المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌19 - فصل في صفة العمرة المفردة، وما يتصل بها من إكثار الاعتمار والطواف، وشرب زمزم وغيرها - رحلة الصديق إلى البلد العتيق

[صديق حسن خان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة إدارة الشؤون الإسلامية

- ‌الباب الأولفي فضل مكة وما يتصل به

- ‌1 - فصل في فضل مكة -زادها الله تشريفاً وتكريماً

- ‌2 - فصل في أسمائها

- ‌3 - فصل في ألقابها وحدودها

- ‌4 - فصل في جبالها وحكم زيارتها

- ‌5 - فصل في حكم المجاورة بها

- ‌6 - فصل في الموت بها، وذكر من دُفن بها

- ‌7 - فصل في آداب المجاورة بها

- ‌8 - فصل في مساجدها ودورها

- ‌9 - فصل في خطاها والمشي فيها

- ‌10 - فصل في النظر إلى البيت

- ‌11 - فصل في محلات يستجاب الدعاء بها

- ‌12 - فصل في بعض آياتها

- ‌الباب الثانيفي فضائل الحجاج والعمار والطواف وما ضاهاها

- ‌1 - فصل في فضل الحاج والمعتمر

- ‌2 - فصل في فضل رمضان بمكة والعمرة بها

- ‌3 - فصل في فضل الطواف

- ‌4 - فصل فيما جاء في الحَجَر والركنين والملتزم

- ‌5 - فصل في المشي بين الصفا والمروة

- ‌6 - فصل في فضل شرب ماء زمزم

- ‌7 - فصل في أسماء ماء زمزم

- ‌8 - فصل في المحافظة على الصلوات في المسجد الحرام جماعة في أوقاتها

- ‌9 - فصل في فضل من صبر على حرها ولأوائها

- ‌الباب الثالثفي مبادىء الحج والعمرة

- ‌1 - فصل في الترغيب في الحج والعمرة

- ‌2 - فصل في آداب سفر الحج، وهي كثيرة

- ‌3 - فصل في وجوب الحج والعمرة لله عز وجل

- ‌4 - فصل في وجوب الحج على الفور

- ‌5 - فصل في اعتبار الزاد والراحلة

- ‌6 - فصل في ركوب البحر

- ‌7 - فصل في حج الصبي والرقيق والحج عن الغير

- ‌8 - فصل في أنواع الحج

- ‌9 - فصل في بيان الأفضل من هذه الأنواع

- ‌10 - فصل في نوع حجه صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - فصل في إدخال العمرة على الحج وفسخه إليها

- ‌12 - فصل في مواقيت الحج

- ‌13 - فصل في ميقات العمرة وهو الحل

- ‌14 - فصل في كراهة الإحرام قبل أشهر الحج

- ‌15 - فصل في جواز العمرة في جميع السنة

- ‌16 - فصل في وجوه الإحرام

- ‌17 - فصل فيمن أحرم مطلقاً، أو قال: أحرمتُ بما أحرم به فلانٌ

- ‌18 - فصل في الاشتراط

- ‌19 - فصل في الفوات والإحصار ووجوب الهدي على المُحْصَر

- ‌20 - فصل في حكم الهَدْي

- ‌21 - فصل في ركوب الهدي والحمل عليه

- ‌22 - فصل فيما يجتنبه المحرم وما يباح له

- ‌23 - فصل في الفدية

- ‌24 - فصل في نكاح المحرِم

- ‌25 - فصل في صيد المُحْرِم

- ‌26 - فصل في جزاء الصيد

- ‌27 - فصل في قتل المؤذيات

- ‌28 - فصل في حرم مكة المكرمة -زادها الله تعالى تعظيماً

- ‌29 - فصل في حرم المدينة المنورة -زاد الله شرفها

- ‌30 - فصل في حرم وَجّ

- ‌31 - فصل في التفاضل بين مكة والمدينة

- ‌الباب الرابعفي مقاصد الحج من حين الإحرام إلى الرجوع عنه

- ‌1 - فصل في آداب الإحرام

- ‌2 - فصل في قطع التلبية

- ‌3 - فصل في آداب دخول مكة

- ‌4 - فصل في آداب الطواف

- ‌5 - فصل في صفة الطواف

- ‌6 - فصل في السعي

- ‌7 - فصل في المسير إلى منى، ومنها إلى عرفة

- ‌8 - فصل في الوقوف بعرفة

- ‌9 - فصل في الإفاضة من عرفة إلى المزدلفة

- ‌10 - فصل في الوقوف بالمشعر الحرام

- ‌11 - فصل في رمي جمرة العقبة يوم النحر

- ‌12 - فصل في نحر الهدى وتحسينه

- ‌13 - فصل في الحلق والتقصير

- ‌14 - فصل في ترتيب الرمي والنحر والحلق

- ‌15 - فصل في الإفاضة من منى للطواف يوم النحر

- ‌16 - فصل في المبيت بمنى، وما يفعل في أيامها

- ‌17 - فصل في التحصيب

- ‌18 - فصل في دخول الكعبة

- ‌19 - فصل في صفة العمرة المفردة، وما يتصل بها من إكثار الاعتمار والطواف، وشرب زمزم وغيرها

- ‌20 - فصل في طواف الوداع

- ‌21 - فصل في زيارة المساجد وأبنية مكة

- ‌22 - فصل في الرجوع من حج أو عمرة وما يتصل به

- ‌الباب الخامسفي زيارة سيدنا محمد المصطفى أحمد المجتبى صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - فصل في حكم الزيارة

- ‌2 - فصل في آداب الزيارة وما يتصل بها

- ‌3 - فصل في فضائل "المدينة" وما يشبهها

- ‌خاتمة

الفصل: ‌19 - فصل في صفة العمرة المفردة، وما يتصل بها من إكثار الاعتمار والطواف، وشرب زمزم وغيرها

الأسطوانتين اللتين تليان الباب، فحمد الله وأثنى عليه، وسأله واستغفره، ثم قام حتى أتى ما استقبل من دبر الكعبة، فوضع وجهه وخده عليه، وحمد الله وأثنى عليه واستغفره، ثم انصرف إلى كل ركن من أركان الكعبة، فاستقبله بالتكبير والتهليل والتسبيح والثناء على الله، والمسألة والاستغفار، ثم خرج فصلى ركعتين مستقبلَ وجه الكعبة، ثم انصرف.

ويروى: أن عمر بن عبد العزيز كان إذا دخل البيت يقول: اللهمَّ إنك وعدتَ الأمان لداخلي بيتك، وأنت خيرُ منزول به، اللهمَّ فاجعل أماني أن تكفيني مؤنة الدنيا، وكل هول دون الجنة حتى أبلغَها برحمتك، انتهى. ولا يدخلها إلا حافياً، والحِجْر أكثرُ من البيت، فمن دخله، فهو كمن دخل الكعبة، ويستحب دخولُه، والدعاء فيه، ويروى أن الدعاء يستجاب فيه، قال النووي: ومن الدعاء المأثور فيه: يا ربِّ أتيتك من شقة بعيدة آملاً معروفك، فأنلني معروفاً من معروفك تغنيني به عن معروف مَنْ سواك يا معروفاً بالمعروف.

‌19 - فصل في صفة العمرة المفردة، وما يتصل بها من إكثار الاعتمار والطواف، وشرب زمزم وغيرها

إذا أراد أن يعتمر قبل حجه أو بعده كيفما أراد، فليغتسل لإحرامه، ويتجرد عن المَخيط، ويلبس ثوبي الإحرام، ويصلي ركعتيه، ويحرم بالعمرة من ميقاتها. وأفضل مواقيتها: الجعرانة، ثم التنعيم، ثم الحديبية عند الشافعية، والتنعيم عند الحنفية، ومكة المكرمة عند الحنابلة، وينوي العمرة، ويلبي، ويقصد مسجد عائشة، ويعود إلى مكة وهو يلبي حتى يدخل المسجد الحرام، فإذا دخل المسجد، ترك التلبية عند الثلاثة غير المالكية إذا شرع في الطواف، وقال المالكية: إن المعتمر مَنْ المواقيت، ومن فاته الحج يلبي إلى رؤية البيت، والمعتمر من القرب؛ كالتنعيم يلبي إلى بيوت مكة أو المسجد، ويطوف بالبيت سبعاً ينوي به طواف العمرة، ويرمُل فيه بالاتفاق، ويضطبع، عند الثلاثة غير المالكية، ثم يصلي ركعتي الطواف، ثم يعود إلى الحجر الأسود، فيستلمه، ثم يخرج من باب الصفا، ويسعى سبعاً.

ص: 123

كل ذلك على الصفة التي ذكرناها في الطواف والسعي أولَ قدومه مكة، من ترتيب، وأدعية، وغير ذلك، فإذا فرغ من السعي نحر الهدي إن كان معه، ثم حلق أو قصر، وحل بذلك عند الأربعة، وقد تمت عمرته. لكن الحنفية قالوا: إن كان ساق الهدي، لم يتحلل، ويبقى على إحرامه لا يحلق ولا يقصر إلى أن يذبح هديه يوم النحر كما سبق، وما يفعله كثير من العوام من حلق الرأس مقطَّعاً في كل عمرة بعضه، فهو القزع الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"احلقوه كلَّه، أو اتركوه كله".

قال الغزالي: والمقيمُ بمكة ينبغي أن يُكثر الاعتمارَ والطوافَ، وليكثر النظر إلى البيت، فإذا دخله، فليصلِّ ركعتين بين العمودين، فهو الأفضل، وليدخله حافياً موقراً، قيل لبعضهم: هل دخلتَ بيتَ ربك اليوم؟ فقال: ما أرى هاتين القدمين أهلاً للطواف حول بيت ربي، فكيف أراهما أهلاً لأن أطأ بهما بيت ربي؟ وقد علمت حيث مَشَتا، وإلى أينَ مَشَتا، انتهى.

وقال العز بن جماعة في "منسكه": ينبغي أن يغتنم الحاج مدة إقامته بمكة المشرفة، فيكثر من الطواف، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "من طاف هذا البيت، فأحصاه، كان كمن أعتق رقبة، وعنه صلى الله عليه وسلم: "إن الطائف لا يرفع قدماً، ولا يضع قدماً، إلا حط الله تعالى عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة، ورفع له بها درجة"، وعنه صلى الله عليه وسلم: أنه جعل في ركعتي الطواف ثواب عتق رقبة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الحجر الأسود نزل من الجنة، وهو أشدُّ بياضاً من اللبن، فسوَّدته خطايا بني آدم"، وقد رأيته: سنة ثمان وسبع مئة [708]، وبه نقطة بيضاء ظاهرة لكل أحد، ثم حججت بعد ذلك، فرأيت البياض قد نقص بحيث إنه لم أره في ست وثلاثين إلا بعسر.

وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الركن والمقام من ياقوت الجنة، ولولا ما مسهما من خطايا بني آدم، لأضاءا ما بين المشرق والمغرب، وما مسَّهما من ذي عاهة ولا سقيم إلا شفي"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليبعثنَّ اللهُ الحجرَ يومَ القيامة له عين يبصر بها، ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق".

ص: 124

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والإكثار من الطواف بالبيت من الأعمال الصالحة، وهو أفضل من أن يخرج الرجل من الحرة ويأتي بعمرة مكية، فإن هذا لم يكن من أعمال السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ولا رغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، بل كرهه السلف، انتهى.

ويستحب الإكثار من الصلاة بالمسجد الحرام؛ فقد صح: أن الصلاة فيه بمئة ألف من الصلاة في غيره، ويستحب الإكثار من الاعتمار عند الشافعية والحنفية، لا سيما في شهر رمضان؛ فإن العمرة فيه كحجة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكره المالكية: الاعتمار في السنة أكثر من مرة. ويستحب الدعاء بالملتزم، وهو ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة، وهو أحد المواضع المعروفة بإجابة الدعاء.

ويستحب لمن جلس في المسجد الحرام أن يكون وجهه إلى الكعبة، وأن يقرب منها، وينظر إليها إيماناً واحتساباً؛ فإن النظر إليها عبادة. وكان ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- لا يخرج من المسجد حتى يستلم الركن، في طواف كان، أو في غير طواف، ونقل مثلُ ذلك عن جماعة من علماء التابعين -رحمهم الله تعالى-، انتهى.

وليكثر من شرب ماء زمزم، ولَيْستَق بيده من غير استنابة إن أمكنه، وليرتو منه حتى يتضلَّع، ويدعو عند شربه بما شاء من الأدعية الشرعية مثل (1): اللهم اجعلْه شفاءً من كل داء وسقم، ارزقني الإخلاصَ واليقين، والمعافاةَ في الدنيا والآخرة؛ فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إنها مباركة، وإنها طعام طعم، وشفاء سقم"، وقال:"ماء زمزم لِما شُرب له"؛ أي: يشفي ما قصد به، أخرجه أحمد، وابن ماجه عن جابر، وابن أبي شيبة، والبيهقي، والدارقطني، والحاكم، وصححه المنذري، والدمياطي، وحسنه الحافظ، وفي إسناده عبد الله بن المؤمل، وهو ضعيف، وفيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأي أمر شربه لأجله، سواء كان من أمر الدنيا، أو أمور الآخرة؛ لأن "ما" في قوله:"لما شرب له" من صيغ العموم.

(1) اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاء من كل داء.

ص: 125