الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما نهى عنه من البيوع
248 -
الحديث الأول: عن أبى سعيد الخدرى رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "نھهى عن المنابذة -وهى طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه، أو ينظر إليه- ونھهى عن الملامسة. والملامسة: لمس الثوب ولا ينظر إليه".
راويه
أبو سعيد الخدرى رضى اللَّه عنه.
مفرداته
المنابذة: فسرت فى الحديث بأنها طرح الرجل إلخ.
الملامسة: فسرت فى الحديث بأنها لمس الثوب إلخ.
يستفاد منه
1 -
منع هذين البيعين وبيانهما وظاهر الحديث أن تفسير المنابذة والملامسة بما فى هذا الحديث من الحديث المرفوع لكن وقع فى كلام النسائى ما يشعر أنه من كلام من دون النبى صلى الله عليه وسلم ولفظه "وزعم أن الملامسة أن يقول" إلخ، فالأقرب أن يكون ذلك من كلام الصحابى لبعد أن يعبر الصحابى عن النبى صلى الله عليه وسلم بلفظ "وزعم".
2 -
منع بيع الأعيان الغائبة التى لم يذكر وصفها بناءًا على أن الحكمة فى النهى عن بيع الملامسة عدم الرؤية.
* * *
249 -
الحديث الثانى: عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تلقوا الركبان، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد، ولا تصرَّوا الغنم. ومن
ابتاعها فهو بخير النظرين، بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر"، وفى لفظ "هو بالخيار ثلاثا".
راويه
أبو هريرة رضى اللَّه عنه.
مفرداته
لا تلقوا: بفتح التاء واللام وأصله تتلقوا خذفت تاء الماضى أى لا تستقبلوا.
الركبان: الذين يحملون المتاع إلى البلد (1) ووصفهم بالركبان خرج مخرج الغالب فلا فرق بينهم وبين المشاة.
ولا يبع بعضكم على بيع بعض: بأن يشترى شيئا فيدعوه غيره إلى الفسخ ليبيعه خيرا منه بأرخص وفى معناه الشراء على الشراء وهو أن يدعو البائع إلى الفسخ ليشتريه منه بأكثر.
ولا تناجشوا: لا يزد أحدكم فى ثمن سلعة ليس فى نفسه اشتراؤها ليضر بذلك غيره.
ولا يبع حاضر لباد: بأن يحمل البدوى أو القروى متاعه إلى البلد ليبيعه بسعر يومه ويرجع فيأتيه البلدى فيقول ضعه عندى لأبيعه على التدريج بزيادة سعر.
ولا تصروا (2) الغنم: التصرية ربط أخلاف الناقة أو غيرها وترك حلبها ليجتمع لبنها فيكثر فيظن المشترى أن ذلك عادتها فيزيد فى ثمنها لما يرى من كثرة لبنها.
ابتاعها: اشتراها بعد التصرية.
بخير النظرين: بأفضل الرأيين.
إن رضيها: إن رضى المصراة.
أمسكها: أبقاها على ملكه ولا شئ له.
سخطها: كرهها.
بالخيار: بين الإمساك والرد.
يستفاد منه
1 -
النهى عن تلقى الركبان، ولا شك فى تحريمه إذا كان عالما بالنهى قاصدًا
(1) فالمراد بالنهى عن تلقى الركبان النهى عن استقبالهم للاشتراء منهم قبل أن يقدموا الأسواق ويعرفوا الأسعار.
(2)
بضم الباء وفتح الصاد وتشديد الراء المهملة المضمومة على وزن تزكوا.
للتلقى، وحكمة النهى عنه ما فيه من الإضرار: وعند مسلم رواية تثبت الخيار للمتلقى إذا أتى السوق وظاهر ذلك عدم التفرقة بين الاشتراء منهم بمثل سعر البلد أو أكثر ومن نظر إلى إنتفاء الإضرار فى هذه الصورة حمل الحديث على ما سواها.
2 -
النهى عن بيع البعض على البعض وقيده بعض العلماء بما إذا لم يكن فى الصورة غبن فاحش.
3 -
تحريم النجش وذلك لما فيه من الخديعة.
4 -
تحريم بيع الحاضر للبادى وذلك لما فيه من الإضرار بأهل البلد.
5 -
تحريم التصرية وذلك لأجل الغش والخديعة التى فيها للمشترى.
6 -
ثبوت الخيار بالتصرية مدة ثلاثة أيام وأن الخيار بعد الحلب.
7 -
أن اللبن لا يرد بل إنما يرد الصاع مع الشاة.
8 -
تعيين جنس المردود فى التمر، فلا يتعدى التمر إلى سائر الأقوات.
9 -
إيجاب الصاع قل اللبن أو كثر.
* * *
250 -
الحديث الثالث: عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "نھهى عن بيع حبل الحبلة. وكان بيعًا يتبايعه أهل الجاهلية. وكان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة. ثم تنتج التى فى بطنها، قيل: إنه كان يبيع الشارف -وهى الكبيرة المسنة- بنتاج الجنين الذى فى بطن ناقته".
راويه
عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما.
مفرداته
حبل الحبلة: بفتح الباء فيهما.
الجاهلية: ما كانت عليه العرب قبل الإسلام من الشرك وعبادة الأوثان وغيرهما.
يبتاع: يشترى.
الجزور: بفتح الجيم وضم الزاى البعير ذكرا كان أو أنثى.
تنتج الناقة: تلد و"وتنتج" بضم أوله وفتح ثالثه - من الأفعال اللازمة للبناء للمفعول ويعرب ما بعدها فاعلا لا نائبًا عنه.
ثم تنتج التى فى بطنها: أى ثم تعيش المولودة حتى تكبر ثم تلد.
يستفاد منه
1 -
النهى عن بيع حبل الحبلة لأن فيه على التفسير الأول بيعًا إلى أجل مجهول وعلى التفسير الثانى بيع معدوم فأبطل الشارع ذلك لما يفضى إليه من أكل أموال الناس بالباطل والتشاجر المنافى للمصلحة الكلية.
2 -
تفسير بيع حبل الحبلة وزعم الإسماعيلى أن التفسير الأول لهذا البيع من كلام نافع وعند البخارى فى "أيام الجاهلية" من طريق عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر ما يقتضى أن هذا التفسير من كلام ابن عمر وبذلك جزم ابن عبد البر.
3 -
الرد على من قال لا يقال لشئ من الحيوانات "حبلت" إلا الآدميات.
* * *
251 -
الحديث الرابع: عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها؛ نهى البائع والمشترى".
راويه
عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما.
مفرداته
حتى يبدو صلاحها: يظهر صلاحها، وقد سئل ابن عمر: ما صلاحها؟ قال: تذهب عاهتها.
نهى البائع: لئلا يأكل مال أخيه بالباطل.
والمشترى: لئلا يضيع ماله ويساعد البائع على الباطل.
يستفاد منه
1 -
النهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها وذلك لأنها معرضة للعاهات، فإذا طرأ عليها شئ منها حصل الإجحاف بالمشترى فى الثمن الذى بذله، وفى منع الشرع هذا البيع قطع للنزاع والتخاصم.
2 -
جواز بيع الثمار بعد بدو الصلاح، وذلك لأن ما بعد الغاية مخالف لما قبلها.
* * *
252 -
الحديث الخامس: عن أنس بن مالك رضى اللَّه عنه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "نھهى عن بيع الثمار حتى تزهى. قيل: وما تزهى؟ قال: حتى تحمر. قال: أرأيت إن منع اللَّه الثمرة، بم يستحل أحدكم مال أخيه".
راويه
أنس بن مالك رضى اللَّه عنه.
مفرداته
تزهى: تحمر كما فى متن الحديث.
قيل: قال الصحابة لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).
وما تزهى: ما معنى تزهى؟
قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
إن منع اللَّه الثمرة: فتلفت.
بم يستحل أحدكم مال أخيه: كيف يأ كله بغير عوض.
بستفاد منه
1 -
تفسير بدو الصلاح المشترط لبيع الثمار بالإزهاء.
2 -
الاكتفاء بمسمى الإزهاء وابتدائة من غير اشتراط تكامله لأنه جعل مسمى الإزهاء غاية للنهى وبأوله يحصل المسمى.
3 -
أن زهو بعض الثمرة كاف فى جواز البيع من حيث إنه ينطبق عليها أنها أزهت بإزهاء بعضها مع حصول المعنى وهو الأمن من العاهة غالبًا.
4 -
وضع الجوائح فى الثمر يشترى بعد بدو صلاحه ثم تصيبه جائحة.
5 -
أنه إذا باعها قبل الإزهار فأصابتها عاهة فهى من البائع.
6 -
إجراء الحكم على الغالب لأن تطرق التلف إلى ما بدا صلاحه ممكن وعدم تطرقه إلى ما لم يبد صلاحه ممكن فأنيط الحكم بالغالب فى الحالتين.
* * *
(1) يدل على هذا رواية النسائى والطحاوى "فقيل له وما تزهى يا رسول اللَّه؟ " فإنها صريحة فى الرفع.
253 -
الحديث السادس: عن عبد اللَّه بن عباس رضى اللَّه عنهما قال: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نتلقى الركبان. وأن يبيع حاضر لباد، قال: فقلت لابن عباس: ما قوله حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارًا".
راويه
عبد اللَّه بن عباس رضى اللَّه عنهما.
مفرداته
أن نتلقى الركبان: أن نستقبل الذين يحملون المتاع إلى البلد للاشتراء منهم قبل وصول الأسواق ومعرفة الأسعار.
قال: طاوس راويه عن ابن عباس وكان من اللائق ذكره ليعود إليه الضمير. وقائل "قال" ابن طاوس راوى الحديث عن طاوس عن ابن عباس.
لابن عباس: عبد اللَّه الصحابى المشهور.
ما قوله حاضر لباد: ما معنى قوله "حاضر لباد؟ "
سمسارًا: السمسار فى الأصل القيم بالأمر والحافظ له ثم استعمل فى متولى البيع والشراء لغيره.
يستفاد منه
1 -
النهى عن تلقى الركبان للاشتراء منهم قبل الوصول إلى الأسواق ومعرفة الأسعار.
2 -
النهى عن بيع الحاضر للبادى وتفسيره.
* * *
254 -
الحديث السابع: عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما قال "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن المزابنة: أن يبيع ثمر حائطه، إن كان نخلا: بتمر كيلا، وإن كان كرما: أن يبيعه بزبيب كيلا، أو كان زرعًا: أو يبيعه بكيل طعام. نهى عن ذلك كله".
راويه
عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما.
مفرداته
المزابنة: من الزبن وهو الدفع وحقيقتها بيع معلوم بمجهول من جنسه وما ذكر فى الحديث لها أمثلة.
ثمر: بالمثلثة وتحريك الميم الرطب.
بتمر: بالمثناة والسكون.
كيلا: ذكر الكيل ليس بقيد فى هذه الصورة وإنما هو صورة المبايعة التى وقعت إذ ذاك.
كرما: بفتح الكاف وسكون الراء شجر العنب والمراد منه هنا نفس العنب.
يستفاد منه
1 -
النهى عن بيع المزابنة.
2 -
تفسير بيع المزابنة. وهذا التفسير إن كان من النبى صلى الله عليه وسلم فلا كلام وإن كان من الصحابة فهم أعرف بمراد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من غيرهم.
3 -
جواز تسمية العنب كرمًا وحديث النهى عن تسميته بذلك للتنزيه.
* * *
255 -
الحديث الثامن: عن جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنهما قال: "نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن المخابرة والمحاقلة، وعن المزابنة وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وأن لا تباع إلا بالدينار والدرهم، إلا العرايا".
راويه
جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنهما.
مفرداته
المخبارة: المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع كالثلث والربع ونحو ذلك.
المحاقلة: بيع الحنطة فى سنبلها بحنطة.
المزابنة: اشتراء التمر بالتمر على رؤوس النخل.
يبدو صلاحها: يظهر صلاحها بحمرتها أو صفرتها.
إلا بالدينار والدرهم: اقتصر عليهما لأنهما جل ما يتعامل به الناس وإلا فلا خلاف بين الأمة فى جواز بيعه بالعروض بشرطه.
إلا العرايا: فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رخص فيها فيجوز بيع الرطب فيها بعد أن يخرص ويعرف قدرة بقدر ذلك من الثمر.
يستفاد منه
1 -
النهى عن أنواع البيوع المذكورة فى هذا الحديث وهى: المخابرة، والمحاقلة والمزابنة، وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها.
2 -
استثناء العرايا من النهى عن بيع الثمر بالثمر.
* * *
256 -
الحديث التاسع: عن أبى مسعود الأنصارى رضى اللَّه عنه "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغى، وحلوان الكاهن".
راويه
أبو مسعود عقبة بن عمرو يعرف بالبدرى والأكثر على أنه لم يشهد بدرًا ولكنه نزلها فنسب إليها، صحابى جليل أنصارى مات قبل الأربعين وقيل بعدها.
مفرداته
مهر البغى: ما تعطاه المرأة على الزنا، والبغى -بالموحدة وكسر المعجمة وتشديد التحتانية- الزانية.
حلوان الكاهن: ما يعطاه من يتعاطى علم الغيب على أن يتكهن سمى حلوانًا لمشابهته الشئ الحلو فى أنه يؤخذ سهلا بلا كلفة ولا مشقة.
يستفاد منه
1 -
تحريم ثمن الكلب وظاهر الحديث عدم التفرقة بين المعلم وغير المعلم وما ورد فى استثناء المعلم ضعيف.
2 -
النهى عن مهر البغى وذلك لما فيه من بذل العوض فى ما لا تجوز مقابلته بالعوض وهو الزنا.
3 -
النهى عن حلوان الكاهن وذلك لما فيه من بذل العوض فى ما لا يجوز
مقابلته بالعوض بل أخذ العوض عنه من باب أكل المال بالباطل، وفى معنى الكهانة التنجيم والضرب بالحصى وغير ذلك مما يتعاناه العرافون من استطلاع الغيب.
* * *
257 -
الحديث العاشر (1): عن رافع بن خديج رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ثمن الكلب خبيث. ومهر البغى خبيث. وكسب الحجام خبيث".
راويه
رافع بن خديج بن رافع بن عدى الحارثى الأوسى الأنصارى صحابى جليل أول مشاهده أحد ثم الخندق مات سنة ثلاثين أو أربع وسبعين وقيل قبل ذلك.
مفرداته
ثمن الكتاب: المعلم وغيره.
مهر البغى: ما تعطاه المرأة على الزنا.
كسب الحجام: صاحب المحجم وهى الآلة التى يجتمع فيها دم الحجامة عند المص.
يستفاد منه
1 -
تحريم ثمن الكلب للاخبار عنه بالخبث وهو مقتضى التحريم إلا بدليل خارج.
2 -
تحريم مهر البغى ووجه الاستدلال فيه كالذى قبله.
3 -
خبث كسب الحجام ولكن دل الدليل هنا على عدم التحريم وهو حديث "أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطى الحجام أجره" ولو كان حراما لم يعطه.
(1) هذا الحديث تفرد به مسلم بهذا اللفظ.