الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب النذر
355 -
الحديث الأول: عن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه قال "قلت: يا رسول اللَّه، إنى كنت نذرت فى الجاهلية أن أعتكف ليلة -وفى رواية يوما- فى المسجد الحرام قال: فأوف بنذرك".
راويه
عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه.
مفرداته
نذرت: من النذر وهو التزام قربة غير لازمة بأصل الشرع.
فى الجاهلية: قبل إسلامه لأن جاهلية كل أحد بحسبه وأصل الجاهلية ما قبل البعثة.
ليلة: يفسرها رواية "يوما" فإن العرب تعبر بالليلة عن اليوم وجمع بعضهم بين الروايتين بأن من أطلق "ليلة" أراد يومها ومن أطلق "يوما" أراد بليلته.
بنذرك: الذى نذرته فى الجاهلية.
يستفاد منه
1 -
الوفاء بالنذر المطلق وهو ما ينذر من الطاعة من غير تعليق شئ كقوله اللَّه على كذا وهو أحد أقسام النذر والثانى: ما علق على وجود نعمة أو دفع نقمة فوجد ذلك فيلزم الوفاء به والثالث: ما علق على شئ لقصد المنع أو الحث كقوله: إن دخلت الدار فلله على كذا فهذا القسم يخير فيه بين الوفاء بما نذر وبين كفارة اليمين.
2 -
أن الاعتكاف قربة تلزم بالنذر.
3 -
صحة نذر الكافر (1) والقائل بالبطلان بحمل الحديث على أن المراد بالوفاء بالنذر أن يأتى بعبادة تماثل ما التزم فى الصورة وهو اعتكاف يوم فأطلق عليها الوفاء بالنذر لمشابهتها إياه ولأن المقصود قد حصل وهو الإتيان بهذه العبادة.
* * *
356 -
الحديث الثانى: عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما عن
(1) وإن كان لا يقربه إلى اللَّه ما دام كافرًا.
النبى صلى الله عليه وسلم "أنه نهى عن النذر، وقال: إن النذر لا يأتى بخير وإنما يستخرج به من البخيل".
راويه
عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما.
مفرداته
النذر: المراد به هنا ما يقصد به تحصيل غرض أو دفع مكروه.
لا يأتى بخير: لم يكن مقدرة للناذر، وقيل: الباء سببية كأنه قال: لا يأتى بسبب خير فى نفس الناذر لأن سببه حصول غرضه لا مجرد التقرب إلى اللَّه.
وإنما يستخرج به من البخيل: لأنه لا يعطى طاعة إلا فى عوض ومقابل يحصل له فيكون النذر هو السبب الذى استخرج منه تلك الطاعة.
يستفاد منه
1 -
النهى عن نذر المجازاة وهو النذر الذى يقصد به تحصيل غرض أو دفع مكروه والحكمة فى النهى عنه أن الناذر لم يمحض نيته للتقرب إلى اللَّه مع ما ينضم إلى ذلك من اعتقاد أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض أو أن اللَّه يفعل معه ذلك الغرض لأجل النذر. وكان أبو عبيد يقول فى توجيه هذا الحديث: النهى عن النذر والتشديد فيه ليس هو أن يكون مأثما ولو كان كذلك ما أمر اللَّه أن يوفى به ولا حمد فاعله ولكن وجهه عندى تعظيم شأن النذر وتغليظ أمره لئلا يتهاون به وكلامه هذا بعيد من ظاهر الحديث.
2 -
وجوب الوفاء بما التزمه الناذر لأن الحديث نص على ذلك بقوله "يستخرج به من البخيل".
3 -
الرد على القدرية.
4 -
أن ما يبتدئه المكلف من وجوه البر أفضل مما يلتزمه بالنذر.
5 -
الحث على الإخلاص فى عمل الخير.
6 -
ذم البخل وأن من اتبع المأمورات واجتنب المنهيات لا يعد بخيلا.
* * *
357 -
الحديث الثالث: عن عقبة بن عامر رضى اللَّه عنه قال "نذرت أختى أن تمشى إلى بيت اللَّه الحرام حافية (1)، فأمرتنى أن أستفتى لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاستفتيته، فقال لتمش ولتركب".
راويه
عقبة بن عامر رضى اللَّه عنه.
مفرداته
حافية: غير منتعلة.
لتمش: لتمش فى وقت قدرتها على المشى.
ولتركب: إذا عجزت عن المشى أو لحقتها مشقة ظاهرة.
يستفاد منه
1 -
صحة نذر المشى إلى بيت اللَّه الحرام ولزومه.
2 -
أن لمن نذر ذلك أن يركب وظاهر الحديث الإطلاق ولكن فى رواية أبى داود ما يبين هذا الإجمال فإنها بلفظ "إن أختى نذرت أن تحج ماشية وإنها لا تطيق ذلك فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه غنى عن مشى أختك فلتركب ولتهد هديا".
* * *
358 -
الحديث الرابع: عن عبد اللَّه بن عباس رضى اللَّه عنهما أنه قال "استفتى سعد بن عبادة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى نذر كان على أمه، توفيت قبل أن تقضيه، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فاقضه عنها".
راويه
عبد اللَّه بن عباس رضى اللَّه عنهما.
(1) لفظ "حافية" ليس فى البخارى كما نبه على ذلك عبد الحق فى الجمع بين الصحيحين كما فى "العدة".
مفرداته
سعد بن عبادة: الأنصارى الخزرجى أحد النقباء وسيد الخزرج وأحد الأجواد مات بأرض الشام سنة خمس عشرة وقيل غير ذلك.
نذر: كانت علقته على شئ حصل.
أمه: عمرة بنت مسعود الأنصارية الخزرجية الصحابية.
توفيت: ماتت.
أن تقضيه: لتعذر القضاء بسرعة موتها.
يستفاد منه
1 -
استفتاء الأعلم فى أمور الدين.
2 -
فضل بر الوالدين بعد الوفاة، والحرص على براءة ما فى ذممهم.
3 -
قضاء النذر عن الميت ولم يبين فى هذه الرواية ما كان نذر أم سعد وظاهر الحديث أنه كان معينًا عند سعد واللَّه أعلم حقيقته.
* * *
359 -
الحديث الخامس: عن كعب بن مالك رضى اللَّه عنه قال "قلت: يا رسول اللَّه، إن من توبتى: أن أتخلع من مالى، صدقة إلى اللَّه وإلى رسوله، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك"(1).
راويه
كعب بن مالك بن أبى كعب الأنصارى السلمى بالفتح المدنى صحابى مشهور وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا فتابوا وتاب اللَّه عليهم مات فى خلافة على.
مفرداته
من توبتى: عن تخلفى عنك فى غزوة تبوك.
(1) مناسبة الحديث بترجمة الباب إنما هى على قول من استدل على أن من نذر التصدق بكل ماله اكتفى فيه بالثلث، وهذا ضعيف لأن اللفظ الذى أتى به كعب ليس بتنجز صدقة وإنما هو لفظ عن نية قصد فعل متعاقها ولم يقع بعد فأشار عليه السلام بأن لا يفعل ذلك وأن يمسك بعض ماله وذلك قبل إيقاع ما عزم عليه. اهـ من "الإحكام".
أن أنخلع من مالى: أن أعرى من مالى كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه.
صدقة إلى اللَّه: خالصة للَّه منه أرجو ثوابها
وإلى رسوله: الحكم فيها
أمسك: بكسر المهملة
يستفاد منه
1 -
أن إمساك ما يحتاج إليه من المال أولى من إخراج كله فى الصدقة وقد قسم العلماء ذلك بحسب أخلاق الإنسان فذكروا أن من كان لا يصبر على ذلك، يكره له أن يتصدق بكل ماله ومن كان يصبر لم يكره له ذلك وعلى ذلك يتنزل فعل أبى بكر الصديق رضى اللَّه عنه وإيثار الأنصار للمهاجرين وإن كان بهم خصاصة.
2 -
أن الصدقة لها أثر فى محو الذنوب لتقرير النبى صلى الله عليه وسلم كعب على ما قال.
3 -
أن من نذر التصدق بكل ماله اكتفى منه بالثلث وبهذا تظهر مناسبة الحديث للترجمة ولكن نوزع فى ذلك بأن كعب بن مالك لم يصرح بلفظ النذر ولا معناه وإنما استشار وإستأذنه هل يفعل ما سأل عنه أم لا؟
4 -
استحباب الصدقة شكرًا للنعم المتجددة لاسيما ما عظم منها