الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخرج ابن ماجه، والحاكم من حديث عبد الله بن مسعود- رضى الله عنه- أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:«العسل شفاء من كل داء، والقرآن شفاء لما في الصدور، فعليكم بالشّفاءين: القرآن والعسل» «1» . ولابن ماجه من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من لعق العسل ثلاث غدوات كلّ شهر، لم يصبه عظيم من البلاء» «2» .
[فصل في سماع النبي ص دوي النحل عند نزول الوحي]
(فصل) روى الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل- رحمه الله تعالى- فى «مسنده» ، وأبو عيسى محمد بن عيسى الترمذى في «جامعه» ، والحاكم أبو عبد الله في «مستدركه» من حديث عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- أنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحى يسمع عنده دوىّ كدوىّ النحل، فأنزل عليه يوما، فمكثنا ساعة، ثم سرّى عنه، فاستقبل القبلة، ورفع يديه، فقال:«اللهمّ زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنّا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارضنا وارض عنّا، ثم قال: «أنزل علىّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنّة» ، ثم قرأ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ
…
«3»
الآيات، وهو حديث صحيح «4» الإسناد.
ولابن ماجه، من حديث النّعمان بن بشير أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ مما تذكرون من جلال الله: التّسبيح، والتّهليل، والتّحميد، ينعطفن حول العرش، لهنّ دوىّ كدوىّ النّحل تذكّر بصاحبها، أما يحب أحدكم أن يكون له، أو لا يزال
له من يذكّر به» «1» وهو صحيح على شرط مسلم.
وفي المستدرك عن أبى سبرة «2» الهذلىّ، قال عبد الله بن عمرو فحدثنى حديثا عن النبى صلى الله عليه وسلم فهمته وكتبته بيدى: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما حدث عبد الله ابن عمرو، عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله لا يحبّ الفاحش والمتفحش، وسوء الجار، وقطيعة الرّحم» ، ثم قال:«إنّ مثل المؤمن كمثل النّحلة وقعت فأكلت طيّبا، ثمّ سقطت ولم تفسد، ولم تكسر، ومثل المؤمن كمثل القطعة الذّهب الأحمر إذا دخلت النّار، فنفخ عليها، فلم تتغيّر ووزنت فلم تنقص» «3» ، قال: صحيح الإسناد.
وخرّج الطبرانى في «الأوسط» من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل بلال مثل النّحلة، غدت تأكل من الحلو والمرّ، ثم هو حلوّ كلّه» «4» .
روى الإمام أحمد وأبو بكر بن أبى شيبة، والطبرانى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن كالنّحلة تأكل طيّبا، وتضع طيّبا، وقعت فلم تكسر، ولم تفسد» «5» .
روى البيهقى في «شعب الإيمان» من حديث مجاهد قال: صاحبت عمر من مكة إلى المدينة فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث: «إنّ مثل المؤمن كمثل النّحلة إن صاحبته نفعك، وإن شاورته نفعك، وإن جالسته نفعك، وكلّ شأنه منافع، وكذلك النّحلة كلّ شأنها منافع» «1» .
وفي مسند الدارمى «3» عن على بن أبى طالب- كرم الله وجهه- أنه قال:
وله عن ابن عباس- رضى الله عنه- أنه سأل كعب الأحبار: «كيف تجد نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نجده: محمّد بن عبد الله، يولد بمكة، ويهاجر إلى طيبة، ويكون ملكه بالشام، ليس بفحّاش ولا بصخّاب في الأسواق، ولا يكافئ بالسّيئة السّيئة، ولكن يعفو ويغفر، وأمته الحمّادون، يحمدون الله في كلّ سرّاء
وضراء، يوضئون أطرافهم، ويأتزرون في أوساطهم، يصفّون في صلاتهم كما يصفّون في قتالهم، دويّهم في مساجدهم كدوىّ النّحل يسمع مناديهم في جوّ السّماء» «1» .
وقال بعض الحكماء لتلامذته: «كونوا كالنّحل في الخلايا» قالوا: «وكيف النّحل في الخلايا؟» قال: «إنها لا تترك عندها بطّالا إلّا نفته، وأقصته عن الخلية؛ لأنه يضيق المكان، ويفنى العسل، ويعلّم النشيط الكسل» «2» .
وقال الشيخ أبو حامد الغزالى في كتاب «الإحياء» «3» : انظر إلى النّحل كيف أوحى الله إليها حتى اتّخذت من الجبال بيوتا، وكيف استخرجت من لعابها الشمع والعسل، وجعل أحدهما ضياء، والآخر شفاء؛ ثم لو تأمّلت عجائب أمرها في تناولها الأزهار والأنوار، واحترازها من النجاسات والأقذار، وطاعتها لواحد من جملتها، وهو أكبرها شخصيا، وهو أميرها؛ ثم ما سخّر الله تعالى لأميرها من العدل والإنصاف بينها حتى أنه ليقتل منها على باب المنفذ كلّ ما وقع منها على نجاسة، لقضيت من ذلك العجب إن كنت بصيرا في نفسك، وفارغا من همّ بطنك وفرجك وشهوات نفسك، فى معاداة أقرانك، وموالاة إخوانك.
ثم دع عنك جميع ذلك، وانظر إلى بنيانها من الشمع، واختيارها من جميع الأشكال الشكل المسدّس، فلا تبنى منها مستديرا، ولا مربّعا، ولا مخمسا، إلّا مسدّسا، لخاصية في شكل المسدس يقصر فهم المهندسين عن درك ذلك، وهو أنّ أوسع الأشكال وأحواها: المستدير وما يقرب منه. فإنّ المربّع تخرج منه زوايا ضائعة، وشكل النّحل مستدير ومستطيل، فترك المربّع حتى لا تبقى الزّوايا فارغة، ثم لو بناها مستديرة لبقيت خارج البيوت فرج ضائعة، فإنّ الأشكال المستديرة إذا اجتمعت لم تجتمع متراصّة، ولا شكل في الأشكال ذوات الزوايا يقرب في
الاحتواء من المستدير، ثم تتراص الجملة منه بحيث لا يبقى بعد اجتماعها فرجة إلا المسدس، وهذه خاصية هذا الشكل.
فانظر كيف ألهم الله تعالى هذا النّحل- على صغر جرمه- اتّخاذ هذه الأشكال المتّساوية الأضلاع بحيث لا يزيد ضلع عن ضلع ولا ينقص؛ لطفا به، وعناية بوجود ما هو محتاج إليه ليتهنّى عيشه، فسبحانه ما أعظم شأنه، وأوسع فضله وامتنانه!.
وفي «تاريخ أصبهان» «1» فى ترجمة أحمد بن الحسن، عن عمر يرفعه:
«أول نعمة تقع في الأرض العسل» «2» .
ويقال في المثل: «أنحل من نحلة، وأهدى من نحلة» ويقال: «كلام كالعسل، وفعل كالأسل» .