الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحلق قبل النحر، وفي رواية: الإفاضة قبل الحلق، وفي رواية: قدم الذبح قبل الرمي، وفي رواية: قدم الحلق قبل الذبح، وفي رواية: قدم الزيارة قبل الرمي.
وذهب جمهور العلماء من الفقهاء وأصحاب الحديث: إلى الجواز، وعدم وجوب الدم، قالوا: لأن قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا حرج" يقتضي رفع الإثم والفدية معاً؛ لأن المراد بنفي الحرج نفيُ الضيق، وإيجابُ أحدِهما فيه ضيق، وأيضاً لو كان الدم واجباً، لبينه صلى الله عليه وسلم؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وبهذا يندفع ما قال الطحاوي من أن الرخصة مختصة بمن كان جاهلاً أو ناسياً، لا مَنْ كان عامداً فعليه الفدية.
قال الطبري: لم يُسقط النبي صلى الله عليه وسلم الحرج إلا وقد أجزأ الفعل، إذ لو لم يجزىء، لأمره بالإعادة؛ لأن الجهل والنسيان لا يضعان غير إثم الحكم الذي يلزمه في الحج؛ كما لو ترك الرمي ونحوه؛ فإنه لا يأثم بتركه ناسياً أو جاهلاً لكن تجب عليه الإعادة.
قال: والعجب ممن يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا حرج" على نفي الإثم فقط، ثم يخص ذلك ببعض الأمور دون بعض، فإن كان الترتيب واجباً يجب بتركه دم، فليكن في الجميع، وإلا فما وجه تخصيص بعض، دون بعض مع تعميم الشارع الجميع بنفي الحرج؟ وأطال الشوكاني في ذلك، ورجحه في "نيل الأوطار".
15 - فصل في الإفاضة من منى للطواف يوم النحر
وهو المأمور به في قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] ويقال له: طواف الإفاضة، وطواف الزيارة، فإذا فرغ من الحلق أو التقصير، فالسنة: أن يفيض من منى إلى مكة، ويطوف بالبيت سبعاً ينوي به طواف الإفاضة، ثم يصلي الركعتين على الصفة التي ذكرناها في طواف القدوم، لكن من سعى للحج عقب طواف القدوم من مفرِد أو قارِن، لم يحتج إلى سعي الحج بعد طواف الإفاضة، باتفاق الأربعة.
وقال مالك، والشافعي، وإسحاق، وداود، وهو محكي عن ابن عمر،
وجابر، وعائشة، كذا قال النووي: إنه يكفي القارن لحجه وعمرته طوافٌ واحد، وسعي واحد، وقال زيد بن علي، وأبو حنفية وأصحابه، وهو محكي عن علي، وابن مسعود، والشعبي، والنخعي: إنه يلزم القارن طوافان وسعيان.
وأجابوا عن أحاديث الباب بأجوبة متعسفة، ذكرها الشوكاني في "نيل الأوطار"، وقال: قد احتج أبو ثور على الاكتفاء بطواف واحد للقارن بحجة نظرية، فقال: قد أجزنا جميعاً للحج والعمرة سفراً واحداً، وإحراماً واحداً، وتلبية واحدة، فكذلك يجزي عنها طواف واحد، وسعي واحد، حكى هذا عنه أَبو المنذر، ومن جملة ما يحتج به على أنه يكفي لهما طواف واحد: حديث: "دخلت العمرةُ في الحج إلى يوم القيامة"، وهو صحيح، وذلك لأنها بعد دخولها فيه لا يحتاج إلى عمل آخر غير عمله، والسنة الصحيحة الصريحة أحقُّ بالاتباع، فلا يلتفت إلى ما خالفها، انتهى.
وأجمع العلماء على أن هذا الطواف ركنٌ من أركان الحج، لا يصح الحج إلا به، وحُكي الإجماع على فرضيته، ولا يضطبع، ولا يرمُل في هذا الطواف عند الأربعة، سواء كان رمَلَ في طواف القدوم، أم لم يكن رمل، وإن لم يكن سعى بعد طواف القدوم، رمل في هذا الطواف عند غير الحنابلة، واضطبع عند الشافعية؛ خلافاً للثلاثة، وسعى بعده بالاتفاق، ومن أحرم بالحج من مكة، يرمُل في طواف الإفاضة عند غير الحنابلة، ويضطبع عند الشافعية؛ خلافاً للثلاثة، ويسعى بعده بالاتفاق، ويدخل وقته بانتصاف ليلة النحر عند الشافعية والحنابلة، وبطلوع الفجر يوم النحر عند الحنفية والمالكية.
والحائض لا تطوف بالبيت حتى تطهر، وهي ممنوعة من ذلك بالاتفاق، فلو خالفت وطافت وهي حائض، لم يصح طوافها، ولم تجبر بدم عند غير الحنفية، وعندهم: يصح طوافها، ويلزمها دم، وهو بدنة، ولا يصح سعيها بعده، لكنه يجبر بدم، ولو أخرته عن أيام النحر بعذر الحيض أو النفاس، فلا شيء عليها بسبب التأخير، واتفقوا على أنه يستحب فعل هذا الطواف يوم النحر إن أمكن، وإلا فعله بعد ذلك في أيام التشريق، وهو يجزي، ولا دم عليه بالإجماع، فإن