الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ (وَإِنْ بَاعَهُ، أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ رَهَنَهُ: كَانَ رُجُوعًا) إذَا بَاعَهُ، أَوْ وَهَبَهُ: كَانَ رُجُوعًا بِلَا نِزَاعٍ. وَكَذَا إنْ رَهَنَهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لَيْسَ بِرُجُوعٍ.
[فَوَائِدُ أَوْجَبَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ فِيهِمَا]
فَوَائِدُ إحْدَاهَا: لَوْ أَوْجَبَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ، فَلَمْ يَقْبَلْ فِيهِمَا، أَوْ عَرَضَهُ لِبَيْعٍ أَوْ رَهْنٍ، أَوْ وَصَّى بِبَيْعِهِ، أَوْ عِتْقِهِ أَوْ هِبَتِهِ: كَانَ رُجُوعًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ. نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ فِيمَا إذَا أَوْجَبَهُ فِي الْبَيْعِ، أَوْ وَهَبَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ. وَقِيلَ: لَيْسَ بِرُجُوعٍ كَإِيجَارِهِ وَتَزْوِيجِهِ، وَمُجَرَّدِ لُبْسِهِ وَسُكْنَاهُ. وَكَوَصِيَّتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَيَتْلَفُ، أَوْ يَبِيعُهُ ثُمَّ يَمْلِكُ مَالًا غَيْرَهُ. فَإِنَّهُ فِي ذَلِكَ لَا يَكُونُ رُجُوعًا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
فِيمَا إذَا أَوْجَبَهُ فِي بَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ رَهْنٍ: فَلَمْ يَقْبَلْ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ " مَا أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ فَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ " فَرُجُوعٌ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ، وَنَصَرَهُ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ: لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا. لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا هُوَ حَاضِرٌ. بَلْ فِيمَا عِنْدَ الْمَوْتِ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.
قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَاتَبَهُ، أَوْ دَبَّرَهُ، أَوْ جَحَدَ الْوَصِيَّةَ. فَعَلَى وَجْهَيْنِ) إذَا كَاتَبَهُ، أَوْ دَبَّرَهُ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهِمَا وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
أَحَدُهُمَا: هُوَ رُجُوعٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكِتَابَةِ. وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ فِيهِمَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ ذَلِكَ بِرُجُوعٍ. وَأَطْلَقَ فِيمَا إذَا جَحَدَ الْوَصِيَّةَ الْوَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ.
أَحَدُهُمَا: لَيْسَ بِرُجُوعٍ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ رُجُوعٌ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَقَيَّدَ الْخِلَافَ بِمَا إذَا عُلِمَ. وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ، أَوْ أَزَالَ اسْمَهُ، فَطَحَنَ الْحِنْطَةَ، أَوْ خَبَزَ الدَّقِيقَ، أَوْ جَعَلَ الْخُبْزَ فَتِيتًا، أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ، أَوْ نَجَرَ الْخَشَبَةَ بَابًا وَنَحْوَهُ، أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ وَزَالَ اسْمُهَا. فَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ رُجُوعٌ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيهِ وَجْهَيْنِ)
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ، أَوْ أَزَالَ اسْمَهُ. فَطَحَنَ الْحِنْطَةَ، وَخَبَزَ الدَّقِيقَ وَنَحْوَهُ. وَكَذَا لَوْ زَالَ اسْمُهُ بِنَفْسِهِ. كَانْهِدَامِ الدَّارِ أَوْ بَعْضِهَا. فَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ رُجُوعٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَيْسَ بِرُجُوعٍ. قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَاخْتَارَهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ: لَوْ وَصَّى لَهُ بِرِطْلٍ مِنْ زَيْتٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ خَلَطَهُ بِزَيْتٍ آخَرَ. فَإِنْ قُلْنَا هُوَ اشْتِرَاكٌ: لَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ. وَإِنْ قُلْنَا هُوَ اسْتِهْلَاكٌ: بَطَلَتْ. وَالْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي الْحَارِثِ: أَنَّهُ اشْتِرَاكٌ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا. قَالَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَأَمَّا إذَا عَمِلَ الْخُبْزَ فَتِيتًا، أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ، أَوْ عَمِلَ الثَّوْبَ قَمِيصًا أَوْ ضَرَبَ النَّقْرَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ، أَوْ بَنَى، أَوْ غَرَسَ: فَفِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَالنَّظْمِ، فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ.
أَحَدُهُمَا: هُوَ رُجُوعٌ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي غَيْرِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ مُطْلَقًا. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ فِي غَيْرِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ. وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ فِيهِمَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ بِرُجُوعٍ. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا فِي الْأَصَحِّ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ وَصَّى لَهُ بِدَارٍ، فَانْهَدَمَتْ فَأَعَادَهَا. فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: هَذَا الْمَشْهُورُ. وَلَا تَعُودُ بِعَوْدِ الْبِنَاءِ. وَيَتَوَجَّهُ عَوْدُهَا إنْ أَعَادَهَا بِآلَتِهَا الْقَدِيمَةِ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِكُلِّ حَالٍ.
الثَّانِيَةُ: وَطْءُ الْأَمَةِ لَيْسَ بِرُجُوعٍ إذَا لَمْ تَحْمِلْ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْكَافِي. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ. وَفِي الْمُغْنِي: احْتِمَالٌ بِالرُّجُوعِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَوْصَى بِأَمَةٍ، فَوَطِئَهَا وَعَزَلَ عَنْهَا وَقِيلَ: أَوْ لَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا وَلَمْ تَحْبَلْ: فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ. وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ فِيهِ وَجْهَيْنِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ. ثُمَّ خَلَطَ الصُّبْرَةَ بِأُخْرَى لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا) . سَوَاءٌ خَلَطَهُ بِدُونِهِ، أَوْ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِخَيْرٍ مِنْهُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْكَافِي، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَإِنْ أَوْصَى بِطَعَامٍ، فَخَلَطَهُ بِغَيْرِهِ: لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْحَارِثِيُّ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَقِيلَ: هُوَ رُجُوعٌ مُطْلَقًا. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ فِي خَلْطِهِ بِمِثْلِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ. وَقَالَ: هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْخَلْطَ هَلْ هُوَ اسْتِهْلَاكٌ، أَوْ اشْتِرَاكٌ. فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ اشْتِرَاكٌ، لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا، وَإِلَّا كَانَ رُجُوعًا. قُلْت: تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ اشْتِرَاكٌ وَقِيلَ: هُوَ رُجُوعٌ إنْ خَلَطَهُ بِجُزْءٍ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَغَيْرُهُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ مَفْهُومُ إيرَادِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. وَأَطْلَقَ فِي الْفُرُوعِ فِيمَا إذَا خَلَطَهُ بِخَيْرٍ مِنْهُ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَإِنْ أَوْصَى بِقَفِيزٍ مِنْهَا، ثُمَّ خَلَطَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا: فَقَدْ رَجَعَ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ فِي الْكُبْرَى، قُلْت: إنْ خَلَطَهَا بِأَرْدَأِ مِنْهَا صِفَةً: فَقَدْ رَجَعَ. وَإِنْ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا فِي الصِّفَةِ: فَلَا. وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ بِحَالٍ.
فَائِدَةٌ: لَوْ أَوْصَى لَهُ بِصُبْرَةِ طَعَامٍ، فَخَلَطَهَا بِطَعَامٍ غَيْرِهَا: فَفِيهِ وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ رُجُوعًا. جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ. إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ رُجُوعًا. قَالَ الْحَارِثِيُّ: لَوْ خَلَطَ الْحِنْطَةَ الْمُعَيَّنَةَ بِحِنْطَةٍ أُخْرَى: فَهُوَ رُجُوعٌ. قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَالْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَغَيْرُهُمْ. انْتَهَى فَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقِيلَ: إنْ خَلَطَهَا مِنْ الطَّعَامِ بِمِثْلِهَا قَدْرًا وَصِفَةً: فَعَدَمُ الرُّجُوعِ أَظْهَرُ. وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا أَوْ صِفَةً أَوْ احْتَمَلَ ذَلِكَ: فَالرُّجُوعُ أَظْهَرُ. لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ بِالْمُوصَى بِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ زَادَ فِي الدَّارِ عِمَارَةً، أَوْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا: فَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ الْمُوصَى لَهُ، عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَة، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، فِيمَا إذَا زَادَ فِيهَا عِمَارَةً.
أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّهُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ.
وَالثَّانِي: يَسْتَحِقُّهُ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ فِيمَا إذَا زَادَ فِي الدَّارِ عِمَارَةً لَا يَأْخُذُ نَمَاءً مُنْفَصِلًا. وَفِي مُتَّصِلٍ: وَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقُلْت: الْأَنْقَاضُ لَهُ، وَالْعِمَارَةُ إرْثٌ. وَقِيلَ: إنْ صَارَتْ فَضَاءً فِي حَيَاةِ الْمُوصِي: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. وَإِنْ بَقِيَ اسْمُهَا أَخَذَهَا إلَّا مَا انْفَصَلَ مِنْهَا. فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ بَنَى الْوَارِثُ فِي الدَّارِ وَكَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَقِيلَ:
يَرْجِعُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ. وَعَلَيْهِ أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ الدَّارِ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ عِمَارَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَإِنْ جَهِلَ الْوَصِيَّةَ فَلَهُ قِيمَتُهُ غَيْرَ مَقْلُوعٍ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ: دَخَلَ فِيهَا مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَنَقَلَ ابْنُ صَدَقَةَ فِيمَنْ أَوْصَى بِكَرْمٍ وَفِيهِ حَمْلٌ: فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ. وَنَقَلَ غَيْرُهُ: إنْ كَانَ يَوْمَ وَصَّى بِهِ لَهُ فِيهِ حَمْلٌ: فَهُوَ لَهُ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ سَقْيُ ثَمَرَةٍ مُوصًى بِهَا. لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ تَسْلِيمَ هَذِهِ الثَّمَرَةِ إلَى الْمُوصَى لَهُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ، ثُمَّ قَالَ: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَهُوَ لَهُ. فَقَدِمَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي: فَهُوَ لَهُ) بِلَا نِزَاعٍ. (وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ مَوْتِهِ: فَهُوَ لِلْأَوَّلِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوع، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَفِي الْآخَرِ: هُوَ لِلْقَادِمِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالشَّرْحِ.
قَوْلُهُ (وَتَخْرُجُ الْوَاجِبَاتُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ)، أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ فَإِنْ وَصَّى مَعَهَا بِتَبَرُّعٍ:(اُعْتُبِرَ الثُّلُثُ مِنْ الْبَاقِي، بَعْدَ إخْرَاجِ الْوَاجِبِ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ فِي حَجٍّ لَمْ يُوصِ بِهِ، وَزَكَاةٍ، وَكَفَّارَةٍ مِنْ الثُّلُثِ. وَنَقَلَ أَيْضًا: مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. مَعَ عِلْمِ الْوَرَثَةِ.
وَنُقِلَ عَنْهُ فِي زَكَاةٍ: مِنْ كُلِّهِ مَعَ الصَّدَقَةِ. فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: إذَا لَمْ يَفِ مَالُهُ بِالْوَاجِبِ الَّذِي عَلَيْهِ: تَحَاصُّوا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْحَجِّ. اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: يَبْدَأُ بِالدَّيْنِ. وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قَوْلًا كَتَقْدِيمِهِ بِالرَّهِينَةِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ، بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا، فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ، فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَلْيُرَاجَعْ. وَتَقَدَّمَ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَضَاقَ الْمَالُ عَنْ ذَلِكَ، فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ.
الثَّانِيَةُ: الْمُخْرِجُ لِذَلِكَ: وَصِيَّتُهُ، ثُمَّ وَارِثُهُ. ثُمَّ الْحَاكِمُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: الْحَاكِمُ بَعْدَ الْوَصِيِّ. وَهُوَ احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ. فَإِنْ أَخْرَجَهُ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ بِإِذْنٍ: أَجْزَأَ. وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوع. قُلْت: الصَّوَابُ الْإِجْزَاءُ. وَتَقَدَّمَ فِي حُكْمِ قَضَاءِ الصَّوْمِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ. وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَخْرِجُوا الْوَاجِبَ مِنْ ثُلُثَيْ) فَقَالَ الْقَاضِي: يُبْدَأُ بِهِ. (فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ: فَهُوَ لِصَاحِبِ التَّبَرُّعِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) . يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيز، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُزَاحِمُ بِهِ أَصْحَابَ الْوَصَايَا. وَتَابَعَهُ السَّامِرِيُّ. قَالَ الشَّارِحُ: فَيُحْتَمَلُ مَا قَالَ الْقَاضِي. وَيُحْتَمَلُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا. يَعْنِي: أَنَّهُ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا، وَيُتَمَّمُ الْوَاجِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. فَيَدْخُلُهُ الدَّوْرُ.
وَإِنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ " فَيُحْتَمَلُ عَلَى هَذَا " لِأَنَّ الْمُزَاحَمَةَ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ. لِأَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَيْضًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: بَلْ. يَتَزَاحَمَانِ فِيهِ. وَيُتَمَّمُ الْوَاجِبُ مِنْ ثُلُثَيْهِ. وَقِيلَ: مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ، وَقِيلَ: يَتَقَاصَّانِ. وَيُتَمَّمُ الْوَاجِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَقِيلَ: مِنْ ثُلُثَيْهِ.