ضعيفةٌ جدًّا، ولم يرو منها أصحاب السنن إلا حديث ابن عمر "(المغني 1/ 322).
وقال الخطابيُّ: "وحديثُ ابنِ عمرَ لا يصحُّ؛ لأن محمدَ بنَ ثابتٍ العبديَّ ضعيفٌ جدًّا لا يُحتجُّ بحديثه"(معالم السنن 1/ 101).
وابنُ حزمٍ في (المحلى 2/ 149).
وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 237).
والنوويُّ في (الخلاصة 559)، و (المجموع 2/ 212)، وقال:"محمد بن ثابت العبدي، ليس هو بالقوي عند أكثر المحدثين"، وأقرَّه الزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 5).
وابنُ قُدامةَ في (المغني 1/ 322)، وابنُ التركماني في (الجوهر النقي 1/ 205)، وابنُ كَثيرٍ في (إرشاد الفقيه 1/ 72)، والذهبيُّ في (التنقيح 1/ 80).
وابنُ حَجرٍ في (التلخيص 1/ 266)، وقال في (الفتح 1/ 444):"الأحاديثُ الواردةُ في صفةِ التيممِ لم يصحَّ منها سوى حديث أبي جهيم وعمار، وما عداهما فضعيفٌ أو مختلفٌ في رفعه ووقفه، والراجحُ عدم رفعه".
والعينيُّ في (البناية شرح الهداية 1/ 196)، وصدرُ الدينِ المُناويُّ في (كشف المناهج والتناقيح 1/ 232)، والشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 329)، والعظيم آبادي في (عون المعبود 1/ 523).
وضَعَّفه الألبانيُّ، فقال: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ، رجالُهُ ثقاتٌ؛ غير محمد بن ثابت العبدي، وهو ضعيفٌ عندَ الجمهورِ، وحديثُه هذا منكرٌ؛ لأنه قد خالفَ الثقات الذين رووه عن نافعٍ، فبعضُهم روى هذه القصةَ عنه، فلم يذكر فيها (الضربتين) ولا (مسح الذراعين).
وكذلك جاءتْ من حديث أبي الجهيم؛ فانظر الكتاب الآخر (رقم 355).
وبعضهم الآخر روى عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ
…
موقوفًا عليه: الضربتين، مع
مسح الذراعين" (ضعيف أبي داود - الأم 1/ 136).
وقال أيضًا: "وهذا إسنادٌ حسنٌ في الشواهد إلا أن فيه جملةً مستنكرةً أُنكرتْ عليه في مسح الذِّراعين في التيممِ"(الصحيحة 834).
قلنا: ومع ذلك حاول البيهقيّ تقويته فقال: "وقد أَنْكر بعضُ الحُفَّاظِ رفعَ هذا الحديثِ على محمد بن ثابت العبديِّ، فقد رواه جماعةٌ عن نافعٍ من فعلِ ابنِ عمرَ، والذي رواه غيرُهُ عن نافعٍ مِن فعلِ ابنِ عمرَ إنما هو التيمم فقط، فأما هذه القصة فهي عن النبي صلى الله عليه وسلم مشهورة برواية أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة وغيره، وثابتٌ عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رجلًا مرَّ ورسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يبولُ فسلَّمَ عليه. فلم يردَّ عليه. إلا أنه قصر بروايته، ورواية يزيد بن الهاد، عن نافعٍ أتم من ذلك.
فهذه الروايةُ شاهدةٌ لرواية محمد بن ثابت العبدي، إلا أنه حَفِظَ فيها
الذِّراعين ولم يُثبتْها غيرُهُ كما ساقَ هو وابنُ الهادِ الحديثَ بذكرِ تيممه، ثم ردّه جواب السَّلامِ وإن كان الضحاك بن عثمان قصر به، وفِعْل ابن عمر التيمم على الوجه والذراعين إلى المرفقين شاهد لصحة رواية محمد بن ثابت غير منافٍ لها". ثم نقل عن الدارمي قال: سألت يحيى بن معين، قلت: محمد بن ثابت العبدي؟ قال: "ليس به بأس". ثم قال: "وهو في هذا الحديث غير مستحق للنكير بالدلائل التي ذكرتُها، وقد رواه جماعةٌ من الأئمةِ عن محمد بن ثابت؛ مثل يحيى بن يحيى، ومعلى بن منصور، وسعيد بن منصور، وغيرهم، وأثنى عليه مسلم بن إبراهيم ورواه عنه، وهو عن ابنِ عمرَ مشهور"(السنن الكبير 2/ 132 - 133).
وقال في (معرفة السنن): "ورَفْعُه غيرُ منكرٍ؛ فقد روى الضحاكُ بنُ عثمانَ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ- قِصَّةَ السَّلامِ مرفوعة، إلا أنه قصَّر بها فلم يذكرِ التيممَ، ورواه يزيدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أسامةَ بنِ الهادِ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ، فذكرَ قصةَ السَّلامِ، وذكرَ قصةَ التيممِ، إلا أنه قال: ثم مَسَحَ وجهَهُ ويديه، كما رواه يحيى بنُ بُكيرٍ، عن الليثِ في حديثِ ابنِ الصمة.
وإنما ينفردُ محمد بن ثابت في هذا الحديث بذكر الذِّراعين فيه دون غيره.
وتيمم عبد الله بن عمر على الوجه والذِّراعين وفتْوَاه بذلك تؤكدُ روايةَ محمد بن ثابت، وتشهدُ له بالصحةِ.
فقد صَارَ بهذه الشواهدِ معلومًا أنه روى قصة السلام والتيمم عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو لا يخالفُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيما يروي عنه، فتيممه على الوجه والذِّراعين إلى المرفقين يدلُّ على أنه حفظه منَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأن محمدَ بنَ ثابتٍ حفظه من نافع".
قلنا: وفيما ذكره نظر من وجوهٍ:
الأول: استشهاده بحديث ابن الصمة في إثبات قصة التيمم- يصحُّ إذا كان ذكر المرفقين فيه صحيحًا، ولكن قد تقدم نكارته، وأن المحفوظ فيه:"مسح وجهه ويديه" هكذا رواه البخاري (337)، وعلَّقه مسلم (369).
قال ابنُ دقيقِ العيدِ: "إذا كان المشهورُ أصل القصة من رواية أبي الجهيم وليس فيها ذكر المرفقين، فليس ينفع ذلك في تقوية رواية محمد بن ثابت، بل قد عدَّه خصومه سببًا للتضعيف، وأن الذي في الصحيح في قصة أبي جهيم: "ويديه"، وليس فيه: "وذراعيه" (الإمام 3/ 148).
وقال ابنُ عبدِ الهادِي: "حديثُ أبي جهيم بن الحارث بن الصمة ذكر الذراعين فيه غير صحيح، وإنما لفظه الصحيح: (فمسح بوجهه ويديه) "(تعليقه على العلل صـ 168).
وقال ابنُ التركماني: "هذا لا ينفعه كون أصل القصة مشهور، بل قد عدَّه خصومه سبببًا للتضعيف فإن الذي في الصحيح في قصة أبي الجهيم "ويديه"، وليس فيه: "وذراعيه" (الجوهر النقي 1/ 205).
الثاني: قوله: "وثابت عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رجلًا مَرَّ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يبولُ فسَلَّمَ عليه فلم يرد عليه، إلا أنه قصر بروايته".
وقد أجاب عن ذلك ابنُ دَقيقِ العيدِ فقال: "الضحاك بن عثمان لم يذكر القصة بتمامها، وإنما يثبت بها تقوية لرواية محمد بن ثابت إذا كان المنكر أصل رواية نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما للقصة في الجملة. فقد يقالُ حينئذٍ: إن رواية الضحاك -وإن قصرت- فهي تدلُّ على أن القصةَ في الجملةِ صحيحةٌ من رواية ابن عمر، فأما إذا كان المنكر على محمد بن ثابت رفع المسح
إلى المرفقين لم تُفِد رواية الضحاك تقوية لذلك" (الإمام 3/ 148)، وانظر (الجوهر النقي 1/ 206).
قلنا: وروايةُ الضحاكِ، المذكروة أخرجها مسلم في (صحيحه 370/ 115) بسنده إلى الضحاك عن نافع، عن ابن عمر:((أن رجلًا مَرَّ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَبُولُ، فسَلَّم، فلم يردَّ عليه)). فليس فيها ذكر للتيممِ من الأصلِ.
الثالث: قوله: "ورواية يزيد بن الهاد عن نافعٍ أتم من ذلك. فهذه الروايةُ شاهدةٌ لرواية محمد بن ثابت العبدي، إلا أنه حفظ فيها الذِّراعين ولم يثبتْها غيرُهُ كما سَاقَ هو وابنُ الهادِ الحديث بذكر تيممه، ثم رده جواب السلام وإن كان الضحاك بن عثمان قصر به".
قال ابنُ دَقيقِ العيدِ: "إنما تكون رواية ابن الهاد شاهدة لرواية محمد بن ثابت إذا كان المنكر أصل الرواية عن ابن عمر، وإن كان المنكر ذكر الذراعين مرفوعًا، فلا شهادة لرواية ابن الهاد ولا لرواية الضحاك بن عثمان. وقوله: "إلا أنه حفظ فيها الذراعين"، هو الذي خالفه فيه غيره - والله عز وجل أعلم -، ورأى أنه لم يحفظ محمد بن ثابت؛ لأن غيره لم يذكر الذراعين مرفوعًا، ولو قال: "إلا أنه ذكر الذراعين" لكان أسلم وأقرب إلى الخلاص، فإن هذه الصيغة- أعني قوله: "إلا أنه حفظ" -وما في معنى ذلك- يُذكر كثيرًا عند تصحيح ما رواه الراوي إذا خولف"(الإمام 3/ 149).
وقال ابنُ التركماني: "إنما تشهدُ روايتُه لروايةِ محمدِ بنِ ثابتٍ إذا أنكر أصل الرواية عن ابن عمر، وأما إذا أنكر رفع الذِّارعين فلا شهادة لرواية ابن الهاد ولا لرواية الضحاك"(الجوهر النقي 1/ 206).
وقال الشيخُ الألبانيُّ: "ولا يخفى ما في هذا الكلام من الضعف؛ فإنه
يجعل الرواية الصحيحة المجردة مما تفرَّدَ به: محمد بن ثابت شاهدًا لحديثه، ثم يقول:"إلا أنه حفظ فيها للذراعين ولم يثبتها غيره! " فكيف يجوزُ أن يقالَ في حقِّ زيادة في قصةٍ -تفرَّدَ بها ضعيفٌ مثل ابن ثابت-: إنه حفظها؟ ! مع مخالفته لابن الهاد والضحاك بن عثمان، وهما ثقتان أحفظُ منه بدرجاتٍ! وهل هذا إلا من أمثلة الحديث المنكر؟ ! " (ضعيف أبي داود -الأم 1/ 137 - 138).
قلنا: فكلامُ البيهقيِّ إنما يقالُ إن كان محمد بن ثابت ثقةً حافظًا، فكيف وقد ضَعَّفَهُ جمهورُ العلماءِ كما تقدَّمَ، بل جعلوا هذا الحديث دليلًا على سوءِ حفظه، فهذا ابنُ حِبَّانَ يقول عنه:"إنه كان يرفع المراسيل ويسند الموقوفات توهمًا من سوء حفظه" انتهى، ولذلك أَنْكرَ عليه الحفاظُ رَفْعَهُ لما رأوا مَن خَالفه أوثق منه في نافعٍ كمالكٍ وعُبيدِ اللهِ وغيرِهم.
الرابع: استدلاله برواية الدارمي قال: "سألتُ يحيى بن معين، قلت: محمد بن ثابت العبدي؟ قال: ليس به بأس".
يجاب عنه برواية الجماعة عن ابن معين تضعيفه، بل قد أنكرَ ابنُ مَعينٍ قولَه هذا، فقال عباس الدوريُّ:"سمعتُ يحيى يقول: محمد بن ثابت الذي يحدِّثُ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في التيممِ بصري وهو ضعيف. قلتُ ليحيى: أليس قلت مرة: ليس به بأس؟ ! قال: ما قلتُ هذا قط"(تاريخ ابن معين رواية الدوري 4537).
ففي هذه الروايةِ إنكار من ابن معين توثيق ابن ثابت، فكان الأَوْلى للبيهقيِّ أن ينقلَ قولَه هذا؛ إذ فيه زيادة عن التضعيف إنكار للرواية المستدل لها، أو الأخذ بكل الروايات وليس برواية واحدة، كما أن ابنَ مَعينٍ لو انفردَ بالتوثيقِ وخالفَهُ الجمهورُ فالأَوْلى الأخذُ بقولِ الجمهورِ.
الخامس: قوله في (السنن): "وهو عن ابن عمر مشهورٌ" وفي (المعرفة) قال: "وتيمم عبد الله بن عمر على الوجه والذِّراعين، وفَتْوَاه بذلك تؤكدُ رواية محمد بن ثابت، وتشهدُ له بالصحةِ.
فقد صَارَ بهذه الشواهد معلومًا أنه رَوى قصةَ السَّلامِ والتيممِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو لا يخالفُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيما يروي عنه، فتيممه على الوجهِ والذِّراعين إلى المرفقين يدلُّ على أنه حفظه منَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأن محمدَ بنَ ثابتٍ حفظه من نافعٍ".
قلنا: هذا من أعجب ما استدل به البيهقيُّ، إذا جعل الرواية المعلل بها شاهدًا للمعلولة.
قال ابنُ دَقيقِ العيدِ: وقوله: "وهو عن ابن عمر مشهورٌ" قد يوهم من لم يفهمِ الصناعةَ أن الحديثَ على ما رواه محمد بن ثابت، عن نافع، عن ابن عمر مشهورٌ مرفوعًا، وليس المشهور إلا روايته عن ابن عمر من فعله، فليُعلم ذلك".
وقال: "وأما إنه شاهد بصحة رواية محمد بن ثابت، ففيه نظر؛ لأنه لم يوافق محمد بن ثابت في رفع الذراعين إلى النبي صلى الله عليه وسلم. بل هذا هو العلة التي عَلَّل بها مَن عَلَّل رواية محمد بن ثابت، وهي الوقف على فعل ابن عمر، فكيف يكون المقتضي للتعليل مقتضيًا للتصحيح؟ ! "(الإمام لابن دقيق العيد 3/ 150)، وانظر (الجوهر النقي 1/ 207).
قلنا: هذا حاصلُ ما استدلَّ به البيهقيُّ لتقوية رواية محمد بن ثابت هذه، وقد تبيَّنَ ما في كلامه من ضَعْفٍ، وقد ذكر لتقويته شواهد أشد ضعفًا سيأتي تخريجها وتحقيقها قريبًا.
3112 -
حَدِيثُ أَبِي جُهَيْم
◼ عَنْ أَبِي جُهَيْمٍ، قَالَ:((أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بِئْرِ جَمَلٍ؛ إِمَّا مِنْ غَائِطٍ وَإِمَّا مِنْ بَوْلٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَضَرَبَ الحَائِطَ بِيَدِهِ ضَرْبَةً فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى فَمَسَحَ بِهَا ذِرَاعَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ)).
[الحكم]:
منكرٌ جدًّا بهذا السياقِ.
وضَعَّفَهُ: الخطابيُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، وابنُ الملقنِ، والزيلعيُّ، وابنُ حَجرٍ.
والصحيحُ ما سبقَ في (الصحيحين): أنه مسحَ مرَّةً واحدةً على الوجهِ واليدينِ.
[التخريج]:
[قط 674 (واللفظ له)، 675/ تحقيق 274، 275].
[السند]:
أخرجه الدارقطنيُّ في (السنن 674، 675) -ومن طريقه ابن الجوزي في (التحقيق) - قال: حدثنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن إبراهيم المروزي، حدثنا محمد بن خلف بن عبد العزيز بن عثمان بن جَبَلة، حدثنا أبو حاتم أحمد بن حمدويه بن جميل بن مِهران المروزي، حدثنا أبو معاذ، حدثنا أبو عصمة، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي جُهَيْم، به.
وقال أبو معاذ: وحدثني خارجة، عن عبد الله بن عطاء، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي جهيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
[التحقيق]:
هذان سندان واهيان:
أما الأول: ففيه أبو عصمة وهو نوح بن أبي مريم؛ كذَّابٌ وضَّاعٌ، قال الحافظُ:"كَذَّبوه في الحديث، وقال ابنُ المباركِ: كان يضعُ"(التقريب 7210).
وبه أعلَّه الزيلعيُّ فقال: "وأبو عصمة إن كان هو نوح بن أبي مريم، فهو متروك"(نصب الراية 1/ 154).
وأما الثاني: ففيه خارجة بن مصعب؛ قال ابنُ حَجرٍ: "متروكٌ، وكان يدلسُ عن الكذَّابين، ويقال: إن ابنَ مَعينٍ كَذَّبه"(التقريب 1612).
وبهما أعلَّه ابنُ الجوزي فقال: "أما حديث أبي جهيم فإن أبا عصمة وخارجة متكلَّم فيهما"(التحقيق 1/ 236).
وتبعه الذهبيُّ فقال: "أبو عصمة متروكٌ، ورواه خارجة -وهو واه- عن عبد الله بن عطاء، عن موسى"(تنقيح التحقيق 1/ 80).
ثم إن في السند انقطاعًا بين الأعرج وابن الصمة؛ فقد تقدَّم الحديثُ في (الصحيحين) وغيرهما من طرقٍ عن عبد الرحمن الأعرج، عن عمير مولى ابن عباس، عن أبي الجهيم، به.
ولذا قال ابنُ عبدِ الهادِي: "أبو عصمة في حديث أبي جهيم هو نوح بن أبي مريم، وهو متروك. وخارجة هو ابن مصعب، وقد ضعَّفوه، وقال محمد بن سعد: تركوه. والأعرج لم يسمع الحديث من أبي جهيم، بل بينهم عمير مولى ابن عباس، كما تقدم"(تنقيح التحقيق 1/ 376).
وقال ابنُ الملقنِ: "وأبو عصمة السالف هو نوح بن أبي مريم، ضعيفٌ
جدًّا، وكذا خارجة، والأعرج لم يسمعِ الحديث من أبي جهيم؛ بينهما عمير مولى ابن عباس" (البدر المنير 2/ 639).
والمحفوظُ في الحديثِ كما سبقَ في (الصحيحين): أنه مَسَحَ مَرَّةً واحدةً على الوجهِ واليدينِ، دون ذِكر الذِّراعينِ، ولا (إلى المرفقين).
ولذا قال الخطابيُّ: "حديثُ أبي الجهيم في مسح الذراعين لا يصحُّ"(فتح الباري لابن رجب 2/ 233).
وذكر ابنُ حَجرٍ حديثَ ابنِ عمرَ في مسح اليدين إلى المرفقين، ثم قال:"وأخرجَ الدارقطنيُّ من حديث أبي جهيم بن الحارث نحوه بإسنادٍ ضعيفٍ، والحديثُ في (الصحيحين) ليس فيه إلى المرفقين"(الدراية 1/ 67).
رِوَايَةُ: مَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَبِي جُهَيْمٍ، قَالَ:((رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبُولُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ إِلَى حَائِطٍ، فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَيْهِ، فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الحَائِطِ، فَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ)).
[الحكم]:
منكرٌ بهذا السياقِ، والصحيحُ ما سبقَ في (الصحيحين): أَنَّهُ مَسَحَ مَرَّةً وَاحِدَةً على الوَجْهِ وَاليَدَيْنِ، دون قوله:(وهو يَبُولُ) وقوله: (إِلَى المِرْفَقَيْنِ).
[التخريج]:
[طبر (7/ 89)].
[السند]:
قال الطبريُّ في (تفسيره 7/ 89): حدثني به موسى بن سهل الرملي، قال: ثنا نُعيم بن حماد، قال: ثنا خارجة بن مصعب، عن عبد الله بن عطاء، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي جُهيم، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه خارجة بن مصعب، قال عنه الحافظ:"متروكٌ، وكان يدلسُ عن الكذَّابينَ، ويقال: إن ابنَ مَعينٍ كَذَّبه"(التقريب 1612).
وفيه أيضًا: انقطاعٌ بين الأعرجِ وابنِ الصِّمة؛ فقد تقدَّم الحديثُ في (الصحيحين) وغيرهما من طرقٍ عن عبد الرحمن الأعرج، عن عُمير مولى ابن عباس، عن أبي الجُهيم، به.
وقال أبو نُعيمٍ: "رواه خارجة بن مصعب، عن عبد الله بن عطاء، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي سلمة، عن أبي جُهيم، فوهم فيه"(معرفة الصحابة 5/ 2848).
ولم نقفْ على هذه الروايةِ، وهي دالةٌ على اضطرابِ خارجةَ فيه.
* * *
3113 -
حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ
◼ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ:((أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بِئْرِ جَمَلٍ، إِمَا مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ حَتَّى ضَرَبَ الحَائِطَ بِيَدَهِ، فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى، فَمَسَحَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثُمَ رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ)).
[الحكم]:
منكرٌ جدًّا بهذا السياقِ.
[التخريج]:
[حكيم 1251].
[السند]:
قال الحكيمُ الترمذيُّ: نا عبد الكريم بن عبد الله اليشكري، قال: نا أبو معاذٍ النَّحْوي قال: نا أبو عصمة، عن موسى بن علقمة، عن الأعرج، عن أبي جُحيفة،
…
به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه نوح بن أبي مريم أبو عصمة، قال الحافظُ:"كذَّبوه في الحديثِ، وقال ابنُ المباركِ: كان يضعُ"(التقريب 7210).
وموسى بن علقمة لم نقفْ له على ترجمةٍ، والظاهرُ أنه مصحفٌ من موسى بنِ عُقْبةَ، أو خطأ من أبي عصمة الكذَّابِ، فقد روى الحديثَ الدارقطنيُّ في (السنن 674) -ومن طريقه ابنُ الجوزي في (التحقيق) - فقال: حدثنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن إبراهيم المروزي، ثنا محمد بن خلف بن عبد العزيز بن عثمان بن جبلة، نا أبو حاتم أحمد بن حمدويه بن جميل بن مهران المروزي، ثنا أبو معاذ، نا أبو عصمة، عن موسى بن
عقبة، عن الأعرج، عن أبي جهيم، قال:((أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بِئْرِ جَمَلٍ، إِمَّا مِنْ غَائِطٍ أَوْ مِنْ بَوْلٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَضَرَبَ الحَائِطَ بِيَدِهِ ضَرْبَةً فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى فَمَسَحَ بِهَا ذِرَاعَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ)).
قال أبو معاذٍ: وحدَّثني خارجة، عن عبد الله بن عطاء، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي جُهيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
وقد سبقَ الكلامُ عليه قريبًا.
فنخشى -أيضًا- أن يكون ذكر أبي جحيفة تصحيفًا، أو خطأ، ثم إن المحفوظَ في الحديثِ بلفظ ((مَسَحَ يَدَيْهِ)) لا ((ذِرَاعَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ))، كما تقدَّمَ.
3114 -
حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ:
◼ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
منكرٌ مرفوعًا، والصوابُ فيه الوقف، وكذَا قال: البزارُ، وابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وعبدُ الحقِّ الإشبيليُّ، وابنُ أبي العِزِّ الحنفيُّ، وابنُ الملقنِ، وابنُ حَجرٍ، والقسطلانيُّ، والمُناويُّ، والزرقانيُّ، والصنعانيُّ، والمباركفوريُّ.
وضَعَّفَهُ: الخلَّالُ، وابنُ حزمٍ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ دَقيقِ العيدِ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، ومغلطاي، والزيلعيُّ، وابنُ كَثيرٍ، والهيثميُّ، والشوكانيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[ك (646، 648) (واللفظ له) / طب (12/ 367/ 13366) / قط 685، 690/ عد (8/ 95/ تحقيق 277/ لقب (مغلطاي 2/ 312)، (كبير 10393)].
[السند]:
رواه الحاكمُ (646): عن علي بن عيسى الحيري، ثنا محمد بن عمرو الحَرَشي، ثنا محمد بن يحيى، ثنا علي بن ظَبْيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر به.
ورواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 8/ 95) من طريق محمد بن قدامة.
والطبرانيُّ في (الكبير 13366) من طريق إسماعيل بن زرارة.
والدارقطنيُّ في (السنن 685) -ومن طريقه ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 277) - من طريق عبد الرحيم بن مُطَرِّف.
ثلاثتهم عن علي بن ظبيان به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ وَاهٍ؛ آفته علي بن ظبيان، كَذَّبه ابنُ مَعينٍ، في (تاريخه رواية ابن محرز 1)، وقال:"خبيثٌ، ليس بثقةٍ"، وقال أبو زرعة:"واهي الحديث جدًّا"(سؤالات البرزعي 223).
وقال البخاريُّ: "منكرُ الحديثِ" كما في (الضعفاء للعقيلي 3/ 99).
وقال أبو حاتمٍ والنسائيُّ: "متروكُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 6/ 191)، و (الضعفاء والمتروكين للنسائي 433).
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "والضعفُ على حديثِهِ بَيِّنٌ"(الكامل 8/ 97).
وقال ابنُ حِبَّانَ: "كان ممن يقلبُ الأخبارَ ولا يعلمُ، ويُخطئُ في الآثارِ ولا يَفْهَمُ، فلمَّا كَثُرَ ذلك في روايته سقطَ الاحتجاجُ بأخباره"، وقال ابنُ نُميرٍ:"علي بن ظبيان ضعيفُ الحديثِ، يُخطئُ في حديثِهِ كلِّه"(المجروحين 2/ 80).
قلنا: وقد أخطأَ في رفعِ الحديثِ، والصوابُ وقفه على ابنِ عمرَ، هكذا رواه أصحابُ عبيد الله الثقات، وهم:
1، 2 - يحيى بن سعيد القطان، وهشيم بن بشير كما عند الدارقطني في (السنن 686) -ومن طريقه البيهقيُّ في (السنن الكبير 1012)، و (معرفة السنن 2/ 11) -.
3 -
سفيان الثوري كما عند ابن المنذر في (الأوسط 535).
4 -
علي بن مَعْبَد عند الطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 114).
وكذا رجَّحَ وقفَهُ الأئمةُ الحفَّاظُ:
فقال الدارقطنيُّ: "كذا رواه عليُّ بنُ ظَبْيان مرفوعًا، ووقفه يحيى بنُ القطانِ وهشيمٌ وغيرهما، وهو الصوابُ"(السنن 1/ 333).
وقال في (العلل 6/ 306): "وقفه جماعةٌ من أصحاب عبيد الله: حفص بن غِياث، وعبدة، ومحمد بن بِشر، وأبو معاوية، والثوري، قالوا: عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، وهو الصواب".
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذان الحديثان عن علي بن ظبيان عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر؛ حديث المدبر، والتيمم جميعًا، يرفعهما علي بن ظبيان، ويوقفهما غيره، وحديث التيمم رواه يحيى القطان والثوري وغيرهما موقوفًا، وإنما يُذكر علي بن ظبيان بهذين الحديثين لما رفعهما، فأبطل في رفعهما، والثقات قد أوقفوهما"(الكامل 8/ 95).
وقال البيهقيُّ: "رواه علي بن ظبيان، عن عبيد الله بن عمر، فرفعه وهو خطأ، والصواب بهذا اللفظ، عن ابن عمر موقوف".
وقال ابنُ الملقنِ: "نَصَّ غيرُ واحدٍ من الحفاظِ على ضَعْفِ روايةِ الرفعِ
…
" (البدر المنير 2/ 645).
وقال عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ: "علي بن ظبيان ضعيفٌ عندهم، إنما رواه الثقاتُ موقوفًا عن ابن عمر"(الأحكام الوسطى 1/ 222).
وأما قول الحاكم: ((لا أعلمُ أحدًا أسنده عن عبيد الله غير علي بن ظبيان، وهو صدوق))! .
فقد تعقبه الذهبيُّ قائلًا: "بل وَاهٍ؛ قال ابنُ مَعينٍ: ليس بشيءٍ. وقال النسائيُّ: ليس بثقةٍ"(مختصر تلخيص الذهبي لابنِ الملقنِ 1/ 155)، وبنحوه قال ابنُ الملقنِ في (البدر المنير 2/ 646).
وقال ابنُ أبي العز الحنفيُّ: "وتَسَاهُلُ الحاكمِ معروفٌ. وقد طَعَنَ فيه غيرُ واحدٍ من أهلِ الحديثِ"(التنبيه على مشكلات الهداية 1/ 383).
وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، وفيه علي بن ظبيان، ضَعَّفه يحيى بنُ معين؛ فقال: كذَّابٌ خبيثٌ، وجماعةٌ، وقال أبو عليٍّ النيسابوريُّ: لا بأس به"(مجمع الزوائد 1416).
قلنا: وقد توبع علي بن ظبيان متابعتين ناقصتين:
الأُولى: رواها الشيرازيُّ في (الألقاب) كما في (شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي 2/ 312) فقال: حدثنا أبو عمرو، ثنا محمد بن إبراهيم، ثنا موسى بن سعيد بن النعمان بن حِبَّانَ الدنداني، ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود عن ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ، فيه أبو حذيفة موسى بن مسعود، "صدوقٌ سيءُ الحفظِ، وكان يُصَحِّفُ"(التقريب 7010).
ولذا نَخْشَى أن يكون ابنُ أبي روَّاد هذا قد تصحَّف على أبي حذيفةَ، فإن الحديثَ محفوظٌ بهذا اللفظِ عن ابنِ أبي داودَ الحرانيِّ كما سيأتي،
غير أنا وجدنا لأبي حذيفةَ متابعًا، وهو ما رواه الحافظُ محمدُ بنُ المظفرِ في (مسنده) كما في (جامع المسانيد للخوارزمي 1/ 233)، -ومن طريقه
ابن خسرو في (مسند أبي حنيفة 874) -، فقال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الله -قاضي قزوين قدم علينا للحج-، قال: حدثنا يوسف بن موسى المروزي، قال: حدثنا أبو بكر موسى بن سعيد، قال: حدثنا أبو حنيفة، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما قال:((كَانَ يَتَيَمَّمُ ضَرْبَتَينِ؛ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
فجعلَ التيمم فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وليس قوله.
ولكن إسنادُهُ ضعيفٌ، فيه الإمامُ الفقيهُ أبو حنيفةَ النعمانُ، فمع إمامته كان ضعيفًا في الحديثِ، كما نصَّ عليه غيرُ واحدٍ، وسبقَ مِرارًا.
وقد تكلَّم في روايته عن ابنِ أبي روَّاد الحافظُ ابنُ المظفرِ فقال: "أبو حنيفة عن عبد العزيز بن أبي روَّاد إن صَحَّ"(مسند أبي حنيفة لابن خسرو 2/ 692).
قلنا: والمحفوظُ عن ابنِ أبي روَّادٍ -وهو عبد العزيز بن أبي رواد كما جاء منسوبًا في رواية أبي حنيفة- ما رواه محمد بن عبد الله المعروف بابن كُنَاسة عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: عن نافع عن ابن عمر موقوفًا.
أخرجه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 114) عن علي بن شيبة عن ابن كناسة به.
وتابع ابن كناسة: الحارث بن عطية، كما عند حرب الكرماني في (مسائله - كتاب الطهارة 318).
ثم رواه حربٌ (319) عن أحمد بن نصر، قال: ثنا حبَّانُ بنُ موسى، عن عبد الله، قال: قال عبد العزيز: عن نافع، عن ابن عمر، ((أنه وَصَفَ
التَّيَمُّمَ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ، وظَهْرَ يَدَيه، وذِرَاعَيه مِن لَدُن أصابِعه إلى مِرفَقَيه، ثم من بَطنِ اليَدَينِ مِن لَدُن مِرفَقه إلى أصابِعه؛ ضربتين، يَنفُضُها)).
وعبد الله الراوي عن عبد العزيز هو ابن المبارك.
ولذا جَزَمَ أبو داود بالوقفِ في رواية عبد العزيز فقال: "وروى أيوبُ، ومالكٌ، وعُبَيد الله، وقيسُ بنُ سعدٍ، ويونسُ الأيليُّ، وابنُ أبي روَّادٍ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمرَ:((أنه تَيَمَّمَ ضربتين للوجهِ واليدينِ إلى المرفقينِ)).
قال أبو داود: "جعلوه فعل ابن عمر" كما في (تحفة الأشراف للمزي 6/ 226).
المتابعة الثانية: رواها الحاكمُ (648)، والدارقطنيُّ (690) من طريق شبابة عن سليمان بن أبي داود الحراني عن سالم ونافع، عن ابن عمر مرفوعًا.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فسليمانُ الحرانيُّ، ضعيفٌ جدًّا، وقد تقدَّمتْ ترجمتُه قريبًا، وانظر (اللسان 3608).
وبه أَعَلَّ الحديثَ غيرُ واحدٍ:
فقال الدارقطنيُّ -عقبه-: "سليمانُ ضعيفٌ"(السنن).
وقال البيهقيُّ: "ضعيفٌ لا يُحتجُّ بروايته"(السنن الكبير 2/ 135).
وقال ابنُ دَقيقِ العيدِ: "سليمانُ عندهم متروكٌ"(الإمام 3/ 153)،
وقال ابنُ حَجرٍ: "متروكٌ"(التلخيص الحبير 1/ 268).
وقال ابنُ حزمٍ: "سليمانُ بنُ داودَ الحرانيُّ ضعيفٌ لا يُحتجُّ به"(المحلى 2/ 150).
قلنا: والمحفوظُ عن سالمٍ ونافعٍ ما رواه عنهما ثقاتُ أصحابهما على الوقفِ.
فأما نافعٌ، فقد رواه عنه جماعةٌ، منهم: مالكٌ، وأيوبُ، وعبيدُ اللهِ بنُ عمرَ، وغيرُهم كثير، وقد تقدَّم بيانُ رواياتهم في الحديثِ السابقِ.
وأما سالمٌ، فرواه عنه الإمامُ الزهريُّ.
رواه عبد الرزاق في (المصنَّف 825)، -ومن طريقه ابنُ المنذر في (الأوسط 534)، والدارقطنيُّ في (السنن 694)، والبيهقيُّ في (الخلافيات 815) -: عن معمرٍ عن الزهريِّ، عن سالمٍ، عن ابنِ عمرَ:((أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَيَمَّمَ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ ضَرْبَةً عَلَى التُّرَابِ، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، وَلَا يَنْفُضُ يَدَيْهِ مِنَ التُّرَابِ)).
ولذا قال البيهقيُّ: "والصحيحُ رواية معمرٍ وغيره، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر من فعله"(السنن الكبير 2/ 135).
وقال البزارُ: "وهذا الحديثُ رواه سليمانُ، عن نافعٍ وسالمٍ، عن ابنِ عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والحفاظُ يوقفونه على قولِ ابنِ عمرَ"(مسند البزار 12/ 281).
وضَعَّفَ الحديثَ غيرُ مَن تقدَّم:
الخَلَّالُ، كما في (المغني لابن قدامة 1/ 180)، وابنُ حزمٍ في (المحلى 2/ 150)، وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 237)، وابنُ دَقيقِ العيدِ في (الإمام 3/ 152)، وابنُ عبدِ الهادِي في (تعليقه على العلل لابن أبي حاتم صـ 176)، وذكره أيضًا في (جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة 142)، والذهبيُّ في (تنقيح التحقيق 1/ 80)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 315)، وابنُ كَثيرٍ في (التفسير 2/ 319)، وفي (إرشاد الفقيه 1/ 73)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 150)، وابنُ الملقنِ في (البدر المنير 2/ 644 - 645)،
وفي (التوضيح 5/ 185)، والألبانيُّ في (الضعيفة 3427).
وقال ابنُ حَجرٍ: "رواه الدارقطنيُّ، وصَحَّحَ الأئمةُ وَقْفَهُ"(بلوغ المرام 130).
ورَجَّحَ وَقْفَهُ -أيضًا- القسطلانيُّ في (شرح صحيح البخاري 1/ 371)، والزرقانيُّ في (شرحه على الموطأ 1/ 226)، والصنعانيُّ في (سبل السلام 1/ 140).
وقال المُناويُّ: "والصوابُ أنه موقوفٌ على ابنِ عمرَ قولًا وفعلًا"(فيض القدير 3/ 286).
وقال الشوكانيُّ: "وبهذا يتبينُ لك أن أحاديثَ الضربتين لا تخلو جميع طرقها من مَقَالٍ، ولو صَحَّتْ لكان الأخذُ بها متعينًا لما فيها من الزيادةِ، فالحقُّ الوقوفُ على ما ثَبَتَ في (الصحيحين) من حديثِ عمَّارٍ؛ من الاقتصارِ على ضربةٍ واحدةٍ حتى تصحَّ الزيادةُ على ذلك المقدار"(نيل الأوطار 1/ 329).
وقال المباركفوريُّ: "ولكن قد عرفتَ أن أحاديثَ الضربتين والمرفقين ضعيفةٌ أو مختلفةٌ في الرفعِ والوقفِ، والراجحُ هو الوقفُ"(تحفة الأحوذي 1/ 380).
[تنبيهان]:
الأول: جاء في (المعجم الكبير) للطبراني، تبعًا للأصل (الظاهرية المجلد الثالث 199/ أ):(عبد الله بن عمر) مكبرًا، بدلًا من (عبيد الله بن عمر) والذي يظهرُ أنها إما أن تكون خطأ من أحد الرواة، أو خطأ من الناسخ.
وقد ظنَّ الشيخُ الألبانيُّ رحمه الله أن (عبد الله بن عمر) هو الصوابُ، وأن
(عبيد الله بن عمر): خطأ؛ فأعلَّ الحديثَ بعليّ بن ظبيان، وبعبد الله بن عمر العمري، ثم قال:
"وقع في (المستدرك): عبيد الله بن عمر مصغرًا، ولعلَّه خطأ مطبعي"(الضعيفة 3427).
الثاني: قال الأثرمُ: "قلتُ لأبي عبد الله: التيمم ضربة واحدة؟ فقال: نعم، ضربة للوجه والكفَّين، ومَن قالَ ضربتين، فإنما هو شيءٌ زَاده" كما في (المغني لابن قدامة 1/ 179).
قال ابنُ مُفْلحٍ، والبُهوتيُّ:"يعني لم يصح"(المبدع في شرح المقنع 1/ 200)، و (كشاف القناع 1/ 179).
وأما ابنُ تيميةَ فنقله عن أحمدَ هكذا: "قال: ومَن قال: (ضربتين)، فإنما هو شيءٌ زَادَ مِن فعله، ولا حرجَ عليه، وقال أيضًا: إن فعلَ لا يضرُّه"(شرح العمدة-كتاب الطهارة صـ 416).
ولعلَّ ما ذكره ابنُ مفلحٍ والبهوتيُّ أولى بمرادِ أحمدَ، فهو الأظهرُ منَ السياقِ، والله أعلم.
* * *
رِوَايَةُ التَّيَمُّمِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((كَانَ تَيَمُّمُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَرْبَتَيْنِ: ضَرْبَةً لِلوَجْهِ وَضَرْبَةً لِليَدَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
رَفْعُهُ منكرٌ، والصوابُ فيه الوقفُ، كما قال أبو داودَ.
[التخريج]:
[حنف (مظفر/ خوارزم 1/ 233) (واللفظ له) / حنف (خسرو 874)].
[السند]:
رواه الحافظُ محمدُ بنُ المظفرِ في (مسنده)، كما في (جامع المسانيد للخوارزمي 1/ 233) -ومن طريقه ابنُ خسرو في (مسند أبي حنيفة 874) -، فقال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الله -قاضي قزوين قدم علينا للحج-، قال: حدثنا يوسف بن موسى المروزي، قال: حدثنا أبو بكر موسى بن سعيد، قال: حدثنا أبو حنيفة، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه أبو حنيفة النعمانُ، وهو مع إمامته كان ضعيفًا في الحديثِ، كما نصَّ عليه غيرُ واحدٍ، وسبقَ مِرارًا.
وقد تكلَّم في روايته عن ابنِ أبي روَّاد الحافظُ ابنُ المظفرِ، فقال:"أبو حنيفة عن عبد العزيز بن أبي رواد إن صَحَّ"(مسند أبي حنيفة لابن خسرو 2/ 692).
قلنا: والمحفوظُ عن عبد العزيز بن أبي روَّاد: عن نافع عن ابن عمر موقوفًا.
أخرجه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 114): عن علي بن شيبة، عن ابن كناسة، عن عبد العزيز، به.
ورواه حربٌ الكرمانيُّ في (مسائله- كتاب الطهارة 319): عن أحمد بن نصر، عن حبَّانَ بن موسى، عن عبد الله (يعني ابن المبارك)، قال: قال عبد العَزيز: عن نافع، عن ابن عمر، به.
ولذا قال أبو داود: "وروى أيوبُ، ومالكٌ، وعبيدُ اللهِ، وقيسُ بنُ سعدٍ، ويونسُ الأيليُّ، وابنُ أبي روَّادٍ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ: ((أنه تيمم ضربتين للوجه واليدين إلى المرفقين)) ". قال أبو داود: "جعلوه فعل ابن عمر" كما في (تحفة الأشراف للمزي 6/ 226).
رِوَايَةُ التَّيَمُّمِ بِصِيغَةِ الأَمْرِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ ابنِ عُمَر، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي التَّيَمُّمِ بِالصَّعِيدِ:((أَنْ تَضْرِبَ بِكَفَّيْكَ عَلَى الثَّرَى، ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ، ثُمَّ تَضْرِبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَتَمْسَحَ بِهِمَا ذِرَاعَيْكَ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
منكرٌ كسابقه.
وحَكَمَ ببطلانه: أبو زرعةَ. وأعلَّه بالوقفِ: البزارُ. وضَعَّفَهُ: الهيثميُّ، وابنُ حَجرٍ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[بز 6088 (واللفظ له) / أبو القاسم حبيب بن الحسن بن داود القزاز (تعليقه صـ 175)].
[السند]:
قال البزارُ: حدثنا عمرو بن علي، نا قُرَّة بن سليمان، نا سليمان بن أبي داود الجزري، قال: سمعتُ سالمًا ونافعًا يحدثان عن ابنِ عمرَ به.
وأخرجه حبيب القزاز من طريق عمرو بن علي به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فسليمانُ بنُ أبي داودَ الجزريُّ متروكٌ، كما سبقَ.
قال أبو زرعة: "هذا حديثٌ باطلٌ، وسليمانُ ضعيفُ الحديثِ"(علل ابن أبي حاتم 137).
وقال الهيثميُّ: "رواه البزارُ، وفيه سليمان بن داود الجزري؛ قال أبو زرعة: متروك"(مجمع الزوائد 1417).
وقال ابنُ حَجرٍ: "سليمانُ، قال أبو زرعة: متروكٌ"(مختصر مسند البزار 1/ 176 - 177).
وضَعَّفه الألبانيُّ في (سلسلة الأحاديث الضعيفة 7/ 433).
قلنا: والمحفوظُ في الحديثِ الوقفُ كما ذكرنا مسبقًا.
ولذا قال البزارُ: "وهذا الحديثُ رواه سليمانُ، عن نافعٍ وسالمٍ، عن ابنِ عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والحفَّاظُ يوقفونه على قولِ ابنِ عمرَ".
رِوَايَةُ مَسَحْنَا بِأَيْدِينَا مِنَ المِرْفَقِ إِلَى الأَكُفِّ عَلَى مَنَابِتِ الشَّعْرِ مِنْ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: ((تَيَمَّمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَضَرَبْنَا بَأَيْدِينَا عَلَى الصَّعِيدِ الطَّيِّبِ، ثُمَّ نَفَضْنَا أَيْدِيَنَا فَمَسَحْنَا بِهَا وُجُوهَنَا، ثُمَّ ضَرَبْنَا ضَرْبَةً أُخْرَى الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ، ثُمَّ نَفَضْنَا أَيْدِيَنَا فَمَسَحْنَا بِأَيْدِينَا مِنَ المِرْفَقِ إِلَى الأَكُفِّ عَلَى مَنَابِتِ الشَّعْرِ مِنْ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ)).
[الحكم]:
منكرٌ مرفوعًا، وضَعَّفَهُ: الدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ دَقيقِ العيدِ، وابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ الملقنِ، وابنُ حَجرٍ، والمُناوي، والشوكانيُّ.
والصوابُ الوقفُ: كذا قال البيهقيُّ، وأقرَّه ابنُ الملقنِ وابنُ حَجرٍ.
[التخريج]:
[ك 647 (واللفظ له) / قط 688].
[السند]:
قال الدارقطنيُّ: حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل الأُبُلِّيُّ، ثنا الهيثم بن خالد، ثنا أبو نعيم، نا سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه به.
وأخرجه الحاكم من طريق الهيثم به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فسليمانُ بنُ أرقمَ متروكٌ، تركه غيرُ واحدٍ، انظر (ميزان الاعتدال 2/ 169).
وبه ضَعَّفَ الحديثَ الدارقطنيُّ، فقال:"ضعيف"(السنن 1/ 334).
وقال البيهقيُّ: "وسليمانُ بنُ أرقم ضعيفٌ لا يحتجُّ بروايته"(السنن الكبير 2/ 135)
وقال ابنُ الجَوزيِّ: "رواه سليمان بن أرقم عن الزهري عن سالم، وسليمانُ ليس بشيءٍ بإجماعهم"(التحقيق 1/ 237)،
وضَعَّفه -أيضًا-: ابنُ دَقيقِ العيدِ في (الإمام 3/ 152)، وابنُ عبدِ الهادِي في (تعليقه على العلل صـ 177)، وابنُ حَجرٍ في (التلخيص الحبير 1/ 268)، والمُناويُّ في (فيض القدير 3/ 286)، والشوكانيُّ في (1/ 328)، وقال:"وبهذا يتبينُ لك أن أحاديثَ الضربتين لا تخلو جميع طرقها من مقال".
قلنا: وقد خالفه الثقةُ الحافظُ معمرُ بنُ راشدٍ، فرواه عن الزهريِّ عن سالمٍ عن أبيه موقوفًا. أخرجه عبدُ الرزاقِ في (المصنف 825) -ومن طريقه ابنُ المنذرِ في (الأوسط 534)، والدارقطنيُّ في (السنن 694)، والبيهقيُّ
في (الخلافيات 815) -.
قال البيهقيُّ: "والصحيحُ روايةُ معمرٍ وغيرِهِ، عن الزهريِّ، عن سالمٍ، عن ابنِ عمرَ مِن فِعْلِهِ"(السنن الكبير 2/ 135)، ووافقه ابنُ الملقنِ في (البدر المنير 2/ 646)، وابنُ حَجرٍ في (التلخيص الحبير 1/ 268).
رِوَايَةُ تَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((تَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِضَرْبَتَيْنِ: ضَرْبَةٍ لِلْوَجْهِ وَالكَفَّيْنِ، وَضَرْبَةٍ لِلذِّرَاعَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ الدارقطنيُّ.
[التخريج]:
[قط 689].
[السند]:
قال الدارقطنيُّ: حدثنا عبد الصمد بن علي المكرمي، نا الفضل بن العباس التُّسْتَري، نا يحيى بن غيلان، نا عبد الله بن بَزِيع، عن سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ سليمانُ بنُ أرقمَ متروكٌ، كما سبقَ.
قال الدارقطنيُّ عقبه: "سليمانُ ضعيفٌ".
قلنا: والمحفوظُ فيه الوقفُ كما سبقَ.
3115 -
حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا
◼ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: ((التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
صحيحٌ موقوفًا.
[التخريج]:
[منذ 535 (واللفظ له) / صلاة 151/ حرب (طهارة 318) / قط 686/ هق 1012/ هقع 1551، 1554، 1555/ طبر (7/ 87)].
[السند]:
قال ابنُ المنذرِ: حدثنا علي بن الحسن، ثنا عبد الله بن الوليد، عن سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر به.
ورواه الدارقطنيُّ -ومن طريقه البيهقيُّ (السنن 1012)، و (المعرفة 1555) -، من طريق يحيى بن سعيد، وهشيم، عن عبيد الله به.
ورواه حربٌ الكرمانيُّ من طريق عبد العزيز بن أبي روَّاد.
ورواه البيهقيُّ في (معرفة السنن 1551) من طريقِ الشافعيِّ عن مالكٍ.
كلاهما (مالك، وعبد العزيز) عن نافعٍ به.
ومداره عندهم على نافعٍ عن ابنِ عمرَ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُهُ ثقاتٌ.
رِوَايَةٌ مُقْتَصِرَةٌ عَلَى المِرْفَقَيْنِ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ نَافِعٍ: ((أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ كَانَ يَتَيَمَّمُ إِلَى المِرْفقَيْنِ)).
[الحكم]:
صحيحٌ موقوفًا.
[التخريج]:
[طا 141 (واللفظ له) / قط 687/ هق 1011/ طبر (7/ 88) / هقغ 232/ هقع 1553].
[السند]:
رواه مالكٌ عن نافعٍ به.
ومداره عند الجميعِ -عدا الطبري في (التفسير) - على مالكٍ به.
[التحقيق]:
إسنادُهُ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ.
وقد تابع مالكًا عبيدُ اللهِ بنُ عمرَ، كما عند الطبري في (التفسير 7/ 88).
رِوَايَةُ كَانَ إِذَا تَيَمَّمَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((كَانَ إِذَا تَيَمَّمَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
حسنٌ لغيرِهِ.
[التخريج]:
[صلاة 156].
[السند]:
رواه أبو نُعيمٍ الفضلُ بنُ دُكَينٍ في (الصلاة) قال: حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي، عن نافع، عن ابن عمر، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فيه: عبد الله بن عامر الأسلميُّ "ضعيفٌ"، كما في (التقريب 3406).
ولكنه متابعٌ كما في الروايات السابقة، وانظر الآتي.
رِوَايَةُ: فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، من غير تحديدٍ للعددِ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ نَافِعٍ: ((أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ مِنَ الجُرُفِ، حَتَّى إِذَا كَانَا بِالمِرْبَدِ، نَزَلَ عَبْدُ اللهِ فَتَيَمَّمَ صَعِيدًا طَيِّبًا، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى)).
[الحكم]:
صحيحٌ موقوفًا، وصَحَّحَهُ ابنُ المنذرِ.
• وَفِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ: ((تَيَمَّمَ فِي مِرْبَضِ الغَنَمِ، فَقَالَ بِيَدِهِ عَلَى الأُخْرَى فَمَسَحَ بِهِمَا إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[التخريج]:
[طا 140/ أم 3898/ صلاة 150/ منذ 528 (مقتصرًا على التيمم) / طح (1/ 114) / طحق 116/ عق (4/ 38) (والرواية الثانية له ولغيرِهِ) / هق 1010/ هقع 1550، 1552/ هقغ 231/ خط (3/ 303)].
[السند]:
رواه مالكٌ في (الموطأ) -وعنه الشافعيُّ في (الأم)، وأبو نُعيمٍ في (الصلاة)، ومن طريقه: الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار، وأحكام القرآن)، والبيهقيُّ في (السنن، والمعرفة) - عن نافعٍ أن عبدَ اللهِ بنَ عمرَ به.
والروايةُ الثانيةُ: رواها العقيليُّ في (الضعفاء) -ومن طريقه: الخطيبُ البغداديُّ في (تاريخه) - من طريق أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر به.
[التحقيق]:
الإسنادان صحيحان، على شرط الشيخين.
ولذا صَحَّحَهُ ابنُ المنذرِ في (الأوسط 2/ 152).
رِوَايَةُ زَادَ: ضَرْبَتَيْنِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّ ابنَ عُمَرَ تَيَمَّمَ فِي مِرْبَدِ النَّعَمِ، فَقَالَ بِيَدَيْهِ عَلَى الأَرْضِ فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِهِمَا عَلَى الأَرْضِ ضَرْبَةً أُخْرَى، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
صحيحٌ موقوفًا.
[التخريج]:
[ش 1685 (واللفظ له) / طبر (7/ 87)].
[السند]:
قال ابن أبي شيبة: حدثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عن أيوب، عن نافع؛ أَنَّ ابنَ عُمَرَ تَيَمَّمَ فِي مِرْبَدِ النَّعَمِ
…
فذكره. ورواه الطبريُّ من طريقِ عبدِ الوارثِ بنِ سعيدٍ عن أيوبَ به.
[التحقيق]:
إسنادُهُ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ.
رِوَايَةُ وَلَا يَنْفُضُ يَدَيْهِ مِنَ التُّرَابِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَيَمَّمَ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ ضَرْبَةً عَلَى التُّرَابِ ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، وَلَا يَنْفُضُ يَدَيْهِ مِنَ التُّرَابِ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2، عن ابنِ عُمَرَ قَالَ:((فِي التَّيَمُّمِ: مَرَّةٌ لِلْوَجْهِ، وَمَرَّةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، وَلَا يَنْفُضُ يَدَيْهِ)).
[الحكم]:
صحيحٌ موقوفًا.
[التخريج]:
[عب 825 (واللفظ له)، 826، 827 (والرواية الثانية له) / منذ 534/ هقخ 815].
[السند]:
رواه عبدُ الرزاقِ (825) -ومن طريقه: ابنُ المنذرِ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ-، عن معمرٍ، عن الزهريِّ، عن سالمٍ، عنِ ابنِ عُمرَ.
ورواه (826) عن معمرٍ، عن أيوبَ، عن نافعٍ، عنِ ابنِ عمرَ به.
[التحقيق]:
هذان إسنادان صحيحان على شرطِ الشيخينِ.
تحقيق الرواية الثانية:
قال عبد الرزاق (827): عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ، فيه عبد الله بن عمر العمري، المكبر، "ضعيفٌ عابدٌ" كما في (التقريب 3489)، ولكنه متابعٌ كما مَرَّ في الرواياتِ السابقةِ.
رِوَايَةُ التَّيَمُّمُ مَسْحَتَانِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ ابنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا: ((التَّيَمُّمُ مَسْحَتَانِ، يَضْرِبُ الرَّجُلُ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ، يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ يَضْرِبُ بِهِمَا مَرَّةً أُخْرَى فَيَمْسَحُ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
صحيح موقوفًا.
[التخريج]:
[طبر (7/ 87)].
[السند]:
قال الطبريُّ: حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا المعتمر قال: سمعتُ عُبيدَ اللهِ، عن نافعٍ، عن عبد الله به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُهُ ثقاتٌ، وانظر الروايات السابقة.
رِوَايَةُ سَأَلْتُ ابنَ عُمَرَ عَنِ التَّيَمُّمِ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابنَ عُمَرَ عَنِ التَّيَمُّمِ، ((فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الأَرْضِ وَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ، وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ)).
[الحكم]:
صحيح موقوفًا.
[التخريج]:
[طح (1/ 114)].
[السند]:
قال الطحاويُّ: حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن مَعْبَد، عن عبيد الله بن عمر، وعن عبد الكريم الجزري، عن نافع، به.
وقال عَقِبَهُ: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا محمد بن عبد الله الكُنَاسي، قال: ثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر، رضي الله عنهما مثله.
وحدثنا رَوْح بن الفرج، قال: ثنا سعيد بنُ كَثيرٍ بن عُفير، قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن هشام بن عروة، عن نافع، عن ابن عمر، رضي الله عنهما مثله.
[التحقيق]:
إسنادُهُ صحيحٌ، رجالُهُ ثقاتٌ، عبدُ الكريمِ هو ابنُ مالكٍ الجزريُّ، "ثقةٌ متقنٌ" كما في (التقريب 4154)، ومتابَعٌ كما في الإسنادِ.
رِوَايَةُ وَصْفِ التَّيَمُّمِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ((أَنَّهُ وَصَفَ التَّيمُّمَ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ، وَظَهْرَ يَدَيْهِ، وَذِرَاعَيْهِ مِنْ لَدُنْ أَصَابِعِهِ إِلَى مِرْفَقَيْهِ، ثُمَّ مِنْ بَطْنِ اليَدَيْنِ مِنْ لَدُنْ مِرْفَقِهِ إِلَى أَصَابِعِهِ؛ ضَرْبَتَيْنِ، يَنْفُضُهَا)).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ.
[التخريج]:
[حرب (طهارة 319)].
[السند]:
قال حربٌ الكرمانيُّ: حدثنا أحمد بن نصر، قال: ثنا حبَّانُ بن موسى، عن عبد الله، قال: قال عبد العزيز: عن نافع، عن ابن عمر به.
عبد الله: هو ابنُ المباركِ.
وعبد العزيز: هو ابنُ أبي روَّاد.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير أن عبدَ العزيزِ بنَ أبي روَّادٍ وإن كان ثقةً، فقد قال أحمد:"ليس هو في الثبت مثل غيره"(العلل رواية عبد الله - رقم 3179).
وقدِ انفردَ بهذه الكيفيةِ، ولم يأتِ بها غيرُهُ، وقد روى الحديثَ أصحابُ نافعٍ؛ كعبيد الله، ومالك، وغيرهما بدون هذا السياق كما تقدَّم.
رِوَايَةُ سُئِلَ قَتَادَةُ
• وَفِي رِوَايَةٍ: سُئِلَ قَتَادَةُ عَنِ التَّيَمُّمِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: كَانَ ابنُ عُمَرَ يَقُولُ: ((إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
منقطعٌ.
[التخريج]:
[بز 1390 (واللفظ له) / قط 693/ هق 1027/ تمهيد (19/ 286) / استذ (3/ 164)].
[السند]:
رواه البزارُ فقال: حدثنا إبراهيم بن هانئٍ، سمعتُ موسى بنَ إسماعيل، قال: نا أبان، قال: سئل قتادة
…
الحديث.
ورواه الدارقطنيُّ، -ومن طريقه البيهقيُّ - من طريق إبراهيم به.
ومداره عندهم على موسى بن إسماعيل به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير أنه منقطعٌ؛ قتادةُ لم يدركِ ابنَ عُمرَ رضي الله عنهما.
قال أحمدُ بنُ حنبلٍ: "ما أعلم قتادة روى عن أحدٍ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلا عن أنسٍ رضي الله عنه"(المراسيل 619).
وقال أبو حاتم: "لم يَلْقَ قتادةُ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلا أنسًا وعبدَ اللهِ بنَ سَرْجِس"(المراسيل 640).
3116 -
حَدِيثُ جَابِرٍ
◼ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((التَّيَمُّمُ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ (لِلذِّرَاعَيْنِ) إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
معل بالوقف. وأعلَّه بالوقفِ: الدارقطنيُّ وابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ حَجرٍ، والمباركفوريُّ. وضَعَّفَهُ: ابنُ الجَوزيِّ، وأقرَّه ابنُ دَقيقِ العيدِ.
[التخريج]:
[ك 650 (واللفظ له) / هق 1014/ قط 691 (والرواية له) / تحقيق 278/ جصاص (1/ 417)].
[السند]:
قال الحاكم: حدثنا علي بن حمشاذ وأبو بكر بن بَالَوَيْهِ، قالا: ثنا إبراهيم بن إسحاق، ثنا عثمان بن محمد الأنماطي، ثنا حَرَمي بن عمارة، عن عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر به.
ورواه الدارقطنيُّ في (السنن) -ومن طريقه ابنُ الجَوزيِّ- فقال: حدثنا محمد بن مَخْلَد، وإسماعيل بن علي، وعبد الباقي بن قانع، قالوا: نا إبراهيم بن إسحاق الحربي به.
ومداره عندهم على عثمان بن محمد الأنماطي به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير الأنماطي وحرمي.
فأما الأنماطي: فهو عثمانُ بنُ محمدٍ البصريُّ؛ ذكره ابنُ أبي حاتمٍ في (الجرح والتعديل 6/ 166)، ولم يذكرْ فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وقال فيه ابنُ الجَوزيِّ: "قد تُكُلِّم في عثمان بن محمد"(التحقيق 1/ 237)، وقال الذهبيُّ:"صويلح، وقد تُكُلِّم فيه"(الميزان 5559)، وقال أيضًا:"فيه لين"(المغني في الضعفاء 4060)، وقال ابنُ حَجرٍ:"ولم أرَ لأحدٍ فيه كلامًا إلا أنَّ ابنَ الجوزي قال في (التحقيق): تُكلم فيه، ولم يذكره مع ذلك في (الضعفاء) "(تهذيب التهذيب 7/ 152)، وقال في (التقريب 4514):"مقبول".
قلنا: قد وَثَّقَهُ الدارقطنيُّ هنا فقال: "رجاله كلُّهم ثقات"(حاشية السنن كما في ط. الرسالة 1/ 335).
وأما حرمي بن عمارة، فصدوقٌ من رجالِ الشيخينِ، تقدَّم قولُ الدارقطنيِّ فيه، ولكن قال الإمامُ أحمدُ:"كانتْ فيه غفلةٌ" كما في (الضعفاء للعقيلي 1/ 494).
ثم إن المحفوظ فيه عن عزرةَ الوقف، كذا رواه جماعةٌ عنه، وهم:
1 -
وكيع بن الجراح، كما عند ابن أبي شيبة في (المصنف 1700) قال: حدثنا وكيع، عن عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر ((أَنَّهُ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ ضَرْبَةً فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِهِمَا الأَرْضَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
2 -
عبد الله بن المبارك، كما عند ابن المنذر في (الأوسط 536)، ولكن قال فيه ابنُ المنذرِ: حدَّثونا عن الحسن بن عيسى عن عبد الله بن المبارك به. فأَبْهَمَ شيوخَه الَّذين حدَّثُوه، ولفظه أنه: ((سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: رَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَتَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ. فَقَالَ: أَحْسَبُكَ تَحَوَّلْتَ حِمَارًا! ! ثُمَّ وَضَعَ جَابِرٌ يَدَيْهِ فِي الأَرْضِ فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ وَضَعَهُمَا فَمَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ،
ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا التَّيَمُّمُ)).
3 -
أبو نعيم الفضل بن دكين، في (الصلاة 153) بمثل رواية وكيع السابقة.
ورواه في (الصلاة 145) -ومن طريقه: الحاكمُ في (المستدرك 649)، والدارقطنيُّ في (السنن 692) -، وغيرهما، قال: حدثنا عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:((جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، وَإِنِّي تَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ، فَقَالَ: أَصِرْتَ حِمَارًا، فَضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الأُخْرَى، فَمَسَحَ بِهَا يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، فَقَالَ: هَكَذَا التَّيَمُّمُ)).
وعند الحاكم، والدارقطني زيادة: فقال: ((اضرب)).
وقد وقعَ إشكالٌ عند الحاكمِ، حيث قال (عقب رقم 648):"وقد روينا معنى هذا الحديث عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بإسنادٍ صحيحٍ".
فأسندَ الحاكمُ -عقبه- طريقَ أبي نعيمٍ هذا، فوقعَ خلطٌ في فهمِ السياقِ هل يرجعُ قوله:((جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ))، إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم أم إلى جابرٍ رضي الله عنه؟
وأَوقعَ هذا الفهم محققو طبعة دار الكتب العلمية لـ (مستدرك الحاكم) في الخطأ حيثُ جعلوا النبي صلى الله عليه وسلم بين معقوفين، وقالوا:"ما بين المقكوفين أضفناه لاستقامة المعنى"(المستدرك 1/ 288 ط. العلمية).
بينما كان في الطبعة الهندية كما هنا، ولكن أشارَ المحققُ في الهامش إلى قوله:"كذا في النسخ، والظاهرُ جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم"(المستدرك 1/ 180).
وبنحوه قال الشيخ مقبل الوادعي في تحقيقه (المستدرك 1/ 275 ط. الحرمين).
وبِناء عليه قال ابنُ الملقنِ: "وقد رواه إبراهيم بن إسحاق الحربي، عن أبي نعيم
(1)
، عن (عزرة) كما أسلفنا ذلك عن رواية الحاكم وتصحيحه، فلم ينفرد عثمان به" (البدر المنير 6/ 649).
فجعلها متابعة لرواية عثمان عن حرمي المتقدمة، وقَوَّى بها الحديث، نظرا للخطأ الناتج عن فهم السياق.
وقال الكشميريُّ: "والذي يقعُ في الخاطرِ أَنه مرفوع، ومَن صوَّب وَقْفَه إنَّما حمله على ذلك إرجاعُ الضميرِ إلى جابرٍ رضي الله عنه. وعندي مرجعه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإنما ينقل جابر رضي الله عنهما كان جَرَى بين النبيِّ صلى الله عليه وسلم وبين هذا الرجل من القصة"(فيض الباري 1/ 524).
وقال في (العَرْف الشذي 1/ 164): "وقال جماعةٌ من المحدثين: إن روايةَ جابرٍ موقوفةٌ، وقالتْ جماعةٌ منهم: إنها مرفوعةٌ، ووقفها الطحاوي، وعندي أنها مرفوعة، واختلطَ على المُوقِفِينَ لفظ ((أَتَاه)) فإنهم زعموا أن مرجعَ الضمير المنصوب هو جابر بن عبد الله، والحال أن المرجع هو النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الحافظُ العينيُّ".
قلنا: كلامهم هذا مردود لأمرين:
الأول: أن الحديثَ رواه الدارقطنيُّ من نفسِ طريقِ الحاكمِ، فذكر رواية حرمي المرفوعة، ثم قال عقبها:"رجاله كلهم ثقات، والصواب موقوف"، ثم أسند رواية أبي نعيم بمثل رواية الحاكم، فلم يفهم منه الرفع كما فهم من تقدم، وكذا رواه البيهقيُّ عن شيخه الحاكم، فقال عقبه: "كذا قاله،
(1)
تصحَّفَ في مطبوع (البدر) إلى: "إبراهيم"، وأشار محققو الكتاب لتصحيفها في الحاشية.
وإسناده صحيح إلا أنه لم يُبَيِّن الآمر له بذلك" (السنن الكبير 2/ 136) أي أن الحاكم صَحَّحَ إسنادَه ولم يُبينْ هل هو مرفوع أم موقوف.
قلنا: ويرفع هذا الإشكال برد هذه الرواية المشكلة إلى رواية أخرى أكثر منها بيانًا، وقد رواها أبو نعيم نفسُه من كتاب الصلاة، ولفظها: عن أبي الزبير عن جابر قال: ((ضَرَبَ بِيَدِهِ الأَرْضَ، فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الأُخْرَى، فَمَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا التَّيَمُّمُ)).
أي: وَصَفَ أبو الزبير كيفية تيمم جابر بفعله، وتابعه على هذه الرواية: وكيعٌ في (المصنَّف) لابن أبي شيبة كما سبقَ.
وفي روايةِ ابنِ المباركِ أن: ((رجلًا سأله فقال
…
)).
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم ليس له ذِكرٌ مسبقٌ في هذه الرواية ولا في رواية وكيع ولا أبي نعيم المتقدمتين، حتى نقول: إن الضمير فيها يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذا تعقب المباركفوريُّ الكشميريَّ فقال: "قوله: (إن المرجعَ هو النبيُّ صلى الله عليه وسلم، باطلٌ جدًّا فإنه ليس في هذه الروايةِ ذِكرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أصلًا، لا قبلَ الضميرِ ولا بعده؛ ولذلك لم يقلْ به أحدٌ من المحدثين بل أو قفوه وأرجعوا الضمير إلى جابرٍ.
وقوله: (كما قال الحافظُ العينيُّ) ليس بصحيحٍ فإن العينيَّ لم يقلْ به، بل قال في (شرح البخاري) -بعد ذكر حديث جابر المرفوع- ما لفظه: وأخرجه الطحاويُّ وابنُ أبي شيبةَ موقوفًا" (تحفة الأحوذي 1/ 378).
الأمر الثاني: أن العلماءَ رجَّحُوا الوقفَ ولم يفهموا منه الرفع، فتقدم قولُ الدارقطنيِّ:"والصواب موقوف"، وبنحوه قال ابنُ عبدِ الهادِي في (تعليقه على العلل لابن أبي حاتم صـ 178).
وأقرَّ الحافظُ ابنُ حجرٍ الدارقطنيَّ متعقبًا الحاكمَ تصحيحه فقال: "وقال الدارقطنيُّ في (حاشية السنن): كلُّهم ثقاتٌ، ولكن الصواب موقوف. وفيه تعقب على الحاكم"(لسان الميزان 5/ 407).
وضَعَّفَ الحديثَ غيرُ من تقدَّمَ: ابنُ الجَوزيِّ في (التحقيق 1/ 237) فقال: "وأما حديثُ جابرٍ فقد تُكلِّمَ في عثمانَ بنِ محمدٍ". وأقرَّه ابنُ دَقيقِ العيدِ في (الإمام 3/ 153).
قلنا: ولكن نَقَل الزيلعيُّ عن ابنِ دَقيقِ العيدِ كلامًا ليس في المطبوع من الإمام فقال: "وتعقبه صاحب التنقيح تابعًا للشيخ، قال الشيخُ تقي الدين في (الإمام) وقال ما معناه: إن هذا الكلام لا يُقبل منه؛ لأنه لم يبينْ مَن تكلم فيه، وقد روى عنه أبو داود وأبو بكر بن أبي عاصم وغيرهما، ذكره ابنُ أبي حاتم في كتابه ولم يذكر فيه جرحًا، والله أعلم"(نصب الراية 1/ 151).
وبنحو كلامه قال الحافظُ في (التلخيص)، ونصُّه: "ضَعَّفَ ابنُ الجَوزيِّ هذا الحديثَ بعثمانَ بنِ محمدٍ، وقال: إنه متكلَّمٌ فيه. وأخطأَ في ذلك. قال ابنُ دَقيقِ العيدِ: لم يتكلمْ فيه أحدٌ، نعم، روايتُه شاذَّةٌ؛ لأن أبا نعيم رواه عن عزرةَ موقوفًا،
…
قلت: وقال الدارقطنيُّ في (حاشية السنن) -عقب حديث عثمان بن محمد-: كلُّهم ثقاتٌ" (التلخيص الحبير 1/ 268).
وضَعَّفَ الحديثَ المباركفوريُّ -أيضًا- فقال: "فظهرَ أن روايةَ محمدِ بنِ عثمانَ المرفوعة شاذَّةٌ"(تحفة الأحوذي 1/ 378).
قلنا: وثَمَّ علةٌ أُخرى أشارَ إليها الحافظُ في (الدراية 1/ 68) فقال: "وهو من رواية عثمان بن محمد الأنماطي عن حرمي بن عمارة عن عزرة بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر، وخالفه يحيى بن حكيم ومحمد بن معمر فقالا:
عن حرمي بن عمارة عن الحَرِيش بن الخِرِّيت عن ابن أبي مليكة عن عائشة، أخرجه البزار".
ويحيى بن حكيم هو المقومي، ثقةٌ حافظٌ، وتابعه محمد بن معمر البحراني، صدوقٌ، وروايتهما أخرجها البزار (18/ 240).
وسَرَقَه السَّريُّ بنُ عاصمٍ منهما، فرواه عن حرميٍّ -أيضًا- كما عند ابنِ عَدِيٍّ في (الكامل 6/ 72).
فرووه عن حرمي عن الحريش عن ابن أبي مليكة عن عائشة بنحوه.
ولا ريبَ أن روايتَهم ترجح على رواية عثمان الأنماطي كما أشارَ ابنُ حَجرٍ في كلامه آنفًا.
[تنبيهان]:
1 -
سَقَطَ عزرةُ من (التحقيق لابنِ الجَوزيِّ) فحَدَثَ تداخلٌ في السندِ، فوقعَ فيه السندُ هكذا:"حدثنا حرمي بن عمارة بن ثابت عن أبي الزبير"، والصواب حرمي بن عمارة عن عزرة بن ثابت عن أبي الزبير" كما في (سنن الدارقطني)، حيثُ رواه ابنُ الجَوزيِّ من طريقه، وانظر (التنقيح لابنِ عبدِ الهادِي 348، وللذهبي صـ 1/ 80).
2 -
وقع تصحيفان من (شرح مختصر الطحاوي للجصاص) حيث وقع فيه: "عمر بن محمد الأنماطي قال: حدثنا جرير عن عزرة عن أبي الزبير"، والصواب: عثمان بن محمد الأنماطي عن حرمي عن عزرة" كما في بقية المصادر.
3117 -
حَدِيثُ جَابِرٍ المَوْقُوفُ:
◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ [أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، وَإِنِّي تَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ. فَقَالَ: أَصِرْتَ حِمَارًا! ، وَ] 1 ضَرَبَ [جَابِرٌ] 2 بِيَدَيْهِ الأَرْضَ ضَرْبَةً فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِهِمَا الأَرْضَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ إلَى المِرْفَقَيْنِ، [ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا التَّيَمُّمُ] 3.
[الحكم]:
صحيح موقوفًا. وصَحَّحَ إسنادَهُ: الحاكمُ، والبيهقيُّ، وابنُ الملقنِ، والعينيُّ. وجَوَّدَهُ ابنُ كَثيرٍ.
[التخريج]:
[صلاة 145، 153 "والزيادة الثالثة له" / ش 1700 "واللفظ له" / منذ 536 "والزيادة الثانية له" / طح (1/ 114) "والزيادة الأولى له" / طحق 117 / جصاص (1/ 417) / قط 692 / ك 649 / هق 1013].
[السند]:
أخرجه أبو نعيم الفضل بن دكين في (الصلاة)، ومن طريقه الطحاوي، والدارقطنيُّ والحاكمُ -وعنه البيهقيُّ-، .
وأخرجه ابنُ أبي شيبةَ: عن وكيع.
وأخرجه ابنُ المنذرِ: من طريق ابن المبارك.
ثلاثتهم: عن عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجالُهُ ثقاتٌ.
ولذا صَحَّحَ إسنادَهُ الحاكمُ فقال: "وقد روينا معنى هذا الحديث عن جابر
ابن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بإسنادٍ صحيحٍ" (المستدرك 1/ 556)، ثم أسنده عن جابر قال: ((جاء رجل فقال: أصابتني جنابة
…
)) الأثر.
قلنا: وليس فيه ما يدل على الرفع، كما ذكر، بل الصواب أنه موقوف كما هو ظاهر في المصادر الأخرى، ولذا جزم الحافظ في (التلخيص الحبير 1/ 268) بأن رواية الحاكم والدارقطني موقوفة.
وقد قال البيهقيُّ: "إسناده صحيح، إلا أنه لم يبين الآمر له بذلك"(السنن الكبير 2/ 136).
وجوَّده ابنُ كَثيرٍ في (إرشاد الفقيه 1/ 73).
وقال العينيُّ: "إسنادُهُ صحيحٌ"(نخب الأفكار 2/ 441).
3118 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَتَينِ
(1)
: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
منكرٌ كسابقه.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ: الزيلعيُّ، والهيثميُّ، وابنُ حَجرٍ، والعينيُّ، والشوكانيُّ، والمباركفوريُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[بز (18/ رقم 240)].
[السند]:
قال البزار: حدثنا يحيى بن حكيم ومحمد بن معمر، قالا: ثنا حرمي بن عمارة، قال: نا الحريش بن الخريت، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة به.
قال البزارُ: "وهذا الحديثُ لا نعلمه يروى عن عائشة رضي الله عنها إلا من هذا الوجه، والحريش رجلٌ من أهل البصرة أخو الزبير بن الخريت".
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ عِلَّتُه الحريش، وتقدَّم الكلامُ عليه تحت باب "التيمم ضربتان للوجه والكفين.
قال الهيثميُّ "رواه البزارُ، وفيه الحريش بن الخريت؛ ضَعَّفَه أبو حاتم، وأبو زرعة، والبخاري". (مجمع الزوائد 1418).
(1)
كذا في المطبوع، وعلَّق المحققُ قائلًا: في نصب الراية: ضربتان.
قال ابنُ حَجرٍ: "تفرَّدَ به: الحريش بن الخريت، عن ابن أبي مليكة عنها، قال أبو حاتم: حديث منكر، والحريش شيخ لا يُحتجُّ بحديثه"(التلخيص الحبير 1/ 269)، وانظر (مختصر مسند البزار 1/ 177).
وضَعَّفَ الحديثَ: الزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 151)، والعينيُّ في (البناية شرح الهداية 1/ 524)، و (عمدة القاري 4/ 20)، و (نخب الأفكار 2/ 444)، والشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 329)، والألبانيُّ في (الضعيفة 7/ 435).
وقال المباركفوريُّ: "ضعيفٌ لا يصلحُ للاحتجاجِ"(تحفة الأحوذي 1/ 378).
وانظر ما سبق.
3119 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فِي التَّيَمُّمِ: ((ضَرْبَةٌ لِلوَجْهِ وَأُخْرَى لِلذِّرَاعَيْنِ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ: ابنُ حزمٍ، وأقرَّه مغلطاي.
[التخريج]:
[موهب (مغلطاي 2/ 319) / مدونة (1/ 145) / محلى (2/ 148)].
[السند]:
رواه ابنُ وهبٍ -وعنه سحنون، ومن طريقه ابن حزم في (المحلى) - عن محمد بن عمرو اليافعي عن رجلٍ حدَّثه عن جعفر بن بن الزبير عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه جعفر بن الزبير، متروكٌ كما سبقَ مِرارًا.
وفيه -أيضًا- جهالةُ شيخِ اليافعيِّ.
قال ابنُ حزمٍ: "فيه علتان: إحداهما: القاسم، وهو ضعيف. والثانية: أن محمد بن عمرو لم يُسَمِّ مَن أخبره به عن جعفر بن الزبير، وقد دلَّسه بعضُ الناسِ فقال: عن محمد بن عمرو عن جعفر، ومحمدٌ لم يدركْ جعفر بن الزبير، فسقطَ هذا الخبرُ"(المحلى 2/ 148).
وأقرَّه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 319).
قلنا: تضعيفه بجعفر بن الزبير أَوْلى؛ فإن القاسم صاحب أبي أمامة لا ينزل حديثه عن مرتبة الاحتجاج، كما قرَّرنا ذلك تحت باب "إعفاء اللحية".
ولذا علَّق الشيخُ أحمد شاكر في حاشية المحلى قائلًا: "بل ضَعْفُ الحديثِ إنما جاء من جعفر بن الزبير الدمشقي هذا، قال ابنُ حِبَّانَ: (يَروي عن القاسم وغيره أشياء موضوعة، وروى عن القاسم عن أبي أمامة نسخة موضوعة)، وقال شعبة: (وضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة حديث كذب) ".
3120 -
حَدِيثُ الوَاقِدِيِّ
◼ عَنِ الوَاقِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِليَدَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
ساقطٌ، وضَعَّفَهُ ابنُ حزمٍ.
[التخريج]:
[محلى (2/ 148) معلقًا].
[السند]:
قال ابنُ حزمٍ: واحتجوا بحديثٍ عن الواقديِّ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ تالفٌ، فمع تعليقه فيه الواقدي، متهمٌ، وقد تقدَّم مِرارًا.
قال ابنُ حزم: "وأما حديثُ الواقديِّ فأسقطُ مِن أن يُشتغل به؛ لأنه عن الواقدي، وهو مذكورٌ بالكذب، ثم مرسلٌ من عنده"(المحلى 2/ 150).
3121 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه: أَنَّا نَاسًا مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّا نَكُونُ بِالرِّمَالِ الأَشْهُرَ الثَّلَاثَةَ والأَرْبَعَةَ، وَيَكُونُ فِينَا الجُنُبُ وَالنُّفَسَاءُ وَالحَائِضُ، وَلَسْنَا نَجِدُ المَاءَ. فَقَالَ:((عَلَيْكُمْ بِالأَرْضِ))؛ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى الأَرْضِ لِوَجْهِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَمَسَحَ بِهَا عَلَى يَدَيْهِ إِلى المِرْفَقَيْنِ
(1)
.
[الحكم]:
منكرٌ، وإسنادُهُ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ ابنُ الجَوزيِّ وغيرُهُ.
[التخريج]:
[ص (إمام 3/ 126) / تحقيق 269].
[السند]:
رواه سعيد بن منصور -ومن طريقه ابنُ الجَوزيِّ-، قال: نا عيسى بن يونس، ثنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فيه المثنى بن الصباح، وقد تقدَّم الكلامُ عليه تحت باب "مشروعية التيمم".
(1)
عزا الحديثَ بذكر صفة التيمم: الزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 156)، وابن حجر في (الدراية 1/ 69)، وابن الهمام في (فتح القدير 1/ 127)، وابن حمزة الحسيني في (البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف 2/ 106): لأحمدَ والبيهقيِّ، ثم ضَعَّفُوه بالمثنى، والذي عندهم كما سبق الحديث بغيرها.
وأما متنه؛ فمعارَضٌ بما رواه البخاري (343)، ومسلم (368) من حديث عمار بن ياسر، وفيه أن التيمم بضربة واحدة للوجه والكفين.
3122 -
حَدِيثُ الأَسْلَعِ
◼ عَنِ الأَسْلَعِ بنِ شَرِيكٍ التَّمِيمِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأُرَجِّلُ لَهُ [فَقَالَ لِي ذَاتَ لَيْلَةٍ: ((يَا أَسْلَعُ قُمْ فَأَرْجِلْ لِي))] فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ ((فَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ بِالتَّيَمُّمِ (بَآيَةِ الصَّعِيدِ) فَأَرَانِي كَيْفَ أَتَيَمَّمُ (أَمْسَحُ)، فَضَرَبَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ (ذِرَاعَيْهِ)، [فَمَسَحْتُ وَرَجَّلْتُ لَهُ وَصَلَّيْتُ])).
[الحكم]:
منكرٌ.
[التخريج]:
[قا (1/ 50)(واللفظ له) / مق 5/ صبغ 249/
…
].
سبقَ تخريجُ الحديثِ وتحقيقُه برواياته تحت باب "بدء التيمم".
3123 -
حَدِيثُ الأَسْقَعِ خَادِمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
◼ عَنِ الأَسْقَعِ قَالَ: كُنْتُ أُرَحِّلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((ارْحِلْ لَنَا يَا أَسْقَعُ))، فَقُلْتُ: بَأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَيْسَ فِي المَنْزِلِ مَاءٌ! فَقَالَ:((تَعَالَ يَا أَسْقَعُ أُعَلِّمْكَ التَّيَمُّمَ مِثْلَ مَا عَلَّمَنِي جِبْرِيلُ))، فَأَتَيْتُهُ فَنَحَّانِي عَنِ الطَرِيقِ قَلِيلًا فَعَلَّمَنِي التَّيَمُّمَ
…
ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ ثُمَّ مَسَحَ بِهما وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ الأَرْضَ وَمَسَحَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ.
رِوَايَةُ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الأَسْقَعِ -خَادِمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَرَانِي التَّيَمُّمَ ضَرْبَةً لِلوَجْهِ، وَضَرْبَةً لِليَدَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).
[الحكم]:
منكرُ المتنِ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[خط (9/ 351 - 352) (بسياق الرواية الأولى) / جوزي (مسلسل 7/ ب) (بسياق الرواية الثانية)].
سبق تحقيقه تحت باب "بدء التيمم".
* * *