الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب العدة
310 -
الحديث الأول: عن سبيعة الأسلمية "أنها كانت تحت سعد بن خولة -وهو من بنى عامر بن لؤى، وكان ممن شهد بدرًا- فتوفى عنها فى حجة الوداع، وهى حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلّت من نفاسها، تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك -رجل من بنى عبد الدار- فقال لها: مالى أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح، واللَّه ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر. قالت سبيعة: فلما قال لى ذلك، جمعت على ثيابى حين أمسيت، فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك؟ فأفتانى بأنى قد حللت حين وضعت حملى، وأمرنى بالتزويج إن بدا لى" قال ابن شهاب (1): "ولا أرى بأسًا أن تتزوج حين وضعت، وإن كانت فى دمها، غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر".
راويه
سبيعة بنت الحارث الأسلمية صحابية جليلة.
مفرداته
سعد بن خولة: صحابى بدرى من بنى عامر بن لؤى، كما فى المتن.
فتوفى: مات.
فى حجة الوداع: بفتح حاء "حجة" وكسرها ويفتح واو "الوداع" وكسرها.
فلم تنشب: لم تمكث.
تعلت: طهرت.
تجملت: تزينت.
(1) قول ابن شهاب هذا من أفراد مسلم.
أبو السنابل بن بعكك: صحابى مشهور بكنيته قيل اسمه عمرو وقيل حبة بالباء، وقيل حنة بالنون.
وأمرنى: أذن لى.
قال ابن شهاب: محمد بن مسلم بن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن شهاب القرشى الزهرى الحافظ المتفق على إتقانه وثبته، وهو راوى حديث سبيعة عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه ابن عتبة بن مسعود عن أبيه عن عمر بن عبد اللَّه بن الأرقم الزهرى عن سبيعة وقائل قال ابن شهاب يونس بن يزيد.
يستفاد منه
1 -
أن الحامل تنقضى عدتها بوضع الحمل أى وقت كان فيخص هذا الحديث عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} .
2 -
أن انقضاء العدة بوضع الحمل لا يتوقف على الطهر من الناس وقد صرح الزهرى بذلك فى قوله لا أرى بأسًا أن تتزوج حين وضعت إلى آخر كلامه.
3 -
جواز تجمل المرأة بعد انقضاء عدتها لمن يخطها.
* * *
311 -
الحديث الثانى: عن زينب بنت أم سلمة رضى اللَّه عنهما قالت: "توفى حميم لأم حبيبة، فدعت بصفرة، فست بذراعها، فقالت: إنما أصنع هذا لأنى سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرة".
راويه
زينب بنت أبى سلمة بن عبد الأسد المخزومية أمها أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم صحابية ماتت سنة ثلاث وسبعين.
مفرداته
حميم: قرابة.
أم حبيبة: بنت أبى سفيان زوج النبى صلى الله عليه وسلم.
بصفرة: فى رواية "بصفرة خلوق".
تؤمن باللَّه واليوم الآخر: قيد بهذا الوصف لأن المتصف به هو الذى ينقاد لشرع.
أن تحد: أن تترك الطيب والزينة و"تحد" بضم أوله وكسر الحاء من أحد ويجوز فتح أوله وضم ثانيه من "حد".
إلا على زوج: سواء كانت وفاته قبل الدخول أو بعده، فإنها تحد عليه.
يستفاد منه
1 -
تحريم الإحداد على غير الزوج من قريب ونحوه أكثر من ثلاث ليال وإباحته فى الثلاث وما دونها (1).
2 -
وجوب الإحداد على المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة سواء كانت وفاته بعد الدخول أو قبله.
3 -
أنه لا إحداد على الأمة المستولدة لتعليق الحكم بالزوجية.
4 -
أنه لا إحداد إلا على من توفى زوجها.
* * *
312 -
الحديث الثالث: عن أم عطية رضى اللَّه عنها: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وشهرة، ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمس طيبًا، إلا إذا طهرت، نبذة من قسط أو أظفار (2) ".
راويه
أم عطية نسيبة بالتصغير الأنصارية صحابية مشهورة.
(1) أبيح فى الثلاث فما دونها لأجل حظ النفس ومراعاتها وغلبته الطباع البشرية ولهذا تناولت أم حبيبة الطيب لتخرج عن عهدة الإحداد وصرحت بأنها لم تتطيب الحاجة إشارة إلى أن آثار الحزن باقية عندها لكنها لم يسعها إلا امتثال الأمر.
(2)
قوله "أو أظفار" هذا أحد روايتى مسلم ووقع عند البخارى بالواو العاطفة وهو أوجز اهـ من "العدة".
مفرداته
لا تحد: بالرفع على النفى وبالجزم على النهى.
فوق ثلاث: ثلاث ليال بأيامها.
ولا تلبس: بالرفع على النفى وبالجزم على النهى.
عصب: ثياب من اليمن فيها بياض وسواد.
نبذة: بضم النون قطعة يسيرة.
قسط: بضم القاف نوع من البخور.
أظفار: نوع من البخور.
يستفاد منه
1 -
أنه لا يزاد فى الإحداد على غير الزوج على ثلاث ليال.
2 -
وجوب الإحداد مدة أربعة أشهر وعشر على الزوج المتوفى.
3 -
منع المرأة المحد من لبس الثياب المصبوغة للزينة إلا ثوب عصب.
4 -
جواز ما ليس بمصبوغ وهى الثياب البيض.
5 -
منع المرأة الحد من الكحل والمجيز الاكتحال عند الخوف على العين يحمل النهى فى هذا الحديث على حالة عدم الحاجة.
6 -
أن المحد لا تمس طيبًا إلا أنه رخص لها عند الاغتسال من الحيض فى تطييب المحل لإزالة الرائحة الكريهة.
* * *
313 -
الحديث الرابع: عن أم سلمة رضى اللَّه عنها قالت: "جاءت امرأة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول اللَّه إن ابنتى توفى عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفنكحلها؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا -مرتين أو ثلاثا- ثم قال: إنما هى أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن فى الجاهلية ترمى بالبعرة على رأس الحول، فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفى عنها زوجها دخلت حفشا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبًا، ولا شيئًا حتى تمر بها سنة،
ثم تؤتى بداية -حمار أو طير أو شاة- فتفتض به، فقاما تفتض بشئ إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة، فترى بها، ثم تراجع بعدُ ما شاءت من طيب أو غيره".
راويه
أم سلمة رضى اللَّه عنها.
مفرداته
امرأة: هى عاتكة بنت نعيم.
زوجها: المغيرة المخزومى صحابى استدركه ابن فتحون على ابن عبد البر.
وقد اشتكت عينها: بضم نون "عينها" على الفاعلية على أن تكون العين هى المشتكية ويرجح هذا رواية مسلم "إشتكت عيناها" ويجوز النصب على أن يكون فى "إشتكت" ضمير الفاعل.
أفنكحلها: بضم الحاء وهى مما جاء مضموما وإن كانت عينه حرف حلق.
لا: لا تكحلها.
مرتين، أو ثلاثة: تأكيد للمنع.
إنما هى: العدة الشرعية.
أربعة أشهر وعشرا: بالنصب على حكاية لفظ القرآن وبالرفع وهو واضح والمراد بقوله "إنما هى أربعة أشهر وعشر" تقليل المدة بالنسبة لما كان قبل ذلك وتهوين الصبر عليها.
الجاهلية: حالة العرب قبل الإسلام من الجهل بالشريعة، وفى ذكر الجاهلية إشعار بأن الإسلام على خلافها.
ترمى بالبعرة على رأس الحول: إشارة إلى أن الفعل الذى فعلته من التربص والصبر على البلاء الذى كانت فيه لما انقضى كان عندها بمنزلة البعرة التى رمتها استحقارًا له وتعظيمًا لحق زوجها.
فقالت زينب بنت أبى سلمة: وقائل "فقالت زينب" إلخ حميد بن نافع راوى الحديث عنها (1).
(1) أجابت بهذا سؤاله فعند البخارى "قال حميد فقلت لزينب وما ترمى بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب" إلخ.
حفشًا: بيتًا صغيرًا
شر ثيابها: أردأها
ولا شيئًا: تبرزين به
سنة: من موت زوجها
حمار: بالجر بدل مما قبله
أو طير أو شاة: أو فيهما للتنويع
فتفتض به: فتدلك به جسدها
بعرة: بفتح الموحدة وسكون المهملة ويجوز فتحها.
يستفاد منه
1 -
تحريم الاكتحال على الحادة سواء احتاجت إليه أم لا وجاء فى حديث أم سلمة فى الموطأ وغيره "اجعليه بالليل وامحيه بالنهار" فتكون قيدا لهذا الحديث يدل على أنها إذا احتاجت لم يجز بالنهار ويجوز بالليل.
2 -
أن عدة الزوجة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر.
3 -
أن الحكم فى الإسلام مخالف لما كانوا يصنعونه فى الجاهلية وهو كذلك بالنسبة لما وصف من الصنيع لا للتقدير بالحول فإنه استمر فى الإسلام بنص قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلى الْحَوْلِ} ثم نسخت بآية {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} .