الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مساكينه، وإن شاء أطعم ستة مساكين [من] الحرم، كل مسكين نصف صاع، وإن شاء صام ثلاثة أيام حيث شاء، وعند الحنفية: إن من فعل ما يقتضي الدم لغير ضرورة، فواجبه دمٌ: شاةٌ، أو سُبع بدنة، أو سُبع بقرة، إلى آخر ما ذكرنا، ولا يجزيه إطعام ولا صوم، فإن تعذر الدم، يبقى في ذمته، وإن فدية من فعل لضرورةٍ الدمُ على ما بيناه، أو إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم، أو غيره، كل مسكين نصف صاع من حنطة، أو صاع من تمر أو شعير، أو صوم ثلاثة أيام حيث شاء.
وعند المالكية: الفدية شاةٌ، أو بدنة، أو بقرة، صفتُها صفة الأضحية، ولا يجوز له الأكلُ منها، وإن شاء، أطعم ستة مساكين من غالب قوت البلد، وإن شاء، صام حيث شاء، وعند الحنابلة: شاة، أو سُبع بدنة، أو سبع بقرة، يريق دمها حيث وُجد السبب، وإن شاء، يطعم ستة مساكين كل مسكين مداً من بر، أو نصف صاع من تمر أو شعير حيث وجد السبب، وإن شاء، صام ثلاثة أيام حيث شاء، ولا تتعدد الفدية لسبب القران عند الشافعية والمالكية والحنابلة، وعند الحنفية: إن كل شيء فعله القارن مما فيه على المفرِد دمٌ، فعليه دمان، إلا في صور.
24 - فصل في نكاح المحرِم
قال الله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] وعن عثمان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَنكح المحرِمُ، ولا يُنْكِح، ولا يَخطب" رواه الجماعة إلا البخاري، واختلفوا في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونةَ، والأكثرون على أنه تزوجها حلالاً عام عمرة القضاء، وظهر أمرُ تزويجها وهو محرم، ثم بنى بها وهو حلال [بـ] سَرِف، وهو قول الشافعي، وعنده نكاحُ المحرم فاسد، وحديث ابن عباس حكايةُ فعل، وهو لا يعارض صريحَ القول -أعني: النهي-، ولكن هذا إنما يُصار إليه عند تعذر الجمع، وهو ممكن هاهنا على فرض أن رواية ابن عباس أرجحُ من رواية غيره، وذلك بأن يُجعل فعلُه صلى الله عليه وسلم مخصصاً له من عموم ذلك القول، كما تقرر ذلك في الأصول إذا فرض تأخر الفعل عن القول، فإن
فرض تقدمه، ففيه الخلاف المشهور في الأصل في جواز تخصيص العام المتأخر بالخاص المتقدم كما هو المذهب الحق، أو جعل العام المتأخر ناسخاً كما ذهب إليه البعض.
قال الشوكاني: إذا تقرر هذا، فالحق أنه يحرم أن يتزوج المحرمُ أو يزوِّجَ غيرَه كما ذهب إليه الجمهور، والشافعية، والمالكية، والحنابلة. وقال عطاء، وعكرمة، وأهل الكوفة: يجوز للمحرم أن يتزوج، كما يجوز له أن يشتري الجارية للوطء، وتُعقب بأنه قياس في مقابلة النص، وهو فاسد الاعتبار، وظاهرُ النهي: عدمُ الفرق من تزويج غيره بالولاية الخاصة والعامة؛ كالسلطان والقاضي.
وقال بعض الشافعية: يجوز أن يزوج بالولاية العامة، وهو تخصيص لعموم النص بلا مخصص، انتهى.
قلت: ويحرم على المحرم الوطء ومقدماته؛ كالقبلة، واللمس بشهوة باتفاق الأربعة، ولا يطأ شيئاً لا امرأة ولا غيرها ولا ينظر بشهوة، فإن جامعَ، فسد حجُّه، ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا بهذا الجنس، وإذا فسد الحج أو العمرة بالوطء، لزمه إتمامه، والقضاء والكفارة باتفاقهم، والقبلة واللمس بشهوة يوجب الكفارة باتفاق الأربعة، ولا يفسد النسكَ، وإن حصل الإنزال عند الشافعية والحنفية، ويفسده إن حصل إنزالٌ بتذكر أو نحوه عند المالكية والحنابلة، وكفارة الوطء شاة؛ لأنه أقل ما يصدق عليه الهدي، وهو مروي عن أبي حنيفة، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:"واهد هدياً" كما في مرسل أبي داود.
وذهب الجمهور إلى أنها بدنة على الزوج، وبدنة على الزوجة، وتجب بدنة الزوجة على الزوج مطلقاً. وقال الشافعي: إذا كانت مكرَهة لا مطاوِعة، وقال أبو حنيفة ومحمد: على الزوج مطلقاً، وقال الشافعي في أحد قوليه: عليهما هدي واحد، وفي "المسوى": لو جامع قبل الوقوف، فسد حجه عند أبي حنيفة، وعليه شاة، ويحج من قابِل، وليس عليهما التفرق، وإن جامع بعد الوقوف، لا يفسد حجه، وعليه بدنة، وعند الشافعي: إن جامع قبل التحلل