الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال بعضهم:
يا سائقاً غن النياقَ وزمزما
…
أبشرْ فقد نلتَ المقامَ وزمزما
كم كنت تُذكِرنا منازلَ مكةٍ
…
وتقولُ إن بها المُنى والمَغْنَما
بَرِّدْ بماء سقاية العباس ما
…
كابدته طولَ الطريق من الظَّما
وانهضْ وهرولْ بينَ زمزم والصفا
…
وادخلْ إلى الحَجَر الكريم مسلِّما
ومقام إبراهيمَ زُره مبادِراً
…
وبحِجْر إسماعيلَ صَلِّ معظِّما
وانظرْ عروسَ البيت تجلي حسنَها
…
للناظرين ولُذْ بها مستَعْصِما
فهي التي ظهرتْ فضائُلها فلا
…
تَخْفى وهل يخفى سنا قمرِ السما
لم يَلْقَها الإنسانُ إلا باكياً
…
فَرحاً بها أو ضاحكاً متبسِّما
والنورُ من أحشائها لم يختفي
…
أبداً وإن جَنَّ الظلام وأعتما
ومن العجائب أنها محروسةٌ
…
والصيدُ فيها لا يزالُ محرَّما
والطيرُ لا تعلو على أركانها
…
إلا ليشفي إذ نجا متألِّما
تختال في حُلل السواد وبابُها
…
بالنور منها مُبَرْقَعاً ومُلَثَّما
هي كعبةُ المولى الكريمِ وكلُّ من
…
وافى إليها حقُّه أن يُكْرَما
ما منهمُ إلا ذليلٌ خاضع
…
باكٍ على زَلَاّته متندِّما
يا ربِّ قد وقفتْ ببابك عُصبةٌ
…
يرجون منك تفضُّلا وتكرُّما
ذا طالبًا فضلًا وذا متقصداً
…
مِمَّا جناه من الذنوب وقَدَّما
8 - فصل في المحافظة على الصلوات في المسجد الحرام جماعة في أوقاتها
عن ابن الزبير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا أفضلُ من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجدَ الحرام، وصلاةُ في المسجد الحرام أفضلُ من مئة صلاة في مسجدي" رواه أحمد بسند صحيح، وابن حبان في "صحيحه"، وصححه ابنُ عبد البرّ، وقال: إنه الحُجة عند التنازع، والنص في موضع الخلاف القاطع له، عند من ألهم رشده، ولم تمل به عصبيته، ومضاعفةُ
الصلاة بالمسجد الحرام على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بمئة صلاة مذهبُ عامة أهل الأثر.
وعن الأرقم: قال صلى الله عليه وسلم: "صلاة هاهنا -وأومأ بيده إلى مكة- خيرٌ من ألف صلاة هاهنا -وأوما بيده إلى الشام" أخرجه أحمد -يعني: بيت المقدس-. وفي المراد بالمسجد الحرام الذي تُضاعف فيه الصلاةُ أربعة أقوال:
1 -
الأول: أنه الحرم كله، قاله ابن عباس، ويؤيده قوله تعالى:{سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: 25] وقوله تعالى: {وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الفتح: 25] وقوله تعالى: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1] وكان ذلك في بيت أم هانىء،
2 -
والثاني: أنه مسجد الجماعة،
3 -
والثالث: أنه مكة المشرفة، نقله الزمخشري عن أصحاب أبي حنيفة،
4 -
والرابع: أنه الكعبة، قال ابن جماعة: وهو أبعدُها، والأوجهُ الأولُ.
وذهب مالك إلى أفضلية الصلوات في مسجده صلى الله عليه وسلم بالنسبة إلى المسجد الحرام؛ خلافاً لباقي الأئمة. قال الطبري: إن حسنة الحرم مطلقاً بمئة ألف حسنة؛ لحديث ابن عباس، لكن المسجد مخصوص بتضعيف زائد على ذلك، الصلوات بمسجده صلى الله عليه وسلم بألف صلاة، كلُّ صلاة بعشر حسنات، فتكون عشرة آلاف حسنة، والصلاة بالمسجد الحرام بمئة صلاة بمسجده صلى الله عليه وسلم، فتكون بألف ألف حسنة.
قال أبو بكر النقاش: فحسبتُ ذلك، فبلغت صلاةٌ واحدة في المسجد الحرام عمرَ خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة، وأما صلاة يوم وليلة في المسجد الحرام، وهي خمس صلوات عمرَ مئتي سنة وسبع وسبعين سنة وتسعة أشهر وعشر ليال، ولم يقل المرجاني: لفظ خمس وسبع، وما ذكر يحصل بصلاة المنفرد نفلاً، وأما جماعة، فعن النبي صلى الله عليه وسلم:"أن صلاة الجماعة تفضل صلاةَ الفذِّ بخمس وعشرين"، وفي رواية:"بسبع وعشرين درجة"، انتهى. وقد يصلي رجلان: فيكتب لحاضر القلب، ولا يكتب للغافل إلا ما حضر فيه قلبه، فلا غرو أن تكون المضاعفة تختلف بأحوال المصلين.