الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، وأما الاستظلال بالمحمل كالمحارة التي لها رأس، ففيه نزاع، وكان السلف يكرهون القباب على المحامل، وهي التي لها رأس، وأما المحامل المكلوفة، فلم يكن رآها إلا بعض الناس، وهذا في حق الرجل، والمرأة تستظل بالمحمل وغيره؛ فإنها عورة، انتهى.
ويجوز حمل السلاح بمكة للعذر والضرورة، لكن بشرط أن يكون في القِراب كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم، وهذا مذهب الشافعي، ومالك، وعطاء، وكرهه الحسن البصري، قال الشوكاني: والحق ما ذهب إليه الجمهور، انتهى. ويجوز لبس المِنْطقة للمحرم عند العامة، وكرهه ابن عمر.
23 - فصل في الفدية
قال الله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]، وعن كعب ابن عجرة: قال صلى الله عليه وسلم: "هو صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين نصفَ صاع طعاماً لكل مسكين" متفق عليه، وفي راوية علي:"احلقه واذبح شاة، أو صم ثلاثة أيام، أو تصدق بثلاثة آصُع من تمر بين ستة مساكين" رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، ولأبي داود في رواية:"فرقاً من زبيب أو نسك شاة".
قال ابن حزم: لا بد من ترجيح إحدى هذه الروايات؛ لأنها قصة واحدة في مقام واحد في حق رجل واحد، قال في "الفتح": المحفوظ في الحديث: "نصف صاع من طعام"، والاختلاف عليه في كونه تمراً أو حنطة لعله من تصرف الرواة، وأما الزبيب، فلم أره إلا في رواية الحاكم، وقد أخرجه أبو داود، وفي إسناده محمد بن إسحاق، وهو حجة في المغازي، لا في الأحكام إذا خالف، والمحفوظ رواية التمر، وقد وقع الجزم بها عند مسلم وغيره، انتهى. والفرق: ثلاثة آصُع كما وقع عند الطبراني.
قال الشوكاني: ولا خلاف بين العلماء أن النسك المذكور في الآية هو شاة،
وبالجملة: إذا فعل شيئاً مما ذكرنا أنه يحرُم فعلُه في الفصل المتقدم عامداً عالماً بالتحريم لغير عذر، لزمته الفدية، وأثم باتفاق الأئمة الأربعة، ولا يأثم الناسي والجاهل والمعذور باتفاقهم، ولا تجب الفدية على الناسي والجاهل بغير ذلك مما ذكرنا عند الشافعية والحنابلة، وعند الحنفية والمالكية أنها كالعامد، ولا فرق عند الشافعية والمالكية والحنابلة في الفدية الواجبة بين من فعل لغير ضرورة، أو لضرورة؛ خلافاً للحنفية.
والفدية إما بصيام ثلاثة أيام، وإما بنسك شاة، وإما بإطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصفُ صاع من تمر أو شعير، أو مُدٌّ من طعام، وإن أطعمه خبزاً، جاز، ويكون رطلين بالعراقي قريباً من نصف رطل بالدمشقي، وينبغي أن يكون مأدوماً، وإن أطعم مما يأكل؛ كالبقسماط والرقاق ونحو ذلك، وهو أفضل مما يعطيه قمحاً أو شعيراً، وكذلك في سائر الكفارات إذا أعطاها مما يقتات مع أدمه، فهو أفضل من أن يعطيه حباً مجرداً إذا لم يكن عادتهم أن يطحنوا بأيديهم ويخبزوا بأيديهم.
والواجب في ذلك ما ذكره الله تعالى بقوله: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89] فأمر بإطعامهم من أوسط ما يطعم الناس أهليهم، وقد تنازع العلماء في ذلك، هل هذا مقدر بالشرع، أو يرجع فيه إلى العرف؟ وكذلك تنازعوا في نفقة الزوجة، والراجح أن يرجع فيه إلى العرف، فيطعم كل قوم مما يطعمون أهلهم، ولما كان كعب بن عجرة ونحوه يقتاتون التمر، أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يطعم فرقاً من تمر بين ستة مساكين، والفرق ستة عشر رطلاً بالبغدادي، وهذه الفدية يخرجها إذا احتاج إلى الفعل المحظور قبله أو بعده، ويذبح النسك قبل أن يصل إلى مكة، ويصوم الأيام الثلاثة إن شاء متتابعة، وإن شاء متفرقة، فإن كان له عذر، أخر فعلها، وإذا لبس ثم لبس مرات، ولم يكن أدى الفدية، أجزأته فدية واحدة في أظهر أقوال العلماء.
وعند الشافعية: الفدية الواجبة على التخيير، إن شاء شاة، أو سُبْع بَدَنة، أو سُبْع بقرة، صفتُها صفةُ الأضحية، يُريق دمها بالحرم، ويفرق لحمها على