الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب حد السرقة
343 -
الحديث الأول: عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما: "أن النبى صلى الله عليه وسلم قطع فى مجنّ، قيمته -وفى لفظ ثمنه- ثلاثة دراهم".
راويه
عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما.
مفرداته
قطع: أمر بالقطع لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن يباشر القطع بنفسه.
مجن: بكسر الميم وفتح الجيم الترس.
قيمته: قيمة الشئ ما تنتهى إليه الرغبة فيه.
ثمنه: الثمن ما يقابل به البيع عند البيع والظاهر أن المراد بالثمن هنا القيمة وأن من رواه بلفظ الثمن إما تجوز أو كانت القيمة والثمن حينئذ مستويين.
يستفاد منه
1 -
وجوب قطع السارق فى الجملة وهو مجمع عليه ونص عليه القرآن الكريم وشرعه اللَّه صيانة للأموال.
2 -
اعتبار النصاب فى المسروق وأنه ثلاثة دراهم، وحديث "لا تقطع اليد إلا فى ربع دينار (1) فصاعدًا" أصرح لأن حديث الباب حكاية فعل ولا يلزم من القطع فى المقدار المذكور فيه فعلا عدم القطع فيما دونه نطقا.
3 -
أن الأصل فى التقويم الفضة فإن المسروق لما كان غير الذهب والفضة وقوم بالفضة دون الذهب دل ذلك على أن الفضة هى الأصل فى التقويم.
* * *
344 -
الحديث الثانى: عن عائشة رضى اللَّه عنها أنها سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "تقطع اليد فى ربع دينار فصاعدًا"
(1) ربع دينار هو صرف ثلاثة دراهم.
راويه
عائشة رضى اللَّه عنها.
مفرداته
تقطع اليد فى ربع دينار: فى رواية مسلم "لا تقطع اليد إلا فى ربع دينار" بالحصر والدينار كان اثنى عشر درهما وصرف ربعه ثلاثة دراهم.
فصاعدًا: فزائدًا.
يستفاد منه
1 -
بيان مقدار النصاب الذى تقطع فيه اليد فى السرقة ولا منافاة بين هذا الحديث وبين حديث القطع فى المجن المتقدم لأن الدينار كان اثنى عشر درهما وربعه ثلاثة دراهم أعنى صرفه. ولذلك قومت الدية باثنى عشر ألفا من الورق وألف دينار من الذهب.
2 -
الرد على الظاهرية الذين يرون القطع فى القليل والكثير لمفهوم العدد فى هذا الحديث وهو أقوى من مفهوم اللقب وأصرح منه رواية مسلم "لا تقطع اليد إلا فى ربع دينار" ورواية أحمد "إقطعوا فى ربع دينار ولا تقطعوا فى ما هو أدنى من ذلك".
* * *
345 -
الحديث الثالث: عن عائشة رضى اللَّه عنها: أن قريشًا أهمهم شأن المخزومية التى سرقت. فقالوا: من يكلم فيها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة، فقال: أتشفع فى حد من حدود اللَّه؟ ثم قام فاحتطب، فقال: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم اللَّه: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
وفى لفظ (1): "كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم بقطع يدها".
راويه
عائشة رضى اللَّه عنها.
مفرداته
قريشًا: القبيلة المعروفة المنتسبة إلى فهر بن مالك والمراد بهم هنا من أدرك القصة.
أهمهم: جلب إليهم الهم
شأن المخزومية: فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسود بن عبد اللَّه بن عمرو ابن مخزوم وشأنها ما نسب إليها من السرقة.
من يكلم فيها رسول اللَّه: يشفع عنده فيها أن لا تقطع، إما عفوا وإما بفداء.
ومن يجترئ عليه: يتجاسر عليه بادلال
إلا أسامة بن زيد: والسبب فى اختصاص أسامة بذلك ما أخرجه ابن سعد من طريق جعفر بن محمد بن على بن الحسين عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لأسامة لا تشفع فى حد وكان إذا شفع شفعة بتشديد الفاء أى قبل شفاعته.
حب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بكسر حاء "حب" بمعنى محبوب وفيه تلميح بقول النبى صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنى أحبه فأحبه".
فكلمه أسامة: فى الكلام شئ مطوى تقديره فجاءوا إلى أسامة فكلموه فى ذلك فجاء أسامة إلى النبى صلى الله عليه وسلم فكلمه.
اتشفع فى حد من حدود اللَّه: إستفهام إنكارى لأنه كان سبق له منع الشفاعة فى الحد قبل ذلك.
قال: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
إنما أهلك الذين من قبلكم: ليس هذا الحصر عاما فإن فى بنى إسرائيل أمورًا
(1) صنيع صاحب العمدة حيث أورد الحديث بلفظ الليث ثم قال "وفى لفظ" فذكر لفظ معمر يقتضى أنها قصة واحدة اختلف فيها هل كانت سارقة أو جاحدة يعنى لأنه أورد حديث عائشة باللفظ الذى أخرجاه من طريق الليث ثم قال "وفى لفظ كانت إمرأة" إلخ وهذه رواية معمر فى مسلم فقط. اهـ من "الفتح".
كثيرة تقتضى الإهلاك فيحمل هذا على حصر مخصوص وهو الإهلاك بسبب المحاباة فى الحدود.
وأيم اللَّه: من ألفاظ القسم وهمزتها همزة وصل.
يستفاد منه
1 -
إمتناع الشفاعة فى الحد بعد بلوغه السلطان.
2 -
تعظيم أمر المحاباة للأشراف فى حقوق اللَّه تعالى.
3 -
فضيلة أسامة بن زيد رضى اللَّه عنهما.
4 -
عظم منزلة فاطمة رضى اللَّه عنها عند النبى صلى الله عليه وسلم.
5 -
ضرب المثل بكبير القدر للمبالغة فى الزجر عن الفعل ومراتب ذلك مختلفة وينبغى لمن ذكر قول النبى صلى الله عليه وسلم "لو أن فاطمة الخ" أن يقول قد أعاذها اللَّه من ذلك لما روى ابن ماجه عن محمد بن رمح قال سمعت الليث يقول عقب هذا الحديث "قد أعاذها اللَّه من أن تسرق وكل مسلم ينبغى له أن يقول هذا". ووقع للشافعى أنه لما ذكر هذا الحديث قال: "فذكر عضوًا شريفًا من امرأة شريفة" واستحسنوا ذلك عنه لما فيه من الأدب البالغ.
6 -
الاعتبار بأحوال من مضى من الأمم ولا سيما من خالف أمر الشرع.
7 -
دخول النساء مع الرجال فى حد السرقة وهو ظاهر فى الرواية الأولى وأما رواية "كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده" الخ. فإنما يستفاد منها أن من استعار قدر نصاب السرقة وجحده ثم ثبت ذلك عليه بينه أو إقرار قطع به ولكن هذه الرواية شاذة مخالفة لرواية الجمهور.