المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الرهن وغيره - الإلمام بشرح عمدة الأحكام - جـ ٢

[إسماعيل الأنصاري]

الفصل: ‌باب الرهن وغيره

‌باب الرهن وغيره

(1)

272 -

الحديث الأول: عن عائشة رضى اللَّه عنها "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودى طعامًا، ورهنه درعا من حديد".

راويه

عائشة رضى اللَّه عنها.

مفرداته

يهودى: نسبة إلى يهود واسم هذا اليهودى "أبو الشحم".

رهنه: من الرهن وهو جعل عين متمولة وثيقة بدين يستوفى منها عند تعذر الوفاء.

درعًا: بكسر الدال آلة يتقى بها السلاح.

يستفاد منه

1 -

جواز الرهن وقد نطق الكتاب العزيز بجوازه قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} وفى مسند إسحاق بن راهويه عن الشعبى مرسلا أن أبا بكر افتك الدرع وسلمها لعلى بن أبى طالب.

2 -

جواز معاملة الكفار فيما لم يتحقق فيه تحريم عين المتعامل فيه وليس لنا البحث عن كيفية دخول المال إلى أيديهم وهذا هو السر فى عدول النبى صلى الله عليه وسلم عن معاملة مياسير الصحابة إلى معاملة اليهودى وقيل السر فى ذلك أنه خشى أنهم لا يأخذون منه ثمنا أو عوضا فلم يرد التضييق عليهم.

3 -

جواز الرهن فى الحضر لأن القضية وقعت فيه ففى رواية البخارى أنه للنبى صلى الله عليه وسلم رهن درعه عند يهودى بالمدينة يقال له أبو الشحم على ثلاثين صاعًا من شعير لأهله.

4 -

جواز الشراء بالثمن المؤخر قبل قبضه لأن الرهن إنما يحتاج إليه حيث لا يتأتى

(1) وهو الحوالة والإفلاس والشفعة والوقف ومنع الإنسان من شراء ما تصدق به والأمر بالتسوية بين الأولاد فى الهبات وكراء حالك الأرض أرضه بجزء مما يخرج من غلتها والعمرى والرقبين وإجابة طلب الجار إعارة حائط الجار ليضع خشبة وعقوبة مغتصب الأرض.

ص: 33

الإقباض فى الحال غالبًا.

5 -

ما عليه النبى صلى الله عليه وسلم من الزهد فى الدنيا والتقلل منها مع قدرته عليها.

6 -

استثناء الأنبياء من عموم حديث "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه".

* * *

273 -

الحديث الثانى (1): عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "مطل الغنى ظلم. فإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع".

راويه

أبو هريرة رضى اللَّه عنه.

مفرداته

مطل الغنى: تأخير القادر على الأداء ما استحق أداءه بغير عذر.

ظلم: يحرم عليه والظلم وضع الشئ فى غير محله والمطل وضع المنع موقع القضاء.

أتبع: بإسكان المثناة على المشهور فى الرواية واللغة أحيل بالدين الذى له.

ملئ: بالهمزة وبتركها تسهيلا غنى.

فليتبع: بفتح الياء وسكون التاء وفتح التاء فليحتل لأنه لا يتعذر إستيفاء الحق منه عند الإمتناع بل يأخذه الحاكم قهرًا ويوفيه.

يستفاد منه

1 -

تحريم المطل بالحق مع القدرة بعد الطلب.

2 -

إلزام الماطل بدفع الدين لأنه ظالم والأخذ على يد الظالم واجب.

3 -

أن العاجز عن الأداء لا يعتبر ظالما بتأخيره الأداء ما دام عاجزًا فلا تحبس والواجب امتثال أمر اللَّه فيه قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ} .

4 -

الأمر بقبول الحوالة على الملئ.

5 -

الإرشاد إلى ترك الأسباب القاطعة لاجتماع القلوب لأن ذلك هو الحكمة فى الزجر عن المماطلة:

(1) هذا الحديث من باب الحوالة الداخل فى قول المصنف فى الترجمة "وغيره" أى غير الرهن.

ص: 34

274 -

الحديث الثالث (1): عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم -أو قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول- "من أدرك ماله بعينه عند رجل -أو إنسان- قد أفلس فهو أحق به من غيره".

راويه

أبو هريرة رضى اللَّه عنه.

مفرداته

ماله: هذه الإضافة تفيد كون الثمن غير مقبوض.

عند رجل أو إنسان: هذا الشك من الراوى.

قد أفلس: تبين إفلاسه وهو قصر ما بيده عن ما عليه من الديون.

فهو أحق به من غيره: فهو أولى به من غيره كائنا من كان وارثا وغريمًا.

يستفاد منه

1 -

رجوع البائع إلى عين ماله عند تعذر الثمن بالفلس.

2 -

حلول الدين المؤجل بالفلس.

3 -

أن الرجوع إنما يقع فى عين المتاع دون زوائده المنفصلة لأنها حدثت على ملك المشترى وليست بمتاع البائع.

4 -

أن شرط رجوع البائع بقاء العين فى ملك المفلس فلو هلكت لم يرجع.

* * *

275 -

الحديث الرابع (2): عن جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنهما وقال "جعل -وفى لفظ: قضى (3) - النبى صلى الله عليه وسلم بالشفعة فى كل ما لم يقسم. فإذا (4) وقعت الحدود، وصرفت الطرق: فلا شفعة".

(1) هذا الحديث من باب الإفلاس الداخل فى قول المصنف فى الترجمة "وغيره".

(2)

الحديث بهذا اللفظ من أفراد البخارى.

(3)

هذا الحديث من باب الشفعة الداخل فى قول المصنف فى الترجمة "وغيره".

(4)

زعم أبو حاتم أن قوله فإذا وقعت الحدود الخ. مدرج من كلام جابر ورجع =

ص: 35

راويه

جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنهما.

مفرداته

قضى: حكم.

بالشفعة: بضم المعجمة وسكون الفاء انتقال حصة شريك كانت انتقلت إلى أجنبى إلى شريكه بمثل العروض المسمى.

فى كل ما: فى كل مشترك مشاع قابل للقسمة.

الحدود: جمع حد وهو هنا ما تتميز به الأملاك بعد القسمة.

وصرفت الطرق: بينت مصارف الطرق وشوارعها.

فلا شفعة: إذ لا محل لها بعد تمييز الحقوق.

يستفاد منه

1 -

ثبوت الشفعة.

2 -

عدم دخول الشفعة فى ما لا يقبل القسمة.

3 -

أن لا شفعة فيما قسم.

4 -

ثبوت الشفعة لكل شريك.

5 -

سقوط الشفعة للجار لقوله "فى ما لم يقسم" وقوله فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق.

* * *

276 -

الحديث الخامس (1): عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما قال "أصاب عمر أرضًا بخيبر. فأتى النبى صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال: يا رسول اللَّه، إنى أصبت أرضا بخيبر، لم أصب مالا قط هو أنفس عندى منه، فما تأمرنى به؟ فقال: إن شئت حيست أصلها، وتصدقت بها. قال: فتصدق بها، غير أنه لا يباع أصلها، ولا يوهب،

= الإمام أحمد أنه مرفوع وقوله: هو الموافق لقاعدة: أن كل ما ذكر فى الحديث فهو منه حتى يدل دليل على الإدراج اهـ من الفتح.

(1)

هذا الحديث من باب الوقف الداخل فى قول المصنف فى الترجمة "وغيره".

ص: 36

ولا يورث. قال: فتصدق عمر فى الفقراء، وفى القربى، وفى الرقاب، وفى سبيل اللَّه، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها: أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقًا، غير متمول فيه" وفى لفظ "غير متأثل".

راويه

عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما.

مفرداته

أصاب: وجد.

عمر: ابن الخطاب الخليفة الراشد.

أرضا: اسمها تمغ.

بخيبر: مدينة كبيرة واسعة ذات حصون ومزارع بينها وبين المدينة نحو ثمانمائة يرد إلى جهة الشام.

يستأمره: يستشيره.

أنفس: أجود.

حبست: بتشديد الباء للمبالغة.

وتصدقت بها: بمنفعتها. لرواية عبد اللَّه بن عمر "إحبس أصلها وسبل ثمرتها".

قال: عبد اللَّه بن عمر.

فتصدق: بصيغة الماضى.

غير أنه لا يباع أصلها: ظاهر هذا أن هذا الشرط من عمر لكن يدل على أنه بإرشاد النبى صلى الله عليه وسلم رواية البخارى عن طريق صخر بن جويرية عن نافع بلفظ "فقال النبى صلى الله عليه وسلم نصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن ينفق ثمره".

وفى القربى: قربى عمر وقيل قربى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وفى الرقاب: وفى فك الرقاب، بأن يشترى من غلتها رقاب فيعتقون.

وفى سبيل اللَّه: الجهاد عند الأكثرين ومنهم من عداه إلى الحج.

وابن السبيل: المسافر والقرينة تقتضى اشتراط حاجته.

والضيف: وفى قرى من نزل بقوم.

لا جناح: لا حرج.

بالمعروف: بالقدر الذى جرت به العادة.

ص: 37

غير متمول فيه: غير متخذ مالا والمراد أنه لا يتملك شيئا من رقابها.

متأثل: متخذ أصل مال.

يستفاد منه

1 -

مشروعية الوقف وهو مشهور متداول النقل بأرض الحجاز خلفا عن سلف.

2 -

الحبس على جهات القربات.

3 -

ما كان عليه أكابر الساف من إخراج أنفس الأموال عندهم للَّه تعالى لقول عمر "لم أصب مالا قط هو أنفس عندى منه".

4 -

أن من ألفاظ التحبيس لفظ "الصدقة" إذا اقترن به ما يدل على معنى الوقف والتحبيس كالتدبيس المذكور فى هذا الحديث ويحتمل أن يكون المراد بقوله "وتصدقت بها" راجعا إلى الثمرة غير مراد به التحبيس.

5 -

أن الوقف لا يباع أصله ولا يوهب ولا يورث.

6 -

أن مصارف الوقف الخيرات فلا يوقف على ما ليس بقربة من الجهات العامة.

7 -

جواز الشروط فى الوقف واتباعها والمسامحة فى بعضها حيث علق الأكل على المعروف وهو غير منضبط.

* * *

277 -

الحديث السادس (1): عن عمر رضى اللَّه عنه قال: "حملت على فرس فى سبيل اللَّه، فأضاعه الذى كان عنده، فأردت أن أشتريه، فظننت أنه يبيعه برخص، فسألت النبى صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا تشتره، ولا تعد فى صدقتك، وإن أعطاكه بدرهم. فإن العائد فى هبته كالعائد فى قيئه".

وفى لفظ "فإن الذى يعود فى صدقته كالكلب يعود فى قيئه".

(1) هذا الحديث فى منع الإنسان من شراء ما تصدق به الداخل فى قول المصنف فى الترجمة "وغيره".

ص: 38

راويه

عمر رضى اللَّه عنه.

مفرداته

حملت على فرس: حمل تمليك.

فى سبيل اللَّه: فى الجهاد.

فأضاعه الذى كان عنده: لم يحسن القيام به وقصر فى مؤنته وخدمته.

يستفاد منه

1 -

منع شراء الصدقة للمتصدق وعلل ذلك بأن المتصدق عليه ربما سامح المتصدق فى الثمن بسبب تقدم إحسانه إليه بالصدقة عليه فيكون راجعا فى ذلك المقدار الذى سومح به.

2 -

المنع من الرجوع فى الصدقة والهبة لأن تشبيه ذلك برجوع الكلب فى قيئه يدل على غاية التنفير منه ويستثنى من ذلك رجوع الوالد فى هبته لولده لدليل آخر.

* * *

278 -

الحديث السابع (1): عن النعمان بن بشير رضى اللَّه عنه قال "تصدق علىّ أبى ببعض ماله. فقالت أمى عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تُشْهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فانطلق أبى إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليشهد على صدقتى. فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقوا اللَّه واعدلوا فى أولادكم، فرجع أبى، فرد تلك الصدقة". وفى لفظ "فلا تشهدنى إذًا. فإنى لا أشهد على جور". وفى لفظ "فأشهد على هذا غيرى".

راويه

النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصارى الخزرجى له ولأبويه صحبة، ثم سكن الشام، ثم ولى إمرة السكوفة ثم قتل بحمص سنة خمس وستين.

(1) هذا الحديث فى الأمر بالتسوية بين الأولاد فى الهبات الداخل فى قول المصنف فى الترجمة "وغيره".

ص: 39

مفرداته

أبى: بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجى صحابى شهير.

عمرة بنت رواحة: أخت عبد اللَّه بن رواحة الصحابى المشهور.

حتى تشهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنك أعطيته ذلك وغرضها بذلك تثبيت العطية.

فرجع أبى: بشير من عند النبى صلى الله عليه وسلم.

تلك الصدقة: التى أعطاها للنعمان.

يستفاد منه

1 -

طلب التسوية بين الأولاد فى الهبات والحكمة فى ذلك أن التفضيل يؤدى إلى الإيحاش والتباغض وعقوق الآباء وظاهر الحديث تحريم التفضيل لتسمية النبى صلى الله عليه وسلم إياه جورًا وامتناعه من الشهادة عليه وقوله "اتقوا اللَّه واعدلوا فى أولادكم" فإنه يدل على أن التفضيل ليس بتقوى ولا عدالة.

2 -

استفصال الحاكم والمفتى عما يحتمل الاستفصال لقوله صلى الله عليه وسلم "أفعلت هذا بولدك كلهم".

3 -

أمر الحاكم والمفتى بتقوى اللَّه فى كل حال.

4 -

أن الإشهاد فى عطية الأب لابنه الصغير يغنى عن القبض.

5 -

كراهة تحمل الشهادة فيما ليس مباح.

6 -

جواز الميل إلى بعض الأولاد دون بعض وإن وجبت التسوية بينهم فى العطية.

* * *

279 -

الحديث الثامن (1): عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما "أن النبى صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع".

(1) هذا الحديث من باب كراء مالك الأرض أرضه من غيره بجزء مما يخرج من غلتها الداخل فى قول المصنف فى الترجمة "وغيره".

ص: 40

راويه

عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما.

مفرداته

خيبر: مدينة كبيرة واسعة ذات حصون ومزارع بينها وبين المدينة نحو ثمانية برد إلى جهة الشام.

بشطر: بنصف.

ثمر: بالمثلثة وأكثر إطلاقه على ثمر النخل.

أو زرع: أو هنا للتنويع أو بمعنى الواو كما فى الرواية الأخرى.

يستفاد منه

1 -

جواز المزارعة والمخابرة.

2 -

جواز المساقاة فى النخل والكرم وجميع الشجر الذى من شأنه أن يثمر بجزء معلوم يجعل للعامل من الثمرة.

3 -

جواز إخراج البذر من العامل والمالك لعدم تقيده فى الحديث بشئ من ذلك.

* * *

280 -

الحديث التاسع (1): عن رافع بن خديج قال: "كنا أكثر الأنصار حقلا. وكنا نكرى الأرض، على أن لنا هذه، ولهم هذه. فربما أخرجت هذه، ولم تخرج هذه. فنهانا عن ذلك فأما بالورق فلم ينهانا".

ولمسلم عن حنظلة بن قيس قال: "سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق؟ فقال: لا بأس به. إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما على الماذيانات، واقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا. ولم يكن للناس كراء إلا هذا ولذلك زجر عنه. فأما شئ معلوم مضمون: فلا بأس به".

(1) هذا الحديث من باب كراء الأرض الداخل فى قول المصنف "وغيره" أى غير الرهن.

ص: 41

راوياه

(1)

رافع بن خديج الصحابى رضى اللَّه عنه.

(2)

حنظلة بن قيس بن عمرو بن حصين بن خلدة الزرقى المدنى ثقة.

مفرداته

حقلا: زرعا.

نكرى: بضم النون من أكرى.

هذه: القطعة.

ولهم: للعمال وإن لم يجر لهم ذكر لدلالة السياق.

فنهانا: نهانا النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

بالورق: بكسر الراء الفضة.

يؤاجرون: يكرون.

الماذيانات: الأنهار الكبار.

واقبال الجداول: أوائل الأنهار الصغار ورؤوسها.

يستفاد منه

1 -

جواز كراء الأرض بالذهب والورق وفى هذا الحديث تفسير لإطلاق الأحاديث الواردة فى النهى عن كرائها.

2 -

أنه لا يجوز أن تكون الأجرة شيئًا غير معلوم المقدار عند العقد لما فى الحديث من منع الكراء بما على الماذيانات فدل على عدم اغتفار الجهالة.

3 -

جواز كراء الأرض بطعام مضمون لقوله "فأما شئ معلوم مضمون فلا بأس به" وقد ورد فى بعض الروايات الصحيحة ما يشعر بالنهى عنه وبذلك تمسك المانع منه.

* * *

281 -

الحديث العاشر (1): عن جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنهما قال "قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالعمرى لمن وهبت له" وفى

(1) هذا الحديث فى العمرى والرقبى الداخلتين فى قول المصنف فى الترجمة "وغيره".

ص: 42

لفظ (1): "من أعمر عمرى له ولعقبه. فإنها للذى أعطيها. ولا ترجع إلى الذى أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث".

وقال جابر "إنما العمرى التى أجازها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يقول: هى لك ولعقبك. فأما إذا قال: هى لك ما عشت: فإنها ترجع إلى صاحبها".

وفى لفظ لمسلم "أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهى للذى أعمرها: حيا: وميتا، ولعقبه".

راويه

جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنهما

مفرداته

قضى: حكم.

بالعمرى: وهى تمليك المنافع أو إباحتها مدة العمر.

لمن وهبت له: بأنها لمن أعطيها.

أعمر: بالبناء للمفعول.

عمرى: كأعمرتك هذه الدار مثلا.

ولعقبه: ولأولاده.

وقال جابر: قائل "وقال جابر" هو أبو سلمة بن عبد الرحمن راوى الحديث عنه.

أجازها: أمضاها.

يستفاد من روايات الحديث

1 -

مشروعية العمرى وهى تمليك المنافع أو إباحتها مدة العمر.

2 -

أن للعمرى ثلاثة أحوال أحدها: أن يصرح المعمر بكسر الميم بأنها للمعمر بفتح الميم ولورثته من بعده بأن يقول هى لك ولعقبك فهذه هبة محققة لا ترجع إلى المعمر بل يأخذها الوارث بعد موته. الثانى بأن يقول هى لك ما عشت فهذه عارية

(1) ظاهر كلام الحافظ فى "الفتح" أن ما بعد قوله: وفى لفظ إلى قوله "وفى لفظ لمسلم" من أفراد مسلم.

ص: 43

مؤقتة وهى صحيحة فإذا مات رجعت إلى الذى أعطى. الثالث: أن يقول أعمرتكها ويطلق، فهذه حكمها حكم الأولى فى أنها لا ترجع لظاهر رواية مسلم الأخيرة بلفظ "أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهى للذى أعمرها حيًا وميتًا ولعقبه".

* * *

282 -

الحديث الحادى عشر (1): عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال "لا يمنعن (2) جار جاره: أن يفرز خشبة فى جداره". ثم يقول أبو هريرة: مالى أراكم عنها معرضين واللَّه لأرمين بها بين أكتافكم.

راويه

أبو هريرة رضى اللَّه عنه.

مفرداته

جار: المراد بالجار هنا الملاصق بدليل وضع جذوعه على جداره.

خشبة: بالتنوين على إفراد الخشبة وبصيغة الجمع والإضافة إلى الهاء والمعنى واحد لأن المراد بالمفرد هنا الجنس.

ثم يقول أبو هريرة: لما طأطؤا رءوسهم حين حدثهم بذلك وقائل "ثم يقول أبو هريرة" الأعرج ولذلك كان من اللائق ذكره.

عنها: عن هذه السنة أو عن هذه المقالة.

لأرمين بها: لأشيعن هذه المقالة فيكم.

بين أكتافكم: بالتاء المثناة جمع كتف ويروى بالنون "أكنافكم" جمع كنف بمعنى الجانب.

يستفاد منه

1 -

أن الجار إذا طلب إعارة حائط جاره ليضع عليها خشبة وجبت الإجابة على

(1) هذا الحديث فى إيجاب إجابة طلب الجار إعارة حائط جاره ليضع عليها خشبة الداخل فى قول المصنف فى الترجمة "وغيره".

(2)

قوله "لا يمنعن" هذا لفظ أحمد بنون التوكيد ولفظ الصحيحين "لا يمنع" بدون نون التوكيد. كما فى "العدة".

ص: 44

ذلك الجار وقيد ذلك بأن يحتاج إليه الجار وأن لا يضع عليه ما يتضرر به المالك وقد ذكر الحافظ فى الفتح أن الذين خاطبهم أبو هريرة بقوله "مالى أراكم عنها معرضين" إلخ لو كانوا صحابة أو فقهاء ما واجههم بذلك.

* * *

283 -

الحديث الثانى عشر (1): عن عائشة رضى اللَّه عنها: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال من ظلم قيد شبر من الأرض: طوقه من سبع أرضين".

راويه

عائشة رضى اللَّه عنها.

مفرداته

ظلم: من الظلم وهو التصرف فى ملك الغير بغير إذنه.

قيد شبر: بكسر قف "قيد" وسكون التحتانية قدره وذكر الشبر إشارة إلى استواء القليل والكثير فى الوعيد.

طوقه: بضم أوله على البناء للفعول جعل طوقا له.

أرضين: بفتح الراء ويجوز إسكانها جمع أرض.

يستفاد منه

1 -

تحريم غصب الأرض وتغليظ عقوبته.

2 -

إمكان غصب الأرض وفى ذلك رد على من قال بعدم إمكانه.

3 -

أن من ملك أرضا ملك أسفلها إلى منتهى الأرض فله أن يمنع من حفر تحتها سربا أو بئرًا بغير رضاه.

4 -

أن الأرض متعددة بسبع أرضين والقول بأن المراد بقوله "سبع أرضين" سبعة أقليم باطل لأنه لو كان كذلك لم يطوق الغاصب شبرًا من إقليم آخر.

(1) هذا الحديث فى تغليظ عقوبة مغتصب الأرض الداخل فى قول المصنف فى الترجمة "وغيره".

ص: 45