الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذا الفيل «1» فإنه يفهم الخطاب ويمتثل الأمر والنهى كأنه إنسان عاقل، وآخر مرتبة الحيوان الإنسان، وهو طبقتان أدناها يلى الحيوان وهم الذين لا يعلمون سوى المحسوسات ولا يرغبون إلا في زينة الحياة الدنيا ولذاتها من الأكل والشرب والنكاح.
قال الله تعالى فيهم: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا
«2» .
فهم يرتقون كالخنازير والحمر «3» ويدّخرون ما يحتاجون إليه كالنمل، ويقتتلون ويتخاصمون على حطام الدنيا كما يتشاجر «4» الكلاب على الجيف، فهؤلاء وإن كانت صورهم صور الإنسان، فإن أفعال نفوسهم أفعال حيوانية، وأعلى مراتبها الإنسانية تلى الملائكة وهى مرتبة الذين انتبهت نفوسهم من نوم الغفلة، وانفتحت أعين بصائرهم حتى رأت بنور قلوبها ما غاب عن حواسها وشاهدت بصفاء جواهرها عالم الأرواح الملكية وتبين لها سرورهم ونعيمهم فرغبت فيه وزهدت زخرف الدنيا الفانية وأقبلت على تحصيل الآخرة فهم من أصناف الملائكة مع خلطتهم لأبناء جنسهم من الآدميين.
فصل في أقسام المعادن
اعلم أن الأجسام المتولدة من الأبخرة والأدخنة المحتبسة في الأرض إذا اختلطت على من دب من الاختلاطات مختلطة في الكم والكيف، كانت إما قوية التركيب أو ضعيفة التركيب، والقوية التركيب: إما متطرفة، أو غير متطرفة هى الأجساد السبعة التى يقال لها: الفلزات «5» ، وهى الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد والأسرب والخارصينى «6» .
وغير المتطرفة إما في غاية اللين أو غاية الصلابة، فالتى في غاية اللين كالزئبق، والتى في غاية الصلابة كاليواقيت، وهى إما تنحل بالرطوبات وهى الأجسام الملحية
كالزاج والشب «1» والنوشادر، وإما لا تنحل وهى الأجسام الدهنية كالزرنيخ «2» والكبريت «3» على اختلاف اختلاطها في الكم والكيف.
والزئبق يتولد من أجزاء مائية أرضية، فإذا أنضجتها الحرارة القوية صار كالدهن.
وأما الأجسام الصلبة الشفافة فإنها تتولد من مياه عذبة وقفت في معادنها بين الحجارة الصلدة زمانا طويلا حتى غلظت وصفت وأنضجتها الحرارة في المعدن بطول مكثها.
وأما غير الشفافة فإنها تتولد من الماء والطين إذا امتزجا وكانت فيهما لزوجة وأثرت فيها حرارة الشمس في المدة الطويلة، وأما الأجسام المنحلّة بالرطوبة فإنها تتولد من مياه مختلطة بأجزاء أرضية محترقة يابسة اختلاطا شديدا.
وأما الأجسام الدهنية فإنها تتولد من الرطوبات المحتقنة في باطن الأرض إذا احتوت عليها حرارة المعدن حتى تحللت واختلطت بتربة البقاع، فإن زادت غلظا وصارت كالدهن. والذهب لا يتولد إلا في البرارى الرملية والجبال الرخوة، والفضة والنحاس والحديد وأمثالها لا تتولد إلا في الأراضى الندية والرطوبات الدهنية، والأملاح لا تتولد إلا في الأراضى السبخة والبقاع المالحة، والجص لا يكون إلا في الأراضى اللينة، والإسفيداج «4» لا ينعقد إلا في الأرض الرملية المختلط ترابها بالجص والزاجات «5» ، والشبوب «6» لا تتكون إلا في التراب العفن الناشف. وعلى هذا القياس حكم سائر أنواع الجواهر والأحجار، وكل واحد منها يختص ببقعة من البقاع ويتولد من خواص تلك البقعة والمعادن مع كثرة أفرادها