الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الأطعمة
366 -
الحديث الأول: عن النعمان بن بشير رضى اللَّه عنهما قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول -وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه- إن الحلال بين، والحرام بين. وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات: استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع فى الشبهات، وقع فى الحرام (1)، كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، إلا وإن لكل ملك حمى، إلا وإن حمى اللَّه محارمه، إلا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، ألا وهى القلب".
راويه
النعمان بن بشير رضى اللَّه عنهما
مفرداته
الحلال: وهو ما نص اللَّه ورسوله، أو أجمع المسلمون على تحليله، أو لم يعلم فيه منع.
بين: ظاهر.
الحرام: وهو ما نص أو أجمع على تحريمه، أو على أن فيه حدًا أو تعزيرًا أو وعيدًا.
أمور: شئون وأحوال.
مشتبهات: ليست بواضحة الحل ولا الحرمة.
(1) قوله "وقع فى الحرام" غير ثابت فى البخارى بل لفظه "ومن وقع فى الشبهات كراع" إلخ اهـ من "العدة". كما أن قوله "وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه" فى أول الحديث تفرد بها مسلم كما فى الفتح.
لا يعلمهن كثير من الناس: فى رواية الترمذى "لا يدرى كثير من الناس أمن الحلال هى أم من الحرام".
اتقى الشهات: تركها وحذر منها. وفيه إيقاع الظاهر موقع المضمر تفخيما لشأن اجتناب الشبهات، إذ هى المشتبهات بعينها.
استبرأ لدينه: طلب البراءة له من الذم الشرعى وحصلها له
وعرضه: بصونه عن كلام الناس فيه بما يشينه ويويه والعرض موضع المدح والذم من الإنسان.
ومن وقع فى الشبهات: وقع فى الحرام، أى إذا اعتادها واستمر عليها أدته إلى التجاسر على الوقوع فى الحرام.
حول الحمى: المحمى المحظور عن غير مالكه.
يوشك: بكسر الشين يقرب
يرتع فيه: تأ كل ماشيته منه فيعاقب
وأن لكل ملك: من ملوك العرب
حمى: موضعًا يحميه عن الناس، ويتوعد من دخل إليه أو قرب منه، بالعقوبة الشديدة.
محارمه: جمع محرم وهو فعل المنهى عنه، أو ترك المأمور به الواجب.
إلا: حرف استفتاح يدل على تحقق ما بعدها. وفى تكريرها دليل على عظم شأن مدخولها وعظم موقعه
مضغة: قطعة لحم
صلحت: بفتح اللام وضمها، والفتح أشهر، وقيد بعضهم الضم بالصلاح الذى صار سجية.
يستفاد منه
1 -
الحث على فعل الحلال
2 -
اجتناب الحرام والشبهات
3 -
أن للشبهات حكمًا خاصًا بها، عليه دليل شرعى يمكن أن يصل إليه بعض الناس وإن خفى عن الكثير.
4 -
المحافظة على أمور الدين ومراعاة المروءة.
5 -
أن من لم يتوق الشبهة فى كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه. ويعتبر هذا الحديث من أصول الجرح والتعديل لما ذكر.
6 -
سد الذرائع إلى المحرمات وأدلة ذلك فى الشريعة كثيرة.
7 -
ضرب الأمثال للمعانى الشرعية العملية.
8 -
التنبيه على تعظيم قدر القلب والحث على إصلاحه، فإنه أمير البدن بصلاحه يصلح، وبفساده يفسد
9 -
أن لطيب الكسب أثرًا فى إصلاحه.
* * *
367 -
الحديث الثانى: عن أنس بن مالك رضى اللَّه عنه قال: "أنفجنا أرنبًا بمر الظهران، فسعى القوم فلغبوا، وأدركتها فأخذتها، فأتيت بها أبا طلحة، فذبحها، وبعث إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بوركها وفخذيها، فقبله".
راويه
أنس بن مالك رضى اللَّه عنه.
مفرداته
أنفجنا: بالفاء والجيم أثرنا وأذعرنا للاصطياد.
أرنبًا: دابة معروفة تشبه العناق لكن فى رجلها طول بخلاف يديها.
بمر الظهران: بفتح الميم فى "مر" والظاء فى "الظهران" موضع قريب من مكة.
فسعى القوم: خلفه ليصطادوه
فلغيوا: بفتح الغين المعجمة فى اللغة الفصيحة المشهورة وفى لغة ضعيفة بكسرها تعبوا.
أبا طلحة: زوج أم سلم والدة أنس
فقبله: قبل المبعوث إليه.
يستفاد منه
1 -
جواز استثارة الصيد والعدو فى طلبه أما ما أخرجه أبو داود والنسائى من حديث ابن عباس رفعه "من اتبع الصيد غفل" فمحمول على من واظب على ذلك حتى يشغله عن غيره من المصالح الدينية وغيرها.
2 -
أن آخذ الصيد يملكه بأخذه ولا يشاركه من أثاره معه.
3 -
جواز أكل الأرنب فإنه إنما ينتفع بعضها إذا ذبحت للأكل.
4 -
إهداء الشئ اليسير للكبير القدر إذا علم من حالة الرضا بذلك.
* * *
368 -
الحديث الثالث: عن أسماء بنت أبى بكر رضى اللَّه عنهما قالت: "نحرنا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرسًا فأكلناه" وفى رواية "ونحن بالمدينة".
راويه
أسماء بنت أبى بكر الصديق زوج الزبير بن العوام من كبار الصحابيات عاشت مائة سنة وماتت سنة ثلاث أو أربع وسبعين
مفرداته
نحرنا: ضمير الفاعل عائد على الذى باشر النحر منهم وإنما أتت بضمير الجمع لكونه عن رضا منهم.
عهد: زمن.
فأكلناه: زاد الدارقطنى "نحن وأهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم".
يستفاد منه
1 -
جواز أكل الخيل لأن فعل الصحابة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم له حكم الرفع وفى زيادة الدارقطنى المتقدمة ما يشعر إشعارًا قويًا أنه صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك مع أنه لا يظن بآل الصديق أنهم يقدمون على فعل شئ فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم إلا وعندهم العلم بجوازه لشدة اختلاطهم بالنبى صلى الله عليه وسلم وعدم مفارقتهم له فالظاهر إطلاعه على ذلك وتقريره.
2 -
جواز نحر الفرس وفى رواية أخرى "ذبحنا" فجمع النووى بينهما بأنهما قضيتان مرة نحروها ومرة ذبحوها ثم قال: ويجوز أن تكون قصة واحدة وأحد اللفظين مجاز والأول أصح (1).
(1) ذكر الحافظ فى الفتح رواية "ذبحنا" ورواية "نحرنا" وذكر أنهما من هشام مصير منه إلى استواء اللفظين فى المعنى وأن النحر يطلق عليه ذبح والذبح يطلق عليه نحر ولا يتعين مع هذا الاختلاف ما هو الحقيقة فى ذلك من المجاز إلا أنه رجح أحد الطريقين وذكر أن الأصل عدم التعدد الذى حمل عليه النووى القضية.
369 -
الحديث الرابع: عن جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنهما "أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن فى لحوم الخيل" ولمسلم وحده قال: "أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش، ونهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الحمار الأهلى".
راويه
جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنهما.
مفرداته
نهى: نهى تحريم لأنها رجس
الأهلية: المملوكة التى لها أهل نرجع إليهم. ويرجعون إليها ضد الوحشية
وأذن: ورخص.
زمن خيبر: زمن حصار خيبر.
يستفاد منه
1 -
تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية
2 -
جواز أكل الخيل وحديث النهى عن أكل لحوم الخيل ضعيف لا يقاوم هذا الحديث كما أن الاستدلال بمفهوم آية الأنعام {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} يسرى عليه بيان الحديث الصحيح وذكر الركوب والزينة إنما هو لأنهما معظم ما يبتغى من الخيل لا لقصر الخيل عليهما دون الكل.
3 -
جواز أكل لحم الحمار الوحشى.
* * *
370 -
الحديث الخامس: عن عبد اللَّه بن أبى أوفى رضى اللَّه عنه قال "أصابتنا مجاعة ليالى خير، فلما كان يوم خيبر: وقعنا فى الحمر الأهلية فانتحرناها، فلما غلت بها القدور: نادى منادى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أن أكفئوا القدور، وربما قال: ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئًا".
راويه
عبد اللَّه بن أبى أوفى الأسلمى صحابى شهد الحديبية وعمر بعد النبى صلى الله عليه وسلم دهرًا مات سنة سبع وثمانين وهو آخر من مات بالكوفة من الصحابة.
مفرداته
مجاعة: جوع شديد
فانتحرناها: فى رواية الواقدى "أن عدة الحمر التى ذبحوها كانت عشرين أو ثلاثين" كذا رواه بالشك.
منادى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أبو طلحة.
أكفئوا: أميلوا للاراقة.
يستفاد منه
1 -
النهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية. وأمره عليه الصلاة والسلام بإكفاء القدور ورد فيه علتان إحداهما: أنه لكون الحمر أخذت قبل المقاسم: الثانية: أنه لأجل كونها من جوال القربة لكن المشهور والسابق إلى الفهم أنه من أجل التحريم فإن صحت رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم بغير ذلك تعين الرجوع إليها.
* * *
371 -
الحديث السادس: عن أبى ثعلبة رضى اللَّه عنه قال: "حرم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية".
راويه
أبو ثعلبة الخشنى بضم المعجمة وفتح الشين المعجمة بعدها نون صحابى مشهور بكنيته مات سنة خمس وسبعين وقيل قبل ذلك بكثير فى أول خلافة معاوية بعد الأربعين.
مفرداته
حرم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فى رواية النسائى "أمر النبى صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن ابن عوف فنادى ألا إن لحوم الحمر الإنسية لا تحل".
الأهلية: المملوكة، ضد الوحشية.
يستفاد منه
1 -
تحريم لحوم الحمر الأهلية ودلالة لفظ "حرم" على التحريم أقوى من لفظ النهى.
372 -
الحديث السابع: عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال "دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة، فأُتى بضب محنوذ، فأهوى إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيده، فقال بعض النسوة اللاتى فى بيت ميمونة: أخبروا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل فرفع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يده، فقلت: أحرام هو يا رسول اللَّه؟ قال: لا، ولكنه لم يكن بأرض قومى فأجدنى أعافُه، قال خالد: فاجتررته فأكلته، والنبى صلى الله عليه وسلم ينظر".
راويه
عبد اللَّه بن عباس رضى اللَّه عنهما
مفرداته
خالد بن الوليد: صحابى مشهور
بيت ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم وهى خالة ابن عباس وخالد (1).
محنوذ: مشوى بالحجارة المحماة
فأهوى: فأمال
بعض النسوة: هى ميمونة كما عند الطبرانى.
فقلت: قال ابن عباس رضى اللَّه عنهما.
لم يكن بأرض قومى: لم يكن أكله شائعة بأرض قومى وبهذا يندفع استشكال وجود الضباب بمكة
أعافه: أكرهه تقذرًا
فاجتررته: برائين جررته
والنبى ينظر: وذلك يدل على حله والجملة حالية وأصرح منه رواية "كلوه فإنه حلال".
(1) فأم ابن عباس لبابة الكبرى أم الفضل وأم خالد لبابة الصغرى أختا ميمونة والثلاث بنات الحارث بن حزق بفتح المهملة وسكون الزاى الهلالى.
يستفاد منه
1 -
جواز أكل الضب لقوله صلى الله عليه وسلم -لما سئل أحرام هو؟ - "لا" ولتقرير النبى صلى الله عليه وسلم على أكله مع العلم بذلك.
2 -
الإعلام بما يشك فى أمره فيتضح الحال فيه.
3 -
أن الطباع تختلف فى النفور عن بعض المأكولات.
4 -
أن مطلق النفرة وعدم الاستطابة ليس دليلا على التحريم.
* * *
373 -
الحديث الثامن: عن عبد اللَّه بن أبى أوفى رضى اللَّه عنه قال "غزونا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، نأكل الجراد".
راويه
عبد اللَّه بن أبى أوفى رضى اللَّه عنه
مفرداته
غزونا: من الغزو وهو السير لمقاتلة العدو
سبع غزوات: هى الحديبية وعمرة القضاء وخيبر وذات الرقاع والفتح وحنين وتبوك.
نأكل الجراد: فى رواية أبى نعيم فى الطب "ويأكل معنا" فإن صحت ففيها رد على من زعم أن النبى صلى الله عليه وسلم عاف الجراد كما عاف الضب.
يستفاد منه
1 -
إباحة أكل الجراد وليس فى الحديث التعرض لاشتراط الزكاة ولا عدم الاشتراط ولا بيان كيفية الأكل ولكن عند أحمد والدارقطنى من حديث ابن عمر مرفوعا "أحلت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد والطحال" قال الدارقطنى إن الوقف أصح. ورجح البيهقى الوقف إلا أنه قال إن له حكم الرفع.
* * *
374 -
الحديث التاسع: عن زهدم بن مضرب الجرمى قال: كنا عند أبى موسى الأشعرى فدعا بمائدة، وعليها لحم دجاج، فدخل رجل من بنى تيم اللَّه، أحمر شبيه بالموالى، فقال: هلم، فتلكأ. فقال: هلمّ فإنى رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأكل منه".
راويه
زهدم بوزن جعفر بن مضرب الجرمى بفتح الجيم (1) أبو مسلم البصرى ثقة
مفرداته
أبى موسى الأشعرى: عبد اللَّه بن قيس صحابى مشهور أمره عمر ثم عثمان وهو أحد الحكمين بصفين.
دجاج: اسم جنس مثلث الدال والواحد ديك.
رجل من بني تيم اللَّه: هو زهدم المذكور أبهم نفسه وهو من بنى تيم اللَّه ولده بنى جرم. فلا منافاة بين كونه جرميا وبين كونه من بنى تيم اللَّه".
أحمر: اللون.
بالموالى: بالعجم.
هلم: كلمة استدعاء.
فتلكأ: تردد وتوقف لأنه رأى الدجاج تأكل قذرًا.
يستفاد منه
1 -
إباحة أكل لحم الدجاج.
2 -
البناء على الأصل لأنه قد بين برواية أخرى أن هذا الرجل علل تأخره بأنه رآه يأكل شيئًا فقذره ولم يمنعه من الاستمساك بهذا الأصل إلا استدلال أبى موسى بفعل النبى صلى الله عليه وسلم المقدم على كل شئ.
* * *
375 -
الحديث العاشر: عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما أن النبى
(1) نسبة إلى جرم قبيلة فى قضاعة تنتسب إلى جرم بن زبان بن عمران بن الحاف ابن قضاعة.
صلى اللَّه عليه وسلم قال "إذا أكل أحدكم طعاما فلا يمسح يده حتى يلعقها، أو يُلعقها".
راويه
ابن عباس رضى اللَّه عنهما.
مفرداته
فلا يمسح: بالجزم لأن لا ناهية
حتى يعلقها: بفتح الياء والعين بينهما لام ساكنة حتى يلمسها هو
أو يعلقها: يلحسها غيره ممن لا يتقذر ذلك و"يعلقها" بضم أوله وكسر ثالثه
يستفاد منه
1 -
النهى عن مسح الآكل يده بشئ قبل لعقها أو إلعاقها.
2 -
استحباب لعق اليد أو إلعاقها محافظة على بركة الطعام وتنظيفها وفى ذلك رد على من كره لعقها استقذارًا.