الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الصيد
376 -
الحديث الأول: عن أبى ثعلبة الخشنى رضى اللَّه عنه قال "أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول اللَّه، إنا بأرض قوم أهل كتاب أفتأكل فى آنيتهم؛ وفى أرض صيد، أصيد بقوسى وبكلبى الذى ليس بمعلم، وبكلبى المعلم، فما يصلح لى؟ قال: أما ما ذكرت -يعنى من آنية أهل الكتاب- فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها. وما صدت بقوسك فذكرت اسم اللَّه عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلم، فذكرت اسم اللَّه عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكائه فكل".
راويه
أبو ثعلبة الخشنى رضى اللَّه عنه. صحابى جليل مشهور بكنيته
مفرداته
إنا: أنا وقبيلتى خشين وهى بطن من قضاعة
بأرض قوم أهل كتاب: فى رواية من أهل الكتاب بالشام
أفنأكل فى آنيتهم: وهم يطبخون فى قدورهم ويشربون فى آنيتهم الحمر
وفى أرض صيد: من باب إضافة الموصوف إلى صفته لأن التقدير بأرض ذات صيد خذفت الصفة وأقيم المضاف إليه مقامه
بقوس: بسهم قوس
فما يصلح لى: أكله من ذلك
قال: النبى صلى الله عليه وسلم
أما: بتشديد الميم حرف تفصيل
ذكرت: صلة "ما" والعائد محذوف والتقدير ذكرته.
وجدتم: أصبتم
غيرها: غير آنية أهل الكتاب
فلا تأكلوا فيها: إذ هى مستقذرة ولو غسلت.
وإن لم تجدوا: غيرها
المعلم: ما ينزجر بالانزجار وينبعث بالإشلاء.
يستفاد منه
1 -
أن استعمال أوانى أهل الكتاب يتوقف على الغسل
2 -
جواز الصيد بالقوس والكلب معًا
3 -
اشتراط التسمية عند الإرسال لأنه وقف الإذن فى الأكل على التسمية والمعلق بالوصف ينتفى بانتفائه.
4 -
أن الصيد بالكلب المعلم لا يتوقف حله على الذكاة لأنه فرق بينه وبين غير المعلم فى إدراك الذكاة.
5 -
أن غير المعلم يشترط فيه إذا صاد أن تدرك ذكاة الصيد وذلك بأمرين أحدهما الزمن الذى يمكن فيه الذبح فإن أدركه ولم يذبح فهو ميتة ولو كان ذلك لأجل العجز عن ما يذبح به لم يعذر فى ذلك. الثانى: الحياة المستقرة فإن أدركه وقد أخرج حشوته فلا اعتبار بالذكاة حينئذ.
* * *
377 -
الحديث الثانى: عن همام بن الحارث عن عدى بن حاتم قال "قلت: يا رسول اللَّه إنى أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن على، واذكر اسم اللَّه؟ فقال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم اللَّه فكل ما أمسك عليك. قلت: وإن قتلن؟ قال: وإن قتلن، ما لم يشركها كلب ليس منها. قلت: فإنى أرمى بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: إذا رميت بالمعراض فخزق، فكله، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله، وحديث الشعبى عن عدى نحوه، وفيه: "إلا أن يأكل الكلب، فإن أكل فلا تأكل فإنى أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه وإن خالطها
كلاب من غيرها فلا تأكل فإنما سميت على كلبك، ولم تسم على غيره (1)" وفيه "إذا أرسلت كلبك المكلب فاذكر اسم اللَّه عليه. فإن أمسك عليك فأدركته حيًا فاذبحه وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله، فإن أخذ الكلب ذكاته"، وفيه أيضا "إذا رميت بسهمك فاذكر اسم اللَّه عليه"، وفيه "وإن غاب عنك يومًا أو يومين"، وفى رواية "اليومين والثلاثة فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، فإن وجدته غريقًا فى الماء فلا تأكل. فإنك لا تدرى: الماء قتله، أو سهمك؟ ".
راويه
همام بن الحارث بن قيس بن عمرو النخعى الكوفى ثقة عابد.
مفرداته
عدى بن حاتم: صحابى شهير
أرسل: للصيد
الكلاب المعلمة: بفتح لام "المعلمة" المشددة وهى التى إذا أغراها صاحبها على الصيد طابته وإذا زجرها انزجرت وإذا أخذت الصيد حيسته على صاحبها فلا تأكل من لحمه أو نحوه كجلده وحشوته قبل قتله أو عقبه مع تكرر لذلك.
بالمعراض: بكسر الميم وبالعين المهملة خشبة ثقيلة أو عصًا محدد رأسها وقد تكون
(1) قوله "فإنما سميت على كلبك" إلخ هذه الزيادة ليست فى هذه الرواية وإنما ذكرها مسلم فى رواية أخرى عقب هذه من هذا الوجه فكان ينبغى أن يقول "وفيه". وقوله "فإذا أرسلت كلبك المكلب" لم يذكره مسلم فى روايته وليس فى روايته هذه "فإن أخذ الكلب ذكاته" وقوله "وإن غاب" لفظ مسلم نحوه وقال عبد الحق لم يقال البخارى فى شئ من طرقه "فأدركته حيًا فذبحه" ولم يذكر أيضا "فإنك لا تدرى الماء قتله أو سهمك" العدة.
بغير حديدة.
فخزق: جرح ونفذ وطعن فيه
بعرضه: بغير طرفه المحدد
فلا تأكله: فإنه وقيفا.
الشعبى: عامر بن شراحيل الثقة المشهور الفقيه الفاضل الذى قال فيه مكحول ما رأيت أفقه منه.
المكلب: المعلم
فإن أخذ الكلب: الصيد وقتله إياه
ذكاته: ذكاة شرعية بمنزلة ذبح الحيوان الإنسى.
يستفاد منه
1 -
إباحة الاصطياد بالكلاب المعلمة.
2 -
اشتراط التسمية عند الصيد.
3 -
جواز أكل ما أمسكه الكلب المعلم بالشروط المذكورة فى الحديث ولو لم يذبح لقوله "فإن أخذ الكلب ذكاته".
4 -
أن شرط ذلك أن لا يجده حيًا حياة مستقرة فإذا وجده كذلك وأدرك ذكاته لم يحل بالتذكية بقوله فى الحديث "فإن أمسك عليك فأدركته حيًا فاذبحه".
5 -
أنه لا يحل أكل ما شارك فيه كلب آخر فى اصطياده ومحله إذا استرسل بنفسه أو أرسله من ليس من أهل الذكاة حل ثم ينظر فإن أرسلاها معًا فهو لهما وإلا فللأول.
6 -
تحريم أكل الصيد الذى أكل الكلب منه.
7 -
أنه إذا اصطاد بالمعراض فقتل الصيد بحده حل وإن قتله بعرضه لم يحل
8 -
أنه إذ أثر فيه السهم فغاب عنه فوجده ميتا وليس فيه أثر غير سهمه حل
9 -
أنه إذا حصل الشك فى الذكاة المبيحة للحيوان لم يحل لأن الأصل التحريم ولذلك إذا وجد غريقا لا يؤكل لأنه قد يكون الغرق سبب هلاكه.
* * *
378 -
الحديث الثالث: عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه رضى اللَّه عنهما قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول "من
اقتنى كلبا -إلا كلب صيد أو ماشية، فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان" قال سالم (1): وكان أبو هريرة يقول "أو كلب حرث"، وكان صاحب حرث.
راويه
سالم بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى أبو عمر أو أبو عبد اللَّه المدنى أحد الفقهاء السبعة كان ثبتًا عابدًا فاضلا يشبه بأبيه فى الهدى والصمت.
مفرداته
اقتنى: اتخذ وادخر عنده.
أو ماشية: أو كلبا معدًا لحفظ الإبل والبقر والغنم.
كل يوم: فى كل يوم.
قيراطان: قيل هما كالقيراطين المذكورين فى الصلاة على الجنازة واتباعها سواءًا وقيل دونهما لأن المذكورين هنا ذكرا بصدد العقوبة وهناك فى الفضل والفضل أوسع.
سالم: بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وقائل "قال سالم" إلخ حنظلة بن أبى سفيان راوى الحديث عنه.
أبو هريرة: الدوسى الصحابى الجليل الحافظ.
يقول: فى روايته لهذا الحديث.
حرث: زرع.
وكان صاحب حرث: ولذلك اعتنى بهذا الحكم لأن المحتاج إلى الشئ أكثر اهتماما بمعرفة حكمه من غيره فالقصد بهذه الكلمة "وكان صاحب حرث" تثبيت رواية أبى هريرة لا التشكيك فيها.
يستفاد منه
1 -
بيان ما يترتب على اقتناء الكلب لما سوى الأغراض المذكورة فى الحديث من الوعيد والحكمة فى ذلك ما فى اقتنائه من مفاسد الترويع والعقر للمارة ومجانية الملائكة لمحله.
2 -
جواز اقتناء الكلب للصيد والماشية والحرث.
(1) رواية مسلم هذه الجملة التى عزاها المصنف إلى سالم من طريق سالم عن أبيه عبد اللَّه بن عمر كما فى "إرشاد السارى للقسطلانى".
379 -
الحديث الرابع: عن رافع بن خديج رضى اللَّه عنه قال "كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بذى الحليفة من تهامة، فأصاب الناسَ جوعٌ؟ فأصابوا إبلًا وغنما، وكان النبى صلى الله عليه وسلم فى أخريات القوم، فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم بالقدور فأكفئت، ثم قسم، فعدل عشرة من الغنم ببعير فند منها بعير فطلبوه فأعياهم، وكان فى القوم خيل يسيرة، فأهوى رجل منهم بسهم، فحبسه اللَّه، فقال: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما ند عليكم منها فاصنعوا به هكذا، قلت: يا رسول اللَّه، إنا لاقوا العدو غدًا، وليس معنا مدى، أفنذبح بالقصب؟ قال: ما أنهر الدم وذكر اسم اللَّه عليه فكلوه، ليس السن والظفر، وسأحدثكم عن ذلك، أما السن: فعظم، وأما الظفر فهدى الحبشة".
راويه
رافع بن خديج رضى اللَّه عنه.
مفرداته
بذى الحليفة: مكان بالقرب من ذات عرق بين الطائف ومكة وهو غير ميقات أهل المدينة
من تهامة: اسم لكل ما نزل من بلاد الحجاز سميت بذلك من التهم بفتح المثناة والهاء وهو شدة الحر وركود الرمح وقيل تغير الهواء.
فأصاب الناس جوع: قال هذا ممهدًا لعذرهم فى ذبحهم الإبل والغنم التى أصابوا.
وكان النبى فى أخريات القوم: صوفا للعسكر وحفظًا لأنه لو تقدمهم لخشى أن ينقطع الضعيف منهم دونه لشدة حرصهم على مرافقته.
فعجلوا: فاستعجلوا من الجوع الذى كان بهم.
وذبحوا: ما غنموه قبل القسم.
فأكفئت: قلبت وأفرغ ما فيها.
قسم: قسمة تعديل بالقيمة.
فعدل عشرة من الغنم ببعير: لكون الإبل قليلة أو نفيسة والغنم كثيرة أو هزيلة فلا يخالف ذلك القاعدة فى الأضاحى من إجزاء البعير عن سبع شياه لأن ذلك هو الغالب. فى قيمة الشاة والبعير المعتدلين.
فند: بفتح النون وتشديد الدال شرد.
منها: من الإبل المقسومة.
فأعياهم: أتعبهم، ولم يقدروا على تحصيله.
وكان فى القوم خيل يسيرة: تمهيد لعذرهم فكأنه يقول: لو كان فيهم خيول كثيرة لأحاطوا به وأخذوه.
فأهوى رجل: قصد نحوه ورماه.
فحبسه اللَّه: فأصابه السهم فوقف.
البهائم: جمع بهيمة وهى كل ذات أربع قوائم.
أوابد: جمع آبدة أى متوحشة من الإنس.
إنا لاقوا العدو غدًا: عرف ذلك بخبر من صدقه أو بالقرائن.
وليس معنا مدى: سكاكين. والمراد أننا سنحتاج إلى دع ما نأكله لتتقوى به على العدو ولا نريد أن نذع بسيوفنا لئلا يضر ذلك بحدها.
أنهر: أسال وصب بكثرة.
وسأحدثكم (1) عن ذلك: سأخبركم عن حكمة منع الذبح بهما.
أما السن: المنتزعة، لأن ما ذبح بالثابتة يعتبر منخنقه وقيل المراد مطلق السن.
الظفر: ظفر الإنسان. واستظهر الشافعى أن المراد به الظفر الذى هو طيب من بلاد الحبشة وهو لا يقرى فيكون فى معنى الخنق.
فمدى الحبشة: وهم كفار قد نهينا عن التشبه بهم.
يستفاد منه
1 -
تحريم التصرف فى الأموال المشتركة من غير إذن ولو قلت ولو وقع الاحتياج إليها.
2 -
انقياد الصحابة لأمر النبى صلى الله عليه وسلم حتى فى ترك ما بهم إليه الحاجة الشديدة.
(1) قوله: سأحدثكم عن ذلك. جزم ابن القطان بأنه مدرج من قول رافع بن خديج. وجزم النووى والحافظ ابن حجر بما هو الظاهر من السياق وهو أنه من جملة المرفوع.
3 -
أن قسمة الغنيمة يجوز فيها التعديل والتقويم ولا يشترط قسمة كل شئ منها على حدة.
4 -
أن ما توحش من المستانس يكون حكمه حكم الوحش كما أن ما استأنس من الوحش يكون حكمه حكم المستأنس.
5 -
جواز عقر الحيوان الناد لمن عجز عن ذبحه كالصيد البرى والمتوحش من الإنسى وأنه إذا مات من ذلك حل، أما المقدور عليه فلا يباح إلا بالذبح أو النحر إجماعا.
6 -
جواز الذبح بما يحصل به المقصود من غير توقف على كونه حديدًا بعد أن يكون محددًا.
7 -
اشتراط التسمية فإن المعلق على شيئين ينتفى بانتفاء أحدهما.
8 -
منع الذبح بالسن والظفر. واستثناؤها من إباحة الذبح بكل ما يحصل به المقصود.