الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحبُّ؟ فطوبى لمن أحبَّه المولى، وحملَه إلى المُقام الأعلى، وأنشد يقول:
دعوتُ إلى الزيارةِ أهلَ وُدِّي
…
ولمْ أطلبْ بها أحداً سواهُمْ
فجاؤوني إلى بيتي كِراماً
…
فأهلًا بالكرام ومَنْ دعاهُمْ
وقال بعضهم:
هي البلدُ الأمين وأنتَ حِلٌّ
…
فطاها يا أمينُ فأنت طاها
ووجِّهْ حيث كنتَ كذا إليها
…
ولا تعدِلْ إلى شيء سواها
فوجهُ الله قبلةُ كلِّ حيٍّ
…
لمن شهد الحقيقةَ واجتلاها
وهذا البيتُ بيتُ الله فيه
…
إذا شاهدْتَ في المعنى سناها
فهلِّلْ عند مشهده كفاحًا
…
وزمزمْ عندَ زمزمِه شِفاها
وقلْ بلِسان عرفك في رباها
…
لنفسي في مِنى بلغَتْ مُناها
إليكَ شددتُ يا مولاي رَحْلي
…
وجئتُ ومهجتي تشكو ظَماها
وها أنا جارُ بيتك يا إلهي
…
وبالأستار ممتسكٌ عُراها
وللجيرانِ والضيفانِ حقٌّ
…
على الجارِ الكريمِ إذا رعاها
إليكَ شفيعَنا الهادي محمَّد
…
ومن قد حلَّ جهراً فَي حِماها
شفيع الخلقِ يومَ الحشر حقاً
…
رسولُ الله أقوى الخلق جاها
عليه من المهيمِنِ كلَّ وقتٍ
…
صلاةٌ غيرُ منحصِرٍ مَداها
6 - فصل في الموت بها، وذكر من دُفن بها
عن حاطب بن بَلْعَتة (1)، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "من مات في أحد الحرمَيْن، بُعث يوم القيامة من الآمنين" أخرجه أَبو الفرج وأخرج نحوه وأبو حفص المَيَّانشي، وفي الباب أخبار وآثار، وبمكة خلق كثير من الصحابة: منهم: سيدنا عبد الله بن الزبير، وقصته مشهورة، وسيدنا عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وكان شقيق عائشة -رضي الله تعالى عنهما-، وفي "أسد
(1) الصواب: حاطب بن أبي بلعتة رضي الله عنه، وهو صحابي، ومن فرسان قريش وشعرائها، ومات بالمدينة.
الغابة": ولما اتصل خبرُ موته بأخته عائشةَ، ظعنت إلى مكة، فوقفت على قبره، وبكت عليه، وتمثلت بِقَولَةِ متمِّم بنِ نُوَيرة في أخيه مالك، فقالت:
وَكُنَّا كندمانَيْ جَذيمةَ حقبةً
…
من الدَّهر حتى قيل لن يتصدَّعا
ولمَّا تفرقنا كأنِّي ومالكاً
…
لطولِ اجتماعٍ لم نبتْ ليلةً معا
ثم قالت: أما والله! لو حضرتُك ما بكيتُك، وبها: عتاب بن أسيد، وبها: أم المؤمنين خديجة الكبرى، روى الشيخان والترمذي عن علي -رضي الله تعالى عنه-، قال: خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد. وفضائلها لا تعد، ومناقبها لا تحد. وبها دفن القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعلى، وبها قبر طاوس، وكان مستجاب الدعوة، وحج أربعين حجة، وبها قبر عبد الله بن عمر بن الخطاب، مات بمكة، وهو آخر من مات بها، قاله ابن الجوزي، والصحيح أن الآن بمكة قبراً على الجبل المقابل للمعلى على يمين الخارج من باب مكة، وعلى يسار الذاهب إلى التنعيم، أشار بعض الصالحين أنه قبره -رضي الله تعالى عنه-.
وبها: أبو محذورة مؤذنُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبره بالمعلى غيرُ معروف، وبها حبيب بن عدي، وعبد الله بن كريز، وسهل بن حُنيف، وأبو قحافة والدَ أبي بكر الصديق، وأبو عبيد القاسمُ بنُ سَلَاّم، وعطاء بن رباح (1)، وسُفيان بن عُيينة، وأحمد بن حجر الهيتمي، وأم المؤمنين ميمونة، والفُضيل بن عياض رضي الله عنهم، والإمام عبد الله ابن أسعد اليافعي، والشيخ دلاصي، وقبر الديسي، وقبر القشيري بن هوازن، وقبر الشيخ عمراي، والنسفي، وغيرهم من الصحابة والتابعين والأئمة والعارفين، ولو عبرنا عنهم، لم يسعهم الكتاب، فمن زار مقبرة المعلى يستحب له أن يزور هؤلاء الكرام، ويسلم عليهم، ويُكثر من الدعاء والاستغفار لهم ولسائر المؤمنين بها. ومما أنعم الله به على سكان هذا البلد الحرام: أَلَاّ يبيت فيه جائع، كيف لا، وفيه طعام طعم وشفاء سقم. وقال الحضراوي في وجه تسميتها بالبلدة المرزوقة: إنك إذا دخلت مكة في أي وقت
(1) عطاء بن أبي رباح- تقريب التهذيب-.