المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الرضاع 322 - الحديث الأول: عن ابن عباس رضى اللَّه - الإلمام بشرح عمدة الأحكام - جـ ٢

[إسماعيل الأنصاري]

الفصل: ‌ ‌كتاب الرضاع 322 - الحديث الأول: عن ابن عباس رضى اللَّه

‌كتاب الرضاع

322 -

الحديث الأول: عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى بنت حمزة: "لا تحل لى، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وهى ابنة أخى من الرضاعة".

راويه

ابن عباس رضى اللَّه عنهما

مفرداته

بنت حمزة: أمامة وقيل سلمى وقيل فاطمة وقيل عائشة وقيل أمة اللَّه وقيل غمارة وقيل يعلى.

محرم من الرضاع ما يحرم من النسب: هذه جملة استئنافية مبينة لسبب عدم الحل.

أخى: حمزة عم النبى صلى الله عليه وسلم أرضعته وإياه ثويبة.

الرضاعة: بفتح الراء وكسرها.

يستفاد منه

1 -

تحريم بنت الأخ من الرضاع.

2 -

أن الرضاع يحرم النسب.

* * *

323 -

الحديث الثانى: عن عائشة رضى اللَّه عنها، قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة".

راويه

عائشة رضى اللَّه عنها.

مفرداته

الرضاعة: المعتبرة.

ص: 95

تحرم ما يحرم من الولادة: من تحريم النكاح ابتدًاء ودوامًا وانتشار الحرمة بين الرضيع وأولاد المرضعة فيحرم عليها هو يحرم عليها فروعه من النسب والرضاع وتصير أمه وتصير إخوتها وأخواتها أخوالا له. كما يعتبر ابنا لزوج المرضعة.

يستفاد منها

تنزيل الرضاع منزلة الولادة فى الحرمة وذلك بالنسبة إلى جواز النظر وعدم نقض الطهارة باللمس والخلوة والمسامرة وتحريم النكاح دون سائر أحكام النسب كالميراث والنفقة والعتق بالملك وسقوط القصاص وود الشهادة.

* * *

324 -

الحديث الثالث: وعنها قالت: "إن أفلح -أخا أبى القعيس- استأذن علىَّ بعد ما أنزل الحجاب؟ فقلت: واللَّه لا آذن له حتى استأذن النبى صلى الله عليه وسلم، فإن أخا أبى القعيس ليس هو أرضعنى، ولكن أرضعتنى امرأة أبى القعيس، فدخل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول اللَّه، إن الرجل ليس هو أرضعنى، ولكن أرضعتنى امرأته. فقال: ائذنى له، فإنه عمك، تربت يمينك". قال عروة: فبذلك كانت عائشة تقول: "حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب".

وفى لفظ: "استأذن علىَّ أفلح، فلم آذن له، فقال: أتحتجبين منى، وأنا عمك؟ فقلت: كيف ذلك؟ قال: أرضعتك امرأة أخى بلبن أخى. قالت: فسألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقال: صدق أفلح، ائذنى له، تربت يمينك".

راويه

عائشة رضى اللَّه عنها

مفرداته

أفلح: بفتح الهمزة وسكون الفاء وفتح اللام بعدها حاء مهملة صحابى

ص: 96

أخا أبى القعبس: وائل بن أفلح الأشعرى.

استأذن على: طلب الإذن على.

بعد ما أنزل الحجاب: حكمه أو آيته آخر سنة خمس من الهجرة. وآيته {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} .

امرأة أبى القعبس:

عمك: من الرضاعة.

تربت يمينك: افتقرت يمينك، والعرب تدعو على الرجل ولا تريد وقوع الأمر به.

قال عروة: قائل "قال عروة" ابن شهاب الزهرى راوى الحديث عن عروة.

يستفاد منه

1 -

أن من شك فى حكم يتوقف عن العمل حتى يسأل عن الحكم من يعلمه

2 -

جواز التسمية بـ "أفلح"

3 -

أن لبن الفحل يحرم فتنتشر الحرمة لمن ارتضع الصغير بلبنه فلا تحل له بنت زوج المرأة التى أرضعته من غيرها.

4 -

أن زوج المرضعة بمنزلة الوالد للرضيع وأخاه بمنزلة العم

5 -

وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب.

* * *

325 -

الحديث الرابع: وعنها رضى اللَّه عنها قالت: "دخل علىَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعندى رجل، فقال: يا عائشة من هذا؟ قلت: أخى من الرضاعة، فقال: يا عائشة، أنظرن من إخوانكن؟ فإنما الرضاعة من المجاعة".

راويه

عائشة رضى اللَّه عنها

مفرداته

دخل على: حجرتى

رجل: لعله ابن لأبى القعيس والقول: بأنه عبد اللَّه بن يزيد رضيع عائشة يرده أن

ص: 97

عبد اللَّه هذا تابعى عاشت أمة التى أرضعت عائشة بعد النبى صلى الله عليه وسلم فولدته

أنظرن: تأملن

من إخوانكن: من الرضاع وذلك بالنظر فى الرضاع هل هو رضاع صحيح بشرطه أم لا؟ و"من" استفهامية مفعول به

فإنما الرضاعة: التى تثبت بها الحرمة ونحل بها الحلوة.

من المجاعة: بحيث يكون الرضيع طفلا يسد اللبن جوعته لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن وينبت بذلك لحمه فيصير كجزء من المرضعة فيشترك فى الحرمة مع أولادها.

يستفاد منه

1 -

أن الزوج يسأل زوجته عن سبب إدخال الرجل بيته والاحتياط فى ذلك والنظر فيه.

2 -

أن الرضعة الواحدة لا تحرم لأنها لا تغنى من جوع وأولى ما يقدر به الرضاع ما قدرته به الشريعة وهو خمس رضعات

3 -

أن "إنما" للحصر لأن المقصود بقوله "فإنما الرضاعة من المجاعة" حصر الرضاعة المحرمة المجاعة لا لمجرد إثبات الرضاعة فى زمن المجاعة.

* * *

326 -

الحديث الخامس: عن عقبة بن الحارث رضى اللَّه عنه (1): "أنه تزوج أم يحيى بنت أبى إهاب، فجاءت أمة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما. فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم. قال: فأعرض عنى. قال: فتنحيت، فذكرت ذلك له، قال: كيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما".

راويه

عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف النوفلى المكى صحابى من مسلمة الفتح بقى إلى بعد الخمسين.

(1) هذا الحديث من أفراد البخارى ولم يخرجه مسلم بل لم يخرج بقصة بن الحارث فى صحيحه شيئًا انتهى من "العدة".

ص: 98

مفرداته

أم يحيى: صحابية اسمها زينب كما فى "النسائى"

أبو إهاب: بكسر الهمزة مذكور فى الصحابة.

كيف؟ : نصنع بها.

وقد زعمت: الأمة السوداء

يستفاد منه

1 -

جواز إعراض المفتى لتنبيه المستفتى على أن الحكم فى ما سأله عنه الكف.

2 -

قبول شهادة المرضعة وحدها فى الرضاع قال على بن سعد: سمعت أحمد يسأل عن شهادة المرأة الواحدة فى الرضاع فقال: تجوز على حديث عقبة بن الحارث يريد هذا الحديث - وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن شهاب قال فرق عثمان بين ناس تناكحوا بقول امرأة سوداء أنها أرضعتهم. قال ابن شهاب: الناس يأخذون بذلك من قول عثمان اليوم وحمل الجمهور هذا الحديث على الورع وقد أخرج أبو عبيد عن عمر والمغيرة بن شعبة وعلى بن أبى طالب والعباس وابن عباس أنهم امتنعوا من التفرقة بين الزوجين بذلك فقال: عمر فرق بينهما إن جاءت بينة وإلا فحل بين الرجل وامرأته إلا أن يتنزها، ولو فتح هذا الباب لم تشأ امرأة أن تفرق بين الزوجين إلا فعلت.

* * *

327 -

الحديث السادس (1): عن البراء بن عازب رضى اللَّه عنه قال: "خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم -يعنى من مكة- فتبعتهم إبنة حمزة، تنادى: يا عم، يا عم، فتناولها على، فأخذ بيدها، وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك، فاحتملتها. فاختصم فيها على وجعفر وزيد، فقال على: أنا أحق بها، وهى ابنة عمى. وقال جعفر: ابنة عمى،

(1) الحديث بهذا السياق من أفراد البخارى ولذلك عزاه إليه البيهقى فى سننه وعبد الحق فى الجمع بين الصحيحين والمزى فى الأطراف. اهـ من "العدة".

ص: 99

وخالتها تحتى. وقال زيد: ابنة أخى. فقضى بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خالتها، وقال: الخالة بمنزلة الأم، وقال لعلى: أنت منى، وأنا منك. وقال لجعفر: أشبهت خَلق وخُلقى. وقال لزيد: أنت أخونا ومولانا" (1).

راويه

البراء بن عازب بن الحارث بن عدى الأنصارى الأوسى صحابى بن صحابى نزل الكوفة، مات سنة اثنتين وسبعين.

مفرداته

خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: عام القضية.

ابنة حمزة: ابن عبد المطلب عم النبى صلى الله عليه وسلم واسمها عمارة على المشهور

يا عم: خاطبت النبى صلى الله عليه وسلم وهو ابن عمها بياعم إما لكون حمزة أخاه من الرضاعة وإن كان عمه من النسب أو إجلالا له.

على: ابن أبى طالب الخليفة الراشد

لفاطمة: بنت النبى صلى الله عليه وسلم

دونك: اسم فعل يدل على الأمر بأخذ الشئ المشار إليه.

فيها: فى أيهم تكون عنده

وجعفر: ابن أبى طالب أخو على صحابى مشهور.

وزيد: ابن حارثة حب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكان وصى حمزة

وخالتها: أخت أمها أسماء بنت عميس.

تحتى: زوجتى.

وقال زيد ابنة أخى: بالإخاء الذى عقده النبى صلى الله عليه وسلم بينى وبين حمزة لما آخى بين المهاجرين.

فقضى: حكم

الحالة: بمنزلة الأم: فى أحضانة لأنها تقرب منها فى الحنو والشفقة والاهتداء إلى ما يصلح الولد

(1) لا مناسبة لهذا الحديث بباب الرضاع وإنما هو من أصول باب الحضانة.

ص: 100

أنت منى وأنا منك: فى النسب والصهر والمتابعة وغير ذلك من المزايا لم يرد محض القرابة لأن جعفرًا شريكه فيها

خلقى: بفتح الحاء صورتى

خلقى: بضم الخاء

أنت أخونا: فى الإيمان

ومولانا: عتيقنا

يستفاد منه

1 -

أن الخالة بمنزلة الأم فى الحضانة وبإطلاق الحديث استدل أصحاب التنزيل على تنزيلها منزلة الأم فى الميراث إلا أن ما ذكرناه أولا أقوى فإن السياق يدل عليه وهو الطريق إلى بيان المجملات وتعيين المحتملات وتنزيل الكلام على المقصود منه.

2 -

حسن خلق النبى صلى الله عليه وسلم فإنه خاطب كل واحد بما يطيب قلبه والأمر فى على وزيد ظاهر لأن حرمانهما من مرادها مناسب لجبرها بذكر ما يطيب قلوبهما وأما جعفر فإما جبر خاطره لأن الحكم بها لجعفر إنما هو بسبب خالتها لا بسبب نفسه فهو فى الحقيقة غير محكوم له بصفنه فناسب ذلك جبره بما قيل له.

3 -

منقبة على وجعفر وزيد رضى اللَّه عنهم.

ص: 101