المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فوائد خيف على الرقيق الزنا والفساد في العتق] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[فَوَائِدُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ احْتَاجَ الْخَانُ الْمُسَبَّلُ أَوْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ لِسُكْنَى الْحَاجِّ]

- ‌[بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَهَبَ الْغَائِبُ هِبَةً وَأَنْفَذَهَا مَعَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ]

- ‌[فَوَائِدُ صُوَرِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَوَائِدُ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فَوَائِدُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُبَرِّئِينِي]

- ‌[فَائِدَةٌ وَتُفَارِقُ الْعَطِيَّةُ الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[فَوَائِدُ أَوْجَبَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ فِيهِمَا]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ]

- ‌[بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْفُرُوضِ]

- ‌[بَابُ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ]

- ‌[بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ التَّرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ عُمِّيَ مَوْتُهُمْ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[فَوَائِدُ خِيفَ عَلَى الرَّقِيقِ الزِّنَا وَالْفَسَادُ فِي الْعِتْق]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: ‌[فوائد خيف على الرقيق الزنا والفساد في العتق]

وَمِنْهَا: عِتْقُ الْأُنْثَى كَعِتْقِ الذَّكَرِ فِي الْفِكَاكِ مِنْ النَّارِ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْمُذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَعَنْهُ عِتْقُ امْرَأَتَيْنِ كَعِتْقِ رَجُلٍ فِي الْفِكَاكِ. قَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ.

وَمِنْهَا: التَّعَدُّدُ فِي الْعِتْقِ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ الْوَاحِدِ. قَالَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُمَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الْأَضَاحِيّ. وَمَالَ صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِيهَا إلَى أَنَّ عِتْقَ رَقَبَةٍ نَفِيسَةٍ بِمَالٍ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ رِقَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِذَلِكَ الْمَالِ. وَقَالَ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِيهِ نَظَرٌ.

قَالَهُ (فَأَمَّا مَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ، وَلَا كَسْبَ: فَلَا يُسْتَحَبُّ عِتْقُهُ، وَلَا كِتَابَتُهُ، بَلْ يُكْرَهُ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: وَيُحْتَمَلُ الِاسْتِحْبَابُ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: تُكْرَهُ كِتَابَتُهُ دُونَ عِتْقِهِ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَعَنْهُ: تُكْرَهُ كِتَابَةُ الْأُنْثَى. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي أَوَّلِ " بَابِ الْكِتَابَةِ ".

[فَوَائِدُ خِيفَ عَلَى الرَّقِيقِ الزِّنَا وَالْفَسَادُ فِي الْعِتْق]

فَوَائِدُ: الْأُولَى: لَوْ خِيفَ عَلَى الرَّقِيقِ الزِّنَا وَالْفَسَادُ: كُرِهَ عِتْقُهُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. وَإِنْ ظُنَّ ذَلِكَ: صَحَّ وَحَرُمَ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا.

ص: 393

وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ كَمَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِقَصْدِ الْحَرَامِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله وَلَوْ أَعْتَقَ جَارِيَةً، وَنِيَّتُهُ بِعِتْقِهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَقِيمَةً: لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ بَيْعُهَا، إذَا كَانَتْ زَانِيَةً.

الثَّانِيَةُ: لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ، وَاسْتَثْنَى نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً: صَحَّ. نَصَّ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ سَفِينَةَ. وَكَذَا لَوْ اسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ. قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ أَنْ يُعْتِقَ أَمَتَهُ، وَيَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الِانْتِفَاعَ بِالْبُضْعِ. وَيَمْلِكَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، وَجَعَلَ الْعِتْقَ عِوَضًا عَنْهُ. فَانْعَقَدَا فِي آنٍ وَاحِدٍ. وَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ، عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ ".

الثَّالِثَةُ: قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ: يَصِحُّ الْعِتْقُ مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ. نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَعَنْهُ: بَلْ وَهِبَةٌ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ: يَصِحُّ عِتْقُ مَنْ يَصِحُّ بَيْعُهُ. قَالَ النَّاظِمُ: وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ فِي الْمُؤَكَّدِ. وَقَدَّمَ هَذَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَصِحُّ عِتْقُ الْمُرْتَدِّ. وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ لَا عِتْقَ لِمُمَيِّزٍ.

ص: 394

وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: لَا يَصِحُّ عِتْقُ الصَّغِيرِ بِغَيْرِ خِلَافٍ. مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ. وَأَثْبَتَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْخِلَافَ فَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ، وَالْمُبْهِجِ، وَالتَّرْغِيبِ فِي عِتْقِ ابْنِ عَشْرٍ، وَابْنَةِ تِسْعٍ: رِوَايَتَانِ. وَقَالَ فِي الْمُوجَزِ: وَفِي صِحَّةِ عِتْقِ الْمُمَيِّزِ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَغَيْرِهِمْ: فِي صِحَّةِ عِتْقِ السَّفِيهِ رِوَايَتَانِ. وَقَدَّمَ فِي التَّبْصِرَةِ: صِحَّةَ عِتْقِ الْمُمَيِّزِ، وَالسَّفِيهِ، وَالْمُفْلِسِ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله يَصِحُّ عِتْقُهُ. انْتَهَى. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ، وَأَبُو الْحَارِثِ، وَابْنُ مُشَيْشٍ: صِحَّةَ عِتْقِهِ. وَإِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ عِتْقِهِ. فَضَبَطَهُ طَائِفَةٌ بِعَقْلِهِ الْعِتْقَ. وَقَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ صَالِحٍ، وَأَبِي الْحَارِثِ، وَابْنِ مُشَيْشٍ. وَضَبَطَهُ طَائِفَةٌ بِعَشْرٍ فِي الْغُلَامِ، وَتِسْعٍ فِي الْجَارِيَةِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ صَاحِبِ الْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: فِي الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ: إذَا عَقَلَ الطَّلَاقَ جَازَ طَلَاقُهُ، مَا بَيْنَ عَشْرِ سِنِينَ إلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَ: جَازَ عِتْقُهُ. انْتَهَى. وَمِمَّنْ اخْتَارَ مِنْ الْأَصْحَابِ صِحَّةَ عِتْقِهِ: أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ. ذَكَرَهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْمُدَبَّرِ مِنْ الْخِلَافِ. فَقَالَ: وَتَدْبِيرُ الْغُلَامِ إذَا كَانَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ: صَحِيحٌ، وَكَذَلِكَ عِتْقُهُ، وَطَلَاقُهُ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ وَبَابِ الْحَجْرِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (فَأَمَّا الْقَوْلُ، فَصَرِيحُهُ: لَفْظُ " الْعِتْقِ " وَ " الْحُرِّيَّةِ " كَيْفَ صُرِّفَا)

ص: 395

أَنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ، وَلَوْ تَجَرَّدَ عَنْ النِّيَّةِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مَعَ الْقَوْلِ الصَّرِيحِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ، قُلْت: نِيَّةُ قَصْدِ الْفِعْلِ مُعْتَبَرَةٌ، تَحَرُّزًا مِنْ النَّائِمِ وَنَحْوِهِ. وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْعِبَادَةِ وَلَا الْقُرْبَةِ. فَيَقَعُ عِتْقُ الْهَازِلِ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: الْإِمَامِيَّةُ يَقُولُونَ: لَا يَنْفُذُ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الْقُرْبَةَ قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ النِّيَّةِ لِوُقُوعِهِ. فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ عِبَادَةً. قَالَ: وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ. انْتَهَى. وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْعِتْقِ بِالصَّرِيحِ، إذَا نَوَى بِهِ غَيْرَهُ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَصَدَ غَيْرَ الْعِتْقِ بِقَوْلِهِ " عَبْدِي هَذَا حُرٌّ " يُرِيدُ عِفَّتَهُ وَكَرَمَ أَخْلَاقِهِ، أَوْ يَقُولَ لَهُ " مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ " يُرِيدُ بِهِ عَدَمَ طَاعَتِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ: لَمْ يُعْتَقْ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِ: هُوَ كَالطَّلَاقِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِاللَّفْظِ، وَالتَّعْلِيقِ، وَدَعْوَى صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ صَرِيحِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُمَا فِي اللَّفْظِ وَالنِّيَّةِ. وَجَزَمَ فِي التَّبْصِرَةِ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ أَرَادَ الْعَبْدُ إحْلَافَهُ، كَانَ لَهُ ذَلِكَ. نَصَّ عَلَيْهِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " صَرِيحُهُ لَفْظُ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ كَيْفَ صُرِّفَا ". لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ. فَإِنَّ الْأَلْفَاظَ الْمُتَصَرِّفَةَ مِنْهُ خَمْسَةٌ: مَاضٍ، وَمُضَارِعٌ، وَأَمْرٌ، وَاسْمُ فَاعِلٍ، وَاسْمُ مَفْعُولٍ، وَالْمُشْتَقُّ مِنْهُ. وَهُوَ الْمَصْدَرُ. فَهَذِهِ سِتَّةُ أَلْفَاظٍ. وَالْحَالُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُضَارِعِ، وَلَا بِالْأَمْرِ. لِأَنَّ الْأَوَّلَ: وَعْدٌ. وَالثَّانِي: لَا يَصْلُحُ لِلْإِنْشَاءِ، وَلَا هُوَ خَبَرٌ.

ص: 396

فَيَكُونُ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ عَامًّا أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ. وَقَدْ ذُكِرَ مِثْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ، وَصَرِيحِ الطَّلَاقِ. وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَمُرَادُهُمْ مَا قُلْنَاهُ.

قَوْلُهُ (وَفِي قَوْلِهِ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك، وَلَا مِلْكَ لِي عَلَيْك، وَلَا رِقَّ لِي عَلَيْك. وَفَكَكْت رَقَبَتَك. وَأَنْتَ مَوْلَايَ. وَأَنْتَ لِلَّهِ، وَأَنْتَ سَائِبَةٌ: رِوَايَتَانِ) . وَكَذَا " لَا خِدْمَةَ لِي عَلَيْك، وَ " مَلَّكْتُك نَفْسَك " وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ فِي قَوْلِهِ " فَكَكْت رَقَبَتَك، وَأَنْتَ سَائِبَةٌ، وَأَنْتَ مَوْلَايَ، وَمَلَّكْتُك رَقَبَتَك " إحْدَاهُمَا صَرِيحٌ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَفِيهِ بُعْدٌ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: كِنَايَةٌ. صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّ قَوْلَهُ " لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك " كِنَايَةٌ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي قَوْلِهِ " لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك، وَلَا رِقَّ لِي عَلَيْك، وَأَنْت لِلَّهِ " صَرِيحٌ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ. وَقَالَ: وَمِنْ الْكِنَايَةِ قَوْلُهُ " لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك، وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك،

ص: 397

وَفَكَكْت رَقَبَتَك، وَمَلَّكْتُك نَفْسَك، وَأَنْت مَوْلَايَ، أَوْ سَائِبَةٌ " فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَطَعَ فِي الْإِيضَاحِ أَنَّ قَوْلَهُ " لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك، وَأَنْتَ لِلَّهِ " كِنَايَةٌ. وَقَالَ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ، وَهِيَ " لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك وَلَا سُلْطَانَ، وَأَنْتَ سَائِبَةٌ ". وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ: قَوْلُهُ " لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك، وَلَا رِقَّ لِي، وَأَنْتَ لِلَّهِ: صَرِيحٌ ". وَقَالَ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ. وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْإِيضَاحِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَاضِحِ: أَنَّ قَوْلَهُ " وَهَبْتُك لِلَّهِ " صَرِيحٌ. وَسَوَّى الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ " أَنْتَ لِلَّهِ ". وَقَالَ فِي الْمُوجَزِ: هِيَ وَقَوْلُهُ " رَفَعْت يَدِي عَنْك إلَى اللَّهِ " كِنَايَةٌ.

قَوْلُهُ (وَفِي قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ حَرَامٌ: رِوَايَتَانِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.

إحْدَاهُمَا: كِنَايَةٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَنَظْمِهِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي قَوْلِهِ " أَنْتِ حَرَامٌ ".

وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ لَغْوٌ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي قَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ ". وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي قَوْلِهِ " أَنْتِ حَرَامٌ ". وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ ". وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ. حُكْمُ قَوْلِهِ " اعْتَدِّي " حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي لَفْظِ الظِّهَارِ. .

ص: 398

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ أَنْتَ ابْنِي: لَمْ يُعْتَقْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَمْ يُعْتَقْ فِي الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ. وَهُوَ تَخْرِيجُ وَجْهٍ لِأَبِي الْخَطَّابِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَتَبِعَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: لَا نَصَّ فِيهَا. إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ: لَا يُعْتَقُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ) قَالَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ عَلَى سَبِيلِ ضَرْبِ الْمِثَالِ. وَإِلَّا فَحَيْثُ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَإِذَا أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ، أَوْ لَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ: عَتَقَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَيْضًا. لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَطِئَ بِشُبْهَةٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَابْنُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَالْآمِدِيُّ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ. لِكَذِبِهِ شَرْعًا. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي انْتِصَارِ أَبِي الْخَطَّابِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ رَجَبٍ وَتَبِعَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: هَذَا جَمِيعُهُ مَعَ إطْلَاقِ اللَّفْظِ. أَمَّا إنْ نَوَى بِهَذَا اللَّفْظِ الْحُرِّيَّةَ: فَيَنْبَغِي عِتْقُهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ، مَعَ هَذَا اللَّفْظِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: ثُمَّ رَأَيْت أَبَا حَكِيمٍ وَجَّهَ الْقَوْلَ بِالْعِتْقِ، وَقَالَ: لِجَوَازِ كَوْنِهِ كِنَايَةً فِي الْعِتْقِ. .

ص: 399

فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ لِأَصْغَرَ مِنْهُ " أَنْتَ أَبِي " فَالْحُكْمُ: كَمَا لَوْ قَالَ لِأَكْبَرَ مِنْهُ " أَنْتَ ابْنِي " قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَقَاسَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ عِنْدِهِ.

فَائِدَةٌ أُخْرَى: لَوْ قَالَ " أَعْتَقْتُك " أَوْ " أَنْتَ حُرٌّ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ " لَمْ يُعْتَقْ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ " أَنْتِ ابْنِي " أَوْ لِعَبْدِهِ " أَنْتَ بِنْتِي " لَمْ يُعْتَقْ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْهُ " هَذِهِ ابْنَتِي " لَمْ تَطْلُقْ بِذَلِكَ. بِلَا نِزَاعٍ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ حَامِلًا: عَتَقَ جَنِينُهَا، إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ. وَإِنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا دُونَهَا: عَتَقَ وَحْدَهُ) . فِي الْحَالِ. هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْقَوْلُ بِعِتْقِ جَنِينِهَا مَعَهَا، إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ: مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ الْحَمْلُ فِيهِمَا حَتَّى تَضَعَهُ حَيًّا. فَيَكُونُ كَمَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِشَرْطٍ. فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ وَضْعِهِ، تَبَعًا لِأُمِّهِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ. وَقَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ. وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ بِالْكُلِّيَّةِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ حَامِلًا. إذْ هُوَ كَالْمَعْدُومِ قَبْلَ الْوَضْعِ. قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ: هَلْ يَكُونُ الْوَلَدُ رَقِيقًا إذَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ الْعِتْقِ؟ وَخَرَّجَ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ عَلَى قِيَاسِ اسْتِثْنَائِهِ فِي الْبَيْعِ.

ص: 400

فَائِدَةٌ: لَوْ أَعْتَقَ أَمَةً حَمْلُهَا لِغَيْرِهِ، وَهُوَ مُوسِرٌ، كَالْمُوصَى بِهِ: عَتَقَ الْحَمْلُ أَيْضًا، وَضَمِنَ قِيمَتَهُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ. جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ. وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ

قَوْلُهُ (فَأَمَّا الْمِلْكُ: فَمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ: عَتَقَ عَلَيْهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ إلَّا عَمُودِيُّ النَّسَبِ. قَالَ فِي الْكَافِي: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَلَنَا فِيهِ خِلَافٌ. وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ: لَا نَفَقَةَ لِغَيْرِهِمْ. وَرَجَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا عِتْقَ بِالْمِلْكِ. وَعَنْهُ: إنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ: لَمْ يُعْتَقْ. وَفِي إجْبَارِهِ عَلَى عِتْقِهِ: رِوَايَتَانِ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ الْحَمْلُ حَتَّى يُولَدَ فِي مِلْكِهِ حَيًّا. فَلَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ بِأَمَةٍ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ. ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ جَدِّهِ. فَهَلْ هُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهُ، أَوْ حُرٌّ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ.

فَائِدَةٌ: لَوْ مَلَكَ رَحِمًا غَيْرَ مَحْرَمٍ عَلَيْهِ، أَوْ مَلَكَ مَحْرَمًا بِرَضَاعٍ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ: لَمْ يُعْتَقْ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.

ص: 401

وَعَنْهُ: أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَ أَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ. وَقَالَ: يَبِيعُ أَخَاهُ؟ .

قَوْلُهُ (وَإِنْ مَلَكَ وَلَدَهُ مِنْ الزِّنَا) يَعْنِي: وَإِنْ نَزَلَ (لَمْ يُعْتَقْ) . فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالنَّظْمِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. قَالَ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَغَيْرِهِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ. اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. وَهَذَا الِاحْتِمَالُ لِأَبِي الْخَطَّابِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ مَلَكَ أَبَاهُ مِنْ الزِّنَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ مَلَكَ ابْنَهُ مِنْ الزِّنَا. ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَالرِّعَايَةِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. قُلْت، إنْ أَرَادُوا: أَنَّ أَبَاهُ وَلَدُ زِنًا، وَوَلَدُهُ وَلَدُ زِنًا مِنْهُ: فَهَذَا مُحْتَمَلٌ. وَإِنْ أَرَادُوا: أَبَاهُ وَلَدُ زِنًا، وَوَلَدُهُ الَّذِي مَلَكَهُ، هُوَ وَلَدُهُ مِنْ الزِّنَا: فَمُسَلَّمٌ. وَهُوَ مُرَادُهُمْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ أَرَادُوا، أَنَّ أَبَاهُ: وَلَدُ زِنًا، وَوَلَدُهُ الَّذِي مَلَكَهُ: لَيْسَ مِنْ زِنًا. فَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ، بَلْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ هُنَا. وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِمْ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ مَلَكَ سَهْمًا مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ وَهُوَ مُوسِرٌ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ) . اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا مَلَكَ جُزْءًا مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَكَانَ مِلْكُهُ لَهُ بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا. أَوْ مُعْسِرًا. فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِجَمِيعِهِ، أَوْ مُوسِرًا بِبَعْضِهِ. فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِجَمِيعِهِ: عَتَقَ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.

ص: 402

وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وَمَالَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فَعَلَيْهِ: لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ قَبْلَ أَدَائِهَا: فَهَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَهَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ؟ يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ

أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِ شَرِيكِهِ) . بِلَا نِزَاعٍ. وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا: مَتَى يَقُومُ؟ .

فَائِدَةٌ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: لَهُ نِصْفُهُ، لَا قِيمَةُ النِّصْفِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَا قِيمَةَ لِلنِّصْفِ. وَرَدَّهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ. وَتَأَوَّلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَلْ يُقَوَّمُ كَامِلًا، وَلَا عِتْقَ فِيهِ، أَوْ قَدْ عَتَقَ بَعْضُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ فِيمَا أَظُنُّ. لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. وَلِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ إنَّمَا هُوَ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ، لَا قِيمَةِ النِّصْفِ. بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ. فَإِنَّ الشَّرِيكَ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ. انْتَهَى كَلَامُ الْفُرُوعِ. وَكَذَا الْحُكْمُ. لَوْ أَعْتَقَ شَرِيكًا فِي عَبْدٍ وَهُوَ مُوسِرٌ، عَلَى مَا يَأْتِي. وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِبَعْضِهِ: عَتَقَ عَلَيْهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، بِقَدْرِ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: عَتَقَ بِقَدْرِهِ. فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ.

ص: 403

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ إلَّا مَا مَلَكَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ قَوْلُهُ " عَتَقَ كُلُّهُ ". لَوْ كَانَ شِقْصُ شَرِيكِهِ مُكَاتَبًا، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ مَرْهُونًا، وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَمْتَنِعُ الْعِتْقُ فِي الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ، إلَّا أَنْ يَبْطُلَا. فَيَسْرِي حِينَئِذٍ. وَحَيْثُ سَرَى: ضَمِنَ حَقَّ الشَّرِيكِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا. عَلَى الصَّحِيحِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: يَضْمَنُهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ. جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. وَأَمَّا الْمَرْهُونُ: فَيَسْرِي الْعِتْقُ عَلَيْهِ. وَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ، فَتُجْعَلُ مَكَانَهُ رَهْنًا. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.

فَائِدَةٌ: حَدُّ " الْمُوسِرِ " هُنَا: أَنْ يَكُونَ حِينَ الْإِعْتَاقِ قَادِرًا عَلَى قِيمَةِ الشِّقْصِ، وَأَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ، يَوْمَهُ وَلَيْلَته كَالْفِطْرَةِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ " الْيَسَارِ " هُنَا: أَنْ يَكُونَ لَهُ فَضْلٌ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ، يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ، وَمَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ، مِنْ الْكِسْوَةِ وَالْمَسْكَنِ، وَسَائِرِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ. نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَمْ أَرَهُ فِيهِ. وَإِنَّمَا فِيهِ: أَنْ يَكُونَ مَالِكًا مَبْلَغَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ. وَأَوْرَدَهُ ابْنُ حَمْدَانَ مَذْهَبًا. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: مُقْتَضَى نَصِّهِ: لَا يُبَاعُ لَهُ أَصْلُ مَالٍ.

ص: 404

قَالَ فِي الْفَائِقِ: لَا يُبَاعُ لَهُ دَارٌ، وَلَا رِبَاعٌ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: بَلْ إنْ كَانَ مَا يَغْرَمُهُ الْمَوْلَى فَاضِلًا عَنْ قُوتِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ قُلْت: وَعَنْ قُوتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فِيهِمَا مَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ. انْتَهَى. وَالِاعْتِبَارُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ: حَالَةَ الْعِتْقِ. فَلَوْ أَيْسَرَ الْمُعْسِرُ بَعْدَهُ: لَمْ يَسْرِ إلَيْهِ، وَلَوْ أَعْسَرَ الْمُوسِرُ: لَمْ يَسْقُطْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا) يَعْنِي: بِجَمِيعِهِ. (لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ إلَّا مَا مَلَكَ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ يُعْتَقُ كُلُّهُ. وَيَسْتَسْعِي الْعَبْدُ فِي بَقِيَّتِهِ. نَصَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قِيمَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ. وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ. فَلَوْ مَاتَ وَبِيَدِهِ مَالٌ كَانَ لِسَيِّدِهِ مَا بَقِيَ مِنْ السِّعَايَةِ، وَالْبَاقِي إرْثٌ. وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ. وَهَذَا الصَّحِيحُ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ كَمَا قَالَ. فَإِنَّهُمْ قَالُوا: يُعْتَقُ الْعَبْدُ كُلُّهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَقَ حَتَّى يُؤَدِّيَ حَقَّ السِّعَايَةِ. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ عَبْدٍ بَعْضُهُ رَقِيقٌ. فَلَوْ مَاتَ كَانَ لِلشَّرِيكِ مِنْ مَالِهِ مِثْلُ مَالِهِ، عِنْدَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالسِّعَايَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيِّ

ص: 405

قَوْلُهُ (وَإِنْ مَلَكَهُ بِالْمِيرَاثِ: لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ إلَّا مَا مَلَكَ، مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَامِعِ، وَالْكَافِي، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرُهُمْ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ نَصِيبُ الشَّرِيكِ إنْ كَانَ مُوسِرًا نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ. فَجَدَعَ أَنْفَهُ، أَوْ أُذُنَهُ وَنَحْوَهُ) . وَكَذَا لَوْ خَرَقَ عُضْوًا مِنْهُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَوْ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ: عَتَقَ عَلَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ، لِلْأَثَرِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْقَاضِي: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: لَا يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ سَوَاءً قَصَدَ التَّمْثِيلَ بِهِ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَمْ يَشْتَرِطْ غَيْرُ ابْنِ عَقِيلٍ الْقَصْدَ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.

ص: 406

وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ فِي ذَلِكَ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. فَوَائِدُ

إحْدَاهَا: حَيْثُ قُلْنَا يُعْتَقُ بِالتَّمْثِيلِ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ. وَقِيلَ: لِبَيْتِ الْمَالِ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُصْرَفُ فِي الرِّقَابِ. قَالَ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ، قُلْت: اخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ أَيْضًا فِي الْفَائِقِ: وَيَتَوَجَّهُ فِي الْعَمَلِ بِهِ كَقَوْلِ ابْنِ عَقِيلٍ. وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فَكَالْمَنْصُوصِ.

الثَّانِيَةُ: هَلْ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ الْمُثْلَةِ، أَوْ يُعْتِقُهُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ؟ . قَالَ فِي الْفَائِقِ: يَحْتَمِلُ رِوَايَتَيْنِ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَ فِي رِوَايَةٍ " يُعْتَقُ " وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ " يُعْتِقُهُ السُّلْطَانُ " وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله. وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: يُعْتِقُهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ أَيْضًا: وَلَوْ مَثَّلَ بِعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ سَرَى الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ. وَضَمِنَ لِلشَّرِيكِ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.

الثَّالِثَةُ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: لَوْ اسْتَكْرَهَ الْمَالِكُ عَبْدَهُ عَلَى الْفَاحِشَةِ عَتَقَ عَلَيْهِ. وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْعِتْقِ بِالْمُثْلَةِ. وَلَوْ اسْتَكْرَهَ أَمَةَ امْرَأَتِهِ عَلَى الْفَاحِشَةِ: عَتَقَتْ. وَغَرِمَ مِثْلَهَا لِسَيِّدَتِهَا. قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ.

ص: 407

الرَّابِعَةُ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَوْ مَثَّلَ بِعَبْدِ غَيْرِهِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: يَتَوَجَّهُ أَنْ يُعْتَقَ، اخْتَارَهُ.

الْخَامِسَةُ: مَفْهُومُهُ أَيْضًا: أَنَّهُ لَوْ لَعَنَ عَبْدَهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ: مَنْ لَعَنَ عَبْدَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَهُ، أَوْ لَعَنَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ. قَالَ: وَيَجِيءُ فِي لَعْنِ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ حَدِيثِ " لَبَّيْكَ " وَيَشْهَدُ لِهَذَا فِي الزَّوْجَةِ: وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، لَمَّا كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، قَدْ حَقَّتْ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ أَوْ الْغَضَبُ.

السَّادِسَةُ: لَوْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ الْمُبَاحَةَ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، فَأَفْضَاهَا: عَتَقَتْ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ. فَمَا لَهُ لِلسَّيِّدِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ: لِلْعَبْدِ.

فَائِدَةٌ: مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ: لَوْ أَعْتَقَ مُكَاتَبَهُ وَبِيَدِهِ مَالٌ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ: لَهُ. وَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَهُوَ لِلْمُكَاتَبِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ، مُعَيَّنًا أَوْ مُشَاعًا: عَتَقَ كُلُّهُ) .

ص: 408

مُرَادُهُ: إذَا أَعْتَقَ غَيْرَ شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ وَسِنِّهِ، وَنَحْوِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَهُوَ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ بَاقِيهِ عَتَقَ كُلُّهُ) . بِلَا نِزَاعٍ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، لَكِنْ لَوْ كَانَ مُوسِرًا بِبَعْضِهِ: فَإِنَّهُ يُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إلَّا حِصَّتُهُ فَقَطْ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ قَرِيبًا، فَلْيُعَاوَدْ. وَتَقَدَّمَ أَيْضًا " هَلْ يُوقَفُ الْعِتْقُ عَلَى أَدَاءِ الْقِيمَةِ أَمْ لَا؟ "

قَوْلُهُ (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ يَوْمَ الْعِتْقِ لِشَرِيكِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَعْرُوفُ الْمَشْهُورُ. وَفِي الْإِرْشَادِ وَجْهٌ: أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ تَقْوِيمِهِ. وَحَكَاهُ الشِّيرَازِيُّ أَيْضًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قِيَاسُ الْقَوْلِ الَّذِي لَنَا فِي الْغَصْبِ. وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ.

فَائِدَةٌ: لَوْ عُدِمَتْ الْبَيِّنَةُ بِقِيمَتِهِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْتِقِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الشَّرِيكِ مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ. فَلَعَلَّهُ سِبْقَةُ قَلَمٍ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا: لَمْ يُعْتَقْ إلَّا نَصِيبُهُ. وَيَبْقَى حَقُّ شَرِيكِهِ فِيهِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ: يُعْتَقُ كُلُّهُ. وَيَسْتَسْعِي الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ بَاقِيهِ، غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَأَحْكَامُهُ وَفُرُوعُهُ، وَالْخِلَافُ فِيهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ

ص: 409

الْفُرُوعِ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ مَلَكَ سَهْمًا مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ " فَإِنَّ الْحُكْمَ هُنَا وَهُنَاكَ وَاحِدٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ.

تَنْبِيهٌ: يَأْتِي قَرِيبًا " إذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ نَصِيبَهُ مِنْ مُسْلِمٍ، هَلْ يَسْرِي أَمْ لَا؟ "

قَوْلُهُ (وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ لِثَلَاثَةٍ: لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهُ، وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ، وَلِلثَّالِثِ سُدُسُهُ. فَأَعْتَقَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ السُّدُسِ مَعًا وَهُمَا مُوسِرَانِ عَتَقَ عَلَيْهِمَا. وَضَمِنَا حَقَّ شَرِيكِهِمَا فِيهِ نِصْفَيْنِ. وَصَارَ وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْخِرَقِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ.: هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ بِلَا رَيْبٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَضْمَنَاهُ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا فِيهِ. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً.

فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: يُتَصَوَّرُ عِتْقُهُمَا مَعًا فِي صُوَرٍ: مِنْهَا: أَنْ يَتَّفِقَ لَفْظُهُمَا بِالْعِتْقِ فِي آنٍ وَاحِدٍ. وَمِنْهَا: أَنْ يُعَلِّقَاهُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ. وَمِنْهَا: أَنْ يُوَكِّلَا شَخْصًا يُعْتِقُ عَنْهُمَا. أَوْ يُوَكِّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ نَصِيبَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَهُوَ مُوسِرٌ سَرَى إلَى بَاقِيهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ، وَالنَّاظِمِ.

ص: 410

قَالَ فِي الْفَائِقِ: سَرَى إلَى سَائِرِهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْرِي. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فَمَنْ بَعْدَهُ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ " هَلْ يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ مُسْلِمًا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالرَّحِمِ أَمْ لَا؟ ". وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَلَاءِ " إذَا قَالَ الْكَافِرُ لِرَجُلٍ: أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي، وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ: هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ ".

الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ " أَعْتَقْت نَصِيبَ شَرِيكِي " كَانَ لَغْوًا. وَلَوْ قَالَ " أَعْتَقْت النِّصْفَ " انْصَرَفَ إلَى مِلْكِهِ، ثُمَّ سَرَى. لِأَنَّ الظَّاهِرَ: أَنَّهُ أَرَادَ نَصِيبَهُ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي دَارٍ بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا " بِعْتُك نِصْفَ هَذِهِ الدَّارِ " لَا يَجُوزُ. إنَّمَا لَهُ الرَّابِعُ مِنْ النِّصْفِ، حَتَّى يَقُولَ: نَصِيبِي. وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ وَلَا بِنَاءَ. فَفِي صَرْفِهِ إلَى نَصِيبِ مُوَكِّلِهِ، أَمْ نَصِيبُهُ، أَمْ إلَيْهِمَا؟ احْتِمَالَاتٌ فِي الْمُغْنِي. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: الصَّوَابُ عِتْقُ نَصِيبِهِ لَا غَيْرُ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَهُمَا مُوسِرَانِ فَقَدْ صَارَ الْعَبْدُ حُرًّا لِاعْتِرَافِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُرِّيَّتِهِ. وَصَارَ مُدَّعِيًا عَلَى شَرِيكِهِ قِيمَةَ حَقِّهِ مِنْهُ. وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ: لَمْ يُعْتَقْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) .

ص: 411

بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. لَكِنْ لِلْعَبْدِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَيُعْتَقُ نِصْفُهُ إذَا قُلْنَا: إنَّ الْعِتْقَ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَكَانَ عَدْلًا عَلَى مَا يَأْتِي. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يُصَدَّقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ. وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ. وَعَلَّلَهُ: بِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ، وَلَا شَهَادَةَ لِخَصْمٍ عَلَى خَصْمِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ: عَتَقَ حِينَئِذٍ. وَلَمْ يَسْرِ إلَى نَصِيبِهِ) . يَعْنِي: إذَا كَانَا مُعْسِرَيْنِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُعْتَقُ جَمِيعُهُ. قَالَ النَّاظِمُ: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ. فَعَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا وَلَاءَ لَهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ مُطْلَقًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ: لَهُ وَلَاؤُهُ كُلُّهُ، إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ: إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ. فَأَعْتَقَ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مُوسِرٌ: عَتَقَ كُلُّهُ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. وَقِيلَ: يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا. وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ: إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك، فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ نَصِيبِك، فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ: عَتَقَ عَلَيْهِمَا، مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا) هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَصَحُّ عِتْقُهُ عَلَيْهِمَا.

ص: 412

قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: قَالَهُ أَصْحَابُنَا. قَالَ. الشَّارِحُ: وَهَذَا أَوْلَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ.

فَوَائِدُ: إحْدَاهَا: وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ وَالْمُذْهَبُ فِيمَا إذَا قَالَ " إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ قَبْلَ إعْتَاقِك " قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ جَمِيعُهُ عَلَى صَاحِبِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ. وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكِهِ. اخْتَارَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَمَعَ إعْسَارِهِمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا.

الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ " إنْ صَلَّيْت مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَأَنْتِ حَرَّةٌ قَبْلَهُ " فَصَلَّتْ كَذَلِكَ: عَتَقَتْ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ذَكَرَهُ آخِرَ الْبَابِ، وَقَالَ: صَلَاةٌ صَحِيحَةٌ. وَقِيلَ: لَا تُعْتَقُ. جَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي. لِبُطْلَانِ الصِّفَةِ بِتَقَدُّمِ الْمَشْرُوطِ.

الثَّالِثَةُ: لَوْ قَالَ " إنْ أَقْرَرْت بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ " فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ: صَحَّ إقْرَارُهُ فَقَطْ.

الرَّابِعَةُ: لَوْ قَالَ " إنْ أَقْرَرْت بِك لَهُ فَأَنْتَ حُرٌّ سَاعَةَ إقْرَارِي " لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ وَلَا الْعِتْقُ.

قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ، كَدُخُولِ الدَّارِ، وَمَجِيءِ الْأَمْطَارِ. وَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا بِالْقَوْلِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً. وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ. وَذَكَرَ فِي الِانْتِصَارِ. وَالْوَاضِحِ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ فَسْخُهُ. وَيَأْتِي ذَلِكَ وَغَيْرُهُ فِي أَوَّلِ " بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ ".

ص: 413

قَوْلُهُ (وَلَهُ بَيْعُهُ، وَهِبَتُهُ، وَوَقْفُهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ) . وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ أَمَتِهِ بَعْدَ تَعْلِيقِ عِتْقِهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: لَا يَطَؤُهَا.

فَائِدَةٌ: لَا يُعْتَقُ قَبْلَ كَمَالِ الصِّفَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَخَرَّجَ الْقَاضِي رِوَايَةً مِنْ الْأَيْمَانِ بِالْعِتْقِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَالَ النَّاظِمُ: لَا يُعْبَأُ بِمَا فِي الْمُجَرَّدِ. وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ: عَادَتْ الصِّفَةُ، إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ وُجِدَتْ مِنْهُ فِي حَالِ زَوَالِ مِلْكِهِ، فَهَلْ تَعُودُ بِعَوْدِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا

إحْدَاهُمَا: تَعُودُ بِعَوْدِهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ فِيهِمَا. نَصَّ عَلَيْهِ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَرْبَعِينَ، أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ: أَنَّهَا تَعُودُ بِعَوْدِ الْمِلْكِ، إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْعُمْدَةِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ. فَإِنَّ مِلْكَ الرَّقِيقِ لَا يَنْبَنِي فِيهِ أَحَدُ الْمِلْكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ. فَإِنَّهُ يَنْبَنِي فِيهِ أَحَدُ الْمِلْكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِي عِدَدِ الطَّلَاقِ، عَلَى الصَّحِيحِ.

ص: 414

قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهَذَا التَّفْرِيقُ لَا أَثَرَ لَهُ، إذْ لَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا لَمْ يُشْتَرَطْ لِعَدَمِ الْحِنْثِ وُجُودُ الصِّفَةِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ. انْتَهَى.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَعُودُ الصِّفَةُ. جَزَمَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ أَرْجَحُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَعَنْهُ: لَا تَعُودُ الصِّفَةُ. سَوَاءٌ وُجِدَتْ حَالَ زَوَالِ مِلْكِهِ أَوْ لَا، حَكَاهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَذَكَرَهَا مَرَّةً قَوْلًا.

قَوْلُهُ (وَتَبْطُلُ الصِّفَةُ بِمَوْتِهِ. فَإِنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي، فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ. الْأُولَى: إذَا قَالَ " إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ " وَأَطْلَقَ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرُهُمْ.

إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ. وَلَا يُعْتَقُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالنَّظْمِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ وَيُعْتَقُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْبُلْغَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: لَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ بَيْعَهُ قَبْلَ نَقْلِهِ كَالْمُوصَى بِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ. مِنْهُمْ: صَاحِبُ التَّرْغِيبِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا قَالَ " أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ " فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ الرِّوَايَتَيْنِ.

ص: 415

وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، فِي بَابِ التَّدْبِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَغَيْرُهُمْ

إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: صَحَّ فِي الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَقُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَالِبُ الْأَصْحَابِ يَذْكُرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ الْمُدَبَّرِ.

تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: قَالَ فِي فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ: بَنَى طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ: هَلْ هُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، أَوْ وَصِيَّةٍ؟ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِ التَّدْبِيرِ. فَإِنْ قُلْنَا التَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ: صَحَّ تَقْيِيدُهَا بِصِفَةٍ أُخْرَى تُوجَدُ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَإِنْ قُلْنَا عِتْقٌ بِصِفَةٍ: لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ. وَهَؤُلَاءِ قَالُوا: لَوْ هُوَ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ. فَقَالَ " إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَأَنْتَ حُرٌّ " لَمْ يُعْتَقْ رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي إشَارَاتِهِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَعَلَّلَهُ، وَقَالَ: وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ جَعَلَ هَذَا الْعَقْدَ تَدْبِيرًا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفِي ذَلِكَ. وَلَهُمْ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيهِ أَرْبَعَةُ طُرُقٍ. ذَكَرْت فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضُوعِ.

الثَّانِي عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ: فَكَسْبُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ: لِلْوَرَثَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُمْ وَوَجْهٌ فِي الْقَوَاعِدِ: أَنَّ كَسْبَهُ لَهُ، مِنْ تَصْرِيحِ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ: أَنَّ الْعَبْدَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ، لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَرَثَةِ، كَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ.

ص: 416

فَائِدَةٌ: وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لَوْ قَالَ " اخْدِمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ " فَعَلَى الصِّحَّةِ: لَوْ أَبْرَأَهُ زَيْدٌ مِنْ الْخِدْمَةِ: عَتَقَ مِنْ حِينِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ. فَإِنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ لِبَيْعِهِ وَهُمَا كَافِرَانِ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ. فَفِي لُزُومِ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ: رِوَايَتَانِ. ذَكَرَهُمَا ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ.

أَحَدُهُمَا: لَا تَلْزَمُهُ، وَيُعْتَقُ مَجَّانًا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَلْزَمُهُ. وَلَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ " إذَا خَدَمْت ابْنِي حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ " لَمْ تُعْتَقْ، حَتَّى تَخْدُمَهُ إلَى أَنْ يَكْبَرَ، وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الرَّضَاعِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا تُعْتَقُ، حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ الرَّضَاعِ، وَعَنْ أَنْ يُقَلِّمَ الطَّعَامَ، وَعَنْ التَّنَجِّي مِنْ الْغَائِطِ. نَقَلَ مُهَنَّا: لَا تُعْتَقُ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ. قُلْت: حَتَّى يَحْتَلِمَ؟ قَالَ: لَا، دُونَ الِاحْتِلَامِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: إنْ مَلَكْت فُلَانًا، فَهُوَ حُرٌّ، أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ.

إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. الْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ حَتَّى إنَّ بَعْضَهُمْ لَا يُثْبِتُ مَا يُخَالِفُهُ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ.

ص: 417

قَالَ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ: اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا. وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ: صَحَّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِيهِ، إلَّا مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ فِي الْعِتْقِ: أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ. وَمَا أَرَاهُ إلَّا غَلَطًا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرُهُمْ. وَتَقَدَّمَ " إذَا عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى بَيْعِهِ " فِي أَوَاخِرِ بَابِ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ بَاعَ أَمَةً بِعَبْدٍ، عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ: هُمَا حُرَّانِ. قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: لَا أَعْرِفُ فِيهَا نَصًّا عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي: أَنَّهُ يُعْتَقُ الْعَبْدُ خَاصَّةً. لِأَنَّ عِتْقَهُ لِلْأَمَةِ يَتَرَتَّبُ عَلَى فَسْخِ الْبَيْعِ، وَعِتْقَهُ لِلْعَبْدِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى وَاسِطَةٍ. فَيَكُونُ الْعِتْقُ إلَى الْعَبْدِ أَسْبَقَ. فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَقَ، وَلَا تُعْتَقُ الْأَمَةُ. انْتَهَى. قُلْت: يَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ ذَلِكَ عَلَى انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَعَدَمِهِ. فَإِنْ قُلْنَا يَنْتَقِلُ: عَتَقَ الْعَبْدُ. وَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْتَقِلُ: عَتَقَتْ الْأَمَةُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَهُ الْعَبْدُ: لَمْ يَصِحَّ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ) يَعْنِي: إذَا قَالَ الْعَبْدُ " إنْ مَلَكْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ " أَوْ " كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ " ثُمَّ عَتَقَ وَمَلَكَ، عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ مِنْ الْحُرِّ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ.

ص: 418

قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ ذَلِكَ، ثُمَّ عَتَقَ، وَمَلَكَ مَمَالِيكَ. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: تَنْعَقِدُ الصِّفَةُ لِلْحُرِّ، هَلْ تَنْعَقِدُ لَهُ هَذِهِ الصِّفَةُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ " أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ " وَقُلْنَا: بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ عَلَى الْمِلْكِ، فَلَمْ يَمْلِكْ إلَّا وَاحِدًا فَقَطْ: فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. ذَكَرَاهُ فِي تَعْلِيلِ مَا إذَا مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا. وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَيَأْتِي قَرِيبًا: إذَا مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: آخِرُ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الصِّفَةِ فَمَلَكَ عَبِيدًا ثُمَّ مَاتَ، فَآخِرُهُمْ حُرٌّ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ، وَكَسْبُهُ لَهُ) . وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: صِحَّةُ الصِّفَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ قَالَ: إنْ مَلَكْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ، أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ ".

فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: لَوْ قَالَ " آخِرُ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ " فَمَلَكَ أَمَةً، ثُمَّ مَلَكَ أُخْرَى: لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْءُ الثَّانِيَةِ. لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ غَيْرَهَا، فَتَكُونُ حُرَّةً مِنْ حِينِ اشْتَرَاهَا. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ آخِرُ مَنْ اشْتَرَى مَمْلُوكَيْنِ مَعًا، أَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى أَوَّلِ مَمْلُوكٍ فَمَلَكَهُمَا مَعًا، أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ " أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ " فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ خَرَجَا مَعًا. فَقِيلَ: يُعْتَقَانِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَقَالَا: هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَقِيلَ: لَا يُعْتَقَانِ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. ذَكَرَاهُ فِيمَا إذَا عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى أَوَّلِ مَمْلُوكٍ يَمْلِكُهُ. فَمَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا.

ص: 419

وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ. قُلْت: وَنَقَلَهُ مُهَنَّا فِي " أَوَّلُ غُلَامٍ يَطْلُعُ، أَوْ امْرَأَةٍ تَطْلُعُ: فَهُوَ حُرٌّ، أَوْ طَالِقٌ " وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ الرِّوَايَةِ " أَوَّلُ مَنْ يَطْلُعُ مِنْ عَبِيدِي " وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ فِي الطَّلَاقِ. وَلَوْ عَلَّقَهُ بِأَوَّلِ مَنْ يَقُومُ، فَقُمْنَ مَعًا: طُلِّقْنَ. وَفِي مُنْفَرِدَةٍ بِهِ: وَجْهٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: آخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَوَلَدَتْ حَيًّا، ثُمَّ مَيِّتًا: لَمْ يُعْتَقْ الْأَوَّلُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْقَاضِي، وَالشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ.

فَائِدَةٌ: وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ، لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ " أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ " أَوْ قَالَ " إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ " فَوَلَدَتْ مَيِّتًا، ثُمَّ حَيًّا. بَلْ جَعَلُوا هَذِهِ أَصْلًا لِتِلْكَ. وَصُحِّحَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: عَدَمُ الْعِتْقِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهِبِ، وَغَيْرِهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ: يُعْتَقُ الْحَيُّ مِنْهُمَا: وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ، فَأُشْكِلَ الْآخَرُ مِنْهُمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْحَاوِي. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: يُعْتَقَانِ. وَاخْتِبَارُ فِي التَّرْغِيبِ: أَنَّ مَعْنَاهُمَا أَنَّ أَمَدَ مَنْعِ السَّيِّدِ مِنْهُمَا: هَلْ هُوَ الْقُرْعَةُ،

ص: 420

أَوْ الِانْكِشَافُ؟ وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ عَيَّنَهُ ثُمَّ نَسِيَهُ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ " أَوَّلُ غُلَامٍ لِي يَطْلُعُ فَهُوَ حُرٌّ " فَطَلَعَ عَبِيدُهُ كُلُّهُمْ، أَوْ قَالَ لِزَوْجَاتِهِ " أَيَّتُكُنَّ طَلَعَ أَوَّلًا فَهِيَ طَالِقٌ " فَطَلَعْنَ كُلُّهُنَّ. فَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: أَنَّهُ يُمَيِّزُ وَاحِدًا مِنْ الْعَبِيدِ، وَامْرَأَةً مِنْ الزَّوْجَاتِ بِالْقُرْعَةِ، فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا. وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي هَذَا النَّصِّ. فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ طُلُوعَهُمْ كَانَ مُرَتَّبًا، وَأُشْكِلَ السَّابِقُ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَقَرَّ النَّصَّ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنَّهُمْ طَلَعُوا دَفْعَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ: صِفَةُ الْأَوَّلِيَّةِ شَامِلَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِانْفِرَادِهِ. وَالْمُعْتِقُ إنَّمَا أَرَادَ عِتْقَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. فَيُمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ. وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُعْتَقُ وَيُطَلِّقُ الْجَمِيعَ لِأَنَّ الْأَوَّلِيَّةَ صِفَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَلَفْظُهُ صَالِحٌ لِلْعُمُومِ. لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ. أَوْ يُقَالُ: الْأَوَّلِيَّةُ صِفَةٌ لِلْمَجْمُوعِ لَا لِلْأَفْرَادِ. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي فِي الطَّلَاقِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يُعْتِقُ وَلَا يُطَلِّقُ أَحَدٌ مِنْهُمْ. لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْدًا لَا تَعَدُّدَ فِيهِ، وَالْفَرْدِيَّةُ مُشْتَبِهَةٌ هُنَا. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الطَّلَاقِ وَالسَّامِرِيُّ، وَصَاحِبُ الْكَافِي. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ: أَنَّهُ إنْ طَلَعَ بَعْدَهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ عَبِيدِهِ وَزَوْجَاتِهِ: طُلِّقْنَ وَعَتَقْنَ، وَإِلَّا فَلَا. بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ السَّابِقُ لِغَيْرِهِ. فَلَا يَكُونُ أَوَّلًا حَتَّى يَأْتِيَ بَعْدَهُ غَيْرُهُ، فَتَتَحَقَّقُ لَهُ بِذَلِكَ صِفَةُ الْأَوَّلِيَّةِ. وَهُوَ وَجْهٌ لَنَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْقَوَاعِدِ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَتْبَعُ وَلَدُ الْمُعْتَقَةِ بِالصِّفَةِ أُمَّهُ فِي الْعِتْقِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا حَالَ عِتْقِهَا، أَوْ حَالَ تَعْلِيقِ عِتْقِهَا) . إذَا كَانَتْ حَامِلًا حَالَ عِتْقِهَا، أَوْ حَالَ تَعْلِيقِ عِتْقِهَا: فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ

ص: 421

وَإِنْ وُجِدَ حَمْلٌ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَوَضَعَتْهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَصُحِّحَ عَدَمُ التَّبَعِيَّةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَتْبَعُهَا. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ.

فَائِدَةٌ: لَا يَتْبَعُ الْوَلَدُ أُمَّهُ إذَا كَانَ مُنْفَصِلًا حَالَ التَّعْلِيقِ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ، أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ: عَتَقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ " أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ "، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: هَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يُعْتَقُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. عَلَى الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ إنْ لَمْ يَقْبَلْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ " أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ " فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّهُ يُعْتَقُ مَجَّانًا بِلَا قَبُولٍ. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَنَصَرَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ. وَهُوَ مِنْهَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَقْبَلْ الْعَبْدُ لَمْ يُعْتَقْ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.

ص: 422

وَجَزَمَ بِهِ الْأَدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. وَذَكَرَ فِي الْوَاضِحِ رِوَايَةً: أَنَّ قَوْلَهُ " أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ " شَرْطٌ لَازِمٌ بِلَا قَبُولٍ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ. فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ لَهُ " أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا " أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ " أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تُزَوِّجِينِي نَفْسَك " لَكِنْ إنْ أَبَتْ لَزِمَهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: تُعْتَقُ مَجَّانًا بِقَبُولِهَا. وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّهَا لَا تُعْتَقُ إلَّا بِالْأَدَاءِ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ لَهُ " أَنْتَ حُرٌّ بِمِائَةٍ " أَوْ " بِعْتُك نَفْسَك بِمِائَةٍ " فَقَبْلَ عِتْقٍ وَلَزِمَتْهُ الْمِائَةُ، وَإِلَّا فَلَا. جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ. وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يُعْتَقْ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعُوا بِهِ. وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله وَجْهًا: أَنَّهُ يُعْتَقُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا " أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ " عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَاخِرِ الْخُلْعِ. لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ فِيهِمَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى. وَلَيْسَ الْعِوَضُ رُكْنًا فِيهِمَا إذَا لَمْ يُعَلِّقْهُمَا عَلَيْهِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ وَاخْتِيَارُ الْأَصْحَابِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ فِي النِّكَاحِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِ الرَّضَاعِ. بِخِلَافِ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ مَالٌ مَحْضٌ. قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً: فَكَذَلِكَ) يَعْنِي: كَقَوْلِهِ " أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ " فَعَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: يُعْتَقُ مَجَّانًا. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَقْبَلَ. وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ. وَهَذَا إحْدَى الطُّرُقِ فِي الْمَسْأَلَةِ

ص: 423

وَقَدَّمَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ هُنَا بِلَا قَبُولٍ. وَتَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْقَوَاعِدِ، وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْوَجِيزِ. وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ بِقِيلَ وَقِيلَ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: إنْ لَمْ يَقْبَلْ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ.

إحْدَاهُمَا: يُعْتَقُ. وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يُعْتَقُ. وَقَدَّمَهُ فِي " أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ " أَنَّهُ يُعْتَقُ مَجَّانًا. فَخَالَفَا الطَّرِيقَتَيْنِ. وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يُعْتَقْ. رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ. وَعَلَى كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْحَاوِي: تَكُونُ طَرِيقَةً رَابِعَةً وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ.

فَوَائِدُ: الْأُولَى: مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ: لَوْ اسْتَثْنَى فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ

الثَّانِيَةُ: لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ: رَجَعَ الْوَرَثَةُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالسَّامِرِيُّ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَغَيْرُهُمْ.

الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ بَيْعُ هَذِهِ الْخِدْمَةِ. نَصَّ عَلَيْهِ. نَقْلُ حَرْبٍ لَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا: مِنْ الْعَبْدِ أَمْ مِمَّنْ شَاءَ. وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ الصَّوَابُ. ذَكَرَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ.

ص: 424

الرَّابِعَةُ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَمْ يَذْكُرْ الْأَصْحَابُ مَا لَوْ اسْتَثْنَى السَّيِّدُ خِدْمَتَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ. وَذَكَرُوا صِحَّةَ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ. قَالَ: وَهَذَا مِثْلُهُ. يُؤَيِّدُهُ: أَنَّ بَعْضَهُمْ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد " أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَعْتَقَتْ سَفِينَةَ، وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ خِدْمَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا عَاشَ " قَالَ: وَهَذَا بِخِلَافِ شَرْطِ الْبَائِعِ خِدْمَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ. لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهِ. انْتَهَى. قُلْت: صَرَّحَ بِذَلِكَ أَعْنِي بِجَوَازِ ذَلِكَ فِي الْقَوَاعِدِ، فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.

الْخَامِسَةُ: لَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ فِي يَدِهِ: صَحَّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ: صَحَّ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ فِي الْوَلَاءِ: وَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِعِوَضٍ حَالٍّ: عَتَقَ، وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ. لِأَنَّهُ يَبِيعُ مَالَهُ بِمَالِهِ. فَهُوَ مِثْلُ الْمُكَاتَبِ سَوَاءٌ. وَالسَّيِّدُ هُوَ الْمُعْتِقُ لَهُمَا، فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ عَلَيْهِمَا. انْتَهَيَا. وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: مَأْخَذُهُمَا: هَلْ هُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، أَوْ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ؟ وَيَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ: هَلْ تَصِحُّ الْكِتَابَةُ حَالَّةً؟ .

السَّادِسَةُ: لَوْ قَالَ " إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا، فَأَنْتَ حُرٌّ " فَهُوَ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ. لَا يَبْطُلُ مَا دَامَ مِلْكُهُ. وَلَا يُعْتَقُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهَا، بَلْ بِدَفْعِهَا. نَصَّ عَلَيْهِ. وَمَا فَضَلَ عَنْهَا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ. وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مِلْكِهِ. إذًا لَا مِلْكَ لَهُ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. فَهُوَ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ " إنْ أَعْطَيْتنِي مِائَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ " فَأَتَتْ بِمِائَةٍ مَغْصُوبَةٍ. فَفِي وُقُوعِهِ احْتِمَالَانِ. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْعِتْقُ مِثْلُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي فِي الْفَاسِدَةِ إذَا صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ.

ص: 425

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي الْأُولَى: إنْ قَالَهُ الصَّغِيرُ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ.

السَّابِعَةُ: لَوْ قَالَ " جَعَلْت عِتْقَك إلَيْك " أَوْ " خَيَّرْتُك " وَنَوَى تَفْوِيضَهُ إلَيْهِ. فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ: عَتَقَ. وَيَتَوَجَّهُ كَطَلَاقٍ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَلَوْ قَالَ " اشْتَرِنِي مِنْ سَيِّدِي بِهَذَا الْمَالِ، وَأَعْتِقْنِي " فَفَعَلَ: عَتَقَ. وَلَزِمَ مُشْتَرِيَهُ الْمُسَمَّى. وَكَذَا إنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ، إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ النُّقُودُ. وَإِلَّا بَطَلَا. وَعَنْهُ: أُجِيزَ عَنْهُ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: إنْ صَرَّحَ الْوَكِيلُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْعَبْدِ: وَقَعَ عَنْهُ، وَعَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ: احْتَمَلَ ذَلِكَ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَقَعَ عَنْ الْوَكَالَةِ. لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَعَتَقَ. وَالسَّيِّدُ لَمْ يَرْضَ بِالْعِتْقِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ: عَتَقَ عَلَيْهِ مُدَبَّرُوهُ وَمُكَاتَبُوهُ، وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ) . وَكَذَا عَبِيدُ عَبْدِهِ التَّاجِرِ. بِلَا نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ. وَعَتَقَ عَلَيْهِ (شِقْصٌ يَمْلِكُهُ) مُطْلَقًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ الشِّقْصُ بِدُونِ نِيَّةٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَنَقَلَهُ مُهَنَّا. كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ شِقْصٌ فَقَطْ. وَقَالَ: ذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ " عَبْدِي حُرٌّ " أَوْ " أَمَتِي حُرَّةٌ " أَوْ " زَوْجَتِي طَالِقٌ " وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا: عَتَقَ الْكُلُّ، وَتَطْلُقُ كُلُّ نِسَائِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُضَافَ يَعُمُّ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَعُمُّ.

ص: 426

وَقِيلَ: يُعْتَقُ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ وَاحِدٌ، وَتَطْلُقُ وَاحِدَةٌ. وَتَخْرُجُ بِالْقُرْعَةِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ. وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فِي أَوَّلِ " بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ ".

تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمُرَادُ: إنْ كَانَ " عَبْدٌ " مُفْرَدًا لِذَكَرٍ وَأُنْثَى. فَإِنْ كَانَ لِذَكَرٍ فَقَطْ: لَمْ يَشْمَلْ أُنْثَى، إلَّا إنْ اجْتَمَعَا تَغْلِيبًا. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِيمَنْ قَالَ لِخَدَمٍ لَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ " أَنْتُمْ أَحْرَارٌ " وَكَانَتْ مَعَهُمْ أُمُّ وَلَدِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا: إنَّهَا تُعْتَقُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ وَكَذَا إنْ قَالَ " كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ".

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَحَدُ عَبْدَيَّ حُرٌّ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) . وَكَذَا لَوْ قَالَ " أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ " أَوْ " بَعْضُهُمْ حُرٌّ " وَلَمْ يَنْوِهِ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَخَرَّجَ فِي الْقَوَاعِدِ وَجْهًا: أَنَّهُ يُعْتَقُ بِتَعْيِينِهِ، مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الطَّلَاقِ. وَكَذَا لَوْ أَدَّى أَحَدُ مُكَاتَبِيهِ وَجَهِلَ: أَقْرَعَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ فِي الْجَمِيعِ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ " إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ " حَرُمَ وَطْؤُهُمَا مَعًا بِدُونِ قُرْعَةٍ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَفِيهِ وَجْهٌ: تَتَمَيَّزُ الْمُعْتَقَةُ بِتَعْيِينِهِ. فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً لَمْ تُعْتَقْ الْأُخْرَى. كَمَا لَوْ عَيَّنَهَا ثُمَّ أُنْسِيَهَا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُعْتَقَ. قَالَ: فَلَوْ قَالَ لِإِمَائِهِ الْأَرْبَعِ " إنْ وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَوَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ حُرَّةٌ " ثُمَّ وَطِئَ ثَلَاثًا: أُقْرِعَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالرَّابِعَةِ. فَإِنْ وَطِئَهَا عَتَقَتْ الْأُوَلُ. وَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا ثَانِيًا قَبْلَ وَطْءِ الرَّابِعَةِ: عَتَقَتْ الرَّابِعَةُ فَقَطْ. وَيُحَدُّ، إنْ عَلِمَ قَبْلَهُ بِعِتْقِهَا.

ص: 427

وَيَأْتِي فِي بَابِ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ " إذَا قَالَ: إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ. وَقَالَ آخَرُ: إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ ". وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ يَذْكُرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا، ثُمَّ أُنْسِيَهُ: أُخْرِجَ بِالْقُرْعَةِ) إمَّا الْمُعْتِقُ أَوْ وَارِثُهُ، وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ. وَخَرَّجَ فِي الْقَوَاعِدِ وَجْهًا: أَنَّهُ لَا يُقْرَعُ هُنَا، مِنْ الطَّلَاقِ. قَالَ: وَأَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْقَوَاعِدِ.

(فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَهَا أَنَّ الْمُعْتَقَ غَيْرُهُ: عَتَقَ. وَهَلْ يَبْطُلُ عِتْقُ الْأَوَّلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ.

أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ عِتْقُهُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. كَمَا لَوْ كَانَتْ الْقُرْعَةُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ. فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ: لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْمُذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَبْطُلُ، لَوْ كَانَتْ الْقُرْعَةُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ. فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ: لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُهُ، قَوْلًا وَاحِدًا. وَهَذَا الْوَجْهُ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ، أَوْ دَبَّرَهُ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ جَمِيعَهُ عَتَقَ جَمِيعُهُ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ إلَّا مَا أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ لَا غَيْرُ.

ص: 428

وَعَنْهُ: يُعْتَقُ جَمِيعُهُ فِي الْمُنَجَّزِ دُونَ التَّدْبِيرِ. وَأَطْلَقَ فِي الشَّرْحِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي تَكْمِيلِ الْعِتْقِ بِالتَّدْبِيرِ، إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ. الثُّلُثِ. وَقَدَّمَ عِتْقَ الْجَمِيعِ فِيمَا إذَا نُجِّزَ الْبَعْضُ.

فَائِدَةٌ: لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ سَيِّدِهِ: عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يُعْتَقُ كُلُّهُ. لِأَنَّ رَدَّ الْوَرَثَةِ هُنَا لَا فَائِدَةَ لَهُمْ فِيهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، أَوْ دَبَّرَهُ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ بَاقِيَهُ أُعْطِيَ الشَّرِيكَ) . يَعْنِي: قِيمَةَ حِصَّتِهِ، وَكَانَ جَمِيعُهُ حُرًّا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْخِرَقِيِّ، وَالزَّرْكَشِيِّ.

إحْدَاهُمَا: يُعْتَقُ جَمِيعُهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ.

وَالْأُخْرَى: (لَا يُعْتَقُ إلَّا مَا مَلَكَ مِنْهُ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ. اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ، وَالشَّرِيفُ. وَقَالَ الْقَاضِي: مَا أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: سَرَى. وَمَا دَبَّرَهُ، أَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِ: لَمْ يَسْرِ. فَالرِّوَايَةُ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ: أَصَحُّ. وَالرِّوَايَةُ فِي وُقُوفِهِ فِي التَّدْبِيرِ: أَصَحُّ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، أَعْنِي: التَّفْرِقَةَ

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سِتَّةَ أَعْبُدٍ، قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُمْ: بِيعُوا فِي دَيْنِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، فِي بَابِ تَبَرُّعَاتِ

ص: 429

الْمَرِيضِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ. وَقَدَّمَهُ فِي شَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.

(وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ ثُلُثُهُمْ) . وَهُوَ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ. فَإِنْ الْتَزَمَ وَارِثُهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ: فَفِي نُفُوذِ عِتْقِهِمْ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقَالَا، وَقِيلَ: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ: إذَا تَصَرَّفَ الْوَرَثَةُ فِي التَّرِكَةِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، فَقَضَى الدَّيْنَ، هَلْ يَنْفُذُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. قُلْت: الصَّوَابُ نُفُوذُ عِتْقِهِمْ.

فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ بَعْضَهُمْ: احْتَمَلَ بُطْلَانَ عِتْقِ الْكُلِّ. وَاحْتَمَلَ أَنْ يَبْطُلَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.

الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَهُمْ، فَأَعْتَقْنَا ثُلُثَهُمْ. ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يُخْرَجُونَ مِنْ ثُلُثِهِ: عَتَقَ مَنْ أُرِقَّ مِنْهُمْ) . بِلَا نِزَاعٍ. وَكَانَ كَسْبُهُمْ لَهُمْ مِنْ مُنْذُ عَتَقُوا. وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ: أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُمْ. وَحَكَاهُمَا فِي الْكَافِي احْتِمَالَيْنِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ. فَمَاتَ أَحَدُهُمْ فِي حَيَاتِهِ: أَقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَّيْنِ. فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمَيِّتِ رُقَّ الْآخَرَانِ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى أَحَدِ الْحَيَّيْنِ: عَتَقَ، إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ. وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَ الْحَيَّيْنِ، دُونَ الْمَيِّتِ.

ص: 430

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ الثَّلَاثَةَ فِي مَرَضِهِ. فَمَاتَ أَحَدُهُمْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ: فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ) . وَحَكَاهُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله يَعْنِي: يُقْرَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَّيْنِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا (وَالْأَوْلَى: أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَ الْحَيَّيْنِ، وَيَسْقُطَ حُكْمُ الْمَيِّتِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ كَعِتْقِهِ أَحَدَ عَبْدَيْهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا. فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْعِتْقُ فِي الثَّانِي. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَ الْحَيَّيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دُونَ الَّتِي قَبْلَهَا. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي الْفُرُوعِ، فِي آخِرِ " بَابِ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ " وَذَكَرَهَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالْحَاوِي، فِي أَوَّلِ " بَابِ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ "

فَائِدَةٌ: وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ. فَمَاتَ أَحَدُهُمْ بَعْدَهُ. وَقِيلَ: إنْ أَعْتَقَهُمْ، أَوْ دَبَّرَهُمْ، أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ، أَوْ دَبَّرَ بَعْضَهُمْ وَأَوْصَى بِعِتْقِ الْبَاقِينَ، فَمَاتَ أَحَدُهُمْ: أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ. فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِمَيِّتٍ حَسِبْنَاهُ مِنْ التَّرِكَةِ. وَقَوَّمْنَاهُ حِينَ الْعِتْقِ. وَإِنْ خَرَجَتْ لِحَيٍّ. فَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ قَبْضِ الْوَرَثَةِ: لَمْ يُحْسَبْ مِنْ التَّرِكَةِ غَيْرُ الْحَيَّيْنِ. فَيُكَمَّلُ ثُلُثُهُمَا مِمَّنْ قُرِعَ، أَوْ يُقَوَّمُ بِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ. وَقِيلَ: يُحْسَبُ الْمَيِّتُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَيُقْرَعُ مَنْ قُرِعَ إنْ خَرَجَ حَيًّا مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ بَعْدَ قَبْضِ الْوَرَثَةِ: حُسِبَ مِنْ التَّرِكَةِ. وَبِدُونِ الْمَوْتِ: يُعْتَقُ ثُلُثُهُمْ بِالْقُرْعَةِ، إنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَيْهِ. ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.

ص: 431