الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الأيمان والنذور
348 -
الحديث الأول: عن عبد الرحمن بن سمرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فكفر عن يمينك وائت الذى هو خير".
راويه
عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس العبشمى أبو سعيد صحابى من مسلمة الفتح يقال كان اسمه عبد كلال افتتح سجستان ثم سكن البصرة ومات بها سنة خمسين أو بعدها.
مفرداته
لا تسأل: لا تطلب
الإمارة: الولاية
مسألة: سؤال.
وكلت: بضم الواو وكسر الكاف خففا صرفت إليها ويروى بتشديد الكاف بمعنى أسلمت إليها ولم يكن معك إعانة.
أعتت عليها: أعانك اللَّه على أعبائها وأثقالها فتصيب الصواب فى فعلك وقولك.
على يمين: على محلوف عليه أطلق عليه لفظ اليمين للملابسة أو "على" هنا بمعنى الباء أى يمين.
فرأيت: رؤية اعتقاد لا بصرية
غيرها: غير المحلوف عليه وتأنيث الضمير مع عوده على "يمين" باعتبار المعنى (1).
(1) معنى "يمين" المتقدم.
خيرًا منها: فى دنياك وآخرتك أو أوفق لما لم يكن إثما من مرادك وشهوتك.
يستفاد منه
1 -
النهى عن سؤال الولاية مطلقًا وقيد الفقهاء ذلك بما إذا لم يتعين الطلب عليه لعدم من يتولاها أو لكونه أفضل الموجودين.
2 -
ألطاف اللَّه بعبده بالإعانة على إصابة الصواب فى فعله وقوله تفضلا زائدًا على مجرد التكليف والهداية إلى النجدين.
3 -
جواز التكفير قبل الحنث لقوله عليه الصلاة والسلام "فكفر عن يمينك وائت الذى هو خير" وضعف ابن دقيق العيد الاستدلال بذلك معلا بأن الواو تقتضى الترتيب.
4 -
تأخير مصلحة الوفاء بمقتضى العين إذا كان غيره خبرًا.
5 -
أن الوفاء بمقتضى اليمين عند عدم رؤية الخير فى غيرها مطلوب.
* * *
349 -
الحديث الثانى: عن أبى موسى رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "إنى واللَّه -إن شاء اللَّه- لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذى هو خير، وتحللتها".
راويه
أبو موسى عبد اللَّه بن قيس بن سليم الأشعرى صحابى مشهور، أمره عمر ثم عثمان وهو أحد الحكمين بصفين مات سنة خمسين وقيل بعدها.
مفرداته
على يمين: على محلوف يمين أطلق عليه يمين الملابسة ويحتمل أن يكون "على" هنا بمعنى الباء فقد وقع فى رواية النسائى "إذا حلفت بيمين".
غيرها: غير المحلوف عليه وتأنيث الضمير مع عوده على "يمين" باعتبار المعنى.
خيرًا منها: بأن يكون فعله أفضل من المضى فى مقتضى اليمين المذكورة
وتحللتها: أتيت بخلاف مقتضاها أو المعنى كفرت عنها.
يستفاد منه
1 -
جواز الحلف من غير استحلاف لتأكيد الخبر ولو كان مستقبلا.
2 -
الاستثناء بـ "إن شاء اللَّه".
3 -
أن من حلف على فعل شئ أو على تركه وكان الحنث خيرًا من التمادى على اليمين استحب له الحنث وتلزمه الكفارة وتعمد الحنث فى هذه الحالة يعتبر طاعة لا معصية
4 -
تقديم ما يقتضى الحنث على الكفارة بناء على أن معنى قوله عليه السلام "وتحللتها" التكفير عنها.
* * *
350 -
الحديث الثالث: عن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "إن اللَّه ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم".
ولمسلم (1): "فمن كان حالفًا فليحلف باللَّه أو ليصمت".
وفى رواية قال عمر: "فواللَّه ما حلفت بها منذ سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينهى عنها، ذاكرًا ولا آثرًا".
راويه
عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه
مفرداته
باللَّه: بهذا الاسم أو بغيره من أسماءه وصفاته.
ليصمت: ليسكت
عمر: ابن الخطاب الخليفة الراشد
ذاكرًا: عامدًا قائلًا لها من قبل نفسى
ولا آثرا: ولا حاكيًا عن غيرى أنه حلف بها.
يستفاد منه
1 -
النهى عن الحلف بالآباء وبكل مخلوق والسر فى ذلك أن الحلف بالشئ يقتضى تعظيمه والعظمة فى الحقيقة إنما هى للَّه وحده.
2 -
مشروعية الحلف باللَّه وليس المراد لفظ "اللَّه" بخصوصه بل المراد كل ما يطلق على اللَّه من أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
(1) عزو هذه الرواية لمسلم على المصنف فيه نقدان أحدها: أنها ليست من أفراد مسلم كما تدل عليه عبارة المصنف الثانى: أنها ليست من مسند عمر بل مسند ابنه عبد اللَّه ابن عمر. اهـ ملخصًا من "العدة".
3 -
المبالغة فى الاحتياط، وأن لا يجرى على اللسان ما صورته صورة الممنوع شرعًا لأن الحاكى عن غيره ليس عليه شئ.
4 -
فضيلة عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه لشدة امتثاله أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
* * *
351 -
الحديث الرابع: عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلامًا يقاتل فى سبيل اللَّه. فقيل له: قل إن شاء اللَّه، فلم يقل، فطاف بهن، فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان، قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لو قال إن شاء اللَّه: لم يحنث، وكان دركا لحاجته".
راويه
أبو هريرة رضى اللَّه عنه.
مفرداته
سليمان بن داود: نبى بن نبى عليهما السلام.
لأطوفن: اللام جواب قسم كأنه قال واللَّه لأطوفن بدليل الحنث فى قول النبى صلى الله عليه وسلم لم يحنث لأن ثبوت الحنث ونفيه يدل على سبق اليمين.
تلد كل امرأة: فيه حذف تقديره فتعلق فتحمل فتلد.
يقاتل فى سبيل اللَّه: فى حذف تقديره فينشأ فيتعلم الفروسية فيقاتل.
فقيل له: قال له الملك.
فلم يقل: لم ينطق بلفظ إن شاء اللَّه بلسانه بل نسى بضم النون وتشديد السين وليس المراد أنه غفل عن التفويض إلى اللَّه بقلبه فإن ذلك مستمر له.
لم يحنث: المراد بعدم حنثه وقوع ما أراده.
دركا: بفتح المهملة والراء لحاقا، وقوله: وكان ذلك دركا لحاجته بمثابة التأكيد لقوله "لم يحنث".
يستفاد منه
1 -
أن إتباع اليمين باللَّه بالمشيئة يرفع حكم اليمين إذا علقت المشيئة بالمحلوف عليه لا إذا أراد الاستثناء إلى نفس المين أو كان ذكره الاستثناء على سبيل الأدب فى تفويض الأمر إلى مشيئة اللَّه.
2 -
أن الكناية فى اليمين مع النية كالصريح فى حكم اليمين لأن لفظ "لأطوقن" ليس فيه التصريح باسم اللَّه لكنه مقدر لأجل اللام.
3 -
جواز الإخبار عن وقوع الشئ المستقبل بناءًا على الظن لقول سليمان "تلد كل إمرأة منهن غلاما" إلخ فإنه لو كان عن وحى لوجب وقوع مخبره.
4 -
أن الاستثناء إذا اتصل باليمين فى اللفظ ثبت حكمه وإن لم ينو من أول اللفظ وذلك أن الملك قال له قل: إن شاء اللَّه عتد فراغه من اليمين فلو لم يثبت حكمه لما أفاد ذلك وأقوى من ذلك فى الدلالة قول النبى عليه الصلاة والسلام لو قال: "إن شاء اللَّه لم يحنث".
5 -
جواز قول "لو" فى ما ليس من قبيل الاعتراض على القدر.
* * *
352 -
الحديث الخامس: عن عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم، هو فيها فاجر، لقى اللَّه وهو عليه غضبان، ونزلت (3: 77 {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آخر الآية".
راويه
عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه عنه.
مفرداته
يمن صبر: هى التى تلزم وتجبر عليها حالفها يقال أصبره اليمين إذا أحلفه بها فى مقاطع الحق والأكثر على تنوين "يمين" فى قوله "يمين صيره" وصبر: صفة له.
يقتطع بها مال امرئ مسلم: يأخذ بها قطعة من مال امرئ مسلم.
فيها: فى الإقدام عليها.
فاجر: كاذب
يشترون (1) يستبدلون.
بعهد اللَّه: ما عاهدوه عليه من الإيمان بالرسول المصدق لما معهم.
وأيمانهم: ما حلفوا به من قولهم واللَّه ليؤمنن به ولننصرنه.
ثمنًا قليلا: متاع الدنيا من الإرتشاء والترؤس.
يستفاد منه
1 -
التشديد على من حلف باطلا ليأخذ حق مسلم وذلك لما فيه من الاستخفاف بحرمة اليمين باللَّه ومن أكل مال المسلم بالباطل ظلما وعدوانا.
2 -
تفسير الآية المذكورة فى الحديث وبيان سبب نزولها ومعرفة سبب النزول طريق قوى فى فهم معانى الكتاب العزيز ويحصل الصحابة بقرائن تحف بالقضايا.
3 -
غلظ تحريم حقوق المسلمين.
* * *
353 -
الحديث السادس: عن الأشعث بن قيس رضى اللَّه عنه قال "كان بينى وبين رجل خصومة فى بئر، فاختصمنا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: شاهداك أو يمينه قلت: إذًا يحلف ولا يبالى، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين صبر (2) يقتطع بها مال امرئ مسلم، هو فيها فاجر، لقى اللَّه عز وجل وهو عليه غضبان".
راويه
الأشعث بن قيس بن معدى كرب الكندى أبو محمد الصحابى نزل الكوفة مات سنة أربعين أو إحدى وأربعين وهو ابن ثلاث وستين.
(1) من "يشترون" إلى آخر المفردات مفردات الآية التى ذكرت فى الحديث وهى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} الآية فليعلم ذلك.
(2)
بإضافة "يمين" الصبر والأكثر على تنوين يمين فيكون "صبر" صفة له مصدر بمعنى المفعول أى مصبورة كما فى الرواية الأخرى "على يمين مصبورة" اهـ قسطلانى.
مفرداته
شاهداك: المثبت لك ما تدعيه شهادة شاهدين لك
أو يمينه: أو طلب يمين الخصم.
إذا يحلف: بالنصب لوجود شرائطه من الاستقبال وغيره ويجوز الرفع
يمين صبر: التى يصبر فيها نفسه على الجزم باليمين والصبر الحبس فكأنه يحبس نفسه على هذا الأمر العظيم وهى اليمين الكاذبة ويقال لمثل هذه اليمين الغموس.
بقتطع بها مال امرئ مسلم: يأخذ بها قطعة من مال المرء المسلم.
فاجر: كاذب.
يستفاد منه
1 -
سؤال الحاكم المدعى هل له بينة أم لا؟
2 -
أن من رضى بيمين غريمه ثم أراد إقامة البينة بعد إحلافه لا يجاب إلى ذلك إلا أن يأتى بعذر يتوجه له فى ترك إقامتها قبل الاستحلاف لأن "أو" تقتضى أن ليس له إلا أحدها فلو جاز إقامة البينة بعد الاستحلاف لكان له الأمران.
2 -
توجه اليمين فى الدعاوى على من ليست له بينة.
3 -
بناء الأحكام على الظاهر وإن كان المحكوم له فى نفس الأمر مبطلا.
4 -
التشديد على من حلف باطلا ليأخذ مال مسلم.
5 -
أن يمين الفاجر تسقط عنه الدعوى.
6 -
أن حكم الحاكم لا يبيح للانسان ما لم يكن حلالا له.
* * *
354 -
الحديث السابع: عن ثابت بن الضحاك الأنصارى رضى اللَّه عنه "أنه بايع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين بملة غير الإسلام، كاذبًا متعمدًا، فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشئ عذب به يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملك".
وفى رواية: "ولعن المؤمن كقتله".
وفى رواية "من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها، لم يزده اللَّه عز وجل إلا قلة".
راويه
ثابت بن الضحاك بن خليفة الأشهلى صحابى مشهور مات سنة أربع وستين.
مفرداته
تحت الشجرة: التى بايع الصحابة فى الحديبية النبى صلى الله عليه وسلم تحتها بيعة الرضوان.
بملة غير الإسلام: كان يقول: إن فعلت كذا فأنا يهودى أو نصرانى أو برئ من الإسلام أو من النبى صلى الله عليه وسلم.
كاذبا: فى تعظيم تلك الملة التى حلف بها.
فهو كما قال: يحكم عليه بالذى نسبه لنفسه إن قصد تعظيم المحلوف عليه وإلا بأن قصد البعد عن المحلوف عليه أو أطلق فهو غير خارج عن ملة الإسلام، وكفره كفر دون كفر.
به: بذلك الشئ من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية.
لعن المؤمن: إذا وافق ساعة الإجابة.
كقتله: فى إزالة الحياة فإن اللعنة دعاء بإزالة الحياة الباقية كما أن القتل إزالة للحياة الفانية فيجمعهما إزالة الحياة.
يستفاد منها
1 -
تحريم الحلف بملة غير الإسلام والوعيد الشديد على ذلك، ويفهم من الحديث أنه لا كفارة على مرتكب ذلك الذنب.
2 -
تعذيب قاتل نفسه يوم القيامة بما قتلها به فى الدنيا من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية.
3 -
أنه لا نذر على الشخص فيما لا يملك.
4 -
تحريم لعن المؤمن والوعيد الشديد عليه
5 -
تحريم الدعاوى الباطلة.