المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌20 - فصل في طواف الوداع - رحلة الصديق إلى البلد العتيق

[صديق حسن خان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة إدارة الشؤون الإسلامية

- ‌الباب الأولفي فضل مكة وما يتصل به

- ‌1 - فصل في فضل مكة -زادها الله تشريفاً وتكريماً

- ‌2 - فصل في أسمائها

- ‌3 - فصل في ألقابها وحدودها

- ‌4 - فصل في جبالها وحكم زيارتها

- ‌5 - فصل في حكم المجاورة بها

- ‌6 - فصل في الموت بها، وذكر من دُفن بها

- ‌7 - فصل في آداب المجاورة بها

- ‌8 - فصل في مساجدها ودورها

- ‌9 - فصل في خطاها والمشي فيها

- ‌10 - فصل في النظر إلى البيت

- ‌11 - فصل في محلات يستجاب الدعاء بها

- ‌12 - فصل في بعض آياتها

- ‌الباب الثانيفي فضائل الحجاج والعمار والطواف وما ضاهاها

- ‌1 - فصل في فضل الحاج والمعتمر

- ‌2 - فصل في فضل رمضان بمكة والعمرة بها

- ‌3 - فصل في فضل الطواف

- ‌4 - فصل فيما جاء في الحَجَر والركنين والملتزم

- ‌5 - فصل في المشي بين الصفا والمروة

- ‌6 - فصل في فضل شرب ماء زمزم

- ‌7 - فصل في أسماء ماء زمزم

- ‌8 - فصل في المحافظة على الصلوات في المسجد الحرام جماعة في أوقاتها

- ‌9 - فصل في فضل من صبر على حرها ولأوائها

- ‌الباب الثالثفي مبادىء الحج والعمرة

- ‌1 - فصل في الترغيب في الحج والعمرة

- ‌2 - فصل في آداب سفر الحج، وهي كثيرة

- ‌3 - فصل في وجوب الحج والعمرة لله عز وجل

- ‌4 - فصل في وجوب الحج على الفور

- ‌5 - فصل في اعتبار الزاد والراحلة

- ‌6 - فصل في ركوب البحر

- ‌7 - فصل في حج الصبي والرقيق والحج عن الغير

- ‌8 - فصل في أنواع الحج

- ‌9 - فصل في بيان الأفضل من هذه الأنواع

- ‌10 - فصل في نوع حجه صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - فصل في إدخال العمرة على الحج وفسخه إليها

- ‌12 - فصل في مواقيت الحج

- ‌13 - فصل في ميقات العمرة وهو الحل

- ‌14 - فصل في كراهة الإحرام قبل أشهر الحج

- ‌15 - فصل في جواز العمرة في جميع السنة

- ‌16 - فصل في وجوه الإحرام

- ‌17 - فصل فيمن أحرم مطلقاً، أو قال: أحرمتُ بما أحرم به فلانٌ

- ‌18 - فصل في الاشتراط

- ‌19 - فصل في الفوات والإحصار ووجوب الهدي على المُحْصَر

- ‌20 - فصل في حكم الهَدْي

- ‌21 - فصل في ركوب الهدي والحمل عليه

- ‌22 - فصل فيما يجتنبه المحرم وما يباح له

- ‌23 - فصل في الفدية

- ‌24 - فصل في نكاح المحرِم

- ‌25 - فصل في صيد المُحْرِم

- ‌26 - فصل في جزاء الصيد

- ‌27 - فصل في قتل المؤذيات

- ‌28 - فصل في حرم مكة المكرمة -زادها الله تعالى تعظيماً

- ‌29 - فصل في حرم المدينة المنورة -زاد الله شرفها

- ‌30 - فصل في حرم وَجّ

- ‌31 - فصل في التفاضل بين مكة والمدينة

- ‌الباب الرابعفي مقاصد الحج من حين الإحرام إلى الرجوع عنه

- ‌1 - فصل في آداب الإحرام

- ‌2 - فصل في قطع التلبية

- ‌3 - فصل في آداب دخول مكة

- ‌4 - فصل في آداب الطواف

- ‌5 - فصل في صفة الطواف

- ‌6 - فصل في السعي

- ‌7 - فصل في المسير إلى منى، ومنها إلى عرفة

- ‌8 - فصل في الوقوف بعرفة

- ‌9 - فصل في الإفاضة من عرفة إلى المزدلفة

- ‌10 - فصل في الوقوف بالمشعر الحرام

- ‌11 - فصل في رمي جمرة العقبة يوم النحر

- ‌12 - فصل في نحر الهدى وتحسينه

- ‌13 - فصل في الحلق والتقصير

- ‌14 - فصل في ترتيب الرمي والنحر والحلق

- ‌15 - فصل في الإفاضة من منى للطواف يوم النحر

- ‌16 - فصل في المبيت بمنى، وما يفعل في أيامها

- ‌17 - فصل في التحصيب

- ‌18 - فصل في دخول الكعبة

- ‌19 - فصل في صفة العمرة المفردة، وما يتصل بها من إكثار الاعتمار والطواف، وشرب زمزم وغيرها

- ‌20 - فصل في طواف الوداع

- ‌21 - فصل في زيارة المساجد وأبنية مكة

- ‌22 - فصل في الرجوع من حج أو عمرة وما يتصل به

- ‌الباب الخامسفي زيارة سيدنا محمد المصطفى أحمد المجتبى صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - فصل في حكم الزيارة

- ‌2 - فصل في آداب الزيارة وما يتصل بها

- ‌3 - فصل في فضائل "المدينة" وما يشبهها

- ‌خاتمة

الفصل: ‌20 - فصل في طواف الوداع

وهذا مما عمل العلماء والأخيار به، فشربوه لمطالب لهم جليلة فنالوها، ويروى أن مياه الأرض ترفع قبل يوم القيامة غير زمزم، ولا بأس بالاغتسال والتوضي به، لكن يكره الاستنجاء به.

وكانت عائشة أم المؤمنين تحمل ماء زمزم، وتخبر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمله، رواه الترمذي. قال أهل العلم: يجوز إخراجُ مائها ونقلُه إلى جميع البلدان، وقد كان السلف يحملونه. ويستحب الإكثار بمكة من الصدقة والصوم والقراءة وسائر الطاعات الممكنة.

‌20 - فصل في طواف الوداع

إذا فرغ الحاج من المناسك، وأراد الإقامة بمكة، لم يطف للوداع، وبه قال الحنابلة: وإن أراد مفارقة مكة والعودَ إلى وطنه، وجب عليه عند الشافعية طواف الوداع، سواء كان وطنه في الحرم، أم خارجه، وعند الحنابلة: أنه يجب على من أراد مفارقة الحرم والعودَ إلى وطنه، وعن ابن عباس، قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا ينفرْ أحدٌ حتى يكونَ آخر عهده بالبيت"، رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وفي رواية: إلا أنه خفف عن المرأة الحائض، متفق عليه، وفيه دليل على وجوب طواف الوداع.

قال النووي: وهو قول أكثر العلماء، ويلزم لتركه دم، وقال مالك، وداود، وابن المنذر: هو سنة، لا شيء في تركه.

قال الحافظ: والذي رأيته لابن المنذر في "الأوسط": أنه واجب؛ للأمر به، إلا أنه لا يجب بتركه شيء.

قلت: قد اجتمع في طواف الوداع أمرُه صلى الله عليه وسلم ونهيُه عن تركه، وفعله الذي هو بيان للمجمل الواجب، ولا شك أن ذلك يفيد الوجوب، قال ابن المنذر: قال عامة الفقهاء: ليس على النفساء والحائض التي أفاضت طوافُ الوداع، وروينا عن عمر بن الخطاب، وابن عمر، وزيد بن ثابت: أنهم أمروها بالمقام إذا كانت حائضاً لطواف الوداع، فكأنهم أوجبوه عليها كما يجب عليها طواف الإفاضة، إذ

ص: 126

لو حاضت قبله، لم يسقط، وقد ثبت رجوع ابن عمر وزيد بن ثابت عن ذلك، وبقي عمر، فخالفناه؛ لثبوت حديث عائشة.

وبالجملة: يجب عليه بتركه دم، كدم المتمتع عند الشافعية والحنابلة، وعند الحنفية واجب يجب بتركه أو ترك أكثره دم، فإن تعذر، بقي في ذمته. وقالوا: إذا أراد الحاج الإقامة بمكة، ونواها سنين، لم يسقط عنه الوجوب، وإن نواها أبداً، فإن كان قبل النفر الأول فلا طواف عليه، وإن كان بعده، لزمه الطواف عند أبي حنيفة، ومحمد خلافاً لأبي يوسف.

وينبغي أن يؤخره الصادر عن مكة حتى يكون بعد جميع أموره، فلا يشتغل بعده بتجارة ولا نحوها؛ بل ينجز أولاً أشغاله، وليشد رحاله، وليجعلْ آخرَ شغله وداعَ البيت، لكن إذا قضى حاجته، أو اشترى شيئاً في طريقه بعد الوداع، أو دخل إلى المنزل الذي هو فيه ليحمل المتاع على دابته، ونحو ذلك مما هو من أسباب الرحيل، فلا إعادة عليه، وإن أقام بعد الوداع، أعاده.

وطافه صلى الله عليه وسلم ليلاً سَحَراً، وصلى الفجرَ بالحرم وقرأ بالطور، ثم نادى بالرحيل، فارتحل راجعاً إلى المدينة، ولا رَمَل في هذا الطواف، ولا اضطباع بالاتفاق، فإذا فرغ منه، صلى ركعتين، ويأتي بعده الملتزَم إن أحبَّ، وهو بين الركن والباب، فيضع عليه صدره، ويُلصق به بطنه، ويبسط يديه وذراعيه وكفيه على الجدار، فيجعل اليمنى مما يلي الباب واليسرى مما يلي الحجر الأسود، ويدعو بما أحبَّ من أمري الدنيا والآخرة، ويسأل الله حاجته، وله أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع؛ فإن هذا الالتزام لا فرقَ بين أن يكون حالَ الوداع أو غيره، والصحابة قد كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة.

وإن شاء، قال في وداعه الدعاءَ المأثور عن ابن عباس:

اللهمَّ البيتُ بيتُك، والعبدُ عبدُك وابنُ أمتك، حملتَني على ما سَخَّرت لي من خَلْقك حتى أعنتني على قضاء مناسكك، فإن كنتَ رضيتَ عني، فازود عني رضا، وإلا، فمن الآن فارض عني الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري، اللهمَّ فأَصْحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن

ص: 127

مُنْقَلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير.

واستحب هذا الدعاء الشافعي، وقال: ما زاد فحسن. ولو وقف عند الباب، ودعا هناك من غير التزام البيت، كان حسناً، فإذا ولى، لا يقفُ ولا يلتفتُ ولا يمشي القهقرى. قال الثعلبي: القهقرى في اللغة: مشية الراجع إلى خلف، حتى قيل: إنه إذا رأى البيت، رجع فودع.

وكذلك عند سلامه على النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف، ولا يمشي القهقرى، بل يخرج، كما يخرج الناس من المساجد عند الصلاة.

وقال ابن الصلاح: إنه إذا فرغ من الدعاء، أتى زمزم، وشرب منها متزوداً متبركاً، ثم عاد إلى الحَجَر، فاستلمه، وقبله، وانصرف. وعند الحنفية: أنه بعد ركعتي الطواف يستحب أن يأتي زمزم، على المشهور من الروايات، ويشرب من مائها، ويمسح رأسه ووجهه وجسده، ويأتي بآداب الشرب، ويدعو عند شربها بما أحب، ثم يأتي الباب، ويقبل العتبة، ويأتي الملتزم، فيضع وجهه وخده الأيمن وصدرَه عليه، ويتشبث بالأستار ساعة يدعو بما أحبَّ، واستحب مالك في رواية: أن يقف في الملتزم ويدعو إذا ودع، واستحب الحنابلة: أن يقبل الحَجَر بعد ركعتي الطواف، ثم يقف في الملتزم، ويلصق به صدره وبطنه وخده الأيمن وذراعيه، ويدعو بالدعاء الذي استحبه الشافعي كما تقدم.

ومذهب الشافعية والمالكية: أنه ينصرف، ويولي ظهره إلى الكعبة، ولا يمشي القهقرى؛ فإنه مكروه، وليس فيه سنة مروية، ولا أثر محكي، وما لا أثر له لا يعرَّج عليه، وقد وافق ابن الكمال وغيره من الحنفية في هذا، وقال أكثر الحنفية: ينبغي أن ينصرف وهو يمشي وراءه ووجهُه إلى البيت متباكياً متحسِّراً على فراق البيت حتى يخرج من المسجد، واختار هذا بعض الشافعية.

وعند الحنابلة وجهان: في أنه يولي ظهره الكعبة إذا أراد الانصراف، أو لا، قد كره ابن عباس قيام الرجل على باب المسجد ناظراً إلى الكعبة إذا أراد الانصراف، وينبغي أن يخرج من ثنية كدا من أسفل مكة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. وعن

ص: 128